المَنهَلْ
في الأدب العربي القديم
الوحدة الأولى في الأدب - المرحلة الثانويّة
تأليف: د. سمير كتّاني
إصدار: هيّا إلى العربيّة 2018
الطبعة الأولى: 1439 ه -2018م
صفحات 9-172
الناسخة: وفاء أبو حسين
المكتبة المركزية للمكفوفين
وذوي عسر القرائي
تل ابيب اسرائيل 2019م
رقم التسلسل: 55753
يمنع نسخ أو نقل النسخة الملائمة معارضة لأوامر قانون تنسيق الاعمال والآداء، والبث للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لعام 2014 تشكل خرقًا لحقوق المنتجين.
كلمة المؤلف
يشتمل هذا الكتاب الذي نضعه بين يديك على النّصوص المطلوبة لمقرّر الوحدة الأولى الإلزاميّة في منهاج الأدب العربيّ للمرحلة الثانويّة، وهو مقسّم إلى جزأين، أوّلهما المنهل في الأدب العربيّ القديم، الّذي خصّصناه لنصوص التّراث الأدبيّ شعرًا ونثراً، وثانيهما المنهل في الأدب العربيّ الحديث، الذي خصّصناه لنصوص الأدب الحديث شعره ونثره.
يتماشى الكتاب مع الرّؤيا العصريّة لتدريس الأدب، إذ يعتمد على اسراتيجيّة استنطاق النّصّ واستقراء مضامينه وأساليبه، بحيث يتفاعل الطالب مع النص المقروء معتمداً على ذاته اعتمادًا كبيرًا، بعيدًا عن الإملاءات الخارجيّة والإسهاب المملّ في تقديم الشّروح، مستشعرًا جماليّة النّصّ، وإيحاء التّعابير والألفاظ، ومستخدمًا مهارات التّفكير العليا.
من أجل التّسهيل على المعلّم والطّالب، تمّ تقسيم كلّ كتاب إلى قسمين: النّصوص الشّعريّة والنصوص النثريّة، انتظمت نصوص كلّ نوع منهما انتظامًا، ورُتّبت وفق منهاج وزارة المعارف، بحيث يختار المعلّم نصًّا من كل نصّين متتابعين ضمن مسلك اختياريّ، إلاّ نصّ "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعرّيّ، والنّصّ القرآني من سورة هود، ونصوص الحديث الشّريف، ونصوص أمثال العرب في كتاب المنهل في الأدب العربيّ القديم، فيدرّسها المعلم كلّها، إذ أنّها نصوص إلزاميّة. وفي كلّ الأحوال، يتعيّن على المعلّم الاطّلاع على منهاج تدريس الأدب العربيّ للمرحلة الثّانويّة، الصّادر عن وزارة المعارف عام 2012 من أجل استقصاء الدّقّة في تتبّع المطلوب إلزامًا و / أو اختيارًا.
يظهر كلّ نصّ في الكتاب ضمن "منظومة" تعلّميّة تتكوّن ممّا يلي:
- مقدّمة عن اللّون الأدبيّ (أو العصر الأدبيّ) الّذي ينتمي إليه النّصّ (أو مجموعة من النّصوص).
- النّصّ المطلوب مطبوعًا بخط بارز، تيسيرًا للقراءة وتمييزًا للنّصّ عن الإجراءات التّعلّيميّة المتعلقة به.
- نبذة موجزة عن صاحب النّصّ.
- مقاربات تلميحيّة تهدف إلى توجيه المعلّم والطّالب إلى أبرز نقاط الارتكاز التحليليّة في كلّ وحدة (بيت شعريّ أو مجموعة من الأبيات، أو فقرة نثرية) من وحدات النّصّ الخاضع للدّراسة، وهذه المقاربات من شأنها إعطاء لمحات بسيطة عن المقصود من الأسئلة الّتي ترد في ذيلها.
- أسئلة وأعمال حول النص، راعينا أن تراعي الفروق الفردية بين الطلبة من جهة، وتغطية مستويات التّفكير العليا من جهة أخرى، بالإضافة إلى معالجة جميع ملامح النص المضمونيّة والأسلوبيّة.
ننوّه إلى أنّ للمعلم الحرّية في ابتكار أسئلة قد يراها جديرة بالطّرح، كما أنّ له أيضًا الحرّية في الاهتمام بجوانب قد لا ترد ضمن المقاربات التّلميحية المقترحة، إذ أنّ استقلاليّة المعلم في طرْق الإحاطة بمضامين النص الأدبيّ لهي من سمات التعليم العصريّ، وهي تتماشى مع مبدأ تنمية استقلاليّة الطالب في التعلّم والاستنباط والاكتشاف.
نسأل الله العليّ القدير أن يوفّق عملنا هذا ليعين جمهور المعلّمين والطّلبة في بلوغ المرام، وأن يساهم في رفع مستوى تحصيل الطّلبة، والله المستعان.
*9*
*9*
*10*
*10*
يرجع أقدم نص شعري جاهلي وردَ ذكرُهُ أو ذكر اسم صاحبة إلى حوالي 150 عامًا قبلَ ظهور الإسلام. وكانت نشأة الشعر العربي في بوادي المناطقِ الشماليّةِ من شبهِ الجزيرةِ العربية، وكانَ يُعتدُّ بالشاعر في قبيلته، إذ عُدَّ الناطق الرسمي لها في أوقات السلم والحرب على السواء، يحرّضُ على القتالِ، ويدعو إلى إصلاح ذاتِ البينِ. وكان ملوك الحواضر، كملوكِ الحيرةِ (المناذرة) والشام (الغساسنة) يجلون الشعر لمكانتِهِ في النفوس، فاعتادوا على الاستعانةِ بالشعراء في التغني بأمجادِهم ونشر فضائلهم والإشادةِ بأحسابِهم وأنسابِهم، ولهذا، فقد اشتهرَ عن حكّامِ العربِ عنايتُهم بإكرامِ الشعراء الوافدين عليهم وفق ما ترويِهِ مراجعُ الأدبِ والتاريخِ.
يرى بعضُ الباحثينَ أن الشّعراء في الجاهلية كانوا أعلمَ أهلِ زمانِهم في مجالاتِ المعرفة الرّائجة في ذلك الزّمان، كعلمِ الأنسابِ ومثالبِ القبائلِ ومناقبِها، وسير الأقدمين وأخبارهم، وأيّامِ العرب. وربّما دلَّ الفعلُ "شعر" الذي اشتق منه "الشعر" على العلم، إذ ورد في المعاجم أنّ من معاني الفعلِ "شَعَرَ": عَلِمَ. ولهذا قالَ العربُ قديمًا: "الشعر ديوانُ العربِ"، وذلك لتخليده مآثرهم وحفظِه أخبارَهم، وإشارتِه إلى دياناتِهم وعاداتِهم. وقد اعتمدَ الأدباءُ والعلماءُ بعدَ الإسلامِ على الشّعرِ الجاهليِّ لاستنباطِ بعضِ المعلوماتِ عن أيّامهم ووقائِعِهم وأخبارهم على اختلافِها.
لهذا كلِّهِ كانت القبيلةُ العربيّةُ تتباهى بوجود الشّعراءِ فيها، وتحتفلُ بنبوغِ كلِّ شاعرٍ يتقنُ المديحَ والهجاءَ. (وكان للهجاءِ في القبائلِ العربيّةِ قبل الإسلام مكانةٌ عظيمةٌ، إذ كانَ يشيرُ إلى فحولةِ الشّاعرِ وفصاحتِهِ، فكثيرًا ما كانت القبيلةُ تحتاجُ إلى سلاطةِ ألسنةِ شعرائِها وحِدّةِ كلامِهم لإفحامِ خصومِها وأعدائِها).
1. مراجع للتوسع:
ضيف، شوقي. العصر الجاهلي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي، الفنّ ومذاهبه في الشعر العربيّ. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ أمين، أحمد، فجر الإسلام. القاهرة: شركة الطباعة الفنية المتحدة، 1975؛ بلاشير، د.ر. تاريخ الأدب العربيّ. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزّيّات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربيّ. القاهرة: دار نهضة مصر، د.ت.
*11*
وأهم أغراض الشعر في العصر الجاهلي: الوصف (وصف البيئةِ بصحرائها، وحيوانِها، ونباتِها، وصراعاتِها)، والمديحُ (مدحُ ملوكِ العرب وسادةِ القبائلِ، والهجاءُ (هجاءُ الخصومِ والأعداءِ بقبائلهم وأفرادِهم)، والفخرُ (الفخرُ بالقبيلةِ وبسادتِها وبأشرافِها وبفرسانها) والرّثاءُ (رثاءُ سادةِ القبيلة وأشرافِها وأبطالِها)، والغزل (التغزُّلُ بالمحبوباتِ والإشارةُ إلى ما يُثِرْنَهُ في نفوس الشّعراءِ من هوًى ولوعةٍ، ونعمةٍ وسعادةٍ)، واللّهوُ (وصفُ الخمرةِ ومجالسِ الشّرابِ واللّهوِ)، والحكمة (أشعارٌ في أخلاقِ العربِ وقِيَمِهم وفي الحث على الكرمِ والارتقاءِ بالنّفسِ والنظرِ إلى الحياةِ بعينِ التدبّرِ والاعتبارِ).
وللقصيدةِ الجاهليّةِ مبنًى شبهُ ثابتٍ، إذ تتميُّز بتعدُّدِ موضوعاتِها، و باستقلاليّةِ أبياتِها، وبمطلعٍ تقليديٍّ يشملُ النّسيبَ والوقوفَ على الأطلالِ، وباشتمالِها على وصفِ الدّيارِ والنّاقةِ والرّحلةِ، قبلَ الوصولِ إلى الغرَضِ الرَئيسِ مِنْها، الّذي قد يكونُ مدحَ حاكمٍ أو سيّدٍ، أو فخرًا بالقبيلةِ وبأحسابها، أو هجاءً لعدوٍّ، أو اعتذارًا من حاكمٍ أو من أحدِ السّادةِ أو الأشرافِ.
تعتبر المعاني في الشعر الجاهلي بسيطةً وغيرَ عميقةٍ، لا تتعدّى الأغراضَ المذكورةَ آنفًا، إنّما تتخذُ منَ الألفاظِ الفخمةِ سبيلاً للتعبير عنها، وهي ألفاظٌ لا تخلو من غرابةٍ أحيانًا. كما أنّ موسيقى الشّعرِ الجاهليّ وتفاعيلَه طويلةٌ غالبًا.
أشهر القصائدِ الجاهليّةِ هي المعلّقاتُ، أي القصائد النّفيسةُ، ولم يتّفقِ الرّواةُ على عددِها، فمنهم منْ عدَّها سبعًا، ومنهم من عدَّها عشرًا، وعُدّت القصائدُ التالية منْها: معلقة امرىءِ القيسِ، معلقة طرفة بنِ العبدِ، معلقة زهير بن أبي سلمى، معلقة عنترة، معلقة النابغة الذبيانيِّ، معلّقةُ لبيدِ بنِ ربيعَة، معلّقة الحارثِ بنِ حلزةَ، معلقة عمرو بن كلثوم، معلقة الأعشى، ومعلقة عبيد بن الأبرص وجُمعت وشُرحت في تصانيفَ متعدّدةٍ، كالمعلّقاتِ السبعِ للزوزنيِّ والمعلّقاتِ العشرِ للتّبريزيّ.
كما اشتهرت مجموعاتٌ أخرى منَ الشّعر الجاهليِّ، كالمفضليّاتِ والأصمعيّاتِ، وغيرِهما.
*12*
عنترة بن شدّاد (مصادر ومراجع للتوسع: الزوزني. شرح المعلقات السبع. بيروت: دار املعارف، 1972؛ الخطيب التبريزي. شرح ديوان عنترة. بيروت: دار الكتاب العربيّ، 1994).
هل غادرَ الشعراءُ (من معلقة عنترة بن شداد)
1. هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ (مكان الرقعة من الثوب، والتعبير يشير إلى أن الشعراء لم يبقوا شيئا يثال)
أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
2. يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ (اسم مكان في نجد) تَكَلَّمي وَعَمي صَباحاً (أنعمي صباحا) دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
3. أَثني عَلَيَّ بِما عَلِمتِ فَإِنَّني سَمحٌ مُخالَطتي (معاشرتي) إِذا لَم أُظلَمِ
4. فَإِذا ظُلِمتُ فَإِنَّ ظُلمِيَ باسِلٌ (كريه، ثقيل) مُرٌّ مَذاقَتَهُ كَطَعمِ العَلقَمِ
5. هَلّا سَأَلتِ الخَيلَ يا اِبنَةَ مالِكٍ إِن كُنتِ جاهِلَةً بِما لَم تَعلَمي
6. يُخبِركِ مَن شَهِدَ الوَقيعَةَ (الحرب والقتال) أَنَّني أَغشى الوَغى (صوت الحرب) وَأَعِفُّ عِندَ المَغنَمِ (الغنيمة، المكسب)
7. وَمُدَجَّجٍ (مجهز بسلاح كامل) كَرِهَ الكُماةُ (جمع كميّ، الشجاع أو لابس السّلاح) نِزالَهُ لا مُمعِنٍ هَرَباً وَلا مُستَسلِمِ
8. جادَت لَهُ كَفّي بِعاجِلِ طَعنَةٍ بِمُثَقَّفٍ (الرمح المستقيم) صَدقِ (صلب) الكُعوبِ (جمع كعب، وهو الأنبوب، أي الرمح هنا) مُقَوَّمِ
*13*
9. فَشَكَكتُ بِالرُمحِ الأَصَمِّ ثِيابَهُ لَيسَ الكَريمُ عَلى القَنا (جمع قناة، عصا الرمح) بِمُحَرَّمِ
10. لَمّا رَأَيتُ القَومَ أَقبَلَ جَمعُهُم يَتَذامَرونَ (يحرض بعضهم بعضا) كَرَرتُ (الهجوم) غَيرَ مُذَمَّمِ (مذموم)
11. يَدعونَ عَنتَرَ وَالرِماحُ كَأَنَّها أَشطانُ (حبال) بِئرٍ في لَبانِ (صدر الدابة) الأَدهَمِ
12. ما زِلتُ أَرميهِم بِغُرَةِ (مقدم الوجه) وجهِهِ وَلَبانِهِ حَتّى تَسَربَلَ بِالدَمِ
13. وَلَقَد شَفى نَفسي وَأَبرأ سُقمَها قيلُ الفَوارِسِ وَيكَ (اسم فعل مضارع بمعنى أتعجب) عَنتَرَ أَقدِمِ
14. فَاِزوَرَّ (تمايل وانحرف) مِن وَقعِ القَنا (الرمح) بِلَبانِهِ (صدر الحصان) وَشَكا إِلَيَّ بِعَبرَةٍ وَتَحَمحُمِ (صهيل الحصان الخافت كناية عن الضعف والتّذلل)
15. لَو كانَ يَدري ما المُحاوَرَةُ اِشتَكى أوَ كانَ لَو عَلِمَ الكَلامَ مُكَلِّمي
16. ذُلُلٌ رِكابي (المطايا) حَيثُ شِئتُ مُشايِعي (ملازم، معاون) لُبّي (عقلي) وَأَحفِزُهُ (أدفعه) بِأَمرٍ مُبرَمِ (مُحكم)
*14*
عنترة بن شدّاد (ت. حوالي 22 ق.ه / 601 م)
عنترةُ بن شداد بن عمرو بنِ معاوية بنِ قرادٍ العبسيُّ.
أحد أشهر شعراء العرب في الجاهليّةِ، وأحد فرسانِها المعدودينَ. وهوَ من أصحاب المعلّقاتِ.
كان أسود اللّونِ، وُلدَ لأم حبشيّةٍ اسمُها "زبيبةُ"، ولذلك كانَ يُعدُّ من "أغربةِ العربِ"، وهي تسميةٌ أطلقتْ على كثيفي السّوادِ مِنَ النَاسِ.
اشتركَ في حربِ داحسَ والغبراءِ وعُمِّرَ طويلاً. وكانَ يُعرفُ بعزةِ النّفسِ وبالحلمِ والشّجاعةِ ويظهرُ ذلك مِنْ خلالِ شعرِهِ، حيث صور هذه الصفاتِ بالإضافةِ إلى تصويرِهِ لرهافةِ حسّهِ ولطفِ أخلاقهِ. أحبّ ابنةَ عمّهِ "عبلةَ" وذكرَ حبَّها في قصائِدِهِ. وبسببِ شجاعتِهِ وفروسيّتِهِ نُسجت حوله سيرة شعبيّةٌ تحتَ اسمِ "سيرة عنترة".
مقاربات وتلميحات
-. البيتان: 1-2: المطلع التقليدي، النسيب والأطلال، ألفاظ التحيةِ في الفترةِ الجاهلية، أسلوب الاستفهام الإنكاري.
- البيتان: 3-4: تذبذب الشاعر بين اللين والشدة حسبَ الحاجةِ، التّشبيهُ وعناصرُهُ وغايتُهُ.
- البيتان 5-6: أسلوب الشرط وعناصرُهُ، التّضمينُ، النّداءُ، أخلاقُ الفارسِ النّبيلِ.
- الأبيات 7-9: قوة الغريم، ووصف مقتلِهِ، ألفاظ النّزالِ والفروسيّةِ.
- الأبيات 10-12: ألفاظ النّزالِ والفروسيّةِ، بطولةُ عنترةَ، مكانتُة في المعركةِ.
- البيتان 13-14: الألفاظ الدّالة على اشتدادِ وطيسِ المعركةِ، عاطفةُ عنترةَ ونُبْلُ مشاعرهِ.
- البيتان: 15-16: الانتصار للنّفسِ، الافتخارُ بالنّفسِ.
*15*
أسئلة وأعمالٌ
1. ما نوع الاستفهامِ في صدرِ البيتِ الأوّلِ؟ وما الغايةُ منْةُ؟
2. ما عناصرُ البدايةِ التقليديّةِ للقصيدةِ العربيّةِ المتوافرةِ في البيتِ الثّاني؟ وهل يمكنُ عدُّ البيتِ مطلعًا للقصيدةِ؟
3. أشرْ إلى التكرار في البيتِ الثاني، مبيّنا الغايةَ منْهُ.
4. استخرج منَ النص الألفاظ الدالة على الفروسيّة وجوِّ القتالِ.
5. ما وجهُ التناقض في طباعِ الشّاعرِ كما يذكرُ في البيتين الثالث والرابع، وكيفَ نعلل هذا التناقض؟
6. ما الأسلوبُ البلاغيُّ في عجُزِ البيتِ الرّابعِ؟ وما أركانُهُ؟
7. ما معنى لفظةِ "الخيلِ" في البيتِ الخامسِ؟ ولماذا يطلبُ الشاعر من "عبلةَ" سؤالَ "الخيلِ" عنْهُ؟
8. ما الّذي يجعل البيتَ السادس غيرَ مستقل عن البيت الذي يسبقُهُ منَ النّاحية اللغويَةِ؟
9. استخرجْ منَ البيتِ السادسِ ما يدل على اتّصافِ الشاعر بالفروسيّةِ والنّبلِ.
10. يظهرُ أسلوبُ الخِطاب في زوجَي الأبياب 2-3 و 5-6؛ فمَنِ المخاطب في كلّ زوجٍ منهُما؟ وضّحْ.
11. بماذا يمدحُ الشاعرُ خصمَه في البيتِ السّابعِ؟ وما غاية هذا المدحِ؟
*16*
12. ما أداةُ القتالِ المذكورةُ في البيتينِ الثامنِ والتّاسع؟ وما صفاتُها؟
13. كيفَ يبيّنُ الشاعر أهمّيتة وحضورَهُ في المعركةِ وفقَ البيتين العاشر والحادي عشرَ؟
14. ما التّعابيرُ الدّالةُ على اشتدادِ القتالِ في المعركةِ في البيتين الحادي عشرَ والثّاني عشرَ؟
15. كيفَ تتجلَى إنسانيةُ عنترةَ ورهافةُ حسِّهِ في الأبياتِ 14-12؟ وكيفَ تبدو لَكَ علاقتُهُ بحصانِهِ؟
16. ما دلالةُ استخدامِ الفعلِ "شكا" في البيتِ الثالث عشرَ؟
17. هلْ يبدو أنَّ الشاعر حقق إنجازًا شخصيًّا ورضًا ذاتيًّا في البيتِ الخامسَ عشرَ كيفَ ذلكَ؟
18. ما هيَ الصّفاتُ المذكورةُ في البيتِ السّادسَ عشرَ الّتي تمكّنُ الشاعر من أنْ يكونَ فارسًا منتصرًا؟
19. كيفَ تبدو لكَ صورة الشّاعر "عنترة بنِ شدادٍ" على ضوءِ النّصِّ؟
20. اكتُبْ فقرةً موجزةً تصف فيها فارسًا نبيلاً، استنادًا إلى الصفاتِ الّتي يتحلّى بها عنترةُ في النّصِّ.
*17*
النّابغة الذّبيانيّ (مصادر ومراجع للتوسع: شيخو، لويس. شعراء النصرانية قبل الاسلام. بيروت: منشورات دار المشرق، 1991؛ العشماوي، محمد. النابغة الذبياني مع دراسة للقصيدة العربيّة في الجاهلية. القاهرة: دار الشروق، 1994؛ عطويّ، عليّ. النابغة الذبياني شاعر المديح والاعتذار. بيروت: دار الكتب العلمية، 1990)
كِليني لِهَمٍّ (من النّابغة الذّبيانيّ)
1. كِليني (دعيني) لِهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ ناصِبِ (مُتعِب)، وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ (بطيء الكواكب: لا تغور كواكبه)
2. عَلَيَّ لِعَمروٍ (هو عمرو بن الحارث، أحد ملوك الغساسنة) نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ (خالصة لم يكدرها من ولا أذى)
3. وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ، إِذ قيلَ قَد غَزَت كَتائِبُ مِنْ غَسّانَ غَيرُ أَشائِبِ (الأخلاط من الناس. يريد أنه غزا بغسان ولم يحتج أن يستعين بسواها)
4. إِذا ما غَزوا بِالجَيشِ، حَلَّقَ فَوقَهُم عَصائِبُ طَيْرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ (جماعات الطيور الجارحة تتبع العساكر تنتظر القتلى للوقوع عليهم)
5. جَوانِحَ (مائلات للوقوع)، قَد أَيقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ، إِذا ما اِلتَقى الجَمعانِ أَوَّلُ غالِبِ
6. لَهُنَّ عَلَيهِم عادَةٌ قَد عَرَفنَها، إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ (الرماح المنسوبة إلى الخطّ وهو موضع) فَوقَ الكَواثِبِ (مقدّمات السروج)
7. وَلا عَيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ سُيوفَهُم، بِهِنَّ فُلولٌ (ثلوم) مِن قِراعِ (مجالدة) الكَتائِبِ (الجيوش)
*18*
8. تُوُرَّثنَ مِن أَزمانِ يَومِ حَليمَةٍ (يوم حليمة من أيام العرب المشهورة في الجاهلية، بين الغساسنة والمناذرة، ينسب إلى "حليمة ابنة الحارث بن جبلّة الغساني"، وكأن لها دور في المعركة، الّتي انتصر فيها الغساسنة. ضُرب المثل بهذا اليوم فقيل: "ما يوم حليمة بسرّ" إِلى اليَومِ قَد جُرِّبنَ كُلَّ التَجارِبِ
9. تَقُدَّ السَلوقِيَّ (درع تنسب إلى سلوق، مدينة بالروم) المُضاعَفَ نَسجُهُ (ذو الطبقتين) وَتوقِدُ بِالصُفّاحِ (الحجارة العريضة) نارَ الحُباحِبِ (ذباب له شعاع في الليل)
10. لَهُم شيمَةٌ، لَم يُعطِها اللَهُ غَيرَهُم، مِنَ الجودِ وَالأَحلامُ (العقول) غَيرُ عَوازِبِ (جمع عازب، غائب)
11. مَحَلَّتُهُم (مسكنهم) ذاتُ الإِلَهِ (بيت المقدس وجهة الشّام وهي منازل الأنبياء) وَدينُهُم (وكان الغساسنة يدينون بالنصرانية) قَويمٌ فَما يَرجونَ غَيرَ العَواقِبِ
12. يَصونونَ أَجساداً قَديماً نَعيمُها، بِخالِصَةِ (الشديدة البياض) الأَردانِ (جمع ردن، مقدم كمّ القميص)، خُضْرِ المَناكِبِ (جمع منكب. ويبدو أن ثيابهم بيضاء ومناكبها خضراء، وهو لباس ملوكهم)
13. حَبَوتُ (أعطيت) بِها غَسّانَ إِذ كُنتُ لاحِقاً بِقَومي وَإِذ أَعيَت عَلَيَّ مَذاهِبي (ضاقت عليّ السّبل)
*19*
النّابغة الذّبيانيّ (ت. 8 ق. ه / 604 م)
هو زياد بن معاوية الذبياني، لقبُه "أبو أمامةَ".
أحد أشهر الشعراءِ الجاهليّينَ، لَهُ معلقةٌ، لقب بالنّابغة لنبوغِهِ في الشّعر بعدِ أنْ كبرت سنُّه، وقيلَ بسببِ قولِهِ بيتًا منَ الشّعرِ:
وَحَلَّتْ في بني القيْنِ بن جُسرٍ فقدْ نبغَتْ لهُمْ مِنّا شُؤونُ
كان يحتكم إليه الشعراءُ في الجاهلية لعلو حسِّهِ النّقديِّ. كانت له حظوة لدى النعمان بن المنذر ملكِ الحيرةِ، لكنَّه ذكرَ امرأةَ النّعمانِ في قصيدةٍ لَهُ فغضبَ عليهِ وتوعّدَهُ، ففرّ إلى الشام والتجأَ لدى حكّامها الغساسنةِ، فمدحَهم، ثمَّ رضيَ عنْهُ النّعمانُ بعدَ أن نظمَ له قصائدَ يعتذرُ منْة فيها اشتهرتْ ب "الاعتذاريّاتِ".
اختلف في معلقته، فقيلَ إنها التي تبدأُ بِ:
يا دارَ ميّةَ بالعلياءِ فالسّندِ أقوتْ وطالَ عليها سالفُ الأمدِ
وقيلَ إنَّها النّصُّ الّذي بينَ أيدينا.
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: المطلع التقليديُّ: النيبُ.
- الأبيات 2-3: مدحُ الحاكمِ بالكرمِ وبتدبيرِ الحربِ.
- الأبيات: 3-9: مدحُ جيشِ الغساسنةِ بالقوّةِ والشّجاعة والبسالةِ، الإشاراتُ التاريخيّةُ.
- البيت 10: مدحُ الغساسنةِ باختصاصِ اللهِ إيّاهُمْ بالجودِ وبالأناةِ دونَ غيرهِمْ.
*20*
- البيت 11: الإشارة إلى الجانبِ الرّوحانيِّ ومدحُ الغساسنةِ منْ خلالِهِ بشرَفِ أوطانهِمْ ورِفعَةِ دينهِمْ.
- البيت 12: وصفُ الغساسنةِ بالتّنعّمِ وحُسنِ الهيئةِ.
- البيت 13: أحقّيّتهُمْ بالمدحِ في حالَيِ الأمنِ والخوفِ.
أسئلة وأعمالٌ
1. مَنِ المخاطَب في البيتِ الأوّلِ؟ وهلْ لَهُ دلالةٌ على المطلعِ التّقليديِّ للقصيدةِ العربيّةِ الكلاسيكيّةِ؟
2. مَن الشخص المذكور في البيت الثّاني؟ وما أهمّيتة بالنسبة إلى الشّاعرِ؟ وما الّذي يذكرُهُ عنْهُ في البيتِ الثالثِ؟
3. ما علاقة الشّاعر بالغساسنةِ على ضوء البيتين 2 و 13؟
4. في الأبيات 3-5 يصفُ الشاعرُ عصائبَ الطّيرِ مقرونةً بعساكرِ الغساسنةِ؛ فما وجهُ الصّلةِ بينِ الطّرفين؟
5. يظهر أسلوب المدحِ بما يشبه الذّم في البيتِ السابع، اشرحِ البيتَ استنادًا إلى توضيحِ هذا الأسلوب.
6. ما الإشارةُ التاريخيّة الواردةُ في البيتِ الثامن؟ وأينَ يمكن العثورُ على معلوماتٍ حولَها؟
*21*
7. في الأبيات 7-9 يصفُ الشّاعرُ أداةَ الحربِ الخاصة بالغساسنةِ؛ فما الّذي يقولُهُ عنْها؟
8. في أي جانبٍ يمدحُ الشاعرُ الغساسنةَ في الأبياتِ 3-9؟
9. في البيتنِ 10-11 يمدحُ الشّاعرُ الغساسنةَ بصفاتٍ روحانيّة - أخلاقيّة، فما هيَ؟
10. بيّنِ الإشارةَ إلى المعتقداتِ الدّينيّةِ لدى الغساسنةِ كما تظهرُ في البيتِ الحادي عشرَ.
11 . ما الوصف المادّيُّ المتعلّقُ بملوكِ الغساسنةِ، الواردُ في البيتِ الثّاني عشرَ؟
12. يذكرُ الشّاعرُ في البيتِ الثّالثَ عشر أنَّهُ يمدحُ الغساسنةَ في ظرفينِ متناقضينِ؛ فما هما؟
13. استخرجْ منَ النّصِّ الألفاظَ ذات الدّلالاتِ العسكريّةِ واشرحْها.
*22*
السّموأل بن عادياء (مصادر مراجع للتّوسّع: المرزوقيّ. شرح ديوان الحماسة لأبي تمّام. بيروت: دار الكتب العلميّة، 2003؛ نفطويه، ديوان السّموأل. بيروت: دار الجيل، 1996؛ عيسى، فوزي. النّصّ الشعري وآليات القراءة. الإسكندريّة: منشأة المعارف. د.ت؛ الأصفهانيّ. الأغاني. شرح: سمير جابر. بيروت: دار الكتب العلميّة، 1992).
لاميّة السّموأل
1. إِذَا الْمرْء لَم يُدْنَس مِن الْلُؤْم (اسم جامع للصفات المذمومة) عِرْضُهُ (الشّرف) فَكـلُّ رِدَاءٍ يَرتدَيهُ جميلُ
2. وَإِن هُو لَم يَحْمِل عَلَى الْنَّفْس ضَيْمَهَا (لم يصبرها على مكارهها) فليسَ إِلَى حُسْن الْثِّناءِ سَبيلُ
3. وقائلةٍ ما بذله أسرةِ عاديا تبارى (ما بالها تشرح للمنافسة وهي ليست أهلا لذلك) وفيهم قلة وخمول
4. تعرينا (تعيبنا) أنا قليل عديدنا فقلت لها: إن الكرام قليل
5. وما ضرنا أنا قليلٌ وجارنا (المستجير) عزيز وجار الأكثرين ذليل
6. وما قل من كانت بقاياه مثلنا شباب تسامى للعُلَى وكهولُ
7. لنا جبل يحتله من نجيره (نحمي ونمنع) منيف (مشرف على كل شيء) يرد الطرف (البصر) وهو كليل (قاصر النظر)
*23*
8. رسا أصله تحت الثرى وسما به إلى النجم فرع لا يرام طَويلُ
9. هو الأبلقُ (اسم حصن السموأل) الفردُ الذي سار ذِكرُه يعِزُّ على من رامهُ (طلبه) ويطولُ
10. ونحنُ أناسٌ لا نرى القَتْلَ سُبَّةً (العار) إذا ما رأته عامرٌ وسَلولُ (من أسماء القبائل العربية)
11. يقرب حب الموت آجالنا لنا وتكرهه آجالهم فتطول
12. تسيلُ على حدِّ الظباتِ (جمة ظبة وهي حد السيّف) نفوسنا وليست عل شيءٍ سواه تسيلُ
13. وما مات منا ميت في فراشه ولا طل (أهدر دمه وضاع) مِنَّا حيثُ كانَ قتيلُ
السّموأل بن عادياء (ت. دوالي 66 ق.ه / 560م)
السموأل بنُ غريضِ بنِ عادياءَ الأزديّ شاعرٌ جاهليٌ يهوديٌ، ضُربَ به المثلُ في الوفاءِ فقيلَ:
"أوفى من السّموألِ". عاشَ في النّصفِ الأوّلِ منَ القرنِ السّادِس الميلاديّ. من سكّانِ خيبرَ، كان خيبرَ، يتنقّلُ بينها وبَين حصنِ "الأبلقِ" الذي بناهُ جدُّه.
*24*
مقاربات وتلميحات
- البيتان 1-2: الجمالُ الحقيقيُّ جمالُ النّفسِ والأخلاقِ.
- الأبيات 3-6: المقارنةُ بينَ قلة العددِ وخصالِ العزّةِ والكرمِ والمنعَةِ وطلبِ العُلى.
- البيت 5: أسلوبا الطّباقِ والمقابلةِ.
- الأبيات 7-9: الاعتدادُ بحصنِ "الأبلقِ" المنيعِ.
٠ الأبيات 10-13: فخر الشّاعرِ بموتِ بني قومِهِ في سبيلِ الشّجاعةِ والحميّةِ والنّصرة.
أسئلةٌ وأعمالٌ
1. أيُّ ألفاظِ البيتِ الأوّلِ تدلُّ على تناولِ موضوعِ الأخلاقِ؟
2. بيّن أوجهَ الشّبه بينَ الفكرةِ الّتي يتضمّنُها البيتُ الأوّلُ وبينَ الفكرةِ التي يتضمّنُها بيتا "عمرو بن معدي كرب" التّاليانِ:
ليسَ الجمالُ بمِئْزرٍ فاعلمْ وَإنْ رُدّيتَ بُردًا
إنَّ الجمالَ معادنٌ وَمناقبٌ أورثْنَ مجْدًا
3. ما المعنى المجازيُّ في التّعبيرِ: "كلُّ رداءٍ يرتديهِ جميلُ"؟
4. ما هما المثلَبتانِ (الصّفتان السيئتانِ) اللّتانِ تعيّرُ بهِما القائلةُ قومَ الشّاعرِ في البيتِ الثّالثِ؟
5. بِمَ يردُّ الشاعرُ في البيتينِ الرّابعِ والخامس على مَنْ تعيّرُهُ؟
*25*
6. ما العلاقة بينَ لفظيْ "قليلٌ" و "الأكثرينَ"، و "عزيزٌ" و "ذليلٌ" في البيتِ الخامسِ؟ وماذا يسمّى هذا الأسلوبُ؟
7. ما المقارنةُ الّتي يعقدُها الشّاعرُ في البيتِ الخامسِ؟ وماذا يسمّى هذا الأسلوبُ؟
8. ما نوعُ "ما" في البيتِ الخامسِ؟ وهلْ تحتملُ أكثرَ من دلالةٍ لغويةٍ ومعنويّةٍ واحدةٍ؟
9. ما الصّفةُ الإيجابيّةُ المشتركةُ لدى الشّبابِ والكهولِ كما يذكرُ الشّاعرُ في البيتِ السّادسِ؟
10. في الأبياتِ 7-9 يشيرُ الشاعر إلى حصنِهِ "الأبلقِ". فماذا يقولُ عنْهُ؟
11. في أيِّ جانبٍ يقارن الشّاعرُ بين قومِهِ وبينَ قبيلتيْ عامرٍ وسلولٍ؟
12. هل يمكنُ اعتبارُ ما يقولُهُ الشّاعرُ في البيتِ الحادي عشرَ تبريرًا لما ذكرتهُ مَنْ تعيّرُهُ في البيتينِ الثالثِ والرّابعِ؟ كيفَ ذلكَ؟
13. بيّن التّصديرَ في البيتِ الثّاني عشرَ.
