البيانُ

في الأدب العربي

الادب القديم - الجزء الأول

المرحلة الثانوية

الوحدة الأولى في الأدب

حسب منهاج الأدب الجديد

(2012)

تأليف

عبد الرحيم الشيخ يوسف

صفحات 7-224

الناسخة: ميسون طه

المكتبة المركزية للمكفوفين

وذوي عسر القرائي

تل أبيب  إسرائيل   2020م

رقم التسلسل: 59597

يمنع نسخ أو نقل النسخة الملائمة معارضة لأوامر قانون تنسيق الاعمال والآداء، والبث للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لعام 2014 تشكل خرقًا لحقوق المنتجين.

الفهرس

المقدّمَةُ صفحة 7

البابُ الأَوَّلُ صفحة 9

الشِّعرُ الجاهِليُّ صفحة 10

المُعلَّقات صفحة 12

عَنْتَرَةُ بْنُ شَدَّادٍ صفحة 13

المُخْتارُ مِنْ مُعَلَّقَةِ عَنْتَرَةَ بنِ شَدّادٍ صفحة 14

النَّابِغَةُ الذُّبيانِيّ صفحة 19

كِليني لِهَمٍّ صفحة 20

السَّمَوأَلْ بنُ عادِياء صفحة 24

الأَبْياتُ المَطْلوبَةُ مِنَ اللَّامِيَّةِ للسَّمَوْأَلِ صفحة 25

أَبو طالِبٍ - عبدُ مَنافِ بنُ عبدِ المُطّلِب صفحة 30

أَنتَ النّبيُّ مُحَمَّدٌ صفحة 31

البابُ الثّاني صفحة 35

عَصْرُ صَدْرِ الإسلامِ والدَّوْلَةِ الأُموِيَّةِ صفحة 36

حسّانُ بنُ ثابتٍ صفحة 37

عَدِمْنا خَيْلَنا صفحة 38

الكُمَيْتُ بنُ زيْدٍ الأسَدِيّ صفحة 42

بَائِيَّة الْكُمَيْت صفحة 43

الفَرَزْدَقُ صفحة 46

وَصْفُ الذِّئْبِ صفحة 47

أنواعُ الرِّثاء في الجاهِلِيَّة صفحة 50

الخَنساءُ صفحة 51

قَذًى بِعَيْنِكِ صفحة 52

شِعْرُ الغَزَلِ في العَصْرِ الأُمَوِيِّ صفحة 55

جَريرٌ صفحة 57

بانَ الخليطُ صفحة 58

عُمَرُ بنُ أَبي رَبيعَةَ صفحة 62

قالَ لي صاحِبي صفحة 63

البابُ الثَّالثُ صفحة 67

الشِّعْرُ في العَصْرِ العَبَّسِيِّ صفحة 68

أبو تَمَّامٍ صفحة 69

المختارُ مِنْ فتحِ عمُّورِيَّةَ (مَدْحُ المعْتَصِمِ) صفحة 70

البُحْتُرِيُّ صفحة 75

وصْفُ إيوانِ كِسْرَى (بالمدائن) السّينيّة صفحة 76

المُتَنَبّي صفحة 81

لِكلِّ امْرئٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوَّدا صفحة 83

بِمَ التَّعَلُّلُ؟ صفحة 87

الغَزَلُ في العَصْرِ العَبَّاسِيّ صفحة 91

الرُّومِيَّات – أَبو فِراسٍ الْحمْدانِيُّ صفحة 92

أَراكَ عَصِيَّ الدَّمْعِ صفحة 93

الشَّريفُ الرَّضِيّ صفحة 98

يا ظَبْيَةَ البَانِ صفحة 99

البابُ الرَّابعُ صفحة 103

الشِّعْرُ الْعَرَبيُّ في الْأَنْدَلُسِ صفحة 104

ابْنُ زَيْدون صفحة 105

أَضْحَى التَّنائِي بَديلًا مِنْ تَدانِينا صفحة 106

ابنُ زُرَيْقٍ صفحة 110

لا تَعْذِليهِ صفحة 111

البابُ الخامِسُ صفحة 114

النَّثْرُ الْجاهِلِيُّ صفحة 115

زُهَيْرُ بْنُ جَنابٍ صفحة 116

وَصِيَّةُ زُهَيْرُ بْنِ جَنَابٍ لِبَنيهِ صفحة 117

أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيّ صفحة 120

وَصِيَّةُ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيّ لِبَنيهِ وَرَهْطِهِ صفحة 121

البابُ السَّادِسُ صفحة 125

الأمْثالُ الجاهِلِيَّةُ صفحة 126

جَزاءُ سِنِمّارَ صفحة 127

رَجَعَ بِخُفَّيّ حُنَين صفحة 130

وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة صفحة 133

أمْثالٌ بِدونِ قِصَصٍ صفحة 136

كَأَنَّ عَلى رُؤوسِهِمُ الطّيْرُ صفحة 136

اَلْقِ حَبْلَهُ عَلى غارِبِهِ صفحة 136

مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لا يَحْصُدْ بِهِ الْعِنَبا صفحة 137

رُبَّ أخٍ لَكَ لمْ تَلِدْهُ أُمُّكَ صفحة 138

أَنْجَزَ حُرٌّ ما وَعَدَ صفحة 138

رُبَّ قَوْلٍ أشَدُّ مِنْ صَوْلٍ صفحة 139

كَمُبْتَغي الصَّيْدِ في عِرّيسَةِ الْأَسَدِ صفحة 139

البابُ السَّابِعُ صفحة 140

القُرآنُ الكريمُ صفحة 141

سورَةُ هُودٍ 25-49 صفحة 142

الحَديثُ النَّبَويُّ صفحة 147

النَّهْيُ عن الْمُنْكَرِ مِنَ الإيمانِ صفحة 148

كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ صفحة 149

لا يَكُنْ أَحَدُكُمْ إمَّعَةً صفحة 150

العَمَلُ والحَثُّ صفحة 151

عَلامَةُ المُنافِقِ صفحة 151

البابُ الثَّامِنُ صفحة 153

الخَطابَةُ في العَصْرِ الإِسْلامِيّ صفحة 154

زيادٌ ابْنُ أَبيهِ – 622-673 م صفحة 155

خُطْبَةُ زيادٍ ابْنِ أبيهِ البَتْراءُ صفحة 156

خُطْبَةُ طارِقٍ بْنِ زِيادٍ يَوْمَ فَتْحِ الْأَنْدَلُسِ صفحة 165

طارِقٌ بنُ زِيادٍ صفحة 166

خُطْبَةُ طارِقِ بْنِ زِيادٍ صفحة 167

البابُ التّاسع صفحة 171

رِسالَةُ الغُفْران - أَبو العَلاء الْمَعَرِّيّ صفحة 172

أَبو العَلاء الْمَعَرِّيّ صفحة 173

مِنْ رِسَالَةِ الغُفْران - مَعَ زُهيْرٍ بنِ أَبي سُلْمى صفحة 174

البابُ العاشِرُ صفحة 181

المَقامَاتُ صفحة 182

بَديعُ الزَّمانِ الهَمَذانِيُّ صفحة 183

المقامَةُ الحِرْزِيَّةُ صفحة 184

الحَريرِيّ صفحة 190

المقامَةُ البَغْدادِيَّةُ صفحة 191

كشّاف التَّعْرِيفَات صفحة 208


*7*

مقدّمة


*7*

دفَعني إلى كتابة هذا الكتابِ وتبويبِهِ الّذي يمتازُ به ثلاثةُ أهدافٍ مُهِمّة:

أوَّلها: تيسيرُ الفَهْم الكامِلِ لكلّ جزيئيّاتِ النَّصِّ النَّثْريِّ أو الشِّعْريِّ بحيثُ لا يبقى أيُّ مضمونٍ لجمْلةٍ أو لفَقْرةٍ مُعيَّنَةٍ أَو لِبَيتٍ أو لحِكْمةٍ بدون أنْ يقفَ المعلِّمُ (ة) أو الطّالبُ (ة) على المعرفةِ الدّقيقةِ والأكيدةِ بما يُسمّى اليوم (فَهمُ المقروء)، وذلك ما يتَحقَّقُ من الإِجابة عن أَسئلةِ المَضْمون.

ثانيها: هدفُ إدراكِ النَّصِّ مِنْ أجواءٍ ذاتِ عَلاقةٍ، بُغيةَ توسيعِ الدّائرةِ الثّقافيّةِ لدى الطّلّابِ والطّالباتِ، وبحَيْثُ يُفْهَمُ أنَّ العقلَ يُتَرْجِمُ مشاعرَ المبْدعِ بأساليبَ فنّيّةٍ ذاتِ جمالٍ ورونَقٍ وأَنّ الإبداعَ الأَدبيَّ متداخلٌ بين المُبدعين، لأَنَّ المعاناةَ البشريَّةَ واحدةٌ والجمالَ يقعُ في النّفوس ويؤُثِّر فيها ويَفْتحُ لها ميادينَ المعْرفَةِ الفَنّيَّةِ لُغويًّا ومضْمونًا.

ثالثها: تحقيق التَّذوُّقِ الأدبيِّ من خِلالِ معرفةِ النَّصِّ: مضامين تُلْبِسُها الأساليبُ فنونَ الإتقانِ في إِبداع الجُملِ مَشحونةً بطرائقَ بَديعَةٍ من الحَبْكِ مَعَ تجميلٍ بَلاغيٍّ أو بَيانِيٍّ كالتّشبيهاتِ، والمجازاتِ والاستعاراتِ وعرضِ المضامين بواسطة أساليبِ التّواصُلِ المعنويِّ الجميلِ بالنّداءِ أَو الاستفهامِ أو التَّقريرِ أو التَّعَجُّبِ، أوِ التَّناصِّ وَغيرِ ذلك.

لقدْ جَعَلْتُ المواجَهَةَ مَعَ النَّصِّ من خِلَالِ الزَّوايا التَّاليَةِ:

الأُولى: مُقَدِّمَةٌ مُفيدةٌ عن النَّوْع الأدبِيّ وحياةِ المؤلِّف.

الثَّانِيةُ: شَرْحٌ وافٍ للكَلِماتِ الّتي أظنُّ بِناءً على تَجرِبَتي مع الطُّلّابِ أَنَّ الغُموضَ يكْتَنِفُها بِشكْلٍ أَوْ بآخَرَ واثْبَتُّ ذلكَ لِجميع مُسْتوياتِ الطُّلّابِ.

الثَّالثةُ: زاويةُ أَجواءِ النَّصِّ حيثُ تُكَوّنُ الدَّائِرةَ الثَّقافِيّةَ الَّتي يَتَواصَلُ النَّصُّ مَعها تاريخًا أَوْ مضمونًا أَوْ أُسْلوبًا أَوْ اسْتدْعاءً فِكْرِيًّا.

الرَّابعَةُ: أَسْئِلةُ المَضمونِ الَّتي ضمنها أَسئلةُ تَوْجيهٍ إِلى مَصْدَرٍ أَوْ مُشابَهَة في نَصّ آخرَ.

الخامِسَةُ: أسْئِلةُ الأُسْلوبِ الَّتي تُوجِّهُ إِلى فَهم أسْلوب الكاتبِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ والتَّصَرُّفِ الفَنِّيِّ لأَجْلِ تَنْشيط الذّائِقَةِ الأَدَبِيَّةِ، وإِذا نَجَحَ النَّصُّ في تَشْويقِ التَّذَوّقِ الأَدبيّ وتحقيقِهِ فقْد أدّى وَظيفَةً عَظيمةً.

السَّادِسةُ: أسئلةُ الرأْيِ والموقِفِ والقِيَم، وهدفُها تحفيزُ القُدُراتِ التفكيريَّةِ لدى الطالِبِ


*8*

والطالِبَةِ على عدمِ التسليمِ بظواهرَ أو أمورٍ دون الاقتناعِ بها، وكذلك التدخُّلُ والتداخلُ نت أجلِ عرْضِ الرأْيِ المنبثقِ عن القناعةِ الشخصيّةِ المقرّرةِ في مسألَةٍ سُلوكيَّةٍ، أو اجتماعيَّةٍ، ونحو ذلك.

السَّابِعةُ: إِثْباتُ بَعْضِ المراجعِ الَّتي كانَ لها دَوْرٌ في التَّعامُلِ بِشَكْلٍ مِنَ الأَشْكالِ مع النَّصِّ، وفي ذاتِ الوَقتِ تُكَوِّنُ هذهِ المُلاحظاتُ في الحاشِيةِ اقْتراحًا للمُعلِّمِ (ة) الفاضِلِ (ة) في توجيهِ مَهامّ بَحْثٍ واطِّلاع على المادَّةِ.

الثَّامِنةُ: إثباتُ بعضِ المَراجعِ لكلِّ مادَّةٍ يُمكنُ اللُّجوءُ إليها لِغَرضِ التَّوسُّع. وَبَعْدَ، فهذه مُعادَلتي، أَرجو أَنْ تكونَ رَشيدةً ومُفيدةً.

يبقى بعد ذلك للطّلّاب والطّالباتِ، وبمساعدةِ معلِّميهم أو معلِّماتِهم، الدِّراسةُ التَّحليليَّةُ للنَّصِّ بِشَكلٍ عامٍّ، وشَرْحِ أجزاءِ النَّصِّ وتَفْسيرِهِ شِعرًا أَوْ نَثْرًا، وَقدْ تَيسَّرَ لهم ذلك عَقِبَ إرشادِ الأسْئِلةِ المضمونيَّة، والأسْلوبيَّة، وضِمن التَّعايُشِ مع أجواءِ النَّصِّ ذاتِ الإيحاءِ والإشارةِ إلى قِيمة الإِنتاجِ الأدَبيّ.

أَرجو أنْ أكونَ قد قَدَّمتُ لطُلّابي وطالباتي وزملائي وزميلاتي المعلّمين والمعلّماتِ ما يُحَقِّقُ لهم القُدرة المؤكَّدةَ على التّعاملِ مَعَ مادَّةِ (البَجْروت) المطلوبةِ تعامُلًا وَاثقًا يَصلُ بهم إلى الاستعدادِ الكامل للإِجابةِ عن أسئلةِ الامتحانات.

واللهُ من وراء القصد

عبد الرّحيم الشّيخ يوسف


*9*

البابُ الأوَّل: الشِّعرُ الجاهِليُّ


*9*

مُقَدِّمَةٌ عن الشِّعْرِ الجاهِلِيِّ والمُعلَّقاتِ

مُعلَّقَةُ عَنْتَرَةَ بْنِ شَدَّادٍ

كِليني لِهَمٍّ - النَّابِغَةُ الذُّبيانِيّ

لامِيَّةُ السَّمَوْأَلِ

أَنتَ النّبيُّ مُحَمَّدٌ - أبو طالِبٍ

(عبدُ مَنافٍ بنُ عَبْدِ المُطّلِبِ)


*10*

الشِّعْرُ الجاهِلِيُّ


*10*

أَهمّ أَغراضِ الشّعرِ الجاهِليِّ:

1. الفخرُ بالنَّفْسِ أوِ القَبيلَةِ: يفخَرُ الشّاعرُ بشجاعَتِهِ أوْ كَرَمِهِ، وبقوّةِ قبيلَتِهِ وعزَّتِها وكَرَمِها، وحَسَبِها ونَسَبِها وأَيّامِها.

2. الهِجاءُ، هُوَ ذمُّ الخَصْمِ: كان الباعِثُ عليه ما بين القبائِلِ من حُروبٍ وعداواتٍ ومُنافساتٍ، وكان الهِجاءُ سَوْطًا يَصُبُّهُ الشَّاعِرُ على خُصومِهِ وخُصومٍ قَبيلَتِهِ فَيَنتَقِصُ مِنْ مقامِهمْ ويضَعُ من مَكانَتِهِمْ وجاهِهِمْ، معتَمِدًا على إِلصاقِ رذائل بالعَدوِّ تعارفوا على اسْتِقْباحِها، كالبُخل والجبنِ والضَّعفِ.

3. وصفُ البيئةِ: وصْفُ مناظِرِ الطَبيعةِ كالليلِ والسماءِ؟ وغيرهِما والحيواناتِ ووصْفِ الحروبِ وأدواتِ القِتالِ.

يمتازُ وصفُهم بأنّهُ تصويرٌ لما رأَوا، أَو تهويلٌ في المَوْصوفِ أو تَفْصيلٌ لأَجزائِهِ وأحوالِهِ، لأنّهم كانوا يَقْتَصرونَ على المُهِمِّ ويتركون ما عَداهُ.

4. المدحُ: كان الشّاعِرُ يمدحُ شيخَ قبيلَتِهِ أو يمدحُ أميرًا يراهُ جديرًا بالمَدْحِ، ولم يكن التَّكَسُّبُ غَرَضًا من أَغْراضِ الشُّعراءِ في أوَّلِ الأَمْرِ، ثُمّ استخدَمَ بعضُ الشُّعراءِ؟ كالأَعْشى المَدْحَ وسيلةً للكَسْبِ.

تمتازُ مدائِحُهُمْ ببساطَتِها وصِدْقِها وبُعْدِها عن الغُلُوِّ والمُبالَغَةِ.

5. الغَزلُ: وَصْفُ محاسِنِ المَرأةِ النَّفْسِيّةِ والجَسَديّةِ وأثرِها في نُفوسِهم.

6. الحِكْمةُ: اشْتهرَ بها بعضُهم كزهيرٍ في حِكَمِهِ، وهي مُستمدَّةٌ من تَجارِبِهم ومشاهدَتهم ونظرِهم الى الأَحْداثِ، وليستْ وليدةَ عِلْمٍ أو فَلسفةٍ.

7. الرثاءُ: تفجُّعُ الشَّاعِرِ على عزيزٍ فُقِد أَو عَظيمٍ ارْتَحَلَ، وذِكْرُ فضائِلِهِ ومُمَيّزاتِهِ.

خصَائِصُه الفِكْرِيَّةُ:

يمتازُ الشّعرُ الجاهِليُّ بخصائِصَ فِكْريّةٍ هي:

1. البَساطةُ والصِّدقُ والوُضوحُ.

2. مَعانيه صَادِقةٌ أوْ قريبةٌ من الصِّدْقِ جدًّا، مُسْتمدَّةٌ من أَوْصافٍ حِسِّيَّةٍ ولا أَثرَ للمعاني العَقْلِيَّةِ فيها.


*11*

3. الأَفكارُ مفكّكةٌ غيرُ مرتّبةٍ، فالشَّاعِرُ يتحدَّثُ عن شيءٍ؛ ثُمّ ينتقلُ إلى غَيرِهِ بدونِ رِباطٍ، وقد يعودُ إلى الشيءِ الأَوَّلِ. لهذا كانتْ القصيدةُ متنوّعةَ الأَغراضِ، وسبَبُ ذلك أنّ الشَّاعِرَ ينطلِقُ في قولِ الشِّعْرِ على سَجِيَّتِهِ، وأَنّه لم يكن يُدوِّنُ ما يقولُ حتّى يُرتِّبُهُ، وأَنَّهُ لم يدرسْ دِراسةً عِلميَّةً مَنْطِقيَّةً تضطرُّهُ إِلى ترتيبِ أَفكارِهِ.

خصائِصُهُ الفنّيَّةُ:

للشّعرِ الجاهِلِيّ خصائصُ فَنّيَّةٌ أُسْلوبيَّةٌ هي:

1. الإِيجازُ: لأَنّ العربيَّ يعتمدُ على اللّمحةِ وعلى الإِشارَةِ. لذلك تجدُ أساليبَهم موجَزةً، وتحتملُ معنًى كبيرًا.

2. القوّةُ والفخامةُ: أحيانًا تردُ في شعرِهم كلماتٌ غريبةٌ صعْبَةٌ، ولكنَّها لم تكُنْ غريبةً في عهدِهم، وأحْيانًا يسهُلُ الأُسلوبُ جِدًّا.

3. خُلُوُّهِ من المُحسِّناتِ اللَّفظِيَّةِ التي عَمَدَ إليها الشُّعراءُ في العُصورِ اللّاحِقَةِ.

4. خَطابيُّ الأُسْلوبِ في أَكثرِهِ.


*12*

المُعَلّقاتُ


*12*

(بتصرّف من كتاب الدكتور يحيى الجبّوري: الشعر الجاهليّ، خصائصه وفنونه، دار التربية، بغداد، 1972، ص 57 وما بعدها)

المعلّقاتُ قصائدُ طوالٌ جيادٌ، اختيرتْ من أَحسنِ الشَّعْرِ الجاهِلِيّ، قُوَّةً ومتانَةً وجمالَ أُسْلوبٍ، فهي الصُّورَةُ الناضِجَةُ الكامِلَةُ التي انتهتْ إليها تجارِبُ الجاهِليّين في التَّعبيرِ الأَدَبِيّ، ولذلك غَطَّت شُهْرَتُها ما سِواها من الشِّعْرِ الجَاهِلِيِّ، وصارَ لقائِلِيها مِنَ الذِّكْرِ والشُّهرَةِ ما لَمْ يَظْفَرْ به غيرُهم من الشُّعراءِ، واتّخذَها الأُدباءُ والشُّعراءُ - بعد عَصرِها - قُدوَةً يحاكونَها حين يَنْظِمون متأَثّرين بأسْلوبِها ولُغَتِها وطريقةِ نظمِها وتَسَلْسُلِ أفكارِها، محاوِلين أنْ يَبلُغوا في قصائِدِهم مبلغَ أولئك الجاهِلِيّين في مُعَلّقاتِهم.

عَدَدُها وأصحابُها:

اتَّفقَ القدماءُ - غيرُ التبريزيّ (أَبو زكريا يحيى بن عليّ المعروف بالخطيب التبريزيّ، 421 ه -502 ه) - على أنَّ المعلّقاتِ! سَبْعٌ، وأصحابها: امرؤُ القَيْسِ، زُهَيْرُ ابْنُ أبي سُلْمى، طَرَفةُ بنُ العَبْدِ، لَبيدُ بْنُ ربيعةَ، عَمرو بن كُلثومِ، الحارِثُ بْنُ حلِّزةَ وعنترةُ العَبْسيُّ (هذا ما ذهب إليه معظم علماء اللغة والنقّاد القدماء مِثل: ابن عبد ربّه وابن رشيق وأَبي جعفر النحّاس وابن الانباريّ والزوزنيّ).

أَمَّا أَبو زيدٍ القُرشِيّ (القَرن الثالِث الهِجْرِيّ) (يختلف الباحثون في تعيين الفترة التي عاش فيها أبو زيد القرشيّ، فمنهم من قال إنّ وفاته كانت سنة 170 ه ومنهم من يقول إنّ وفاته كانت في منتصف القرن الخامس الهجريّ (يحيى الجبّوري: المصدر السابق، ص 61 ملاحظة 3)) صاحِبُ الكتابِ المشهورِ (جَمهرةُ أَشْعارِ العَرَبِ) فقد أَخْرجَ من هؤلاءِ السَّبعةِ: الحارِثَ بْنَ حلِّزةَ وعنترةَ، وأضافَ إلى الباقين النابِغَةَ الذُّبيانِيَّ والأَعْشى، فيكون أَصحابُ المعلقاتِ! عِندَه، امرَأَ القيسِ، وزهيرًا، وطرفة، ولبيدًا، وعمرَو بنَ كلثومِ، والنابغةَ والأَعْشى.

وقد جمعَ التبريزيُّ - شَارِحُ المعلّقاتِ - بين الرأيَين السابِقين، ثُمَّ أضافَ إليهم عَبيدَ بنَ الأبْرَصِ، فبلَغْت المعلّقاتُ عنده عَشْرًا.


*13*

عَنْتَرةُ بن شَدَّاد


*13*

هو عنترةُ بنُ شَدّادٍ بنِ مُعاوية (هنالك آراء مختلفة حول اسمه: عَنْتَر أم عَنْتَرة أم عنترُ، أهذا لقب أم اسم حقيقيّ؟ وهل يعني الاسم (العنترة) صوت الذّباب أو السّلوك في الشّدائد، والشّجاعة في الحرب، ونحن هنا لا نريد أن نلحق هذا الجدل فهو ليس سبيلنا الآن). بن عَبْس. وكان يُكَنّى (أبا المُغَلِّسِ) رُبّما لسوادِ لونِهِ لأنَّ الغَلَس هو ظَلامُ آخرِ اللّيْلِ وكانَ يُلَقَّبُ (عَنْتَرَةَ الفَلْحاءِ)، لفَلْحَةٍ كانَتْ به، وهي شَقٌّ في الشَّفَةِ السُّفْلى وإنّما لَمْ يَقولوا: الأَفلَحُ، ذَهَبُوا به إِلى تأنيثِ الشَّفَةِ (المزهر في علوم اللّغة وأنواعها للسيّوطيّ، عيسي البابي، د.ت الجزء الثّاني، ص 432).

أمُّه أَمَةٌ حَبَشيَّةٌ يُقالُ لَها (زُبَيْبَةُ) وكانَ لها ولدٌ مِنْ شَدَّادٍ فكانُوا أُخْوَةٌ لعَنْتَرَةَ لأُمِّه. وكانَ من عادَةِ العَرَبِ إذا تَزَوَّجوا الإماءَ أنْ يَسْتَرِقُّوا أولادَهُمْ مِنْهُنّ (يعاملونهم معاملة العبيد)، فجرى ذلك على عَنْتَرَةَ، فكانَ عَبْدًا لأَبيه. وَعُدَّ من هُجَناءِ العَرَب (الّذين ليسوا عَربًا أقحاحًا) وأَغْرِبَتِهِمْ (الأغربة في الجاهليّة (يعنى السّودان) عنترة، وخُفاقُ بن السُّلَمي، وأبو عُمَير بن الحباب السُّلمي، وسَليك بن السُّلُكَةِ، وهشام بن عُقبة بن أبي مُعَيط وتأبَّط شرًّا، والشَّنفرى، المزهر للسيوطي، ج 2، ص 431) ولكنَّ نفسَهُ نَزَعتْ به عن حَالِ الرِّقّ فأخَذَ يُروِّضُ نفسَهُ على الفُروسِيَّةِ.

ولم يَلْبَثْ عَنْتَرَةُ أَنْ صارَ فارِسًا شُجاعًا يَخْشاهُ الأَبْطالُ، وأصْبَحَ قائِدَ كَتائِبَ.

قُتِلَ عامَ 8 ق. ه / 614 م على يَدِ (الأَسَدِ الرَّهيصِ) جَبَّارِ بنِ عُمَرَ الطائِيّ.


*14*

المُخْتارُ مِنْ مُعَلَّقَةِ عَنْتَرَةَ بنِ شَدّادٍ


*14*

1. هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ منْ مُتَـرَدَّمِ أم هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّـمِ

2. يَا دَارَ عَبْلـةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمِـي وَعِمِّي صَبَاحاً دَارَ عبْلةَ واسلَمِي

3. أَثْنِـي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فإِنَّنِـي سَمْـحٌ مُخَالطَتي إِذَا لم أُظْلَـمِ

4. فإِذَا ظُلِمْتُ فإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعمِ العَلْقَـمِ

5. هَلاَّ سأَلْتِ الخَيـلَ يا ابنةَ مالِـكٍ إنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَم تَعْلَمِـي

6. يُخْبِـركِ مَنْ شَهَدَ الوَقيعَةَ أنَّنِـي أَغْشى الوَغَى وأَعِفُّ عِنْد المَغْنَـمِ

7. ومُـدَّجِجٍ كَـرِهَ الكُماةُ نِزَالَـهُ لا مُمْعـنٍ هَـرَباً ولا مُسْتَسْلِـمِ

8. جَـادَتْ لهُ كَفِّي بِعاجِلِ طَعْنـةٍ بِمُثَقَّـفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ

9. فَشَكَكْـتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيابـهُ ليـسَ الكَريمُ على القَنا بِمُحَـرَّمِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. غادَرَ: تَرَك. مُتَرَدَّم: (رَدَمَ الثّوب رقعة)، ثوبٌ مُرَدَّم: مُرَقَّع والمترَدَّم أيضًا المرقَّع. توهَّم: ظنَّ.

2. الدّارُ: مَنْزِلُ القَوْمِ. الجِواء: بَلَد يُسمّيهِ أَهل نَجْدٍ جِواء عَدَنَة، والجواءُ أيضًا جَمْعُ جَوّ وهو البَطْنُ.

3. أَثْني: اشْكُري مَحامِدي الّتي عَلِمْتِها (إذا كانت من الثّناء)، أَمَّا إذا كانت من الثّنا (مقصورة) فيكونُ أَثْني عليَّ واذْكُري خِصالي حَسَنةً أوْ سَيّئةً. وأَغْلَبُن الظَّنِّ قَصَدَ إلى المَحامِدِ فَقَطْ.

سَمْحُ المُخالطة: سَهْل المعامَلةِ. الظُلْم: وَضْع الشّيءِ في غيرِ مَوْضِعِهِ.

4. باسِلٌ: كريهٌ.

5. الخيلُ: يَقْصِدُ أَصحاب الخَيْلِ (الفُرْسانَ). هَلَّا: أداةُ تَحْضِيضٍ.

6. الوقيعةُ: المعركةُ. أغْشَى: أقتحِمُ. الوَغَى: الصَّوْتُ في الحَرْب. أَعِفُّ: أَتَرفَّعُ بِنَفْسي. المَغْنَمُ: المَكْسَبُ وتَوْزيع الأَسْلاب.

7. المدجَّجُ: المقاتِلُ التّامُّ السِّلاح. نِزَالُهُ: مُبارَزَتُهُ وقِتالُهُ. لا مُمْعِنٍ هَربًا: لا يَفِرُّ فِرارًا بَعيدًا.

8. جادَتْ كَفِّي: يَقْصِدُ أَنَّهُ بادَرَهُ بِضَرْبَة (وقد يكون ساخِرًا هنا). مُثقَّف: سَيْفٌ مُقَوَّم. صَدْق: صُلْب وغَيْر مُعَوَجٍّ. الكُعوبِ: عُقَدُ الأَنابيب التي بينَ قصب الرمح وقناتهِ.

9. شَكَكْتُ: انْتَظمْتُ، وقيلَ شَقَقْتُ. الأَصَمِّ: الصُّلْبِ. ليس الكَريمُ على القَنا بمُحَرَّمِ: أيْ لا يَمْتَنعُ مِن القِتالِ والطِّعانِ.

ملاحظة: هنالك من يرى أن شَككتُ معناها طعنتُ. ولكن ما اثبتناه هو الموجود في الديوان، وفي شروح المعلقات.


*15*

10. لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ

11. يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ

12. ما زِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ

13. فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ

14. لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي

15. ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ

16. ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

10. جَمْعُهُم: كَثْرَتُهُمْ. يَتَذامَرونَ: يَحُضُّ بَعضُهُمْ بَعْضًا. غَيرَ مُذَمَّم: محمودَ القِتالِ، غَيرَ مذمومٍ. كَرَرْتُ: عَطَفْتُ، هَجَمْتُ.

11. أَشْطانُ: جَمْعُ شَطَنٍ وهُوَ الحَبْلُ الطَّويلُ. اللَّبانُ: الصَّدْرُ.

12. غُرَّة: جَبين الفَرَس. تَسَرْبَلَ: صَارَ سِرْبالًا، أَيْ قَميصًا تَغَطّى بالدَّم.

13. ازْوَرَّ: مالَ. القَنا: جَمْع قَناة وهي الرُّمْحُ. عَبْرَةٌ: دمْعَةٌ. تَحَمْحُمُ: صَهيلُ الفَرَسِ بِرِقَّةٍ وحَنينٍ لِصاحبِهِ.

14. المحاوَرَة: المُجادَلَة بالكَلام. مُكَلّمي: يُكَلّمني، يَتَحَدَّثُ إِليِّ.

15. القِيلُ: القَوْلُ. وَيْكَ: وَيْلَكَ، كَلِمَةُ تَوَعُّدٍ وَتَهْديدٍ. السُّقْم: المرَضُ.

16. ذُلُلٌ: يَقْصِدُ سَهْلَةً، لَيِّنَةً. الرّكابُ: الإِبلُ. مُشايِعي: مُرافِقٌ لي. أَحْفِزُهُ: أَدفَعُهُ. مُبْرَمٌ: مُحْكَمٌ.

إِضاءات على المضمون:

1. المَطْلَعُ.

2. الوقوفُ على الأَطلالِ، مُناجَاةُ حَبيبَتِهِ عَبْلة وَطَلَبُهُ منها أنْ تَسْأَلَ الفُرسانَ عَنْهُ.

3. مَصْرَعُ جُنْدِيٍّ شُجاعٍ ومدجَّجٍ بالسّلاح على يَدَيْهِ.

4. مَعْرَكةٌ مَعَ أَعْدائِهِ.

5. الحصان المُحارِبُ.

6. الشِّفاءُ النَّفْسِيُّ.

7. أَنا حُرٌّ وقلبي شُجاعٌ مُطيعٌ.


*16*

أجْواءُ النَّصِّ:

مَطْلعُ القَصيدَةِ، التَّصْريعُ، مَعْنى مُعَلَّقَة، أَصْحابُ المُعَلَّقاتِ، الرِّقُّ في الجاهِليَّةِ، الغَزْوُ وأسْبابُهُ، الفُروسِيَّةُ والبُطولَةُ، الحِصانُ كَآلَةِ قِتالٍ وَجُزْءٌ من المَعْرَكَةِ، الحِصانُ هَدَفُ العَدُوِّ والفارِسِ، وَصْفُهُ في جَوِّ المَعْرَكَةِ، عُقْدَةُ النَّقْصِ وأساليبُ مُداواتِها، الشعر الملحميّ والقصائد المنصفة.

أَسْئِلَةُ المَضْمونِ:

1. أيَّ حَقائِقَ حَوْلَ الشِّعْرِ الجاهلي (العمودي) يُمْكِنُ أنْ نَفْهَمَ مِنْ صَدْرِ الْبَيْتِ الأول؟

2. يَتَضَمَّنُ البيتان (2، 3) أَفْعالًا طَلَبِيَّةً (أَمْر). ماذا يَطْلُبُ الشّاعِرُ بِواسِطَةِ هذهِ الأَفْعالِ؟

3. بُنِيَ البَيْتُ الرّابِعُ بصيغة شَرْطٍ وجَوابٍ أيْضًا. ما هُوَ الشَّرْطُ وما هُوَ الجوابُ؟ وماذا حقَّقَ الشَّرْطُ هُنا؟

4. يَبْدَأُ البَيْتُ الخامِسُ بِأداةِ تَحْضيضٍ. عَلى ماذا يَحُضُّ الشّاعِرُ؟ وما المَقْصودُ بِكلِمَةِ الخَيْلِ في هذا البَيْتِ؟

5. يُخْبِرُ البَيْتُ السَّادِسُ عَنْ عادَةٍ وطَبْعٍ لَهُ عِنْدَها يَخوضُ المَعارِكَ. وَضِّحْ ذلك.