14. ماذا يقصدُ الشّاعرُ بالتّعبيرِ "تسيلُ على حدِّ الظّباتِ نفوسُنا" في البيتِ الثّاني عشرَ؟ وما دلالةُ استخدامِهِ لكلمةِ "نفوسُنا"؟
15. بماذا يتباهى الشّاعرُ في البيتِ الثّالثَ عشرَ؟
16. استخرجْ منَ النّصِّ ألفاظَ التّكرارِ.
*26*
17. ما تعليقك على مضامينِ الفخر الواردةِ في النّصِّ؟ أيُّها تراهُ إيجابيًا وجديرًا بالإعجابِ؟ وأيُّها تراهُ سلبيًا وغيرَ جديرٍ بالإعجابِ؟
18. أينَ يظهرُ أسلوبُ النّفيِ في النّصِّ؟
19. ما حرفُ الرّويِّ في النّصِّ؟ وما علاقتُهُ بتسميةِ القصيدةِ ب "اللاميّةِ"؟
20. هلْ تجدُ الوحدةَ الموضوعيّةَ في النّصِّ؟ بيّنْ رأيَكَ.
21. كيفَ يتجلّى مفهومُ الموتِ لدى الشّاعرِ كما ينعكسُ ذلك منّ الأبياتِ 13-10؟
*27*
أبو طالب - عبد مناف بن عبد المطّلب (مصادر مراجع للتوسع: أبو هفّان المهزومي. شعر أبي طالب وأخباره والمستدرك عليه. بيروت: دار ومكتبة الهلال، 2000. التّونجي، محمّد. ديوان أبي طالب عمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم. بيروت: دار الكتاب العربيّ، 1994؛ الداوديّ، أحمد بن عليّ. عمدة الطّالب في أنساب آل أبي طالب. بيروت: دار ومكتبة الحياة د.ت.).
1. أَنتَ النَبِيُّ مُحَمَّد قرمٌ (السيد المكرم) أَغَرُّ (الأبيض من كل شيء، الكريمُ الأفعال واضحها) مُسَوَّدُ (سيدٌ)
2. لِمُسَوّدين أَكارِمٍ طابوا وَطابَ المَولِدُ
3. نِعمَ الأَرومَةُ (الأصل) أَصلُها عَمرُو (هو هاشم بن عبد مناف والد عبد المطلب جد الرسول (ص)) الخِضَمُّ (السيد الجواد المعطاء) الأَوحَدُ
4. هَشَمَ (قسم وكسر إلى قطع، ومنه لقب عمرو بن عبد مناف بهاشم، لأنه أوّل من هشم الثّريد) الرَبيكَةَ (طعام من لبن وتمر وسمن) في الجِفانِ وَعَيشُ مَكَّةَ أَنكَدُ
5. فَجَرَت بِذَلِكَ سُنَّة فيها الخَبيزَةُ تُثردُ (تهشم. تصبح ثريداً)
6. وَلَنا السِقايَةُ لِلحَجيج بِها يُماثُ (يُنقعُ في الماء) العُنجُدُ (الزبيب، حبّ العنب)
7. وَالمَأزمانِ (موضعان في الحرم المكّيّ) وَما حَوَت عَرَفاتُها وَالمَسجِدُ
*28*
8. أَنّى تُضامُ (تظلم) وَلَم أَمُت وَأَنا الشُجاعُ (ذكر الأفعى) العِربِدُ (ذكر الأفعى)
9. وَبِطاحُ مَكَّةَ لا يُرى فيها نَجيعٌ (الدم الأسود، أسود وجمد قبل الأخذ بثأر صاحبه) أَسوَدُ
10. وَبَنو أَبيكَ كَأَنَّهُم أُسدُ العَرينِ تَوَقَّدُ
11. وَلَقَد عَهِدتُكَ صادِقاً في القَولِ لا تَتَزَيَّدُ
12. ما زِلتَ تَنطِقُ بِالصَوابِ وَأَنتَ طِفلٌ أَمرَدُ (لم ينبت شعر لحيته بعد)
أبو طالب - عبد مناف بن عبد المطلب
(ت. حوالي 3 ق.ه / 620 م)
عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، يكنّى أبا طالب، هو عم النبيِّ محمد (صلى الله عليه وسلم)، وأبو رابع الخلفاءِ "عليّ بن أبي طالب" رضي الله عنه. خلفَ أبو طالبٍ أباه عبد المطلب الّذي كان أحدَ سادة قريش في المكانة والوجاهةِ.
كان أبو طالب الأخ الشقيق الوحيدَ لعبد الله والد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد عهدَ إليه والده عبد المطلب بكفالة النبيّ (صلى الله عليه وسلم). توفّي أبو طالب قبل الهجرة بثلاث سنواتٍ، فحزنَ الرسول لفقدهِ حزنًا شديدًا، حيثُ فقدَ مَنْ يحميهِ ويرأفُ بِهِ، فجعل عام وفاته عام حداد وحزنٍ، فسمي هذا العالم عام الحزن ودفنَ أبو طالب بمكة المكرمة.
*29*
مقاربات وتلميحات
- البيت 2: صفاتُ آلِ بيتِ الرّسولِ (صلى الله عليه وسلم).
- الأبيات 3-5: شرف عمرو بن عبدِ منافِ، وعلاقةُ المضمونِ بتسميتهِ "هاشمًا".
- البيت 6: مآثرُ جاهليةٌ أبقى عليها الإسلامُ.
- البيت 7: الأماكنُ الخاضعة لحماية قريشٍ.
- البيتان 8-9: حماية أبي طالب للنبيّ (صلى الله عليه وسلم).
- البيت 10: التّشبيه وأركانُه.
- البيتان 11-12: الصّدقُ أبرزُ مناقبِ النّبيِّ (صلى الله عليه وسلم).
- الأبيات 1-12: خصائص المديحِ النبويِّ.
*30*
أسئلة وأعمال
1. استخرج منَ النص خمس صفاتٍ يمدحُ بها الشّاعرُ النبيَّ (صلى الله عليه وسلم).
2. أينَ يظهرُ الفخرُ في القصيدة؟ وما مضامينُهُ؟
3. ما ألفاظُ الطعامِ والشراب المذكورة في النّصِّ؟
4. ما أسماءُ المواضعِ والأمكنةِ المذكورة في النّصِّ؟
5. بماذا يمتدح الشاعر عمرو بنَ عبد منافٍ في البيتين الثالث والرّابعِ؟ وهل تجدُ علاقةً بين تسميتِهِ "هشامًا" وبينَ البيتِ الرّابعِ؟
6. ما هي السنةُ الّتي استنّها هاشم بن عبد منافٍ في البيتين الخامس والسّادسِ؟
7. بيّنِ التشبيهَ الواردَ في البيتِ العاشر مشيرا إلى أركانِهِ.
8. كيفَ ترتسمُ لك صورة أبي طالب وفق البيتِ الثامن؟
9. مثل من النص بأمثله للألفاظ الكلاسيكيّةِ المشيرةِ إلى الفترة التي عاش فيها الشّاعر.
10. بين كيف يصور الشاعر صفة الصدق لدى النبي (صلى الله عليه وسلم) بالقدم وبالثّبوتِ في البيتين 12-11.
11. اذكر ثلاثَ خصائصَ للقصيدةِ تجعلُها تنتمي إلى شعرِ المديحِ النبويِّ.
*31*
*31*
(1. مراجع للتّوسّع)
أمين، أحمد. ضحى الإسلام. المجلدات 3-1. القاهرة: مكتبة النهضة المصريّة، د.ت؛ ضيف، شوقي. العصر الإسلاميّ. القاهرة: دار المعارف. د.ت؛ خفاجي، محمّد. الحياة الأدبيّة في عصر بني أميّة. بيروت: دار الكتاب اللّبنانيّ، 1987؛ بلاشير، د. ر. تاريخ الأدب العربي. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزيّات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربيّ. لقاهرة: دار نهضة مصر، د.ت).
تغيّر الشّعر العربي، بعدَ ظهور الإسلامِ، عمّا كانَ عليه قبلَهُ، وذلك في عددٍ منَ الأمور أبرزُها: تهذيب اتجاهاته؛ بحيث لمْ يعدِ الهجاءُ بنفس الشكل والمضمون الذي كانَ عليهما قبل الإسلامِ (إلاّ أن الهجاءَ يعود قويًّا في العصر الأمويِّ في بعض البيئاتِ، كالعراق مثلاً)، كما أنَّ الشعرَ أصبحَ مخصّصًا لخدمةِ الدين، حيث انبرى عدد منَ الشعراء الذين دخلوا في الإسلام يدافعون عن الذين وهجاء خصومه لكن بطريقة ليسَ فيها هتكٌ للأعراض ولا تعارض مع تعاليم الإسلام السمحة. وقد برز "حسان بن ثابتٍ" كأحدِ المنافحينَ عن الإسلام، حتّى لقب بِ "شاعر الرّسولِ". وتناولَ الشّعرُ في صدرِ الإسلامِ الفتوحاتِ الإسلاميّةَ ونشرَ الدّينِ. ولْم بعدِ الشّعرُ مسخّرًا لرفع مكانةِ القبيلةِ بقدرِ ما صارَ مكرّسًا لإبرازِ مكانةِ الإسلامِ في صفوفِ المسلمين.
عندما انتقلَ مركز الحكم إلى المدينةِ، ومن ثمَّ إلى حواضر العراق والشام بدءًا من أواخر العصر الرّاشديِّ وحتّى نهايةِ العصرِ الأمويِّ، انتقل الشعر كذلكَ من الباديةِ إلى هذهِ الحواضر، واستتبعَ ذلك لينٌ في ألفاظِهِ وتغير في أساليبه. وصارَ الشعر في العصر الأمويِّ مسيّسًا، أيْ أنّهُ صار يروّج للمبادىءِ السياسية والحزبيةِ الّتي تنادي بها الأحزابُ الجديدةُ، كالخوارجِ والشيعةِ والأمويّينَ وغيرهم، بالإضافةِ إلى ذلك، نشطتِ النّعرات القبليّة من جديد، كما كانت في العصر الجاهلي، وذلك في بعض قبائلِ العراقِ.
وفي بعض الحواضر، كمكة والمدينةِ والطّائف، أصبحَ الشعر في خدمةِ اللهو والغناء، بعد أن نشأَ الاهتمامُ بالغناءِ والألحان والأوزان والمعازف، وصارَ الغزل أبرز أغراض الشعر في هذه
*32*
الأماكن، ممّا اقتضى أن يصبحَ عرضًا مستقلاًّ، بنوعيْهِ العذريِّ والصّريحِ، إذ نشطَ الغزلُ العذريُّ في البوادي، بينَما نشطَ الغزلُ الصريحُ الحضريُّ في الحواضرِ. ولمْ يعد الغزلُ أحدَ موضوعاتِ القصيدةِ المتعددةِ، كما كانَ في القصيدةِ الجاهليّةِ، بل صارَ الموضوعَ الأوحدَ لبعضِ القصائِدِ التي نظمها شعراء تخصصوا فيه، فاشتُهرَ شعراء مثل جميل بثينة، وقيسِ بنِ الملوح في نظم الغزلِ العذريِّ، بينَما اشتهرَ شعراء كعمرَ بن أبي ربيعة والأحوصِ في الغزلِ الصريحِ.
وظلت أغراض الشعر القديمة حاضرة في الشّعر الأمويِّ، لكن الشعرَ السياسي صار غرضًا جديدًا، وقد استقطبت نقائض الأخطلِ والفرزدق وجريرٍ جانبًا منْهُ، ونزعَ هؤلاء إلى الهجاءِ المقذعِ أحيانًا، وذلك ضمنَ المعركةِ الّتي دارت بينهم.
وتأثّر الشّعرُ في هذهِ الفترة بالقاموس الإسلامي وبمعانيه، وصارت أساليبُهُ أقربَ إلى العذوبةِ والرّقةِ والعاطفةِ، واتخذت المعاني طابعًا منَ العمقِ لمْ يعهد عنِ الشّعرِ الجاهليِّ، وأخذتِ الحكمة والأمثالُ تظهر فيها، بتأثيرِ القرآن الكريم، وبتأثير الثقافات الأجنبية الّتي انفتحَ عليها العربُ بفعلِ الفتوحاتِ الإسلاميّةِ والاختلاط بالأعاجم. وفي الإجمالِ، يمكنُ الاعتماد على الشعر في هذهِ الفترةِ للاستدلالِ على واقعِ الأحداثِ الدينية والسياسية والعسكريّةِ الّتي رافقت هذهِ الفترة الحاسمة منْ تاريخ الإسلام.
*33*
حسان بن ثابت (مصادر ومراجع للتوسع: سليم، محمد إبراهيم. حسان بن ثابت الأنصاريّ شاعر الرسول صل الله عليه وسلم. القاهرة: دار الطّلائع، د.ت)؛ عكاوي، رحاب خضر. حسان بن ثابت الأنصاري شاعر النبوّة والإسلام. (بيروت: دار الفكر العربي، 1996؛ عيد، يوسف. شرح ديوان حسّان بن ثابت الأنصاري. بيروت: دار الجيل، 1992؛ أبو زيد، سامي. الأدب الإسلامي والأموي. عمّان: دار المسيرة، 2012).
عَدِمْنَا خَيْلَنا
1. عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع (غبار المعركة) موعدها كداء (موضع بمكة)
2. تظل جيادنا متمطرات (متسابقات) تلطمهن (تحاول ردهن) بالخمر (جمع خمار وهو غطاء رأس المرأة) النساء
3. فإما تعرضوا عنا اعتمرنا (أدينا شعائر العمرة) وكان الفتح وانكشف الغطاء
4. وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعز الله فيه ما يشاء
5. وجبريل رسول الله فينا وروح القدس ليس له كفاء (ندّ، نظير)
6. وقال الله قد أرسلت عبدا يقول الحق إن نفع البلاء
7. شهدت به فقوموا صدقوه فقلتم لا تقوم ولا نشاءُ
8. وقال الله قد يسرت جندًا هم الأنصار (أهل يثرب مدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم) عرضتها (همتها وعادتها) اللقاء
9. لنا في كل يوم من معد (معد بن عدنان من أجداد العدنانيين، ومنهم قريش) سباب أو قتال أو هجاء
*34*
10. فنحكم بالقوافي من هجانا ونضرب حين تختلط الدماء
11. ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب (مجوف: خالي الجوف من القلب، جبنا) هواءُ
12. بأنَّ سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار (بطن من قريش منهم عبد شمس قوم أبي سفيان) سادتها الإماء
حسان بن ثابت (ت. 54 ه / 674 م)
أبرز شعراء صدر الإسلام، ولدَ في المدينة، وعاشَ قبلَ الإسلامِ طويلاً، ثمَّ عُمّرَ طويلاً بعدَ الإسلامِ، انتصر لقبيلتِهِ قبل إسلامه، واتّصل بالغساسنة فأكرموه، وبعدَ أن دخلَ الإسلامَ دافعَ عن الدّين وعن الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ ولقب ب "شاعر الرّسول". لانَ شعرُه بعدَ إسلامِهِ لتأثره بسماحة الإسلام وأخلاقه. توفي في خلافة معاوية بنِ أبي سفيان في المدينةِ المنورةِ.
مقاربات وتلميحات
- البيتان 1-2: أسلوب الدّعاء ودلالته، أهمّيّةُ الخيلِ في شعرِ الحميّةِ. دلالاتُ الكناياتِ المستخدمةِ.
- البيت 3: الاستعارةُ المستخدَمةُ.
- البيت 4: تهديد الأعداءِ، الجوُّ الإسلاميُّ.
- الأبيات 5-7: الرّسالة المحمّدية واتباعُها.
- البيت 8: تيسيرُ النّصر منَ اللهِ، دور الأنصار في حمايةِ الدّينِ.
- البيتان: 9-10: عداء قريش للمسلمين وسبل مواجهتهم.
- البيتان 11-12: هجاء أبي سفيانَ.
*35*
أسئلة وأعمالٌ
1. ماذا يعني التعبيرُ "عدمنا خيلَنا"؟ وما الأسلوب المستخدم فيه؟
2. قارن بين معنى التعبير "تثيرُ النقع" في البيتِ الأولِ وبين التعبيرِ "مثار النّقع" في بيتِ بشارِ بن بردٍ:
كأن مُثار النقع فوق رؤوسنا وأسيافنا ليلٌ تهاوى كواكبه
3. استخرج من النص خمسة ألفاظٍ مرتبطة بجوِّ الحرب والحميّةِ.
4. استخرج من النّصِّ خمسة ألفاظٍ ذاتِ دلالاتٍ إسلاميّةٍ صريحةٍ.
5. اشرح بلغتِكَ التعابيرَ التاليةَ وفقَ سياقِها من النص، مشيرًا إلى الأساليب البلاغيّةِ في كلٍّ منْها:
- تلطمهن بالخمر النساءُ" (البيت 2)
- انكشف الغطاء (البيت 3)
- نُحكمُ بالقوافي مَن هجانا" (البيت 10)
6. ما هيَ عناصر المؤازرةِ والدّعم الّتي يتمتع بها المسلمون حسبَ الأبياتِ 5-8؟
7. ينتمي الشاعر إلى مجموعة الأنصار الذين ناصروا الرسول (صلى الله عليه وسلم)؛ فبماذا يمتدحُهم الشاعرُ في البيت الثامنِ؟
8. ما هما طريقتا مواجهةِ عداءِ قريش للمسلمينَ وفقَ البيتِ العاشرِ؟
9. بماذا يهجو الشّاعرُ "أبا سفيانَ" في البيتين الحادي عشر والثاني عشرَ؟
10. يوظف الشاعر "النساء" بصورةٍ ترتبط بالسلبية في البيتين الثاني والثاني عشرَ، بين هذا التوظيف ودلالتة.
11. على ضوء قراءتك للنّصِّ؛ ما هيَ مضامينُ القصيدةِ الرئيسية؟ وأينَ يظهر كلٌّ منها في النّصِّ؟
*36*
الكميت بن زيد الأسدي (مصادر ومراجع للتوسع: طريفي، محمّد نبيل. شرح وتحقيق ديوان الكميت بن زيد. بيروت: دار صادر، 2000؛ عطوي، علي نجيب. الكميت بن زيد بين العقيدة والسّياسة. بيروت: دار الأصول، 1988؛ خفاجي، محمّد عبد المنعم، الحياة الأدبية في عصر بني أميّة. بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1987؛ سلّوم، داود. شعر الكميت بن زيد الأسديّ. بغداد: مكتبة الأندلس، 1969).
طربتُ وما شوقاً إلى البيضِ أطربُ
1. طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ (الحِسان) أَطرَبُ ولاَ لَعِبَاً أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ
2. ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ ولم يَتَطَرَّبنِي (يفرحُ ويطربُ) بَنانٌ (رؤوس الأصابع) مُخَضَّبُ (مضمخ بالحناء)
3. ولا السَّانِحَاتُ (ما يزجر من الطير فيكون من جهة اليمين وهو ميمون) البَارِحَاتُ (ما يزجر من الطير فيكون من جهة اليسار وهو شؤوم، وقد قالوا: من لي بالسانح قبل البارح) عَشِيَّةً أمَرَّ سَلِيمُ القَرنِ أم مَرَّ أَعضَبُ (مكسور القرن، وهو ما يتشاءم منه في التطيّر)
4. وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ
5. بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ
6. خَفَضتُ لَهُم مِنّي الجَنَاحَ (تذللت لهم تواضعا) مَوَدَّةً إلى كَنَفٍ (حضن) عِطفَاهُ (جانبا الرجل من اليمين واليسار) أهلٌ وَمَرحَبُ
7. وَمَا لِيَ إلّا آلَ أحمدَ شيعةٌ وَمَا لِيَ إلاَّ مذهَبَ الحَقِّ مَذهبُ
8. بِأيِّ كِتَابٍ أَم بِأيَّةِ سُنَّةٍ يُرَى حُبَّهُم عَاراً عَلَيَّ وتَحسَبُ؟
*37*
الكميت بن زيد الأسديّ (ت. 126 ه / 744 م)
أحدُ أشهر الشعراء الأمويين، من أهل الكوفة، كانَ متشيعا ورثَ تشيّعَه عن بيئتِهِ في الكوفة، كانَ مناهضًا للحكم الأمويِّ. اشتُهرَ بقصائده "الهاشميّاتِ" في بني هاشم. يعتبر ممن خاضوا في الشّعر السياسي خلال العصر الأمويِّ. قُتِلَ في بداية حكم مروان بنِ محمّدٍ، آخر خلفاءِ بني أميّة.
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: معنى الطّربِ، واستخدامُ صيغةِ النّفي.
- البيتان 2-3: الملهياتُ الّتي لا يلتفتُ الشّاعر إليها. وموقفه منَ البدايةِ الطلليّةِ.
- الأبيات 4-7: التصريحُ بحبِّ آلِ البيتِ، ومدحُهم.
- البيت 8: الاستفهامُ البلاغيُّ، الدّفاعُ عن موقفِ الشّاعر السّياسيِّ.
أسئلة وأعمالٌ
1. أيُّ أمور ينفي الشاعر أن تكونَ سببًا لطربِهِ ولهوه في بدايةِ النّصِّ؟
2. إلامَ يعود عزوف الشّاعر عنِ أسباب اللّهو كما يظهر لك من سيرةِ حياتِهِ ومن شعره؟
3. بماذا يبرر الشاعر طربهُ؟ وأين يذكرُ سبب طربِهِ؟
*38*
4. أين تظهر في النص الإشارةُ إلى عاداتٍ شعبيّةٍ جاهليّةٍ؟
5. تتبّعْ مواضع استخدام أسلوب النّفي، واشرحْ ما جاءَ فيها.
6. هل ترى أنَّ الشاعرَ يستخدم أسلوبَ التشويقِ من خلال عدم بيانِ سبب فرحهِ ونشوته في مطلع النص؟
7. في البيتِ السّادسِ تناصٌّ قرآنيٌّ، بيِّنْهُ.
8. أينَ تظهرُ عواطف الشّاعر نحو آل البيتِ؟ وأينَ يظهر تصريحه بالثشيعِ؟
9. ما غاية استخدام الاستفهام البلاغيِّ في البيتِ الثامنِ؟
10. بين الأساليب البلاغيّة في التعابير التالية واشرحْها:
- بَنانٌ مخضّبٌ (البيت 2)
- خفضت لهم الجناحَ (البيت 6)
11. استخرج منَ الأبياتِ 8-5 ثلاثة مظاهر لنزعةِ التشيُّعِ لدى الشّاعر ووضحْها.
*39*
جرير (مصادر ومراجع للتّوسّع: طرّاد، مجيد. شرح ديوان جرير. بيروت: دار الفكر العربيّ، 2003؛ طه، نعمان. جرير: حياته وشعره. القاهرة: دار المعارف، 1968؛ قريب الله، حسن الفاتح. جرير مدينة الشعر. بيروت: دار الجيل، 1991؛ البعاج، مزاحم عليّ. صورة المرأة في شعر الأخطل وجرير والفرزدق. عمّان: دار اليراع، د.ت؛ خفاجي، محمّد عبد المنعم، الحياة الأدبيّة في عصر بني أميّة. بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1987)
بانَ الخليطُ (بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا)
1. لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ (لِنْتِ، رققْتِ) لَنا أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا
2. كَصاحِبِ المَوجِ (راكب البحر) إِذ مالَت سَفينَتُهُ يَدعو إِلى اللَهِ إِسراراً وَإِعلانا
3. يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ (يلهيهِ ويصبّرُه) أَو ساقِياً فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا (ما يذهب الهم والغم، ما زعم أنه يسلي قلب العاشق عن حبه)
4. ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا
5. لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني (زادني شوقاً وحنيناً) لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا
6. لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا
7. كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا؟
8. أَبُدِّلَ اللَيلُ لا تَسري كَواكِبُهُ أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا
9. إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ (شدّة سواد العين على شدّة البياض) قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
10. يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
*40*
11. يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا
12. وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ (هبّات ريح من اليمن) تَأتيكَ مِن قِبَلِ (من جهة) الرَيّانِ أَحيانا
13. أَزمانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا
جرير بن عطية (ت. 110 ه / 728 م)
كنيتة أبو حِزرة، من أشهر شعراءِ العصرِ الأموي، ولد ومات في اليمامة، في بادية نجد وتوفي فيها. برعَ في فنّيِ الهجاءِ والمديح. كانَ أشعرَ أهلِ زمانه، وعاش عمره كلَّهُ يناضل شعراء زمانه ويساجلهم من خلالِ شعر الهجاء المعروفِ ب "النقائض" فلمْ يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل. برع في الغزل، إذ عد من أغزل الناس شعرًا.
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: المخاطب وعلاقته بغرض النّصِّ.
- البيت 2: التشبيهُ؛ أركانُهُ والغايةُ منْهُ.
- البيت 3: أسلوب التّمنّي.
- الأبيات 3-5: ألفاظ الغزلِ العذري.
- البيت 6: الأسلوبُ الدُّعائيُّ والغاية منه.
- البيتان 7-8: أسلوب الاستفهام البلاغى وتوظيفهُ في شعر الغزل العذري.
- 10-9: الجمال وأثره في النفس.
- 13-11: الحنين إلى الماضي وعلاقته بشعر الغزل العذريِّ.
*41*
أسئلة وأعمالٌ
1. ما هو الغرض الشعري منَ النص؟ إيتِ بشواهدَ على ذلك منْه.
2. من المخاطب في البيت الأوّلِ؟ وما علاقة الشّاعر بِهِ؟
3. ما أركان التشبيه في البيتِ الثاني؟ وما الغايةُ منْهُ؟
4. بين الطباق في البيت الثاني مشيرًا إلى الغايةِ منَ استخدامه.
5. يظهر أسلوب التمني في البيتِ الثالث، فما الذي يتمناه الشاعر؟
6. أي التعابيرِ في البيتين الرّابع والخامس تشيرُ إلى الغزلِ العفيف (العذريِّ)؟
7. بين أسلوب الاستفهامِ البلاغيِّ في البيتينِ السّابع والثّامنِ، مشيرًا إلى دلالتِه في كلٍّ منهما.
8. بين تأثير الجمالِ في النفسِ، على ضوءِ ما يذكره الشاعر في البيتينِ التّاسعِ والعاشرِ.
9. يستخدمُ الشّاعرُ التّكرارَ في البيتينِ الحادي عشرَ والثّاني عشرَ، فما غايةُ هذا التكرارِ؟
10. استخرج أسماءَ المواضع والأمكنةِ الواردةَ في النّصِّ.
11. استخرج منَ النص ثلاثة ملامحَ للغزلِ العفيفِ (العذريِّ).
*42*
الفرزدق (مصادر ومراجع للتوسع: مردم، خليل. الفرزدق. دمشق: مكتبة عرفة، 1939؛ خفاجي، محمّد عبد المنعم، الحياة الأدبيّة في عصر بني أميّة. بيروت: دار الكتاب اللّبناني، 1987؛ الفحام، شاكر، الفرزدق. دمشق: دار الفكر، 1977؛ عبد الهادي، حلمي. اللغة في شعر الفرزدق. عمّان: د.ن، 2002).
وصف الذّئب (مناسبة القصيدة: خرجَ الفرزدق في نفر من الكوفة يريدُ يزيد بن المهلب، وفي الليل ذبح شاة، فجاء ذئب وصار ينهش رجل الشاة وهي محمولة على بعير في القافلة، فذعرت الإبل، فما كان من الفرزدق إلا أن قطع رجل الشاة ورمى بها للذئب، فاخذها وتنحى، ثم عاد فقطع يد الشاة وألقاها إليه. وفي الصباح أخبر الفرزدق القوم بما حدث ضمن قصيدته هذه).
1. وَأَطلَسَ (الذئب الأغبر المائل إلى سواد) عَسّالٍ (مضطرب المشي) وَما كانَ صاحِباً دَعَوتُ بِناري موهِناً (منتصف الليل) فَأَتاني
2. فَلَمّا دَنا قُلتُ اِدنُ دونَكَ إِنَّني وَإِيّاكَ في زادي لَمُشتَرِكانِ
3. فَبِتُّ أُسَوّي الزادَ بَيني وَبَينَهُ عَلى ضَوءِ نارٍ مَرَّةً وَدُخانِ
4. فَقُلتُ لَهُ لَمّا تَكَشَّرَ ضاحِكاً وَقائِمُ سَيفي مِن يَدي بِمَكانِ
5. تَعَشَّ فَإِن واثَقتَني لا تَخونَني نَكُن مِثلَ مَن يا ذِئبُ يَصطَحِبانِ
6. وَأَنتَ اِمرُؤٌ يا ذِئبُ وَالغَدرُ كُنتُما أُخَيَّينِ كانا أُرضِعا بِلِبانِ
7. وَلَو غَيرَنا نَبَّهتَ تَلتَمِسُ القِرى أَتاكَ بِسَهمٍ أَو شَباةَ (طرف الرّمح) سِنانِ
8. وَكُلُّ رَفيقَي كُلِّ رَحلٍ وَإِن هُما تَعاطى القَنا قَوماهُما أَخَوانِ
*43*
9. وَإِنّا لَتَرعى الوَحشُ آمِنَةً بِنا وَيَرهَبُنا إِن نَغضَبَ الثَقَلانِ (الإنس والجن))
10. فَضَلنا بِثِنتَينِ المَعاشِرَ كُلَّهُم بِأَعظَمِ أَحلامٍ لَنا وَجِفانِ (جمع جفنة، وهي قدر الطعام)
11. لَعَمري لَنِعمَ القَومُ قَومي إِذا دَعا أَخوهُم عَلى جُلٍّ مِنَ الحَدَثانِ (أحداث الزّمان العظيمة)
الفرزدق (ت. 110 ه / 728 م)
من أشهر شعراءِ العصر الأمويِّ، اسمُه همام بنُ صعصعةَ، وقد لُقّبَ بالفرزدق (ومعناه الرغيف بالفارسية) لضخامة وجهِهِ. كانَ الفرزدقُ كثير الهجاء، واشتهرَ بقصائدهِ في خصمِهِ جريرٍ من خلال شعر النّقائض. مدحَ بعضَ الأمراء والولاةِ الأمويّينَ. بعدَ موتِهِ رثاهُ جريرٌ خصمُه بقصيدةٍ معروفةٍ.
مقارنات وتلميحات
- البيت 1: صفاتُ الذئب.
- البيتان: 2-3: التودّدُ إلى الذئب.
- البيتان 4-5: المسالمة وأخذُ الحيطةِ.
- البيت 6: الإشارة إلى طبع الذئاب.
- البيتان 7-8: تفرّدُ الشّاعرِ بعلاقةِ المودّةِ مع الذّئبِ.
- الابيات 9-11: فخرُ الشّاعرِ بقومِهِ.
*44*
أسئلة وأعمال
1. تعكس الأبياتُ تجربة واقية عاشها الشاعر، فما هيَ؟
2. بأيِّ صفاتٍ إيجابيّةٍ يتصفُ الشّاعرُ، في رأيِكَ، استنادًا إلى النّصِّ؟
3. أينَ يشيرُ الشاعرُ إلى إشراكه الذّئبَ في طعامِهِ؟ وهل تؤيِّدُهُ في هذا الصّنيعِ؟
4. اقرأ قصّة "مجير أمِّ عامر" ثم علق على قولِ القائلِ:
ولا تصنعِ المعروف في غيرِ أهله يلاقي ما لاقى مجير أم عامرِ
5. أينَ يظهرُ لكَ حذرُ الشّاعر منَ الذِّئبِ؟
6. ما الصّفة السلبية الّتي يتصف بها الذئب وفقَ البيتِ السادسِ؟
7. ما الّذي يميز سلوكَ الشّاعر مع الذّئبِ عنْ سلوك أي أحد سواه، كما يبين في البيتِ السّابع؟
8. بين التناقض بين وفاقِ "رفيقيْ كل رحلٍ" وخلافِهما، كما يظهر في البيتِ الثامنِ؟
9. يفخر الشاعر بقومه في الأبياتِ 9-11، فما الّذي يقولُهُ بهذا الصّددِ؟
10. عين ثلاثة من العناصر القصصيّة الواردةِ في النص.
11. يرتكزُ النص على أسلوبِ الخطابِ. عيّن موضعين يظهر فيهما هذا الأسلوبُ.
12. استخرجْ ثلاثة تعابيرَ منَ النص توحي بجوِّ الباديةِ واشرحْها.
13. يدمجُ الشاعر في النص بينَ الواقع والخيال؛ فأينَ تظهر عناصُر كلٍّ منهما؟ وضّحْ.
*45*
شعر الرثاء
هو أحد الأغراض الأساسية في الشعر العربي، ويقال في فقد الأعزاء والمقربين والناس المعدودينَ ذوي الشهرةِ والصفاتِ الحسنةِ. ويعرف الرثاء لغة بأنه البكاءُ على الميتِ. كما يعرّفُ اصطلاحًا بأنّهُ ذكر الميّتِ وذكرُ محاسنِهِ ومناقبه.
ويقومُ شعر الرثاء على عدّةِ عناصر مضمونيّةٍ، أهمُّها:
1. التّعبير عن حزنِ الشّاعرِ وأليمِ مُصابِهِ.
2. الإشادةُ بالفقيدِ والإشارةُ بمآثرِهِ وصفاتِهِ الحميدةِ، كالشجاعةِ والكرَمِ والقيادةِ والشهرةِ وغيرها.
3. العاطفة الجيّاشةُ التي تضفي على القصيدةِ طابعَ الحزنِ.
4. استخدام الألفاظِ الموحيةِ بالمأساويّة، نحوَ: الرّدى، الرّحيل، المقاساة، البكاء، وغيرها.
5. ولاءُ الشاعر للفقيدِ، ودوامُ ذكراهُ.
وقدْ ظهرت عدّة أنواعٍ للرثاءِ في الشّعرِ العربيِّ الكلاسيكيِّ، أهمُّهما: رثاءُ الأقارب، ورثاءُ الملوكِ، ورثاءُ المدُنِ.
هذا، وترتبطُ بالرثاءِ ثلاثة مصطلحاتٍ بارزةٌ، وهيَ:
النَّدبُ: وهو البكاء أثناءَ احتضارِ الميتِ، أوْ بعد وفاتِهِ.
التّأبين: وهو ذكر الميت وتعداد خصاله الحميدة في جمع من الناس، وهو نوعٌ منَ التكريمِ للميت.