6. وَضِّحْ كَيْفَ جَرَتِ المُنازَلَةُ بَيْنَ عَنْتَرَةَ وأَحَدِ الفُرْسانِ مَبيِّنًا صِفاتِ هذا الفارِسِ، ولِماذا تَعَمَّدَ الشّاعِرُ تَعْظيمَ صورَةِ الخَصْمِ؟

7. اشْرَحْ وبيِّنْ ضَراوَةَ المَعْرَكَةِ التي دارَتْ بَيْنَ عَنْتَرَةَ وفُرْسان آخَرينَ، وكَيْفَ وَصَفَ تَصَرُّفَ حِصانِهِ في المَعْرَكَةِ؟

8. يَشْكو عَنْتَرَةُ مِنْ شُعورٍ بالنَّقْصِ لسَبَبٍ مُعَيَّنٍ. المَطْلوبُ:

أ. مِمَّ كانَ يَشْعُرُ بالنَّقْصِ في مُجْتَمَعِهِ؟

ب. كيفَ حاوَلَ مُداواةَ هذا المرَض (الشعور بالنقص)؟

9. يَبْدو البَيْتُ الأَخيرُ (16) وكَأَنَّهُ يُلَخِّصُ مَسِيرَةَ حَياةِ الشَّاعِرِ وَأُسْلوبَها. كَيْفَ

وَصَفَ ذلك؟ وكَيْفَ عَبَّرَ عَنْ شَجاعَتِهِ وعَزِيمَتِهِ؟

10. اكْتُبْ بأسْلوبِ النَّثْرِ الأبْياتَ (12، 13، 14).

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. تَتَضَمَّنُ الأبْياتُ الخَمْسَةُ الأُولى الأَساليبَ التّالِيَةَ على التَّرْتيبِ:


*17*

الاسْتِفْهامَ البَلاغِيَّ.

النِّداءَ.

تَكْريرَ يا دارَ عَبْلَةَ.

الأمْرَ والأسْلوبَ الطَّلَبِيَّ (2-3).

وَضِّحْ غَرَضَ هذِهِ الأساليبِ وَقيمَتَها في إِبْرازِ المَعْنى والمَضْمونِ.

2. يَتَضَمَّنُ البَيْتُ السَّادِسُ أَرْبَعَةَ أفْعالٍ. بَيِّنْ دَوْرَ كُلِّ فِعْلٍ في تَأدِيَةِ عَمَلٍ مُعَيَّنٍ.

3. تَشْتَمِلُ الأبْياتُ (7، 8، 9) على عَرْضٍ، وفِعْلٍ، ونَتيجَةٍ. اشْرَحْ هذِهِ العناصر.

4. يَظْهَرُ الشَّرْطُ وجَوابُهُ في البَيْتِ (10). ما قيمَةُ الشَّرْطِ هُنا في رَسْمِ الصُّورَةِ الحَرَكِيَّةِ الّتي أَعْلَنَ عَنْها الشّاعِرُ؟

5. في البَيْتِ (11) تَشْبيهٌ. بَيِّنِ المُشَبَّهَ، والمُشَبَّهَ بِهِ، وَأَداةَ التَّشْبيهِ.

6. تَتَكَرَّرُ (لَوْ) في البَيْتِ (14) وَهي أداةُ امْتِناعِ الجوابِ لامْتِناعِ الشَّرْطِ. وَضِّحْ المُمْتنِعَيْنِ هُنا.

7. ما قيمَةُ كَلِمَةِ (وَيْكَ) في البَيْتِ (15)؟

8. في أَيِّ مَوْضِع يَظْهرُ التَّشْخيصُ (أَيْ جَعْلُ الجَمادِ يُحِسُّ وَيَفْهَمُ). اشْرَحْهُ.

9. في الأبْياتِ موضعان يَصِفُ الشّاعِرُ فيهِما مَنْظَرَيْنِ فيهِما حَرَكَةٌ. بَينْهُما وَاشْرَحْ مَلامِحَ الصُّورَةِ في كُلٍّ مِنْهُما.

10. يَقولُ في البَيْتِ (4):

فإِذا ظُلِمْتُ فَإِنَّ ظُلْمي باسِلٌ، وَقالَ تَعالى ومَكَروا وَمَكَرَ اللهُ. هَلْ تَظُنُّ أنَّ المَعْنى الثَّاني لِ (ظُلْم) فإنّ ظُلمي ولِ (مَكْرَ) ومَكَرَ الله هو نَفْسُ المَعْنى السّابِقِ؟ وَضِّحْ أقوالَكَ.

11. قالَ في البَيْتِ (8): جادَتْ لَهُ كَفّي بعاجِلِ طَعْنَةٍ - هَلِ الطَّعْنَةُ القاتِلَةُ هي مِنْ بابِ الجُودِ والكَرَمِ؟ ما رأْيُكَ في هذا التوجُّه؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. بَيّن رأْيَكَ بالنّسبةِ للتّمييزِ العُنصُريِّ حَسَبَ اللّونِ أَو الأَصل. ووضّح أسبابَ موقِفِك.

2. ما هي المعاييرُ التي تَراها إنسانيّة والتي تصِحُّ لإعطاء الإنسان قَدْرَهُ الذي يستحقّه في المُجتمع؟


*18*

3. هلْ تتحقَّقُ الحيَاةُ الجيّدةُ بالمخالطة السّمحة؟ اِشْرَحْ. البَيْت (3).

4. أيّ قيمَةٍ اجتماعيّة أو إنسانيّة تعكسُ التّحيّةُ: صباحُ الخير، أو طابَتْ أَوقاتكُمْ أو تُصبحونَ على خَيْر؟

5. ماذا يُعلّمنا الموقِفُ الذي وصف الشّاعِرُ فيه تعاطُفَه مع حصانِهِ؟ البيتان (2، 3).

6. ماذا يُسْتَفادُ في مَسيرةِ الحياةِ من قَولِ الشّاعِرِ: أغْشى الوَغى وأَعِفُّ عند المغنَم؟ البَيْتِ (6).

مَراجِع للتوَسُّع:

1. شَرْحُ ديوان عنترة بن شدّاد: بيروت: دار الكتب العلميّة، لبنان، تحقيق عبد المنعم عبد الرؤوف شلبي، وقدّم له إبراهيم الأبياري، ط (1)، 1980.

2. الأعلم الشَّنْتَمْري: أشعار الشّعراء السّتّة الجاهليّين. بيروت: دار الآفاق الجديدة، 1981.

3. الأَنباريّ (أبو بكر بن القاسم). شرح القصائد السبع الطوال. تحقيق عبد السلام هارون، دار المعارف بمصر، 1969.

4. الخطيب التّبريزيّ: شرح القصائد العشر. تحقيق محمّد محيي الدّين عبد الحميد،

مكتبة محمّد عليّ صبيح وأولاده بميدان الأزهر؛ الطّبعة الثّانية، 1964.

5. محمّد فريد أبو حديد. أَبو الفوارس عنترة بن شدّاد، القاهرة. 1948.

6. حسن عبد اللّه القُرَشيّ. فارس بني عبس، القاهرة، 1957.


*19*

النّابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ


*19*

النَّابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ: (تُوفِّيَ نحوَ 18 ق. ه 604 م). هو زِيادٌ بنُ مُعاوِيَةَ الذُّبْيانِيّ الغَطَفانِيّ المُضَرِيّ، أبو أُمامَة، شاعرٌ جاهِلِيّ، من الطَّبَقةِ الأولى، أمّا لَقبُهُ النَّابِغَةُ، فأرْجَحُ الأَقْوالِ لِنُبوغِهِ في الشِّعْرِ، وهو من أصْحابِ المُعَلَّقاتِ من أهْلِ الحِجازِ، كانَتْ تُضْرَبُ لَهُ قُبَّةٌ من جِلْدٍ أحْمَرَ (بسوقِ عُكاظٍ) فتقصِدُهُ الشُّعَراءُ لتَعْرِضَ عَلَيْهِ أَشْعارَها، وكانَ الأَعْشى وحَسَّانُ بن ثابتٍ والخَنْساءُ (شاعِران وشاعِرَة) مِمَّنْ يَعْرِضُ شِعْرَهُ على النَّابِغَةِ. وهو أوَّلُ من تَكَسَّبَ بالشِّعْرِ (المُتَكَسِّبُ في الشِّعْرِ - الذي يُؤَلِّفُهُ بُغْيَةَ الحُصولِ على المالِ). وهو أحَدُ الأشْرافِ في الجاهِلِيَّةِ. وكانَ حَظِيًّا عند النُّعْمانِ بن المُنْذِرِ (مَلِكُ الحِيرَةِ في العِراق: 418 م-461 م)، حَتَّى شَبَّبَ (تَغَزَّل) بزَوْجَتِهِ بقَصيدَتِهِ (المُتَجَرِّدَة) فغَضِبَ النُّعْمانُ، ففَرَّ النّابِغَةُ إلى الغَسّانِيّين في الشّامِ، وغابَ زَمَنًا ثمّ رَضِيَ عَنْهُ النُّعْمانُ فعادَ إلَيْهِ. لَهُ شِعْرٌ كَثيرٌ جُمِعَ قِسْمٌ منه في ديوانٍ وهو مَطْبوعٌ.

له قصائدُ اعْتِذارٍ (اعْتِذارِيّات) يَعْتَذِر فيها للنُّعْمانِ على ما سَبَق من خِلاف بَيْنَهُما. اشْتَرَك في حَرْبِ داحِسٍ والغَبْراءِ الّتي اشْتَعَلَتْ نارُها بين قَبيلَتَيْ عَبْسٍ وذُبْيان.


*20*

كِلِيني لهَمّ - النّابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ


*20*

من قصيدة يمدح بها عَمْرو بن الحارث الأعْرَجِ حين هرب إلى الشّام

1. ليني لِهَمٍّ يا أُمَيمَةَ ناصِبِ وَلَيلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ

2. علَيَّ لِعَمروٍ نِعمَةٌ بَعدَ نِعمَةٍ لِوالِدِهِ لَيسَت بِذاتِ عَقارِبِ

3. وَثِقتُ لَهُ بِالنَصرِ إِذ قيلَ قَد غَزَت كَتائِبُ مِن غَسّانَ غَيرُ أَشائِبِ

4. إِذا ما غَزوا بِالجَيشِ حَلَّقَ فَوقَهُم عَصائِبُ طَيرٍ تَهتَدي بِعَصائِبِ

5. جَوانِحَ قَد أَيقَنَّ أَنَّ قَبيلَهُ إِذا ما اِلتَقى الجَمعانِ أَوَّلُ غالِبِ

6. لَهُنَّ عَلَيهِم عادَةٌ قَد عَرَفنَها إِذا عُرِّضَ الخَطِّيُّ فَوقَ الكَواثِبِ

7. وَلا عَيبَ فيهِم غَيرَ أَنَّ سُيوفَهُم بِهِنَّ فُلولٌ مِن قِراعِ الكَتائِبِ

8. تُوُرَّثنَ مِن أَزمانِ يَومِ حَليمَةٍ إِلى اليَومِ قَد جُرِّبنَ كُلَّ التَجارِبِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. كليني: دَعيني، يُقال: وَكَلَهُ، تَرَكَهُ وإِيَّاهُ. ناصِب: مُتْعِب. بَطيءُ الكَواكِبِ: كِنايةً عَنْ أَنَّها لا تَغورُ. أُميمَة: ابْنتُهُ أُمامَةُ.

2. عَلَيَّ لِعَمْروٍ: أَنا مَدينٌ لِعَمْروٍ. نِعْمَةٌ: المقصودُ فَضْلُهُ أو إِحْسانُهُ. لَيْسَتْ بذاتِ عَقارِبِ: لا يُكَدِّرُها مَنٌّ ولا أَذى.

3. وَثَقتُ لَهُ بالنَّصْرِ: كُنتُ مُتَأكِّدًا أَنَّهُ سَيَنْتَصِرُ. الأَشائِبُ: الأَخْلاطُ واحدُها أَشابَةٌ.

4. غَزَوْا: خَرَجوا للحَرْبِ والقِتالِ. حَلَّقَ: حَلَّق الطَّائِرُ في الفَضاءِ، طارَ مُرْتَفِعًا. عَصائِبُ: جَماعاتٌ.

5. جَوانِحُ: مائِلاتٌ للوُقوع. أَيْقَنَّ: تَأَكَّدْنَ، عَرَفْنَ مَعْرِفةً أَكيدَةً. الغالِبُ: المُنْتَصِرُ.

6. لَهُنَّ عَلَيْهِمْ عادَةٌ: هذه الطُّيور لَها عادَةٌ على هَؤلاءِ القَوْمِ.

عُرِّضَ الخَطّيُّ: إذا نُصِبَ وأُعِدَّ للطَّعْنِ: الرِّماحُ.

تُنْسَب إلى الخَطّ وهو مَوْضِعٌ في البَحرَيْنِ تُصنَعُ فيه الرِّماحُ. الكَواثِبُ: مُقَدِّماتُ السَّرْجِ.

7. فُلولٌ: ثُلومٌ وتَكَسُّرٌ. قِراعٌ: مُضارَبةٌ. مُجالدَةٌ. الكتَائِبِ: جَمْع كتيبةٍ وهي فِرْقَةٌ من الجيْشِ.

8. تُوُرِّثن: يَعْني السُّيوف، أيْ وَرِثوهَا من آبائِهِمْ وأجْدادِهِمْ. يومُ حَليمَةٍ: مَعْركةٌ مَشْهورَةٌ انتَصَرَ

فيها الحَارِثُ بن جَبَلَة على المُنْذِر بنِ ماءِ السَّماء.

جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجارِبِ: أَرادَ أَنَّ هذِهِ السُّيوف خاضَتْ معارِكَ كَثيرَةً واسْتُعْمِلَتْ كَثيرًا.


*21*

9. تَقُدَّ السَلوقِيَّ المُضاعَفَ نَسجُهُ وَتوقِدُ بِالصُفّاحِ نارَ الحُباحِبِ

10. لَهُم شيمَةٌ لَم يُعطِها اللَهُ غَيرَهُم مِنَ الجودِ وَالأَحلامُ غَيرُ عَوازِبِ

11. مَحَلَّتُهُم ذاتُ الإِلَهِ وَدينُهُم قَويمٌ فَما يَرجونَ غَيرَ العَواقِبِ

12. يَصونونَ أَجساداً قَديماً نَعيمُها بِخالِصَةِ الأَردانِ خُضرِ المَناكِبِ

13. حَبَوتُ بِها غَسّانَ إِذ كُنتُ لاحِقاً بِقَومي وَإِذ أَعيَت عَلَيَّ مَذاهِبي

شَرْحُ الكَلِماتِ:

9. السَّلوقِيُّ: الدِّرْعُ المَنْسوبةُ إلى سَلوق، وتُنْسَبُ إِلَيْها الكِلابُ مِنْ أَرضِ اليَمَنِ. تَقُدُّ: تَشُقُّ.

المُضاعَف: الذي نُسجَ حَلَقَتَيْن حَلَقَتَيْن. الصُّفَّاح: حِجَارةٌ عِراض. نارُ الحُباحِب: حَشَراتٌ (ذُبابٌ) يُضيءُ باللَّيْلِ.

10. شيمَةٌ: طَبيعةٌ وخُلُقٌ. الأَحْلامُ: العُقولُ. غَيْرُ عَوازِبِ: العازِبُ الّذي يَعزِبُ بماشيَتِهِ فلا يُريحُها، فضُرِبَ هذا للأَحْلامِ، أيْ أَحلامُهم أَبدًا حاضِرَةٌ.

11. مَحَلَّتُهُمْ: مَسْكَنُهُمْ ومَوْضِعُ حُلولِهِمْ. ذاتُ الإِله: بَيتُ المَقْدسِ (القُدْسُ) وهيَ الأَرضُ المُقَدَّسةُ ومَنازِلُ الأَنْبياءِ عَليهِم السَّلامُ. قَويمٌ: مُسْتَقيمٌ.

العواقِبُ: ما سَيَأتي، حِسابُ اللهِ جَلَّ وعَلا.

12. خالِصَةُ الأَرْدانِ: الخالِصُ الصّافي النَّقِيّ، الأَرْدانُ: الأَكْمامُ واحِدُها رُدْن، أي أَنَّ أَكْمامَهم خالِصَةٌ مِنْ لَوْنٍ واحِدٍ.

المَناكِبُ: الأَكْتافُ. خُضْرُ المَناكِبِ: يُريدُ أَنَّ ثيابَهُمْ بيضٌ وَمَناكِبُهُم خُضْرٌ وهو لِباسٌ كانَ يَلبَسُهُ أَهْلُ الشَّام.

13. حَبَوْتُ: حَبا: أَعطى بِلا مَنٍّ أَوْ جَزاءٍ. أَعْيَتْ عَلَيَّ مَذَاهِبي: ضاقَتْ طُرُقي، وانْسَدَّت مَسالكي.

إضاءات على المضمون:

1. تَوَحُّدُهُ مَعَ هُمومِهِ لَيْلًا.

2. الاعْتِرافُ بِفَضْلِ عَمْروٍ بنِ الحَارِثِ الأَعْرَجِ.

3. مباشَرَةُ المديحِ.

4. وَصْفُ السُّيوفِ.

5. العودَةُ إلى المَديحِ.

6. إِهداءُ القَصيدَةِ.


*22*

أَجْواءٌ النَّصِّ:

المُعَلَّقاتُ، داحِسٌ والغَبْراءُ، قَصيدَةُ (المُتَجَرِّدَةُ) حِكايَتُها بشَكْلٍ سَريعٍ، التّجْويدُ والتَّنْقيحُ في الشِّعْرِ، اللَّيْلُ الطَّويلُ، التَّكَسُّبُ بالشِّعْرِ، المَديحُ من أغْراضِ الشّعْرِ، وَصْفُ الحَرْبِ والمَعَارِكِ، آلاتُ القِتالِ، لِباسُ المُلوكِ، صِفاتُ العَرَبيّ الّتي يَعْتَزُّ بِها، التَّعَرُّفُ على المَدْحِ في أسْلوبِ الذَّمِّ وعَكْسِهِ، مِنْ مَعاني كَلِمَةِ نارٍ المَنْسوبَةِ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمون:

1. لِماذا وَصَفَ الشَّاعِرُ في البَيْتِ الأَوَّلِ اللَّيْلَ بأَنَّهُ بَطيءُ الكَواكِبِ؟

2. يَذْكُرُ الشّاعِرُ في البَيْتِ الرَّابعِ الطُّيورَ المُحَلِّقَةَ. ما غَرَضُهُ مِنْ عَرْضِ هذهِ الصّورةِ هُنا؟

3. ما هُوَ التّعبيرُ الّذي وَرَدَ في البَيْتِ السّابِعِ، ويُوحِي بأَنَّ الكَتائِبَ الّتي يَمْدَحُها الشّاعِرُ تَخوضُ المَعاركَ الشَّديدَةَ؟

4. يَذْكُرُ في البَيْتِ (8) اسمَ (يَوْمِ حَليمَةِ). ابْحَثْ عن مَعْرِفَتِهِ وتَعَرَّفْ على أَيَّامٍ جاهِليَّةٍ أُخْرى.

5. يَتَضَمَّنُ البَيْتُ التّاسِعُ كَلِمَةَ السَّلوقِيِّ، وهو مُضاعَفٌ نَسْجُهُ. فَسِّرْ ذلكَ مُعْتَمِدًا عَلى شَرْحِ الكَلِماتِ الجديدة في الحاشِيَةِ وتَفْسيرِها.

6. يُفَصِّلُ الشّاعِرُ صِفاتِ مَمْدوحيهِ في الأَبْياتِ (10، 11، 12). وضِّحْ ذلك.

7. يوحي البَيْتُ الأَخيرُ بأَنَّ هذه القَصيدةَ قُدِّمَتْ هَدِيَّةً. وضِّحْ ذلك مُبَيِّنًا مَنِ المُهْدِي؟ ولِمَنْ أُهْدِيَتْ؟ وما سَبَبُ ذلك؟

8. قالوا عَنِ الشّعْرِ العَرَبِيّ القَديمِ: (الشِّعْرُ ديوانُ العَرَبِ) (ديوانٌ يَعني سِجِلّ، تاريخ). هل يوجد لهذا القَوْلِ أصْداءٌ في هذه القَصيدَةِ؟ وَضِّحْ؟

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. مَضْمونُ البَيْتِ الأوَّلِ واقعٌ في إطارِ أُسْلوبٍ طَلَبيٍّ. كيفَ يظهرُ ذلكَ؟ ما هُوَ الطَّلَبُ هُنا؟

2. أَيُّ أُسْلوبٍ تَعْبيرِيّ يُوحي إِلَيْكَ قَوْلُهُ: (عَلَيَّ)؟

3. وَضِّحْ أُسْلوبَ الشَّرْطِ في البَيْتِ الرَّابِعِ مُبَيّنًا الأَداةَ والشَّرْطَ والجَوابَ.


*23*

4. عُرِضَت الأَبْياتُ (3-13) بالأُسْلوبِ الخَبَرِيِّ. وَضّحْ ذلك، ولِماذا فَرَضَ هذا الأُسْلوبُ وُجُودَهُ هُنا؟

5. تتَكرَّرُ الأَداةُ (قَدْ) في الأبْياتِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ. عَيّنْها وبَيِّنْ أَهِيَ هُنا للتَّوْكيدِ، أوْ للتَّقْليلِ،

أو التَّشْكيكِ، ولِماذا؟

6. تَأَمَّلِ البَيْتَ (7) جَيِّدًا، إنَّهُ يَشْتَمِلُ على أسْلوبٍ بَلاغِيٍّ. ما هُوَ؟ وما هِيَ مُرَكِّباتُهُ؟ هاتِ نَموذَجًا مِنْ عِنْدِكَ لهذا الأُسْلوب.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. ما هي القيمةُ الاجتماعيّةُ للاعترافِ لصاحِبِ الفَضْلِ بفَضْلهِ؟ (اُنظر البيت (2)).

2. يقولُ في آخر البيت (11): (فما يَرْجون غيرَ العَواقبِ). ما رأيكَ في هذه القناعةِ الحياتيّةِ؟

3. اُذكر الصِّفاتِ الخُلُقيّةَ النّافِعةَ في المجتمع، والتي تُسَبّب التّماسُكَ بَين أفرادِه. تَلمّس ذلك في الأبيات 10، 11، 12 وبيّن رأيكَ في قيمة هذه الصّفات.

4. ما هي القيمةُ التّاريخيّةُ والتراثيّة التي يعكسُها قولُه: (يومُ حليمة)؟

مَصادِرُ دِراسَتِه:

1. ديوانُهُ المَطْبوع.

2. محمّد بن سلام الجمحيّ: طبقات فحول الشّعراء. القاهرة: دار المدني، 1974.

3. عبد الغنيّ خَمّاس: النّابغة الذُّبيانيّ شاعر المديح والاعتذار. بغداد: مكتبةُ النّهضة،

1988.


*24*

السَّمَوْأَلُ بنُ عادِياء


*24*

حَياتُهُ وأَخْبارُهُ:

هو السَّمَوْأَلُ بنُ غَرَيضٍ بنِ عادِياءَ (وردت هذه التّرجمة في الأَغاني لأَبي الفرج الأَصفهانيّ، بيروت، دار صعب، د. ت.، ج 19، ص 980) عاشَ في النِّصْفِ الأَوَّلِ مِنَ القَرْنِ السَّادِسِ الميلاديّ، تُوفّيَ نَحْو سَنَة 560 م، وقد قِيل إِنَّ أُمَّهُ كانَتْ مِنْ غَسَّان. وكانَ صاحِبَ الحِصْنِ المَعْروفِ بالأَبْلَقُ (الأَبْلَقُ لُغَوِيًّا: ما كانَ في سَوادِهِ بَياضٌ وذلِك كِنايَةٌ عن الوُضوحِ). وكانَ الحِصْنُ مَبْنِيًّا بِحِجَارَةٍ بَيْضاءَ وحِجارَةٍ سَوْداءَ. وكانَ لهُ حِصْنٌ آخَرُ في دَوْمَةِ الجَنْدَلِ، (اسْمُ مَكانٍ في الجزيرَةِ العَرَبِيَّةِ)، اسْمُهُ مارِدٌ، وكانَ مَبْنِيًّا بِحِجارَةٍ سَوْدَاءَ، ضَرَبَتِ العَرَبُ المَثَل بِهذَيْنِ الحِصْنَيْنِ في المنَعَةِ والقُوَّةِ فَقيلَ: تَمَرَّدٌ مارِدٌ وَعَزَّ الأَبْلَقُ.

وكانَ هذا الحِصْنُ (بتَيْماءَ) المَشْهورَةِ بالوَفاءِ؟ وهْي اليَوْمَ مَدينَةٌ في الطَّريق إِلى المَدينَةِ المُنوَّرَةِ، وكانَ هذا الحِصْنُ لِجَدِّه عادِياء، واحتَفَرَ فيه بئْرًا رَوِيَّةً عَذْبَةً وقالَ السَّمَوْأَلُ:

فَبِالأَبْلَقِ الفَرْدِ بَيْتي بِهِ وَبَيْتُ النَّضِيرِ سِوى الأَبْلَقِ

وقالَ يَذكُرُ بناءَ جَدِّهِ الحِصْنَ:

بَنَى لي عادِيا حِصْنًا حَصينًا وَماءً كُلَّما شِئْتُ ارْتَويْتُ

وكانَتِ العَرَبُ تَنْزِلُ فيهِ فيُضَيِّفُها، وَتَمْتَارُ مِن حِصْنِهِ (تأْخُذُ وَتَجْلِبُ الطَّعامَ) وَتُقيمُ هُناكَ. يُضْرَبُ به المَثَلُ في الوَفاءِ لإِسْلامِهِ ابْنِهِ حَتّى قُتِلَ ولَمْ يُسَلِّمْ أَمانَتَهُ وهْيَ أَدْرُعُ امْرِئِ القَيْسِ الشَاعِرِ.

السموأل يهوديّ ويُعرف ب (شموئيل بن عاديا)


*25*

الأَبْياتُ المَطْلوبَةُ مِنَ اللَّامِيَّةِ للسَّمَوْأَلِ (درج نقّاد الأدب العربيّ قديمًا وحديثًا على التّعريف بالقصيدة بحرف الرَّوِيّ فيها، وهو الحرف الذي يظهر في أواخر البيوت، فيقال داليَّة إذا كان رويّها الدّال وَعيْنَيّة إذ كان رويّها حرف العين ونحو ذلك. وقد عرف في الأدب العربيّ ثلاث لامِيَّات مشهورة. 1. لاميّة الشنفرى، وتُسَمّى لاميّة العرب، ولامِيّة العجم للطغرائيّ ولاميَّة السموأل التي نَدْرُسُها. كما اشتهرت سينيَّة البُحْتريّ وعينيّة ابن سينا)

1. إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُهُ فَكُلُّ رِداءٍ يَرتَديهِ جَميلُ

2. وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ

3. وقائِلَةٍ ما بالُ أُسْرَةِ عادِيا تَبارَى، وفِيهمْ قِلَّةٌ وخُمُولُ

4. تُعَيِّرُنا أَنَّا قَلِيلٌ عَدِيدُنا فقلتُ لها إِنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ

5. وَما ضَرَّنا أَنّا قَليلٌ وَجارُنا عَزيزٌ وَجارُ الأَكثَرينَ ذَليلُ

6. وَما قَلَّ مَن كانَت بَقاياهُ مِثلَنا شَـبابٌ تَسامى لِلعُلى وَكُهولُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. يَدْنَسُ: يَتَلَوَّثُ، يَتَّسِخُ، ويُخالِطُ الأَوْسَاخَ والقاذوراتِ. اللُّؤْمُ: اسْمٌ جامِعٌ للخِصالِ المَذمُومَةِ.

عِرْضٌ: شَرَفٌ.

2. لم يَحْمِلْ: لم يُصَبِّرْ. الضَّيْمُ: الظُّلْمُ وأَصْلُ الضَّيْمُ العُدولُ عَنِ الحَقِّ، يُقالُ ضَامَهُ ضَيمًا إِذا عَدَلَ بِهِ عن طريقِ النَّصَفَة (الاعتِدال والهُدى).

3. قائلةٌ: المُعَيّرةُ والمَقْصودُ بها قبيلةٌ مِن القبَائِلِ. تُبارِي: تَتَماثَلُ مَعَ الأَجوَادِ.

4. خُمولٌ: المَقْصُودُ الكَسَلُ وعدمُ التَّحرُّكِ نَحْو الأَعْمالِ الّتي تَجْلِبُ الشَّرَفَ والعِزَّة.

5. ما ضَرَّنا: المَقْصُودُ لم يَنلْنا ضَرَرٌ، ولم يَنْقصْ مِن قَدرنا.


*26*

7. لَنا جَبَلٌ يَحْتَلُّه مَنْ نُجِيره مُنِيفٌ، يَردُّ الطَّرْفَ وهْوَ كَلِيلُ

8. رَسَا أَصْلُه تَحْتَ الثَّرَى، وسَما بِهِ إِلى النَّجْمِ فَرْعٌ لا يُنال طَويل

9. هو الأَبْلَقُ الفَرْدُ الذي سارَ ذِكْرُهُ يَعِزُّ على مَنْ رَامهُ فيَطُولُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

6. ما قَلَّ: لا يُعتَبرُ قَليلًا. بَقاياهُ: المَقصودُ هُنا الفِعالُ الحَميدَةُ والنَّبيلَةُ وكُلُّ ما يَدعو إِلى الكَرامةِ والبُطولَةِ.

شبابٌ: يُقالُ شَبَّ الصَّبِيُّ يَشُبُّ شَبابًا وهِيَ مَصْدَرٌ وُصِفَ به الجَمْعُ.

تسامى: أَراد تَتَسامى، مَحْذوفٌ إِحدى التّاءَيْن اسْتِثْقالًا للجَمْعِ بَيْنَهُما.

الكهُولُ: جَمْع كَهْل وهوَ الّذي وخَطَهُ الشَّيْبُ، ومِنْها كَهَل النَّبتُ إذا شَمَلَهُ النُّور. وهو الرَّجُلُ في سِنِّ الأَربعينَ إلى السِّتّينَ.

7. الجَبَل: هُنا كِنايةٌ عَنْ حِصْنِهِ الأَبْلَقِ. يَحْتَلُّ: هُنا تَعني يَحِلُّ ضَيْفًا.

نُجيرُ: نَحْمي. مَنيعٍ: حَصين وفي قِراءةٍ: مُنيفٍ، أيْ عالٍ حَصينٍ. الطَّرْفُ: البَصَرُ. كَليلُ: ضَعيفٌ، تَعِبٌ، قاصِرُ النَّظرِ.

8. رَسا: اسْتَقَرَّ وثَبَتَ في الأَرْضِ. أَصْلُهُ: المَقْصودُ قاعِدَتُهُ. الثَّرى: التُّراب.

سما: ارْتَفَع. فَزْع: المقصود القِمَّة، جزءٌ مِنَ الحِصْنِ.

لا يُرَام: لا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يَبْلُغَ مُنْتَهاهُ لعُلوِّه. وفي قراءِةٍ لا يُنالُ (راجع المصادر التي أُشير إليها سابقًا وفي نفسِ الأَمكنة: شرح التّبريزيّ على حماسة أَبي تمّام، الأَمالي لأبي عليّ القالي ج 1 وديوان الشّاعر، دار صادر ج 1)

9. الأَبلَقُ الفَرْدُ: هو حِصْنُ السَّمَوْأَلِ الّذي بَناهُ أَبوهُ، عادِياء.

الأَبْلَقُ هو الّذي يُخالِطُ سَوادَهُ بياضٌ، وسُمِّيَ بذلك لأنَّ حِجارَتَهُ سَوْداءُ وبَيْضاءُ بالتَّناوُبِ، ولأَنَّهُ حَصِينٌ هو وقَصْرُهُ الثَّاني المُسمّى (مارِدا). قالت الزَّبَّاءُ: تمرَّد ماردٌ وَعزَّ الأَبلَقُ (انظر: جواد عليّ: المفصّل في تاريخ العرب قبل الإسلام، بيروت: دار العلم للملايين، مكتبة النّهضة، بغداد الطّبعة الأولى، 1972، المجلّد التّاسع، ص 772 وما بعدها).

سارَ ذكرُهُ: انْتَشَر واشْتَهَر بينَ النَّاس. (في ديوانه طباعة دار صادر: شَاعَ ذِكْرُهُ).


*27*

10. وَنَحْنُ أُناسٌ لا نَرى القَتْلَ سُـبَّةً إِذا ما رَأَتْهُ عامِرٌ وَسُلُولُ

11. يُقَرِّبُ حُبُّ المَوْتِ آجالنَا لَنا وتَكْرَهُهُ آجالُهُمْ فتَطُولُ

12. تَسِيل على حَدِّ الظُّباتِ نُفُوسنا ولَيْسَتْ على غَيْرِ الظُّباتِ تَسِيلُ (القراءة المعروفة لهذا البيت هي:

تَسيلُ على حَدِّ الظُباتِ نُفُوسُنا ولَيْسَتْ عَلَى شَيْءٍ سِواهُ تَسيلُ

انظر الدّيوان، ديوانا عُروة بن الورد والسَّمَوْأَل، دار صادر، د. ت، ص 91، وانظر كذلك شرح ديوان الحماسة (التبريزي)، بيروت: عالم الكتب، د. ت، ج1، ص 59 وانظر كتاب الأَمالي (أبو عليّ القالي)).

13. وما ماتَ مِنَّا سَيِّدٌ حَتْفَ أَنْفِهِ ولا طُلَّ مِنَّا حَيْثُ كانَ قَتِيلُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

10. يَعِزّ: هُنا يَمْتَنِعُ، أَيْ أنَّ الّذي يُريدُ بُلوغَ قِمَّتِهِ والصُّعودِ عليهِ لا يَسْتَطيعُ ذلك.

يَطولُ: بمَعْنى أنَّ طولَهُ مُعْجِزٌ فلا يَسْتَطيعُ أحَدٌ التَّسَلُّقَ عليه.

11. حُبُّ الموْتِ: أيْ حُبُّنا لِلْمَوْتِ. آجالُنا: نِهايةُ حَياتِنا، قالَ تعالى: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَل... (الأعراف: 7)، أيْ لِكُلِّ عُمْرٍ نِهايةٌ مَكْتوبَةٌ.

12. تَسيلُ نُفوسُنا: المَقْصودُ تسيلُ دِماؤُنا.

الظُّبَاتُ: جَمْع ظُبَة وهي حَدُّ السَّيْفِ، وكذلك حَدُّ الخنْجَرِ وكلُّ سِلاحٍ أَبيضَ (لسان العرب).

13. حَتْفَ أَنْفِهِ (كَمَا وَرَدَ في كُلِّ المراجِعِ)، ماتَ في فِراشه.

طُلَّ الدَّمُ أَو القَتيلُ: لم يُؤْخَدْ بثأرِهِ.

إِضاءات على المضمون:

1. أَخلاقيّاتٌ عامّةٌ.

2. تَجْريدُ مَنْ تُعَيِّرُ والحوارُ معها (التجريد هو إِخلاص الخطاب لغيرك وأَنت تريد به نفسك، فالشّاعر يبدو أَنّه يحادثُهُ شخص، وهو يَرُدُّ عليه. أَمثلة ذلك: قِفا نَبْكِ لامرئ القيس، قَذى بعينك أَم بالعَيْنِ عُوّار (للخنساء) وغير ذلك.

انظر: ابن الأثير: المثل السّائر في أَدب الكاتب والشّاعر، بيروت: المكتبة العصريّة، 1995، ج1، ص 405).

3. الرَّدُّ على المُعَيِّرَة.

4. التّفاخُرُ بِالكَرَم والعِزَّةِ والمَنَعة.

5. أسْبابُ المَوتِ: اَلشَّجاعَةُ والحَرْبُ من أَجلِ الشَّرَفِ.


*28*

أجْواءُ النَّصِّ:

الرَّوِيُّ في القَصيدَةِ. اللّامِيَّةُ، اللّامِيَّاتُ المَشْهورَةُ في الأَدَبِ العربِيِّ: لامِيَّةُ السَّمَوْأَلِ، لامِيَّةُ العَرَبِ، لامِيَّةُ العَجَمِ، الفَخْرُ في الشِّعْرِ الجاهِليِّ، الوَفاءُ، نَجْدَةُ المَلْهوفِ، الشَّجاعَةُ في الحُروبِ والقِتالِ، مَعْلوماتٌ عَروضِيَّةٌ: تَصْديرٌ، تَصْريعٌ، التَّجْريدُ في الشِّعْرِ، نَموذَجٌ مِنَ الخَنْساءِ وآخَرُ مِنِ امْرِئِ القَيْسِ.

أسْئِلَةُ المَضْمونِ:

1. يُفيدُ البَيْتُ الأَوَّلُ تَحْقِيقَ أَمْرٍ عَنْ طَريقِ نَفْيِ أَمْرٍ آخَرَ. ما هُوَ الحاصِلُ، وما هُوَ الّذي لَمْ يَحْصُلْ؟

2. في البَيْتِ الثّاني مَضْمونُ نَفْيِ أَمْرٍ يُحَقِّقُ نَفْيًا آخَرَ. وَضِّحْ ما هُوَ المَنْفِيُّ الأَوَّلُ، وما هو المَنْفِيُّ الثّاني؟ البَيْتِ ().

3. يَعْرِضُ البَيْتُ الثّالِثُ حالَ مُعَيِّرَةٍ تَسْتَغْرِبُ وتَسْتَهْجِنُ أنْ تُباري أُسْرةُ عادِياءَ بالأعْمالِ المَجيدةِ لِصِفَتَيْنِ فيها. ما هُما، وما مَعْناهُما؟

4. يَرُدُّ الشَاعِرُ على المُعَيِّرَةِ (قد تَكونُ قَبيلَةً) ويُفَنِّدُ مَزاعِمَها بأَنَّ أسْرَتَهُ غَيْرُ قادِرَةٍ على المُباراةِ بالأَعْمالِ المَجيدَةِ. ما هُوَ رَدُّهُ؟

5. يَسْتَمِرُّ في البَيْتَيْنِ الخَامِسِ والسّادِسِ بتَفْنيدِ مَزاعِمِ المُعَيِّرَةِ، أَوَّلًا بأسْلوبِ الاستِفْهامِ البَلاغِيّ، ثانِيًا بأسْلوبِ النَّفْي. وَضِّحْ ذلك.

6. يَتَفاخَرُ الشّاعِرُ بأَنَّ قَوْمَهُ يَمْلكونَ ما يُثْبِتُ قُوَّتَهُمْ، ويُكنِّي عَنْهُ بالجَبَلِ المُنيفِ. ما المَقْصودُ بالجَبَلِ؟ وما دَوْرُهُ في حالَتَيِ السِّلْمِ والحَرْبِ؟

7. كيفَ يَفْهَمُ الشّاعرُ وقَوْمُهُ المَوْتَ؟ وما هِيَ المُقارَنَةُ التي يَعرِضُها بالنِّسْبَةِ لِلْمَوْتِ؟

8. كَيْفَ فسَّرَ الشّاعِرُ أَنَّ قَوْمَهُ يموتون صِغارَ السِّنِّ؟

9. يَشْتَمِلُ النَّصُّ على مُقارَناتٍ بَيْنَ قومِهِ وآخَرِينَ. هاتِ مَكانَينِ تَجْري فيهِما المُقارَنَةُ مُوَضِّحًا مَوْضوعَها.


*29*

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. يُسَيْطِرُ أسْلوبُ الشَّرْطِ في البَيْتَيْنِ (1، 2). وَضِّحِ الشَّرْطَ والجَوابَ والأَداةَ في كُلِّ بَيْتٍ.

2. يَبْدَأُ البَيْتُ الثَّاني باسْتِعْمالِ حَرْفِ الجَرِّ الزّائِدِ واو (رُبَّ). ما هو المعنى من استعمال هذا الحرف؟

3. يبدأُ البَيْتُ الخامِسُ بِ (ما)، وكذلك البَيْتُ السّادِسُ، وكُلُّ واحدةٍ تُمَثّلُ أُسْلوبًا، وَضِّحْهُ.

4. يُسَيْطِرُ أسْلوبُ النَّفْيِ بِ (ما) وبِ (لا) في البَيْتِ (13). ماذا حَقَّقَ هذا الأُسْلوبُ؟

5. بَيِّنْ مواقعَ الطِّباقِ في القَصيدَةِ. وبَيِّنْ الغرضَ مِنْهُ.

6. في البَيْتِ (4) وفي البَيْتِ (12) ما يُسَمَّى فِي عِلْمِ الشِّعْرِ (التَّصْديرُ) (راجع التّصْدير في التَّعْريفات) أوْ (رَدُّ الأَعْجازِ على الصُّدورِ). بَيِّنْ ذلك واذْكُرْ ما أَهَمِّيَّةُ هذا التَّصْديرِ هُنا؟

7. أشِرْ إِلي الأُسْلوب الإِنْشائِيِّ في بَعْضِ الأَبْياتِ، (مُعظمُ الأبْياتِ جاءَتْ بأسْلوبٍ خَبَرِيٍّ). وما الحالةُ المَضْمونِيَّةُ الّتي أوْجَبَتْ هذا الأُسْلوبَ؟

8. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ ما تَراهُ مِن اسْتِعاراتٍ. وبَيِّنْ الصورة الجمالية لكلّ استعارة.

9. أيْنَ تَقَعُ على أسْلوبِ الحِوارِ في النَّصِّ؟ ومَنْ يَتَحاوَرُ؟ وما هُوَ مَوْضُوعُ الحِوارِ؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. ما رأيُكَ بالنّسبة للفكرة في البيتِ الأوّلِ؟

2. ما موقفكَ من الفكرة التي ذكرها الشاعِر في البيت (4)؟ (قال: إنَّ الكرامَ قليلُ)

3. يُشتمُّ من مَضمونِ الجيب (13) أنّ الأخْذَ بالثّأْرِ فَضيلةٌ ومن صِفاتِ الرّجولَةِ. هَلْ توافق على ذلك في ظِلّ الدَّولةِ الحَديثَةِ اليَوْم؟ عَلِّل اجابتكَ.

4. أيُّ قيمةٍ يمثّلُها قولُهُ: (جارُنا عزيزٌ) وهَلْ يَصِحُّ هذا الموقِفُ في زمانِنا؟ لماذا؟

5. كيفَ تُقَيِّمُ قولَهُ: شَبابٌ تسامى للعُلا؟ ماذا تَقولُ في ظِلّ هذا لشبابِنا اليوم؟


*30*

أبو طالِبٍ - عبدُ منافٍ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ


*30*

هو عَبدُ مَنافٍ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ بنِ هاشِمٍ بنِ عَبْدِ مَنافٍ بنِ قُصَيٍّ (540-619 م). وهُوَ عَمُّ الرَّسولِ الّذي كَفَلَ ابنَ أَخيهِ مُحَمَّدًا اليَتيمَ عِنْدَ وَفاةِ جَدِّهِ عَبْدِ المُطَّلِبِ. وتَقولُ الرِّواياتُ أَنَّ مُحَمَّدًا كانَ يَصْحَبُهُ في رِحلاتِهِ التِّجارِيَّةِ (انظر مثلًا ابن هشام: السّيرة النّبويّة، دار التراث العربيّ، 1971، ص 111 وما بعدها. وكذلك محمد حسين هيكل: حياة محمد، 1935، ص 131 وما بعدها. وكذلك انظر: دائرة المعارف الإسلاميّة، ترجمة عربيّة 1933، المجلّد الأوّل،

ص 361 وما بعدها) وأَنّه اعْترافٌ مِنْهُ بِجَميلِ عَمِّهِ (أَبى طالِبٍ)، الّذي كانَ فَقيرًا كَثيرَ العِيالِ، قامَ بتَرْبِيَةِ ابْنِهِ عَلِيّ في دارِهِ (انظر ابن الأَثِير: الكامل في التّاريخ، الطّبعة المنيريّة، 2، 37)، وعِنْدما تَعَرَّضَ الرَّسولُ (ص) لاضْطِهادِ أَهْلِ مَكّةَ بِزَعامَةِ قُرَيْشٍ ناصَرَهُ أَبو طَالِبٍ، وَرَفَضَ أَنْ يَتَخلَّى عنْ هذا الواجِبِ الأَبَويّ، رَغْمَ أَنَّهُ حاوَلَ أنْ يُؤَثِّرَ عَلى ابْنِ أَخيهِ، ولكِنْ باللّينِ، وعِنْدَما تَيَقَّنَ أنَّ مُحَمَّدًا (ص) صَلْبُ المَوْقِفِ، ثابِتٌ عَلى دِينِهِ وَيَقينِهِ، قَبِلَ أَبو طالِبٍ ذلكَ واسْتَمرَّ في مُناصَرَتِهِ، وحذا حَذْوَهُ بَقيَّةُ بَني هاشِم، أَعْمامِ الرَّسولِ ما عَدا أَبا لَهَبٍ. وكانَ هذا سَبَبًا لقَرارِ قُرَيْشٍ إِقْصاءَ بَني هاشِمٍ من مَكَّةَ وإِعْلانَ الحِرْمانِ عَلَيْهِم مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ، فاعْتَكَفوا في حَيِّهِمْ الّذي عُرِفَ بِشِعْبِ أَبي طالِبٍ. وَتَقولُ الرِّواياتُ أَنَّ أَبا طالِبٍ سَيِّدُ قُرَيْشٍ (قال عليّ بن أَبي طالب في والده: (أبي سادَ فقيرًا، وما سادَ فقيرٌ غيره).

تاريخ اليعقوبيّ: بيروت: دار صادر، 1920، 2،9) وَنُسِبَتْ إِلَيْهِ أَشْعارٌ كَثيرَةٌ، وهِيَ اليَوْمَ مَجْموعَةٌ في ديوانٍ يَقَعُ ما بَيْن 300-400 صَفْحَةٍ، قامَ بتَحْقيقِهِ مُحَمَّد حَسَن آل ياسين وطُبِعَ عام 2000 م.


*31*

أَنْتَ النَّبِيُّ مُحَمَّدُ


*31*

أبو طالب - عبدُ منافِ بْنُ عبدِ المطّلب

عَمُّ الرَّسول (ص)

1. أَنتَ النَبِيُّ مُحَمَّد قرْمٌ أَغَرُّ مُسَوَّدُ

2. لِمُسَوّدين أَكارِمٍ طابوا وَطابَ المَولِدُ

3. نِعمَ الأَرومَةُ أَصلُها عَمرُو الخِضَمُّ الأَوحَدُ

4. هَشَمَ الرَبيكَةَ في الجِفا (م) نِ وَعَيشُ مَكَّةَ أَنكَدُ

5. فَجَرَت بِذَلِكَ سُنَّة فيها الخَبيزَةُ تُثردُ

6. وَلَنا السِقايَةُ لِلحَجي (م) جِ بِها يُماثُ العُنجُدُ

7. وَالمَأزمانِ وَما حَوَت عَرَفاتُها وَالمَسجِدُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. القَرْم من الرّجال: السَّيّدُ المُعَظَّمُ. أَغَرُّ: كَريمُ الأَفْعالِ. أَقوى وَأَمْتَن. وكذلك الأبْيَضُ من كُلِّ شَيءٍ، والمقصودُ كريمُ الأَفعالِ طَيِّبُها. مُسَوَّد: جَعَلُهَ سَيِّدًا، الاعتِرافُ بهِ كَسَيِّدِ النَّاسِ وقائِدِهِمْ.

2. طابُوا: كانوا طَيِّبين أَفاضِلَ. المَولِدُ: المَقْصُودُ الانْتِسابُ لهم.

3. الأَرُومةُ: الأَصْلُ. الخِضَمُّ: الجَواد المِعطاءُ، الكثيرُ المَعْروفِ والعَطِيَّةِ والجَمْعُ خِضَمُّون (لا توصف به المرأَةُ).

4. هَشَمَ: كَسَرَ إِلى قِطَعٍ صَغيرَةٍ؛ هَشَم أَنْفَهُ كَسَرَهُ، هَشَمَ الثَّريدَ (الخُبْزَ المَفْتوتَ) ومنْهُ هاشِمُ بنُ عَبْدِ مَنافٍ أَبو عَبْدِ المُطّلب جَدِّ النَّبِيِّ (ص) كانَ يُسَمَّى عَمْرًا وهوَ أَوَّلُ مَنْ هَشَمَ الثَّريدَ وثَرَدَهُ فَسُمِّي هاشِمًا. الرَّبيكَةُ: طَعامٌ بِتَمرٍ وسَمْن ورُبّما صُبَّ عَلَيْهِ ماءٌ فَشُرِبَ ويُحَضَّرُ كذلك بِطُرِق أُخْرى (القاموس المحيط الفيروز أبادي) رَبَكَ الجِفان: جَمْعُ جَفْنَة: الآنِيَة الّتي يُطْعَمُ فيها. أَنكَدُ: تَعيسٌ سَيّءُ الحال.

5. السُّنَّة: المَقْصودُ هُنا عادَةٌ متَّبعَةٌ. الخَبيزَةُ: الخُبْزُ. تُثْرَدُ: تُفَتُّ.

6. السّقايَةُ: تَحضِيرُ الماءِ للحُجَّاج.

يُماثُ: يُذَابُ في الماءِ بَعْدَ أَنْ يُنْقَعَ فيهِ. العُنجُد: الزَّبيبُ، العِنَبُ المُجَفَّفُ.

7. المأزِمان: مكانان في المَسْجِدِ الحرامِ بمَكَّةَ. عَرَفات: مكانٌ في منطقة مَكّةَ. المَسْجِدُ: المقصودُ الحرَمُ المَكِّيُّ.


*32*

8. أَنّى تُضامُ وَلَم أَمُت وَأَنا الشُجاعُ العِرْبِدُ

9. وَبِطاحُ مَكَّةَ لا يُرى فيها نَجيعٌ أَسوَدُ

10. وَبَنو أَبيكَ كَأَنَّهُم أُسدُ العَرينِ تَوَقَّدُ

11. وَلَقَد عَهِدتُكَ صادِقاً في القَولِ لا تَتَزَيَّدُ

12. ما زِلتَ تَنطِقُ بِالصَوا (م) بِ وَأَنتَ طِفلٌ أَمرَدُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. تُضامُ: يُصيبُكَ الضَّيْمُ أَي الظُّلْمُ. الشُّجاعُ: ذَكَرُ الأَفْعى.

العِرْبِدُ: الشَّديدُ، ثُعبانٌ أَحْمَرُ وأَرقَشُ بكُدْرَةٍ وسَوادٍ.

9. البِطاحُ: سهول وأراضٍ منبسطة حَوْلَ مَكَّةَ. النَّجيعُ: الدَّمُ. الأَسْوَدُ: المقْصودُ الّذي مَرّ عَلَيْهِ وَقْتٌ طَويلٌ فتَحَوَّلَ إِلى اللَّونِ الأَسْوَدِ. ويُقْصَدُ أَنَّ دَمَهُ لَمْ يُؤْخَذْ بثأْرِهِ. وهُنا أنَّهُمْ أَسْرَعوا بأَخْذِ الثَّأْرِ قَبْلَ، أَن يَسْوَدَّ الدَّمُ.

12. أمْرَد: وَلَدٌ لَمْ يَنْبُتْ لَهُ شَعْرٌ في ذَقْنِهِ (لِحْيَتِهِ).

إِضاءات على المضمون:

1. مُحَمَّدٌ (ص) نَبِيٌّ مِنْ أَصْلٍ هاشِمِيٍّ مُسَوَّد.

2. سُنَّةٌ هاشِمِيَّةٌ.

3. مَسْئُوليَّةُ بَني عَبْدِ مَنافٍ عَنْ سِقايَةِ الحَاجِّ.

3. أبو طالِبٍ نَصيرُ الرَّسولِ (ص) وأَعْمامُ الرَّسولِ كذلك.

4. خُلُقُ الرَّسولِ (ص).


*33*

أجْواءُ النَّصِّ:

أعْمامُ الرَّسولِ (ص)، والِدُهُ، حَفْرُ زَمْزَمَ، التَّحَنُّثُ، الرِّسالةُ الإسْلامِيَّةُ، المُقاوَمَةُ، ومُحارَبَةُ المُسْلمِينَ، تَعَرُّضُ الرَّسولِ للهِجاءِ الشِّعْرِيِّ، الدِّفاعُ عَنْه، الخُلُقُ العَظيمُ. وَظائِفُ قُصَيٍّ وأولادِهِ في مَكَّةَ، مِنْها السِّقايَةُ، الطَّعامُ للحُجّاج من قِبَلِ هاشِمٍ، والثَّريدُ، الكَعْبَةُ، أمْكِنَةٌ أوْ آثارٌ في الحَرَمِ أوْ في مَكَّةَ.

أَسْئِلَةُ المَضْمون:

1. كَيْفَ يَعْكِسُ لَنا البَيْتُ الأوَّلُ إيمانَ أبي طالِبٍ بالرَّسولِ؟

2. ما هِيَ الصِّفاتُ الشَّخْصِيَّةُ الّتي يُبْرِزُها أبو طالِبٍ بالرَّسولِ الكَريمِ؟

3. في البَبْتِ الثّاني مَدْحٌ للرَّسولِ عن طَريقِ مَدْحِ الاصْلِ. وَضِّحْ ذلك.

4. وَرَدَتْ كَلِمَةٌ في البَيْتِ الثالِثِ تَعْني الأصْلَ، ووَرَدَ فِعْلُ المَدْحِ (نِعْمَ). مَنْ هُوَ المَخصوصُ بالمَدْحِ وما هِيَ صِفاتُهُ؟

5. يوجَدُ تَفْسيرٌ وشَرْحٌ للاسْمِ هاشِمٍ بالنّسْبَةِ لعَمَلٍ كان يَقومُ بهِ. ما هُوَ؟

6. إنَّ العَمَلَ المَذْكورَ (هَشْمُ الثَّريدِ) كانَ جَيِّدًا. ما هو إِثْباتُ ذلك؟ (البَيْتُ 5)

7. يَذْكُرُ الْبَيْتُ (6) وَظيفَةً مِنَ المَسْئولِيّاتِ المَعْروفَةِ عَلى مَكَّةَ والكَعْبَةِ. ما هِيَ؟ وما مَعْناها؟ اذْكُرُ الوَظائِفَ الأُخْرى.

8. يَذْكُرُ في البَيْتِ (7) اسْمَيْنِ ومَكانَيْنِ. ما هُما وما قيمَتُهُما الدّينِيَّةُ؟

9. في الأبْياتِ (8، 9، 10) يَرْفُضُ أَبو طالِبٍ أمْرًا ويَتَحَدَّى. ما هُوَ؟ وعَلى أَيِّ شَيْءٍ؟ يَعْتَمِدُ في التَّحَدِّي؟

10. يُكرِّرُ أبو طالِبٍ صِفاتٍ سامِيَةً للرَّسولِ وكأَنَّها طَبْعٌ وُلِدَ. وَضِّحْ ذلك.

أسْئِلةُ الأُسْلوبِ:

1. أسْلوبُ اسْتِخْدامِ بَعْضِ الكِناياتِ. اسْتَخْرِجْ اثْنَتَيْنِ إحداهما مِنَ البَيْتِ الثَّاني

والأخرى مِنَ البَيْتِ الأَخير.

2. في قَوْلِهِ: (أَنا الشُّجاعُ العِرْبِدُ) تَشْبيهٌ. بيّن رُكْنيةِ المَذْكورَيْنِ ورُكْنيةِ المَحْذوفَيْنِ.

3. في قوْلِهِ: (وبَنُو أَبيكَ كَأنَّهم أُسْدُ العَرينِ). وَضِّحْ أطْرافَ التَّشْبيهِ واذْكُرْ ما هُوَ


*34*

مَذْكورٌ وما هو مَحْذوفٌ مِنْها؟

4. يَبْدَأُ البَيْتُ الثَّامِنُ باسْتِفْهامٍ غَرَضُهُ النَّفْيُ. ما هُوَ المُنْفِيُّ؟ وعَلى أَيِّ حَقائِقَ اعْتَمَدَ النَّفْيُ؟

5. هُنالِكَ ما يُطْلَقُ عَلَيْهِ في النَّقدِ الأَدبِيِّ القَديمِ (التَّضْمِينُ)، وحَديثًا، (الجَرَيانُ) انْظُرِ التَّعْريفاتِ، اعْطِ مكانَيْنِ لِمِثْلِ هذا التَّضْمينِ أوِ الجَرَيانِ.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. من المعروفِ أَنّ أبا طالبٍ لم يُسْلِمْ. كيف تَرى أنّ دفاعَهُ عن الرّسول (ص) يستقيمُ مع عدم إسلامهِ؟

2. ما هي القيمُ التّاريخيّة التي يَعْكِسُها هذا النّصّ؟

3. أيّ قيمٍ أَخلاقيّة يمكنُك أنْ تلتزمَ بها في حياتِكَ؟ اُنظرِ البيتين 11، 12.

مصادر للتوسّع:

1. ديوان أبي طالِب بن عبد المطَّلب، تحقيق الشّيخ محمّد حسن آل ياسين.

بيروت: دار مكتبة الهلال لبنان، الطّبعة الأولى،1421 ه، 2000 م.

2. أبو هفّان المهزوميّ: شعر أبي طالب وأخباره والمستدرك عليه. قُمّ: دار الثّقافة

للطّباعة والنّشر، 1993.

3. نجم الدين العسكريّ: أبو طالب حامي الرّسول. النّجف: مكتبة آداب، 1960.

4. جواد عليّ: المفصَّل في تاريخ العرب قبل الإسلام. بيروت: دار العلم للملايين بغداد: مكتبة النّهضة، مج، 1976.


*35*

البابُ الثَّاني: الشِّعْرُ في العَهْدَيْنِ: صَدْرِ الدَّوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ والعَهْدِ الأُمَوِيِّ


*35*

حَسّانُ بنُ ثابتٍ - عَدِمْنا خَيْلَنا

عُمَرُ بنُ أَبي رَبيعَةَ - قالَ لي صاحبي

الكُمَيْتُ الأسَدِيّ - طربتُ وما شوقًا

جَريرٌ - بانَ الخليطُ

الفَرَزْدَقُ - وَصْفُ الذِّئْبِ

الخَنساءُ - رِثاءُ صَخْرٍ


*36*

عَصْرُ صَدْرِ الإسلامِ والدَّوْلَةِ الأُمَوِيَّةِ


*36*

1. الشِّعْرُ في العصرِ الإِسْلاميِّ (صَدْرُ الإِسْلام):

ظهرَ الإسلامُ في الجزيرةِ العربيّةِ والعَرَبُ ينظُرونَ إِلى الشّاعِرِ نظرةَ تقديرٍ وإكْبارٍ، مُعْتَبِرينَ إيّاهُ رجلَ القيادةِ واللّغةِ العربيَّةِ، والشِّعْرُ بمضامينِهِ إنتاجُ القرائحِ الشِّعْرِيَّةِ. وعَقِبَ اتّهام مُعارِضِي الإسلام للرّسولِ الكريمِ بأنَّهُ شاعِرٌ، تعرَّضَ القرآنُ الكريمُ لهذه التّهْمَةِ وَدَحَضَها بآياتٍ مثل: (وما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وما يَنْبغي له)، (إنْ هُوَ إلّا ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُبينٌ) (ياسين، 69). ويَشْتَمِلُ القرآنُ الكريمُ على سورَةٍ كاملةٍ باسمِ الشُّعراءِ، وجَاءَ في آخِرِها:

(والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الغاوون، 240، أَلَمْ تَرَ أنَّهُمْ في كلِّ وادٍ يَهيمون، 225، وأنَّهُمْ يَقولونَ ما لا يَفْعلون، 226 إِلَّا الّذين آمنوا وعَمِلوا الصّالِحات، 227).

ومَعَ أَنَّ الإسْلامَ لم يَتَحَمَّسْ لِتَنْشيطِ الشِّعْرِ ومَدْحِ الشُّعَراءِ، إلّا أَنّهُ لم يقاوِمِ الحركةَ الشِّعْرِيَّةَ، وكانَ عَدَدٌ لا يُسْتَهانُ به مِنَ الشُّعَراءِ الّذينَ تَعَرَّضوا للإِسْلامِ مُقاوَمَةً وللرَّسولِ هِجاءً، ومِثْلُهُم عَدَدٌ آخَرُ ذَبَّ عَنِ الإِسْلامِ، وَرَدَّ هِجاءَ المعارضين كَحَسّانَ بنِ ثابِتٍ، وفي حديثٍ للرَّسولِ قالَ: (إِنَّ مِنَ البَيانِ لَسِحْرًا، وإِنَّ مِنَ الشِّعْرِ لحِكَمًا) (ورد في الصحيحين).

والشِّعْرُ الذي وصلَ إلَيْنا مِنْ صَدْرِ الإِسْلامِ قَليلٌ، وكانَ طابَعُهُ في قِسْمٍ مِنْهُ جاهِلِيًّا، وأَصْبَحَ قِسْمٌ مِنْهُ إسْلاميًّا بتأثيرِ التّعَاليم الإِسْلامِيَّةِ والتَّمَدُّحِ بالإِسْلامِ ورثاءِ الشُّهَداءِ، وبَرَزَ في الشِّعْرِ إيرادُ الأَحْكامِ وضَرْبُ الأَمْثالِ، ثُمَّ انطَلَقَ الشِّعْرُ في العَهْدِ الأُمَوِيِّ، ومِنْ أَغْراضِهِ الواضِحَةِ: الغَزَلُ بِنَوْعَيْهِ العُذْرِيِّ والإِباحِيّ ثُمَّ الهِجاءُ والفَخْرُ وغَيْرِها.

ونَما وتَطَوَّرَ الشِّعْرُ في العَهْدِ الأُمَوِيّ، الّذي كانَ يُدافِعُ عَنْ فِئَةٍ سِياسيَّةٍ كالخَوارِجِ، والشّيعَةِ، والأُمَوِيّينَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، وسُمِّيَ بالشِّعرِ السِّياسِيِّ.

2. الشُّعَراءُ المُخَضْرَمونَ:

أَصْلُ المَعْنى في مادَّةِ الخَضْرَمَةِ، القَطْعُ أَو الطَّرْحُ، ومِنْهُ خَضْرَمَ الأُذُنَ قَطَعَ مِنْ طَرَفِها شَيْئًا وتَرَكَهُ، والنَّاقةُ المُخَضْرَمَةُ هي الّتي قُطِعَ طَرَفُ أُذُنِها.

والشّاعرُ المُخَضْرَمُ في اصْطِلاحِ التّاريخِ الأَدَبِيِّ، هو الّذي ذَهَبَ شَطْرٌ مِنْ عُمْرِهِ في الجاهِليَّةِ، فكَأَنَّهُ قُطِعَ وَطُرِحَ، وأدْرَكَ الإسْلامَ شاعِرًا، فَنَظَمَ في العَهْدَيْنِ وعُرِفَ فيهما. أشْهَرُ الشُّعَراءِ المُخَضْرَمينَ: حَسّانُ بنُ ثابِتٍ، وكَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ، ولَبيدُ بْنُ أَبي رَبيعَةَ، والحُطَيْئَةُ، والخَنْساءُ، والنَّابِغَةُ الجُعْديُّ ومُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ وغَيْرُهم.


*37*

حَسّانُ بنُ ثابِتٍ الأنصاريُّ


*37*

حياتُهُ: هو حَسّانُ بنُ ثابِتٍ بنِ المُنْذِرِ مِنْ حَرامٍ مِنْ بَني النَّجَّارِ من قَبيلَةِ الخَزْرَجِ، يَنْتَهي نَسَبُهُ إِلى قَحْطانَ، فهو يَمَنِيُّ الأَصْلِ، يَثْرِبِيُّ النَّشأَةِ وكان يُكَنّى أَبا الوَليد وأَبا عَبْدِ الرّحمنِ وأَبا حُسامٍ. وقَدْ لَقِيَ حُظْوَةً عِنْدَ مُلوكِ غَسَّانَ، فمَدَحَهُمْ واسْتَرْفَدَهُمْ (أَخذ الرِّفْد أيْ المُكافَأَةَ المادِّيَّة) فأفاضُوا عَلَيْهِ النِّعَمَ، فَحَفِظَ لَهُمْ الجَميلَ وبقيَ يَذْكُرهُمْ بالخَيْرِ إِلى آخِرِ عُمْرِهِ. ولَمّا ظَهَرَ الإِسْلامُ، وهاجَرَ النَّبِيُّ إِلى يَثْرِبَ، أَسْلَمَتْ الأَوْسُ والخَزْرَجُ، وأَسْلَمَ حَسّانُ مَعَهُمْ فكانَ في جُمْلةِ الأَنْصارِ.

حَسّانُ والرَّسولُ: حينَ اشْتَدَّ أَذى المُشرِكين للمُسْلمينَ وقادَتِهِمْ، وعَلى رأَسِهمْ الرَّسولُ (ص) وكانَ أَبْرَزَهُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ الزِّبَعْرى وأَبو سُفيانَ بنُ الحارِثِ، وَقَفَ إِلى جانِبِ الرَّسولِ (ص) والإِسْلامِ وصَحابَةِ الرَّسولِ (ص) شُعَراءُ ذَبُّوا عَنْهُ وانْبَرَوْا يَرُدُّونَ الصَّاعَ صاعَيْن، وعَلى رأْسِهِمْ حَسّانُ بنُ ثابِتٍ. يَقولُ أَبو زَيْدٍ القُرَشِيُّ (أَبو زيد القرشيّ: (توفّي 170 ه)، جمهرة أشعار العَرَب، تحقيق عليّ محمّد البِجاوي د. ت. ص 35): (أَتى حسَّانُ بنُ ثابِتٍ إِلى النَّبِيِّ (ص)، فقالَ: يا رَسولَ اللهِ، إِنَّ أَبا سُفيانَ بْنَ الحارِثِ هَجاكَ، وَساعَدَهُ على ذلك نَوْفَلٌ بنُ الحارِثِ وكُفَّارُ قُرَيْشٍ، أَفَتَأْذَنُ لي أَنْ أَهْجُوَهُمْ يا رَسولَ اللهِ؟ فقالَ النَّبِيُّ (ص): فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِي؟ فقالَ: أَسُلُّكَ مِنْهمْ كَما تُسَلُّ الشَّعْرَةُ من العَجين! قالَ: اُهْجُهُم ورُوحُ القُدُسِ مَعَكَ، واسْتَعِن بأَبي بَكْرٍ، فإِنَّه علَّامةُ قُرَيْشٍ بأَنْسابِ العَرَبِ. فقالَ حَسَّانُ: (أَنا لَها).

حَديثُ الإِفْكِ: يَذْهَبُ بَعْضُ الرُّواةِ إِلى أَنَّ حَسَّانَ كان مِمَّنْ خاضَ في حديثِ الإفْكِ، وهُمْ عَبْدُ اللهِ بنُ أَبي سَلولٍ، حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ، مِسْطَحُ بنُ أَثاثَةَ وحِمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ، أَمّا الّذي تَولَّى كِبْرَه فهْوُ عَبْدُ الله بنُ أُبَيٍّ. لكِنَّ حَسَّانَ اعتَذَرَ عَنْ مَوْقِفِهِ للسَّيِّدةِ عائِشَة بأبْياتٍ مِنْها:

فإِنْ كُنْتُ قَدْ قُلْتُ الّذي قَدْ زَعَمْتُمُ فَلا رَفَعَتْ سَوْطي إِليَّ أَنامِلُ


*38*

عَدِمْنا خَيْلَنا


*38*

المُخْتارُ مِنْ ذاتِ الأَصابِعِ - (حَسَّانُ بْنُ ثابِتٍ)

1. عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها كَداءُ

2. تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِساءُ

3. فَإِمّا تُعرِضوا عَنّا اِعتَمَرنا وَكانَ الفَتحُ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ

4. وَإِلّا فَاِصبِروا لِجَلادِ يَومٍ يُعينُ اللَهُ فيهِ مَن يَشاءُ

5. وَجِبريلٌ أَمينُ اللَهِ فينا وَروحُ القُدسِ لَيسَ لَهُ كِفاءُ

6. وَقالَ اللَهُ قَد أَرسَلتُ عَبداً يَقولُ الحَقَّ إِن نَفَعَ البَلاءُ

7. شَهِدتُ بِهِ فقَوموا صَدَّقوهُ فَقُلتُم ما نَقومُ وَلا نَشاءُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. عَدِمنا خَيْلَنا: دعاءٌ على خَيْلِ الشَّاعِرِ بأَنْ تَهْلِكَ. النَّقْعُ: الغُبارُ. كَداءُ: الثَّنيَّةُ العُلْيا بِمَكَّةَ مِمَّا يَلي المَقابِرَ، والثَّنِيَّةُ: الطَّريقُ في الجَبَلِ.

2. الجِيادُ: الخُيولُ الأَصيلَة. مُتَمَطِّراتٌ: تَمَطَّرتْ الخَيْلُ ذَهَبَتْ مُسْرِعَةً وجاءَتْ مُتَمَطِّرةً: جاءَتْ مُسْرِعَةً.

تُلَطِّمُهُنَّ: يَضْرِبْن وُجُوهَهَا أَوْ صفحاتِ الوُجوهِ. الخُمُرُ: جَمْعُ خِمارٍ وهوَ ما تُغَطِّي بِهِ المَرْأَةُ رَأْسَها.

3. اعْتَمَرْنا: أَدَّينا العُمْرَةَ (وهِيَ زِيارَةُ البَيْتِ الحَرامِ مَرَّةً واحِدَةً في العُمْرِ عَلى الأَقَلّ)، وأَرْكانُها: النّيَّةُ والإِحْرامُ والطَّوافُ حَوْلَ البَيْتِ سَبْعَ مَرّاتٍ، والسَّعْيُ بَينَ الصَّفا والمرْوَةِ سَبْعَ مَرْاتٍ. تُعْرِضُوا عَنَّا: تُخْلوا لَنا الطّريقَ. وكان الفَتْحُ: فَتْحُ مَكَّةَ. انْكَشَفَ الغِطاءُ: ظهرَتْ الحَقيقَةُ من انْتِصارِ الإسْلامِ على الشِّرْكِ.

4. الجِلادُ: التَّضارُبُ بالسُّيوفِ في القِتال. يُعِزُّ: يَنْصُر.