العزاء: هو التفكيرُ في ما وراءَ الموتِ، والتأمل في الموتِ والحياة.
اشتهر على مر التاريخ العربي عدد منَ الشعراء الذينَ أجادوا فنَّ الرّثاء، وأبرزُهُم: الخنساء، ابو ذؤيبٍ الهذَلي، مالك بن الريب، ابن الرومي، أبو العتاهية، المعرّي.
*46*
الخنساء (مصادر ومراجع للتوسع: الحوفي، عبد السّلام. شرح ديوان الخنساء. بيروت: دار الكتب العلمية، د.ت؛ عبد الرحمن، عائشة، الخنساء. مصر: دار المعارف، د.ت؛ حمّود، محمّد. الخنساء شاعرة الرّثاء. بيروت: دار الفكر اللبناني، 1993؛ شيخو، لويس، أنيس الجلساء في شرح ديوان الخنساء. بيروت: المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيّين، 1888).
قَذَّى بعَينِكِ
1. قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ (مرض في العين يورثها الاحمرار والحرقة كالرمد) أَم ذَرَفَت (قطرت قطرا متتابعاً) إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ
2. كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ
3. تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى (الدامعة) وَقَد وَلَهَت (حزنت) وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ
4. تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ (منكسرة ضعيفة، فهي مقصرة في إيفائه حقه)
5. تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها إِذ رابَها (أصابها بسوء) الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ
6. وَما عَجولٌ (الناقة الثاكل لولدها) عَلى بَوٍّ (ولد الناقة الذي يموت، فيؤخذ جلده ويحشى ويدنى من أمه فتظنه ولدها، فترأمه. يفعلون ذلك لتبقى تدرّ اللبن) تُطيفُ بِهِ (أحاط به ودار حوله) لَها حَنينانِ إِعلانٌ وَإِسرارُ
7. يَوماً بِأَوجَدَ مِنّي يَومَ فارَقَني صَخرٌ وَلِلدَهرِ إِحلاءٌ وَإِمرارُ
8. وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ
*47*
9. وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ (كثير الذبح)
10. جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ
الخنساء (ت. 24 ه / 644 م)
هي تماضر بنت عمرو السلمية، من بني سليم.
شاعرة مخضرمة من أشهر شواعرِ العرب، أدركتِ الإسلام فأسلمت.
أكثر شعرها وأجوده في رثائها لأخويها صخر ومعاوية، فرثتهما بقصائدَ عدةٍ، وبكتْهُما حتّى فقدت بصرَها. وكان لها أربعة أبناء شهدوا حرب القادسيّةِ، واستشهدوا جميعًا.
في شعرها عاطفة متوقدة.
مقارنات وتلميحات
- البيت 1: الغاية من أسلوب الاستفهامِ.
- البيت 2: التّشبيهُ وأركانه.
- الأبيات 3-5: دلاليّة التكرارِ للفعلِ "تبكي".
- البيتان 6-7: التّضمينُ، الصّورة الشعرية، العادة البدويّةُ.
- الأبيات 8-10: مناقب الفقيد وأهميتها في المجتمع البدوي.
- الأبيات 3-10: عناصرُ شعر الرّثاءِ.
*48*
أسئلة لأعمال
1. استخرج خمسة من التعابير المأساويّةِ الواردةِ في النّصِّ.
2. استخرج منَ النص خمسة أسماءٍ جاءت على صيغةِ المبالغة، واشرحْ مدلولاتِها.
3. تدمج الشاعرة بين أسلوب التشبيه واستخدام المبالغة في البيتِ الثّاني، اشرحِ البيتَ مبيّنًا ذلك.
4. لماذا تستخدمُ الشاعرةُ التّكرارَ في الأبياتِ 3-5؟
5. ما التّقليدُ الدّارج في حياةِ الباديةِ المشارُ إليهِ في البيتِ السّادسِ؟
6. اشرحِ الصورةَ الشعريّةَ في البيتين السادس والسّابع، مبيّنًا المقارنة التي تعقدُها الشاعرة بينها وبينَ العجولِ.
7. بين التضمين في البيتين السّادس والسّابع؟
8. ما موقف الشاعرة من الدهر كما يظهرُ ذلك في البيتِ السّابع؟ وما نظرة الشعراء الأقدمينَ بصورةٍ عامةٍ إلى الدّهرِ؟
9. ما هي مناقب صخرٍ الواردةُ في الأبياتِ 8-10؟
10. بيّن أثر استخدامِ الشاعرةِ لأسلوب التكرار في البيتين الثامن والتّاسعِ.
11. ما هيَ أبرزُ عناصر قصيدةِ الرّثاءِ الظاهرةِ في النّصِّ؟
*49*
عمر بن أبي ربيعة (مصادر ومراجع للتوسع: شامي، يحيى. عمر بن أبي ربيعة. بيروت: دار الفكر العربيّ، 1992؛ ناصيف، إميل. عمر بن أبي ربيعة. طرابلس: منشورات جروس جروب، 1992؛ فرحات، يوسف. شرح ديوان عمر بن أبي ربيعة. بيروت: دار الجيل، 1992؛ عودة، خليل. صورة المرأة في شعر عمر بن أبي ربيعة. بيروت: دار الكتب العلمية، 1988).
قال لي صاحبي
1. قال لي صاحبي، ليعلم ما بي: أتحبُّ القتولَ (صيغة مبالغة من "قتل"، ومعناه هنا قاتلة الرجال بجمالها) أختَ الربابِ؟
2. قُلْتُ: وَجْدِي (شدة الهيام والتعلق بالمحبوب) بِهَا كوَجْدِكَ بِالماءِ، إذا ما منعتَ بردَ الشرابِ
3. منْ رسولي إلى الثريا (الثريا بنت علي إحدى الشريفات، معروفة بالحسن والجمال، كانت إحدى معشوقات عمر بن أبي ربيعة) بأنّي ضِقْتُ ذَرْعاً بِهَجْرِها والكِتَابِ (قسما بالقرآن)؟
4. أزهقتْ أمُّ نوفلٍ إذْ دعتها مُهْجَتي (أهلكت روحي) ما لِقَاتِلي مِنْ مَتَابِ
5. حين قالت لها: أجيبي، فقالت: من دعاني؟ قالتْ: أبو الخطاب (كنية الشاعر، إذ أنه ولد ليلة قتل الخليفة عمر بن الخطاب، فكنّي بذلك)
6. أبرزوها مثلَ المهاةِ (البقرة الوحشية) تهادى (تتهادى: تتمايل في مشيتها)، بين خَمسٍ كواعِبٍ (الناهد، المرتفعة الثدي) أترابِ (متماثلات بالجيل)
7. فأجابتْ عند الدعاءِ كما لبّى (نطق بالتلبية) رِجَالٌ يَرْجُونَ حُسْنَ الثَّواب
*50*
8. وهي مكنونة ٌ (مستورة مصونة) تحيَّرَ (تحير منها ماء الشباب: تحركت فيها النضارة) منها، في أديمِ الخديّنِ، ماءُ الشبابِ
9. وتكنفنها (أحطن بها) كواعبُ بيضٌ، واضحاتُ الخدودِ، والأقرابِ (جمع قرب، وهي الخاصرة)
10. ثُمَّ قَالُوا: تُحِبُّها؟ قُلْتُ: بَهْراً (كثيراً، عجباً) عَدَدَ النَّجْمِ وَالحَصَى والتُّرَابِ!
11. حِينَ شَبَّ القَتُولَ (يقصد العيون القاتلة) والجِيدَ (العنق) مِنْها حسنُ لونٍ (زادها جمالاً) يرفُّ (يتلألأ) كالزِّريابِ (الذهب السائل)
12. أذكرتني من بهجة ِ الشمسِ، لما طَلَعَتْ مِنْ دُجُنَّة ٍ (الغيمة المظلمة السوداء) وَسَحَابِ
13. فَارْجَحَنَّتْ (اهتزت وتمايلت) في حُسْنِ خَلْقٍ عَمِيمٍ (خلقة ضخمة، ممتلئة الجسد)، تتهادى في مشيها كالحُبابِ (الحيّة)
14. قلَّدُوها، مِنَ القَرَنْفُل والدُّرِّ، سِخَابًا، واهًا لَهُ مِنْ سِخَابِ (قلادة من قرنفل ودرر)
*51*
عمر بن أبي ولاعة (ت. 93 ه / 711 م)
هو عمر بن أبي ربيعة المخزومي، من قريش. شاعر أموي مشهور، كان كثيرَ الغزلِ والمجونِ، ويعتبر زعيم فن الغزل الصّريح في العصر الأموي. يكنى أبا الخطاب.
كان الشاعر وسيمًا، وَنشأ في أحضانِ أمِّهِ يساعدُها على إدارة أملاك أبيهِ الواسعة، وترعرعَ في كنفِ أمه، فأتيحَ لهُ الاختلاط بالنساء والجواري. تعمَق اهتمامُ الشاعر بالمرأةِ حتّى صار شاعر الغزل دون منازع، نسب إليه الغزل الصّريح وسمي "الغزل العمري". كان واحدًا من الشعراء المجدّدين الذين أعطوا القصيدة الغزلية ميزاتٍ فنية عدة كالقص والحوار وترقيق الأوزانِ الصّالحةِ للغناءِ.
مقارنات وتلميحات
- البيت 1: أسلوب الحوار.
- البيتان 2-3: شدّة الشوق إلى المحبوبةِ.
- البيتان 4-5: أسلوب الاستفهام وتوظيفه.
- الأبيات 6-9: الصورة الحسّيّة للمحبوبة وصاحباتِها، التّناصُّ القرآنِيُّ.
- البيت 10: استخدام المبالغة في تصوير شدّةِ الحبِّ.
- البيتان 11-14: الصورة الحسّيّة لجمالِ المحبوبةِ.
*52*
أسئلة وأعمال
1. ما الدليل على ظاهرة تعدّد المحبوبات في النّصِّ؟
2. عدّدِ النساءَ اللواتي ذُكرت أسماؤهن في القصيدةِ، ثمَّ بين أيهنَّ يستأثر بالنصيب الأكبر منها.
3. أشر إلى موضعين من النص يظهر فيهما الحوارُ، وبين أهميتهُ فيهما.
4. أشر إلى موضعين يظهرُ فيهما أسلوب الاستفهام، وبيّنْ أهمّيّتَهُ فيهما.
5. بين التناص القرآني في البيتِ السادس (يرجع الطالب إلى سورة النبأ، الآية 33 (وكواعب أترابا).
6. استخرج منَ النّصِّ تعابيرَ تدلُّ على تأثر الشّاعرِ بالإسلام.
7. بيّنْ جمالَ المحبوبةِ كما وصفه الشّاعر في البيتِ الثامنِ.
8. بين ثلاثًا من صفاتِ صاحباتِ الثّريّا، اعتمادًا على البيتِ التّاسعِ.
9. يشبّهُ الشاعر محبوبته في سيرها بالأفعى في البيتِ الثالث عشر؛ اذكر رأيك في هذا التشبيهِ.
10. استخرج من النص ثلاثة ألفاظٍ غريبةٍ واذكر معانيها.
11. استخرج من النص ثلاثة من العناصر القصصيةَ الواردةِ في النص.
12. إيتِ بمثال من النص على كلٍّ ممّا يلي:
أ. الوصف الحسي.
ب. التّشبيه
*53*
*53*
1. مراجع للتوسع:
ضيف، شوقي. العصر العباسي الأول. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي. العصر العباسي الثاني. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي. الفن ومذاهبه في الشّعر العربي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي. الفن ومذاهبه في الشعر العربي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ بلاشير، د.ر. تاريخ الأدب العربيّ. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزيات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربيّ. القاهرة: دار نهضة معبر، د.ت؛ أمين، أحمد. ضحى الإسلام. القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، د.ت؛ حجاب، محمّد نبيه. معالم الشّعر وأعلامه في العصر العباسي الأول. القاهرة: دار المعارف، 1972؛ حسين الحاج، حسن. أعلام في الشعر العباسي. بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1993؛ حسين، طه. حديث الأربعاء. القاهرة: د.ن، 1968؛ مبارك، زكي. النثر الفني في القرن الرابع. صيدا: المكتبة العصرية، د.ت.
في العصر العباسي أصبحت الحواضر، كبغداد والكوفة والبصرة والشّام، مركزَ الثقافةِ الشعريةِ بدلاً من البوادي. وفي هذا العصر حصل تراجع ما للشعر، نتيجة تطور الكتابة ونشاط حركة التأليف والترجمة والتزويقِ النثري البلاغيِّ، فتراجع الشعر السياسي والعقائدي والحماسي نوعا ما، بينما نشط حراك شعريٌّ قومي، تنافس فيه العرب والشعوبيون، كما أن الغزل العفيف تراجع بشكلٍ ملموسٍ، ونشط مكانة الغزل الصريح، الذي تنوعت أساليبه وتأثر بالحضارات الأجنبية، فصارَ أكثر فحشًا وبذاءةً عند بعض الشعراء، وارتبط بالمجون غاليا، وظهر الشعر الفلسفي، والشعر الصوفي، وشعرُ الزّهد، وذلك لظهور هذهِ التياراتِ في المجتمع العباسي الشديد التنوع. وصار الوصف أقرب إلى المادية، إذ صارت مظاهر العمران من قصور وبرك وأطعمة وأشربةٍ وحدائق وأوانٍ خاضعةٍ لوصف الشعراء وتفننهم فيه.
وفي هذا العصر تغيرت طبيعة القصيدةِ الكلاسيكية من حيث المبنى والألفاظ والأساليب والموسيقى، وذلك كما يلي:
- المبنى: لم يعدْ هناك مقدمة تقليديّة طلليّة ثابتة للقصيدةِ، بل كانت هناك دعوة لنبذ هذا التقليد في الشعر، ثم ما لبث الشعراء أن قللوا من هذهِ الظاهرةِ.
*54*
- الألفاظ: لانت ألفاظ الشّعر العباسي، وذلك لتأثر الشعراء بمظاهر الحضارة والمدنية، إذ أصبحَ مركز الشعر في قصور الخلفاءِ والأمراءِ، في أجواء حياةِ اللين والرّخاء، بعيدا عن أجواء شظفِ العيشِ وقسوةِ الباديةِ.
- الأساليب: توسع الشعراء في استخدام الأساليب البلاغية التي صارت هدفًا بحدّ ذاتِها، وجدّدَ بعض الشعراء في هذه الأساليب، كأبي العتاهية، وأبي تمام، وابن الرومي، والمتنبي.
- الموسيقا: تنوعت الأوزان الشعرية المستخدمة في هذا العصر، وظهرت الأوزان المجزوءة تعبيراً عن طابع الحياةِ الآخذِ في التمدن والرّفاهية، والملائمة لنظم المعارف والتفنن فيها، فظهرتِ الأراجيز ذات الطابع التعليمي، كألفيةِ ابن مالكٍ ومتنِ الآجروميّةِ.
ومعَ ذلك، حافظت قصائد عدّة على طابع القصيدةِ الأمويِّ، وإذ حرصَ الشعراء على هجر غريب الكلام والإمعان في الزخرفة اللفظيةِ.
*55*
البحتري (مصادر ومراجع للتوسع: البحتري. الديوان. بيروت: دار صادر، د. ت؛ الصولي، أبو بكر. أخبار البحتري. بيروت: دار الأوزاعيّ، 1987؛ الرّوضان، أحمد. البحتريّ: حياته من شعره. الرّياض: دار إشبيليا للنّشر والتّوزيع، 2003؛ المقدسيّ، أنيس. أمراء الشعر العربيّ في العصر العباسي. بيروت: دار العلم للملايين، 1983؛ التّطاوي، عبد الله. سينيّة البحتريّ: البعد النّفسي والمعارضة. القاهرة: دار غريب للطباعة والنّشر، 1995).
صُنْتُ نفسي
1. صُنْتُ نَفْسي عَمَّا يُدَنِّسُ نَفْسي وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا (عطاء) كُلِّ جِبسِ (لئيم)
2. حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهتُ إِلى أَبيَضِ المَدائِنِ (إيوان كسرى في المدائن) عَنسي (النّاقة القويّة)
3. أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ وَآسى (أتعزّى) لِمَحَلٍّ مِن "آلِ ساسانَ" دَرسِ (انمحت آثاره)
4. أَذكَرتِنيهُمُ الخُطوبُ (المصائب) التَوالي وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ وَتُنسي
5. وَهُمُ خافِضونَ في ظِلِّ عالٍ مُشرِفٍ يَحسِرُ (يتعب البصر) العُيونَ وَيُخسي (مخففة من يخسىء: يُتعب)
6. لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللَيالي جَعَلَتْ فيهِ مَأتَمًا بَعْدَ عُرْسِ
7. وَهوَ يُنْبيكَ عَن عَجائِبِ قَومٍ لا يُشابُ البَيانُ فيهِم بِلَبسِ (عموض)
8. وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ "أَنْطاكِيَّةَ اِرتَعتَ بَيْنَ "رومٍ" "وَفُرسِ"
*56*
9. وَالمَنايا مَواثِلٌ (الموت حاضر)، "وَأَنوشِر وانُ" يُزجي (يسوق بلطف) الصُفوفَ تَحتَ الدِّرَفْسِ (العلم الكبير)
10. وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَدَيهِ في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغماضِ جَرسِ (الصوت الخفي)
11. مِن مُشيحٍ (المتحرك بحذر وخفة) يَهوى بِعامِلِ رُمحٍ (صدره دون السّنان)، وَمُليحٍ (ملوح ومحرك) مِنَ السِنانِ بِتُرسِ
12. تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحياءٍ لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ
13. يَغتَلي فيهِم ارتِيابيَ حَتّى تَتَقَرّاهُمُ (تتبع) يَدايَ بِلَمسِ
14. وَكَأَنَّ "الإيوانَ" مِن عَجَبِ الصَنعَةِ جَوبٌ (تُرس) في جَنْبِ أَرعَنَ (الأنف العظيم في الجبل) جِلسِ (الجبل)
15. لَيسَ يُدرى أَصُنعُ إِنسٍ لِجِنٍّ سَكَنوهُ أَم صُنعُ جِنٍّ لِإِنسِ
16. عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهرًا فَصارَت لِلتَعَزّي رِباعُهُم وَالتَأَسّي
*57*
البحتريّ (ت. 284 ه / 897 م)
الوليد ين عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري.
شاعر كبير، اشتهر بالوصفِ. وُصفَ شعرُهُ "سلاسل الذهب"، وهو أحد الثلاثة الّذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، وهم المتنبّي وأبو تمام والبحتريُّ ولد بمنبج بينَ حلب والفرات ورحلَ إلى العراقِ فاتصل بجماعةٍ منَ الخلفاء، أوّلهم المتوكل العباسي.
توفّيَ بمنبج. له كتابُ الحماسةِ، على مثال حماسة أبي تمام.
مقارنات وتلميحات
- البيت 1: فخرُ الشّاعر.
- البيتان 2-3: سبب زيارةِ الشاعر للإيوانِ.
- الأبيات: 3-5: استذكار أخبارِ آلِ ساسانَ من خلاف زيارةِ قصرهم.
- الأبيات 6-8: وصفٌ مادّيٌّ للإيوانِ.
- الأبيات 8-13: استحضارُ مشاهدَ عسكريةٍ لحروبِ السّاسانيّينَ.
- البيتان: 14-15: الانبهارُ بعجيبِ بناءِ وهندسةِ الإيوانِ.
- البيت 16: تأثير الإيوانِ في نفس الشّاعر المضطربةِ.
*58*
أسئلة وأعمالٌ
1. بماذا يفخرُ الشاعرُ في البيتِ الأوّلِ؟
2. ما أثرُ تكثيفِ استخدامِ حرفِ "السّينِ" في النَّصِّ على موسيقى البيتِ الأوّلِ؟
3. ما هيَ وسيلةُ سفرِ الشّاعرِ إلى الإيوانِ كما يذكرُ في البيتِ الثّاني؟ استخرجْ منَ البيتِ لفظتيْنِ من عالم الباديةِ تدلاّن على ذلك.
4. ما سببُ زيارةِ الشّاعرِ للإيوانِ كما يبيّنُ لنا في البيتينِ الثاني والثّالثِ؟
5. استخرج الطباق منَ البيتِ الرّابعِ.
6. يقارنُ الشّاعرُ في البيتين الرّابعِ والخامسِ بينَ حياةِ آلِ ساسانِ في فترتينِ زمنيتينِ، فما الذي يقولُهُ حولَ ذلكَ؟
7. استخرج أسماءَ الأعلامِ الواردةَ في النّصِّ، وابحث عن المقصود من كلٍّ منها.
8. وردت لفظتا "المأتمِ" و "العرسِ" في البيتِ السادس. ما العلاقة بينَ اللَّفظتين؟ وعلامَ تدل كل منهما فيما يتعلق بتاريخِ الإيوانِ؟
9. ما نظرة الشّاعر إلى الزّمنِ في البيتِ السّادسِ؟ وكيفَ تتوافق نظرته معَ نظرةِ الشّعراءِ العربِ الكلاسيكيينِ إلى الزّمنِ؟
10. أينَ يظهرُ الوصفُ الحسّيُّ للآثار المعمارية والفنية الفارسية؟ وما الآثار التي يصفُها الشّاعرُ؟
*59*
11. ارسمْ بكلماتك صورة وصفية لمعارك آل ساسان ضدَّ الروم تنعكس من الأبيات 8-13.
12. يستخدم الشاعر حاسّتين من حواسه لتجسيد اللوحةِ الْتي يصفها في البيتينِ الثاني عشر والثالث عشر، بين ما هما هاتان الحاسّتانِ؟
13. أيُّ ألفاظِ البيتين الرّابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ تشيرُ إلى انبهار الشاعر بصنعةِ الإيوان وهيئتِهِ؟
14. ما الّذي يأخذه الشاعر من زيارتِهِ للقصرِ وتأمّلِهِ فيه في البيتِ السّادسَ عشرَ؟
15. أي ألفاظ النص تجدها غريبةً وتحتاجُ إلى معجم لمعرفةِ مدلولاتِها؟
16. بيّنِ الأساليبَ البلاغيّةَ في العبارتينِ التّاليتينِ:
أ. "تذكرُ الخطوبُ وتنسي" (البيت 4)
ب. "مأتمًا بعدَ عرسِ" (البيت 6)
17. أشرْ إلى الأبياتِ المدوّرةِ في النّصِّ، مبّينًا التدويرَ فيها.
18. استعنْ بشبكةِ الإنترنت لشرحِ السّياقِ التّاريخيِّ المتعلّقِ بإيوان كسرى كما يظهرُ في أبياتِ "البوصيري" التالية، مشيراً إلى صلتِها بدلائلِ نبوّةِ الرّسولِ محمّد (صلى الله عليه وسلم):
ابان مولده عن طيب عنصره بأطيب مبتدأَ منه ومخختمِ
يوم تفرس الفرس أنهم قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
وبات إيوان كسرى وهوَ منصدع كشمل أصحاب كسرى غيرَ ملتَئمِ
*60*
أبوم تمّام (مصادر ومراجع للتوسع: المقدسي، أنيس. أمراء الشعر العربي في العصر العبّاسي. بيروت: دار العلم للملايين، 1983؛ الخطيب التبريزي، شرح ديوان أبي تمام. القاهرة: دار المعارف 1965؛ النّجدي، ناصف. دراسة في حماسة أبي تمام. القاهرة: دار النهضة، د.ت؛ خمّاس، عبد الغني. أبو شاعرًا مجدّدا. بغداد: مكتبة النّهضة، 1988؛ أبو حمدة، محمّد. في التذوق الجماليّ لقصيدة أبي تمام الطائي في فتح عمورية. بيروت: دار الجيل، 1984).
السّيفُ أصدقُ
1. السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ
2. بيضُ الصَّفائحِ (السيوف) لاَ سودُ الصَّحائفِ (كتابات المنجمين) في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ
3. والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة ً بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ (الجيش) لا في السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ (الكواكب السبعة)
4. أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ
5. وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ (الداهية من شدائد الدهر) مُظْلِمَة ٍ إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ (المذنب الذي يرتبط بتوقع أحداث سيئة)
6. وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبة ً مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ (متغيرة وثابتة)
7. يَا يَوْمَ وَقْعَة ِ عَمُّوريَّة َ (مدينة في شمال شرق سوريا) انْصَرَفَتْ منكَ المُنى حُفَّلاً (حافلة مليئة) معسولة الحلبِ (حلوة المذاق)
8. لقد تركتَ أميرَ المؤمنينَ بها للنَّارِ يوماً ذليلَ الصَّخرِ والخشبِ
*61*
9. غادرتَ فيها بهيمَ اللَّيلِ (سواده) وهوَ ضُحى ً يَشُلُّهُ (يطرده) وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ
10. حتَّى كأنَّ جلابيبَ الدُّجى رغبتْ عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ
11. ضوءٌ منَ النَّارِ والظَّلماءُ عاكفة ٌ وظُلمة ٌ منَ دخان في ضُحى ً شحبِ
12. تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنْتَقِمِ للهِ مرتقبٍ في الله مُرتغبِ
13. لوْ لمْ يقدْ جحفلاً، يومَ الوغى، لَغَدَا مِنْ نفسهِ، وحدها، في جحفلٍ لجبِ (كثير العدد والجلبة)
14. رمى بكَ اللهُ بُرْجَيْها فهدَّمها ولوْ رمى بكَ غيرُ اللهِ لمْ تصبِ
15. تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى (منطقة اشتهرت بكثرة الأسود) نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
16. بصُرْتَ بالرَّاحة ِ الكُبرى فلمْ ترها تُنالُ إلاَّ على جسرٍ منَ التَّعبِ
17. إن كان بينَ صُرُوفِ الدَّهرِ (مصائبه) من رحمٍ موصولة ٍ أوْ ذمامٍ (الحرمة والعهد) غيرِ مُنقضبِ (مقطوع)
18. فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا وبَيْنَ أيَّامِ بَدْر أَقْرَبُ النَّسَبِ
*62*
أبو تمّام (ت. 188 ه / 845 م)
هوَ حبيت بن أوسِ الطائي، أحد أكبر شعراء ونقاد العصر العباسي، ولدَ في حورانَ في الشام، وانتقل إلى مصرَ، ثمَّ استقدمه الخليفة المعتصم فأجازه على شعراءِ عصره. تولّى بريدَ الموصل. كانَ والدُهُ نصرانيًّا اعتنقَ الإسلامَ، ووصل نسبهُ بقبيلة طيء.
في شعرهِ قوة وجزالة، وضعَ تصانيف عدةُ منها: ديوان الحماسة، الوحشيات وغيرها. وهو يعتبرُ رائدًا من روّاد مدرسةِ البديعِ، فقد اهتمَّ بالمعاني في شعرِهِ.
وضعَ "الصولي" كتابًا كاملاً فيه أسماه "أخبار أبي تمام". تطرق فيه إلى تفاصيل حياتِهِ وأخبارهِ.
مقاربات وتلميحات
- الأبيات 1-3: موقفُ الشاعر من كتاباتِ المنجّمين في احتماليّات النصر والهزيمة ومقارنتها بالسيف والرمح.
- الأبيات 4-6: سخريه الشاعر منَ المنجمين.
- الأبيات 7-11: الصور الشعرية المجسّدة لنصر جيش المعتصم ووصفِ عمورية.
- البيت 12: الموسيقى الدّاخليّةُ.
- الأبيات 12-18: مدحُ المعتصم.
- البيت 15: السّخرية من الأعداء.
- البيتان 17-18: إسباغ ثوب الرّوحانية على النصر، التضمينُ.
*63*
أسئلةٌ وأعمالٌ
1. ما موقف الشّاعر منَ المنجمين على ضوء الأبياتِ الثلاثةِ الأولى؟
2. ما هيَ العلاقة الدلالية بين لفظةِ "الخميس"، الواردةِ في البيتِ الثّالثِ، ومعناها؟
3. ما غاية الاستفهام في البيتِ الرابعِ؟
4. كيف يسخرُ الشاعرُ منَ المنجّمين في البيتين الرابع والخامس؟
5. ما المقصودُ "الأبرج العليا" في البيتِ السادسِ؟
6. اشرح الاستعارةَ في البيت العاشر.
7. اشرح المقابلة في البيتِ الحادي عشرَ.
8. استخرج من النص خمسة مواضعَ يظهرُ فيها الطّباق، مبيّنًا دلالاتِ استخدامِهِ فيها.
9. اشرح البيتَ العاشرَ واقفا على التّشبيه وأركانه الواردةِ فيهِ.
10. بماذا يمدحُ الشاعر الخليفةَ المعتصمَ في الأبياتِ 12-14؟
11. اشرح البيتَ الثالث عشر مبينًا المبالغة الواردة فيهِ.
*64*
12. كيف يسخرُ الشاعر منَ المنجمين في البيتِ الخامسَ عشرَ؟ وما هيَ أركانُ التّشبيهِ الواردةُ فيهِ؟
13. يحيط الشاعر الخليفة بهالةٍ منَ الروحانيّة والورَعِ، بيّنْ كيفَ يعبّرُ البيتانِ السابع عشرَ والثامنَ عشر عن ذلك.
14. كيفَ ينعكس التضمينُ في البيتينِ السّابعَ عشرَ والثامنَ عشرَ؟
15. أيُّ معلوماتٍ تاريخيّةٍ يمكن استشفافُها منَ النص حول معركةِ عموريّةَ؟
16. أشر إلى الموسيقا الدّاخلية في البيتِ الثاني عشرَ، مبينًا تأثيرها في البيتِ.
17. ما رأيك في الاستعانة بالمنجمين لاستطلاع فرص النجاحِ والتوفيق في مجالاتِ الحياة المختلفةِ؟
*65*
أبو فراس الحمدانيّ (مصادر ومراجع للتوسع: الحايك، منذر. أبو فراس الحمداني، رحلة الحياة ومسيرة الموت. دمشق: دار علاء الذين، 2000؛ فرحات، يوسف شكري. شرح ديوان أبي فراس الحمداني. بيروت: دار الجيل، 1993؛ الحر؛ عبد المجيد. أبو فراس الحمداني: شاعر لوجدانية والبطولة والفروسية. بيروت: دار الفكر العربي، 1996؛ عبد الجابر، محمود. الشعر في رحاب سيف الدّولة الحمداني. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1981.
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ (مناسبة القصيدة أن ابا فراس وقع في أسر الروم، وضاقت به الحال وهو في السجن، فاشتاق إلى أهله وعشيرته، وتغنى بالحبّ وفخر بالشجاعة).
1. أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ أَما لِلهَوى نَهيٌ عَلَيكَ وَلا أَمرُ؟
2. بَلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ وَلَكِنَّ مِثلي لا يُذاعُ لَهُ سِرُّ!
3. إِذا اللَيلُ أَضواني (أضعفني) بَسَطتُ يَدَ الهَوى وَأَذلَلتُ دَمعاً مِن خَلائِقِهِ الكِبرُ
4. مُعَلِّلَتي (ألهى به، وعدَ به) بِالوَصلِ وَالمَوتُ دونَهُ إِذا مِتَّ ظَمآناً فَلا نَزَلَ القَطرُ!
5. وَفَيتُ وَفي بَعضِ الوَفاءِ مَذَلَّةٌ، لِإِنسانَةٍ في الحَيِّ شيمَتُها (صفة وطبيعة) الغَدرُ
6. تُسائِلُني: مَن أَنتَ؟ وَهيَ عَليمَةٌ وَهَل بِفَتىً مِثلي عَلى حالِهِ نُكرُ؟
7. فَقُلتُ كَما شاءَت وَشاءَ لَها الهَوى: قَتيلُكِ! قالَت أَيَّهُم؟ فَهُمُ كُثرُ
8. فَقُلتُ لَها لَو شِئتِ لَم تَتَعَنَّتي (سأل شيئاً فيه لبس ومشقة)، وَلَم تَسأَلي عَنّي وَعِندَكِ بي خُبرُ!
9. فَقالَت لَقَد أَزرى بِكَ الدَهرُ بَعدَنا، فَقُلتُ مَعاذَ اللَهِ بَل أَنتِ لا الدَهرُ
10. أَسِرتُ وَما صَحبي بِعُزلٍ لَدى الوَغى، وَلا فَرَسي مُهرٌ وَلا رَبُّهُ غَمرُ
*66*
11. وَلَكِن إِذا حُمَّ القَضاءُ عَلى اِمرِئٍ فَلَيسَ لَهُ بَرٌّ يَقيهِ وَلا بَحرُ
12. وَقالَ أُصَيحابي: الفِرارُ أَوِ الرَّدى؟ فَقُلتُ هُما أَمرانِ أَحلاهُما مُرُّ
13. وَلَكِنَّني أَمضي لِما لا يُعيبُني، وَحَسبُكَ مِن أَمرَينِ خَيرَهُما الأَسرُ
14. يَقولونَ لي بِعتَ السَلامَةَ بِالرَدى (الهلاك، الموت) فَقُلتُ أَما وَاللَهِ ما نالَني خُسرُ
15. سَيَذكُرُني قَومي إِذا جَدَّ جِدُّهُم (سعوا جادين)، وَفي اللَيلَةِ الظَلماءِ يُفتَقَدُ البَدرُ
16. وَنَحنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِندَنا، لَنا الصَدرُ دونَ العالَمينَ أَوِ القَبرُ
17. تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا؛ وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها (لم يجد مهرها غالياً) المَهرُ
أبو فراس الحمداني (ت. 320 ه / 967 م)
الحارث بن سعيدٍ التغلبيّ، شاعرٌ وأميرٌ، ابنُ عمِّ سيفِ الدولة. ولدَ بالموصلِ لأب عربي وأمٍّ رومية. وقتل أبوه وهو بعد صغير، فربّاه سيف الدّولة، وتربى تربية عسكرية، فنشأ فارسًا ومقاتلاً. ولاه سيف الدولة على "منبج" و "حرّان". وقعَ في أسر الرّومِ مرّتيْنِ) وافتداهُ سيف الدّولةِ.
اشتهرَ بشعرِ الغزلِ والإخوانيّاتِ، وأشهرُ قصائدِهِ "الرّومياتُ". قتل بسببِ صراعٍ على السلطةِ.
*67*
- البيتان 1-2: الاستفهام وجوابة؛ السائل والمجيب. أسلوب التّجريد.
- البيت 3: اعترافُ الشّاعر ببكائِه: أضعف هو أم قوةٌ؟
- البيت 4: صعوبة اللقاءِ بالمحبوبةِ.
- البيت 5: حقيقة مشاعر الشّاعر تجاهَ وفائِهِ لمحبوبتِهِ.
- الأبيات 6-8: الحوارُ مَع المحبوبةِ، والغايةُ منهُ.
- الأبيات 9-17: وصف بطولة الشاعر في مجال الفروسية، الأسلوب القصصيُّ وعناصره، الفخر.