5. جِبْريلُ: المَلاكُ الّذي أَرْسَلَهُ اللهُ يُبَلّغُ مُحَمَّدًا (ص) بأَمْرِ الرِّسالَةِ والدِّينِ الإِسْلامِيّ. روحُ القُدْس: هو جِبْريلُ. القُدْس: الطَّهارَةُ. لَيْسَ لَهُ كِفاءُ: لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ.

6. أَرْسَلْتُ عَبْدًا: المَقْصُودُ الرَّسولُ مُحَمَّدٌ (ص). البَلاءُ: الامْتِحانُ والاخْتِبارُ يَكونُ في الخَيْرِ والشَّرِّ، قالَ تَعالى: (وَنَبْلوَكُمْ بالشَّرِّ والخَيْرِ فِتْنَةً) (الأنبياء 35).

7. شَهِدْتُ بِهِ: آمَنْتُ بِهِ، وهذِهِ إحْدى الشَّهادَتَيْن: 1. أَشْهَدُ أَنْ لا إِله إِلّا الله. 2. وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا

رَسولُ الله. لا نَقومُ: بِمَعْنى لا نَذْهَبُ إِلَيْهِ لإِعْلانِ إِسلامِنا.


*39*

8. وَقالَ اللَهُ قَد يَسَّرتُ جُنداً هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها اللِقاءُ

9. لَنا في كُلِّ يَومٍ مِن مَعَدٍّ سِبابٌ أَو قِتالٌ أَو هِجاءُ

10. فَنُحكِمُ بِالقَوافي مَن هَجانا وَنَضرِبُ حينَ تَختَلِطُ الدِماءُ

11. أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ

12. بأَنَّ سُيوفَنا تَرَكَتْكَ عَبْدًا وعَبْدَ الدّارِ سادَتْها الإِماءُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. يَسَّرْتُ جُنْدًا: أَلْهَمْتُ جُنودًا لمُناصَرَةِ الرَّسولِ. الأَنْصارُ: أَهْلُ المدينَةِ الّذين أيَّدوا دَعْوةَ الرَّسولِ لَهُمْ بالإِسْلامِ فناصَروهُ، وغَلَبَتْ عَلَيْهِمُ الصِّفَةُ: (أَنْصار) وَصارُوا يُعْرَفونَ بِها. عُرْضَتُها اللِّقاءُ: أَقْوِياءُ عَلى القِتال. من قَوْلِهِمْ هو عُرْضةٌ للسَّفَرِ أَيْ قَوِيّ عَلَيْهِ، وفُلانٌ عُرْضَةٌ للشَّرِّ قَوِيّ عَلَيْه.

9. لَنا: يَعْني الأَنْصارَ. مَعَدّ: يَقْصِدُ قُرَيْشًا لأَنَّهم عَدْنانِيّونَ. السِّباب: مِنْ سَبَّ: الشَّتْمُ. الهِجاءُ: إِظْهَارُ المَعايِبِ شِعْرًا.

10. نَحْكُمُ: نُسَيْطِرُ عَلى. القَوافي: يَعْني الشِّعْر. حينَ تَخْتَلِطُ الدِّماءُ: حين تَلْتَحِمُ الحَرْبُ.

11. أَبو سُفْيانَ: هو ابْنُ الحَارِثِ بْنِ عَبْدِ المطَّلِبِ. مُجَوَّف: أيْ جَبان، لا قَلْبَ لَهُ، كَأَنَّهُ خالي الجَوْفِ من الفُؤادِ، وَمِثْلهُ النَّخِب.

12. تَرَكَتْكَ عَبْدًا: أيْ ذَليلًا. عَبْدُ الدَّارِ: بَنو عَبْدِ الدَّارِ بَطْنٌ من قُرَيْشٍ كان لَهُمْ اللِّواءُ والحِجابَةُ والسِّقايَةُ والرِّفادَةُ.

سادَتْها الإِماءُ: رُبَّما الإِشارَةُ إلى الامْرَأَةِ الّتي أَخَذَتْ اللِّواء بعد أَنْ قُتِلَ الرِّجالُ الّذين أَخذوهُ واحِدًا تِلْوَ الآخَر، وَعِندما أَخذَتْهُ الامْرَأَةُ (اجتَمَعوا حَوالَيْهِ).

إضاءات على المضمون:

1. إعْدادُ الخَيْل لقِتالِ المُشْرِكين والإِصْرارُ عَلى ذلك.

2. العُمْرةُ أوِ القِتالُ.

3. الرِّسالَةُ المُحَمَّدِيَّةُ (الإِسْلامُ).

4. الدَّعْوَةُ إِلى الإِسْلام ورَفْضُ المُشرِكينَ الدَّعْوَةَ.

5. الأَنْصارُ جُنودُ الإِسْلامِ يُحارِبونَ باللّسانِ وبالسِّنانِ.

6. التَّوَجُّهُ إلى أَبي سُفْيانَ الشّاعِرِ وهجاؤُهُ.


*40*

أجْواءُ النَّصِّ:

الإِسْلامُ والشِّعْرُ، شُعَراءُ يُقاوِمونَ الإِسْلامَ ويَهْجُونَ الرَّسولَ، حَسّانُ والرَّسولُ، مَعارِكُ ما قَبْلَ فَتْحِ مَكَّةَ، العُمْرَةُ، أَبو سُفْيانَ وعَلاقَتُهُ مَعَ الرَّسولِ.

أسْئِلةُ المَضْمون:

1. يَتَضَمَّنُ البَيْتان: الأوَّلُ والثّاني قَرارًا قَدْ حَسَمَهَ المُسْلِمونَ، وصورَةً ناتجة لِهذا القَرارِ. ما هُوَ القَرارِ؟ ووَضِّحْ مَلامِحَ الصّورَةِ الّتي سَتَتْبَعُ تَنْفيذَ القَرارِ.

2. ما هُوَ الدَّوْرُ الّذي سَتَقومُ بِهِ الخُيولُ في مَكَّةَ؟

3. يَعْرِضُ الشّاعِرُ إمْكانِيَّةً يَتَجَنَّبُ فيها أهْلُ مَكَّةَ مُواقَعَةَ المُسْلِمينَ والقِتالَ. ما هِيَ هذهِ الإمْكانِيَّةُ؟

4. تَقومُ الأَبْياتُ (5، 6، 7، 8) على لَفْظِ الجَلالةِ (الله) وجِبْريلَ المَلاكِ. أَيُّ أَحْداثٍ أوْ أَوامِرَ مُتَعَلِّقَةٌ بذلك؟

5. يَذْكُرُ الشّاعِرُ اسمَ قَبيلَةٍ، البَيْتُ (9). مَنْ هِيَ هذِهِ القَبيلَةُ ولأَيِّ غَرَضٍ ذُكِرَ اسْمُها؟

6. وَجَّهَ الشّاعِرُ رِسالَةً إِلى أَبي سُفْيانَ: البَيْتان (11، 12). المَطْلوبُ:

مَنْ هُوَ أَبو سُفْيانَ؟ وما هِيَ الرِّسالةُ الّتي طَلَبَ الشَّاعِرُ إبلاغَها أبا سُفْيانَ؟

7. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ أعمالًا عَسْكَرِيَّةً واشْرَحْها. اُنظر الأَبْياتَ (1، 2، 8، 9).

8. لماذا ذَكَرَ الشَّاعِرُ النِّساءُ في البَيْتِ الثّاني، والإِماءَ في البَيْتِ الأَخيرِ؟ وما هُوَ دَوْرُ كُلٍّ مِنْهُما؟

9. يبدأُ كُلٌّ مِنَ البيتَيْن (6 و 8) ب (وقالَ اللهُ). ماذا قالَ اللهُ في كُلِّ بَيْتٍ؟ وما هِيَ الصِّفاتُ الّتي نَفْهَمُها عَنِ الرَّسولِ، وعَنِ الأَنْصارِ في هَذَيْنِ البَيْتَيْنِ؟

أسْئِلةُ الأُسْلوبِ:

1. يَبْدَأُ البَيْتُ الأَوَّلُ بأُسْلوبِ الدُّعاءِ، (عَدِمْنا خَيْلَنا) ولكنَّهُ مَشْروطٌ، أَيْ أنَّهُ جوابٌ للشَّرْطِ. وَضِّحْ أَداةَ الشَّرْطِ، والشَّرْطَ، والجَوابَ.

2. إِلى أَيِّ أُسْلوبٍ مِنَ الأُسْلوبَيْنِ: الإنْشائِيّ أو الخَبَرِيّ تُلْحِقُ كُلًّا من البَيْتَيْنِ الأَوَّلَ والثّانيَ؟

3. جاءَ البَيْتانِ (3، 4) بأُسْلوب الشَّرْطِ والجَوابِ. بَيِّنِ الشَّرْطَ والجَوابَ وأَداةَ الشّرط


*41*

في كُلٍّ مِنْهُما.

4. يَتَمَثَّلُ حِوارٌ في النَّصِّ باسْتِعْمالِ الفِعْلِ قالَ، يَقولُ، قُلْتُم. مَنِ القائِلُ في كُلِّ موضع؟ وماذا قالَ؟

5. في البَيْت (11) بِدايَةٌ بواسِطَةِ أَداةِ التَّحْضيضِ. ما هِيَ هذِهِ الأَداةُ، وما دَوْرُها هُنا؟

6. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ مَكانًا أوْ أكَثْرَ تَتَغَيَّرُ فيهِ الضَّمائِرُ، مُبَيِّنًا مَعْنى هذا التَّغَيُّرِ.

7. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ كِناياتٍ تَجِدُها واشْرَحْها.

8. اسْتَخْرِجْ استِعاراتٍ وَرَدَتْ في النَّصِّ واشْرَحْها. (أَيْ فَصِّلِ القولَ فيها).

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. سيطر الأُسلوبُ القَصَصِيُّ على الأبْياتِ. وَضِّحْ ماذا استفادَ النّصّ من ذلك.

2. ما هو موقِفُكَ من سَيْطرةِ أُسلوبِ التَهْديدِ على النَّصِّ؟ هل يوجدُ بديلٌ لَهُ؟ وَضِّحْ ذلك.

3. ما هي القيمُ التّاريخيّةُ والدّينيّةُ التي تظهر في النّصُّ؟ اُنظر الأَبْياتَ (3، 5، 6، 8).

مَراجِع للتَّوَسُّع:

1. عبد الرحمن البرقوقيّ: شرح ديوان حسّان بن ثابت الأَنصاريّ، بيروت، دار الأندلس، لبنان 1966.

2. خلدون الكنانيّ: حسّان بن ثابت دمشق، مكتبة عرفة 1943.

3. عبد اللّه أنيس الطّبّاع: شاعر النبيّ حسّان بن ثابت الأَنصاريّ، بيروت، المعارف 1955.

4. عبد المجيد الهنديّ: عميد مدرسة الشعر الإسلاميّ حسّان بن ثابت، القاهرة 1958.


*42*

الكُمَيْتُ بنُ زَيْدٍ الأَسَدِيّ (680 م)


*42*

أبو المُسْتَهِلِّ الكُمَيْتُ بنُ زيد الأَسَدِيّ، وُلِد نَحْوَ 60 ه 680 م في الكُوفَةِ وَنَشَأَ فيها معلِّمًا للصِّبْيانِ، وكانَ أَصَمَّ أصْلَحَ (لا يَسْمَعُ البَتَّة)، تَفَتَّحتْ مَلَكَتُهُ الشِّعْرِيّةُ وَبَرَعَ في الشِّعْرِ. مَدَحَ بَعْضَ وُلاةِ الأُمويِّين ونالَ جوائِزَهُمْ، وَوَفَدَ على هِشامٍ بْنِ عَبْدِ الملِكِ بالشَّامِ وأَكْرمَهُ. أَمّا حُبُّه الحَقيقِيُّ وإِخْلاصُهُ فكانَ لِبَني هَاشِمٍ، إذْ كانَ يَميلُ لرأْيِهِم، وانْصَرَفَ في شِعْرِهِ إِلى تَأْييدِ حَقِّهِمْ في الخِلافَةِ وخَصَّهُمْ بالهَاشِميَّات (الهاشميّات: نسبة إلى بني هاشم الأَصل القُرشيّ الّذي يرقى إلى هاشم بن عبد مناف، جَدّ عبد الله والد الرّسول (ص)، وهي الأَشْعارُ التي قالها الكُمَيْت في مدح آل بيت الرّسول (ص)، ثُمّ عليّ بن أَبي طالب ومن بعده)، الّتي تَمْتازُ بِصِدْقِ العاطِفَةِ وَبَراعَةِ الحُجَجِ والاسْتِدلالِ في بَيانِ عَقيدَتِهِ في الخِلافَةِ (الموسوعة العربيّة العالميّة، مؤسّسة أعمال للنشر والتّوزيع، ط 2، ص 64).

وأحْكَمَ الجَدَل حَوْلَ ما يَذْهَبُ إِلَيْهِ، وحَوَّل الشِّعْرَ إِلى مَقالاتِ جَدَلٍ عَقْلِيٍّ راقٍ وأَقامَ رأْيَهُ عَلى أقْيسَةٍ مَنْطِقِيَّةٍ تَتَّخِذُ مِن القُرْآنِ دَليلا (الموسوعة العربيّة العالميّة، المكان السابق). واشْتُهِرتْ هاشِمِيّاتُهُ بِعَرْضِ الأَدِلَّةِ القاطِعَةِ عَلى صوابِ رَأْيِهِ وَصِدْقِ ما ذَهَبَ إِلَيْهِ، حَتّى زَعَم بَعضُ النُّقَّاد، أَنَّها إِلى المَقالاتِ والخُطَبِ أَقْربُ مِنْها إِلى الشِّعْرِ. قُتِلَ عَلى يَدِ والي الكُوفَةِ يوسُفَ بنِ عُمَرَ الثَّقَفِيَّ عام 126 ه (744 م).


*43*

الأَبْياتُ المُختَارَةُ المطلُوبَةُ من:

طربتُ وما شوقًا - الكُمَيْتُ بنُ زَيْدٍ الأَسَدِيّ

توضيحٌ: القَصيدةُ الهَاشِميَّةُ بائِيَّةٌ 140 بَيْتًا، وما اخْتِيرَ مِنْها ثَمانِيَةُ أَبْياتٍ هِيَ: 1، 2، 4، 5، 7، 8، 13، 16.

1. طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ ولاَ لَعِبَاً مِنّي أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ

2. ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ ولم يَتَطَرَّبنِي بَنانٌ مُخَضَّبُ

3. ولا السَّانِحَاتُ البَارِحَاتُ عَشِيَّةً أمَرَّ سَلِيمُ القَرْنِ أم مَرَّ أَعْضَبُ

4. وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ

5. بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي بِهِمْ ولَهُمْ أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ

6. خَفَضتُ لَهُم مِنّي جَنَاحَي مَوَدَّةٍ عَلى كَنَفٍ عِطفَاهُ أهلٌ وَمَرحَبُ

7. وما لِيَ إلاّ آلَ أحمدَ شيعةٌ وَمَا لِيَ إلاَّ مَذْهَبُ الحَقِّ مَذهَبُ

8. بِأيِّ كِتَابٍ أَم بِأيَّةِ سُنَّةٍ تَرَى حُبَّهُم عَاراً عَلَيَّ وتَحسَبُ؟

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الطَّرَبُ: شُعورُ الإِنْسانِ بفَرْحَةٍ أَوْ سَعادَةٍ، أَو اسْتِخْفافِ القَلْبِ في لَهْوٍ. البيضُ: النِّساءُ ذواتُ البَشَرةِ البَيْضاء. ذو الشَّيْبِ: كنايَة عن التَّقَدُّم في العُمْرِ وَرُبَّما الشَّيْخوخَة. يَلْعَبُ: هُنا يَلْهو ويُمارِسُ المُلْهِيات وما يُسَبّبُ النَّشْوَةَ والفَرْحَةَ.

2. دارٌ: كِناية عن دَار الأَحِبَّة. رَسْم مَنْزِل: آثارُ بَيْتِ الأَحَبَّةِ. يتَطرَّبُ: يَسْعدُ، يَفْرَحُ. بَنان: إِصْبَعُ. المُخَضَّب: المَصْبوغُ بالخِضابٍ وهو الحِنّاءُ.

3. السَّانِحاتُ: الطُّيورُ والظِّباءُ وغيْرُهُما، ما تَجيءُ مِنْ يَسارِكَ إِلى يَمينِكَ. البَارِحاتُ: مِنَ الطَّيْرِ والظِّباءُ وغيرها، ما يَجيءُ مِنْ مَيامِينكَ إلى مَياسِرك. أَعْضَبُ: مَكْسورُ القَرْنِ.

4. أهلُ الفضائل: ذَوو الفَضْل، الكُرَماءُ وذَوو الصِّفاتِ الحَميدَةِ. النُّهى: العُقول.

5. رَهْطٌ: قَوْمٌ، جَماعةٌ، أَهْلٌ. أَغْضَبُ: أَثورُ وأُدافِعُ عَنْ.

6. خَفَضْتُ الجناحَ: أَلَنْتُ جَانِبي وَتَواضَعْتُ، خَضَعْتُ خُضوعًا كامِلًا. كَنَفِ: سِتْرة، كِتْمان (يريد إِظهارَ أَنَّ حُبَّ آلِ البَيْتِ كانَ يُعرِّض صاحِبَهُ للاضْطِهادِ). عِطفاهُ: جانِباهُ. أَهْلُ قَرابَةٍ: أَصْحابُ صِلةٍ وَثيقَةٍ. مَرْحَبُ: سَعَةٌ.

7. شِيعَةٌ: رِفاقٌ، أَصْحابُ مَنْ أُؤَيّدهُم. مَذْهَب: طَريق.

8. الكِتابُ: الدُّستورُ أَو القَانونُ أَو كِتابٌ من الله. السُّنَّةُ: العادَةُ أَوْ ما جاءَ عن الرَّسولِ. يُرى: يُحْسَبُ. يُحْسَبُ: يُعَدُّ.

إضاءات على المضمون:

1. الشَّاعِرُ يَتَغَنَّى بالطَّرَبِ وَيَنْفي كَوْنَ طَرَبِهِ وَلَهْوِهِ مِنْ أَجْلِ النِّساءِ.

2. السَّبَبُ الحَقيقِيُّ لِطَرَبِهِ.

3. الدّفاعُ عن حُبِّه آلَ أَحْمَد.


*44*

أَجْواءُ النَّصِّ:

الشّيعَةُ، الأَحْزابُ السِّياسِيَّةُ في العَهْدِ الأُمَوِيِّ، الشِّعْرُ السِّياسِيُّ، التَّذْكيرُ باللُّجوءِ إِلى الدِّينِ والابْتِعادِ عن اللَّهْوِ والنِّساءِ، بَنو هاشِمٍ (آلُ البَيْتِ)، أَطْلالُ الأَحِبَّةِ، السّانِحاتُ والبارِحاتُ، المَدائِحُ النَّبَوِيَّةُ.

أَسْئِلةُ المَضْمونِ:

1. هلِ اتَّضَحَ سَبَبُ طَرَبِ الشَّاعِرِ في البَيْتِ الأَوَّلِ؟ وَضِّحْ.

2. تَتَتابَعُ أَدَواتُ النَّفْيِ في الأَبْياتِ الثَّلاثَةِ الأُولى. بَيِّنْ غَرَضَ كُلِّ أداةٍ حَسَبَ مَوْقِعِها.

3. ما هُوَ التَّعبْيرُ الّذي يَدلُّ عَلى الطَّاعَةِ؟ ابْحَثْ عَنْهُ في البَيْتِ (6)، وهَلْ تَسْتَطيعُ أَنْ تَجِدَ مُماثِلًا لَهُ في القُرْآنِ الكَريمِ؟

4. كَنّى الشَّاعِرُ عَنِ الإِسْلامِ بكَلِمَةٍ. ما هِيَ هذِهِ الكَلِمَةُ؟ وما هُوَ مَوْقِفُهُ مِنَ الإِسْلامِ؟ البَيْتِ (7).

5. يَرفضُ في البَيْتِ (8) تُهْمَةً قَدْ تُوَجَّهُ لَهُ. ما هِيَ هذه التُّهْمَةُ؟ وَضِّحْ الإجابة.

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. جاءَتْ معظَمُ أبْياتِ النَّصِّ بالأُسْلوبِ الخَبَرِيِّ، ما عَدا جملًا قليلة منها البَيْتُ الأَوّل. لماذا سيطر الأُسْلوبِ الخبريّ على النّصّ؟

2. اشْرَحْ مَعانيَ أَدَواتِ النَّفْيِ في الأَبْياتِ الثَّلاثَةِ الأُولى.

3. ماذا يُفيدُ اسْتِعْمالُ أُسْلوبِ الحصْرِ في البَيْتِ السَّابِعِ؟

4. أيُّ أسْلوبٍ يَتِمُّ باسْتِعْمالِ (أَمْ)، وهَلْ (أوْ) تُؤَدِّي نَفْسَ المَعْنى؟

5. يَظْهَرُ أُسْلوبُ الطِّباقِ في البَيْتِ (5). اسْتَخْرِجْهُ وبَيِّنْ غَرَضَهُ.

6. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ ثَلاثَ كِناياتٍ وبَيِّنْ دَلالَاتِها.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. يَختِمُ الشّاعرُ البيتَ الأوّلَ بِقَوْلِهِ: وذو الشّيْبِ يَلعَبُ. ما هو موقِفُكَ من لَعبِ صاحبِ الشّيْبِ، أي الرَّجلِ المُسنِّ؟


*45*

2. يَقولُ في البيتِ الخامسِ مادِحًا: (بني هاشمٍ رَهْطِ النبيّ) والمعروفُ أنّ الرّسولَ كان يناصِرُهُ بالمالِ وبالرّجالِ غيرُ بني هاشمٍ كأبي بكرٍ الصّدّيق، وعمرَ بنِ الخطّاب وغيرهِما من الصّحابةِ الأَوفياءِ. هل تَعْتبرُ موقفَ الشّاعرِ انحيازًا عَصبيًّا؟ ما رأيك؟

3. هل تَرى أنّ الشّاعِرَ يَشْعُرُ بأنّه مراقَبٌ أو مَلومٌ؟ راجع البيت (8).

4. كيف تُثبِتُ، حَسَبَ سياقِ الأَبياتِ، أنَّ المبادئ والأخلاقيّاتِ هي المُهمّة وليس المادّيّات؟

مَراجِع للتَّوَسُّع:

1. الموسوعة العربيّة العالميّة، مؤسّسة أعمال للنشر والتوزيع، ط 2.

2. ابن قُتيبة: الشِّعْر والشُّعراء، تحقيق أَحمد محمّد شاكر، ج 2.

3. خِزانة الأدب للبغداديّ.

4. العبّاسيّ: معاهد التّنصيص. بيروت: عالم الكتب، تحقيق محمّد محيي الدين عبد الحميد، 1947.

5. محمد نبيل طريفي: شرح وتحقيق ديوان الكُمَيْت بن زيد، بيروت: دار صادر، 2000.

6. أَبو رياش أحمد بن إبراهيم القيسيّ: هاشميّات الكُميت بن زيد الأسديّ. بيروت: عالم الكتب، 1986.


*46*

الفَرَزْدَقُ


*46*

تُوفِّيَ عام 114 ه-733 م

هوَ هَمَّامُ بنُ غالِبٍ بنِ صَعْصَعَةَ، مِنْ دارِم، مِنْ تَميمٍ، كُنْيَتُهُ أَبو فِراسٍ ولَقَبُهُ الفَرَزْدَقُ، لُقِّبَ بِهِ لغَلاظَةِ وَجْهِهِ (فرزدق: لغة - الرّغيف في التّنور، وفتات الخبز، الواحدة فرزدقة، وقد لُقِّبَ الفرزدق بهذا تشبيهًا لوجهه بالخبزة - السّيوطي: المزهر 2، 430)، وُلِدَ في البَصْرَةِ ونَشَأَ في البَادِيَةِ، فاكْتَسَب مِنْ مَرابِعِ نَشْأَتِهِ غَلاظَةَ الطَّبْعِ وَقُوَّةَ الشَّكيمَةِ (الطَّبع). وَقَدْ مَدَّهُ قَومُهُ بحَميدِ المآثِرِ، فَشَبَّ مَزْهُوًّا بِمناقِبهِمْ يُباهي بِهِمْ النَّاسَ، فأَبُوه مِنْ أَجوادِ العَرَبِ، لا يُبارى في البَذْلِ والكَرَمِ، وجدُّه صَعْصَعَةُ هُوَ الذي مَنَعَ الوائِداتِ وأَحيا الوَئيدَ، ولَهُ يَقُولُ الفَرَزْدَق (محمد بن حبيب: كتاب المحبَّر، ص 141).

حَدّي الّذي مَنَعَ الوائِداتِ وأَحْيا الوَئيدَ فَلَمْ يُوءَدِ

والفَرَزْدَقُ ثالِثُ الثَّلاثَةِ الشُّعَراءِ المَتَقَدِّمين في صَدْرِ الإِسْلامِ، وهُم: الأخْطَلُ والفَرَزْدَقُ وَجريرٌ. وكانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مِيزَةٌ في شِعْرِهِ يَمْتازُ بِها عَلى صاحِبَيْهِ، وكانَتْ ميزَةُ الفَرَزْدَقِ الفَخْرَ، وكانَ الفَخْرُ أَساسًا يَبْني عَلَيْهِ هِجاءَهُ.

وَشِعْرُهُ جَزْلٌ فَخْمٌ، ولكِنَّه صُلْبُ الأَلْفاظِ خَشِنُها، وكانَ المُفَضَّلُ الضَّبِّيُّ يُقدِّمُه عَلى سائِرِ شُعَراءِ زَمانِهِ. وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: (لَوْلا شِعْرُ الفَرَزْدَقِ لَذهَبَ ثُلْثُ لُغَةِ العَرَبِ). وشِعْرُهُ كذلك وَثيقَةٌ تاريخِيَّةٌ لِكَثيرٍ من الحَوادِثِ الّتي وَقَعتْ في أَيَّامِهِ (كرم البستانيّ: ديوان الفرزدق، دار صادر، ج 1، ص 5-7).

كانَتْ وَفاةُ الفَرَزْدَقِ في خِلافَةِ هِشامٍ بْنِ عبْدِ المَلِكِ بَعْدَ أَنْ جاوَزَ التِّسْعينَ.


*47*

وَصْفُ الذِّئْبِ - الفَرَزْدَق


*47*

1. وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً، دَعَوْتُ بِنَارِي مَوْهِناً فَأتَاني

2. فَلَمّا دَنَا قُـلتُ: ادْنُ دونَكَ، إنّني وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ

3. فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْني وبَيْنَهُ، على ضَوْءِ نَارٍ، مَرّةً، وَدُخَانِ

4. فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَكَشّرَ ضَاحِكاً وَقَائِمُ سَيْفي مِنْ يَدِي بمَكَانِ

5. تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَني لا تَخُونُني، نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبانِ

6. وَأنتَ امرُؤٌ، يا ذِئبُ، وَالغَدْرُ كُنتُما أُخَيّيْنِ، كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ

7. وَلَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِرَى أتَاكَ بِسَهْمٍ أوْ شَبَاةِ سِنَانِ

8. وَكُلُّ رَفيقَيْ كلِّ رَحْلٍ، وَإن هُما تَعاطَى القَنَا قَوْماهُما، أخَوَانِ

9. وَإنّا لَتَرْعَى الوَحْشُ آمِنَةً بِنَا وَيَرْهَبُنا أنْ نَغضَبَ الثّقَلانِ

10. فَضَلْنَا بِثِنْتَينِ المَعَاشِرَ كُلّهُمْ: بِأعْظَمِ أحْلامٍ لَنَا وَجِفَانِ

11. لَعَمْرِي لَنِعْمَ القَوْمُ قَوْمي إِذا دَعا أَخوهُمْ عَلى جُلٍّ مِنَ الحَدَثانِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1 - الأَطْلَسُ: الذِّئبُ الأَغْبَرُ، الأَسْوَدُ. العَسَّالُ: المُضْطَرِبُ في عَدْوِه، العَسْلُ: المَشْيُ الخَفيفُ كالهَرْوَلَة. مَوهِنًا: لَيْلًا أوْ مُنْتَصَفَ اللَّيْلِ.

2. اُدْنُ: تَقَدَّمْ. دُونَك: أَمَامَك. الزَّاد: الطَّعام.

3. بِتُّ: صِرْتُ. أُسَوّي الزَّاد: أَقْسِمُهُ (وفي كتب أَخرى فبِتُ أقُدُّ الزَّادَ بيْني وَبَيْنَهُ).

4. تَكَشَّر: أظْهَرَ أسْنانَه، ويَكونُ للضَّحِكِ وَلِغَيْرِهِ. قائِمُ السَّيْفِ: مَقْبِضُهُ. من يَدي بمَكانِ: أيْ مُمْسِكٌ بِهِ وقابِضٌ عَلَيْهِ بيَدي.

5. تَعَشَّ: تنَاوَلْ طَعامَ العَشاءِ (وهو في اللَّيْل). واثَقْتَني: تَعَهَّدْتَ أَنَّكَ لَنْ تَمَسَّني بِضُرّ. يَصْطَحِبانِ: يَتَصَادَقانِ.

6. امْرُؤٌ: المقْصودُ مَخْلوقٌ. أُخَيَّيْنِ: المَقْصودُ مُتلازمان كالأَخَوَيْن الصَّغيرَيْنِ. لَبانِ: حَليبُ الأُمِّ الّذي يُرْضَع، حَليبُ الأُمّ: اللَّبان، وحَليبُ الدَّواب: اللَّبنَ. اللّبان: الصَّدر

7. نَبَّهْتَ: لَفَتَّ النَّظَرَ. تَلْتَمِسُ: تَطْلُبُ. القِرى: طَعامُ الضَّيْفِ. شَباةٌ: نصل الرّمح. السِّنان: الرُّمْحُ.

8. رَحْل: كِنايَة عن الصَّداقَةِ في السَّفَر. تَعاطَى القَنا: تحارَبا بالرِّماح.

9. يَرْهَبُنا: يَخشَانا. الثَّقَلانِ: الإِنْسُ والجِنّ.

10. فَضَلْنا: تَفوَّقْنا. ثِنْتَينِ: خَصْلَتَيْن. المَعاشِرُ: النَّاس. أَحْلامُ: أَخْلاقٌ، عُقولٌ. جِفانٌ: قِصاعُ الطَّعامِ وآنِيَتُهُ.

11. أَخوهُمْ: المقْصودُ صاحِبُهُمْ. جُلٌّ: جَلَلٌ، عَظيم. الحَدَثانِ: الخُطوبُ، الأَزَمات.

إِضاءات على المضمون:

1. الإعْلانُ عَن اللِّقاءِ.

2. دَعْوةُ الذِّئْبِ للمُشارَكةِ في الطَّعامِ.

3. خِطابُ الشَّاعِرِ للذِّئْبِ فيه الحَذَرُ وَالحَيْطَةُ.

4. الفخر.


*48*

أَجْواءُ النَّصِّ:

ذِكْرُ الوُحُوشِ والحَيَواناتِ في الشِّعْرِ العَرَبِيِّ، بَلاغَةُ الفَرَزْدَقِ وَتَشَيُّعُهُ، عَلاقَةُ الشّاعِرِ مَعَ الحَيَوانِ، لِقاءاتُ شُعَراءُ بالذِّئْبِ وَوَصْفُ ذلك شِعْرًا، أَخْذُ الْحَيْطَةِ والْحَذَرِ مَعَ الحيَوانِ، القِصَّةُ في الشِّعْرِ.

أسْئِلَةُ المَضْمون:

1. كَيْفَ ابْتَدَأَ الشَّاعِرُ الحِكايَةَ الَّتي وَقَعَتْ أحْداثُها مَعَهُ؟

2. يُخْبِرُنا الشَّاعِرُ بِحُضورِ الذِّئْبِ إِلَيْهِ. ما هَوَ الوَقْتُ الَّذي حَدَّدَهُ الشّاعِرُ لِظُهورِ الذِّئْبِ عِنْدَهُ؟ وماذا قالَ لَهُ؟

3. يَتَضَمَّنُ البَيْتان (3 و 5) عَمَلَيْنِ قامَ بِهِما الشَّاعِرُ للذّئْبِ. ما هُما؟ وما هُوَ غَرَضُ كُلِّ عَمَلٍ مِنْهُما؟

4. ماذا يَعْكِسُ البَيْتُ (6) مِنْ طِباعِ الذِّئْبِ؟ وكَيْفَ وَصَفَ الشَّاعِرُ علاقة الذّئْبِ بذلك الطَّبْعِ؟

5. يُقارِنُ الشَّاعِرُ مُعامَلَتَهُ للذِّئْبِ بِمُعامَلَةِ آخَرينَ لَهُ. ما الفَرْقُ بَيْنَ المُعامَلَتَيْنِ؟

6. ماذا يُؤَثِّرُ السَّفَرُ في زُمَلاءِ السَّفَرِ؟ ولِماذا حَسَبَ رَأْيِكَ؟ البَيْتُ (8).

7. يَمْدَحُ الفَرَزْدَقُ قَوْمَهُ (قَبيلَتَةُ). ماذا قالَ عَنْهُمْ؟ البَيْتُ (9).

8. اسْتِمْرارًا في مَدْحِ قَبيلَتِه، يُبْرِزُ في أَهْلِها (قَوْمُهُ) صِفَتَيْنِ يَمْتازونَ بِهِما عَنِ الآخَرينَ. ما هُما؟ وما هِيَ قيمَتُهُما في السُّمُوِّ الخُلُقِيِّ وَمُساعَدةِ الآخرين؟

9. للمُقارَنةِ - ابْحَثْ فيما يُسَمّى (الذِّئْبِيَّاتُ)، وهِيَ وَصْفُ لِقاءِ الذِّئْب والشّاعِرِ عَنْ لِقاء آخَرَ بَيْنَ الذِّئْبِ والشّاعِرِ، تَحْديدًا ذِئْبِيَّةِ امْرِئِ القَيْسِ، أوْ ذِئْبِيَّةِ المُرَقِّشِ الأكْبَرِ، أَوْ ذِئْبِيَّةِ البُحْتُرِيّ.

10. عُرِضتْ مضامينُ القصيدةِ بأسْلوبٍ قَصَصيّ. ما هي عَناصِرُ القِصَّةِ التي تجدها؟ ووضِّحْ مُساهمةِ كلٍّ منها في نَسْج الحكايةِ.

أَسْئِلَةُ الأسْلوب:

1. أُسْلوبُ (رُبّ) أَوْ الواو المَعْروفَةُ ب (واو رُبَّ) يَقَعُ في الْبَيْتِ الأَوَّلِ بِقوْلِهِ: وأَطْلَسَ. لِماذا يُسْتَعْمَلُ في الشِّعْرِ؟ هاتِ مِثالًا آخَرَ مِنَ الشِّعْرِ.

2. اشْرَحْ أسْلوبَ الشَّرْطِ في البَيْتِ الثَّاني مُبَيِّنًا الأَداةَ والشَّرْطَ والجَوابَ وبيِّنْ وظيفتَهُ في النَّصِّ.