أسئلة وأعمال
1. من السائل ومن المجيب في البيتين الأول والثاني؟
2. ما نوع الاستفهام في البيتِ الأوّل؟ وما غايتُهُ؟
3. كيفَ ترتسم لك صورة الشاعر في البيتِ الثالث حينَ تحدّث عن بكائِهِ؟
4. قارن بين صورة العاشق (الشّاعر) وصورةِ المعشوقةِ كما تنعكسُ لكَ من الأبيات 1-9، مبيّنًا التناقض في نظرةِ المحبوبين؛ كلٍّ منهما للآخرِ.
5. استخرج منَ النص ثلاثة تعابيرَ تعكس ملامحَ الغزلِ العفيف واشرحْها.
6. استخرج التعابير الموحيةَ بالحزنِ والمأساةِ منَ الأبيات 1-5.
*68*
7. يظهر الحوارُ في مجموعتين من الأبياتِ في النص، حدِّد هاتين المجموعتين، ثم بين أطراف الحوار والغاية منه في كلٍّ منهما.
8. يظهر الأسلوب القصصي في الأبياتِ 14-10، استخرج ثلاثة من عناصر هذا الأسلوب.
9. كيف يبرر الشاعر سقوطة في الأسر على ضوء البيتين العاشر والحادي عشر؟
10. ما دلالة استخدام الشّاعر لفظة "أصيحابي" في البيت الثاني عشر؟
11. ما رأيك في سلوكِ الشاعر في الوقعةِ المشار إليها في الأبياتِ 10-17؟ هل تؤيد أمْ لا؟
12. يذكر الشاعر صفاتٍ يفخر بها. اذكر هذهِ الصفاتِ وأشرْ إلى مواضعِ ورودِها في النّصِّ.
13. وردَ التعبير "لا توسط عندنا" في البيت السادس عشر. فما المقصود منه؟ وهل تؤيد هذا المبدأ ليكون منهج حياةٍ؟
14. يحمل البيتُ السابع عشر طابعَ الحكمةِ. اشرحْ مضمونَ البيتِ مع ربطه بأمثلةٍ مناسبةٍ منْ واقع الحياة.
15. بين موضعين في النص يظهر لك فيهما اعتداد الشّاعر بنفسِهِ.
16. استخرج منَ النّصِّ مثالاً على كلٍّ ممّا يلي:
أ. الاستفهام البلاغيّ
ب. أسلوب النّفي
ج. أسلوب النفي
د. الطّباق
ه التّصريع
*69*
الشريف الرضي (مصادر ومراجع للتوسع: عباس، إحسان. الشريف الرضي. بيروت: دار صادر، 1959؛ مبارك، زكي. عبقرية الشريف الرضي. القاهرة: مطبعة حجازي، 1952؛ عمران، عبد اللطيف. شعر الشريف الرضي ومنطلقاته الفكرية. دمشق: دار الينابيع، 2000؛ شرارة، عبد اللطيف. الشريف الرضي. بيروت: الشركة العالمية للكتاب، 1993).
يا ظبيةَ البانِ
1. يا ظَبيَةَ البانِ (شجر طيب الرائحة يمتاز بأغصانه الرفيعة المستوية) تَرعى في خَمائِلِهِ (الأرض اللينة الملتفة الشجر) لِيَهنَكِ (تخفيف ليهنئك) اليَومَ أَنَّ القَلبَ مَرعاكِ
2. الماءُ عِندَكِ مَبذولٌ لِشارِبِهِ وَلَيسَ يُرويكِ إِلّا مَدمَعي الباكي
3. هَبَّت لَنا مِن رِياحِ الغَورِ (الرياح القادمة من بلاد تهامة في شبه جزيرة العرب) رائِحَةٌ بَعدَ الرُقادِ عَرَفناها بِرَيّاكِ
4. ثُمَّ اِنثَنَينا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ عَلى الرِحالِ تَعَلَّلنا بِذِكراكِ
5. وَعدٌ لِعَينَيكِ عِندي ما وَفَيتِ بِهِ يا قُربَ ما كَذَبَت عَينيَّ عَيناكِ
6. حَكَت لِحاظُكِ ما في الريمِ مِن مُلَحٍ يَومَ اللِقاءِ فَكانَ الفَضلُ لِلحاكي (المقلد، المشابه)
7. أَنتِ النَعيمُ لِقَلبي وَالعَذابُ لَهُ فَما أَمَرُّكِ في قَلبي وَأَحلاكِ
8. عِندي رَسائِلُ شَوقٍ لَستُ أَذكُرُها لَولا الرَقيبُ لَقَد بَلَّغتُها فاكِ
9. هامَت بِكِ العَينُ لَم تَتبَع سِواكِ هَوىً مَن عَلَّمَ البَينَ أَنَّ القَلبَ يَهواكِ
*70*
10. يا حَبَّذا نَفحَةٌ (فوح الطيب) مَرَّت بِفيكِ لَنا وَنُطفَةٌ (القليل من الماء) غُمِسَت فيها ثَناياكِ (جمع ثنية وهي الأسنان الأربع التي في مقدمة الفم)
11. وَحَبَّذا وَقفَةٌ وَالرَكبُ مُغتَفِلٌ (على غفلة ويروى أيضًا: معتقل، أي مشدود الرأس إلى الذراع، فلا يستطيع التحرك) عَلى ثَرىً وَخَدَت (أسرعت المطية في سيرها) فيهِ مَطاياكِ
12. لَو كانَتِ اللِمَّةُ (شعر الرأس) السَوداءُ مِن عُدَدي (جمع عدة، وهي العتاد) يَومَ الغَميمِ (وادٍ قريب من مكة) لَما أَفلَتِّ أَشراكي (جمع شرك، وهو الفخ أو المصيدة)
الشريف الرضى (ت. 406 ه / 1015 م)
محمد بن الحسينِ الرّضي العلوي. ملقبٌ بالشريف الرضي. ولد في بغداد، وتلقى العلومَ على علمائِها. مدحَ بعض الخلفاء الذين عاصرهم. كان شيعيًّا، عملَ نقيباً للطالبين. له ديوان شعرٍ؛ وكتابُ نهجِ البلاغةِ" في أقوالِ الخليفةِ عليِّ بن أبي طالب، وكتابُ "مجازِ القرآنِ"، وغيرها.
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: أسلوب النداء، المخاطب.
- البيت 2: الكناية، رقة الألفاظِ.
- الأبيات 3-6: توظيف الحواس.
- البيت 7: تناقض موقف الشاعر من محبوبته.
- البيت 8: موانع التواصل معَ المحبوبةِ.
- البيت 9: الإخلاص للمحبوبة.
*71*
- البيت 10: عناصر الغزلِ الحسّيِّ.
- البيتان 10-11: التكرارُ، المدحُ، مشاعر الشوقِ.
- البيت 12: أسلوبُ التمني، الإشارة إلى عمرِ الشاعر.
أسئلة وأعمال
1. من أو ما المخاطب في البيت الأوّلِ؟ ومن المقصود بالخطاب؟
2. ما العلاقة بينَ "ظبيةِ البانِ" و "مرعاك" الواردين في البيت الأوّلِ؟ وكيفَ يربط الشاعر بينهما؟
3. ما المشترك بين ألفاظ "الماء" و"شاربه" و "يرويك"، الواردةِ في البيتِ الثاني؟ وكيفَ يربط الشاعر هذِهِ الألفاظ بالتعبير "مدمعي الباكي"؟
4. بين الكناية في البيتِ الثاني.
5. ما هي الحواس التي يوظفها الشاعر في الأبياتِ 3-6؟
6. بين ملمحين من ملاح الغزل العفيف (العذري) تجدهما في النص.
7. بين ملمحين من ملامح الغزلِ الحسيِّ (الصريح) تجدُهما في النص.
*72*
8. هل يبدو الشاعر راضيا أم غير راضٍ من عشقه في البيت السابع؟
9. ما المانع من تواصلِ الشّاعر مع محبوبته كما يشير إلى ذلك في البيتِ الثامن؟
10. اشرح الوصف الحسيَّ في البيتِ العاشر.
11. يكرر الشاعر لفظة "حبّذا" في البيتن العاشر والحادي عشر، فما معنى اللفظية؟ وما الغاية من تكرارها؟
12. يشير الشاعر في البيتِ الثاني عشر إلى العمر الذي بلغه يومَ الغميم، فما هو عمرُهُ حسبَ هذا البيتِ؟ وما تأثير ذلك على علاقته بمحبوبتهِ؟
13. قارن بين استخدام لفظة "يوم الغميم" في البيتِ الثاني عشرَ وبين بيت النابغة الدبيانيِّ التّالي:
كأنّي وقد زالَ النهارُ بنا يومَ الجليل على مستأنِسٍ وحدِ
14. استخرج منَ النص مثالاً على كل من:
أ. الطباق
ب. الكناية
ج. الجناس
د. الاستعارة
*73*
المتنبي (مصادر ومراجع للتوسع: التبريزي. الموضح في شرح شعر أبي الطيب المتنبي. بغداد: دار الشؤون الثقافية العامّة، 2000؛ الخبّاز، محمد. صورة الآخر في شعر المتنبي. بيروت: المؤسسة العربية للدّراسات والنشر، 2009؛ قديد، ذياب. المتنبي بين الاغتراب والثورة. إربد: عالم الكتب الحديث، 2011؛ الحسن، نهى عارف. المتنبي: دراسة نفسية وأسلوبية. بيروت: دار العلم للملايين، 2003؛ اليازجيّ، ناصيف. العرف الطيب في شرح ديوان أبي الطيّب. بيروت: دار الأرقم، د.ت).
لكلِّ امرىءٍ
1. لكُلِّ اِمرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا وَعادَتُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا
2. هُوَ البَحرُ غُص فيهِ إِذا كانَ ساكِناً عَلى الدُرِّ وَاِحذَرهُ إِذا كانَ مُزبِدا (هائج)
3. تَظَلُّ مُلوكُ الأَرضِ خاشِعَةً لَهُ تُفارِقُهُ هَلكى وَتَلقاهُ سُجَّدا
4. وَتُحيِي لَهُ المالَ الصَوارِمُ (السيوف) وَالقَنا (الرّماح) وَيَقتُلُ ما يُحيِي التَبَسُّمُ وَالجَدا (العطاء)
5. وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا (يعترف بالجميل ويذكر المعروف)
6. إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا
7. وَوَضعُ النَدى (الكرم والعطاء) في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلى مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى
8. أَزِل حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بِكَبتِهِم فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَهُم لِيَ حُسَّدا
9. وَما أَنا إِلّا سَمهَرِيٌّ (نوع من الرماج) حَمَلتَهُ فَزَيَّنَ مَعروضاً وَراعَ (نشر الخوف) مُسَدَّدا (موجها إلى الأعداء، معدًّا للطعن)
*74*
10. وَما الدَهرُ إِلّا مِن رُواةِ قَصائِدي إِذا قُلتُ شِعراً أَصبَحَ الدَهرُ مُنشِداً
11. أَجِزني (امنحني الإجازة وأجزل في العطاء) إِذا أُنشِدتَ شِعراً فَإِنَّما بِشِعري أَتاكَ المادِحونَ مُرَدَّدا
12. وَدَع كُلَّ صَوتٍ غَيرَ صَوتي فَإِنَّني أَنا الصائِحُ المَحكِيُّ وَالآخَرُ الصَدى
13. تَرَكتُ السُرى (السير ليلاً) خَلفي لِمَن قَلَّ مالُهُ وَأَنعَلتُ أَفراسي بِنُعماكَ عَسجَدا (الذّهب)
14. وَقَيَّدتُ نَفسي (جعلتها تقيم ولا تبرح مكان إقامتها) في ذَراكَ (كنفك) مَحَبَّةً وَمَن وَجَدَ الإِحسانَ قَيداً تَقَيَّدا
15. إِذا سَأَلَ الإِنسانُ أَيّامَهُ الغِنى وَكُنتَ عَلى بُعدٍ جَعَلنَكَ مَوعِدا
المتنبّي (ت. 354 ه / 965 م)
من أشهر شعراء العرب قاطبة، ولد في الكوفة، وانتقل إلى الشام ومصر وفارس. لازم سيف الدولة الحمداني فترة، ثم مدح كافور الإخشيدي حاكم مصر، وبعد ذلك هجاه. مدح ابن العميد وعضد الدولة البويهي، ثم قتلَ في الطريق إلى بغداد.
يمتاز شعره بالقوة والجزالة، وتعدّدت أغراضه، لكنة برع في الفخرِ والحكمةِ، كما أنه يمتاز بالعمق والكبرياء.
لا شك أن المتنبي يعتبر ظاهرة مميزة للشعر العربي لفتت انتباهَ الدّارسين والباحثين، جمع إلى البراعةِ في النظم والبلاغة الشخصية الطموح ذات الكبرياءِ ونزعة الشعور بالعظمةِ.
*75*
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: التصريع، الحكمة، مدح الحاكم.
- الأبيات 2-4: مدح سيف الدولة.
- البيت 3: الطباقُ.
- الأبيات 5-7: الحكمة في التعامل مع أنواع الناس.
- البيت 5: الاستفهام البلاغي.
- البيت 6: المقابلة.
- البيت 8: تظلم المتنبي وعتابه.
- البيت 9: الولاء لسيف الدولة.
- البيت 10: الفخر.
- الأبيات 11-15: التقرب من الحاكم والولاء له من خلال الدّمج بينَ المدح والفخرِ.
أسئلة وأعمال
1. بين التصريع في البيت الأول.
2. استخرج الحكمة من البيت الأوّلِ، وبين علاقتها بصفةِ سيف الدولة.
3. يشبه الشاعر سيف الدولةِ بالبحر في البيت الثاني، فما وجه الشبه بينهما؟ بين ذلك مقارنا بين الحالتين اللتين يذكرهما الشاعر فيهِ.
*76*
4. استخرج الطباق منَ البيت الثالث مبينا الغاية منة.
5. ما هي أنواع الناس المذكورة في البيتين الخامس والسادس؟ وما الفرق بين طرق التعامل مع كل منها؟
6. أشر إلى الاستفهام البلاغي في البيت الخامس مبينا الغاية منه.
7. ما المقابلة في البيت السادس؟ اشرحها.
8. بين الخلل في التصرف الذي يشير إليهِ المتنبّي في البيتِ السّابعِ.
9. كيف يتظلم المتنبي من سيف الدولة في البيت الثامن؟ وكيف يظهر عتابه لهُ؟
10. يعبر الشاعر عن ولائه لسيف الدولة في البيتِ التّاسع. بين ذلك.
11. في أي جانب أو جوانب يفخر المتنبي بنفسه في الأبيات 10-12؟ وما علاقة حاسة السمع بما جاءَ فيها؟
12. ما موقف المتنبي من الشعراء الآخرين في البيتين الحادي عشر والثاني عشر؟
13. اشرح كيف يحاول الشاعر التقرب من سيف الدولة في الأبيات 13-15.
14. كيف يمكنك وصف شخصية المتنبي على ضوء النص؟
*77*
المتنبي
بمَ التّعلّلُ
1. بِمَ التَعَلُّلُ (التلهي) لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ
2. أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ
3. لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ ما دامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ
4. فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ (الماضي) الحَزَنُ
5. مِمّا أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ هَوُوا (أحبوا) وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا
6. يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ (مرتبط)
7. كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ ثُمَّ اِنتَفَضتُ (نهضت واقفا بسرعة) فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
8. قَد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قَولِهِمِ جَماعَةٌ ثُمَّ ماتوا قَبلَ مَن دَفَنوا
9. ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
10. رَأَيتُكُم لا يَصونُ العِرضَ جارُكُمُ وَلا يَدِرُّ عَلى مَرعاكُمُ اللَبَنُ
*78*
11. جَزاءُ كُلِّ قَريبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ وَحَظُّ كُلِّ مُحِبٍّ مِنكُمُ ضَغَنُ (حقد، كراهية)
12. وَتَغضَبونَ عَلى مَن نالَ رِفدَكُمُ (عطاءكم) حَتّى يُعاقِبَهُ التَنغيصُ وَالمِنَنُ
13. إِنّي أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ
14. وَلا أُقيمُ عَلى مالٍ أَذِلُّ بِهِ وَلا أَلَذُّ بِما عِرضي بِهِ دَرِنُ (ملطخ بالوسخ)
15. وَإِنْ بُليتْ بِوُدٍّ مثل وُدِّكُمُ فَإنِّني بِفراقٍ مثلِهِ قَمِنُ (جدير)
المتنبي (ت. 354 ه / 965 م)
(انظر ترجمته في الصفحة 74)
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: حالة الشاعر الاجتماعية والنّفسيّة، دلالة توظيف أسلوب النّفي.
- البيت 2: طموح المتنبي.
- البيتان 3-4: موقف الشاعر من أحداثِ الحياةِ.
- البيت 5: موقف الشاعر من عشاق الدّنيا.
- الأبيات 6-9: رد الشاعر على المروجين لخبر موته، والسخرية منهم.
- البيتان 10-12: هجاءٌ وتعريض بسيف الدّولةِ.
- البيتان 13-14: الفخرُ بالنّفسِ.
- البيت 15: الأنفة، والتعريض بالحاكمِ.
*79*
أسئلة وأعمال
1. بين الحالة الاجتماعيّةَ - النّفسية للشاعر كما يصفها في البيتِ الأوّل.
2. ما هو طموح المتنبّي، الّذي يصرح عنه في البيتِ الثّاني؟
3. ما موقف المتنبي من أحداثِ الحياة سرورًا وحزنًا، كما يبينها في البيتين الثالث والرّابعِ؟ وكيفَ يبرّرُ موقفَهُ هذا؟
4. ما رأيُ الشاعرِ فيمَن يعشق الدّنيا كما وردَ في البيتِ الخامس؟
5. ما رد الشاعر على من نشرَ إشاعة وفاتِهِ في الأبيات 6-9؟
6. اشرح الحكمة في البيت التاسع مبينا كيف وظفها الشاعر في الرّدّ على ناعيهِ.
7. بِمَ يهجو الشّاعرُ سيفَ الدولة في الأبياتِ 10-12؟
8. بين الأمور الّتي يفخرُ بها المتنبّي في البيتينِ الثّالثَ عشرَ والرّابعَ عشرَ.
9. كيف تظهرُ أنفة المتنبي في الأبياتِ الثلاثةِ الأخيرةِ؟
10. لماذا، في رأيك، يستخدم الشاعر ضميرَ الجماعةِ في مخاطبته لسيفِ الدّولةِ؟
11. استخرج منَ النّصِّ مثالاً على كلٍّ ممّا يلي:
أ. الطباق
ب. أسلوب الاستفهام
ج. أسلوب النّفي
*80*
*80*
(مراجع للتوسع: بلاشير، د.ر. تاريخ الأدب العربي. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزّيّات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربيّ. لقاهرة: دار نهضة مصر، د.ت؛ بروفنسال، ليفي. أدب الأندلس وتاريخها. ترجمة: محمّد عبد الهادي أبو شعيرة. القاهرة: المطبعة الأميرية، 1951؛ خفاجي، محمّد عبد المنعم. الأدب الأندلسيّ: التطور والتجديد. بيروت: دار الجيل، 1992؛ المقرّيّ، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب. تحقيق: إحسان عباس. بيروت: دار صادر، 1968؛ الكتانيّ، أبو عبد الله محمّد. التشبيهات من أشعار أهل الأندلس. تحقيق: إحسان عباس. بيروت: دار الثقافة، 1966).
يمتلك الشعر الأندلسي خصائص مميزة له، تجعله علامةً فارقةً في تاريخِ الأدبِ العربيِّ، فهوَ يعبر عن البيئةِ الجديدةِ الّتي انتقلت إليها الحضارة العربيّةُ والإسلاميّةُ، وهيَ بيئة تمتاز بالخصب وبالنضارة وبالطبيعة الحيّة، وتكادُ تختلف اختلافًا بيّنًا عنِ البيئةِ الأصلية الّتي نشأ فيها الشعر العربي في الجاهليّة، وهيَ بيئة الصحراء.
لقد حافظ العرب الفاتحون لبلاد الأندلس على تقليدهم وولائهم لتراثهم الشرقي غالبا، واعتبروا أنهم غرباءُ عن أوطانهم الأصليّة، فحرصُوا على الحنين إلى الأوطانِ، ونظموا فيهِ شعرَهم، وحاولوا تقليدَ الشعر الشرقيِّ. وبعدَ فترة، صارَ الجيلُ الثّاني منَ الشعراءِ الأندلسيين يعبر عن بيئته الأندلسيّة ويعتبرها بيئتهُ الأصلية، فتغنوا بمباهجها وبجمال تضاريسِها وجغرافيتها، وعددوا طيب الحياة فيها، اشتهر من هؤلاء لسان الدّين بن الخطيبِ، وابن خفاجة، وابن حمديسَ، وغيرهم.
اعتمدَ الأندلسيّون على الخيالِ وعلى التنوع الموسيقيِّ، وعلى التفنن في ضروب البلاغةِ والصّنعة، وفاقوا فيها الشعراء المشارقة، إذ صارت هدفًا يُرمى، بينما بقي تفوق المشارقة في عمق المعاني ومتانة اللغة وجزالة الألفاظ.
يشهد للشعر الأندلسيِّ بابتكار ضروب شعريّة جديدةٍ، كالموشّحاتِ، الّتي صارت علامةً فارقةً تميز الأدبَ الأندلسيَّ عمومًا.
*81*
اِبن زيدون (مصادر ومراجع للتوسع: البستانيّ. ديوان ابن زيدون. بيروت: دار صادر، 1975؛ الحرّ، عبد المجيد. ابن زيدون: شاعر العشق والحنين. بيروت: دار الكتب العلمية، 1993؛ ضيف، شوقي. ابن زيدون. مصر: دار المعارف، د.ت).
أضحى التّنائي بديلاً
1. أَضحى التَنائي (التباعد) بَديلاً مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا
2. غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا بِأَن نَغَصَّ (نشرق عند الشّرب) فَقالَ الدَهرُ آمينا
3. وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا فَاليَومَ نَحنُ وَما يُرجى تَلاقينا
4. لَم نَعتَقِد بَعدَكُم إِلّا الوَفاءَ لَكُم رَأياً وَلَم نَتَقَلَّد غَيرَهُ دينا
5. بِنتُم وَبِنّا (بعد) فَما اِبتَلَّت جَوانِحُنا شَوقاً إِلَيكُم وَلا جَفَّت مَآقينا (العيون، مفردها مؤق)
6. نَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا يَقضي عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا (الصبر)
7. حالَت لِفَقدِكُمُ أَيّامُنا فَغَدَت سوداً وَكانَت بِكُم بيضاً لَيالينا
8. إِذ جانِبُ العَيشِ طَلقٌ مِن تَأَلُّفِنا وَمَربَعُ اللَهوِ صافٍ مِن تَصافينا
9. وَإِذ هَصَرنا (ثنى (الغصن) وأماله) فُنونَ (ضُروب) الوَصلِ دانِيَةً قِطافُها فَجَنَينا مِنهُ ما شينا
10. لِيُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السُرورِ فَما كُنتُم لِأَرواحِنا إِلّا رَياحينا
11. لا تَحسَبوا نَأيَكُم عَنّا يُغَيِّرُنا أَن طالَما غَيَّرَ النَأيُ المُحِبّينا
*82*
إبن زيدون (ت. 463 ه / 1071 م)
أحمد بن عبد الله بن زيدونَ، شاعر وكاتب أندلسي. أحبَّ ولادة بنت المستكفي الأميرة الشاعرة، ونافس ابن عبدوس على حبِّها، فسجن، ثمَّ فرَّ من سجنِهِ، ووليَ الوزارة للمعتضد والمعتمدِ.
له ديوان شعر، ورسالة أدبية هزلية يتهكم فيها عل ابن عبدوسَ على لسانِ محبوبتِهِ ولادةَ.
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: انقلاب حالةِ الوصلِ بين المحبوبين، أسلوب الطباق.
- البيت 2: موقف الحسّاد من حبِّ الشاعر، ودور الدهر في انقلاب الحالِ.
- البيت 3: المقارنة بين الماضي والحاضر، المقابلةُ.
- البيت 4: الإخلاص للمحبوبة.
- البيت 5: الشوق إلى المحبوبة، والتحسر على فراقِها.
- البيت 6: الجوى، أسلوب الجناس.
- البيت 7: المقارنة بين الماضي والحاضرِ، المقابلةُ.
- الأبيات 8-10: استحضار الماضي السّعيد.
- البيت 11: الوفاءُ للمحبوبةِ.
*83*
أسئلة وأعمال
1. كيف انقلبت حال الوصل بين الشّاعر ومحبوبته وفق البيتِ الأوّلِ؟ وكيف يساهم إمعان الشّاعر في استخدام الطباق في تصوير هذا الانقلاب؟
2. ما دور كل من الأعداء والدهر في انقلابِ حالِ الوصلِ بين الشاعر ومحبوبتِهِ؟
3. اشرح المقابلة في البيت الثالث، مقارنا بين ماضي الشّاعر وحاضره فيما يتعلق بعلاقته بمحبوبته.
4. في البيتين الرّابع والحادي عشرَ يبين الشاعر إخلاصه ووفاءه لمحبوبتِهِ، فماذا يقولُ في كلٍّ منهما عن ذلك؟
5. بين الجناسَ في البيتِ السّادسِ، مشيراً إلى تأثيره في المعنى.
6. استخرج منَ النص خمسةَ تعابيرَ مأساوية واشرحْ دلالتِها.
7. بين الحالَ المأساويّة الّتي صار الشاعر إليها وفقَ البيتين الخامس والسّادس.
8. كيفَ يوظف الشاعر الطباق في البيتِ السابع لتصوير المقارنةِ بين ماضيهِ وحاضره؟ هلْ من دلالةٍ رمزيّة لكل من لفظتي الطباق؟
9. صف ماضي الشاعر السعيد كما يستحضره في الأبيات 8-10.
*84*
10. بيّن علاقة "السُّقيا" بالأسلوب الدعائي في البيت العاشر، وقارن ذلك معَ بيتِ المتنبّي:
سقى الله أيام الصّبا ما يسرُّها ويفعل فعلَ البابلي المعتق
11. استخرج من النص مثالاً على كلٍّ ممّا يلي:
أ. التأنيس
ب. أسلوب النّهي
ج. أسلوب النّفي
د. الكناية
12. قارن بين الملاحِ الوجدانيّةِ في النص وبين الملاحِ الوجدانيّةِ في قصيدة "بانَ الخليطُ" لجريرٍ.
*85*
اِبن زُريق (مصادر ومراجع للتوسع: الجمل، محيد عبد الحكيم. الضرورة والحرّيّة: قراءة في قصيدة ابن زريق البغداديّ. الإسكندرية، دار الوفاء القانونية، 2013؛ الدوسريّ، أحمد. ابن زريق البغداديّ عابر التنين. البحرين: مؤسسة الدوسريّ للنشر والإبداع، 2009؛ جمال الدّين، محسن. أدباء بغداديّون في الأندلس. بغداد: دار النهضة، 1962).
لا تعْذِليهِ
1. لا تَعذَلِيه (لامَ) فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ (يزيد عذابه ولهفته) قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
2. جاوَزتِ فِي نصحه حَداً أَضَرَّ بِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللوم يَنفَعُهُ
3. فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَنفِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
4. قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ (يزيد عذابه ولهفته) يَحمِلُهُ فَضُيقتْ بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
5. يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَفنيدِ (تخطئة الرأي) أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
6. ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَجمَعُهُ
7. كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ (إقامة) وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ الأرض يَذرَعُهُ
8. إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَندِ (بلاد مجاورة للهند) أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
9. تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه (تكلف) للرزق كداً وكم مِمَّنْ يودعُهُ
10. وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ واصِلَةً رزقَاً وَلا دَعَةُ (راحة) الإِنسانِ تَقطَعُهُ
*86*
11. واللهُ قسَّمَ بينَ الخَلقِ رِزقَهُمُ لم يَخلُقِ الله مِن خَلقٍ يُضيِّعُهُ
12. لكنّهم مُلِئوا حِرصًا فلستَ ترى مسترزقًا، وسوى الغاياتِ يُقنعُهُ
إبن زريق (ت. 420 ه / 1029 م)
أبو الحسن عليُّ بن زريق البغداديُّ، شاعرٌ عبّاسيٌّ. ارتحلَ عنْ موطنِهِ "بغداد" قاصدًا الأندلسَ، وذلكَ من أجلِ التكسّبِ، إذ كانَ فقيرَ الحالِ، فاضطرَّ إلى فراقِ زوجتِه الّتي كانتْ تجمعُهُ بها مشاعرُ الودِّ والإخلاصِ. لكنَّ التوفيق يجانبُ ابنَ زريق في غربتِهِ، ويمرضُ، ويموت غريبا. ووجدت تحت وسادته أوراقٌ كتبَ عليها قصيدتَهُ في الحنينِ إلى زوجتِهِ والشكوى من غربتِهِ.
مقاربات وتلميحات
- البيت 1: العذلُ في الشّعرِ الكلاسيكي، موقفُ الشّاعر منَ اللّومِ.
- البيتان 2-3: تأثير نصح العاذلةِ، واقتراحُ طريقةٍ بديلةٍ للتّعاملِ معَ الملومِ.
- البيت 4: تأثيرُ البيْنِ في الشّاعرِ.
- الأبيات 5-8: موقف الشّاعر منَ السّفرِ والارتحالِ.
- الأبيات 9-12: أهمّيّة الرّزق بالنسبة إلى الشّاعر، وموقفُهُ منْهُ.
*87*
أسئلةٌ وأعمالٌ
1. ما معنى الفعلِ "تعذليهِ" في البيتِ الأوّلِ؟ وما دلالته الفنيةِ في الشعرِ الكلاسيكيِّ؟ قارنْ ذلك مع بيتِ طرفة بن العبدِ:
فمنهن سبقي العاذلاتِ بشربةٍ كميتٍ متى ما تعلَ بالماءِ تزبدِ
2. من المخاطَبُ في الأبياتِ الثلاثةِ الأولى؟
3. إلى من تعود "هاءُ" الغائب في الأبياتِ التسعة الأولى؟
4. ما نتيجة عذلِ أو لوم العاذلة في البيتين الثّاني والثالث؟
5. أيَّ أسلوب يقترح الشّاعرُ على العاذلةِ استخدامَهُ؟ ولماذا؟
6. ما تأثيرُ الغربةِ في الشّاعرِ حسبَ البيتِ الرّابعِ؟
7. ما موقف الشّاعرِ منَ السّفرِ والارتحالِ؟
8. ما سبب سفرِ الشّاعرِ كما يذكرُ في البيتِ التّاسعِ؟
9. ما أهميّة الرّزق بالنسبة إلى الشّاعر، وما موقفه من ذلك حسب الأبياتِ الثلاثةِ الأخيرةِ؟
10. ما العبرةُ الّتي يتوصّلُ إليْها الشّاعرُ في البيتينِ الأخيرين منَ النّصِّ؟
*88*
11. ما غايةُ استخدام الفعلِ المضارع وتكراره في نهاياتِ الأبياتِ؟
12. استخرج منَ النّصِّ مثالاً على كلٍّ ممّا يلي:
أ. الكناية
ب. الاستعارة
ج. الطباق
د. التكرار
13. كيف تقيّمُ الشّاعرَ في وصفِ تجربتِهِ المشارِ إليها في النّصِّ؟
*89*
*89*
*90*
(صفحة فارغة)
*91*
(مصادر ومراجع للتوسع: بلاشير، د.ر. تاريخ الأدب العربي. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزيات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربي. القاهرة: دار نهضة مصر، د.ت؛ ضيف، شوقي. الفن ومذاهبه. في النثر العربيّ. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ أمين؛ أحمد، فجر الإسلام. القاهرة: شركة الطباعة الفنية المتحدة، 1975؛ زيدان، جرجي. تاريخ آداب اللغة العربية. مصر: دار الهلال، 1968).
نشأ النثر العربي قديمًا، وقدْ عرف العرب قبل الإسلام أنواعا منه، أبرزها: الخطبة، والوصية، والمثل، والخبر، وبعض الأقوال النثرية ذات الطابع الرّوحاني المسماةِ "سجعِ الكهّان"، وغيرُها.
وكان النثر، إلى جانب الشعر، أداة لتعبير العربي عن نفسه، وخصوصا في مواقف السلم والحرب والاحتجاجِ والاختصامِ، بالإضافة إلى الدّعوات إلى المآدب الّتي كانت مناسبة لاستعراض مواهب الشعر والنثر لدى القبائل.
لكن النثر، بخلافِ الشعر، لم يكن مقيدًا بالوزن والموسيقى، فأقصى ما يصل إليهِ النثر الفنّي الجاهلي من الإيقاع السّجع والازدواج (التوازن)، ولما لم تكن الكتابة منتشرة قبل الإسلام كانتشارها بعده، فقد قصرت ذاكرة الرّواة عن حفظِ الآثار النثرية الّتي كان البلغاءُ يبتدعونها، بعكسِ الآثار الشّعرية الّتي سهل حفظها بفضل الموسيقى والوزن. لكل الأمثال كانت أكثر أثر نثريٍ جاهلي تمَّ حفظة إلى حينِ بدأ تدوينُ الشعر والنثر، مع نهاية القرنِ الثّاني للهجرةِ، وذلك بسببِ قصر نصوص الأمثالِ، وكثرة استخدامِها في المناسبات، وبفضل تضمينِها بينَ ثنايا الآثار النثرية والشعرية على السواءِ.
اختلف الباحثونَ في مقدار الثقة التي يمكن إيلاؤُها ما وصلَنا من نصوصٍ نثرية، وما وصلَنا أقلُّ بكثيرٍ ممّا ضاعَ، لكنّنَا نؤثرُ اعتبارَها صحيحةً، لورودِها في بعض مصادر الأدبِ الإسلامية الّتي عُنيَتْ بالتحرّي عن الآثار والمعارفِ الجاهليةِ.
*92*
من أبرزِ ما يميّزُ النّصوصَ النثريّةَ الجاهليّةَ ما يلي:
1. بساطةُ المعنى.
2. قصر الجملِ.
3. قصر النص.
4. تأثر الألفاظِ ببيئة الباديةِ.
5. عدمُ الترابط بينَ الجملِ.
6. الاتكاءُ على الحِكَمِ.
7. السّجع، والازدواج (التّوزان)
من أبرز مجالات استخدام النثر الفني الجاهليِّ:
1. التحريض على القتالِ أو الانتقامِ.
2. الدّعوة إلى صلحٍ.
3. المفاخرةُ والمنافرةُ.
4. الوصيّةُ.
5. الوفادة على الملوكِ.
6. إسداءُ النّصحِ.
7. التّهاني والتّعازي.
*93*
*93*
(مصادر ومراجع للتوسع: السجستاني، أبو حاتم. المعمّرون والوصايا. القاهرة: مطبعة عيس البابي الحلبيّ، 1961؛ الفرح، سهام. الوصايا في الأدب العربيّ القديم. الكويت: مكتبة المعلّى، 199؛ الخطيب، علي أحمد. النثر الفني في العصر الجاهلي. د.م، د.ن، د.ت؛ ضيف، شوقي. العصر الجاهليّ. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي، الفنّ ومذاهبه في الشعر العربي. القاهرة: دار المعارف، د.ت).
الوصيّة
وصى، أو أوصى الرّجُل بمعنى: عهِدَ إليه.
الوصيّةُ: أحدُ أنواع النثر التي عرَفَها العرب في العصورِ الكلاسيكيةِ، بدءًا منَ العصر الجاهليِّ. والوصيّةُ قولٌ حكيم صادر عن إنسانٍ ذي خبرة وتجربةٍ في الحياةِ، يتخذ منة سبيلاً للوعظِ والإرشاد. تتوجّهُ الوصيّةُ في الغالبِ إلى متلقٍّ يحتاجُ إلى توجيهٍ.
تتضمّن الوصية أمرا بمعروفٍ أو نهيًا عن منكر، أو تحذيراً من زلةٍ؛ أؤ ندبًا إلى عملٍ فيه خيرُ المتلقّي ومصلحتُهُ.
تمتاز الوصايا في العصر الجاهلي بجمالٍ لفظيٍّ، يجمع بينَ تناسب العبارات ووضوح الأفكار. وهيّ تمثل البيئة العربية الجاهلية من حيث الحفاظ على مكارم الأخلاقِ ووضوح الغاياتِ والوسائلِ إلى جانب قدرٍ منَ الحكمة والأمثالِ.
*94*
من خصائص الوصيّةِ:
1. دقةُ العبارةِ ووضوحُ الألفاظِ.
2. قصر الجمل والفقرات.
3. الإطناب بالتكرار والترادف والتّعليل.
4. تنوع الأسلوب بين الخبر والإنشاء.
5. الإقناع برتيب الأفكار وتفصيلِها وبيانِ أسبابها.
6. السّجْعُ بغيةَ التأثير في المتلقّي
7. الاشتمالُ على الحِكَم.
8. سهولةُ اللفظ ووضوح الفكرةِ.
*95*
وصية أكثم بن صيفيّ (مصادر ومراجع للتّوسّع: عبد الجليل، محمد. أكثم بن صيفيّ: البليغ البلاغيّ، بيروت: دار النهضة العربيّة، 1986؛ مال الله، عليّ محسن. أكثم بن صيفي: حياته، وخطبه، وأمثاله وشعره. بغداد: مطبعة الرّشاد، 1989).
وصَّى أكثم بن صيفي بنيه ورهطَهُ، فقال: "يا بني تميم لاَ يفوتنكم وعظي إن فاتَكم الدّهر بنفسي، إنَّ بين حيزومي (منطقة أوسط الصدر) وصدري لكلاما لا أجد له مواقع إلا أسماعكم، ولا مقار (جميع مقر، مستقرّ) إلآ قلوبكم، فتلقَّوْه بأسماع مصغية، وقلوب واعيةٍ؛ تحمدوا مغبته (عاقبة الشيء، آخره). الهوى يقظان، والعقل راقدٌ (نائم)، والشهوات مطلقة (مسرحة، بغير قيد ولا كبْل)، والحزم معقولٌ (محبوس)، والنفس مهملةٌ، والرَّويِّة مقيدةٌ، ومن جهة التواني وترك الروية (التفكر في الأمور) يتلفُ الحَزْمُ، ولن يعدم المشاور مرشدا، والمستبد برأيه موقوف على مداحض (جمع مدحضة: وهي المزلة) الزلل، ومن سمع سُمِعَ به، ومصارع الرجال تحت بروقِ الطمع، ولو اعتبرت مواقع المحن ما وجدت إلّا في مقاتل الكرام، وعلى الاعتبار طريقُ الرَّشادِ، ومن سلك الجَدَدَ (الأرض المستوية) أمِنَ العثارَ، ولن يَعْدَمَ الحسود أن يتعب قلبهُ، ويشغل فِكْرَه، ويؤرِّثَ (يوقد) غَيْظَهُ، ولا تجاوِزُ مَضَرَّتُهُ نَفْسَهُ.
يا بَني تميم: الصبر على جَرْعِ الحلم أعذب من جني ثمر الندامة، ومن جعل عِرْضَهُ دون ماله استهدف (تعرض له) للذَّمِّ، وكلم (جُرح) اللِّسان أنكى من كلم السِّنان، والكلمة مرهونة ما لم تنجم من الفَم، فإذا نجمت فهي أسد محرب (محرش، مهيج، والمحرب والمتحرب: الأسد)، أو نار تلهب، ورأي النّاصِحِ اللبيبِ دليلٌ لا يجوزُ، ونفاذُ الرأي في الحربِ، أجدَى من الطعن والضَّرْبِ".
*96*
أكثم بن صيفيّ: (ت.و ه / 630 م)
أكثم بن صيفيّ، من قبيلةِ بني تميم من مُضَرَ. كانَ حكيمَ العربِ في الجاهليّةِ وأحد المعمَّرين الذين أدركوا الإسلامَ والنّبيَّ محمدًا صلّى الله عليه وسلمَ، كانَ يوصي قومَهُ باتّباعِه ويحضُّهم على ذلك. وهو أحدُ الأعلامِ الّذين أوفَدَهم النّعمانُ بنُ المنذرِ على كِسرى ليتبيّنَ بهم عندَه قَدْرُ العرب وأهميتهم. قصدَ المدينةَ في مائةٍ من قومه يريدون الإسلامَ، فماتَ في الطريق. كانَ من الخطباء البلغاءِ، والحُكّامِ الرّؤساءِ، يُضرَبُ فيه المثلُ بأصالةِ الرّأي ونُبلِ العِظةِ، وتُروى له طائفةٌ من الحِكَمِ السّديدةِ، والوصايا البليغةِ، والخُطَبِ القويّةِ.
مقاربات وتلميحات
- المقدّمةُ التّمهيديّةُ، التّوجّهُ إلى المتلقّي.
- المضمونُ: أحوال المتناقضات: الهوى والعقل، الشّهواتُ والحزم، النّفسُ.
- والرّويّةُ. فائدة المشاوَرةِ، وسوءُ عواقبِ الاستبدادِ بالرّأي. فائدةُ الحِلم والصّبرِ.
- قِصَرُ النص.
- قِصَرُ الجُملِ.
- السّجعُ.
- الاستعارة والكنايةُ.
- الازدواج (التّوازن).
*97*
أسئلة وأعمال
1. أيُّ المعلوماتِ توفرُها المقدمة حول الموصي، والمتلقّي وسبب الإيصاءِ؟
2. يظهر في النص عددٌ منَ الأمورِ الّتي وصفت بصفاتٍ متناقضةٍ، كالهوى والعقلِ، والشهوات والحزم. بين التناقض الّذي بيتها مبينًا الأسلوبَ البلاغيَّ الذي يحققه.
3. ما عاقبة الاستبدادِ بالرّأي وفقَ رأي "أكثمَ"؟
4. لماذا أضافَ "أكثمُ" كلمةَ "جرع" إلى كلمةِ "الحِلمِ" في الفقرة الأخيرةِ؟ ولماذا يجعلُ الصّبرَ على الحلم أمرًا محمودًا؟
5. تتراوحُ الجملُ في وصيّة أكثم بين نوعين أدبيّيْن: الحكم والأمثال. بين ذلك ممثلاً لكلٍّ منهما بمثالٍ.
6. اشرح القولَ "كلم اللسان أنكى من كلم السنانِ" مبينا الأسلوب البلاغيّ فيهِ.
7. أيَّ الوصايا والحكمِ الواردةِ في النصِّ يتناسبُ وتعاليمَ الشرائع السماويّةِ؟ فصّلْ.
8. استخرج من النص مثالاً على كلٍّ ممّا يلي:
أ. أسلوب النّداء
ب. السّجع
ت. الازدواج (التّوازن)
ث. الأسلوب الإنشائي
ج. الأسلوب الخبريّ
*98*
وصيّةُ زُهيْرِ بنِ جَناب لِبَنيِهِ
(مصادر ومراجع للتوسع: عبيد، أحمد محمّد. شعراء جاهليّون. أبو ظبي: المجمّع الثّقافي، 2001؛ الزركليّ، الأعلام. المجلد 3. بيروت: دار العلم للملايين، 1999)
قالوا: وأوصى زهير بن جنابٍ فقالَ:
"يا بَنِيَّ، قد كبرت سني، وبلغت حَرْسًا (الوقت الطويل، الدهر) من دهري، واًحكَمَتْني (أصبح حكيما بفعل تجربته) التجارب، والأمور تجربة واختبار، فاحفظوا عنّي ما أقول، وعوه: إيّاكُمْ والخَوَرَ (الضعف) عندَ المصائب، والتواكل (الاتكال على الغير، التّخاذل) عند النَّوائِبِ (المصائب)، فإنَّ ذلكَ داعية للغم، وشماتة للعدو، وسوء ظن بالرب، وإياكم أن تكونوا بالأحداثِ مُغتَرّينَ (مخدوع)، ولها آمنين، ومِنها ساخِرين، فإنهُ والله ما سَخِرَ إلّا ابتُلِيَ، ولكن استَعْفُوا (سأله الإعفاء منه) منها، وتوَقّعُوها؛ فإنَّمَا الإنسانُ في الدُّنْيا غرضُ (هدف) تعاوره (تتداوله) الرماة، فمقصر دونه، ومجاوز (تعداه وخلفه) لموضعه، وواقع عن يَمينِهِ وشِمالِهِ، ثمّ لا بدَّ أنَّه مُصيبُهُ".
زهير بن جَنابٍ الكلبيّ (ت. حوالي 60 ق.ه / 564 م)
من بَني كنانة بن بكر، خطيب قبيلةِ قضاعة وسيّدُها وشاعرها، كانَ يُدعى "الكاهنَ" لصحَةِ رأيه. عُمّرَ طويلاً. قيل إنّه شرب الخمر صرفًا حتى مات. عادى بكرًا وتغلب وأسرَ كليبًا وجساسا بعدَ أنْ ولّاه "أبرهة الأشرم" على بكرٍ وتغلبَ. له مكانته الأدبيّةُ في الشعر والنّثرِ، وتميز في الحكمةِ وسهولةِ ألألفاظِ.
*99*
مقاربات وتلميحات
- المقدمة التمهيدية، التوجه إلى المتلقّي.
- المضمون: الثبات عندَ المصيبةِ، الحذرُ منَ الغفلةِ والركونِ إلى الأحداثِ.
- قصر النص.
- قصر الجمل.
- السّجعُ.
- أسلوبُ التفصيلِ.
- الاستعارة.
أسئلة وأعمالٌ
1. ما الّذي تتضمنه مقدمة الوصيّةِ من معلومات حول المرسلِ والمتلقّي؟
2. تتلخص الوصية في جانبين: الثبات عندَ الأهوالِ، والتّحذيرِ من الغفلةِ والتّهاون. اشرحْ ذلكَ بأسلوبك.
3. ما عواقب عدم الثبات عندَ الأهوالِ، وعدمِ الحذرِ من الغفلةِ، حسبَما وردَ في النص؟
4. استخرج منَ النّصِّ ثلاثا من المميزات الأسلوبيّة والفنّيّةِ الخاصة بالنّثرِ الجاهلي.
*100*
5. استخرج منَ النص مثالاً على كلٍّ ممّا يلي:
أ. أسلوب النداء
ب. السّجع
ت. الطّباق
ث. الأمر والنّهي
6. بين الأسلوبَ البلاغيَّ في التّعبيرِ: "فإنّما الإنسانُ في الدّنيا غرضٌ تعاورَه الرماةُ.".
7. من المقصود بالفعل "قالوا" في مطلعِ النّصِّ؟
8. بين غرضين من أغراض قصر العبارات والتّوازن (الازدواج) بين كلِّ عبارتينِ.
9. هل توافق "أكثمَ بنَ صيفيٍّ" على جميعِ مضامينِ وصيّته؟ اكتبْ فقرةً تردُّ فيها عليْهِ.
*101*
*101*
(مصادر ومراجع للتوسع: زولهايم؛ رودلف. الأمثال العربيّة القديمة. بيروت: مؤسسة الرسالة، 1984؛ عابدين، عبد المجيد. الأمثال في النّثر العربيّ القديم. القاهرة: دار مصر للطباعة، د.ت؛ قطامش، عبد المجيد. الأمثال العربية. دمشق: دار الفكر، 198؛ كتّاني، سمير. أمثال الحيوان في ظلّ الإسلام"، جامعة. العدد 9، باقة الغربيّة: أكاديميّة القاسميّ، (2005)).
المثلُ:
المثل قول موجز بليغ متداول شفويا جيلا عن جيلٍ، موغل في القدم، يتضمن حكمة حياتيةً، يصاغ بأسلوب مجازي ذي تأثير. ويعتبر المثل أصدق الفنونِ النثريّةِ تعبيرًا عن النثر الجاهلي، في أسلوبهِ وألفاظه ومضامينه، إذ وثقَ بِهِ الرّواةُ والأدباء والبلغاء، بسبب سهولة حفظِ الرواة له عبرَ الأجيالِ، وصعوبة تزويرِه.
لكن الأمثال كانت أكثر أثر أدبي جاهلي تمَّ حفظة إلى حين بدأ تدوين الشعر والنثر، مع نهاية القرن الثّاني للهجرةِ. وذلك بسبب قصر نصوص الأمثالِ، وكثرة استخدامِها في المناسبات، وبفضلِ تضمينِها بينَ ثنايا الآثار النّثريّةِ والشّعرية على السّواءِ.
سمّيَ المثلُ مثلاً من المماثلةِ، وهيَ تشبيهُ الحالةِ بحالةٍ أخرى؛ فإذا كانَ هنالك منْ تشابه بين أمرينِ فإنّهُ يجعل أحدهما للآخر مثلاً، والمثلُ يُقَالُ، أوّلَ ما يُقال، في مناسبةٍ معيّنةٍ، ثم لا يفتأ أن يكرر استخدامه في مناسباتٍ مشابهةٍ، فيجري على الألسنةِ ويكتسبُ الشّهرةَ.
وقائلُ المثلِ في الأصلِ إنسان حكيم مجرب، قد يكون سيد قومِهِ أو خطيبهم، وقد يكون شاعرًا أو شيخًا من البلغاءِ وأرباب الفصاحةِ، وغالبًا ما لا يكونُ معروفًا للرّاوي، لكنَّ معرفة القائلِ ليست تعنيا لدى دراستنا للمثل، بقدرِ ما يعنينا معنى المثلِ ولفظه وأسلوبه.
*102*
أوردَ الرّواةُ والمصنفون قصصا للأمثالِ تبين الظروفَ الّتي اكتنفت قولَ المثل، معَ شرحِ لفظة وبيان معناه. إلا أنّنا لا يمكننا الاطمئنان إلى هذهِ القصصِ اطمئنانَنا إلى نص المثلِ نفسِهِ، فقد اختلفَ الرّواةُ كثيراً في هذهِ القصص، وتباينت رواياتهم لها، ويبدو أن بعضها وُضعَ بعدَ قول المثل محاولةً لربطه بمناسبةٍ معيّنةٍ.
يعتبر كتاب "مجمع الأمثال" للميدانيِّ أشهرَ مصنفات الأمثالِ في التّراث العربيِّ وأهمُّها.
بصورةٍ عامة، يتضمّن شرح المثلِ الأدبي ما يلي:
- وضعَ عنوانٍ للمثلِ.
- طريقة ضبطِ ألفاظِ المثلِ.
- شرحَ غريب ألفاظِ المثل.
- مناسبةَ قولِ المِثلِ.
- قائِلَ المثلِ وقصّتَهُ.
*103*
الأمثال
جزاء سنمار
أي جَزاني جزاءَ سينمار، وهو رجل روميُّ، بَنى الخورنق (قصر كان للنعمان الأكبر بالعراق) الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئِ القيسِ، فلما فرغ منه ألقاهُ من أعلاه فخر ميتا، وإنما فعل ذلك لئلا يبني مثله لغيره، فضربتِ العرب به المثلَ لمن بجري بالإحسانِ الإساءةَ.
قالَ الشّاعرُ:
جزتنا بنو سَعدٍ بِحُسْنِ فِعالِنا جزاء سِنِمَّارَ وما كانَ ذا ذَنْبِ
ويقال: هو الذي بنى أطمَ (قصر) "أحَيْحَةَ بنِ الجلاح" (شاعر جاهلي من دهاة العرب وشجعانهم، كان مرابيا كثير المال)، فلما فرغ منه قال أحيحة: لقد أحكمته، قال: إنّي لأعرفُ فيه حجَرًا لو نزع لتقوض (انهدم) من عند آخرِه، فسأله عن الحجَرِ، فأراهُ موضِعَه فدفعه "أحيحة" من الأطم، فخر ميتا.
مقاربات وتلميحات
- التعريف بسنمار
- قصة المثل
- مناسبة ضرب المثل
- اختلاف الروايات
*104*
أسئلة وأعمال
1. من هو سنمار المذكور في النّصِّ؟
2. في النص راويتانِ مختلفتان حول قصة المثلِ، فما الفروق بينهما؟
3. أي الروايتين أعلى مصداقية في رأيك؟ ولماذا؟
4. ما مضمون الشّعرِ الواردِ في النّصِّ؟ وما الغايةُ من إيراده؟
5. اذكر ثلاث ميزات للأسلوب القصصي تردُ في النّصِّ.
6. بين اثنتين منَ الميزاتِ الأسلوبيّةِ للمثل.
7. ما السلوك المنبوذ الذي يشيرُ إليه المثل؟ أجب استنادا إلى قصّةِ المثلِ.
8. هل تعرف قصةً من واقعك تدلُّ على ما وردَ في المثلِ؟
*105*
رجع بخفي حنين
قال أبو عبيد: أصله أن حنيناً كانَ إسكافيًّا من أهلِ الحيرةِ فساوَمَه أعرابي بخفين (نعل، ما يلبس في الرجل من جلد رقيق)، فاختلفا حتى أغضبه، فأرادَ غيظَ الأعرابي فلمّا ارتحل الأعرابي، أخذ حنين أحدَ خفيه وطرحه في الطريق، ثمّ ألقَى الآخرَ في موضع آخرَ، فلمّا مرَّ الأعرابيُّ بأحدهما قالَ: ما أشبه هذا الخف بخف حنين، ولو كانَ معه الآخرُ لأخذته، ومضى فلمّا انتَهى إلى الآخر ندم على تركه الأول، وقد كمن (توارى، اختبأ) له حنين، فلمّا مضى الأعرابي في طلب الأوَّلِ، عمد (قصد) حنين إلى راحلته وما عليها، فذهَبَ بها، وأقبل الأعرابي وليسَ معه إلّا الخفانِ، فقال له قومه: ماذا جئتَ به من سفركَ؟ فقالَ: جئتكم بخفّي حنين. فذهب مثلاً.
يُضرَبُ عندَ اليأسِ من الحاجَةِ والرجوع بالخيبةِ.
وقال ابن السِّكّيتِ: حنين كان رجلا شديدا ادَّعى إلى أسد بن هاشم بنِ عبد منافٍ، فأتى عبدَ المطلب وعليه خفان أحمران فقالَ: يا عم: أنا ابن أسد بنِ هاشم، فقالَ عبد المطلب: لا وثيابِ ابن هاشمٍ ما أعرفُ شمائلَ هاشمٍ فيكَ فارجعْ؛ فرجَعَ، فقالوا رجعَ حنين بخفيه فصارَ مثلاً.
مقاربات وتلميحات
- التعريف بحنين.
- قصة المثل.
- مناسبة ضرب المثل.
- اختلاف الروايات.
*106*
أسئلة وأعمال
1. يظهرُ في النص توضيحان متباينانِ لشخصيّةِ "حُنينٍ"، فما هما؟
2. ما الذي يهدف إليهِ المصنف (مؤلف الكتاب الذي يجمع الأمثال) من إيرادهِ أكثرَ من روايةٍ لقصّةِ المثلِ؟
3. ما أبرز الفروقِ بينَ قصّتيِ المثلِ الواردتيْنِ في النّصِّ؟
4. متى يمكن استخدام المثلِ في الحياةِ المعاصرةِ؟
5. بين ثلاثة منَ العناصر القصصيّة الواردةِ في إحدى قصّتي المثلِ.
6. استخرج أسماءَ الأعلامِ الواردةَ في كلٍّ من القصّتينِ.
*107*
وافق شن طبقة
قالَ الشرقي بن القُطامِيُّ: كانَ رجلٌ من دهاة العرَبِ وعُقلائِهِم يُقالُ له شَنٌّ فقالَ: والله لأطوفَنَّ حتّى أجِدَ امرأةً مثلي أتزوجها، فبينما هو في بعضِ مَسيرهِ، إذ وافقَهُ رجُلٌ في الطريق، فسأله شن: أين تريد؟ فقالَ: موضعَ كذا، يريدُ القريةَ التي يقصدُها شن، فوافقه حتّى إذا أخذا في مسيرِهِما قالَ له شنٌّ: أتحملني أم أحملك؟ فقالَ له الرجل: يا جاهل، أنا راكبٌ وأنتَ راكبٌ، فكيفَ أحملك أو تحملني؟ فسكت عنه شن، وسارا حتى إذا قربا من القريةِ إذا بزرْعٍ قد استحصد؛ فقال شن: أترى هذا الزّرعُ تجل أكل أم لا؟ فقالَ له الرّجل: يا جاهل ترى نَبْتا مستحصداً فتقول أكل أم لا؟ فسكتَ عنه شنٌّ، حتّى إذا دخلا القرية لقيتهما جنازة فقال شن: أترى صاحب هذا النعش حيًّا أوْ ميْتًا؟ فقال له الرجل: ما رأيت أجهلَ منكَ، ترى جنازة تسأل عنها أميت صاحبها أم حي؟ فسكَتَ عنه شن، فأرادَ مفارقته، فأبى الرجل أنْ يتركه حتّى يصيرَ بهِ إلى منزلِه.
فمَضَى معَه، فكانَ للرّجل بنتٌ يقال لها طبقة، فلمّا دخَلَ عليها أبوها سألته عن ضيفه، فأخبرها بمرافقته إياه، وشكا إليها جهله، وحدثها بحديثه، فقالَت: يا أبتِ ما هذا بجاهِلٍ، أما قوله "أتحملني أم أحملك" فأرادَ: أتحدِّثني أم أحدّثك حتى نقطَعَ طريقَنا؟ وأمّا قولُهُ "أتُرى هذا الزَّرْعَ أكِلَ أم لا" فأرادَ: هل باعه أهله فأكلوا ثمنَهُ أم لا؟ وأمّا قولُهُ في الجنازة، فأرادَ هل ترك عَقِبًا يحيا بهم ذكره أم لا؟ فخرج الرجل فقعد معَ شنَّ فحادثه ساعة، ثم قال: أتحب أن أفسر لك ما سألتني عنه؟ قالَ: نعم، فَسِّرْهُ، فَفَسَّرَهُ، قال شَنٌّ ما هذا من كلامك، فأخبرني عن صاحِبه، قالَ: ابنةٌ لي، فخطَبَها إليه، فزوَّجَه إيّاها، وحمَلَها إلى أهلِهِ، فلمّا رأوْها قالوا: وافق شن طبقة، فذهبت مثلاً.
يضرب للمتوافِقَيْن.
وقالَ الأصمعيُّ: هم قومٌ كانَ لهم وعاءٌ من أدَمَ فَتَشنَّنَ فجعلوا له طَبَقًا، فوافقه، فقيلَ: وافقَ شنٌّ طبقة، وهكَذا رَواهُ أبو عبيد في كتابِهِ، وفسَّرَه.
وقالَ ابنُ الكلبيِّ: طَبَقَةُ قبيلةٌ من إيادٍ كانت لا تُطاقُ، فوقع بها شَنُّ بن أفصَى بنِ عبدِ
*108*
القَيسِ بنِ أفصى بنِ دُعْمى بن جَديلةَ بنِ أسدِ بنِ ربيعةَ بنِ نزار، فانتصفَ منها (أخَذَ حَقَّه منها) وأصابت منه (خَسِرَ لها شيئًا ما) فصارَ مثلًا للمتفِقين في الشّدّة وغيرِها. قال الشّاعرُ:
لَقِيَت شَنٌّ إيادًا بِالْقَنَا طَبَقًا وافَقَ شَنٌ طَبَقَه
وزاد المتأخرون فيه: وافقه فاعتنقه.
مقاربات وتلميحات
- تعريف الاسمين "شن" و "طبقة" حسبَ الروايات.
- قصة المثلِ.
- مناسبة ضرب المثلِ.
- اختلاف الرّوايات.
أسئلة وأعمالٌ
1. في النص ثلاث رواياتٍ متباينةٍ حول قصةِ المثل، أيُّها الأجدر بالثقة والاهتمامِ في رأيِكَ، ولماذا؟
2. من راوي كلِّ قصةٍ من قصصِ المثلِ الثّلاثِ؟
3. ما أبرزُ الفروق بين القصّتينِ (الرّوايتين) الثّانيةِ والثالثةِ؟ وما الذي يميزهما عنِ القصةِ (الرّواية) الأولى شكلاً وأسلوبًا؟
4. ما مناسبة المثل؟ ومتى يُضرب في الحياةِ المعاصرةِ؟
5. استخرج أسماءَ الأعلامِ الواردةِ في كلٍّ منَ الرّواياتِ الثّلاثِ.
*109*
أمثالٌ بدونِ قصصٍ
كأن علي رؤوسهِمُ الطّيرَ:
وردَ المثلُ في صُفّةِ مُجالسي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فإذا تكلم أطرقَ جلساؤه توقيرًا له، وكأنَّ الطّيرَ على رؤسِهم لسكونِها وإطراقِها، فكانُوا يسكنون ولا يتكلمونَ. والطير لا تسقط إلّا على ساكنٍ. يضرب المثلُ في من يكون في غايةِ السّكينةِ والهدوءِ والإصغاءِ.
ألقِ حبله على غارِبِهِ (سنام الجمل):
يُضربُ المثلُ فيمَنْ لا تطاقُ معاشرته، وأصلُ ذلك أنَّ العربَ منذُ الجاهليّةِ كانوا إذا رعَوُا الإبِلَ جعلوا حبالَها على غواربِها وتركوها ترعى في المرعى طليقةً حرّة. وكانَ العربُ إذا دعَوْا إلى التخلُّصِ من صحبة من صحبةِ من يطيقُّوا صحبتَهُ استخدَموا هذا التّعبيرَ، بمعنى "اجعلوه يذهب حيثُ شاءَ".
مَنْ يزرعِ الشّوكَ لا يحصدْ بِه ِالعنبَا
أي أنَّ الجزاء يكون من جنسِ العملِ. يضرب المثلُ فيمَنْ يزرع الشّرَّ ويهيّىء له ثمَّ لا يلاقي إلّا الشّرَّ.
رُبَّ أَخٍ (لَكَ) لَمْ تَلدْهُ أُمَّكَ
يُضربُ المثلُ فيمن يقف إلى جانبِ الآخر نصرًا لَهُ وسعيًا إلى مصالحِهِ، ويكونُ في حرصِهِ عليهِ كأخيهِ من أمِّهِ وأبيهِ.
*110*
أَنجزَ حُرٌّ ما وعَدَ
يُضربُ المثلُ بالوفاءِ بالوعدِ، فلا يقوى على الوفاءِ بالوعدِ إلاّ الأحرارُ منَ النّاسِ.
رُبَّ قولٍ أشدُّ منْ صوْلٍ (الوثبة أو الهجمة عندَ القتالِ)
يضرب المثل في الكلام الجارح العنيف الّذي قدْ يكون أشدَّ تأثيرًا من العنفِ الجسدي بفعل السيف والقتال.
كمبتغي الصّيدِ في عرّيسةِ (الشجر الملتف الذي تأوي إليه الأسود) الأسدِ
يُضربُ المثلُ فيمَنْ يطلبُ مُحالاً، أو فيمَنْ يطلبُ الشّيءَ من غيرِ وجهِهِ فيكونُ فيهِ هلاكه.
مقاربات وتلميحات
- فهم ألفاظ متونِ الأمثالِ.
- مناسبة ضرب كل مثلٍ.
- الأساليب البلاغية المستخدمة.
*111*
أسئلة واعمال
1. بين معاني ألفاظ الأمثالِ التالية كما وردت في متون الأمثال أعلاهُ: الغارب، رُبَّ، صوْل، عرّيسة
2. اشرح الاستعارةَ / التشبيهَ / أسلوبَ الشرط في كل من الأمثال.
3. بيّنِ مناسبة كلِّ مثلٍ وردَ آنفًا.
4. اذكرْ ميزتيْنِ أسلوبيّتين مشتركتيْنِ بينَ الأمثالِ أعلاه.
5. اكتب أمثالاً تعرفُها مشابهةً في دلالاتِها لأربعةٍ منَ الأمثالِ المذكورةِ آنفا.
*112*
*112*
(مراجع للتوسع: الأبياريَ، إبراهيم. تاريخ القرآن. القاهرة: دار القلم، 1965؛ الزّركشي، بدر الدّين محمّد بن عبد الله. البرهان في علوم القرآن. تحقيق: محمّد أبو الفضل إبراهيم. القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1965؛ السيوطي، جلال الذين. الإتقان في علوم القرآن. القاهرة: دار حجازي؛ د.ت؛ الصالح، صبحي. مباحث في علوم القرآن. بيروت: دار العلم للملايين، 1972؛ الرّافعي، مصطفى. إعجاز القرآن والبلاغة النبوية. بيروت: دار الكاتب العربيّ، 1977).
(مراجع مساعدة: البقاعي، برهان الدّين. مصاعد النّظر للإشراف على مقاصد السّور. الرياض: مكتبة المعارف، 1408 ه، المحلي، جلال الدّين؛ السّيوطيّ، جلال الدّين. تفسير الجلالين. بيروت: دار المعرفة، 1419 ه، الطبريّ، محمّد بن جرير. جامع البيان عن تأويل القرآن. القاهرة: مكتبة ابن تيميّة، د.ت. الصّابونيّ، محمد عليّ. صفوة التفاسير. القاهرة: دار الصابوني، د.ت).
القرآن الكريم:
هوَ آخر الكتب السماوية المنزلة، أنزلَ على الرسولِ محمد (صلى الله عليه وسلم)، وهوَ كلامُ اللهِ المعجزُ، المتعبّدُ بتلاوتِهِ، والمنقولُ بالتّواترِ، المبدوءُ بسورةِ الفاتحةِ والمختومُ بسورةِ الناس. والقرآن الكريمُ هوَ المصدرُ الأساسيُّ للتّشريع الإسلاميِّ، وهو كتابُ الله تعالى حيثُ جاء فيه: "تنزيل الكتاب لا ريب فيه مِن ربِّ العالَمين" (السّجدة: 2). والقرآن الكريم معجزةٌ ببلاغته وفصاحته، وقدْ استمدَّ منهُ أكبر البلغاءِ والأدباءِ فنونَ البلاغةِ.
والقرآن لغةً مشتقٌ منَ "قرأَ" ومن "القرْءِ" وهو الضّمُّ والجمعُ.
وللقرآن الكريم أسماءٌ أخرى، منها: النّورُ، التّنزيل، الموعظة، الكتاب، الفرقان، الذّكرُ، وغيرُها.
يحتوي القرآن على 114 سورةً تصنف إلى مكّيةٍ ومدنية، وفقًا لزمانِ نزول الوَحْي بها، وقدْ حفظ القرآن بدقّةٍ في صدورِ الصّحابةِ، بعدَ أن أملاهُ الوَحْيُ على النّبيِّ محمّدٍ (صلى الله عليه وسلم). وبعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) جمع القرآن الكريمُ في مصحفٍ واحدٍ بعدَ أن كانَ مفرّقًا، وفي زمن الخليفة عثمان بن عفان جمعت النسخ على صورةٍ واحدةٍ لتجنّب اختلافِ لهجاتِ العربِ بتعدد القراءات، وهيَ النّسخة المكتوبة بلهجةِ قريش.
تنقسم سور القرآن الكريم إلى مكّيّةٍ ومدنيّةٍ، فالمكّيّةُ هي الّتي نزلت في مكةَ قبل الهجرةِ إلى المدينة، وأمّا السُّوَرُ المدنيَّةُ فهي الّتي نزلت في المدينة بعدَ الهِجرةِ.
*113*
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ(25) أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللَّهَ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ(26) فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ(27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ(28) وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَلَكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ(29) وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ(30) وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ(31) قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا
*114*
بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ(33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرِمُونَ(35) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ(36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ(37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ(38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ(39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ(40) وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ(41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ
*115*
يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ(42) قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ(43) وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(44) وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ(45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ(46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ(47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ(48) تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ(49)
*116*
مقاربات وتلميحات
- القصص القرآنيّ.
- السور المكّيّة وخصائصها.
- قصة نوح.
- اختلافُ المفسرين في الآية 35.
- الأساليب البلاغية.
أسئلة وأعمالٌ
1. لخص أحداثَ قصةِ نوح بكلماتكَ كما وردتْ في الآياتِ الكريمةِ.
2. ما الغاية من استخدام القصص القرآنيِّ؟
3. تعرّض إلى ثلاثةٍ منَ العناصر القصصيّة الظّاهرةِ في الآياتِ الكريمةِ.
4. بماذا يتصفُ قوم نوحٍ، كما يستشف منَ الآياتِ 27-32؟
5. هنالك تفسيران متباينانِ للآيةِ 35، فما هما؟
*117*
6. من خصائص السّورِ المكّيّةِ الدعوةُ إلى التّوحيدِ، واتخاذ الأسلوب القصصيِّ وسيلةً للاعتبارِ، وقصرُ الفواصل، وجزالةُ الألفاظِ. استخرجْ منَ النص أمثلةً لثلاثٍ من الخصائصِ المذكورةِ.
7. تتميز الآية الرابعة والأربعون بما يلي: تكرار الأفعالِ، تكرار الواوِ العاطفةِ، تكرارِ صيغة المبني للمجهولِ، الجناس، الالتفاتِ، الطباقِ، المجازِ، الاستعارةِ؛ مِثّلْ لثلاثة منها بأمثلةٍ مشروحةٍ منَ الآيةِ.
8. بيّنْ موضعينِ يظهرُ فيهما التّكرارُ، مشيرًا إلى الغايةِ منْهُ.
9. يعتمد النص على الحوار كآليةٍ أسلوبية أساسيّة، يظهر النبي نوحٌ كطرفٍ ثابتٍ فيهِ، بينَما يتغيّرُ طرف الحوارِ الآخر، وضّحِ استنادًا إلى الآياتِ.
10. ارجع إلى اثنين من كتب التفسير، وقارن بين شرح كلٍّ منهما للآياتِ 39-46.
*118*
*118*
(مراجع للتوسع: الشيخ أمين، بكري. أدب الحديث النبوي. بيروت: دار الشّروق، 1979؛ النوويّ، يحيى بن شرف الدّين. المنهاج في شرح صحيح مسلم. بيروت: دار الخير، 1994؛ الزّركشيّ، بدر الدّين. التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح: شرح صحيح البخاريّ. الرّياض: مكتبة الرشيد، 2003؛ السيد، عز الدين. الحديث النبوي الشريف من الوجهة البلاغيّة. بيروت: دار اقرأ، 1986).