3. لِماذا اسْتَعْمَلَ الشّاعِرُ في البَيْتِ (2) الضَّميرَ المُنْفَصِلَ الخاصَّ بالنَّصْبِ (إيّاكَ)؟

4. اسْتُعْمِلَ القَوْلُ في البَيْتِ الرَّابِعِ. ما هُوَ القَوْلُ وماذا طلبَ بواسِطَتِهِ من الذّئبِ؟


*49*

5. شارَكَ في نَسْجِ مَضْمونِ البَيْتِ (5) الأَمْرُ والشَّرْطُ. وَضِّحْ ذلكَ، ولِماذا جاءَتْ صياغَةُ هذا البَيْتِ، عَلى هذِهِ الشَّاكِلَةِ؟

6. انْتَقَلَ الشَّاعِرُ في البَيْتِ (9) من الضَّميرِ المُفْرَدِ في (قُلْتُ) في البَيْتِ (4) وغَيْرِهِ إِلى ضَميرِ الجَمْعِ (نا) في (غَيْرِنا) في (7) وإنَّا في (9) فيها يُسَمّى (الالتِفاتُ). ما غَرَضُ هذا الأسْلوبِ؟ (انظرِ الالتِفات في التّعريفات).

7. يَظْهَرُ أسْلوبُ القَسَمِ في البَيْتِ الأَخيرِ. وَضِّحْ غَرَضَهُ؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. هنالك مَنْ يرى اِنعكاسَ الصّحراءِ على الطّبع الإنسانيّ بحيث يَتّصفُ ابنُ الصّحراءِ بالكرمِ والجُودِ. هلْ ترى في هذا الأَمرِ ما يُفَسِّر إكرامَ الفرزدقِ للذّئبِ؟ فَسِّرْ أقوالَك.

2. هل ترى المعاملةَ الحَسَنةَ ضَرورةَ حَياةٍ للإنسانِ يَسْتطيعُ أنْ يتلمَّسَ فيها طَريقَ السّلامةِ؟ وَضِّحْ.

3. هل يمكنُنا أنْ نُدْرِجَ سلوكَ الفرزدَقِ مع الذِّئبِ في بابِ الرِّفقِ بالحيوانِ؟ لماذا؟

4. ما هي القِيَمُ الأَخلاقيّةُ التي يمكنُ أَنْ نَسْتثمرَها مِنْ هذهِ الحِكايةِ؟

مراجع للتّوسُّع:

1. كرم البستانيّ: ديوان الفرزدق. دار صادر.

2. ديوان الفرزدق. دار الكتاب العربيّ، ط 2، 1414 ه، 1994 م.

3. خليل شرف الدّين: الفرزدق. بيروت: دار مكتبة الهلال، 1983.

4. شاكر الفحّام: الفرزدق. دمشق: دار الفكر، 1977.

3. خليل مردم: الفرزدق. دمشق: مكتبة عرفة، 1929.


*50*

أنواعُ الرِّثاء في الجاهِلِيَّة


*50*

1. بُكاءٌ ونُواحٌ وعَويلٌ على المَيِّتِ بأَلْفاظٍ حَزينَةٍ مُؤْلِمَةٍ، كَثيرةِ الحُزْنِ، تَسْتَمْطِرُ الدُّموعَ من العُيون. وكانَتْ النِّساءُ يَجْتَمِعْنَ في مَناحَةٍ صَاخِبَةٍ، يَصْحَبُ ذلك لَطْمٌ على الوُجوهِ والصُّدورِ بالأَكُفِّ، أَوْ قَطْعِ الجُلُودِ والنِّعالِ. وَيُعْرَفُ هذا الشِّعرُ الّذي يُقال في هذه المناحاتِ: (بالنَّدْبِ).

وجاءَ الإِسْلامُ فَنَهى عَنْ كُلِّ هذِهِ الأَفْعالِ، قالَ رَسولُ اللهِ (ص): (لَيْسَ مِنّا من ضَرَبَ الخُدودَ وَشَقَّ الجُيوبَ، ودَعا بِدعْوى الجَاهِلِيَّةِ).

2. وَضَرْبٌ آخرُ مِنَ الرِّثاءِ يَتَّخِذُ شَكْلَ الثَّناءِ عَلى المَيِّتِ، وَذِكْرِ فَضائِلِهِ وتَعْدادِ محامِدِهِ. ويكونُ ذلك عِنْد زيارَتِهِمْ لِلْقُبورِ أَوِ اجْتِماعِهِمْ في مَجْلِسٍ يُعْقَدُ لِذِكْرى الفَقيدِ ويُسَمّى ذَلِكَ (التَّأْبين). وكَثيرًا ما يَنْحَلون - يَنْسبونَ إلى - المَيِّتِ جَميعَ الفضَائِلِ والمُثُل العُلْيا، مِنَ الشَّجاعَةِ والمروءَةِ والنَّجْدَةِ والوَفاءِ وحِمايَةِ الجارِ والحِلْمِ والحَزْمِ والسَّماحَةِ والسِّيادَةِ وما إِلى ذلك من خِصالِ الخَيْرِ. وإِذا قَرأْنا شِعْرَ الخَنْساءِ نَجِدُها تَبْكي في أَخيها كُلَّ هذِهِ الخِصالِ.

3. وَضَرْبٌ ثالثٌ من الرِّثاءِ يَتَّجِهُ إِلى التَّفَكُّرِ في رِحْلَةِ الحَياةِ وَمَصيرِ النَّاسِ، وحَتْمِيَّةِ الأَقْدارِ ونزولِ البَلاءِ وضَعْفِ الإِنْسانِ أَمامَ نوازِلِ الدَّهْرِ وَمَصائِبِ الإِنْسانِ، فَيَلْتَمِسُ في كُلِّ ذلك السَّلْوَةَ والصَّبْرُ والرِّضا بما نَزَل بِهِ والاسْتِسْلامَ للقَدَرِ. ويُعْرَفُ هذا الضَّرْبُ بالعَزاءِ.


*51*

الخَنْساءُ


*51*

(انظر د. محمود حسن أَبو ناجي: الرّثاء في الشّعر العربيّ أَو جراحات القلوب، بيروت: دار مكتبة الحياة، الطبعة الأولى، 1981، ص 51)

هي تُماضِرُ بِنْتُ عَمْرو بْنِ الشَّريدِ مِنْ بَني سُلَيْمٍ، مِنْ قَيسِ عيلانَ بنِ مُضَرَ أَشْهرُ شواعِرِ العَرَبِ عَلى الإطْلاق (من النّساء الشاعرات عند العرب: عمرة بنت الخنساء وليلى الأخيليّة وأسماء بنت أَبي بكر وأمامة بنت ذي الإصبع وأمِّ تابّط شرًّا). وهي شاعِرةٌ مُخَضْرَمَةٌ عاشَتْ أَكْثَرَ عَمْرِها في الجاهِلِيَّةِ، وأَدْرَكَتِ الإِسْلامَ فأسْلَمَتْ. وقد وَفَدتِ الخَنْساءُ عَلى رَسولِ الله (ص) مَعَ قَوْمِها بَني سُلَيْم، فكانَ الرَّسولُ يَسْتَنْشِدُها ويُعْجِبُهُ شِعْرُها، وكان يَقولُ لَها: هِيهِ يا خُناسُ. وأَكْثرُ شِعْرِها وأَجْوَدُهُ ما كانَ في رِثاءِ أَخَوَيْها: صَخْرٍ ومُعاويِةَ، وكانا قَدْ قُتلا في الحُروبِ الجَاهِلِيَّةِ (قُتِل أخوها معاوية يوم حَوْرة حوالي 612 م وقُتِلَ أخوها صخر يوم كلاب أَو يوم ذات الأثل حوالي 615 م). لُقِّبتْ بالخَنْساءِ وَغَلَبَ عَلَيْها هذا اللَّقَبُ تَشْبيهًا لَها بالظَّبْيَةِ لِخَنَسٍ في الأَنْف، وهو تَأَخُّر الأَنْفِ عن الوَجهِ، مع ارْتِفاعٍ قَليلٍ في الأَرْنَبَةِ، وهي صِفَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، أَكْثَرُ ما تَكونُ في الظِّباءِ وَبَقَرِ الوَحْشِ.

وَشَهِدَتِ الخَنْساءُ حَرْبَ القادِسِيَّةِ، مَع بَنيها الأَرْبَعَةِ، فَحَضَّتْهُم على الجِهادِ وأَوْصَتْهُم بقولِها: (يا بَنِيَّ إنَّكُمْ أَسْلَمْتُم طائِعين وهاجَرْتُم مُختارِين، واللهِ الّذي لا إِله إلّا هُوَ، إنَّكُمْ لبَنو رَجُلٍ واحدٍ، كما إِنَّكُمْ بَنو امْرأَةٍ واحِدَةٍ. ما خُنْتُ أَباكُمْ، ولا فَضَحْتُ خالَكُم، ولا هَجَنْتُ حَسَبَكُم (الحَسَب الهَجين: المشكوكُ فيه) ولا غَيَّرْتُ نَسَبَكُمْ، وقد تَعْلَمونَ ما أَعدَّ اللهُ للمُسْلِمينَ من الثَّوابِ الجَزيلِ في حَرْبِ الكافِرين، واعْلَموا أَنَّ الدّارَ الباقِيَةَ خَيْرٌ من الدَّارِ الفَانِيَةِ. يقولُ عَزَّ وجَلَّ: (يَا أيُّها الّذين آمنوا اصْبِرُوا وصابِرُوا ورابِطوا واتَّقوا اللهَ لعلّكُمْ تُفْلِحون) (آل عمران: 200)، فإِذا أَصْبَحْتُم، إِنْ شاءَ اللهُ سالِمين، فاغْدوا إِلى قِتالِ عَدُوِّكُم مُسْتَبْصِرينَ باللهِ على أَعْدائِهِ، مُسْتَنْصِرِينَ)، وفي الصَّباحِ خاضُوا المعْرَكَةَ، وقاتَلوا حَتّى ظَفِروا بالشَّهادَةِ.

فَلَمّا بَلَغها الخَبَرُ قالَتْ: (الحَمْدُ لله الّذي شَرَّفَني بِقَتْلِهِمْ وأَرْجو أَنْ يَجْمَعَنِي بِهِمْ في مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِه) (د. محمود حسن أَبو ناجي: المصدر السّابق، ص 52).


*52*

قَذًى بِعَيْنِكِ - الخَنْساءُ


*52*

1. قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ

2. كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ

3. تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ

4. تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ

5. تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها إِذ رابَها الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ

6. وَما عَجولٌ عَلى بَوٍّ تُطيفُ بِهِ لَها حَنينانِ: إِعلانٌ وَإِسرارُ

7. يَوماً بِأَوجَدَ مِنّي يَومَ فارَقَني صَخرٌ وَلِلدَهرِ إِحلاءٌ وَإِمرارُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. القَذى: كُلُّ ما خالَطَ - العَيْنَ مِنْ قَشَّةٍ أَوْ تِبْنَةٍ. العُوَّارُ: وَجَعٌ في العَيْنِ وهو مِثْلُ الرَّمَدِ. ذَرَّفَتْ: قَطَرَتْ قَطْرًا مُتَتَابِعًا لا يَبْلُغُ أَنْ يكونَ سَيْلًا.

2. كَأَنَّ عَيْني: أَيْ دُموعُ عَيْني. الفَيْضُ: الماءُ الكَثيرُ. المِدْرارُ: الغَزيرُ. خَطَرَتْ: أَيْ ذِكْرى صَخْرٍ.

3. الضَّميرُ في تَبْكي يَعودُ عَلى الخَنْساءِ (أَيْ تَبكي الخَنْساءُ). العَبْرى: الّتي لا تَجِفُّ دُموعُها.

الوَلَهُ: شِدَّةُ الجَزَعِ والحُزْنِ. الأَسْتارُ: تَعني التُّرابَ والأَحْجارَ الّتي تُهالُ على المَيْتِ مِنْ جَديدِ التُّرْبِ: التُّرابُ الجديدُ وهذا يَدُلُّ على قُرْبِ مَوْتِهِ.

4. ما تَنْفَكُّ: لا تَنْقَطِعُ عن البُكاءِ. ما عَمَرتْ: مُدَّةَ عُمْرِها. رَنينٌ: تَعْني بُكاءً وعويلًا. مِفْتار: أَصابَتْها فَتْرَةٌ أَيْ ضَعْفٌ.

5. حُقَّ لَها: لا تُلامُ على ذلك. رابَها: أوْقَعَها بمَكْروهٍ.

6. العَجولُ: الثَّكلى مِنَ النِّساءِ الوَالِه الّتي فَقَدَتْ وَلَدَها سُمِّيَتْ بِذلكَ لِعَجَلَتِها في مَجيئِها وَذَهابِها. البَوُّ: أَنْ يُنْحَرَ وَلَدُ النَّاقَةِ فَيُؤْخَذُ جِلْدُهُ، ويُحْشى وَيُدْنى مِنْ أُمِّهِ، فَتُظْهِرُ حَنينَها لَهُ وَشَوْقَها. حَنينان إسْرارٌ وإعلانٌ: تَقصِدُ تَحِنُّ إِليْهِ بِصَوْتٍ مَخْفوضٍ وبِصَوْتٍ مَرْفوعٍ.

7. بأَوْجَدَ: (جواب ما في البيت السابع) أَشَدُّ وَجْدًا وَحُزْنًا. إِحلاءٌ وإمْرارٌ: تقْصِدُ أَنَّ الدَّهْرَ يأْتي بِما يُسِرُّ وبما يَسوءُ بالحُلْو وبالمُرِّ.


*53*

8. وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ

9. وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ

10. جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. والينا: عمادُنا. سَيِّدُنا: زَعيمُنا. نَحَّارٌ: صِيغَةُ مُبالَغَةٍ من الفِعْلِ نَحَرَ، أَيْ كَثيرُ الذَّبْحِ. إِذا نَشْتو: في زَمنِ الشِّتاءِ، وخَصَّصَتْه لأَنَّهُ زمَنُ الجَدْبِ والشِّدَّةِ.

9. مِقْدامٌ: شُجاعٌ، يَهْجِمُ وَلا يَهابُ المَوْتَ. عَقّارٌ: صِيغَةُ مُبالَغَةٍ مِنْ عَقَرَ، أَيْ كَثيرُ النَّحْرِ.

10. الجَلْدُ: الشَّديدُ القَوِيُّ. جَميلُ المُحَيَّا: جَميلُ الطَّلْعَةِ. كامِلٌ: كامِلُ الأَوْصافِ، أيْ أَنَّه تَتَجَسَّدُ فيه جَميعُ الصِّفاتِ المَطلوبَةِ في الرَّجُلِ. وَرِعٌ: يَجْتَنبُ الشُّبُهاتِ والأَعْمالَ غَيْرَ الأَخْلاقِيَّةِ، فَهْوَ لا يَقَعُ في المُحَرَّماتِ. الرَّوْعِ: الخَوْفِ والحرْبِ. مِسْعارٌ: مُوقِدُ نارِ الحَرْبِ.

إضاءات على المضمون:

1 البُكاءُ والتَّعبيرُ عَنِ الأَحْزانِ.

2. مَناقِبُ المَرْثيِّ (أخيها صَخْرٍ).

أَجْواءُ النَّصِّ:

شِعْرُ الرِّثاءِ - مُمَيِّزاتُهُ اللَّفْظِيَّةُ والمَضْمونِيَّةُ، الخَنْساءُ والإِسْلامُ، التَّجريدُ، التَّكريرُ (التَّكْرارُ) اللَّفْظِيُّ، البُطولَةُ والمُروءَةُ في الجاهِليَّةِ.

المُبالَغَةُ، التَّشْبيهُ، المُقارَنَةُ، الاسْتِفْهامُ، الأَنافورا (تَكْريرُ البادِئَةِ أَوْ الصَّدارَة).

أسْئِلَةُ المَضْمونِ:

1. بواسِطَةِ السُّؤالِ البَلاغِيّ في البَيْتِ (1)، ذُكِرَتْ ثَلاثَةُ أسْبابٍ يُمْكِنُ أنْ تَكونَ مُسَبِّبَةً لنُزولِ الدَّمْعِ. عَدِّدْ هذه الأسْبَابَ واشرَحْها.

2. مَن الَّذي يُوَجِّهُ هذا السُؤالَ في البَيْت الأَوّل؟ المُشار إِليهِ في السؤال الأوّلِ وما اسْمُ هذا الأُسْلوبِ في الشِّعْرِ؟ هاتِ نَموذَجًا آخَرَ.

3. وَضِّحْ صُورَة المُبالَغَةِ الّتي وَرَدَتْ في البَيْتِ (2).

4. يَتَكَرَّرُ الفِعْلُ (تَبْكي) في الأَبْياتِ الثَّلاثَةِ (3، 4، 5). ما قِيمَةُ هذا التَّكريرِ؟ وعَلامَ يَدُلُّ؟


*54*

5. يَتَضَمَّنُ البَيْتُ (3) إشَارَةً إلى زَمَنِ رَحيلِ (مَوْتَ) أَخِيها صَخْرٍ. وَضِّحْ ذَلِكَ.

6. اشْرَحِ المُقارَنَةَ الّتي وَرَدَتْ في البَيْتَيْنِ (6، 7). بَيْنَ مَنْ وَمَنْ تَجْري؟ وفي أَيِّ الأَحْوالِ؟ وما غَرَضُ هذِهِ المُقارَنَةِ؟

7. تُعَدِّدُ الشَّاعِرَةُ في الأَبْياتِ (8، 9، 10) الصِّفاتِ الّتي تَمْدَحُ فيها أَخاها صَخْرًا. اذْكُرْ هذِهِ الصِّفاتِ، ووَضِّحْ أَيَّها عَسْكَرِيَّةً، وأَيَّها اجْتماعِيَّةً، وأَيَّها خَلْقِيَّةً وأَيَّها خُلُقِيَّةً؟

8. ما هُوَ مَوْقِفُ الشَّاعِرَةِ مِنَ الدَّهْرِ؟ (البَيْتُ (5) والبَيْتُ (7).

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. يَشْتَمِلُ البَيْتُ الثّاني عَلى تَشْبيهٍ. وَضِّحْ أَرْكانَهُ: المُشَبَّهُ، المُشَبَّهَ بهِ، وأَداةَ التشبيهِ وما دورُهُ في تأدِيةِ المعْنى؟

2. بَيِّنْ ما وَرَدَ مِنْ طِباقٍ في البَيْتَيْنِ (6، 7) واذْكُرِ الغَرَضَ مِنْهُ.

3. أشِرْ إِلى ما تَكَرَّرَ مِنْ أَسْماءٍ، أَوْ أفْعالٍ، ووَضِّحْ غَرَضَ ذلِكَ.

4. تَتَنَوّعُ الضَّمائِرُ في النَّصِّ. اذْكُرْها ووَضِّحْ أدْوارَها.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. ما رأيكَ في موقِفِ الخَنْساءِ الباكي بهذا الشّكل المُرّ؟

2. تعلنُ في البيتِ الخامسِ أنّ البكاءَ حَقٌّ لها. بَيّن موقِفَك من التَّفجُّع على الأَموات.

3. هل تَجدُ في الأبياتِ ظلّ الحديثِ الشّريفِ: اُذْكُروا محاسِنَ موتاكُم؟ اِشْرَحْ.

4. ما رأيكَ في رثاءِ الأمواتِ وحفلاتِ التّأبين؟

5. ما رأيكَ في الصّفات المذكورةِ في الأبياتِ: مِقْدام، عَقّار، كامِلٌ، وَرِعٌ؟ وهلْ لهذهِ الصّفاتِ مكانة في مجتمعاتِنا اليوم؟

مراجع للتَّوسُّع:

1. شرح ديوان الخنساء. بيروت: دار التراث، 1968.

2. محمود حسن أَبو ناجي: الرّثاء في الشّعر العربيّ أو جراحات القلوب. بيروت: دار مكتبة الحياة، ط 1، 1981.

3. عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ): الخنساء، دار المعارف، 1970.


*55*

شِعْرُ الغَزَلِ في العَصْرِ الأُمَوِيِّ


*55*

شاعَ شعْرُ الغَزَلِ في العَصْرِ الأُمَوِيِّ شُيوعًا واسِعًا، إِلى جانِبِ الشِّعْرِ السّياسِيِّ، وكان لذلك أَسْبابٌ اقْتَضَتْها الأَوْضاعُ السِّياسِيَّةُ والاجْتِماعِيَّةُ آنذاك. ودارَتْ بُحوثٌ كَثيرَةٌ حَوْلَ هذا المَوْضوعِ قامَ بِها عَدَدٌ من الدَّارِسِينَ المُعاصِرين، وَتَعَدَّدَتْ تقسيماتُهم لِلْغَزَلِ الأُمَويِّ، وَيكادُ يَسْتَقِرُّ الرَّأْيُ على نَوْعَينِ بارِزَيْنِ: الغَزَلُ الحِسِّيُّ، والغَزَلُ العَفيفُ، كما يُسَمِّيهِ البَعْضُ (د. يوسف حسين بكار: اتّجاهات الغزل في القرن الثاني الهجريّ، دار الأندلس، ط 2، 1987، ص 52)، والغَزَلُ الإِباحِيُّ أوِ العُمَرِيُّ والعُذْرِيُّ، كما يُسَمّيهِ آخرون (د. شكري الفيصل: تطوُّر الغزل بين الجاهلية والإسلام، دار العلم، ص 280-281) الغَزَلُ الإِباحِيُّ والعَفِيفُ، كما أَطلق التَّسْمِيَةَ طَه حُسين (د. طه حسين، حديث الأرْبعاء، دار المعارف، 1925، ص 187)، هذا إِلى جانِبِ نَوْعٍ ثالثٍ من الغَزَلِ، وهو ما أَجْمَعَ عليه الجميعُ تَقْريبًا باسْمِ الغَزَلِ التَّقْليدِيّ، وَيَقْصِدُ بِهِ، كما عَرَّفَهُ الدكتور طه حُسين: (ليسَ هو في الحَقيقَةِ إِلَا اسْتِمْرارًا لِلغَزَلِ القَديمِ المأْلوفِ أَيَّامَ الجاهِلِيّين (طه حسين: المصدر السابق. المكان السابق)، وهو عِبارةٌ عن مَطالِعِ القَصائِدِ أَوْ فَواتِحِها التَّقْليدِيَّةِ المألوفَةِ التي تُمَهّدُ لِلْغَرَضِ الأَساسِيِّ من مَدْحٍ وهِجاءٍ وَوَصْفٍ وغيرها.

خصائِصُ هذا الشِّعْرِ:

1. الوقوفُ على الأَطْلالِ وديارِ الأَحِبَّةِ.

2. الإِكثارُ من ترداد الأَسْماءِ المعروفَةِ للنِّساءِ والأمْكِنَةِ والعُذَّالِ والوُشاةِ والرُّقَباءِ.

3. الشَكْوى من نَقْضِ العُهودِ والمواعِيدِ والأَلَمِ من المُماطَلَةِ والتَّسْويفِ.

4. ذمُّ الشَّيْبِ والحُنوُّ إِلى أَيّامِ الشَّبابِ.

5. لا يَتّضِحُ فيه أَثرُ العاطِفَةِ، أَوِ التَّعْبيرِ عن أَلمٍ حَقيقِيٍّ، إِلّا في القَليلِ النَّادِرِ.

خصائِصُ هذا اللَّوْنِ من الغَزَلِ:

1. عَدَمُ ثباتِ الشُّعراءِ على امْرأةٍ واحِدَةٍ، ممّا دَعا إِلى كَثْرَةِ الأَسْماءِ عِنْدَهُمْ. وعلى سبيلِ المثالِ نَقولُ: إِنّ الدّكتورَ جِبرائيل جَبّور ذَكَرَ في كتابِهِ (عُمَرُ بْنُ أَبي ربيعَةَ) علاقَةَ هذا الشاعِرِ مع اثْنَتَيْنْ وأَرْبَعينَ من النِّساءِ بالإِضافَةِ إِلى عَلاقَتِهِ مَعَ عَدَدٍ مِنَ الجَواري.


*56*

2. سارَ شُعراءُ هذا اللَّونِ في إِطارٍ قَصَصِيّ في وَصْفِ مُغامراتِهِم، شأنَهم بذلِكَ شأنَ بَعْضِ شُعراءِ الجاهِلِيَّةِ.

3. كثرةُ الرّسائلِ، والإِشارَةِ الى الرَّسائلِ الغَزَلِيَّةِ مَعَ النِّساءِ، وقد نَمَتْ هذه الظَّاهِرةُ واتَّسَعَتْ في الغَزَلِ العَبَّاسِيِّ، وبخاصَّةٍ عند العَباسِ بنِ الأَحْنَفِ.

خصائِصُ الحُبِّ العُذْرِيّ:

1. العفّةُ، وذلك بتأثيرِ الإِسْلامِ.

2. لا يَتَعرَّضُ هذا الحُبُّ لِلْمَلَلِ أَوِ القَسْوَةِ، ولذلكَ فهوَ يَتَّصِفُ بالديْمومَةِ.

3. يَمتازُ بالحَرارَةِ المُلْتَهِبَةِ.

4. يلاحَظُ على شُعراءِ هذا اللَّوْنِ مِنَ الغَزَلِ تكريسُ إِخلاصِهمْ لفتاةٍ واحِدَةٍ، حتّى شاعَ اسمُها واشْتَهَر، ونُسِبَ الشَّاعِرُ إِليها، فقيلَ: مجنونُ لَيْلى وكُثَيِّر عَزّةَ وجَميلُ بُثَيْنَةَ.

5. العذابُ الشَّديدُ في سَبيلِ المحبوبِ الذي قَدْ يُؤَدّي إِلى الهُيامِ أَوِ الجُنونِ أَوِ المَوْتِ.


*57*

جَريرٌ


*57*

(الجرير: حَبْلٌ أَدمٍ (جلد) مفتول والجمع أجِرَّة وجُرر، الاشتقاق: لابن دريد، ص 231)

هُوَ جَريرُ بْنُ عَطِيَّةَ الخَطَفِيِّ... بنِ يَرْبوعٍ مِنْ تَميمٍ وَيلْتَقي بالفَرَزْدَقِ في جَدِّهِما الأَعْلى تَميم. وُلِدَ جَريرٌ خَديجًا (الخديج والخديجة: الولد الّذي يولد قبل تمام مدّة الحمل (لأَقلّ من 283 يومًا)) لِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ باليَمامَةِ (سنة 30 ه – 650 م) ونَشَأَ فقيرًا يَرْعى إِبلَ أَبيهِ. بَدأَ نَظْمَ الشِّعْرِ في مَطْلَعِ حَياتِهِ رَجَزًا مُنْذُ المُهاجاةِ بَيْنَ غَسّانَ بنِ ذُهَيلٍ وَبَيْنَ الخَطَفيِّ (وفي ذلك قِصّةٌ لا حَاجةَ لتَفْصيلِها الآن (انظر النّقائض، ج 1، ص 2-3))، ثُمَّ مَدَحَ يزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ وأَخَذَ مِنْهُ جائزةً، وكانَتْ أَوَّلَ جائِزَةٍ نالَها من خَليفَةٍ، بَعْدَ هذا عادَ إِلى اليَمامَةِ.

ولمّا اشْتَدَّ النِّزاعُ بَيْن بَني أُمَيّةَ، وبَيْنَ عبدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَقَفَ جَريرٌ في صُفوفِ القَيْسيِّين، من أَنْصارِ ابْنِ الزُّبيرِ، يُهاجي اليَمانيّين، أَنْصارَ بَني أمَيَّةَ.

اتَّصَلَ جريرٌ بالحَجَّاجِ، الّذي بِدَوْرِهِ أَوْصَلَهُ إِلى الخَليفَةِ عَبدِ المَلِكِ بنِ مَرْوانَ مَعَ تَوْصِيَةٍ خاصَّةٍ. فنالَ جَريرٌ حُظْوَةً عِنْدَ عَبْدِ المَلِكَ، وَظَلَّ على صِلةٍ بالبَلاطِ الأُمَوِيِّ، صِلَةٍ تَقْوى وتَضْعُفُ، إلى أَنْ تُوفِّيَ باليَمامَةِ سنة 114 أو 115 ه، بَعْدَ وَفاةِ الفَرَزْدَقِ بِسِتَّةِ أَشْهُر.


*58*

بانَ الخَليطُ - وهي أَبْياتٌ غَزَلِيَّةٌ


*58*

مِنْ قَصيدةٍ طَويلَةٍ (73) بَيْتًا

جَريرٌ يَهْجو الأَخْطَلَ

- بانَ الخَليطُ وَلَو طُوِّعتُ ما بانا وَقَطَّعوا مِن حِبالِ الوَصلِ أَقرانا

1. لَو تَعلَمينَ الَّذي نَلقى أَوَيتِ لَنا أَو تَسمَعينَ إِلى ذي العَرشِ شَكوانا

2. كَصاحِبِ المَوجِ إِذ مالَت سَفينَتُهُ يَدعو إِلى اللَهِ إِسراراً وَإِعلانَا

3. يا لَيتَ ذا القَلبَ لاقى مَن يُعَلِّلُهُ أَو ساقِياً فَسَقاهُ اليَومَ سُلوانا

4. ما كُنتُ أَوَّلَ مُشتاقٍ أَخا طَرَبٍ هاجَت لَهُ غَدَواتُ البَينِ أَحزانا

5. لَقَد كَتَمتُ الهَوى حَتّى تَهَيَّمَني لا أَستَطيعُ لِهَذا الحُبُّ كِتمانا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

- بانَ: بَعُدَ، رَحَلَ. الخَليطُ: مِنْ معانيها العَشيرُ، القَوْمُ الّذين أَمْرُهُمْ واحِدٌ. طُوِّعْتُ: خُيِّرْتُ، كان الأَمْرُ لي لاُقَرِّرَ. حِبالُ الوَصْلِ: العَلاقَةُ الغَرامِيَّة واللِّقاءُ. أقرانٌ: حِبالٌ، جَمْعُ قَرْن.

1. أَوَيْتِ: رَقَقْتِ.

2. صاحِبُ المَوْجِ: قائِدُ السَّفينَةِ، راكِبُ البَحْرِ، يَدْعو إِلى الله أَنْ يُجَنِّبَهُ الخَطَر. إسْرارًا: في السِّرِّ. إِعْلانًا: بِصَوْتٍ مَسْموعٍ.

3. ذا القَلْبِ: اسم إشارة يعني هذا القلب. يُعَلِّلُهُ: يُسَلّيهِ. السُّلْوانُ: الذي يُخَفِّفُ الحُزْنَ ويقال إِنَّهُ شَرابٌ يُسْقى للمَهْمومِ فَيَنسى هَمَّهُ.

4. أَخو طَرَبٍ: المَقْصود العَاشِقُ، اللّاهي، المُنْتَشي. هاجَتْ: أَثارَتْ. غَدَواتُ البَيْن: هُجومُها بُكرةً وكذا عَدَوات: يمَعْنى غارات.

5. كَتَمْتُ: أَسْرَرْتُ، أخْفَيْتُ. تَهَيَّمَني: زادني شَوْقًا وحَنينًا.

(هذا البيت غير مطلوب ونثبته هنا من أجل معرفة المطلع واظهار عادة تصريع المطلع في القصيدة العموديّة).


*59*

6. لا بارَكَ اللَهُ في الدُنيا إِذا اِنقَطَعَت أَسبابُ دُنياكَ مِن أَسبابِ دُنيانا

7. كَيفَ التَلاقي وَلا بِالقَيظِ مَحضَرُكُم مِنّا قَريبٌ وَلا مَبداكِ مَبدانا؟

8. أَبُدِّلَ اللَيلُ، لا تَسري كَواكِبُهُ أَم طالَ حَتّى حَسِبتُ النَجمَ حَيرانا؟

9. إِنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا

10. يَصرَعنَ ذا اللُبَّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا

11. يا حَبَّذا جَبَلُ الرَيّانِ مِن جَبَلٍ وَحَبَّذا ساكِنُ الرَيّانِ مَن كانا

12. وَحَبَّذا نَفَحاتٌ مِن يَمانِيَةٍ تَأتيكَ مِن قِبَلِ الرَيّانِ أَحيانا

13. أَزمانَ يَدعونَني الشَيطانَ مِن غَزَلي وَكُنَّ يَهوَينَني إِذ كُنتُ شَيطانا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

6. الأَسْبابُ: جَمْعُ سَبَبٍ وهُوَ الحَبْلُ.

7. مَبْدا: حَالٌ، وَضْعٌ.

8. تَسْرِي: تَسيرُ، تَجْري. حَيْرانَ: مُقيمٌ لا يَبْرَح.

9. الطَّرْف: المَقصودُ هنا في حَدَقَتِها، في حَبَّتها، والطَّرْفُ هُوَ إغْماضُ العَيْن وَفَتْحِها.

10. يَصْرَعْن: يَرْمِينَ أَرْضًا. أرْكانٌ: جَمْع رُكْنٍ وهو الشِّدَّةُ والقُوَّة.

11. حَبَّذا: فِعْلُ مَدْحٍ. جَبَل الرَّيَّان: جَبَلٌ لِبَني عامِرِ.

12. النَّفَحاتُ: جَمْعُ نَفْحَةٍ، الهَبَّات. يَمانِيَّة: رِيحُ الجنوبِ.

13. أَزمانَ: أَيْ في زمنٍ. يَدعونَني: يُنادِينَنِي أَو يَقُلْنَ عَنِّي. الشَّيْطان: المقصود الماهِرُ الحاذِقُ.

إِضاءات على المضمون:

1. مَطْلَعُ القَصيدَةِ ذِكْرُ الرَّحيلِ - رَحيلِ الأَحِبَّةِ (هذا البيت غير مطلوب ونثبته من أجل معرفة المطلع واظهار عادة تصريع المطلع في القصيدة العموديّة).

2. بَثُّ تبَاريحِ الغَرام والتَّعبيرُ عَن الشَّوْقِ.

3. أُمنِيَّتُهُ ورَجاؤُهُ بأَنْ تُخَفَّف عَنْهُ أَحْزانُهُ.

4. نَفَثاتٌ وزَفَراتٌ وِجْدانِيَّةٌ وهذِهِ طَبيعَةُ المُحِبِّينَ لَيْسَ هُوَ أَوّلضهُم.

5. مُشْكِلَةُ انْقِطاعِ حَبْلِ الوِصالِ.

6. يِحْرُ العُيونِ.

7. جَبَلُ الرَّيّانِ وأَثَرُهُ في مَشاعِرِ الشَّاعِرِ.

8. الحَنينُ إِلى أيَّامِ الصِّبا.


*60*

أجْواءُ النَّصِّ:

الشِّعْرُ في العَهْدِ الأُمَوِيّ، ثُلاثِيُّ الشِّعْرِ الأُمَوِيِّ، جَريرٌ، الفَرَزْدَقُ، الأَخْطَلُ، النَّقائِضُ، الغَزَلُ العُذْرِيُّ، خَصائِصُهُ، مَشاعِرُ وعَذابُ المُحِبِّ، ذِكْرُ الأماكِنِ ذاتِ العَلاقَةِ بالمَحْبوبِ، مَشاهيرُ شُعَراءِ الغَزَلِ في العَهْدِ الأُمَوِيِّ.