الحديث النبوي:
الحديثُ النبوى (السنة النبوية) عند أهل السنة والجماعة، هوَ ما ورد عن النبي محمدٍ (صلى الله عليه وسلم)، من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أو صفةٍ خَلقيّة أو خُلقية أو سيرةٍ، قبل البعثة أو بعدَها. والحديث والسنة عند أهل السنةِ والجماعةِ هما المصدرُ الثّاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآنِ. ومكانة السنة رفيعة ولها قوة تشريعية ملزمة، واتّباعُها واجبٌ، ذلك أنّ الحديثَ خصوصًا، والسنة عمومًا، مبيِّنان لقواعد وأحكام الشريعةِ ونظمها، ومفصلان لما جاء مجملاً في القرآنِ.
ومن المصطلحات البارزةِ في علم الحديث:
- السَّنَدُ: هو الطريق الموصلة إلى المتن، أيْ: رجال الحديثِ أوْ رواتهُ، وسمي بذلك لإسناده الحديث إلى مصدره ضمنَ سلسلةٍ متتابعةٍ.
الإسناد: هو رفع الحديث إلى قائله.
- المتن: هو نص الحديثِ ولفظه.
- المخرج: هو ذاكر رُواة الحديثِ. (كالبخاريِّ ومسلم وأبي داودَ وغيرهم).
- المُحدِّثُ: هو العالم الذي يشتغل بعلم الحديث روايةً ودرايةً، ويحيط بطرق الحديث وأسماءِ الرواةِ والمتون.
*119*
ومن أنواع الحديثِ المشهورةِ:
1. الحديث الصحيح: هو ما اتصّل إسنادُه بنقلِ العدلِ الضابط عن مثله وينقسم إلى قسمين:
أ. الصحيح لذاته: هو الحديث الّذي استوفى شروط الصّحّةِ، واشتملَ على أعلى صفاتِ القبولِ من أولِ الحديث إلى آخره، وخلا من الشذوذ والعلة، وصحته نشأت من ذاته لا من حديث آخر خارج عنه.
ب. الصحيح لغيره: هو الحديثُ الذي قصرت شروطه عن الدّرجةِ العليا بأن كان الضبط فيه غير تام. وسمي بهذا الاسم لأن صحته نشأت من غيره، لشواهدِه ولكثرة طرقه.
2. الحديث الحسن: هوَ ما جمعَ شروط الحديثِ الصحيح إلّا أن الضبط أخف. وهوَ الذي يكون جميع رواته مشهورين بالصدق والأمانةِ إلا أنهم لم يبلغوا درجة رجال الحديثِ الصحيحِ.
3. الحديث الضعيف: وهو ما لم يجتمع فيه صفاتُ الحديثِ الصحيح، ولا صفاتُ الحسن، وعلى هذا يكون الحديث ضعيفًا، إمّا لضعف بعض رواته، أو لشذوذ فيه أو علّةٍ قادحةٍ، وقد يكونُ الحديث ضعيفًا لأكثر من سبب في ذلك.
وقد اهتمّ العلماء على مرّ العصور بالحديثِ النبوي وجمعه وتدوينه ودراسته وشرحه، واستنبطت حولَه العلوم المختلفةُ. ومن أشهر المصنفاتِ في الحديث النبوي عند أهلِ السُّنةِ والجماعة ما يعرف ب "الكتب السّتّة"، وهو اسم أطلق على ستّة مؤلفاتٍ في علم الحديثِ لكونها أصحَّ الكتب المؤلفه في هذا الفنّ، وهي: الصحيحان: صحيحُ البخاري، وصحيح مسلم، والسنن الأربعة: سنن النسائيّ، وسنن الترمذيِّ، وسُنن أبي داودَ، وسنن ابن ماجةَ.
*120*
الحديثُ النبوي الشريف
الحديث الأول
من رأى منكم منكراً فليغرهُ
عنْ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله سلم يقول:
"من رَأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمانِ". رواه مسلم.
مقاربات وتلميحات
- السند والمتن.
- معنى المنكر.
- أمية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" كفرض ديني في الإسلام.
- بلاغة التشريع في الحديث، مفهوم الإسناد.
أسئلةٌ وأعمالٌ
1. عين السند والمتن في الحديث الشريف.
2. ما دلالة استخدام الأمر في الفعلِ "فليغيره"، وما علاقته بأسلوبِ الشّرط في بدايةِ المتنِ؟
3. يظهر في الحديث أن تغيير المنكر يأتي وفقَ شرطين: التحقق من وقوع المنكر، والقدرةِ على تغيير المنكر. بين ذلك.
*121*
4. بين كيف يتدرّج الحديثُ في النهي عنِ المُنكر، وما تأثير ذلك في ظهور الإسلامِ كديانةٍ سماويّةٍ مرنةٍ.
5. ما الغرض من تكرار أسلوب الشّرط في الحديث؟
6. لماذا وردت كلمة "منكرًا" نكرةً في الحديث؟
7. ما نوعُ الفاءِ الموجودةِ في أوّلِ كلّ جملة؟
الحديث الثاني
كلَّكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيّتِه
حدّثنا بشر بن محمد السختيانيِّ، أخبرنا عبد الله، أخبرنا يونس عن الزّهريّ قال: أخبرَني سالم عن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والإمام راعٍ ومسؤول عن رعيّته، والرجل راع في أهلِهِ ومسؤولٌ عن رعيته، والمرأة في بيتِ زوجِها راعيةٌ ومسؤولةٌ عن رعيّتِها، والخادم في مالِ سيّده راعٍ ومسؤول عن رعيّتِه".
مقاربات وتلميحات
- السّندُ والمتنُ.
- العلاقة بينَ الرّعايةِ والمسؤوليةِ.
- معنى الإمامةِ.
- الحديثُ كمصدرٍ تعليميٍّ وتشريعيٍّ شاملٍ لكلِّ مناحي الحياةِ.
*122*
أسئلة وأعمال
1. عين السند والمتن في الحديث الشريف.
2. ما غاية استخدام التفصيل في الحديثِ؟
3. ما علاقة الرعاية بالمسؤوليّة كما يستشف منَ الحديثِ؟
4. عدّد ثلاثَ مسؤوليّاتٍ ينبغي على كلّ شخصٍ من الأشخاص المذكورين في الحديثِ القيامَ بها.
5. ما المقصودُ بالإمامِ، كما وردَ في الحديثِ؟
6. بين مناحي الحياةِ الّتي يتناولُها الحديثُ.
الحديث الثالث
لا تكونوا إمَّعَةً
هذا الحديثُ له أصلٌ ولكن أساسه في سنن التّرمذيّ عن حذيفةَ بنِ اليَمانِ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تكونوا إمّعَةً، تقولون إن أحسنَ النّاسُ أحسَنَّا، وإن ظلموا ظلمنا، وطِّنوا أنفسكم إن أحسنَ النّاسُ أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا". وهو حديثٌ حَسَنٌ غريبٌ كما قالَ أبو عيسى التّرمذيّ.
*123*
مقاربات وتلميحات
- السند والمتن.
- مفهوم الإمعية.
- معنى "الحديث الغريب" أو "الضّعيف".
- أسلوب الشرط.
أسئلة وأعمال
1. عين السّند والمتن في الحديثِ.
2. ما معنى "إمّعة"؟ وما الظّاهرةُ اللّغويّة في الكلمةِ؟
3. ما سلوكُ الإمّعةِ مِنَ النّاسِ وفقَ الحديثِ؟
4. ما عواقب الإمّعيّةِ في المجتمعِ حسبَ رأيِكَ؟
5. يحكمُ التّرمذيُّ على الحديثِ بأنّه "حسنٌ ضعيفٌ"، فما معنى حكمِهِ هذا؟
6. يستند الحديث إلى أسلوب الشرط، بين ذلك، مشيرًا إلى تأثيرهِ في المعنى.
*124*
الحديث الرّابعُ
العمل والحثُّ
عنِ المقدادِ بن مَعدي كرِب، قال: قالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "ما أكل أحدٌ طعاما قط خيرًا من أن يأكل من عمل يديه؛ وإنَّ نبيَّ اللهِ داودَ عليه السّلام كانَ يأكل من عمل يديه". رواه البُخاريّ.
مقاربات وتلميحات
- السند والمتن.
- القدوة الحسنة.
- الاعتماد على الذّاتِ.
- الكسب الحلال.
- انعكاس تطبيق معنى الحديثِ على المجتمع أفراداً وجماعاتٍ.
أسئلة وأعمال
1. عين السند والمتن في الحديثِ.
2. ما هي الفوائد الّتي تعود ض الفرد من تمسكه بالقيمةِ الإسلاميةِ التي تناولها الحديث الشريف؟
3. ما أهمية الاستشهادِ بنبيِّ اللهِ داودَ عليه السّلام؟
4. كيف يعلمنا الحديث مبدأ الاعتمادِ على الذّاتِ؟
*125*
الحديث الخامس
آيةُ المنافِقِ ثَلاثٌ
حدثنا سليمان أبو الربيع قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر قال: حدَّثنا نافع بن مالك بنِ أبي عامر، أبو سهيل عن أبيهِ عن أبي هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "آية المنافق ثلاثٌ: إذا خدَّث كذَبَ، وإذا وَعَدَ أخلَفَ، وإذا أؤتمن خانَ".
مقاربات وتلميحات
- السّند والمتن.
- مفهوم النفاق.
- أسلوب التفصيل.
أسئلة وأعمالٌ
1 . عيّنْ رجالَ سلسلةِ السند في الحديثِ.
2. ما هي العلامات الّتي تكشف نفاق المسلم في كلامِه وتصرّفاته؟
3. هل هناك صفات أخرى للمنافق برأيك؟ اذكُرها.
4. ما معنى العبارة "آية" في أوّل الحديث؟
5. ما غايةُ أسلوبِ التّفصيلِ في الحديثِ؟
*126*
*126*
)مصادر ومراجع للتوسع: الحوفي، أحمد. فن الخطابة. القاهرة: دار نهضة مصر، د.ت؛ النص، إحسان. الخطابة في عصرها الذهبيّ. مصر: دار المعارف، 1969؛ المقدسي، أنيس. تطور الأساليب النثرية في الأدب العربيّ. بيروت: دار العلم للملايين، 1960؛ أبو زهرة، محمّد. الخطابة: أصولها وتاريخها في أزهى عصورها عند العرب. القاهرة: دار الفكر العربي، 1980؛ مبارك، زكي. النثر الفني في القرن الرّابع. صيدا: المكتبة العصرية، د.ت؛ القوّال، أنطوان. فنّ الخطابة. بيروت: دار العلم للملايين؛ 1996؛ بلاشير، د.ر. تاريخ الأدب العربي. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزّيّات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربيّ. القاهرة: دار نهضة مصر، د.ت؛ ضيف، شوقي. العصر الإسلامي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي، الفنّ ومذاهبه في النّثر العربي. القاهرة: دار المعارف، د.ت).
الخطابة مشتقة من الخطبة، وهي كلامٌ منثورٌ شفويٌّ بليغٌ يتكلّمُ به فصيحٌ متوجّهًا إلى جمهور من المستمعين، يستميلُهُمْ ويقنعُهم بشتّى الأساليبِ البيانيّةِ والبلاغيةِ. تتكوّن الخطبةُ من مقدمة وعرض وخاتمةٍ، يمهد الخطيب في المقدمة لموضوعِهِ، ثمَّ يخوضُ فيهِ من خلال العرض، ويلخص أهم أفكار موضوعه في الخاتمةِ.
تعتمد الخطبة عمومًا على خصائص فنيةٍ تتعاملُ مع كلٍّ منَ العقلِ والعاطفةِ، فالعقلُ أداتُهُ الحجّةُ والبرهانُ وضربُ الأمثلةِ، أمّا العاطفة فوسيلتها انتقاءُ الألفاظِ المعبرّةِ، وانتهاجُ التّرغيبِ والترهيب، والصور البيانيّةُ، والموسيقى التّرصيعيّة.
يحتاج الخطيب المفوّهُ الناجح إلى توافُرِ مقوماتٍ خاصّةٍ ينجحَ في إيصال رسالتِهِ إلى الجمهور، اهمّها:
- جهارةُ الصّوت
- الفصاحة والثّقافة
- جودة الإلقاءِ
- حسن الصوت ومراعاةُ الإيقاعِ
*127*
تطوّرتِ الخطابةُ تطوّرًا بيّنًا بعدَ ظهورِ الإسلامِ، وتبوّأت في العصر الأمويِّ أعلى درجاتِها، وذلك بفعل عواملَ عدّةٍ أبرزها:
1. الثأثر بالقرآن الكريمِ
2. اتّخاذُها أداةً للدّعوةِ الإسلاميّةِ
3. كونُها جزءًا لا يتجرّأ من شعائِر العبادةِ في الإسلامِ، كصلاةِ العيدين والجمعةِ
4. نشوبُ الصّراعات السياسية والحزبيّةِ
5. الفتوحاتُ الإسلاميّةُ وتحميسُ الجنودِ على القتالِ
6. العنايةُ بشؤونِ المجتمعِ من حيث التّقويمُ والإصلاحُ والتّوجيهُ نحو محامد الأخلاق في المناسباتِ المختلفةِ.
وبذلكَ، يمكن تقسيم الخطبِ إلى أنواعٍ، أهمُّها:
1. الخطبةُ الدّينيّةُ
2. الخطبة العسكرية أو الحربيّةُ
3. الخطبة السياسية - الإدارية
4. الخطبة الاجتماعية
للخطبة الإسلامية ميزاتٌ بارزةٌ، أهمُّها:
1. الاستهلالُ بالحمدلة والبسملةِ
2. التّوشيح بشيءٍ من القرآنِ الكريم
3. التأثر بالفكر الإسلاميِّ، كالتوحيدِ والأمر بالمعروف والنّهيِ عنِ المنكرِ
4. وحدةُ الموضوعِ والتّرابطُ المعنويُّ بينَ أجزاءِ النّصِّ
5. اعتماد الترغيب والترهيب والاشتمالُ على العاطفةِ
6. اتّخاذ البراهين والحُجج وسيلةً لمخاطبةِ العقولِ
7. العباراتُ المركبة وجزالة الألفاظِ
8. الاستناد إلى الأساليبِ والصّور البيانيّةِ
*128*
زياد بن أبيه (مصادر ومراجع للتوسّع: بلاشير، د.ر. تاريخ الأدب العربيّ. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1998؛ الزّيّات، أحمد حسن. تاريخ الأدب العربيّ. القاهرة: دار نهضة معبر، د.ت؛ ضيف، شوقي. العصر الإسلامي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي، الفنّ ومذاهبه في النّثر العربيّ. القاهرة: دار المعارف، د. ت؛ الهرفيّ، محمّد عليّ. في النّصّ الإسلاميّ والأمويّ - دراسة تحليليّة. القاهرة: مؤسسة المختار، 1427 ه، صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصورها الزّاهرة. القاهرة: مطبعة البابي الحلبيّ، 1962).
الخُطْبَةُ البَتْراءُ
"أما بعد، فإن الجهالة (فعل الشيء بغير علم وعقل) الجهلاءَ، والضلالة (عكس الهدى والرشاد) العمياء، والغيَّ (الضّلال) الموفي بأَهْلِهِ على النّارِ، ما فيه سفهاؤكم، ويشتمل عليه حلماؤكم (عقلاؤكم) من الأمور العِظام، ينبت فيها الصغيرُ، ولا يتحاشى عَنْهَا الكَبيرُ. كأنكم لم تقرأوا كتاب الله، ولم تسمعوا ما أعَدَّ الله من الثَّواب الكريم لأهل طاعته، والعَذابِ الأليمِ لأهل مَعْصِيَتهِ، في الزمن السَّرْمَدِيِّ (الدائم، الأبدي) الذي لا يزول.
أتكونونَ كمن طرفت (أصابها بشيء فدمعت. طرفَ بصره: أطبق جفنيه) عينيه الدنيا، وسَدَّتْ مسامعه الشهوات، واختار الفانية (الحياة الدنيا) على الباقية (الحياة الآخرة)، ولا تذكرون أنكم أحدثتم في الإسلامِ الحدث الّذي لم تسبقوا إليهِ، من ترككم الضعيف يقهر ويؤخذ ماله. ما هذه المواخير (بيوت الريبة والدعارة) المنصوبة؟ والضعيفة المسلوبة (كناية عن المرأة التي يتم الاعتداء عليها) في النهار المُبْصِرِ، والعدد غير قليلٍ؟ أَلَمْ يكن منكم نُهاةٌ يمنعون الغواة (جمع غاوِ، ضال) عن دَلَجِ (السير من أوّل اللّيل، وهو هنا كنية عن الإفساد في الأرض) الليل وَغارَةِ (الإغارة على العدو، الهجوم) النّهارِ؟ قَرَّبْتُمِ القَرابَةَ،
*129*
وباعدتم الدِّينَ. تعتذرونَ بغيرِ العذر، وتغضون (تطبقون أجفانكم تجاهلاً) عَلى المختلس. كلُّ امرِىء منكم يذب (يدفع، يمنع) عن سفيهه، صَنيعَ مَن لا يخاف عاقبة، ولا يرجو مَعَادًا. ما أنتم بالحلماء، ولقد اتبعتم السفهاءَ، فلم يزل بكم ما ترون من قيامكم دونهم حتّى انتهكوا حرم (جمع حرمة، وهي ما لا يحلّ انتهاكه) الإسلام، ثم أطرقوا وراءكم كنوسا (جمع كانس، مستتر. ومنها قوله تعالى عن النجوم المستترة الجارية في الفضاء الكونيّ: (الجوار الكنس)) في مكانس الرِّيَبِ (جمع ريبة، الشبهة، الشك والظنة. مكانس الريب: مكامنها المستترة).
حرامٌ علي الطعام والشراب، حتّى أُسَوِّيَها بالأرض هدما وإحراقا. إني رأيت آخِرَ هذا الأمْر لا يصلح، إلاّ بما صَلَحَ بِهِ أوَّلُهُ: لين في غير ضعف، وشدة في غير عُنْفٍ، وإنِّي أقسم بالله، لآخذنَّ الوَلِيَّ (السيّد) بالمولى (أي العبد)، والمقيم بالظَّاعِن (المرتحل)، والمقبل بالمدبر، والمطيع بالعاصي، والصحيح بالسقيم؛ حتى يلقى الرجل منكم أخاه فيقول: "أنج سعد فقد هلك سعيد"، أو تستقيم قناتكم (القناة القامة، وقناة الظهر: التي تنتظم الفقار، والقناة: الرمح). إن كذبة الأمير بلقاء (الفرس التي يرتفع بياض قوائمها إلى فخذيها، والفرس البلقاء مشهورة لتميزها عما سواها ببلقها) مشهورة؛ فإذا تعلقتم عليَّ بكذبةٍ، فقد حَلَّتْ (أصبحت حلالاً) لكم معصيتي، فإذا سمعتموها منّي، فاغتمزوها (اطعنوا في مصداقيتي وعدوها من معايبي) فيَّ واعلَمُوا أنَّ عندِيَ أمثالها. من نقب (اقتحم عليه بيته وتعرض للسرقة) منكم عليه، فأنا ضامن لِما ذهب منهُ. فَإيايَ ودلج الليل، فإني لا أوتَى بمُدْلِجٍ إلّا سفكت دمه. وقد أجلتم في ذلك بمقدارِ ما يأتي الخبر الكوفَةَ ويرجع إليْكُم.
وَإيّايَ وَدَعْوى الجاهلِيَّة (الدعوة إلى مناصرة العصبية، وهي من عادات الجاهلية)، فإني لا أجد أحَدًا دعا بِها إلّا قطعت لسانه. وقد أحدثتم (استحدث، أتى بجديد) أحداثا لم تكن؛ وقد أحدثنا لكل ذنب عقوبة: فمن غرَّقَ قَوْمًا أغرقناه، ومن أحرق قَوْمًا أحرَقناهُ، ومن نقب بيتا نقبنا عَن قَلْبِهِ، وَمَنْ نَبَشَ قَبْرًا دفناهُ فيه حَيًّا. فكفوا عَنّي أيديكم ؤألسنتكم، أَكْفُفْ
*130*
عنكم يَدِي وَلِساني. وَلا تظهر من أحدكم رِيبَةٌ بخلاف ما عليه عامتكم، إلّا ضربت عنقه. وقد كانت بيني وبين أقوام إحن (جمع إحنة: الحقد والضغينة)، فجعلت ذلك دَبْرَ (خلف أذني) أني وتحت قدمي، فمن كانَ منكم محسنا فليزدد إحسانا، ومن كان منكم مسيئا فلينزع عن إساءَتِه. إنّي لو علمت أنَّ أحدكم قد قتلهُ السُّلُّ من بغضي، لَمْ أكشف له قناعا، ولم أهتك له سِتْرًا، حَتّى يُبْدِيَ لي صفحته (أي يجاهرني بالعداوة)، فاذا فعل ذلكَ لم اًناظره (صار نظيرًا له، نِدّا)، فاستأنفوا أمورَكُم، وأعينوا عَلى أنفسكم؛ فرُبَّ مبتئس بقدومِنا سَيُسَرُّ، ومسرورٍ بقدومنا سيبتئس.
أيُّها الناسُ! إنَّا أصبحنا لكم ساسه ((جمع سائس)، رؤساء)، وَعَنْكُم ذادةً (جمع ذائد، وهو الحامي، الدّافع): نسوسكم (نحكمكم) بسلطان الله الذي أعطانا، ونذود عنكم بفيْءٍ (الرجوع، ومنه قيل للظل الذي يكون بعد الزوال فيء لأنه يرجع من جانب الغرب إلى جانب الشرق) الله الذي خولنا. فلما عليكم السمع والطاعة فيما أحببنا، ولكم علينا العدل فيما ولينا. فاستوجبوا عَدْلَنا وَفَيْئَنَا بمناصحتكم لنا. واعلموا أنّي مهما قصرت عنه، فلن اًقصر عن ثلاث: لست محتجباً عن طالِب حَاجَةٍ منكم، ولو أتاني طارِقا بليلٍ، ولا حابِساً عطاء ولا رزقا عن إبَّانه (وقت، موعد)، ولا مُجَمِّرًا (جمعهم في أرض العدو وحبسهم عن العودة إلى أهاليهم) لكم بعثا. فادعوا الله بالصلاح لأئمتكم فإنهم ساستكم المؤدبون لكم، وكهفكم الّذي إليه تأوُونَ، وَمَتى يصلحوا تصلحوا. ولا تشربوا قلوبكم بعضهم، فيشتد لذلك غيظكم، ويطولَ لَهُ حزنكم، ولا تدركوا حاجتكم، مَعَ أَنَّهُ لو استُجيبَ لكم فيهم لكان شَرًّا لكم. أَسْأَلُ اللهَ أن يعين كُلًّا على كُلٍّ. وإذا رأيتموني أنفذ فيكم الأمر، فأنفذوهُ على أَذْلالِهِ (جمع ذل. أي وجوهه وطرقه). وَأَيْمُ (للقسم، أصله: يمين الله ويجمع على أيمن وحذفت النّون) الله إن لي فيكم لصرعى (جمع صريع. مطروح على الأرض لا حراك فيه) كثيرة، فليحذر كل امرىءٍ منكم أنْ يَكونَ من صرعاي.
*131*
زياد بن أبية (ت. 53 ه / 673 م)
والٍ أمويٌّ عُرف عنه الدهاءُ، كانَ قائدا عسكريًّا عهدِ الخلافةِ الرّاشدةِ، ثمَّ صارَ أحدَ رجالِ السياسة الأمويين بعد أن قربه معاوية بن أبي سفيان وولاه إمارة البصرةِ والكوفة. ساهمَ في تثبيتِ أركانِ الدّولةِ الأموية في بدايةِ نشأتِها، وضبطَ الأمن في العراقِ، معقلِ الأحزابِ المناوئةِ للحكم الأمويِّ.
لم يعرف أبوه، إذ ولدَ لجارية من مكة، غير أنّه قيلَ إنْ أبا سفيان أقرَّ ببنوته. ماتَ بالطاعونِ.
مناسبة الخطبة
في السنة الخامسة والأربعين للهجرةِ، اختار معاوية بن أبي سفيان زياد بن أبيه واليًا على البصرة، وأضافَ إليه خراسان وسجستان، وكانت البصرة معقلا لأنصار الخليفة علي بن أبي طالب والخارجين على الخلافة الأمويّة، ولهذا، كانت منبعًا للفتن والثورات. كما أن هذا الانفلات السياسيَّ قد اقترن بانحلال أخلاقيٍّ، مع ضعف الولاةِ وكثرةِ توليهم وعزلهم. فلمّا وصل زياد إلى البصرة صعد المنبر وألقى خطبته، وفيها برّرَ إعلانَه الأحكام العرفية على البصرةِ وإخضاعها للسلطة الأمويّةِ وحرصه على تأكيد الأمن فيها.
الخطبة البتراء
هوَ الاسمُ الّذي توصف بهِ الخطبةُ الّتي لا تبدأ بالحمدلةِ، وهي أحد الأسسسِ أو العناصر الرئيسية في الخطبة العربية منذ فجر الإسلامِ، وقد أطلق الجاحظ هذهِ التسمية على هذه الخطبة.
*132*
مقاربات وتلميحات
- غياب مقدمة الخطبة الإسلاميّة التقليديّةِ ودلالته.
- الجو النفسي السائد في النص.
- أسلوبُ الترغيب والترهيب.
- ملامح شخصية زياد.
- الموضوعان الإدارية: القوانين والتشريعات.
- علاقة الحاكمِ بالمحكوم.
- التأثر بروح الإسلام.
- التأثر بالثقافة البدوية.
- الصور والأساليب البيانية.
أسئلة وأعمال
1. ما الغرض من عدم ابتداء زياد خطبته بالطريقة الإسلاميّةِ التّقليديّةِ؟
2. ما تأثير غياب المقدمة التقليدية في نفسية المتلقّي؟
3. ما هي السياسة التي يصرح زياد بانتهاجها مع أهل البصرة حسبَ النص؟
4. يذكر زياد عددًا منَ القوانين والتشريعات الّتي بدأ بفرضها خلال إلقاءِ خطبته، تناول هذه القوانين بالتوضيح.
*133*
5. يستحدث زياد بن أبيه عقوباتٍ جديدة وصارمة لم تكن من قبل. ما الغاية منها؟ وما مدى موافقتها لتعاليم الإسلامِ؟
6. بين ثلاثةَ ملامحَ اسلاميَّةٍ للنّصِّ.
7. كيفَ ترتسمُ لك شخصيّة زيادٍ الوالي والمشرّعِ وفقَ النّصِّ؟
8. كيفَ تظهر علاقةُ الحاكم بالمحكومِ من خلال النّصِّ؟
9. أينَ يظهرُ التّرغيبُ والترهيبُ في النّصِّ؟ إيتِ بمثالين على كلٍّ منهما.
10. بين ثلاثة ملامحَ للثقافة البدويّةِ للنص.
11. يعد زياد بن أبيه أهل البصرةِ أنّه لن يقصر معهم في ثلاثةِ أمور. اذكرها بلغتك.
12. يكثر زيادٌ من استخدامِ القسم، استخرج ثلاثة مواضعَ يظهر فيها، ثمَّ اذكر الغرض من تكراره.
13. استخرج منَ النص مثالاً على كلٍّ مما يلي:
أ. الكناية
ب. الاستعارة
ت. الطباق
ث. المقابلة
ج. السجع
ح. التشبيه
خ. التناص القرآني
د. التضمينُ بالأمثالِ
*134*
طارق بن زياد
(مصادر ومراجع للتوسع: ضيف، شوقي، الفنّ ومذاهبه في النثر العربي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ الهرفّي، محمّد علي. في النص الإسلامي والأموي - دراسة تحليلية. القاهرة: مؤسسة المختار، 1427 ه، صفوت، أحمد زكي، جمهرة خطب العرب في عصورها الزّاهرة. القاهرة: مطبعة البابي الحلبيّ، 1962؛ أبو خليل، شوقي. فتح الأندلس بقيادة طارق بن زياد. بيروت: دار الفكر المعاصر، 1418 ه).
خطبة فتح الأندلس
فلما بلغ طارقا دنوه (أيْ: لذريق) قامَ في أصحابه فحمد الله سبحانه وتعالى، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم حث (حض) المسلمين على الجهاد ورغبهم في الشادة، ثم قال: "أيها الناس، أين المفر؟ البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصدق (أي الصدق في القتال، والصدق: الشدة) والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع (اسم التفضيل من ضائع) من الأيتام في مآدب (جمع مأدبة بالفتح والضم: وهي طعامٌ صُنع لدعوة أو عرس) اللئام، وقد استقبلهم عدوكم بجيشه، وأسلحته وأقواته (جمع قوت: الطعام) موفورة (تام غير ناقص)، وأنتم لا وَزَرَ (لا ملجأ) لكم إلا سيوفكم، ولا أقوات إلّا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم، وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم، ولم تنجزوا لكم أمراً، ذهبت ريحكم وتعوَّضَتِ القلوب من رعبها منكم الجرأة عليكم، فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة (النهاية، آخر الشيء) من أمركم، بمناجزة (مبارزة) هذا الطاغية، فقد ألقت بكم إليكم مدينته الحصينة، وإنَّ انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت، وإنّي لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة (في نجاة ومنعة)، ولا حملتكم على خطةٍ، أرخص مَتَاعِ (التمتع، كل ما ينتفع به) فيها النفوس، أربأ (أحرص عليها وأحفظها) فيها بنفسي، واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشق قليلاً، استمتعتم بالأرفه الألذ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فيما حظكم فيه أوفر من حَظَّي.
*135*
وقد بلغكم ما أنشأت هذه الجزيرة من الحور (جمع حوراء، من الحور، وهو شدة سواد العين وبياضها) الحسان من بنات اليونان، الرافلات (المتبخرات) في الدر والمرجان، والحلل (أثواب) المنسوجة بالعقيان (الذهب)، المقصورات (المخبوءات) في قصور الملوك ذوي التيجان، وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك من الأبطال عزبانا (جمع أعزب وعازب وعزيب، من لا زوجة له)، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارا (جمع صهر، وهو زوج بنت الرجل، وزوج أخته) وأختانًا (جمع ختن، وهو الصهر، أو كلّ من كان من قبل المرأة، كالأب والأخ)، ثقةً منه بارتياحكم للطَّعان، وإسماحكم (سماحكم، بذلكم ما يجب) بمجالدة (محاربة) الأبطال والفرسان، ليكونَ حظه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته، وإظهار دينه بهذه الجزيرة، وليكون مغنمها خالصاً لكم من دونه، ومن دون المؤمنين سواكم، والله تعالى ولي إنجادكم (الإعانة) على ما يكون ذكراً في الدارين (الدنيا والآخرة).
واعلموا أني أول مجيب إلى ما دعوتكم إليه، وأنّي عندَ ملتقى الجمعين (الفريقين، الجيشين)، حاملٌ بنفسِي على طاغية القوم "لذريق" فقالته إن شاء الله تعالى، فاحملوا معي، فإن هلكت بعده، فقد كفيتكم أمره، ولن يعوزكم بطل عاقل تسندون أمركم إليه، وإن هلكت قبل وصولي إليه، فاخلفوني في عزيمتي (إصراري على النصر) هذه، واحملوا بأنفسكم عليه، واكتفوا المهم من فتح هذه الجزيرة بقتله، فإنهم بعده يخذلون (مصدر خذل، أي ترك عونه ونصرته).
*136*
طارق بن زياد (ت. 102 ه / 720 م)
قائد عسكري أموي من أصول بربريةٍ مغربية. فتح الأندلس سنة 92 ه / 710 م، يحمل جبل طارقٍ جنوب إسبانيا اسمه. من أبناء قبائلِ البربر في بلاد المغرب التي فتحها المسلمون. أسلم على يدِ موسى بن نصير أمير أفريقيا، وقدْ مكّنته مواهبه العسكريّةُ من التّرقّي في جيشِ موسى بن نُصَيرٍ حتّى وصلَ إلى أرفعِ المناصبِ، فعين قائدًا لجيشِه، كما عين واليًا على مدينةِ طنجة تقديرًا لكفاءته، ماتَ في الشّامِ.
مناسبة الخطبة
يُروى أن طارق بنَ زياد ألقى خطبته هذهِ لدى دخولِ جيشه بلادَ الأندلسِ، وقدْ بلغَ بِهِ تحميسُ جندهِ للقتالِ أن أحترق سفنه حتّى ييأس الجندُ منَ الانهزام والفرار. تحمس الجند للقتالِ، وأبلوا بلاءً حسنًا فيهِ، وفتحوا البلادَ وقتلوا "لذريق" حاكمَ الأندلسِ. تشكّك الكثير منَ الباحثينَ في صحّةِ نسبةِ النّصِّ إلى طارق بنِ زيادٍ.
مقاربات وتلميحات
1. غاية استخدام أسلوب الاستفهام في بدايةِ النص.
2. المقارنة بين جندِ طارقِ بن زيادٍ وجندِ العدوِّ.
3. أسمى أهداف طارقِ بن زياد الاستراتيجيةِ.
4. ملامح الخطبةِ العسكرية.
5. صورة طارق بن زياد كقائد عسكري وفق النص.
6. أسلوب الترغيب والتّرهيب.
7. ملامحُ الخطابة الإسلاميّة.
8. المميّزات الأسلوبيّة والبلاغيّة.
*137*
أسئلة وأعمالٌ
1. ما غاية استخدام أسلوب الاستفهام في بداية النّصِّ؟
2. يقارن طارق بين حالة جندِهِ وحالةِ العدوِّ، وضح هذهِ المقارنةَ استنادًا إلى النص.
3. ما هو الهدف الأسمى الّذي يضعه طارق في أولويّات جندهِ؟
4. استخرج ملامح الخطبة العسكريّة (الحربيّةِ) منَ النّصِّ.
5. وضح كيف ترتسم صورة طارقِ بنِ زيادٍ كقائدٍ عسكريٍّ من خلال النّصِّ.
6. أعط أمثلةً من النص على استخدام أسلوب الترغيب والتّرهيب.
7. بين الملاح الإسلامية للخطبةِ.
8. استخرج من النص مثالًا على كلٍّ مما يلي:
أ. أسلوب القص
ب. أسلوب الشرط
ت. أسلوب النفي
ث. الكناية
ج. السّجع
ح المقابلة
9. اذكر رأيك في المعاني الحماسية الواردةِ في الخطبةِ.
*138*
*138*
(مصادر ومراجع للتوسع: ضيف، شوقي، العصر العبّاسيّ الأول، القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي، العصر العباسي الثاني، القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ ضيف، شوقي، الفنّ ومذاهبه في النثر العربي. القاهرة: دار المعارف، د.ت؛ مبارك، زكي. النّثر الفنّيّ في القرن الرّابع. صيدا: المكتبة العصريّة، د.ت؛ المقدسيّ، انيس. تطوّر الأساليب النثرية في الأدب العربيّ. بيروت: دار العلم للملايين، 1965).
تطور النثر الفنيُّ في العصر العباسي تطوّرًا واضحًا، بفعلِ استقرارِ أوضاعِ العربِ في الحواضر، وانتشارِ التدوينِ وانتشار مهنةِ الكتابةِ، وقد ارتقت عقول الأدباءِ والعلماءِ مستفيدينَ من تجارب أسلافهم في البلاغة، ومن معارفِ الشعوب الأخرى الّتي أصبحوا على صلةٍ بيّنةٍ بحضاراتِها وآثارِها، وقدْ دخلت أفواج عظيمة منهم إلى الإسلامِ، جالبين معهم حصيلةَ خبراتهم وعلومِهم وآدابِهم.
كانَ ترقّي فنِّ التّرسُّلِ من أبرزِ ما جاءَ بِهِ العصر العباسي، فقد نهض بالترسل عدد كبيرٌ منَ الأدباءِ، راحُوا يكتبون في موضوعاتٍ شخصيّةٍ وعامّةٍ، كلُّها تندرج في الأدبِ والفكرِ والحضارةِ، ومن أشهرِ هؤلاء: الجاحظ، وابن قتيبة، وابن العميد، والصّوليّ، المعرّيُّ وغيرُهم.
كانت حواضر الدولةِ العباسيةِ، وخصوصًا بغداد، والكوفة، والبصرة، (وكذلك سائرَ المدنِ في فارسَ والشام ومصرَ) مراكز الإبداعِ في فنِّ التّرسُّلِ.
امتاز الترسُّلُ في هذا العصر بالزخرفة البيانيةِ وبجزالةِ الألفاظِ والأساليبِ، وبطرْقِ موضوعاتٍ شتّى من موضوعاتِ الحياةِ، كالعقائد، والطرائف، والبخل والجود، والجدِّ والهزلِ وغيرِها.
*139*
أبو العلاء المعرّيّ (مصادر ومراجع للتّوسّع: الواد، حسين. البنية القصصية في رسالة الغفران. تونس: دار الجنوب للنشر، 1993؛ السامراني، إبراهيم. دراسات في تراث أبي العلاء. عمّان: دار الضّياء للنّشر والتّوزيع، 1999؛ رزق، صلاح. نثر أبي العلاء المعرّي: دراسة فنّيّة. القاهرة: دار غريب، 2006؛ العليّ، عدنان. المعرّي في فكره وسخريته. الأردنّ: دار أسامة، 1999).
رسالة الغفران
معَ زهير بن أبي سُلمى:
وينظُرُ الشّيخُ في رياض الجنَّةِ فيرى قصرين مُنيفيْنِ (عالٍ، مشرف)، فيقول في نفسهِ: لأبلغن هذين القصرين فأسأل لمن هما؟ فإذا قرب إليهما رأى على أحدهما مكتوباً: "هذا القصر لزهير بن أبي سُلمى المزنيِّ (زهير بن أبي سلمى: من أصحاب المعلقات، وهو أبو كعب وبحير)"، وعلى الآخرِ: "هذا القصر لعَبيدِ بنِ الأبرص الأسدي (أحد شعراء الجاهلية، عمر طويلا حتّى قتله المنذر بن ماء السماء في يوم بؤسه)". فيعجب من ذلك ويقول: هذان مَاتَا في الجاهليَّةِ، ولكنَّ رَحْمَةَ ربنا وسعت كل شيءٍ؛ وسوفَ ألتمس (طلبه) لقاء هذين الرجلين فأسألهما بم غفر لهما. فيبتدئُ بزهير فيجدُهُ شابًّا كالزهرة الجنيةِ (الذي جنيَ لساعته)، قد وهب له قصرٌ من ونية (اللؤلؤة، الدرّة)، كأنَّهُ ما لبسَ جلبابَ هَرَمٍ، ولا تأفَّفَ من البرم (العِيّ، الضجر). وكأنَّهُ لم يقل في "الميميّةِ" (هي معلقة زهير):
سئمت تكاليفَ (مشاق) الحياةِ ومن يعش ثمانين حوْلًا (سنة)، لا أبا لكَ (جملة اعتراضية تستخدم في حث المخاطب على الجد والاتكال على النفس)، يسأمِ
ولم يقل في الأخرى:
ألَمْ ترَنِي عُمِّرت تسعين حِجَّةً (سنة. والجمع: حجج) وعشرا تِباعًا عشتْها، وثَمانِيا؟
*140*
فيقول: جير (حرف جواب بمعنى نعم) جير! أأنت أبو كعب (بن زهير بن أبي سلمى، من الصّحابة الشّعراء، كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد توعده قبل إسلامه، فجاء الرسول معتذرًا وأنشده قصيدته المشهورة "بانت سعاد"، فكساه النبي بردته، ولذلك سميت القصيدة ب "البردة". وبجير (هو ابن الشاعر زهير بن أبي سلمى، كانَ من الصّحابة الشعراء، أسلم قبل أخيه كعب، وقد شهد مع الرسول صلى الله عليه وسلم فتح مكة)؟ فيقول: نعم. فيقول: أدام الله عزَّهُ - بمَ عفر لك وقد كنت في زمان الفترة والناس همل (جمع هامل، شأنهم مهمل، متسكعون)، لا يحسن منهم العمل؟ فيقول: كانت نفسي من الباطِل نفورًا، فصادفت ملِكًا غفورا، وكنت مؤمِنًا بالله العظيم، ورأيت فيما يَرى النائم حبلاً نزل من السماءِ، فمن تعلق به من سكان الأرض سلم؛ فعلمت أنَّه أمرٌ من أمرِ الله، فأوصيت بني وقلت لهم عند الموت: إن قام قائم يدعوكُم إلى عبادة الله فأطيعوه. ولو أدركت محمَّدًا لكنت أوَّل المؤمنين. وقلت في الميميّة، والجاهليَّةُ على السَّكِنَةِ (المسكن. يقال: تركتهم على سكناتهم: أي على أحوالهم التي كانوا عليها)، والسفه ضارِبٌ بالجرانِ (الجران: باطن العنق من البعير. ومعنى التعبير "ضارب بالجرانِ" أي ثابت ومستقرّ على الأمر):
فلا تكتمن الله ما في نفوسكم لِيَخْفَى، ومهما يكتم الله يعلم
يؤخر، فيوضع في كتابٍ، فيدخر (يوفر، يحفظ) ليوم الحسابِ، أو يعجل فيُنقَمِ
فيقول: ألست القائل:
وقد أغدو على ثبة (جماعة من القوم، عصبة من الفرسان) كرام نشاوى (جمع نشوان. السكران في أول سكرة) واجدين (جمع واجد، محب) لما نشاءُ
يجرون البرود (جمع بردة، الثياب) وقد تمشت حُمَيَّا (شدّته وحدته. والحميا: الخمر نفسها) الكأس فيهم والغناءُ
*141*
أفأطلقت لك الخمر كغيرك من أصحاب الخلود؟ أم حرمت عليك مثلما حرمت على "أعشى قيس" (ميمون بن قيس، من شعراء الجاهلية، لقب بالأعشى لضعف بصره. أدرك الاسلام ولم يسلم. كان يغني بشعره فلقب بصناجة العرب)؟ فيقول زهير: إنَّ أخا بكر (المقصود بالأعشى) أدرك محمدًا فوجبت عليه الحجة (البرهان)، لأنه بُعِثَ بتحريم الخمر، وحظر ما قبح من أمر؛ وهلكت أنا والخمر كغيرها من الأشياء، يشربها أتباع الأنبياء، فلا حجة عليَّ.
فيدعوه الشيخ إلى المنادمةِ (المرافقة والشرب)؛ فيجده من ظراف الندماء، فيسأله عن أخبار القدماء. ومع المنصف (الخادم) باطية (إناء كبير من زجاج يوضع فيه الشراب) من الزمرد، فيها من الرَّحيقِ المختوم شيءٌ يمزج بزنجبيل، والماء أُخِذَ من سلسبيل. فيقول - زاد الله في أنفاسه - أينَ هذه الباطية من التي ذكرها "السَّرَويُّ" (نسبة إلى السراة من أرض بني تميم، ولعله يقصد الشاعر عديّ بن زيد) من التي ذكرها "السروي" (نسبة إلى السراة من أرض بني تميم، ولعله يقصد الشاعر عديّ بن زيد) في قوله:
ولنا باطيةٌ مملوءَةٌ جونةٌ (دلو سوداء. والجونة: الشمس)، يتبعها برذينُها (إناء يستعمل لشرب الماء)
فإذا ما حارَدَتْ (قلت. والحرود: الناقة القليلة اللبن) أو بكأت (قلت. بكأت الناقة وبكؤت: قل لبنها) فُتَّ (كسر قطا صغيرة، فتت) عن خاتم أخرى طينها!
*142*
أبو العلاء المعرّيّ (ت. 449 ه / 1057 م)
أبو العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي، المعري، نسبة إلى المعرة بالشام، فيلسوف وشاعرٌ وأديبٌ. كانَ ضريراً منذُ طفولته، ولم يلق حظوةً عندَ أمراء عصره. تزهّدَ واعتزل النّاسَ واعتكف في منزله للتأمل والتأليف حتّى مات. لقب نفسه ب "رهين المحبسين"، أي العمى والدّار.
من آثاره ديوانُ "سقط الزّندِ"، اللّزوميات، رسالةُ الغفران، وغيرُها.
رسالة الغفران
هي رسالة أدبية ذات طابع لغوي وفلسفي، يبدي فيها المؤلف رأيه في عدد من الأدباء والشعراء والروادة، وقد وضعها ردا على رسالة تلقاها من معاصرة "ابن القارح". تكشف الرسالة جوانب هامة من جوانب شخصية أبي العلاء وفكره، وقد نزع فيها نحو الجرأة الزائدة في التعرض لبعض المسلمات في الدّين الإسلامي، معتمداً على الأسلوب السردي الخيالي، الّذي لا يخلو من تهكم أحيانا. أظهر المعرّي براعته اللغوية من خلال ما استخدمه من مفردات الغريب والشاذ من القاموس العربي. ويرى بعض الباحثين أن الأديب الإيطالي "دانتي" تأثر بهذه الرسالة في كتابه "الكوميديا الإلهية".
مقاربات وتلميحات
- عناصر الأسلوب القصصي.
- مكان الأحداث.
- اللغة.
- الصور البيانية والأساليب البلاغية.
- المضامين الأدبية - الثقافيه.
- أسماءُ الأعلام ودلالاتها.
*143*
أسئلة وأعمالٌ
1. بين عناصر الأسلوب القصصي الواردة في النص.
2. أين يقع مكان الأحداث الموصوفة في النص؟
3. هل ترى تلميحا أو تصريحا بالغفران في النص؟ وضح.
4. مثل لظاهرة الإغراب (استخدام الغريب من الألفاظ) في النص، مبينا علة استخدام هذا الأسلوب.
5. بين الأساليب أو الصور البلاغية في التعبيرين التاليينِ:
أ. "فيجده شابا كالزهرة"ِ
ب. "السفه ضارب بالجران"
6. مثل من النص بأمثلةٍ على ما يلي:
أ. أسلوبُ الاستفهام
ب. الجملة الاعتراضية
ج. أسلوب النفي.
د. السجع.
7. بين مظاهر النعيم في الجنة حسب ما جاء في النص.
8. ما هي الأسباب التي ذكرها زهير بن أبي سلمى لاستحقاقه الجنة؟
9. بين عناصر استخدام الخيال في النص.
10. استخرج أسماء الأعلام الواردة في النص وحدد هويات أصحابها.
*144*
*144*
(مصادر ومراجع للتوسع: السعافين، ابراهيم، أصول المقامات. بيروت: دار المناهل، 1987؛ الشكعة، مصطفى. بديع الزمان الهمذاني رائد القصة العربية والمقالة الصحفية. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1975؛ عوض، يوسف نور. فنّ المقامات بين المشرق والمغرب. مكة المكرمة: مكتبة الطالب الجامعي، 1986؛ مبارك، زكي. النثر الفني في القرن الرابع الهجري. صيدا: المكتبة العصرية، د.ت؛ هلال؟، محمد غنيمي. الأدب المقارن. بيروت: دار العودة، 1983).
أدبُ المقاماتِ:
هو أحد الفنون الأدبية النثرية، ظهر بصورته النهائية على يدِ بديع الزمان الهمدانيِّ في القرن الرابع الهجري / العاشر الميلادي. ويقوم أدب المقامات على الفن القصصي، ويشتمل على خصائصه الرئيسية: الشخصياتِ، والحبكة، والحوار. ولفظةُ "مقام" تعني المجلسَ، ثمَّ تطورت دلالتها وصارت تعني "الحديث" الّذي يلقى على المستمعين في المجلس. وتتميز المقامة بعدد من الخصائص الفنية والأسلوبية، أبرزها:
1. الزخرفة والبديع.
2. اعتماد السجع.
3. وجود راوٍ.
4. وجود بطلٍ.
5. الحبكة القصصية.
6. الحوار الداخلي و / أو الخارجي.
7. الكدية / الحيلة / اللغز / روح النادرة.
طوّر الحريري المقامة، وتبعه الزمخشري والسيوطي وغيرهما.
يمكن توظيف أدب المقامات لاكتساب معلومات تاريخية وحضارية وفكرية عن حياة العرب والمسلمين في القرون الوسطى، كما يمكن تعلم اللغة والبلاغة منها.
*145*
بديع الزمان الهمذانيّ (مصادر ومراجع للتوسع: الشكعة، مصطفى. بديع الزمان الهمذاني رائد القصة العربية والمقالة الصحفية. القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1975؛ عوض، يوسف نور. فن المقامات بين المشرق والمغرب. مكة المكرمة: مكتبة الطالب الجامعي، 1986؛ مبارك، زكي. النثر الفني في القرن الرابع الهجري. صيدا: المكتبة العصرية، د.ت؛ عبود، مارون. بديع الزمان الهمذاني: مصر: دار المعارف، 1963).
المقامة الحِرزية (الحرز هو ما تحفظ به الأشياء لصيانتها من التلف والضياع، ثم خصص في اصطلاح المعوذين بما يكتب ويحمل فيقي حامله من الخطر)
حدثنا عيسى بن هشام قالَ: لما بلغت بي الغربة باب الأبواب (ثغر من ثغور بحر الخزر في الشمال الغربي من بلاد فارس. سمي "باب الأبواب" للأبواب الحديدية التي كانت في أسواره). ورضيت من الغنيمة (المكسب) بالإيابِ. ودونهُ من البحر وَثَّاب (صيغة مبالغة من الفعل وثب، وتعني: ارتفع. (وكأن البحر حي له وثبات إرادية على السفن التي تسير على ظهره)) بغاربه (أعلى الموج). ومن السفن عساف (الذي يبالغ في الاعتساف، أي السير على غير الطريق المطلوب) براكبه. استخرتُ (الدعاء. استخرت الله: سألت الله أن يوفقني خير الأشياء التي أقصدها) الله غي القفول (الرجوع). وقعدت من الفلك. بمثابة (الموضع الذي يثاب إليه، أي يؤوى إليه) الهلك (الهلاك. أي جلست في مكان لا ينجو الجالس فيه). ولما ملكنا البحر (أي صرنا لا نستطيع الافتكاك من قبضته). وجن (أظلم) علينا الليل. غشيتنا (غطتنا، أحاطت بنا) سحابة تمد من الأمطار حبالاً. وتحوذ (من الفعل حاذ) من الغيم جبالاً. بريح ترسل الأمواج أزواجاً. والأمطار أفواجاً (الجماعات). وبقينا في يد الحين (الموت) بين البحرين (بحر الأرض وبحر السماء). لا نملك عدة (ما يستعان به على قهر العدو والنجاة من يده) غير الدعاء. ولا حيلة (قوة) إلا البكاء. ولا عصمة (وقاية) غير الرجاء. وطويناها ليلة نابغية (نسبة إلى النابغة. وهو الذي أكثر من وصف الليل بالطول والقسوة) وأصبحنا نتباكى
*146*
ونتشاكى وفينا رجل لا يخضل (لا يبتل) جفنه. ولا تبتل عينه. رخي الصدر (واسعه. كناية عن عدم التألم واطمئنان الخاطر وارتياح الضمير) منشرحة. نشيط القلب فرحه. فعجبنا والله كل العجب. وقلنا له: ما الذي أمنك (جعلك تأمن وقوعه ولا تخشى نزوله) من العطب؟ (التلف والهلاك). فقال حرز لا يغرق صاحبه. ولو شئت أن أمنح كلا منكم حرزاً لفعلت. فكل رغب إليه (طلب منه). وألح في المسألة (أكثر من سؤاله، كرر من طلبه) عليه. فقال: لن أفعل ذلك حتى يعطيني كل واحد منكم ديناراً الآن ويعدني ديناراً إذا سلم. قال عيسى بن هشام: فنقدناه (أعطيناه نقداً) ما طلب. ووعدناه ما خطب (أي أعطيناه وعداً أكيداً). وآبت (رجعت) يده إلى جيبه فأخرج قطعة ديباج (الحرير) فيها حقه (وعاء صغير) عاج (سن الفيل). قد ضمن صدرها رقاعا (جمع رقعة، وهي الأوراق المكتوبة أحرازا). وحذف (رمى) كل واحد منا بواحدة منها. فلما سلمت السفينة. وأحلتنا المدينة (أي جعلتنا ننزلها ونسكنها) اقتضى (طلب منهم) الناس ما وعدوه. فنقدوه وانتهى الأكر إليَّ فقال: دعوه. فقلت: لك ذلك، بعد أن تعلمني سِرَّ حالك. قال: أنا من بلاد الإسكندرية. فقلت: كيف نصرك الصبر وخذلنا. فأنشأ يَقُولُ:
وَيْكَ لَوْلاَ الصَّبْرُ مَا كُنْتُ مَلأَتُ الكِيسَ تِبْرَا
لَنْ يَنالَ المَجْدَ منْ ضَاقَ بِما يَغْشاهُ صَدْرا
ثُمَّ مَا أَعْقَبَني (أورثني) الـسَّاعَةَ مَا أُعْطِيتُ ضَرَّا
*147*
بَلْ بِهِ أَشْتَدُّ أَزْراً (الظهر. واشتداد الأزر كناية عن قوته) وَبهِ أُجْبُرُ كَسْرَا (إصلاح الكسر، تقويمه)
وَلَوَ أَنِّيَ اليَوْمَ في الغَرْ قَى لَمَا كُلِّفْتُ عُـذْراً
بديع الزمان الهمذاني (ت. 398 ه / 1007 م)
أبو الفضل احمد بن الحسين، كاتب واديب من أسرة عربية ذات مكانة علمية مرموقة، استوطنت "همذان" وبها ولد بديع الزمان فنسب إليها. وقد تمكن بديع الزمان بفضل أصله العربي وموطنه الفارسي من امتلاك الثقافين العربية والفارسية وتضلعه في آدابها، فكان لغويا وأديباً وشاعراً وراوية حديث. اتصل باللغوي الكبير والأديب أبي بكر الخوارزمي وناظره وكان له الفوز. ثمَّ ذاع صيتُ بديع الزّمانِ عند الملوك والرؤساء، والتفّ حوله الكثير من طلاب العلم، فأملى عليهم أكثرَ من خمسين مقامةً. توفي في مدينة هراةَ.
مقاربات وتلميحات
- عناصر أدب المقامات.
- الصنعة اللغوية.
- الصور البلاغية.
- البيئة الاجتماعية.
- الطرفة في المقامة.
- العناصر القصصية.
- داعي تكثيف استخدام الأفعال.
- الدمج بين النثر والشعر.
*148*
1. بين ثلاثة عناصر لأدب المقامات كما يظهر في النص.
2. استخرج ثلاثة عناصر للأسلوب القصصي من النص.
3. لماذا كان عيسى بن هشام مترددا في العودة إلى دياره؟
4. بين واشرح اثنين من مظاهر البيئة الإسلامية الواردة في النصز
5. اشرح التعابير التالية بلغتك:
أ. "رضيت من الغنيمة بالإياب"
ب. "واستخرت الله في القفول".
ج. "وطوينا ليلة نابغية"
6. استخرج اثنتين من الاشارات / اثنين من الإثراءات الأدبية - الثقافية الواردة في النص واشرحهما.
7. ما تقييمك لسلوك الرجل الإسكندريِّ؟
8. ما هي فوائد الصبر حسبما يظهر في الأبيات الشعرية؟
9. ما الدّاعي إلى تكثيف استخدام الأفعال في النّصِّ؟
10. اختر ثلاث صور بلاغية من النص واشرحها.
11. أظهر موطن الطرفة أو الفكاهة في النص مبيناً الغاية من الأسلوب الفكاهيِّ.
12. ما المسوّغُ لاشتمال المقامة كأدبٍ نثريٍّ على الشّعرِ؟
*149*
الحريري (مصادر ومراجع للتوسع: الحريري. شرح مقامات الحريري. شرح وتحقيق: بيروت: دار الكتاب اللبناني، 1990؛ كيليطو، عبد الفتاح. الغائب: دراسة في مقامات الحريريّ. الدّار البيضاء: دار توبقال، 1987؛ عبد الواحد، عمر. التعلق النصي: مقامات الحريري نموذجا. المنيا: دار الهدى، 2003)
المقامة البغدادية
روى الحارث بن همام قال: ندوت (خرجت) بضواحي (نواحيها) الزوراءِ (اسم آخر لبغداد، سميت "زوراء" لازورار قبلتها أي لانحرافها). مع مشيخةٍ من الشعراء. لا يعلق لهم مبار (معارض) بغبار. ولا يجري معهم ممار (مُجادل) في مضمار (الموضع الذي تجهز فيه الخيل للسباق). فأفضنا (اندفعنا) في حديث يفضح الأزهار (حديث يفوق الأزهار في حسنه وتفننه). إلى أن نصفنا النهار (بلغنا نصفه). فلما غاضَ (جف) دَرُّ (كلامها) الأفكار. وصبت (مالت) النفوس إلى الأوكار (البيوت). لمحنا (أبصرنا) عجوزاً تقبل من البعد. وتحضر (تعدو، تجري) إحضار الجرد (الخيل القصيرة الشعر). وقد استتلت (جعلتهم تلوها، يتبعونها) صبية أنحف (أقل لحماً) من المغازل (جمع مغزل). وأضعف من الجوازل (جمع جوزل. فراخ الحمام). فما كذبت إذ رأتنا. أن عرتنا (قصدتنا). حتى إذا ما حضرتنا.
*150*
قالت: حَيّا الله المعارف (الوجوه). وإن لم يكن معارف. اعلموا يا مآل (مرجع) الآمل (الرّاجي). وثمال (ملجأ) الأرامل. أنّي من سروات (سادات. جمع سراة وهو السيد الكبير ذو المروءة) القبائل. وسريات (جمع سرية، وهي السيدة الرفيعة القدر) العقائل (كرائم النساء (تريد أن أباها وأمها من السادات)). لم يزل أهلي وبعلي (زوج) يحلون الصدر (مقدم المجلس). ويسيرون القلب (قلب الجيش، والجيش خمسة أقسام: مقدمة، ساقة، ميمنة، ميسرة، قلب، والقلب محل الملوك. أرادت أنها تقرب الملوك). ويمطون (أمطاه: أعطاه دابة يركب مطاها، أي ظهرها) الظهر (الإبل، الدابة). ويولون اليد (يهبون النعمة). فلما أردى (أهلك) الدهر الأعضاد (جمع عضد، وهو من المرفق إلى الكتف). وفجع (أحزن) بالجوارح (أعضاء الجسد. تريد أن الدهر إذا أهلك أهلها فكأنه قطع جوارحها، فتعطلت منفعتها) الأكباد. وانقلب ظهراً لبطن (تحول، انقلب بعد أن كان مستقيما. كناية عن اختلاف الحال). نبا (ارتفع ولم يستقر) الناظر (من ينظر عليها). وجفا الحاجب (من يحجبها ويسترها). وذهبت العين (الذّهب). وفقدت الراحة (الدعة والسكون، الارتياح). وصلد الزند (لم يشعل ناراً، أرادت انقطاع الخير عنها). ووهنت (ضعفت، استرخت) اليمين. وضاع اليسار. وبانت (بعُدَت) المرافق (كل ما يرتفق به الإنسان من مالٍ وغيره). ولم يبق لنا ثنية (ناقة صغيرة العمر) ولا ناب (ناقة مسنة). فمذ اغبر (علته غبرة) العيش الأخضر (الناعم). وازور (مال وانقبض) المحبوب الأصفر (الدّينار). اسود
*151*
يومي الأبيض. وابيض فودي (ناحية الرأس بين الأذن والجبهة) الأسود. حتى رثى (بكى وأشفق) لي العدو الأزرق (أراد الروم، وهو أعداء العرب). فحبذا الموت الأحمر (الشّديد)! وتلوي (يتبعني) من ترون عينه (شخصه) فراره (معرفته. (من ترون عينه فراره، مثل يضرب لمن يدل ظاهره على باطنه))، وترجمانه (المتكلم عنه. يريد أن صفرة لونه تدلك أنه جائع) اصفراره. قصوى (غاية) بغية (طلب) أحدهم تردةٌ (الثريد، طعام من رغيف يفتت ويبلل بالمرق). وقصارى أمنيته (منتهى غايته) بردة (ثوب). وكنت آليت (حلفتُ) أن لا أبذل الحر (ماء الوجه، أبذل الحر أي أهين نفسي) إلا للحر (الكثير المروءة). ولو أني مت من الضر. وقد ناجتني (حدثتني) القرونة (النفس). بأن توجد عندكم المعونة (ما يستعان به). وآذنتني (أعلمتني) فراسة (حدس النفس) الحوباء. بأنكم ينابيع الحباء (العطاء). فنضر (جعله ناضراً، أنضره) الله امرأً أبَرَّ (راعى، أكرم) قسمي. وصدق توسُّمِي (نظري، ظنّي). ونظر إليَّ بعينٍ يقذيها (يجعل فيها القذى) الجمود (الشح، البخل). ويقذيها (يزيل قذاه) الجود. قال الحارث بن همام: فهمنا (تحيرنا) لبراعةِ عبارتها (فصاحة كلامها). وملح (حسن، جمال. مُلح استعارتها: يريد ما استعارته من تسمية الأشخاص بأسماء الأعضاء) استعارتها. وقلنا لها: فتن كلامُكِ. فكيفَ إلحامُكِ (نظمك للشّعر)؟
*152*
فقالت: أفجر الصخر (أي أخرج من الحجر الماء، ومن البخيل العطاء). ولا فخر! فقلنا: إن جعلتنا من رواتك. لم تبخل بمؤاساتك (المواساة: العزاء والتسلية). فقالت: لأرينكم أولا شعاري (اللباس الداخلي للإنسان. سمي شهارا لأنه يلي شعر الجسد). ثمَّ لأروينكم أشعاري. فأبرزت ردن (كم) درع (قميص) دريس (بال). وبرزت (ظهرت) برزة عجوز دردبيس (داهية). وأنشأت تقول:
أشكو إلى اللهِ اشتِكاءَ المريضْ ريْبَ (جور) الزّمانِ المتعدّي (المتجاوز الحد) البَغيض
يا قومُ إني منْ أُناسٍ غَنُوا (أقاموا، عاشوا) دهراً وجفنُ الدهرِ عنهُمْ غَضيضْ (منكسر)
فخارُهُمْ ليسَ لهُ دافِعٌ وصيتُهُمْ (ذكرهم الحسن) بينَ الوَرى (الناس) مُستَفيضْ (منتشر، ذائع)
كانوا إذا ما نُجعَةٌ (مرعى خصب) أعوزَتْ (فقدت) في السّنةِ الشّهباء (التي أجدبت فلا مطر فيها ولا عشب) روْضاً أرِيضْ (حسن النبات)
تُشَبّ (توقد) للسّارينَ (للماشين ليلاً) نيرانُهُمْ ويُطعِمون الضّيفَ لحْماً غَريضْ (طريّ)
ما باتَ جارٌ لهُمُ ساغِباً (جائع) ولا لرَوْعٍ (الفزع) قال حالَ الجَريضْ (الغص بالريق عند الموت. "وحال الجريض دون القريض" مثل جاهلي قاله الشاعر "عبيرد بن الأبرص" في يوم بؤس النعمان)
*153*
فغيّضَتْ (أذهبت) منهُمْ صُروفُ (مصائب الدهر تصرفك من حال إلى حال) الرّدى بِحارَ جودٍ لمْ نخَلْها ((من الفعل خال): لم نحسبها) تَغيضْ
وأُودِعَتْ (ضمنت) منهُمْ بُطونُ الـثّرى (التراب) أُسْدَ التّحامي (الحماية والمنعة) وأُساةَ (أطباء) المَريضْ
فمحْمَلي (ما أحمل عليه أثقالي) بعْدَ المطايا (الإبل) المطا (الظهر) وموطِني بعْدَ اليفاعِ (العالي من الأرض) الحضيضْ (أسفل الجبل)
وأفرُخي ما تأتَلي (ما تقصر) تشتَكي بؤساً (ضر) لهُ في كلّ يومٍ وميضْ (لمعان)
إذا دَعا الـقانِتُ (العابد) في ليلِهِ موْلاهُ نادَوْهُ بدمْعٍ يَفيضْ
يا رازِقَ النّعّابِ (فرخ الغراب) في عُشّهِ وجابِرَ العظْمِ الكَسيرِ المَهيضْ (الذي انكسر بعد الجبر، الواهن الضعيف)
أتِحْ (قدِّر) لنا اللهُمّ مَنْ عِرضُهُ منْ دنَسِ الذّمّ نقيٌ رحيضْ (مغسول)
يُطفِئ نارَ الجوعِ عنّا ولوْ بمَذْقَةٍ (جُرعة) منْ حاِرزٍ (لبن حامض شديد الحموضة) أو مَخيضْ (لبن منزوع الزبد. المخض: التحريك ليخرج زبده، وإذا مكث المخيض واشتدت حموضته سمي حازرٍ)
فهلْ فتًى يكشِفُ ما نابَهُـمْ (أصابهم، نزل بهم) ويغنَمُ الشّكْرَ الطّويلَ العريضْ (الواسع العرض)
*154*
فوالّذي تعْنو (تذِل) النّواصي (جمع ناصية: مقدم الرأس) لهُ يومَ وجوهُ الجمعِ سودٌ وبيضْ
لولاهُمُ لمْ تبْدُ لي صفحَةٌ (ناحية العنق) ولا تصدّيْتُ (تعرضت) لنَظْمِ الـقَريضْ (الشعر)
قال الراوي: فوالله لقد صدعت (شقت) بأبياتها أعشار (قطع) القلوب. واستخرجت خبايا (ما خبئ فيها من الدراهم) الجيوب. حتى ماحها (أعطاها) من دينه (عادته) الامتياح (طلب المعروف). وارتاح لرفدها من لم نخله يرتاح. فلما افعوعم (امتلأ) جيبها تبرا (ذهب). وأولاها (أعطاه) كل منا برا (الإكرام). تولت يتلوها الأصاغر (الصغار). وفوها بالشكر فاغر (منفتح). فاشرأبت (مد عنقه لينظر، تطلع) الجماعة بعد ممرها. إلى سبرها (اختبارها) لتبلو (تختبر) مواقع بِرِّها. فكفلت (ضمنت) لهم باستنباط (استخراج) السر المرموز (المخفي). ونهضت (تقدمت للمشي) أقفو (أتبع) أثرَ العجوز. حتى انتهت إلى سوق مغتَصّةٍ (ممتلئة) بالأنام. مختصة بالزحام. فانغمست (غابت ودخلت) في الغمار (كثرة الخلق، جماعات الناس)، وأملست (انفلتت بسهولة) من الصبية الأغمار (الجهال). ثم عاجت (مالت) بخلو بالٍ (أي خالية منفردة).
*155*
إلى مسجد خالٍ. فأماطت الجلباب (أزالت). ونضت (نحت، جردت) النقاب (ما يغطى به الوجه). وأنا ألمحها من خصاص (فرج، شقوق الباب) الباب. وأرقب ما ستبدي من العجاب. فلما انسرت (زالت) أهبة الخفر (الحياء). رأيت محيا (وجه) أبي زيد قد سفر (انكشف). فهممت أن أهجم عليه. لأعنفه (أقبح فعله) على ما أجرى إليه. فاسلنقى (صار على ظهره) استلقاء المتمردين. ثم رفع عقيرة (صوت) المغردين (أي المطربين بالغناء). واندفع ينشد:
يا لَيتَ شِعري أدَهْري أحاطَ عِلْماً بقَدْري
وهلْ دَرَي كُنْهَ (حقيقة) غوْري (آخر أمري) في الخَدْع أم ليس يدْري
كمْ قدْ قمَرْتُ (غلبت، خدعت) بَنيهِ بحيلَتي وبمَكْري (خداعي)
وكمْ برزَتْ بعُرْفٍ عليهِمِ وبِنُكْرِ
*156*
أصْطادُ قوْماً بوَعْظٍ وآخرينَ بـشِعْرِ
وأستفِزُّ (أستخف وأخدع) بخَلٍّ عقْلاً وعَقْلاً بخَمْرِ (الخير، والشر. فلان ما عنده خل ولا خمر. أي ما عنده خير ولا شر)
وتارَةً أنا صخْرٌ (ابن الشريد، وأخته الخنساء. أراد أنه مرة رجل ومرة أخرى امرأة) وتارَةً أُختُ صخْرِ
ولوْ سلَكْتُ سَبيلاً (دخلت طريقا) مألوفَةً طولَ عُمري
لَخابَ قِدْحي (السهم، أحد سهام الميسر) وقَدْحي (الضرب بعود الزند لإخراج النار) ودامَ عُسْري (فقري) وخُسْري
فقُلْ لمَنْ لامَ هذا عُذري فدونَكَ (خذ) عُذري
قال الحارث بن همام: فلما ظهرت على جلية (ظاهرة) أمره. وبديعةِ (غريبة) إمره (دهاؤه وعجبه). وما زخرف (زين) في شعره من عذره. علمت أن شيطانه المريد (الخبيث، العاري من الخير). لا يسمع التنفيد (اللوم والتوبيخ). ولا يفعل إلا ما يريد. فثنيت (عطفت) إلى أصحابي عِناني. وأبثثهم (أخبرتهم) ما أثبته (حققه) عياني (معاينتي). فوجموا (غضبوا) لضيعةِ الجوائز (العطايا). وتعاهدوا (تحالفوا) على محرمة (منع وحرمان) العجائز.
*157*
الحريريّ (ت. 516 ه / 1112 م)
أبو محمّد القاسم بن علي الحريري، أديب عربي كبير من أدباء البصرة، وصاحب "مقامات الحريريّ". كان مفرطًا في الذّكاء وفي الحفظ وسرعة البديهة. وكان يقصده العلماء والأدباء وطالبو العلم، يقرأون عليه ويفيدون من علمِهِ.