أسْئِلةُ المَضْمون:

1. المطلع: يَبْدو مِنَ البَيْتِ أَنَّ المَحْبوبِ قَدْ رَحَلَ وأَلْقى الشَّاعِرُ المُحِبُّ عَلَيْهِ مَسْؤولِيَّةً. المَطْلوب:

أ. ما هِيَ الكَلِمَةُ الّتي اسْتَعْمَلَهَا الشَّاعِرُ وتَعْني المَحْبوبَ؟

ب. ما هِيَ الكَلِمَةُ الّتي اسْتَعْمَلَها الشَّاعِرُ وتَعْني رَحَلَ وبَعُدَ؟

ج. ماذا نَجَمَ عَنْ هذا الفِراقِ؟

2. يَرْسُمُ الشَّاعِرُ بالكَلِماتِ صورَتَهُ كَعاشِقٍ مُعَذَّبٍ ويُشَبِّهُ حالَهُ بحالِ شَيْءٍ مُعيَّنٍ. وَضِّحْ هذِهِ الصّورَةَ والمُشَبَّهَ بِهِ. البَيْتِ (2).

3. يَشْتَمِلُ البَيْتُ الثّالث عَلى تَمَنٍّ مُعَيَّنٍ. ما هِيَ الأُمْنِيَّةُ الّتي تَمَنّاها الشَّاعِرُ؟ اذْكُرْ أَداةَ التَّمَنّي.

4. يُصَوِّرُ البَيْتان (4، 5) حالَ المُحِبِّ المُتَيَّمِ ويَصِفانِ لَنا حُبَّهُ. بيّن ذلِكَ.

5. يُخْبِرُنا الشّاعِرُ المُحِبُّ في الأَبْياتِ (6، 7، 8) عَنْ ثُبوتِهِ عَلى الحُبِّ بواسِطَةِ ذِكْرِ مُعاناتِهِ مُسْتَعْمِلًا النَّفْيَ في البَيْتِ (6) والاسْتِفْهامَ البَلاغِيَّ في البَيْتِ (7) والتَّقْريرَ في البَيْتِ (8). اشْرَحْ

6. أَبْرَزَ لنا الشّاعِرُ في البَيْت التّاسع صِفَةً جِسْمِيَّةً بِعَرْضِ عُضْوٍ جَسَدِيٍّ يَعْكِسُ الجَمالَ والإِغْراءَ. أيَّ عُضْوٍ ذَكَرَ وما هِيَ مُواصَفاتُهُ الَّتي تَسْحَرُ؟ البَيْت (9).

7. يَسْتَمِرُّ في البَيْتِ (9) بِتَفْصيلِ وَقْعِ وأَثَرِ ذلِكَ العُضْوِ عَلَيْهِ. اشْرَحْ ذلِكَ.

8. كانَ مَوْضوعُ البَيْتَيْنِ (11، 12) جَبَل الرَّيَّانِ. لِماذا حَظِيَ هذا الجَبَلُ باهْتِمامِ الشّاعِرِ؟

9. في البَيْتِ (13) ذِكْرُ أيّامِ الصِّبا والحَنينِ إِلَيْها. ما هِيَ الذِّكْرَياتُ الَّتي يُثيرُها حول أيّام الصِّبا؟

أسْئِلَةُ الأُسْلوب:

1. وَضِّحْ أَطْرافَ التَّشْبيهِ في البَيْتِ الثّاني وبيّنْ ملامِحَ الصّورَةِ الجَميلَةِ الّتي رسمها


*61*

من خلال التّشبيه، وبيّنْ غَرَضَ التّشبيه.

2. ما هُوَ الأُسْلوبُ الَّذي وَرَدَ فيهِ البَيْتُ الرّابع؟

3. ما غَرَضُ الشّاعِرِ من استخدامِ النَّفْيِ في البَيْتِ (4)؟

4. ما هُوَ غَرَضُ الاسْتِفْهامِ في البَيْتِ (7)؟

5. يَبْدَأ كُلٌّ مِنَ البَيْتَيْنِ (11، 12) بكَلِمَةِ حَبَّذا، ماذا تَعْرِفُ عَنْ هذا الأُسْلوبِ؟

6. في البَيْتِ الثّالث وَرَدَ الفِعْلُ (سَقاه). هَلْ مَعْناهُ هُنا حَقيقِيٌّ أَمْ مَجازِيٌّ؟ وَضِّحْ.

7. يَسْتَعْمِلُ الشَّاعِرُ أسْلوبَ إِضافَةِ (أَخ) لِكَلِمَةٍ وقالَ: (أَخا طَرَبٍ) في البَيْتِ الرّابع. هَلْ تَعْرِفُ أْمْثِلَةً أُخْرى لإِضافَةِ كَلِمَةِ (أَخِ) إِلى مُسَمًّى آخَرَ؟ وما هو المعنى الذي يؤديه التغيير؟

8. ماذا يُمْكِنُ أَنْ نُسَمِّيَ التَّرْكيبَ (لا بارَكَ)، (لا أَدامَ)، (لا مَتَّعَ) وغَيْرَها؟ ومَتى نَسْتَعْمِلُ هذا الأسْلوبَ؟

9. استخرج مواضعَ الطِّباقِ؟ واذْكُرْ أهَمِّيَّتَهُ.

10. ماذا يُطْلِقُ عُلَماءُ البَلاغَةِ عَلى وُرودِ الكَلِمَةِ في صَدْرِ البَيْتِ، وفي عَجُزِهِ؟ أيْنَ تَرى ذلك في النَّصِّ؟ وما الغَرَضُ من هذا الأسْلوبِ؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. هلْ يمكنُ الإخلاصُ للمرأةِ بدونِ مشاعِرِ الحزن وفَصْلِ العِشقِ والهُيام؟ ما رأيك؟

2. بيّن موقِفكَ من انْجذابِ الإنسانِ بشكْلٍ عامٍّ إِلى مكانِ مَحْياهُ والتّمَسُّكِ به وتفضيلِهِ على غيرهِ من بقاعِ الأرْضِ. وهَلْ وجودُ الأحبّةِ هو السّببُ أمْ أنَّ هنالِكَ أَسبابٌ أخرى؟ راجع البَيْتين 12، 13.

3. لأيّ نوعٍ من أنواعِ الغَزَلِ تتبعُ هذه الأبْياتُ حسبَ رأيكَ؟ ما هي الدلائل التي يمكنُ الاستشهاد بها في النّصّ؟

مصادر للتَّوَسُّع:

1. ديوان جرير، تحقيق محمّد أمين طه. دار المعارف بمصر، 1969.

2. نعمان محمّد أمين طه: جرير حياته وشعره، دار المعارف، 1968.

3. محمّد إِبراهيم جمعة: جرير. المعارف، د. ت.

4. عبد المجيد الحرّ: جرير شاعر الغزالة والرّقّة والعذوبة. بيروت: دار الكتب العلميّة، 1992.


*62*

عُمَرُ بنُ أَبي رَبِيعَةَ


*62*

(23-93 ه) (644-712 م)

حَياتُهُ: عُمَرُ بْنِ أَبي رَبيعَةَ المَخْزومِيُّ القُرَشِيُّ وُلِدَ سَنَةَ 23 للهِجْرَةِ، وفي يَوْمِ مَقْتَلِ الخَليفَةِ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، وَقد يَكونُ مِنْ أَجلِ هذِهِ المُصادَفَةِ، سُمِّيَ فيما بَعْد باسْمِ الخَليفَةِ المَقْتولِ: (أَبو الخَطَّابِ)، وَكُنِّيَ مِثْلَهُ بأبي حَفْصٍ، رُوِيَ أَنَّ النَّاسَ قالُوا: مُشيرينَ إِلى مَقْتَلِ الخَليفَةِ ومَوْلِدِ الشَّاعِرِ أيُّ حَقٍّ رُفِعَ وأَيُّ باطِلٍ وُضِعَ. وقد افْتَخَرَ هو بِكُنْيَتِهِ الأُولى:

حين قَالَتْ لَها أَجيبي فَقالَتْ مَنْ دعانِي؟ قالتْ: أَبو الخَطَّابِ

كان في مَواسِمِ الحَجِّ يَتَصَدَّى لِكُلِّ فَتاةٍ جَميلةٍ بِمَكَّةَ، وَخاصَّةً (الثُّرَيّا) بِنْتَ عَلِيٍّ الأُمَوِيّةَ، وَيَنْزِلُ المدينَةَ فَيَتَصدَّى للقُرَشِيَّاتِ الجميلاتِ بها مِنْ مِثْلِ سُكَيْنةَ بِنْتِ الحُسَيْن وَزَيْنَبَ الجُمَحِيَّةِ، وعَلى هذا النَّحْوِ، كان لا يَزالُ يَتَغَزَّلُ في فَتَياتِ قُرَيْشٍ النَّبيلاتِ، ومِنْ ثمَّ وَصْفُ تَرَفِهِنَّ، وما كُنَّ فيهِ من نَعيمٍ. وديوانُهُ من خَيْرِ الدَّواوينِ الّتي تُصَوِّرُ ما غَرِقَتْ فيه القُرَشِيّاتُ في هذا العَصْرِ من حَضارَةٍ وحُلِيٍّ وطِيبٍ.


*63*

قالَ لي صاحِبي - عُمَرُ بنُ أَبي رَبيعَةَ


*63*

1. قالَ لي صاحِبي لِيَعلَمَ ما بي: أَتُحِبُّ القَتولَ أُختَ الرَبابِ؟

2. قُلتُ: وَجدي بِها كَوَجدِكَ بِالماءِ إِذا ما مُنِعتَ بَردَ الشَرابِ

3. مَن رَسولي إِلى الثُرَيّا بِأَنّي ضِقتُ ذَرعاً بِهَجرِها وَالكِتابِ؟

4. أَزهَقَت أُمُّ نَوفَلٍ إِذ دَعَتها مُهجَتي ما لِقاتِلي مِن مَتابِ

5. حينَ قالَت لَها: أَجيبي، فَقالَت: مَن دَعاني؟ قالَت أَبو الخَطّابِ

6. أَبرَزوها مِثلَ المَهاةِ تَهادى بَينَ خَمسٍ كَواعِبٍ أَترابِ

7. فَأَجابَت عِندَ الدُعاءِ كَما لَبّى رِجالٌ يَرجونَ حُسنَ الثَوابِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. القَتولُ: المقْصودُ فيها امْرأَةٌ ذاتُ تأثيرٍ كَبيرٍ عَلَيْهِ ولذلك وَصَفها بصِيغَةِ المُبالَغَةِ قَتول: فَعول. الرَّبابُ: إِحدى الفَتَياتِ اللّواتي قال عُمرُ فيهنّ الشِّعْرَ الغَزَلِيَّ.

2. وَجْدي: شَوْقي، حُبّي، هُيامِي.

بَرْدَ الشَّرابِ: المَقْصودُ الماءُ البارِدُ.

3. الثُّريّا: هِيَ فَتاةٌ مَكِّيَّةٌ مِنْ بَني عَبْدِ شَمْسٍ، حَباها اللهُ بالغِنى والجَمالِ وكَرَمِ الأَصْلِ، بحَيْثُ كانَتْ قِبْلَةَ الأَنْظارِ وحَديثَ المجالِسِ. قالوا في صِفَتِها ما يُفيد أَنَّها كانَتْ مثالَ الجمالِ عند العَرَبِ (جبرائيل جبّور: عمر بن أبي ربيعة، بيروت: دار العلم للملايين، ط (1)، 1971، ص 33 وما بعدها)، وهي بِنْتُ عَلِيٍّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحارِثِ. ضِقْتُ ذَرْعًا: لَمْ أعُدْ أحْتَمِل. والكِتابُ: المقصودُ القَسَمُ بالقرآنِ الكَريم.

4. أَزْهَقَتْ: أزْهَقَتْ روحي. مَتابٌ: تَوْبَةٌ. أزْهَقَتْ: مَفعولَها محذوف لِلْعِلْمِ بِهِ.

5. أَبو الخَطَّابِ: كُنْيَةُ عُمَرَ. أُمُّ نَوْفَل: جاريَةُ الثُّرَيَّا.

6. المهَاةُ: البَقرةُ الوَحْشِيَّةُ (تُشَبَّهُ بها المرأَةُ الواسِعَةُ العَيْنين). تَهادى: تَتَهادى، تَمْشي بِدَلالٍ. الكَواعِبُ: جَمْع كَاعِبٍ: الفَتاةُ الّتي وَصَلَتْ البُلوغ وَبَرَزَ ثَدْياها. أَتْرابٌ: جمع تِرْب: ابنُ العُمْرِ نَفسِهِ.

7. الدُّعاءُ: المقصودُ بِهِ هُنا صَوتُ النِّداءِ. لَبَّى: الإِشارَةُ إِلى الحُجَّاج الّذين يُرَدِّدونَ لَبَّيْكَ اللّهًمَّ لَبَّيْكَ. بمعنى أُجيبُ طائِعًا. حًسْنُ الثَّواب: رضا الله: سُبْحانَهُ وثَوابُهُ.


*64*

8. وَهيَ مَكنونَةٌ تَحَيَّرَ مِنها في أَديمِ الخَدَّينِ ماءُ الشَبابِ

9. وَتَكَنَّفنَها كَواعِبُ بيضٌ واضِحاتُ الخُدودِ وَالأَقرابِ

10. ثُمَّ قالوا تُحِبُّها؟ قُلتُ: بَهراً عَدَدَ النَجمِ وَالحَصى وَالتُرابِ

11. حينَ شَبَّ القَتولَ وَالجيدَ مِنها حُسنُ لَونٍ يَرِفُّ كَالزِريابِ

12. أَذكَرَتني مِن بَهجَةِ الشَمسِ لَمّا طَلَعَت مِن دُجُنَّةٍ وَسَحابِ

13. فَاِرجَحَنَّت في حُسنِ خَلقٍ عَميمٍ تَتَهادى في مَشيِها كَالحُبابِ

14. قَلَّدوها مِنَ القَرَنفُلِ وَالدُرِّ سِخاباً، واهاً لَهُ مِن سِخابِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. مكنونَةٌ: مَسْتورَةٌ. تَحَيَّر: تَجَمَّع. ماءُ الشَّبابِ: حَيَوِيَّةُ الشَّبابِ، والمَقصودُ أَنَّ الشَّبابَ والفتاءَ يلوحانِ في وَجْهِها.

9. تَكنَّفْنَها: احْتَوَيْنها، أَحَطْنَ بها. الأَقْراب: جمع قُرْب: الخَواصِر.

10. بَهْرًا: يَعْني أُحِبُّها حُبًّا بَهَرني، مَلأَ مَشاعِري.

11. شَبَّ: زَادَ. القَتولُ: الكثيرَةُ القَتْل (رُبَّما العُيونُ السَّاحِرَةُ ورُبّما غَيْرُها).

الجِيد: العُنُق. يَرِفُّ: يَتَحَرَّكُ، يَتَلَألأُ. الزِّرْيابُ: الذِّهَبُ أَوْ ماؤُهُ، أَوْ طائِرٌ أَسْوَدُ حَسَنُ الصّوْت.

12. دُجُنَّة: ظَلامٌ دامِسٌ.

13. ارْجَحَنَّتْ: اهْتَزَّتْ ومالَتْ. الحُبابُ: الحَيَّة.

14. السِّخابُ: القِلادَةُ. واهًا: كَلِمَةُ تَوَجُّع، تَحسُّر.

إِضاءات على المضمون:

1. سؤالٌ وجوابٌ، شَوْقٌ وحَنين.

2. رَسولٌ ولِقاءٌ.

3. جَمالُ امْرَأَةٍ.

4. حُبٌّ عَظيمٌ.

5. الرُّجوعُ إِلى الوَصْفِ والغَزَلِ الحِسِّيّ.

أجْواءُ النَّصِّ:

الحُبُّ الإباحِيُّ أَوِ الحِسِّيُّ أَوِ العُمَرِيُّ، ذِكْرُ اسْمِ المَحْبوبَةِ أَوْ مَنْ يُصاحِبُها في الشِّعْرِ، تَشْبيهُ المَرأَةِ الجَميلَةِ بالغَزالِ، أَوِ الرّيمِ، أَو المَهاةِ، السَّرْدُ القَصَصِيُّ في الشِّعْرِ، الحِوارُ، عناصِرُ الطَّبيعَةِ في النَّصِّ.


*65*

أسْئِلَةُ المَضْمون:

1. ذَكَرَ الشَّاعِرُ في البَيْتِ الأَوَّلِ اسْمَيْ فَتاتَيْن. ما سببُ ذكْرِ كُلِّ واحِدَةٍ؟ ومَنِ الَّتي ذُكِرَتْ بِالاسْمِ الصَّريحِ؟ ومَنْ الَّتي ذُكِرَتْ بالصِّفَةِ؟

2. يَتَضَمَّنُ البَيْتُ الثَّاني إصْرارًا عَلى حُبِّ الفَتاةِ، وتَأكيدًا لذلِكَ الحُبِّ. كَيْفَ عَبَّرَ الشّاعِرُ العاشِقُ عَنْ ذلِكَ؟

3. تَظْهَرُ في البَيْتِ الثَّالِثِ كَلِمَةٌ تُشيرُ إِلى أَنَّ المَحْبوبَيْنِ في هُجْرانٍ وَبِعادٍ. ما هِيَ هذِهِ الكَلِمَةُ؟ وكَيْفَ أرادَ الشّاعِرُ مُعالَجَةَ هذا البِعاد؟

4. يُخْبِرُ البَيْت (6) بِأنَّ اللِّقاءَ قَدْ تَمَّ. صِفْ صورَةَ المَحْبوبَةِ حينَ رَآها العاشِقُ.

5. يُفْهَمُ مِنَ البَيْتَيْنِ (6، 9) أَنَّ للمَحْبوبَةِ صاحِباتٍ يَرْعَيْنَها؟ وَضِّحْ ذلِكَ.

6. يَظْهَرُ الوَصْفُ الحِسِّيُّ في البَيْتِ الثّامِنِ خاصَّةً. أيُّ عُضْوٍ وُصِفَ؟ وماذا قالَ عَنْهُ؟

7. لِماذا أعْلَنَ الشَّاعِرُ حُبَّهُ؟ وكَيْفَ أكَّدَهُ بِصورَةِ المُبالَغَةِ؟ بَيْت (10)

8. أيَّ عَناصِرَ مِنَ الطَّبيعَةِ ذَكَرَ في الأَبْياتِ (11، 12، 13، 14)؟

9. يَخْتَصُّ البَيْتُ (14) في وَصْفِ مِشْيَةِ الحَبيبَةِ. ماذا قالَ عَنْها؟

10. وَرَدَتْ في النَّصِّ الشَّخْصِيّاتُ التَّالِيَةُ:

الصَّاحِبُ (صاحِبي).

المُتَحَدِّثُ العاشِقُ (قْلْتُ).

أمُّ نَوْفَل.

أَبو الخَطَّابِ.

راهِبٌ ذو اجْتِهادٍ.

القَتولُ.

المطلوبُ تَوْضيحُ دَوْرِ كُلِّ شَخْصِيَّةٍ مِمَّنْ ذُكِر.

11. هَل توجَدُ ملامح لأَلْفاظٍ إِسْلامِيَّةٍ في النَّصِّ؟ اسْتَخْرِجْها واذْكُرْ مَصْادِرَها.

أَسئلةُ الأُسْلوبِ:

1. ما هِيَ عَناصِرُ الأُسْلوبِ القَصَصيِّ في النَّصِّ؟

2. هاتِ أَمْثِلَةً لِجُمَلٍ إنْشائِيَّةٍ، وأَمْثِلَةً لِجُمَلٍ خَبَريَّةٍ، وهَلْ لِتَنَوُّعِ الجُمَلِ: خَبَرِيَّةٍ وإِنْشائِيّةٍ، قيمَةٌ في النَّصِّ؟


*66*

3. يُلاحَظُ في النَّصِّ كَثافَةُ الأَفْعالِ، هَلْ لِذَلِكَ دَوْرٌ في القَصيدَةِ؟

4. أُسْلوبُ التَّشْبيهِ بارِزٌ في النَّصِّ. اسْتَخْرِجْ ما تَقَعُ عَلَيْهِ، ووَضِّحْ أرْكانَ التَّشْبيهِ المَوْجودَةَ في كُلِّ واحِدٍ. وبيِّنْ قيمتهُ المضمونِيّةَ والجمالِيَّةَ.

5. أيْنَ يوجَدُ أُسْلوبُ الاسْتِفْهامِ في النَّصِّ؟ وما هُوَ دَوْرُهُ في كُلِّ مَكانٍ؟

6. تَتَعَدَّدُ الضَّمائِرُ في النَّصِّ: المُتَكَلِّمُ، والمُخاطَبُ، والْغائِبُ، والمُفْرَدُ، والجَمْعُ.

أَيْنَ وَرَدَتْ هذِهِ الضَّمائِرُ؟ وما الغَرَضُ مِنْ هذا التنويع؟

7. يُمْكِنُ القَوْلُ أَنَّ الأَحْرُفَ المُسَيْطِرَةَ والَّتي رَكَّبَتِ الكَلِماتِ في القَصيدَةِ يَغْلِبُ عَليْها طابَعُ اللّينِ (يرملون). لماذا حَسَبَ رَأْيِكَ؟

8. اسْتَخْرِجْ ما تَراهُ مِنْ كِناياتٍ في النَّصِّ، وَبَيِّنِ الكِنايَةَ والمُكَنَّى عَنْهُ. ووَضِّحْ غَرَضَ الكِنايَةَ.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. عُرِف عن الشّاعرِ عمرَ بن أَبي ربيعَةَ أنّه شاعِرٌ إباحِيٌّ. هلْ، حَسبَ رأْيِكَ، توجَدُ عناصرُ للشِّعرِ الإِباحيّ في هذه الأَبيات؟ فصِّلْ.

2. يُشبّهُ الشّاعرُ مشية الفتاة في البيتِ (13) بانْسيابِ الأَفعى. ما تقييمُك لهذا التشبيه؟ بيّن رأيكَ وموقِفَكَ.

3. ما رأْيكَ في تَخريجِ وصفٍ دينيّ إسلاميّ بيت (7)؟ وهل يُضيفُ هذا التّخريجُ جَمالًا؟

مراجع للتَّوسّع:

1. فايز محمّد: عمر بن أبي ربيعة. بيروت: دار الكتاب العربيّ، 2004.

2. جبرائيل جَبّور: عُمَرُ بنُ أبي ربيعة. بيروت: دار العلم للملايين، ط 1، 1971.

3. إِسماعيل اليوسف: عمر بن أبي ربيعة، أخباره ونماذج من شِعْرِهِ. دمشق: دار الكتاب العربيّ، 1988.

4. أَميل ناصف: عمر بن أبي ربيعة. طرابلس: منشورات جروس جروب، 1992.


*67*

البابُ الثَّالِثُ: الشِّعْرُ في العَصْرِ العَبَّاسِيِّ


*67*

1. الشِّعْرُ في العَصْرِ العَبَّاسِيِّ - مُقَدِّمةٌ

2. أبو تَمَّامٍ: فَتْحُ عمُّورِيَّةَ - السَّيْفُ أَصْدَقُ

3. البُحْتُرِيُّ - وصْف إيوانِ كِسْرى

4. أَبو فراسٍ الحمْدانِيّ - مِن الرُّومِيَّات - أراك عَصِيَّ الدَّمْعِ

5. المُتَنَبّي - لِكلّ امْرِئٍ

6. المُتَنَبّي - بِمَ التَّعَلُّلُ

7. الشَّريفُ الرَّضِيّ - يا ظَبْيَةَ البَانِ


*68*

الشِّعْرُ في العَصْرِ العَبَّاسِيِّ


*68*

بَقِيَ نَهْرُ الشِّعْرِ المُتَدَفِّقُ مُنْذُ العَهْدِ الجَاهِلِيّ والّذي عَرَفْنا فيه عَمالِقَةَ الشِّعْرِ وأُمَراءَهُمْ كامْرئ القَيْسِ وَعَنْتَرَةَ وَزُهَيْرٍ وَلَبيدٍ وغيرِهِمْ مِنْ شُعَراءِ المُعَلَّقاتِ، ثُمَّ وُصولًا إِلى مَنْ أُطْلِقَ عليْهِمْ الشُّعَراءُ المخَضْرَمون (أصل الخَضْرَمةِ: القَطْع والطَّرْح، ومنه خَضْرم الأُذنَ: قَطعَ من طرفِها شيئًا وتركَه، والنّاقَةُ المخضرمَةُ هي الّتي قُطِع طرفُ أُذنِها، والشّاعرُ المخضرمُ هو الّذي ذهبَ شطرٌ من عمرِهِ في الجاهليَّةِ وأدركَ الإسلامَ شاعرًا فنظم في العهدين) مِثْلُ الخَنْساءِ، وحَسَّانَ بنِ ثابتٍ والأَعْشى ولَبيدِ ابْنِ رَبيعةَ، وانْتِقالًا إِلى الشُّعَراءِ الإسْلامِيِّين والأُمَويِّين وقادَةِ الشِّعْرِ أمْثالِ الحُطَيْئَةِ والفَرَزْدَقِ وجَريرٍ والأَخْطَلِ.

ونَقولُ: إنّ تَدَفُّقَ نَهْرِ الشِّعْرِ رُبَّما ازْدادَ قوّةً على طُولِ الأَعْصُرِ العَباسِيَّةِ الأَرْبَعَةِ (درج كثير من مؤرّخي الأدب العربيّ على تقسيم العهد العبّاسيّ إلى أربعة عصور مواكبة للتّقلّبات والتّغيّرات السّياسيّة فكانت: 1. العصر العبّاسيّ الأوّل - 132 ه، 750 م- 846 م. 2. العصر العبّاسيّ الثاني - 232 ه - 335 ه، 846 م - 946 م. 3. العصر العبّاسيّ الثّالث - 335 ه - 447 ه، 946 م - 1055 م. 4. العصر العبّاسيّ الرّابع - 447 ه - 656 ه، 1055 م - 1258 م) وما حَدَثَ في مَوْضوعاتِ الشِّعْرِ وَشَكْلِهِ مِنْ تَوْليدٍ وتَحْديثٍ.

ولَعَلَّ أَبا نُواسٍ وَبَشَّارَ بْنَ بُرْدٍ والبُحْتُرِيّ وأَبا تَمَّام والمُتَنَبّي وأَبا العَلاءِ المَعرِّيَّ أَقطابَ الشِّعْرِ العَرَبِيِّ مَعَ غَيرِهِمْ كثيرونَ نَعُدّ مِنْهم ولا نُعَدِّدُهُمْ، قَدْ رَفعوا قِيمَةَ الشِّعر عاليًا، وما زَالتْ أشعارُهُمْ تَتَناقَلُها ألْسِنَةُ عُشَّاقِ الأَدَبِ العَرَبِيِّ واللّغةِ العَربِيَّةِ.

وَعلى كُلّ حالٍ بقي الشِّعْرُ العَرَبِيُّ شِعْرًا وِجْدانِيًّا غِنائِيًّا، ولكن حَدَثَتْ بَعضُ التَّوَسُّعاتِ والتَّجديداتِ في الأُسْلوبِ وفي المضَامِين، كالثَّوْرةِ على البِدايَةِ الطَّلَلِيَّةِ الّتي بَدأَها أبو نُواسٍ وَبَشّارُ بْنُ بُرْدٍ. أَمَّا المضَامينُ فَقَدْ حَدَثَ فيها تَوَسُّعٌ كَبيرٌ من حَيْثُ الأَغْراضِ، والانْتِماءِ الشُّعورِيِّ والعَلاقَةِ بَينَ الشَّاعِرِ وَبيْنَ الشِّعْرِ، كَما أَنَّه حَدَثَ في الصُّورَةِ والأُسْلوبِ بَعْضُ التَّطْويرِ والتَّجْديدِ مِثْلُ:

رِقَّةُ العِبارَةِ، والتَّفَنُّنُ في المعَاني، والتَّوفُّرُ على البَديعِ اللَّفْظِيِّ وكذلك التَّوسُّعُ في المصْطَلحاتِ اللَّفْظِيَّةِ (انظر: أنيس المقدسيّ، أمراء الشّعر العربيّ في العصر العبّاسيّ، بيروت: دار العلم للملايين، ط 15، 1983، ص 87 وما بعدها).


*69*

أبو تَمّام


*69*

(188-231 ه) (804-846 م)

وُلِدَ في قَريةِ جاسِمٍ (من قُرى حُورانَ بالشَّامِ) سنة 188 ه (804 م) لأُسْرَةٍ مَسيحيَّةٍ، اسمُ أبيهِ ثيودوسْيوسْ، وَعَرَفْنا أبا تَمَّامٍ بَعْد ذَلك باسْمِ (حَبيب) وذلك بَعْدَ أَنْ ابْتَعدَ عَنْ أُسْرَتِه المسيحيَّةِ إِلى حِمْصَ (في سورْيا اليَوْم) واتَّصَلَ بأَسْرَةِ عُتَيْبَةَ بن عبدِ الكَريم الطَّائيِّ فمدحَها وانْتَسَبَ إليها بالوَلاءِ. فَعُرِفَ من ذلك الحِينِ باسْمِ أبِي تَمَّام الطّائيّ ولَقِيَ أَبو تَمَّامٍ في حِمْصَ (ديكَ الجِنّ) (اسمه عبد السّلام بن رغبان. شاعر عبّاسيّ، ولد سنة 161 ه، غلبت عليه الخلاعة والمجون، كان شديدًا على العرب، توفيّ سنة 235 ه (849 م)) الشَّاعِرَ وأَخذَ عَنْه الجَوْدَةَ في الرِّثاءِ والتَّشَيُّعِ.

رَحَلَ أبو تَمَّامٍ إِلى مصرَ سَنَة 208 ه طَلَبًا للتَّكَسُّبِ، فَجَعَلَ يَسقي الماءَ في المَسْجِدِ الجَامِع، مَسْجِدِ عَمْرو، ويَسْتَمِعُ إلى ما يُلْقى في حَلَقاتِهِ مِنْ عِلْمٍ وأدَبٍ، وَهناكَ بدأَ حياتَه الشِّعريّةَ ثمَّ عادَ إِلى الشَّامِ، ومَدَحَ المأْمونَ في أَثناء عَودَةِ الأَخيرِ إلى دِمَشْقَ آيِبًا مِنْ غَزْوِ الرُّومِ، ولكنّ المأمونَ أعْرَضَ عَنْهُ وَوَبَّخَهُ لَميْلِهِ للعَلَوِيِّين، فَرَحَلَ أبو تَمَّامٍ حتّى استقرّ في المُوصِلِ (في العراق).

تَوَلّى بَريدَ المُوصِلِ، وتُوُفّي بَعد ذلك بِعامَين أَو ثَلاثَةٍ، سَنَةَ 232 ه (846 م). شِعْرُ أَبي تمَّامٍ جَزْلُ الأَلْفاظِ مَتينُ التّراكِيبِ، يَتَكلَّفُ الصِّناعَةَ المَعْنَويَّةَ والصِّناعَةَ اللَّفْظِيَّةَ، مُولَعٌ بالإِغْرابِ في تَقَصِّي أَوْجُهِ المعاني وفي التَّشابِيهِ والاسْتِعاراتِ، يَمْلأُ شِعْرَهُ بالإِشاراتِ التَّاريخِيَّةِ والفَلْسَفِيَّةِ والنَّحْوِيَّةِ، ومَعانِيهِ المُختَرَعَةُ كثيرةٌ. وفنونُ أَبي تَمَّامٍ البَارِعَةُ الرِّثاءُ ثمَّ المَدْحُ، ولَهُ حِكَمٌ مَنْثورَةٌ في ثَنايا القَصائِدِ، وله كذلك وَصْفٌ وعِتابٌ، وهِجاءٌ ولكنَّها لا تُداني شِعْرَهُ في الرِّثاء، ولا في المَديح.

لأَبي تَمَّامٍ عددٌ من الكُتُبِ غَيرُ ديوانِهِ أَشْهرُها (ديوانُ الحَماسَةِ) وهو يَشْتَمِلُ على أَبْياتٍ جيادٍ من قَصائِدَ مُخْتَلِفَةٍ، وأَكْثَرَ من الاخْتيارِ لشُعَراءِ طَيِّئٍ.

تُوفّي سنة 231 هجرية 846 ميلاديّة.


*70*

المختارُ مِنْ فَتْحِ عمُّورِيَّةَ (مَدْحُ المعْتَصِمِ)


*70*

السَّيْفُ أصْدَقُ أَنْباءً مِنَ الكُتُبِ - أبو تَمّام

1. السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ

2. بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ في مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

3. والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لا في السَّبْعَةِ الشُّهُبِ

4. أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ

5. وخَوَّفُوا النـاسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ إذَا بَـدَا الكَوْكَـبُ الْغَرْبِيُّ ذُو الذَّنَبِ

6. وَصَيَّروا الأَبْرجَ العُلْيا مُرَتِّبَةً مَا كَانَ مُنْقَلِبًا أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ

7. يَا يَوْمَ وَقْعَةِ عَمُّوريَّةَ انْصَرَفَتْ مِنْكَ المُنَى حُفَّلاً مَعْسُولَةَ الحَلَبِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. أَنْباءُ: أخْبارٌ، تزويدُ معلوماتٍ. الكُتُب: كِناية عن التَّنْجيمِ. في حَدِّهِ: حدِّ السَّيفِ وَشَفْرَتِهِ الحَادّة كِناية عن الحَرْب. الحَدُّ: الفَصْلُ بين الشَّيئَين. الجِدُّ: كِناية عن الحقِّ والحَقيقَةِ. اللَّعِبُ: كِناية عن الباطِلِ وتَخْمينِ النُّجومِ.

2. الصَّفائِحُ: جَمْعُ صَفيحةٍ وهي الحَديدَةُ العريضَةُ ويُقْصَدُ بها هُنا السَّيْفُ. بِيضُ: يَعني أَنها مُحَدَّدَةٌ ولا يَعْلوها الصَّدَأُ. الصَّحائِفُ: جمعُ الصَّحيفَةِ كِناية عن الكِتاب. مُتونِهنَّ: جَوانِبُهُنَّ، جَلاءُ: كَشْفُ. الشَّكُّ والرِّيَبُ: عَدمُ وضوح الحَقيقَة، (يوجَد هُنا تكريرٌ للمعنى مع اخْتلافٍ باللَّفْظِ).

3. شُهُب الأَرْماحِ: أَسِنَّتُها (لأنَّ رؤوسَها تَلمَعُ كَالشُّهُبِ). الخَميسَيْن: مُثَنّى الخَميسِ وهو الجَيْشُ وسُمّي بذلك لأَنَّه يَنْقَسِمُ خمسةَ أقسامٍ: (1) المُقدِّمةُ (2) المؤَخَّرةُ (3) المَيْمَنَة (4) المَيْسَرَة (5) القَلْبُ (هنالك من يرى أنّ التّسمية جاءت من أَخْذ خمس الغنيمة من قبل الملوك، فالخميس في معنى المخموس، من قولهم خَمَسْتُ القوم إذا أخذت خُمْسَ أموالهم. انظر ديوان أبي تمّام (شرح الخطيب التّبريزيّ) دار المعارف، د.ت، ص 42).

4. الرّوايةُ: ما يُروى عن المنجّمين، صاغُوهُ: قالوهُ. ألّفوهُ، الزُّخْرُفُ: ما يُعْجِبُك مِنْ مَتاعِ الدَّنيا وربّما خُصَّ به الذَّهَبُ، وهنا يَقْصِدَ تَحْسينَ الأَكاذِيبِ ومُحاوَلَةَ تَجْميلِها بُغْيَةَ تصديقِها.

5. دَهْياءُ: داهيةٌ (يُقصَدُ هُنا أمرٌ مُرْعِبٌ)، وكانوا قد حَكَموا أنَّ طُلوعَ ذلك الكَوْكِبِ الموْصوفِ يكونُ فِتْنةً عظيمَةً وتَغَيُّرَ أَمْرٍ في الوِلاياتِ، فأَنكَرَ ذلك الشَّاعِرُ.

6. الأبْرُج: بُروج السَّماءِ التي أَوّلها الحَمَل، وآخِرُها الحوت.

7. وَقْعةٌ: مَعْركة. حُفَّلًا: جَمْعُ حافِلٍ، وهي النُّوقُ التي امْتلأَتْ ضُروعُها باللَّبِنِ. مَعْسولَةٌ: فيها العَسَلُ، كِنايَةً عن الحَلاوَةِ. الحَلَب ها هُنا ما حُلِبَ مِن اللَّبن.


*71*

8. ِلَقَدْ تَرَكتَ أَميرَ الْمُؤْمنينَ بِها لِلنَّارِ يَوْماً ذَليلَ الصَّخْرِ والخَشَبِ

9. غَادَرْتَ فيها بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى يَشُلُّهُ وَسْطَهَـا صُبْحٌ مِنَ اللّهَبِ

10. حَتَّى كَأَنَّ جَلاَبيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ

11. ضَوْءٌ مِنَ النَّارِ والظَّلْمَاءُ عاكِفَةٌ وَظُلْمَةٌ مِنَ دُخَانٍ في ضُحىً شَحبِ

12. تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللَّهِ مُنْتَقِمٍ لِلَّهِ مُرْتَقِبٍ في اللَّهِ مُرْتَغِبِ

13. لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلاً، يَوْمَ الْوَغَى، لَغَدا مِنْ نَفْسِهِ، وَحْدَهَا، في جَحْفَلٍ لَجِبِ

14. رَمَى بِكَ اللَّهُ بُرْجَيْهَا فَهَدَّمَها ولَوْ رَمَى بِكَ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ يُصِبِ

15. تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ جُلُودُهُـمْ (في الدّيوان، تحقيق محمّد عبده عزّام، مج 1، ص 69: أعْمارُهُمْ) قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ

16. بَصُرْتَ بالرَّاحَةِ الكُبْرَى فَلَمْ تَرَها تُنَالُ إلاَّ على جسْرٍ مِنَ التَّعبِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. يَوْمًا: مَفعولًا به لتَرَكْتَ، ذليلَ الصَّخْرِ والخَشَبِ، كِناية عن تَدْميرِ البَلْدَةِ بالحَرْقِ، فكأنَّ صَخْرَها وَخَشَبَها قد ذُلَّا لِلنَّار.

9. غادَرْتَ: تَرَكْتَ. بَهيمَ اللَّيْلِ: اللَّيْلُ الّذي لا ضُوءَ لَه. يَشُلُّهُ: يَطْرُدُهُ.

10. جلابِيبُ: جَمْع جِلبابٍ وهو القَميصُ أو الرِّداءُ واسْتُعيرَت الكلمةُ للدُّجى وهي جَمْعُ دَجِيّةٍ – والدَّجِيَّةُ: الظُّلْمَةُ.

11. عاكِفَةٌ يَقصِدُ دائمةً قائمةً. شَحِبٌ: شاحِبُ اللَّوْن يَميلُ إِلى الاصْفِرار.

12. المُعتَصمِ بالله: إذا لم يكُنْ اسْمَ عَلَمٍ فَيعني المُحْتميَ بالله، واللّاجئَ إليه. المرْتَقبُ: الّذي يَجْعلُ ما يَرْقُبُه بين عَيْنيهِ. كأنّه يَنْظُر إليهِ. مُرْتَغِبٌ: أي أنّه يَرغب فيما يُقرِّبُه إلى الله تعالى.

13. الجَحْفل: الجَيْشُ العَظيمُ. اللّجِبُ: الصَّخبُ، الكثيرُ الأَصْواتِ. الوَغى: الحَرْبُ وأصلُهُ الصوتُ ثم سُمِّيَتِ الحَرْبُ بِهِ.

14. رَمى بِكَ اللهُ بُرْجَيْها: اخْتارَكَ لِتَدُكَّ حصونَها وتَحْتَلَّها.

15. تِسْعون ألفًا (ذكرت بعض الكتب أنّ عدد القتلى من الرّوم كان ثلاثين ألفًا سوى الأسرى): من الرُّوم. آسادُ الشَّرى: أسودٌ مَعروفَةٌ ببأْسِها وشراسَتِها. نَضِجَتْ جلودُهُمْ: حَرْقًا في عَمّورِيَّةَ ويَحْمِلُ التَّعْبيرُ سُخْرِيةً لأَنّ مَعْنى النُّضوجِ يَحْمِلُ وُصولَ النِّهايةِ.

16. بَصُرْتَ: فَهِمْتَ عَرَفْتَ. الرَّاحة الكُبْرى: كِناية عن غَايةِ النَّجاح وعُبورِ المَشقّاتِ أَوْ الأَزماتِ، تُنال: يُحْصَلُ عَليْها. جِسْرٌ من التَّعَبِ: كِناية عن عُبورِ واجتيازِ المَصاعِبِ والمَخاطِرِ.


*72*

17. إنْ كانَ بَيْنَ صُرُوفِ الدَّهْرِ مِن رَحِمٍ مَوْصُولَةٍ أَوْ ذِمَامٍ غيْرِ مُنْقَضِبِ

18. فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا وبَيْنَ أيَّامِ بَدْرٍ أَقْرَبُ النَّسَبِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

17. صُروفُ الدَّهْرِ: أحْداثُهُ الكُبْرى. رَحِم: قرابة، مَوْصولَةٌ: متَّصِلَةٌ، ذِمامٌ: عَهْدٌ. غَيرُ مُنْقَضِبِ: غَيْرُ مُنْقَطِعٍ.

18. أيّامُك اللّاتي نُصِرْتَ بها: المعَارِكُ الّتي خُضْتَ غمارَها وانتصَرْتَ فيها وأبرَزُها فتحُ عمُّورِيَّةً، بَدْرٌ: مَعْركَةُ بَدْرٍ الكُبْرى (رمضان 2 ه 624 م) وهي أَوَّلُ مَعْرَكَةٍ ضِدَّ المُشْركين، والّتي فَتَحَتْ بابَ النَّصْر أَمامَ المسلمين.

إِضاءات على المضمون:

1. تكذيبُ المُنَجِّمينَ وتَمْجيدُ القُوَّةِ.

2. التَّغَنّي بالفَتْحِ.

3. خَرابُ المدينَةِ وحَرْقُها.

4. مَدْحُ المُعْتَصِمِ مُباشَرَةً.

5. ضحايا العَدُوِّ.

6. الْعَودَةُ لمدْحِ المُعْتَصِمِ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

صِراعُ المُسْلِمينَ مَعَ الرّومِ، عَمُّورِيَّةُ، وامُعْتَصِماهُ!، التّنْجيمُ، المُعْتَصِمُ، السِّلاحُ الأَبْيَضُ، التَّذْكيرُ بِمَعْرَكَةِ بَدْرٍ، المُحَسِّناتُ اللَّفْظِيَّةُ، والمَعْنَوِيَّةُ، الأُوكْسِيمُورُون، (الإِرْدافُ الخُلْفِيّ)، الصَّوائِفُ والشَّواتي، التّناصُّ، المُبالَغَةُ، الوَصْفُ، التَّضْمينُ، المُقارَنَةُ، الاسْتِفْهامُ...

أسْئِلَةُ المَضْمون:

1. تَتَضَمَّنُ الأَبْياتُ الثَّلاثَةُ الأُولى مُفاضَلاتٍ. وَضِّحْ:

الفاضِلَ والمَفْضولَ في كُلِّ بَيْتٍ، والسَّبَبَ كَما تَعْرِضُهُ الأَبْياتُ الثَّلاثَةُ المُشارُ إِلَيْها.

2. عَلى أيِّ طالِعٍ اعْتَمَدَ المُنَجِّمونَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَصَلُوا إِلَيْهِ مِنْ قِراءَةِ المُسْتَقْبَلِ؟

3. يَتَغَنَّى البَيْتُ (7) بالنَّصْرِ. وَضِّحِ الأداةَ الَّتي تَعْكِسُ هذا المَعْنى، وما هِيَ الصُّورَةُ الَّتي وَصَفَ بها الشَّاعِرُ الانْتِصارَ؟

4. تُصَوّرُ الأَبْياتُ (8، 9، 10، 11) آثارَ المَعْرَكَةِ الَّتي تَعْكِسُ قُوَّةَ المُسْلِمين. كَيْفَ اسْتَغَلَّ الشَّاعِرُ كُلًّا مِنَ اللَّيْلِ، والضُّحى، والصُّبْحِ، وجَلابيبِ الدُّجى، والشَّمْسِ،


*73*

والنَّارِ، في رَسْمِ صورَةِ نَتيجَةِ المَعْرَكَةِ وهَزيَمةِ العَدُوِّ؟

5. يَنْسِبُ الشَّاعِرُ كُلَّ النَّصْرِ للمُعْتَصِمِ، مُذَكِّرًا بِصِفاتِهِ الَّتي تعكسُ تَقرُّبَهُ مِنَ اللهِ. وَضِّحْ ذلِكَ، وكَيْفَ يُرْجِعُ ذلِكَ إلى المَعْرَكَةِ؟ البَيْتُ (12).

6. البَيْتُ (13) يُذكِّرُ بحَديثٍ شَريفٍ يَقولُ: (نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسافَةَ شَهْرٍ). حَلِّلْ ذلِكَ.

7. يُشيرُ البَيْتُ (14) إلى أنَّ فَتْحَ عَمّورِيَّةَ كانَ إرادَةً مِنْ اللهِ تَتَحَقَّقُ فَقَطْ عَنْ طَريقِ الخَليفَةِ المُعْتَصِمِ. وَضِّحْ ذلِكَ.

8. يَذْكُرُ الشَّاعِرُ في البَيْتِ (15) عَدَدَ قَتْلى الأعْداءِ. كَيْفَ وَصَفَهُمْ؟ ولِماذا عَظَّمَ شَأنَهُمْ؟ وفي نَفْسِ البَيْتِ يَسْتَعِمْلُ التِّينَ والعِنَبَ كَرَمْزٍ لِشَيْءٍ، ما هُوَ؟

9. قالَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (لَنْ تُنالَ الْغُرَرُ إِلّا بِرُكوبِ الغَرَرِ). كَيْفَ يَبْدو تأثُّرُ الشَّاعِرِ بِهذا الحَديثِ الشّريفِ في البَيْتِ (16)؟

10. لِماذا يَرْبِطُ الشَّاعِرُ بَيْنَ مَوْقِعَةِ عَمّورِيَّةَ سنة 223 ه ومَعْرَكَةِ بَدْرٍ سنة 2 ه 624 م؟

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. في البَيْتَيْنِ (1، 2) توجَدُ المُحَسِّناتُ البَلاغِيَّةُ التَّالِيَةُ:

المُفاضَلَةُ، الجِناسُ، الطّباقُ، الإِثْباتُ والنَّفْيُ، التَّرادُفُ. اسْتَخْرِجْها، ووَضِّحْ أثَرَها في تَجويدِ المَضْمون.

2. جاءَ البَيْتُ الرابِعُ بأسْلوبٍ اسْتِفْهامِيٍّ. ما نَوْعُ هذا الاسْتِفْهامِ هُنا وماذا حَقَّقَ؟

3. اسْتَعْمَلَ الشَّاعِرُ في البَيْتَيْن (5، 6) فِعْلَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ بواوِ الجماعَةِ. مَنْ هِيَ هذِهِ الجَماعَةُ المَقْصودَةُ وما هو موقفُهُ منها؟

4. ما هُوَ الأُسْلوبُ الّذي اتَّخذَهُ الشَّاعِرُ للتَّغَنّي بالفَتْحِ شاعِرًا بحَلاوَتِهِ في البَيْتِ (7)؟ فَصِّلْ ذلِكَ، وأعْطِ مُشابَهَةً واقِعِيَّةً مِنَ الحياةِ اليَوْمِيَّةِ.

5. كَيْفَ أَكَّدَ الشَّاعِرُ قَوْلَهُ في البَيْتِ (8)؟

6. صِفِ الصُّورَةَ المُتَناسِقَةَ موسيقِيًّا في البَيْتِ (12)، وهَلِ انْتَهَى مَضْمونُ البَيْتِ في الكَلِمَةِ الأخيرَةِ، وأيُّ كَلمةٍ تستطيعُ إضافَتَها على نَفْسِ الإيْقاعِ؟

7. جاءَ البَيْتُ الثّالِثَ عَشَرَ بأسْلوبِ الشَّرْطِ. وَضِّحْ عناصِرَ الجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ فيهِ واذْكُرْ ماذا حَقَّقَ ذلِكَ في هذا البَيْتِ؟

8. أيْنَ يَقَعُ في البَيْتِ (14) وما هِيَ قيَمَتُهُ المَضْمونِيَّةُ هُنا؟

9. كَيْفَ تَحَقَّقَ أُسْلوبُ المُبالَغَةِ في البَيْتِ (15)؟


*74*

10. في البَيْتَيْنِ (17، 18) ما يُطْلَقُ عَلَيْهِ التَّضْمينُ أو الجَرَيان، وهو انْسِيابُ المَعْنى مِنَ السَّابِقِ إِلى اللَّاحِقِ. اذْكُرْ ما هُوَ المَعْنى السَّابِقُ وما هُوَ اللّاحِقُ؟

11. ما هِيَ الأداةُ التي مَهَّدَتْ لِهذا الجَرَيانِ ولِماذا؟ وما هُوَ الحَرْفُ الّذي يُعْتَبَرُ الواصِلَ بَيْنَ مَضْمونِ السّابِقِ واللّاحِقِ؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. مضامينُ الأبياتِ السّتّةِ الأولى تدورُ حولَ مُطالعةِ المستَقْبلِ بواسِطةِ علمِ الأَبراجِ. بيّن مَوقفَك من هذا الأسلوبِ الذي يتّبعُهُ الكثيرونَ حتّى في عَصْرِنا وبصورٍ أخرى كقراءَةِ الكَفِّ، أَو قراءةِ الفنْجان.

2. يربطُ الشّاعِر مَعْركةَ عمّورِيّةَ بمعْرَكةِ بَدْرٍ بقِيادَةِ الرّسولِ عليهِ السّلام في البيت (18). هَلْ ترى أَنّ هذا الرّبط يزيدُ من قيمةِ القصيدة ولماذا؟

3. هنالك مَنْ يَرى أنّ الأمورَ إذا اشْتَدّتْ فإنّ الحلّ سَيأتي وقالوا: (اِشتدّي أَزَمةُ تنفَرِجي)، وهذا المَعنى نلمَحُهُ في البيت (16) حيثُ يقول: إنّ الرّاحَة لا تُنال إلّا على جسْرٍ من التّعَبِ. بيّن موقفَكَ من هذهِ الفلْسَفةِ ومَثِّلْ لها بأحداثٍ من عَصْرِنا.

مصادر للتَّوسُّع:

1. نُصرتْ عبد الرحمن: شعر الصّراع مع الرّوم في الضوء التّاريخ، عمّان: مكتبة الأقصى، 1977.

2. ديوان أَبي تَمّام: شرح الخطيب التبريزيّ. دار المعارف، د. ت.

3. حسين الحاج حسن: أَعلام في العصر العبّاسيّ. بيروت: المؤسّسة الجامعيّة للدّراسات والنّشر والتّوزيع، 1405 ه 1985.

4. الصُّولي: أَخبار أبي تَمَّام. بيروت: منشورات دار الآفاق الجديدة، ط، 1400 ه (1980 م).


*75*

البُحْتُرِيُّ


*75*

هو أَبو عُبادَةَ الوَليدُ بنُ عُبَيْدٍ، عَرَبِيٌّ صَميمٌ، يَنْتهي نَسَبُهُ مِنْ حيثُ الأَبِ إِلى طَيّئٍ، ومِنْ حيثُ أُمِّهِ إلى شَيْبانَ، وغَلَبَ عليه لَقَبُ البُحْتُريِّ نِسْبَةً إلى عَشيرَتِهِ الطائِيَّةِ (بُحْتُر). وُلِدَ سَنَةَ 204 ه (822 م) بمَنْبِجَ إِلى الشَّمال الشَّرْقيّ مِنْ حَلَبَ.

كانَ قَبيحَ الوَجْهِ، أسْمَرَ، طويلَ اللّحْيَةِ. وكانَ وَسِخَ الثَّوْب، ثَقيلَ الظِّلِّ يَتزاوَرُ (يتمايَلُ) في مَشْيِهِ ذاتَ اليَمينِ وذاتَ الشِّمالِ، وكان قَليلَ الوَفاءِ مُتَقلِّبَ الهَوى يُحِبُّ المالَ حتّى جَمع ثروةً طائِلَةً عَيْنًا وعَقارًا (مالًا وأَملاكًا)، وكانَ شديدَ البُخْلِ.

اعْتَرَفَ مؤرّخو البُحْتُرِيّ بمقْدِرَتِهِ على تَصْويرِ ما يَرى، تصويرًا يَنْقُلُ الصُّورَةَ كامِلَةً، ثمَّ يَصِفُ إحْساسَهُ وشعورَهُ إزاءَ ما يَصِفُ، فهوُ يُشْرِكُ عَيْنَيْهِ وقَلْبَهُ في رَسْمِ ما يُريدُه، وخيرُ نموذَجٍ وصْفيٍّ له:

وصف لقاءِ الذِّئبِ ومنها:

وَلَيْلٍ كَأَنَّ الصُّبْحَ في أُخرَياتِهِ حُشاشَةُ نَصْلٍ ضَمَّ أَفْرِنْدَهُ غِمْدُ

ووصف بركة الخليفة العبّاسيّ المتوكِّل ومنها:

يا مَنْ رَأَى البِرْكَةَ الحَسْناءَ رُؤيَتِها والغانياتُ إذا لاحَتْ مَعانيها

ووصف إيوانِ كِسْرى ومطلَعُها:

صُنْتُ نَفْسي عَمَّا يُدَنِّسُ نَفْسي وَتَرَفَّعْتُ عَنْ جَدا كُلِّ جِبْسِ تنقَّل البحتريّ من بلد لآخر طلبًا للتَّكسُّبِ، من مَنْبِجَ إلى حلبَ، وإلى العراق ثمّ اعتزل أخيرًا في منبج (مسقط رأسه) وتوفّيَ فيها بمرَضِ السَّكْتَةِ سنة 286 ه.


*76*

وَصْفُ إيوانِ


*76*

(الإيوان: بَهْوٌ له سقفٌ وثلاثَةُ جُدران، يَقع بين الغُرَف ويجلس فيه كبار القوم عادة) كِسْرَى (بالمدائن) السِّينِيَّةُ - البُحْتُرِيُّ

المختارُ مِنَ القَصيدَةِ المعروفَةِ بسينِيّةِ البُحْتُريِّ:

1. صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي، وَتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبسِ

2. حَضَرَت رَحلِيَ الهُمومُ فَوَجَّهتُ إِلى أَبيَضَ المَدائِنِ عَنسي

3. أَتَسَلّى عَنِ الحُظوظِ وَآسى لِمَحَلٍّ مِن آلِ ساسانَ، دَرسِ

4. أَذكَرتِنيهُمُ الخُطوبُ التَوالي، وَلَقَد تُذكِرُ الخُطوبُ وَتُنسي

5. وَهُمُ خافِضونَ في ظِلِّ عالٍ، مُشرِفٍ يَحسِرُ العُيونَ وَيُخسي

6. لَو تَراهُ عَلِمتَ أَنَّ اللَيالي جَعَلَت فيهِ مَأتَمًا، بَعدَ عُرسِ

7. وَهوَ يُنبيكَ عَن عَجائِبِ قَومٍ، لا يُشابُ البَيانُ فيهِم بِلَبسِ

8. وَإِذا ما رَأَيتَ صورَةَ أَنطا كِيَّةَ اِرتَعتَ بَينَ (رومٍ) وَ (فُرسِ)

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. صُنْتُ: حَفِظْتُ. يُدَنِّسُ: يُوَسِّخُ. تَرَفَّعْتُ: ابتَعَدْتُ. جَدَا: عَطاءٌ، الجِبْس: الجبَان واللّئيمُ والفاسِقُ والثَّقيلُ الرُّوحِ.

2. حَضَرَتْ: شَهِدَتْ، جَعَلَتْهُ حاضِرًا. الهُمومُ: جَمْعُ هَمٍّ المصيبَةُ والمُشْكِلَةُ وما يُزْعِجُ. رَحْلي: ارْتحالي ممّا يُوضَعُ على البَعيرِ للرَّحيلِ. أبْيضُ المدائِنِ: قَصْرٌ بناهُ الأكاسِرَةُ في المدائِنِ وهي (أي المدائن) قُرْبَ الحدودِ العِراقِيَّةِ، عَنْسي: نَاقَتي.

3. أَتَسلّى: أُحاوِلُ أنْ أَنْسى ما نَالَهُ غَيْري مِنَ الحُظوظِ. آسى: أَحْزَنُ لِما أَصابَ قَصْرَ بني ساسانَ ملوكِ الفُرْسِ الّذين غَدَرَ بهمْ الدَّهْرُ فاتّخذَتْهُمْ أُسوَةً. الدَّرْسُ: الذي عَفا وزالَ أثرُهُ.

4. أَذْكَرَتْنيِهُمُ: جَعَلتْني أَتذكَّرُ. الخُطوبَ: المَصائبُ. التَّوالي: المتواليةُ المتتابِعَةُ.

5. خافِضون: ذَوو عَيشٍ رغيدٍ. في ظِلِّ عالٍ: يَعيشونَ في قَصْرٍ مُرتَفِعٍ، ويُريدُ به قَصْرَ الأَكاسِرَةِ، يَحْسِرُ العُيونَ: يُضْعِفُها إذا نَظَرتْ إليه لتَتَبَيَّن ارْتِفاعَهُ. يُخسي: يَرُدُّ العَيْنَ كليلَةً - ضَعيفَةً.

6. لو تَراهُ: لو قُدِّرَ لَكَ وشاهَدْتَهُ. اللّيالي: كِناية عن تَعاقُبِ اللّيالي وطُولِ الزَّمَنِ، المأَتمُ: مكانُ الحُزْنِ وتَجَمُّعِ المحزونين نَتيجةً لِمُصيبَةٍ. العُرْسُ: كِناية عن حَياةِ الفَرَحِ والهَناءِ.

7. يُنْبيكَ: يَخبرُك. عَجائِبُ: غَرائِبُ، أمورٍ تَبْهَر، أمورٌ مُدْهِشة. يُشابُ: يُخْلَطُ، البَيانُ: المَنطِقُ الواضِحُ. اللَّبْس: الشَّك، عَدَمُ الوُضوحِ.

8. أَنطاكِيَّةُ: مدينَةٌ في شَمالِ سورِيَّةَ في الحَوْضِ الأَدْنى لِنَهرِ العاصي على مَقْرُبةٍ من مَصَبِّه، وهي الآنَ من مُدُنِ تُرْكيّا، ولكنّ القُدماءَ يُسمّونَها أنطيوخْيا، وقعتْ عِنْدَها معركةٌ بين الرّومِ والفُرسِ، وقد صُوِّرَتْ في الإيوان.


*77*

9. وَالمَنَايَا مَواثِلٌ، وَ (أَنوشَر وانَ) يُزجي الصُّفوفَ تَحتَ الدِّرَفْسِ

10. وَعِراكُ الرِجالِ بَينَ يَدَيهِ، في خُفوتٍ مِنهُم وَإِغماضِ جَرسِ

11. مِنْ مُشيحٍ يَهوى بِعامِلِ رُمحٍ، وَمُليحٍ، مِنَ السِنانِ، بِتُرْسِ

12. تَصِفُ العَينُ أَنَّهُم جِدُّ أَحيا ءٍ لَهُم بَينَهُم إِشارَةُ خُرسِ

13. يَغتَلي فيهِمُ ارتِابي، حَتّى تَتَقَرّاهُمُ يَدايَ بِلَمسِ

14. وَكَأَنَّ الإيوانَ مِن عَجَبِ الصَنْعَةِ جَوبٌ في جَنبِ أَرعَنَ جِلسِ

15. لَيسَ يُدرى: أَصُنعُ إِنسٍ لِجِنٍّ سَكَنوهُ أَمْ صُنْعُ جِنٍّ لِإِنسِ؟

16. عُمِّرَت لِلسُرورِ دَهرًا فَصارَت لِلتَعَزّي رِباعُهُم وَالتَأَسّي

شَرْحُ الكَلِماتِ:

9. مواثلٌ: قائماتٌ، حاضِراتٌ تَنْتَظِرُ العَمَلَ وَقْتَ الحَرْبِ. أنوشِروانَ: كِسْرى أنوشِروانَ: المَقْصودُ هنا المَلِكُ خِسْرو الأَوّلُ (531 م - 579 م)، أشْهَرُ ملوكِ الفُرْس كما يَراه العَربُ. يُزجي: يَسوقُ. الدِّرَفْسُ: العَلَمُ الكبيرُ.

10. عِراكٌ: حَرْبٌ، قتالٌ. خُفوتٌ: سُكوتُ الصَّوتِ. الجَرْسُ: الصَّوتُ. إغماضٌ: إخفاءٌ وإبْهامٌ.

11. مُشيحٌ يَهْوي بعامل رُمْحِ: هاجِمٌ بالرّمح على خَصْمِهِ (المشيحُ المُقْبلُ إِليك). العامِلُ: صَدْرُ الرُّمْحِ، المُليحُ: الحذِر الذي يَحْتَمي بالتُّرْسِ من سِنانِ الرُّمْحِ المُوَجَّهِ إليه يُقال ألاحَ مِنْه: أيْ خافَ وحاذر، السِّنانُ: نَصْلُ الرُّمْحِ، التُّرْسِ: صَفْحَةٌ من الفولاذ مُسْتَديرةٌ تُحْمَلُ للوِقَايَةِ من السَّيْفِ وَنَحْوِهِ.

12. تَصِفُ العَينُ: تتخَيَّلُ مِنْ دِقَّةِ الصُّورَةِ. جِدُّ أَحْياءٍ: أَحْياءٍ بحقيقةٍ. لهمْ بَيْنَهُمْ: بَيْنَهُمْ تَفاهُم، إِشارَةُ خُرْس: كَما يُعَبِّرُ الأخْرَسُ عن نَفْسِهِ وأفْكارِهِ.

13. يَغْتلي: يَزيدُ، يَتعاظَمُ. ارْتيابي: شَكّي. تَتَقرَّاهُم: تَتْبَعُهُم. بلَمْسٍ: أَيْ يَلمِسُهُمْ بأَصابِعِهِ.

14. عَجَبُ الصَّنْعَةِ: الصَّنْعَةُ المُتقنةُ. الجَوْب: الخَرْق، الثُّقْبُ في الجبَل. الأرْعَن: الجبَل ذو الرِّعْنِ وهو أَنفٌ يَتَقَدَّمُ الجبَلَ، الجِلْس: الجَبَلُ الضَّخْمُ العالي.

15. صُنْعٌ: عَمَلٌ، إقامةٌ، إنشاءٌ.

16. عُمِّرتْ: شُيِّدَتْ وأُقيمَتْ. دَهْرًا: زَمَنًا طَويلًا. رِباعُهُمْ: دورُهُمْ، التَّعَزِّي، الصَّبْرُ والتَّسلّي. التَّأَسّي: الحُزْنُ والبُكاءُ.

إضاءات على المضمون:

1. عِزَّةٌ وأَنَفةٌ وتماسُكٌ أَمامَ المَصائِب.

2. مُحاوَلَةُ تَخْفيفِ الهُمومِ بِرِحْلَةٍ يَتَذكَّرُ فيها (آلَ ساسانَ).

3. الإيوانُ يَحْكي تاريخَ قَوْمٍ.

4. صورةُ أَنْطاكِيَّةَ.

5. صُورَةُ الإيوانِ.

6. مشاعِرٌ إنسانيّةٌ.


*78*

أجْواءُ النَّصِّ:

الوَصْفُ في الشِّعْرِ، القُصُورُ والرِّياضُ والبِرَكُ، قَوْلُ المُتَنَبِّي: (أَنا وأبو تَمَّامٍ حَكيمانِ وإِنَّما الشَّاعِرُ البُحْتُرِيُّ، الاكْتِئابُ النَّفْسِيُّ والشِّعْرُ، الأثَرُ الحَضارِيُّ مُلْكُ الجَميع، لا عُنْصُرِيَّةَ في الجمالِ، الصُّورَةُ الشِّعْرِيَّةُ (الرَّسْمُ بالكَلِماتِ)، كَثافَةُ حَرْفٍ في النَّصِّ ودَلالَتُهُ، الشِّعْرُ المُؤَرِّخُ.

أسْئِلَةُ المَضْمونِ:

1. يُفيدُ البَيْتُ الأَوَّلُ أنَّ مَضْمونَهُ خاصٌّ بالشَّاعِرِ يُوضِّحُ عَمَلَيْنِ قامَ بِهِما ويُفاخِرُ بِهِما. ما هُما؟

2. يُخْبِرُنا الشَّاعِرُ في الأَبْياتِ (3، 4، 5) أَنَّ حالَتَهُ النَّفْسِيَّةَ، وَوَضْعَهُ الّذي يَكْتَنِفُهُ الضِّيقُ، قَدْ ذَكَّراهُ بأُناسٍ، وقَدْ عَظَّمَهُمْ وعَظَّمَ آثارَهُمْ. وَضِّحْ: كَيْفَ كانَ وَضْعُهُ النَّفْسِيُّ؟ مَنْ هُمْ هؤلاءِ النّاسُ؟ وماذا قالَ عَنْهُمْ؟

3. يَذْكُرُ الشَّاعِرُ في آخِرِ الصَّدْرِ في البَيْتِ (5) شَيْئًا وَصَفَه: ب (عالٍ) وَفَصَّلَ وَصْفَهُ. ما المَقْصودُ بِهِ؟ وماذا قالَ عَنْهُ؟

4. ذكر الشّاعِر في البَيْتِ (6) كلمَتي مأتم وعُرْس. ما عَلاقة هاتين الكلمتين في القَصر؟

5. يَنْسِبُ الشّاعر للقَصْر أنه يُنبئ أي يُخبر في الفعل ينبيك. هاتِ بعضَ الأخبار التي يعكسها القَصر لنا.

6. كَيْفَ وَضَعَ الشَّاعِرُ أَمامَنا صورَةً حَقيقِيَّةً لِرَوْعَةِ وإتْقانِ الإيوانِ؟ البَيْتان (14، 15).

7. يَبْدو أَنَّ البَيْتَ (16) يُلَخِّصُ وضع الإِيوانِ في الماضي، وما آل إلَيْهِ وَصْفُهُ الحالِيُّ. فَسِّرْ ذلِكَ.

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. ماذا يُحَقِّقُ أُسْلوبُ التَّكريرِ (التَّكْرار) في البَيْتِ الأَوَّلِ؟

2. يُسَيْطِرُ عَلى الأَبْياتِ (5-7) الأُسْلوبُ التَّحْليلِيُّ الَّذي يَعْرِضُ الأَمْرَ كامِلًا ثُمَّ يَشْرَحُ جُزَيْئِيَّاتِهِ. وَضِّحْ ذلِكَ بَعْدَ قَوْلِهِ: في (ظِلِّ عالٍ مُشْرِفٍ يَحْسِرُ العُيونَ ويُخْسي) حَتّى آخِرِ البَيْتِ (7).


*79*

3. هَلْ تَرى أنَّ أُسْلوبَ (التَّناصِّ) مُتواجِدٌ في قَوْلِهِ: يَحْسِرُ العُيونَ ويُخْسي؟ ابْحَثْ عَنْ ذلِكَ في أوَّلِ سورَةِ المُلْكِ.

4. يُسَيْطِرُ الأُسْلوبُ الْخَبَرِيُّ عَلى جَميعِ أبْياتِ النَّصِّ. لِماذا؟ وما هِيَ القِيمَةُ المَضْمونِيَّةُ لذِلكَ؟

5. صيغَ البَيْتُ السَّادِسُ بأسْلوبِ الشَّرْطِ. وَضِّحْ أَرْكانَ الجُمْلةِ الشَّرْطِيَّةِ الَّتي وَرَدَتْ فيهِ، ولماذا احْتاجَهُ الشّاعرُ.

6. جاءَتِ الأَبْياتُ (8-13) بأُسْلوبِ التَّحْليلِ. أَيْنَ تَقَعُ القاعِدةُ؟ أي المعنى الإجماليّ وكَيْفَ حَلَّلَها؟ وما هِيَ الأَسْماءُ الَّتي وَرَدَتْ في أثْناءِ التَّحْليلِ؟

7. حَقَّقَ أسْلوبُ التَّشبيهِ في البَيْتِ (14) تَعْظيمَ الفنِّ المِعْمارِيّ للقَصْرِ. اشْرَحْ ذلِكَ.

8. أُسْلوبُ الإِجْمالِ والتَّلْخيصِ حقّقَهُ البَيْتُ الأخيرُ (16). وضِّحْ ذلكَ.

9. اسْتَخْرِجِ الطِّباقِ الوارِدَ في البَيْتِ (4) والبَيْتِ (5) والبَيْتِ (6) وبَيِّنِ الوَظيفَةَ الّتي حَقَّقَها الطِّباقُ.

10. تَرَدَّدَ التَّرادُفُ في الأَبْياتِ: (5، 10، 11، 13) في كَلِماتٍ مَعَيَّنَةٍ. بَيِّنْها واذْكُرْ هَلْ ساهم التَّرادُفُ في فهم المَعْنى؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. ما رأيُكَ في اِنْحِيازِ الشّاعِر لآلِ ساسانَ (الفُرْس)؟

2. يلجأ الكثيرون، شُعراءُ وغيرُهم في تَفسيرِ مآسٍ أوْ مشاكلَ حياتيّةٍ إلى اتّهامِ الزّمنِ، أو الدّهرِ، وهُنا اللّيالي. ما رأيُكَ في ذلك؟ هاتِ تفسيرًا تراهُ لهذه الظّاهرةِ.