نسبَ الحريري روايةَ مقاماتِه إلى الحارث بن همامٍ، فهو الذي يروي أخبارها، أمّا بطلُ مقاماتِهِ فهوَ أبو زيد السروجيُّ، وهو متسوّلٌ يتكسّبُ بالبلاغة والبيانِ. غلبتِ الصّنعةُ البيانية على الأسلوب القصصيِّ في مقاماتِ الحريريِّ وطغت عليه. توفي الحريري في البصرة، وترك "درّةَ الغوّاصِّ في أوهامِ الخواص" و "ومُلحة الأعراب في صناعةِ الإعرابِ"، ومجموعةً كبيرةً منَ الرّسائل، وديوانَ شعر، إلى جانب مقاماتِهِ المشهورةِ.
مقاربات وتلميحات
- الأفكار المركزية.
- البنيةُ اللغويةُ الخاصة.
- البيئة المكانية والاجتماعيّةُ كما يصوّرها النّصُّ.
- تنويع أساليب الخطاب.
- الأسلوب القصصيُّ.
- عناصر أدب المقامةِ.
- الدّمج بين الشعر والنثر.
- الشخصيات ومواصفاتها.
- الحيل المشار إليها في النّصِّ.
- الصور البلاغية.
- استخدام غريب الألفاظ.
*158*
أسئلة وأعمال
1. عين العناصر القصصية الظاهرة في المقامةِ.
2. يظهر أبو زيد السروجي مرتين على مسرح الأحداث في النص، بين هيئة ظهوره في كل منهما.
3. بين ثلاثة عناصرَ لأدبِ المقاماتِ تظهر في النص.
4. ما رأيك في سلوك أبي زيد السروجي؟
5. أين موطن الطرفةِ أو الفكاهة في النص؟
6. في النّصِّ مجموعتان من الأبيات الشعرية؛ فما وظيفة الشعر في هذهِ المقامة؟ وما الأفكار المركزية التي تتضمنها كل مجموعةٍ؟
7. كيف كان رد فعلِ الشعراء (القوم) تجاه العجوز في مجرى النص ثم في نهايته؟
8. يركز صاحب النص على استخدام الألوانِ في الفقرة التالية: "فمذ اغبرَّ العيش الأخضر، وازورَّ المحبوب الأصفر، اسودَّ يومي الأبيض، وابيض فودي الأسود، حتى رثى لي العدو الأزرق، فحبذا الموت الأحمر، وتلوي من ترون عينه فراره، وترجمانه اصفراره". بين دلالات الألوان وتأثيرَها على المعاني والصّور البيانيّةِ.
9. استخرج من النص ثلاث صور بلاغيّة واشرحْها.
10. إيتِ بنماذج من النص تظهرُ مبالغةَ صاحبِهِ في الصّنعةِ والتكلّفِ اللغويِّ (أي تعمّد استخدام غريب الألفاظِ).
11. اكتبْ رأيك في النص؛ ما أعجبكَ فيه وما لم يعجبْكَ.
*159*
*159*
*160*
الأساليب البلاغيّة:
هي الأساليب والتقنيات التي تندرج تحت علوم البلاغة الثلاثة: البديع، البيان والمعاني. تستخدم هذه الأساليب بغية وتجميل الكلام وتزويق اللفظ، وتعميق الدّلالات و / أو نقلها من مستوى إلى آخر. من أبرز هذه الأساليب: الجناس، الطباق، الكناية، الاستعارة والتشبيه.
الاستطراد:
هو أن يخرج المتكلم من الغرض الذي هو فيه إلى غرض آخر لمناسبة بينهما، ثم يرجع فينتقل إلى إتمام الكلام الأول. وقد اشتهر الشعر الجاهلي عمومًا بانتهاج الاستطراد، وكذلك بعض كتاب العصر العباسي، وخصوصا الجاحظ. من شأن الاستطراد إثراء النص بمزيد من المواقف والأوصاف والمعلومات، غير أنّه قد يحوّل انتباه القارىء أو السّامع عن موضوع النّصّ الأساسيّ وعن غرضه الرئيسيّ.
الاستعارة:
هي تشبيه بليغ حذف أحد طرفيه؛ المشبه أو المشبه به. ويقصد به التشخيص أو الإيهام أو التأكيد أو غير ذلك. تنقسم الاستعارة إلى أنواع أبرزها: الاستعارة التصريحيّة، والاستعارة المكنيّة.
مثال ذلك قول أبي ذؤيب الهذليّ:
وإذا المنيّةُ أنشبَت أظفارَها ألفيت كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ
الاستفهام الإنكاريّ (البلاغيّ):
هو الاستفهام الّذي لا نجيب بعد إلقائه وإنّما يكون له معانٍ اخرى. هذا النوع من الاستفهام لا يقصد به الاستفهام بعينه، بل يراد منه قصد آخر غير الاستفهام كأن يكون لغرض التوبيخ او التّقرير او التّشويق أو التمني وغير ذلك. إذ أنّ الغرض منه هو غرض بلاغيّ وليس الاستفهام الحقيقيّ.
ومثال ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد الباعة: "أحشَفًا وسوءَ كيلةٍ".
الاستهلال:
هو واجهة الكلام، التي من خلالها تكون الإشارة إلى موضوع النص، وذلك بغية لفت انتباه السامع أو القارئ إلى الموضوع الّذي يتناوله النص.
الأسطورة:
هي نوع من السّرد القصصي المبتدع شعبيًّا، وهو معدّ في الأساس لتفسير ظواهر عجز الإنسان عن فهمها. غالبا ما تظهر شخصيّات خياليّة وقوًى خارقة في الأساطير. تظهر الأساطير في بعض الأشعار الكلاسيكيّة.
*161*
الإغراب:
هو استخدام اللغة غير المألوفة في الكلام الأدبي الدّارج بين الأدباء، وذلك بهدف إظهار البراعة اللغوية والقدرات البلاغية لدى الأديب. واشتهر "أبو العلاء المعريّ" بهذا الأسلوب في رسالة الغفران.
كما أن الإغراب أيضًا صياغة الكلام بصورة غير مألوفة، في الأدب الحديث، بغية خلق جو من الغرابة يهيىء لاستخدام الرّمزيّة.
الاقتباس:
هو عبارة عن اشتمال كلام الأديب كلامًا منسوبًا لغيره. قد يكون هذا الكلام المقتبس شعراً أو نثراً. وقد يعمد إليه الكاتب أو الشّاعر في الأجدب الحديث، يصدّر به نصه بغية التّمهيد له. مثال ذلك اقتباس محمّد علي طه كلام ابن العربي في مستهلّ قصّته "النخلة المائلة".
الالتفات:
هو انتقال جهة الكلام من أسلوب لآخر، كأن ينتقل المنشىء من ضمير المخاطب إلى الغائب أو بالعكس، أو من أسلوب الإخبار إلى النّداء.
الأنا الشّعريّة:
هي توظيف ضمير المتكلم في النّصّ الشعريّ. وبهذا التوظيف ينطلق الشّاعر من ذاته للتّعبير عن مشاعره ومواقفه من الحياة، ويبدو منقطعًا عن العالم المحيط به، وبعيدا عن الموضوعيّة. يكثر استخدام هذا الأسلوب في النصوص الحداثية.
الانتحال:
هو أن يأخذ الأديب، شاعرًا كان أو كاتبًا، كلام أديب آخر، بلفظه أو بمعناه أو بأسلوبه، دون أن يشير إلى صاحبه، وهو نوع من السّرقة الأدبيّة. ومن أمثلة ذلك البيت التّالي، وهو منسوب إلى كلّ من أوس بن حجر وزهير بن أبس سُلمى، وهما شاعران جاهليّان:
إذا أنتَ لم تعرض عنِ الجهل والخنا أصبتَ حليمًا أوْ أصابَكَ جاهلُ
الإنشاء:
هو الكلام الّذي لا يحتمل الصّدق أو الكذب. وهو على ضربين: طلبيّ؛ كالأمر والنّهي والاستفهام والتّمنّي والنّداء، وغير طلبيّ؛ كالمدح والذّمّ والتّعجّب والقسم والرّجاء.
*162*
من أمثلة الإنشاء الطّلبيّ قول حسّان بن ثابت:
ألا أبْلغْ أبا سفيان عنِّي فَأَنْتَ مجوف نَخِبٌ هواءُ
ومن أمثلة الإنشاء غير الطلبيّ قول جرير:
يا حبذا جبل الرّيّانِ من جبلٍ وحبذا ساكن الريانِ من كانا
الإيجاز:
هو اختصار الكلام وتقليل ألفاظه مع بلاغته، يقال لغة: أوجز الكلام إذا جعله قصيراً ينتهي من نطقه بسرعة. فهو إذن صياغة كلام قصير يدلّ على معنًى كثير وافٍ بالمقصود، عن طريق اختيار التعبيرات ذات الدلالات الكثيرة، كالأمثال والاستغناء بدلالة القرائن على ما حذف، أو عن طريق استخدام ما بني على الإيجاز في كلام العرب، كالحصر، والعطف، والضّمير، والتّثنية، والجمع، وأدوات الاستفهام، وغير ذلك.
الإيحاء:
هو نقل فكرة الأديب أو مشاعره إلى المتلقي من خلال النص بطريقة خفيّة، وبذلك يتحقق تأثره بها فيخلق في نفسه تفهّمًا وتذوقا للمضمون. والنصوص الأدبية عمومًا تمتاز بدرجات متفاوتة من الإيحاء، تزداد في النّصوص الشعرية، وخاصّة النّصوص الحديثة منها.
البيت المدور:
هو البيت الذي تقع فيه كلمة بين شطري البيت ليستقيم الوزن. ومثال ذلك الأبيات 2، 8، 9، 14 في قصيدة "إيوان كسرى" للبحتريّ.
التأنيس:
هو منح صفات الإنسان وأعماله لغير الإنسان، سواء كان من الكائنات الحبة أو من الجمادات. يعتبر التّأنيس نوعًا من التشخيص، ونجده ضمن الاستعارات. ويسمّي البعض هذا الأسلوب أيضًا "الأنسنة".
مثال ذلك قول إبراهيم طوقان في قصيدته "الحبشيّ الذّبيح":
قالُوا حلاوة روحِهِ رقصت بِهِ فأجبْتُهُم ما كلُّ رقصٍ يطربُ
التّجريد:
هو أسلوب يعتمد على تجريد الشّاعر من نفسه ذاتاً أخرى، يقوم بمخاطبتها. من أمثلة ذلك قول الخنساء:
قذًى بعينك أمْ بالعين عُوّارُ أم ذرفت إذ خلت مِن أهلِها الدّارُ
*163*
التّرادف:
هو دلالة عدد من الكلمات المختلفة على المعنى الواحد، بهدف إثراء دلالات الألفاظ والتأكيد على معانيها.
الترخيم:
هو حذف آخر الاسم المُنادى بهدف ترقيق الصّوت وجعل لفظ الاسم أكثر عذوبة. مثال ذلك قول عنترة في معلّقته:
يَدْعونَ عنتر والرّماح كأنها أشطان بئرٍ في لبان الأدهم
الترديد:
هو تكرار لفظ معين في البيت الواحد، مع اكتساب دلالات معنوية إضافية من تكراره. ومثال ذلك قول أبي تمّام:
فبين أيامك اللاتي نصرت بها وبين أيام بدر أقرب النسب
وقول ابن زيدون في قصيدته "أضحى التنائي":
بنتم وبنا فما ابتلت جوانحنا شوقاً إليكم ولا جفّتْ مآقينا
التّشطير:
هو التّصريع الداخلي في الشعر، ويكون في كل من الصّدر والعجز.
مثال ذلك قول أبي تمام في "فتح عمّوريّة":
تدبير معتصم باللهِ منتقمٍ لله مرتقب في الله مرتغبِ
الترصيع:
هو توافق الألفاظ داخل البيت الشّعري الواحد، أو العبارتين المتتاليتين في النثر، بحيث تكون متقابلة تناظريا. والترصيع مأخوذ من ترصيع العقد وذلك أن يكون في أحد جانبيه من اللآلئ مثل ما في الجانب الآخر. فالمفهوم العامّ للترصيع هو جعل أجزاء البيت الداخلية جملاً متوازنة متشابهة النّهايات كالسّجع. مثال قول أبي صخر الهذلي:
سودٌ ذوائبها بيض ترائبها محض ذوائبها صيغت على الكرَمِ
التشبيه:
هو أسلوب يدلّ على مشاركة أمر لأمر آخر في صفته الواضحة؛ ليكتسب الطرف الأول، وهو المشبّه، من الطرف الثاني، وهو المشبّه به، قوّته وجماله. وللتّشبيه أركان أربعة، وهي:
- المُشَبَّه: وهو الموضوع المقصود بالوصف؛ لبيان قوته أو جماله، أو قبحه أو غير ذلك.
*164*
- المشبه به: وهو الشيء الّذي جئنا به نموذجًا للمقارنة؛ ليعطي للمشبه القوّة أو الجمال، أو غير ذلك، على أن تكون الصّفة فيه أوضح.
- وجه الشبه: وهو الوصف الذي يستخلص في الذهن من المقارنة بين المشبّه والمشبّه به، أو هو الصّفة المشتركة بين الطّرفين المذكورين.
- أداة التّشبيه: هي الرّابط بين الطرفين (المشبّه والمشبّه به).
وقد تكون الأدوات حروفًا (الكاف، كأن)، أسماءً (مثل، شبه، شبيه، نظير.)، أو أفعالاً (يحاكي، يشبه، يماثل..).
وقد يُحذف وجه الشّبه أو أداة التّشبيه أو كلاهمها.
ومن أمثلة التّشبيه قول أبي تمّام:
حتّى كأن جلابيبَ الدُّجى رغِبَتْ عن لونِها وكأنَّ الشمس لم تغب
التّشخيص:
هو خلع صفات الأحياء على الأشياء وإلصاقها بها، ويكثر التشخيص في الاستعارات. ومثال ذلك قول الفرزدق في وصف الربيع:
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكا من الحسن حتى كادَ أن يتكلما
التّشطير:
هو إجراء تصريع داخليّ على كلّ من الصدر والعجز في البيت الشّعري. ومثال ذلك قول أبي تمام:
تدبير معتصم بالله منتقم لله مرتغب في الله مرتقِبِ
التصريع:
هو اتفاق قافية الشّطر الأوّل من البيت الأول مع قافية القصيدة، ويكون في البيت الأوّل غالبا. ومثال ذلك قول الأعشى:
ودع هريرة إذ الركب مرتحل وهل تطيق وداعا أيها الرجل
وقول الكميت في قصيدته "طربت وما إلى شوقًا إلى البيض أطرب":
طربْت وما شوْقًا إلى البيض أطربُ ولا لعِبًا منّي وذو الشيب يلعبُ
التضمين:
هو عدم إتمام المعنى في البيت الواحد، ولجوء الشاعر إلى بيت إضافيّ أو أكثر لإتمامه. وقد عد التضمين عيبا من عيوب الشعر القديم. ويسمى في الشّعر الحديث الجريان، إذ تبدو القصيدة الحديثة من خلاله كسيل جارٍ من التّعابير تكتسب معه الانسيابيّة. ومن أمثلة ذلك في الشّعر الكلاسيكي قول الخنساء:
وما عجول على بو تطيف به لها حَنينانِ إعلانٌ وإسرارُ
يومًا بأوجدَ منّي إذ فارقني صخر وللدهر إحلاءٌ وإمرارُ
*165*
ومن أمثلة ذلك في الشعر الحديث قول عبد الوهّاب البيّاتي في "ذكريات الطفولة":
كنا نقولُ كما نشاء
حتى النّجوم
كنا نقول بأنها كانت عيون
للأرض تنظر في فتون
التفعيلة:
هي مجموعة الحركات والسكنات الّتي يتكون منها الوزن الموسيقي في الشعر العربي. والتّفاعيل هي: فعولن، وفأعلن، مفاعلين، مفاعلتين، فاع لاتُنْ، مستفعلن، فاعلاتن، متفاعلن، مستفع لن، مَفْعُوْلات.
التكثيف:
هو الإيجاز والاقتصاد في المعطيات القصصيّة أو الشّعريّة، يقوم على الحذف والإضمار أو على التلميح والرّمز والخيال، وكل ذلك بهدف استثارة القارىء للتّعاطي مع النص تأويلاً وتفاعلاً.
التكرار:
هو الرّجوع على لفظة (كلمة أو أكثر) بنفس معناها مرّتين أو أكثر، ويكون ذلك لفرض بلاغي، كالتأكيد، والتهويل، والتوبيخ والتحبب، وما إلى ذلك. وقد يكون أيضا للإيقاع الموسيقي.
ومثال ذلك قول الخنساء:
تبكي خناس فما تنفك ما عمرت لها عليه رَنين وهي مفتار
التكلّف:
وهو المبالغة في توسّم البديع والزّخرفة الأسلوبيّة في النص الأدبي. وقد يقصد إليه الأديب قصدًا، فيكون عندئذٍ غايةً لا وسيلة. وتمتاز المقامات عمومًا بذلك، وخاصّة مقامات الحريريّ.
التّناصّ:
هو كتابة نصّ على نصّ، (مثل بيت شعر على حديث نبويّ أو آية قرآنية، أو جملة نثرية على كلام مأثور)، أو إجراء مشاركة بين نصّ وآخر.
والتناص هو من المصطلحات الحديثة التي دخلت على الأدب العربيّ. إلاّ أنّ له جذورًا في التراث العربي. واعتبر عند بعض البلغاء نوعا من السّرقة الأدبيّة والانتحال.
ومن أمثلة التّناصّ قصيدة "حكاية قديمة" لصلاح عبد الصّبور، وقصيدة "أنا يوسف يا أبي" لمحمود درويش.
*166*
التّورية:
هي ذكر لفظ ذي معنيين قريب وبعيد، بحيث يراد منه البعيد لا القريب. ومثال ذلك قول ابن نباتة:
كأنا للمجاورةِ اقتسمنا فقلبي جارهم والدمع جاري
الجناس:
هو تشابه تام أو كلي بين لفظتين أو أكثر، مع اختلافهما في المعنى. من أشهر أنواعه الجناس التام والجناس غير التام. ومن أمثلة الجناس غير التام قول القائل:
وكنا متى يغزو النبي قبيلة تدافع عَنه بالقَنا والقنابل
الحبكة:
هي سلسلة الأحداث المتتابعة من بداية العمل القصصيّ إلى نهايته، مرورًا بالعقدة (الذّروة). تعكس الحبكة القصصيّة وعي القارىء وإحساسه بأحداث القصّة.
الحداثة:
هي تيار فكريّ غربي الاصل، ظهر في فرنسا منتصف القرن التّاسع عشر، وانتشر في أرجاء واسعة من العالم، حتّى وصل إلى العالم العربيّ. يرفض هذا التيار القديم بأشكاله ومضامينه، ويدعو إلى تقويض القوالب التراثية المعمول بها، وإلى إعادة بناء تفكير الإنسان، فنادى بالعبثية والفوضويّة والتجريب على اعتبار أنّها إبداع يناسب العصر الحديث. ونتيجة لتأثير هذا التيار في الأدب العربيّ، ظهر شعر التّفعيلة (الشعر الحرّ) وقصيدة النثر. كما تبنّت الأعمال الروائية تقنيّات غير مألوفة، كتداخل الأزمنة، وتنويع طرائق السّرد، وتكثيف الخيال والرمز، وتهميش الشخصيّات، وغير ذلك.
من دعاة الحداثة في الأدب العربيّ: يوسف الخال، أدونيس، وصلاح عبد الصبور.
الحَشو:
هو إدخال عبارات يمكن الاستغناء عنها دون أن يفقد النّصّ شيئًا من معناه. وقد يكون في الشّعر كما يمكن أن يكون في النّثر. ليس هناك اتّفاق بين القرّاء على "مقدار" الحشو في النّصوص، لأن ذلك يتوقف على مدى تعمّق القارىء وعلى نظرته إلى النّصّ.
الحقل الدّلاليّ:
هو مجموع الألفاظ التي تشرك في مجال دلاليّ معيّن، كألفاظ: "الخيل"، "الوقيعة"، "الوغى"، "مدجّج"، "الكماة"، "نزاله"، "طعنة"، الرمح"، "القنا"، الرماح". وهي من الفروسية والحرب، نجدها في معلّقة عنترة.
*167*
الحوار:
هو كلام يدور بين اثنين أو أكر، يكشف عن طبيعة الشخصيات، نوايا وأفكارها، كما يكشف عن الأحداث ماضيها، حاضرها ومستقبلها. يمكن أن يكون الحوار خارجيا (بين أكثر من شخصية)، أو داخليًّا (حوار بين المرء وذاته).
الخبر:
هو الكلام الّذي يحتمل الصّدق والكذب لذاته، وهو كقول المتنبّي:
وتغضبون على مَنْ نال رفدَكُمُ حتى يعاقبَهُ التنغيصُ والمنَنُ
الرّسالة:
هي أحد أبرز الأنواع الأدبيّة النّثرية الكلاسيكية، وتنقسم إلى أنواع:
الرّسائل الإخوانيّة: وهي الّتي تختص بتبادل المشاعر بين الإخوان والأصدقاء، وتنطوي على أغراض متعدّدة كالمديح والعتاب والاعتذار والتهنئة والتّعزية وغير ذلك.
الرّسائل الديوانيّة: وتدور حول إدارة الدّولة والدّواوين، وتتّصل بموضوعات السّياسة والاقتصاد والفقه والحساب وغير ذلك.
الرّسائل الأدبيّة: وتختصّ بالتّعبير عن مواقف الأدباء من الحياة والفكر والفلسفة والأدب، كرسالة الغفران للمعرّى، ورسالة التّوابع والزوابع لابن شهيد.
النّيوكلاسيكية:
هو تيار أدبي ظهر في نهاية القرن التاسع عشر، يقوم على التّشبّه بالشّعر الكلاسكي في متانة أسلوبه ورصانة ألفاظه. فاعتمد شعراء هذا التيار على تركيبة القصيدة الكلاسيكيّة الشّكلية، فاعتمدوا حرف الرّويّ الموحد، والقافية الموحّدة والوزن الواحد، واستهلّوا قصائدهم غالبًا بالنّسيب. وقد تختلف موضوعات القصيدة النيوكلاسيكيّة عن نظيرتها الكلاسيكيّة تأثرًا بالظروف الحياتيّة والحضاريّة الّتي واكبت نهاية القرن التّاسع عشر وبداية القرن العشرين، إذ تبوّأت موضوعات القوميّة والوطنية والصّراعات الاجتماعية مكانًا بارزًا فيها.
من أبرز شعراء النّيوكلاسيكيّة أحمد شوقي والبارودي وحافظ إبراهيم. ومثال ذلك قصيدتا "ردّوا عليّ الصّبا" للبارودي و"سوريا ومصر" لحافظ إبراهيم.
الرّومانسية:
هو تيار أدبيّ ظهر في الآداب الأوروبية خلال القرن الثّامن عشر، يقوم عل التأمّل الفلسفيّ العميق في الحياة والطبيعة والمجتمع. ظهر تيّار الرومانسيّة في الأدب العربيّ في أواسط القرن العشرين، حيث ميّز الشعر المهجريّ وجماعة أبولّو، بالإضافة إلى كتابات بعض الرّوائيين كيوسف السّباعيّ.
*168*
الرّويّ:
هو أحد حروف القافية الذي تُبنى عليه القصيدة، ويتكرّر مع تكرار أبياتها، وهو لازم في كلّ بيت في القصيدة العموديّة. اشتهرت معظم القصائد الكلاسيكية به، كلاميّة العرب للشّنفرى، ورائيّة عمر بن أبي ربيعة، وسينيّة البحتريّ وغيرها.
الشجع:
هو من المحسّنات اللّفظيّة في الكلام المنثور، وهو أن تتفق الفاصلتان في الحرف الأخير (الفاصلة في النثر كالقافية في الشّعر). والسّجع مأخوذ من سجْع الحمامة. عُدّ السّجع من الأساليب المذمومة في صدر الإسلام نظرًا إلى اتّباعه من قبل الكهنة في الجاهلية فيما يُعرف ب "سجع الكهّان".
يهدف السّجع إلى تعزيز الإيقاع الموسيقيّ في الكلام المنثور، وإبراز نوع من التّوافق اللفظيّ، والفصل بين الجمل. ازدهر السّجع في القرن الرّابع الهجريّ / العاشر الميلاديّ في أدب المقامات والرّسائل. كما عُرف السّجع أيضا في الخطب الّتي تعود إلى العصر الجاهليّ. بالإضافة إلى ذلك، نجد السّجع في بعض الخطب الإسلامية، لكنّه ليس سجعا يلتزم به الخطيب. ومن أمثلة السّجع قول الرّسول صلى الله عليه وسلّم: "رحم الله عبدًا قال خيرًا فغَنِمَ، أو سكت فَسَلِمَ".
السيرة الذّاتية:
هي أحد أنواع السرد القصصي الهادفة إلى كتابة ترجمة حياتي خاصة بالكاتب، أي أن الكاتب هو الذي يكتب عن حياته ويوثقها، سواء استخدم ضمير المتكلّم أو ضمير الغائب. يحتاج أدب السيرة الآتية إلى نوع من الجرأة؛ إذ يغلب فيه أن يسجّل الكاتب اعترافات قد لا يفضل الإنسان العادي التعبير عنها. من أمثلة الأعمال السيرية في الأدب العربي: "الأيام" لطه حسين، "البئر الأولى" لجبرا إبراهيم جبرا، "غربة الرّاعي" لإحسان عبّاس، و"رحلة جبليّة، رحلة صعبة" لفدوى طوقان.
الشّخصيّة:
تعتبر الشّخصية أحد عناصر العمل القصصيّ. ولها عدّة أنواع:
الشخصية الرّئيسية: وهي الّتي تدور حولها معظم أحداث النّصّ، ولها حضور فاعل في الحبكة القصصيّة على طول النّصّ.
الشخصية المدوّرة: وهي الشخصية النّامية، الّتي تتطور خلال الأحداث بصورة تفاجىء القارىء أحيانًا. الشخصية المسطّحة:
وهي الشّخصية الجانبيّة التي تبدو محدّدة الملامح، فلا تتطوّر ولا تتغيّر مواقفها. تستخدم لتوطيد أركان العمل القصصيّ ومنحه ثباتًا، بالإضافة إلى أنّها تخدم كلًّا من الشّخصية المدوّرة والشخصية الرئيسية.
الشّخصيّة النّمطية:
وهي الشّخصية التي تمثل طبقة أو شريحة من طبقات أو شرائح المجتمع، بحيث لا تكون لها ملاح "شخصية"
*169*
محدّدة، بل ملامح عامّة، فقد تدلّ هذه الشخصية مثلا على طبقة العمّال، أو المسقّفين، أو البخلاء، أو النّساء، أو غير ذلك.
شعر التّفعيلة:
هو أحد أنماط الشعر الحديث، وهو نمط يخرج على قالب القصيدة الكلاسيكيّة، ويعتمد على التفعيلة الواحدة كوحدة مستقلّة للوزن الموسيقيّ. يُنسب تأسيس هذا النّوع من الشّعر إلى كلّ من الشّاعرين العراقيين السياب ونازك الملائكة. يمتاز هذا الشعر بالوحدة الموضوعيّة، وبتعدّد حروف الرّوي وبالغموض، كما يتّجه إلى توظيف الأسطورة والرّمز. يسمّى هذا الشعر أيضًا "الشعر الحرّ".
الصنعة:
هي عبارة عن الجهد الّذي يبذله الأديب لإنشاء النّصّ الأدبيّ خاصّته، ويشمل الأساليب البلاغية المتوسّمة، والمحسّنات اللغوية، إلى جانب ابتكار المعاني والأغراض.
الصورة الشّعريّة:
هي تركيب لغويّ يمكن الشاعر من تصوير مشاعره وعواطفه بصورة محسوسة، ويجعله حاضرًا على أرض الواقع أمام المستمع، معتمدا على التشخيص، والتّشبيه وتفعيل الحواسّ.
الطباق:
هو الجمع بين كلمتين متضادتين في الشعر أو النثر. ومن خلال النظر إلى الأمر وضدّه معًا، يمكن إجراء نوع من المقارنة بينهما بهدف إبراز التباين بين المتضادّين. فكلّ ضدّ كفيل بإبراز ضدّه. من أمثلة الطّباق قول الشاعر في البيت الثاني أدناه:
إنما الدّنيا هِبات وعوار مستَرَدَّة
شدة بعد رخاءٍ ورخاء بعد شِدَّة
علم العَروض:
هو علم يبحث في أوزان الشّعر العربيّ، يقوم على التقطيع، أي مقابلة ألفاظ الشعر بالألفاط الّتي تؤلف الوزن. وهذه الألفاظ تسمّى "التفعيلات". من أوزان الشّعر العربيّ: الطويل، البسيط، الكامل، الوافر، الهزج، الرّجز، الرّمَل، وغيرها.
الفولكلور:
وهو مصطلح غربي، يعني عادات الشّعب وتقاليده الراسخة في آثاره العفوية وممارساته العمليّة. تظهر ملاح الفولكلور في النصوص الأدبية أحيانًا كثيرة، كالشّعر والقصّة القصيرة والرّواية والمسرحيّة.
*170*
القافية:
هي المقاطع الصّوتية الّتي تكون في أواخر أبيات القصيدة، وهي الّتي يلزم تكرار نوعها في كل بيت. وتعرّف بأنها من آخر البيت إلى أوّل ساكن يليه مع المتحرك الّذي قبل السّاكن. وتشمل القافية حرف الرّويّ بطبيعة الحال. وقد تكون القافية مطلقة، أي متحرّكة، كما يمكن أن تكون مقيدة، أي ساكنة. وللقافية المقيّدة دلالات معنوية كالدّلالة على السّكينة والهدوء، أو الرهبة والحزن، أو غير ذلك.
قصيدة النثر:
هو شعر لا يلتزم بالوزن أو التّفعيلة، ويكتب بشكل نثريّ، إلاّ أن لغته شعرية، فيعتمد بكثرة على الصور الشعرية، وعلى التكثيف. من شعراء قصيدة النّثر "أنسي الحاجّ" و "محمّد الماغوط".
الكناية:
هي لفظ أريدَ به غير معناه الأصليّ، مع جواز إرادة ذلك المعنى. فهو أسلوب غير مباشر، يستخدم التلميح بدلاً من التّصريح، لإيصال المعنى المُراد. وللكناية أركان ثلاثة؛ اللّفظ المُكنى به، المعنى المكنى عنه، والقرينة التي تجعل المعنى الحقيقيّ غير مراد. ومن أمثلة الكناية قول ابن هرمة يفخر بكرمه:
وما يكُ في من عيبٍ فإنّني جبانُ الكلْبِ مهزولُ الفَصيلِ
المبنى الدَائريّ:
هو أن ينتهي النص الأدبي من حيث بدأ، سواء كان ذلك مع تغيير لفظيّ أم دون تغيير. وهذا المبنى قد يكثّف الفكرة المركزية الّتي يتناولها الشّاعر. من أمثلة القصائد الّتي تنتهج المبنى الدائري قصيدة "أيّها القادم" لهد أبو خضرة.
المثل:
هو قول بليغ موجز، متوارث شفاها جيلا عن جيل، ينطوي على حكمة. للمثل قصّة جرت عليها تغييرات الرّواة عبر العصور، لذلك لم يتفق مدوّنو الأمثال على صحّة قصص الأمثال. ولما كان المثل قد قيل في مناسبة معينة، فإنه يضرب مثلاً لكلّ حال شبيهة، ويُعاد ذكره في المناسبات المشابهة. اشتهرت مصنّفات في أمثال العرب، أبرزها: مجمع الأمثال للميدانيّ، وجمهرة الأمثال للعسكريّ، وأمثال العرب للمفضّل الضّبّيّ.
مزج الحواس:
هو أحد أنماط بناء الصورة الشعرية، حيث يعتمد الشّاعر فيه على الدمج بين الحواس لإدراك الصورة الواحدة، وذلك بغية إثارة خيال المتلقي وتفعيله وجدانيا مع الصورة. ومثال ذلك قول أبي نواس في وصف الخمرة:
*171*
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتَها لو مسها حجر مستة سراء
وقول محمود درويش في قصيدة "ونحن نحبّ الحياة":
"وننفخ في الناي البعيدِ لون البعيدِ البعيدِ، ونرسمُ تراب الممرِّ صهيلاً.
المقابلة:
هي تناظر بين عبارتين، في الشّعر أو النثر. وهي تشبه الطباق من حيث المبدأ. غير أن الطباق لا يكون إلا بين معنًى واحد وما يقابله، أمّا المقابلة فهي أن يُؤتى بمعنيين أو أكثر ثمّ بما يقابل هذه المعاني. ومثال على ذلك قول المتنبي:
إذا انتَ أكرمتَ الكريمَ ملكته وإن أنْتَ أكرمتَ اللئيم تمردا
المنصفات:
وصف لقصائد جاهليّة قيلت في الحميّة ووصف العدوّ، عُرفت في سيرها في اتجاه معاكس لمعظم اتجاه الشعراء الجاهليّين الّذين غالوا في الفخر بقبائلهم وذويهم وذواتهم، وبالغوا في ازدراء أعدائهم والتقليل من خصومهم. ففي القصائد المنصفات يعطي الشّاعر خصمه حقه من "التّقدير"، منطلقا من الموضوعيّة ليذكر شجاعته وقوّته. وتميز جزء من معلّقة عنترة بن شدّاد بإنصاف الخصم.
المضمون:
هو الفحوى المعنويّ الذي يُعبَّر عنه بالألفاظ والصيغ الأدبيّة في النّصّ.
الموتيف:
هو لفظ أو فكرة أساسيّة يتكرّر ذكرها في النّصّ أو لدى الأديب. فلدى أبي العتاهية يلاحظ موتيف الموت، ولدى نزار قبّاني موتيف المرأة.
النثر الفني:
هو النّثر الذي يقصد به إلى الجمال الفنّيّ، متوسّما بالأساليب البلاغيّة والمحسنات اللفظية، بغية التأثير في نفس المتلقّي في المستويين العقليّ والعاطفيّ.
النثر المرسَل:
هو النثر الذي يكون فيه الكلام خاليًا من التزام السّجع في أواخر عباراته، فهو غير مقيّد بأثقال الوزن. ولهذا، فقد كتبت به العلوم والآثار التاريخية والفلسفية والفقهية وغيرها.
*172*
النثر المسجوع:
هو النثر الذي يلتزم فيه منشئه السّجع التزامًا واضحًا، وشاع استخدامه في العصر الجاهليّ. اشتهر سجع الكهّان ضمن هذا النّوع من النثر. استخدم النثر المسجوع في فواتح بعض الرسائل في العصر العباسي، كما استخدم في أجزاء من المقامات.
النّسيب:
هو الغزل في مقدمة القصيدة الجاهلية. وهو عبارة عن المطلع التقليديّ للقصيدة الكلاسيكيّة. التُزم التسيب في الشعر الجاهلي وفي صدر الإسلام بصورة عامّة، قبل أن ظهر شعراء تجتبوه ولم يبدأوا قصائدهم به، وذلك في العصر العباسي.
نهاية الكتاب