3. ما هي القيمةُ الحضاريّةُ والإنسانيّةُ التي تنعكسُ من تعظيمِ شأنِ هذا القصرِ (الجميلِ) كما وصفه البحتريُّ؟ وهو أثرٌ فارسيٌّ وليس عربيًّا.

4. يُحَقِّقُ التَّساؤُلُ في البَيْتِ (15) الإعْجابَ الشَّديدَ بجمالِ وَعَظَمَةِ القَصْرِ. ما رأيُكَ؟

المراجع للتوسّع:

1. أحمد بدويّ: البحتريّ. دار المعارف، 1964.

2. أحمد الفاضل: تاريخ وعصور الأدب العربيّ. دار الفكر اللّبنانيّ، 2003.

3. أَبو هلال العسكريّ: ديوان المعاني. بغداد: مكتبة الأندلس، 1352 ه.


*80*

4. إِيليا الحاوي: فَنّ الوصف وتطوُّره في الشِّعر العربيّ. دار الكتاب اللبنانيّ، دار الكتاب المصريّ، ط 2، 1980.

5. الآمِديّ: الموازنة بين أبي تَمَّامٍ والبُحْتُرِيِّ، تحقيق محمّد محيي الدّين عبد الحميد، 1363 ه (1944 م).

6. عبد الله التّطاوِيّ: القصيدةُ العبّاسيّة - قضايا واتّجاهات. مكتبة غريّب د. ت.

7. ديوان البحتريّ. تحقيق حسن كامل الصَّيرفيّ. دار المعارف بمصر، 1974 م.


*81*

المُتَنَبّي


*81*

أَبو الطَّيِّبِ أحْمَدُ بنُ الحُسَينِ الجُعْفِيّ (مِنْ بني جُعْفِيّ بْنِ مَذْحِج في اليَمَنِ) أَشْهَرُ الشُّعَراءِ المُحْدَثين، وَمُبْدِعُ الشِّعِرِ الحَكيم، والمعانِي الدَّقيقَةِ والمخْتَرَعَةِ، وُلِدَ بالكُوفَةِ ونَشَأَ بِها، وتَأَدَّبَ بفَصاحَةِ أَهْلِ البَدْوِ، وَمَدَحَ الرُّؤَساءَ والوُلاةَ مِنْ أهْلِ الشَّامِ، وخَاصَّةً سَيْفَ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ فَارَقَهُ وذَهَبَ إلى مِصْرَ، فَمدَحَ كافورًا الإخْشيديَّ (نسبة إلى الدّولة الإخشيديّة - دولة مصريّة عُرِفَتْ بهذا الاسم) ثُمَّ هَجاهُ وفرَّ إِلى فارِسَ مَارًّا بالعِراقِ، فَمدَحَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ (أَعْظَمَ مُلوكِ بَني بُوَيْه) (نسبة إلى الدّولة البويهيَّة - دولة قامت في العراق وفارس وغيرهما سنة 320 ه - سنة 447 ه) وَوَزيرَهُ ابنَ العَميدِ، وَرَجَعَ عَنْها بالأمْوالِ الكَثيرَةِ، فَخَرَجَ عَليهِ الأَعْرابُ وقَتَلوهُ بقُرْبِ بَغْدادَ سنة 354 ه (العميديّ: الإبانة عن سرقات المتنبّي، دار المعارف، 1961، ص 5).

ذَكَرَ ابنُ رَشيقٍ القَيرَوانِيُّ أَنَّ المُتَنَبّي فَرَّ من القِتالِ مَع الجماعَةِ الّتي خَرَجَتْ لَهُ في طريقِ عَودَتِهِ، فلمّا رَآهُ غلامُهُ قال: لا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ عَنْك بالفِرارِ أَبَدًا وأَنْتَ القائِلُ:

الخَيْلُ واللَّيْلُ والبَيْداءُ تَعرِفُني والسَّيْفُ والرُّمْحُ والقِرْطَاسُ والقَلَمُ

فَكَرَّ راجِعًا فقُتِلَ وكانَ سَبَبُ ذلك هذا البَيْت (ابن رشيق القيروانيّ: العُمْدة، ج 1، ط 4، 1972، دار الجيل، ص 75).

ادّعاؤُهُ النُّبُوَّةَ:

ذَكَر الشَّيْخُ البَدِيعيُّ هذه القِصَّةَ كاملةً (يوسف البديعيّ: الصبح المُنْبي عن حيثيَّة المتنبّي، دار المعارف، 1963، 52-55) وذَكَرَ أنَّ المُتَنَبّي ادَّعى المُعْجِزاتِ، وكانَتْ مُعْجِزَتُهُ بأَصغَرَ حيلةٍ تَعَلَّمَها مِنْ بعضِ العَرَبِ وهي صَدْحَة المَطَر (صَدْحة: رُقْيَةٌ تزعم العرب أنّها تمنع المطر أنْ يصيب مكانًا، وقد أصاب كلّ ما حوله من الأرض) ورَوى ذلك أَبو عَبدِ الله مَعاذُ بنُ إسْماعيل اللّاذِقِيّ (أحد ممدوحي المتنبّي) وذَكَرَ شَيْئًا من كلامِ المُتنبّي الّذي كانَ يَزْعُم أنّه قُرْآن أُنْزِلَ عليه (البديعيّ: المصدر السّابق، ص 55):

(والنّجمُ السَّيَّارُ، والفَلَكُ الدَّوَّارُ، واللّيلُ والنَّهارُ، إنّ الكَافِر لَفي أَخطارٍ، امْضِ على سُنَنِك، واقفُ مَنْ كان قَبْلَكَ من المُرْسَلين، فإنّ اللهَ قامِعٌ بكَ زيغَ من أَلْحَدَ في الدِّينِ وضَلَّ عَن السَّبيل).


*82*

لم يَقْبلْ مُعظمُ الباحثين قصّةَ ادّعاءِ النُّبُوَّةِ، كما رَفَضها أبو العَلاءِ المعرّيّ في رِسَالة الغُفْران (زكي المحاسنيّ: المتنبّي، دار المعارف، ص 28).

الأدَبُ والحِكْمَةُ (حاول بعض خصومه إرجاع حِكمِهِ إلى مَنابِعَ إغريقيّة، وإلى أَرِسْطو بوجهٍ خاص. اُنظر جورج غريِّب، المتنبّي، دار الثقافة، ص 98، وما بعدها):

الحِكَمُ في شِعْرِ المُتَنَبّي كَثيرَةٌ، وَهي مَنْثورَةٌ في جَميع قَصائِدِهِ، وتَدورُ حِكَمُهُ في الأَكْثَرِ حَوْلَ كُرْهِهِ للنَّاسِ، وَسوءِ الظَّنِّ بِهم، وقلَّةِ المبالاةِ بالدَّهْرِ.

نَماذِجُ من أَمْثالِ وحِكَمِ المُتَنَبّي:

- إنَّ السِّلاحَ جميعُ النّاس تَحْمِلُهُ ولَيْسَ كُلُّ ذَواتِ المِخْلَبِ السَّبُعُ

- بِذا قَضَتِ الأَيّامُ ما بَينَ أَهلِها مَصائِبُ قَومٍ عِندَ قَومٍ فَوائِدُ

- إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ

- إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا

- مَا كلُّ ما يَتَمَنّى المَرْءُ يُدْرِكُهُ تجرِي الّرياحُ بمَا لا تَشتَهي السّفُنُ

- وَمَن يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ يَجِد مُرّاً بِهِ الماءَ الزُلالا

- يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ ما لجُرْحٍ بمَيّتٍ إيلامُ

سًئِلَ أبو الطَّيِّبِ عن البُحْتُريِّ وعَنْ أبي تمّامٍ، وعَنْ نَفْسِهِ فقالَ: أَنا وأَبو تَمّامٍ حكيمان والشّاعِرُ البُحْتُريُّ.


*83*

لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْ دَهْرِهِ ما تَعَوَّدا - المُتَنَبّي


*83*

(قالَها في مَدْحِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ سَنَةَ 342 ه وأَنْشَدَها في مَيْدانِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِحَلَبَ، وهُما - هُوَ وَسَيْفُ الدَّوْلَةِ، على فَرَسَيْهما).

1. لِكُلِّ اِمرِئٍ مِن دَهرِهِ ما تَعَوَّدا وَعادَتُ سَيفِ الدَولَةِ الطَعنُ في العِدا

2. هُوَ البَحرُ غُص فيهِ إِذا كانَ ساكِناً عَلى الدُرِّ وَاِحذَرهُ إِذا كانَ مُزبِدا

3. تَظَلُّ مُلوكُ الأَرضِ خاشِعَةً لَهُ تُفارِقُهُ هَلكى وَتَلقاهُ سُجَّدا

4. وَتُحيِي لَهُ المالَ الصَوارِمُ وَالقَنا وَيَقتُلُ ما يُحيِي التَبَسُّمُ وَالجَدا

5. وَما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا

6. إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا

7. وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلى مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى

8. أَزِل حَسَدَ الحُسّادِ عَنّي بِكَبتِهِم فَأَنتَ الَّذي صَيَّرتَهُم لِيَ حُسَّدا

9. وَما أَنا إِلّا سَمهَرِيٌّ حَمَلتَهُ فَزَيَّنَ مَعروضاً وَراعَ مُسَدَّدا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الدَّهرُ: يَسْتَعْملُها المُتَنَبّي في مَعان عِدّة وهُنا تَعْني الزَّمنَ والحَياةَ. تَعوّدَا: الأَلِف لإشْباعِ الحَرَكَةِ ولإطلاقِ القافِيَةِ. تَعوَّدَ: اعْتاد الشّيءَ: جَعَلَهُ عادَةً لَهُ وطَبْعًا. الطَّعْنُ: الضَّرْبُ بالسَّيْفِ أوْ بالرُّمْحِ.

2. البَحْرُ: هُنا مَجازِيَّةٌ ويَقْصِدُ بِها سَيْفَ الدَّوْلَةِ على سَبيلِ التَّشبيهِ البَليغِ، أيْ هُو كالبَحْرِ. غُصْ: مِنَ الغَوْصِ وهو السِّباحَةُ في قَلْبِ الماءِ. على الدُّرّ: طَلَبًا للجَواهِرِ. مُزْبِدٌ: يَطفو فَوْقَ مِياهِهِ الزَّبَدُ، ولا يتَكَوَّنُ الزَّبَدُ إلّا مِنْ اضْطِراب الماءِ ويَكونُ هذا بِفِعْلِ المَوْجِ الصَّاخِبِ.

3. خاشِعَةٌ: خاضِعَةٌ رَهْبةً وخَوْفًا. تُفارِقُه: تَتْرُكُهُ. هَلْكَى: مَقْتولَةٌ. سُجَّدا: كِناية عن الخُضوعِ وبِذُلٍّ.

4. تُحْيِي لَهُ المالَ: أيْ يَحْصُلُ على المالِ. الصَّوارِمُ: السُّيوفُ. القَنا: الرِّماحُ. التَّبَسُّمُ: كِناية عن الاسْتِجابَةِ والعَطاءِ.

5. قَتَلَ الأَحْرارَ: أَذَلَّهُم واسْتَرَقَّهم. اليَدا: هُنا النّعْمة، المَعْروفُ.

6. أكْرَمْتَ: أحْسَنْتَ إليه، تَمَرَّدَ: عَتَا - تَكَبَّر.

7. النَّدى: الإحْسانُ، الكَرَمُ، المعامَلَةُ الإنْسانِيَّةُ.

8. الكَبْتُ: الصَّرْفُ والإذلالُ.

9. سَمْهَرِيٌّ: رُمْحٌ مَنْسوبٌ إلى سَمْهَر (رَجُل كانَ يُقَوِّمُ الرِّماحَ). مَعْروضًا: مَحْمولًا بالعَرْضِ. زانَك: جَمَّلَكَ. مُسَدَّدٌ: مُصَوَّبٌ، مُوَجَّهٌ للقِتالِ. راعَ: أَخافَ.


*84*

10. وَما الدَّهرُ إِلّا مِن رُواةِ قَصائِدي إِذا قُلتُ شِعْرًا أَصْبَحَ الدَّهرُ مُنْشِداً

11. أَجِزني إِذا أُنشِدتَ شِعراً فَإِنَّما بِشِعري أَتاكَ المادِحونَ مُرَدَّدا

12. وَدَعْ كُلَّ صَوْتٍ غَيْرَ صَوْتي فَإِنَّني أَنَا الطَّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصَّدَى

13. تَرَكْتُ السُّرى خَلْفي لِمَن قَلَّ مالُهُ وَأَنعَلْتُ أَفراسي بِنُعماكَ عَسْجَدَا

14. وَقَيَّدتُ نَفْسي في ذَراكَ مَحَبَّةً وَمَنْ وَجَدَ الإِحسانَ قَيداً تَقَيَّدا

15. إِذا سَأَلَ الإِنْسانُ أَيّامَهُ الغِنى وَكُنتَ عَلى بُعدٍ جَعَلنَكَ مَوعِدَا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

10. القَصائِدُ: (ويروى قلائِدي) جَمْعُ قَصيدةٍ وهي مَجْموعَةُ أَبياتٍ مُتَّفِقَةٍ في الوَزْنِ والقَافِيَةِ ولَها مَضْمونٌ مُتَواصِلٌ على طُولِها.

11. الدَّهْرُ: هنا أَهْلُ الدَّهْرِ، النَّاسُ.

12. أَجِزْني: امْنَحْني الجوائزَ، أَجْزِلْ لي العَطاءَ.

13. السُّرى مَشْيُ اللّيْلِ. العَسْجَدُ: الذَّهَبُ. أَنْعَلْتُ: أَلْبَسْتُ نَعْلًا، أَي حِذاءً للرِّجْلِ.

14. الذَّرَا: جَمْعُ ذِرْوةٌ، ذِرْوةٌ مِنْ كُلّ شَيءٍ أعلاهُ.

15. سأَلَ: طَلَبَ. على بُعْدٍ: بَعيدًا على مَسافَةٍ كَبيرةٍ.

إِضاءات على المضمون:

1. مَدْحٌ وحِكْمَةٌ.

2. حِكَمٌ خَالِصَةٌ.

3. طَلباتٌ مُطَعَّمةٌ بالفَخْرِ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

الحَمْدانِيّونَ، سَيْفُ الدَّوْلَةِ، التَّفاخُرُ بالعَظَمَةِ وبالأَفْضَلِيَّةِ عَلى الغَيْرِ، العَظيمُ وتَعَرُّضُهُ للحَسَدِ، عَناصِرُ المَدْحِ، التَّكَسُّبُ بالشِّعْرِ، عَلاقَةُ المُتَنَبِّي بسَيْفِ الدَّوْلَةِ، المَتانةُ اللُّغَوِيَّةُ وتَنَوُّعُ الأَساليبِ، الحِكْمَةُ في الشِّعْرِ.

أَسْئلةُ المَضْمونِ:

1. يُلاحَظُ أَنَّ عَجُزَ البَيْتِ الأوَّلِ في مَضْمونِهِ يتَّكِئُ عَلى الصَّدْرِ. اشْرَحْ ذلِكَ.

2. يُفيدُ البَيْتُ الثَّاني أنَّ الشَّاعِرَ يُشَجِّعُ عَلى فِعْلِ شَيْءٍ بِشَرْطٍ ويُحَذِّرُ مِنْ فِعْلِ هذا الشَّيْءِ بِشَرْطٍ. فَسِّرْ ذلِكَ واشْرَحْهُ.


*85*

3. كَيْفَ يَصِفُ المُتَنَبِّي عَلاقَةَ المُلوكِ مَعَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، كَما وَرَدَ في البَيْتِ الثَّالِثِ؟

4. وَرَدَ الفِعْلُ تُحْيي في البَيْتِ (4) مَرَّتَيْن: مَرَّةً في الصَّدْرِ وأُخْرى في العَجُزِ: الأَوَّلُ يَدُلُّ عَلى الحياةِ، والثَّاني يُشيرُ إِلى نهاية الحياة. ما الذي يحيا وما الذي يموت وما السبب كلّ حالة؟

5. يَقولُ الشَّاعِرُ في البَيْتِ الخامِسِ إنَّ العَفْوَ يَقْتُلُ الأَحْرارَ. ماذا يَعْني بذلِكَ؟

6. ما هِيَ نَتيجَةُ الفِعْلِ (أَكْرَمْتَ) في صَدْرِ البَيْتِ السَّادِسِ، ونَتيجَتُهُ في عَجُزَ البَيْتِ نَفْسِهِ؟

7. يُكَرِّرُ الشَّاعِرُ الْكَلِمَتَيْن: السَّيْفَ وَالنَّدى. ما هِيَ دَلالَةُ السَّيْفِ الَّتي قَصَدَها؟ وَما هِيَ دَلالَةُ النَّدى؟ البَيْتُ (7).

8. يُوَجِّهُ الشَّاعِرُ لِلْمَمْدوحِ تُهْمَةً أوْ عِتابًا لِأَنَّهُ أوْ قَعَ بِهِ ضَرَرًا مُعَيَّنًا. ما هِيَ التُّهْمَةُ؟ وَما هُوَ الضَّرَرُ الَّذي لَحِقَ بِهِ؟ البَيْتُ (8).

9. يُشَبِّهُ الشَّاعِرُ نَفْسَهُ بِسِلاحٍ لَهُ فائِدَتانِ: أيَّ سِلاحٍ يَقْصِدُ؟ وَما هُما الفائِدتانِ اللّتانِ يَحْصُلُ عَلَيْهِما الْمَمْدوحُ؟ البَيْتُ (9).

10. يَحْمِلُ الْبَيْتُ الْعاشِرُ فَخْرًا كَبيرًا إِلى حَدِّ الْمُبالَغَةِ بِقُوَّةِ وَعَظَمَةِ أشْعارِهِ. بِماذا افْتَخَرَ وَما هِيَ المُبالَغَةُ في أَقْوالِهِ؟

11. يَدَّعِي الشّاعرُ في البَيْتِ (11) بِأنَّ الْمَمْدوحَ يَسْتَفيدُ إذا أَجازَ الْمُتَنَبّي. ما هِيَ هذِهِ الْفائِدَةُ؟

12. يُفيدُ الْبَيْتُ (12) أَنَّ الشَّاعِرَ يَعْتَبِرُ نَفْسَهُ الأَصْلَ، وَغَيْرَهُ مِنَ الشُّعَراءِ مُقَلِّدين. اشْرَحْ قَوْلَهُ.

13. ما هِيَ نَتائِجُ النِّعْمَةِ الَّتي وَهَبَها لَهُ الْمَمْدوحُ، كَما وَرَدَ ذلِكَ في الْبَيْتِ (13)؟

14. ذَكَرَ في الْبَيْتِ الرَّابِعَ عَشَرَ الْفِعْلَ قَيَّدَ، وَالْفِعْلَ تَقَيَّدَ والاسْمَ قَيْد، وهِيَ ذاتُ دَلالَةٍ سَيِّئَةٍ ولكنَّهُ يُجَمِّلُها. وَضِّحْ ذلِكَ.

15. اشْرَحٍ الْبَيْتَ (15)، وَوَضِّحْ وَجْهَ الْمُقارَنَةِ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ. راجع البَيْتَيْنِ (11، 12).

أَسْئِلَةُ الأُسْلوبِ (راجع المُصطلحاتِ البلاغِيَّةَ التي وَرَتْ في الأسئلةِ في بابِ (التّعريفات)، في آخر الكتاب):

1. الْبَيْتُ الْأَوَّلُ مًصَرَّعٌ، لِماذا؟ وَما فائِدَةُ التَّصْريعِ في الشِّعْرِ؟

2. اسْتَخْرِجِ الطِّباقِ مِنَ الْبَيْتِ الثّاني، وَاذْكُرْ قيمَتَهُ في تَأْدِيَةِ الْمَعْنى.

3. وَرَدَ أُسْلوبُ التَّشْخيصِ في الْبَيْتِ الرَّابِعِ. اشْرَحْهُ.

4. ما الْفَرْقُ في الْوَظيفَةِ بَيْنَ الأحْرارِ في صَدْرِ الْبَيْتِ (5) والْحُرِّ في عَجُزِهِ؟

يً5. بَيِّنِ التَّصْديرَ في الْبَيْتِ السَّادِسِ وَما هِيَ وَظيفَتُهُ؟

6. ما هُوَ الدَّوْرُ الَّذي قامَ بِهِ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخيرُ في الْكَلِماتِ في الْبَيْتِ السَّابِعِ؟

7. يَبْدَأُ الْبَيْتُ (8) بِطَلَبٍ يَبْدُو أَنَّهُ نَتِيجَةُ فِعْلٍ، هَلْ تَعْتَبرُ ذلِكَ أُسْلوبًا شَرْطِيًّا؟ حاوِلْ


*86*

أَنْ تَبْنِيَ صَدْرَ الْبَيْتِ بِاسْتِعْمالِ أداةٍ للشَّرْطِ.

8. ما قيمَةُ أسْلوب الْقَصْرِ في الْبَيْتِ (9)؟

9. بُنِيَ التَّرْكيبُ اللُّغَوِيُّ في البَيْتِ (10) بأُسْلوبِ القَصْرِ، ثُمَّ التَّفْسيرِ. وَضِّحِ الْمَقْصورَ وَالْمَقْصورَ عَلَيْهِ وَالتَّفْسيرَ.

10. ما هُوَ الطَّلَبُ في الْبَيْتِ (11) وَما هِيَ نَتيجَتُهُ؟

11. ما هُوَ تَفْسيرُ الطَّلَبِ في الْبَيْتِ (12)؟

12. اسْتَخْرِجْ ما تراهُ مِنَ الأَلْفاظِ وَرَدَ بِأُسْلوبِ الْمَجازِ.

13. أَيْنَ توجد الْحِكْمَةِ في النَّصِّ؟ وَاذْكُرْ إِذا كانَتِ الْحِكْمَةُ ضِمْنَ الْبَيْتِ أوْ ضِمْنَ شَطْرٍ مِنْهُ.

14. تَمْتازُ أشْعارُ الْمُتَنَبّي بِشَكْلٍ عامَ بِقاموسِ القُوَّةِ، أَيْ مُفْرَداتِهِ الَّتي يَسْتَعْمِلُها تَغْلِبُ عَليها الْأَلْفاظُ الْقَوِيَّةُ بِحُروفِها مِنْ حُروفِ (قَطَبْ جَدّ). هَلْ تلْمَحُ هذا الأُسْلوبَ هُنا؟

15. يَتَردَّدُ التَّشْبيهُ الْبَليغُ في أكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ. اسْتَخْرِجْ اثْنَيْنِ وَبَيِّنْ الْمُشَبَّهَ والْمُشَبَّهَ بِهِ.

16. استخرج من النّصّ تشبيهَيْن بدون أداة التشبيه وَبيّن أثرهُما في إثراء النّصّ. اُنظر البَيْتَيْنِ (2، 12).

17. اشْرَحِ الْكِنَايَةَ في قَوْلِهِ: سَاكِنًا وَمُزْبِدًا.

18. اشْرَحِ الْاسْتِعارَةَ في مَكانَيْنِ في بَيْتِ (4).

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. يشيرُ البيت الأوّل إلى سيطرَةِ العادَةِ وضَبْطِها تصرفاتِ النّاس. هَلْ تؤيّدُ هذهِ الفَلْسَفةَ؟ بَيِّنْ رأْيكَ.

2. يعتبرُ المتنبّي أنّ المَمدوحَ يَقتلُ أموالَه التي جمعَها بواسطةِ السِّلاحِ (بالصّوارِمِ والقَنا) بالتّبسُّمِ والجدا، أيْ بالعطاءِ والكَرَم. هَلْ توافقُهُ على هذا الرَّأْيِ؟ ولماذا؟

3. يقول في البيتِ الخامِس إِنَّ الأحْرارَ يقتلُهُم العَفوُ. هلْ يُمكنُ أنْ نخالفَ الشّاعِرَ ونقولُ بأنَ الأَحرارَ سيحميهم العَفْوُ عنْهُم؟ ما رأيك؟

4. أين تَقعُ على القِيَم السّلوكيّةِ في الصّفاتِ التّاليةِ: الكبرياءِ، الاعتدادِ بالنّفْس، قُلْ كلمتَكَ وامْشِ، إهمالِ الحاسدين.


*87*

بِمَ التَّعَلُّلُ؟ - المُتَنَبّي


*87*

بَلَغَ أَبا الطَّيِّبِ (المُتَنَبِّي) أَنَّ قَوْمًا نَعَوْهُ في مَجْلِسِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بِحَلَبَ وهوَ بِمصْرَ عِندَ كافورٍ الإخْشيدِيِّ.

الأَبياتُ المختارَةُ:

1. بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ

2. أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ

3. لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ ما دامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ

4. فَما يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ

5. مِمّا أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ هَوُوا وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا

6. يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ

7. كَم قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ ثُمَّ اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ

8. قَد كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قَولِهِمِ جَماعَةٌ ثُمَّ ماتوا قَبلَ مَن دَفَنوا

9. ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. بِمَ: بماذا (حروف الجَرّ إذا دَخَلت على الاستفهاميّة حُذِفَتْ أَلِفُها، مثل: بِمَ ولِمَ وفيمَ وعَمَّ ونحو ذلك). التَّعَلُّلُ التَّلَهّي التَّسَلِّي. الوَطَنُ: ما يَتَوَطَّنُهُ الإِنْسانُ من مَسْكَنٍ. النَّديمُ: الصَّاحِبُ، وأَكْثَرُ ما يَكونُ في الخَمْرِ. السَّكَن: الصَّاحِبُ وكلّ ما سَكَنْتَ إلَيْهِ وارْتَحْتَ مَعَه. والسَّكْن (بسكون الكاف): أهلُ الدَّار. الكَأْسُ: الوِعاءُ تُصَبُّ فيه الخَمْرَةُ للشّارِب.

2. ذا: المَقْصودُ هذا. يُبَلِّغُني: يُوصِلُني. يُعْطِيني.

3. مُكْتَرِثٌ: مُبالٍ مُهْتَمٍّ. يَصْحَبُ: يُرافِقُ.

4. السُّرورُ: الفَرَحُ. الفائِتُ: الّذي مَرَّ وغَابَ.

5. أَهْلُ العِشْقِ: الّذين أَحَبُّوا الدُّنْيا وعَشِقوها. هَوَوْا: أَحَبّوا. فَطِنوا: انْتَبَهوا، عَرَفُوا.

6. نُعيتُ: نُقِلَ خَبَرُ وَفاتِي. مُرْتَهَنٌ: مُقَيَّدٌ. مَحْصورٌ، مُرْتَبِطٌ.

7. انْتَفَضْتُ: تَحَرَّكْتُ حَرَكةً نَشِطَةً، وَقَفْتُ بِسُرْعَةٍ.

8. شاهَدَ: حَضَرَ، راقَبَ.

9. تَشْتَهي: تُريد، تَرْضَى.


*88*

10. رَأَيتُكُم لا يَصونُ العِرضَ جارُكُمُ وَلا يَدِرُّ عَلى مَرعاكُمُ اللَبَنُ

11. جَزاءُ كُلِّ قَريبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ وَحَظُّ كُلِّ مُحِبٍّ مِنكُمُ ضَغَنُ

12. وَتَغضَبونَ عَلى مَن نالَ رِفدَكُمُ حَتّى يُعاقِبَهُ التَنغيصُ وَالمِنَنُ

13. إِنّي أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي كَرَمٌ وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ

14. وَلا أُقيمُ عَلى مالٍ أَذِلُّ بِهِ وَلا أَلَذُّ بِما عِرضي بِهِ دَرِنُ

15. وَإِن بُليتُ بِوُدٍّ مِثلِ وُدِّكُمُ فَإِنَّني بِفِراقٍ مِثلِهِ قَمِنُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

10. العِرْض: الشَّرَف وهُنا أَرادَ النَّفْسَ. دَرَّ اللَّبَن: أَعْطى بغَزَارةٍ وبِكَثْرَةٍ.

11. المَلَلُ: المقصودُ هنا: عدم إعْطاءِ القَدْرِ أو القِيمَةِ ورُبَّما البُغْضُ. الضَّغَنُ: الحِقْدُ.

12. نالَ: حَصَلَ على. رِفْدُكم: عَطاؤُكُم. المِنَن: جَمْع مِنَّة وهي التَّفاخُرُ بالعَمَلِ والعَطاءِ. التَّنْغيصُ: تَعكِيرُ الجَوّ.

13. أُصاحِبُ: أُرافِقُ. الجُبُن: النَّذالَةُ والخِسَّةُ.

14. لا أُقيمُ على مالٍ: أيْ لا آخُذُهُ وأَحْصُلُ عليه. أُذَلُّ: يُحَطُّ مِنْ قَدْري. عِرْضي: شَرَفي. الدَّرِن: الوَسِخ.

15. الوُدّ: الأُلْفَة، المَحَبَّة. قَمِنٌ: خَليقٌ وجَديرٌ.

إِضاءات على المضمون:

1. الشَّكْوى والتَّظَلُّمُ مِنْ سوءِ الحَالِ.

2. آمالُهُ في الحَياةِ.

3. وصَايا وَعِظاتٌ.

4. تَعْليقُهُ على الخَبَرِ الكاذِبِ (نَعْيُهُ إلى سَيْفِ الدَّوْلَةِ).

5. حِكْمَةٌ عامَّةٌ – يَتَمَنَّى الإنْسانُ ولا تَتَحَقَّقُ أَمانيهِ كما يُريدُ.

6. التّعَرُّضُ بالنَّقْدِ الشَّديدِ لِسَيْفِ الدَّوْلَةِ.

7. فَخْرُهُ بنَفْسِهِ.


*89*

أَجْواءُ النَّصِّ:

شَكْوى الْمُتَنَبّي، كَثْرةُ حُسَّادِهِ، حِكَمُ المُتَنبِّي، عِتابُ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، رَفْضُ الْمُتَنَبِّي الْخُنوعَ وَترَفُّعُهُ فَوْقَ الذُّلِّ، أَبْياتٌ ذاتُ سَيْرورَةٍ عَلى أَلْسِنَةِ النَّاسِ، بَلاغَةُ الْمُتَنَبِّي وَتَنَوُّعُ أساليبِهِ.

أَسْئلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يَذْكُرُ الشَّاعِرُ في الْبَيْتِ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ أُمورٍ تُحَقِّقُ لِلْإنْسانِ التَّنَعُّمَ وَالتَّلهِّيَ في الْحَياةِ. اْذْكُرْها وَاذْكُرْ ماذا يُحَقِّقُ كُلٌّ مِنْها؟

2. يَبْدَأُ الْبَيْتُ الثَّاني بالْفِعْلِ أُريدُ، وهُوَ يُمَثِّلُ حالَ الشَّاعِرِ. ماذا يُريدُ؟ وَمِمَّنْ يَطْلُبُ؟

3. يُقَدِّمُ الشَّاعِرُ لِلنَّاسٍ نَصيحَةً يُرْشِدُهُمْ فيها إِلى أُسْلوبِ التَّعامُلِ مَعَ الزَّمَنِ، ما دامَ فيهِمْ قُلوبٌ تَنْبِضُ. ما هِيَ هذِهِ النَّصيحَةُ؟ الْبَيْتِ (3).

4. ما هُوَ الضَّرَرُ الَّذي لَحِقَ - حَسَبَ رَأْيِهِ - بِأَهْلِ الْعِشْقِ ولِماذا؟ الْبَيْتِ (5).

5. يَذْكُرُ في الْأَبْياتِ (6، 7، 8) أفْعالًا تَنْقُلُ خَبَرَ وَفاتِهِ: نُعيتُ، قُتِلْتُ، مُتُّ، دَفْنِي. الْمَطْلوبُ تَعْريفُ: مَنِ الَّذي نَقَلَ خَبَرَ الْوَفاةِ الَّذي مَثَلَتْهُ هذِهِ الْأَفْعالُ؟ ما سَبَبُ ذلِك؟ وَكَيْفَ نَفْهمُ أَنَّ هذا الْخَبَرَ نُقِلَ كَثيرًا؟

6. يَعْرِضُ الشَّاعِرُ في الْبَيْتِ (9) حِكْمَةً، وَيُحاوِلُ إِثباتَ صِحَّةِ ما يدَّعي بِهِ. ما هِيَ الْحِكْمَةُ؟ وما هُوَ إِثْباتُهُ الَّذي أَوْرَدَهُ؟

7. يَذْكُرُ في الْأَبْياتِ (10، 11، 12) الْجارَ، وَالْقَريبَ، وَمَنْ نَالَ الْعَطاءَ مِنَ الْمَمْدوحِ، وذَكَرَ أنَّ هؤُلاءِ قَدْ نالَهُمُ الضَّرَرُ مِنْهُ. اشْرَحْ ذلِكَ مُعْتَمِدًا عَلى الْأَبْياتِ الْمَذْكورَةِ.

8. يُلَخِّصُ مَوْقِفَهُ وَاعْتِدادَهُ بِنَفْسِهِ في الْبَيْتَيْنِ (13، 14)، وَيُؤَكِّدُ مَوْقِفَهَ الَّذي يُريدُهُ شَرَفًا لَهُ في حِلْمِهِ، وَفي مَكْسَبِهِ، وَفي عِرْضِهِ. ماذا قالَ عَنْ هذِهِ الْأُمورِ الثَّلاثَةِ؟

15. يُفْهَمُ مِنَ الْبَيْتِ (15) أنَّ قَرارًا قَدْ حُسِمَ لَدى الشَّاعِرِ. ما هُوَ هذا الْقَرارُ؟

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. جاءَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ بِأُسْلوبِ ما يُطْلَقُ عَلَيْهِ في مُحَسِّناتِ الشِّعْرِ ب (التَّقْسيم)، كيف يَظْهَرُ ذلِكَ في الْبَيْتِ؟

2. لِماذا اسْتَعْمَلَ (بِمَ) وَلَمْ يقُلْ بِما أَو بِماذا (اسْتَعِنْ بِدَرْسِ الْقَواعِد)؟

3. ابْحَثْ عَنْ أَدَواتِ النَّفْيِ في الْأَبْياتِ (1، 2، 4، 9، 10، 13، 14)، وَبَيّنْ لِماذا – حَسَبَ مَضْمونِ النَّصِّ وَمُناسَبَتِهِ – جاءَ النَّفْيُ بِهذِهِ الْكَثافَةِ؟

4. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ ما وَرَدَ مِنْ تَصْديرٍ، أو ما يُسَمّى رَدَّ الأعجازِ على الصُّدورِ


*90*

وَابْحَثْ عَنْهُ في الْأَبْياتِ (2، 8، 13)، وَبَيِّنْ قيَمَتَهُ الْمَضْمونِيَّةَ أوِ الْجَمالِيَّةَ.

5. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ جُمَلًا ذاتَ بُنْيَةِ ازْدِواجٍ، وَوَضِّحْ شَطْرَي الْمُزاوَجَةِ.

6. اسْتُعْمِلَ أُسْلوبُ النِّداءِ في الْبَيْتِ السَّادِسِ. ما هِي أداتُهُ؟ وَما هُوَ غَرَضُهُ؟

7. اسْتخْرِجْ مِنَ النَّصِّ ثَلاثَ اسْتِعاراتٍ وَاشْرَحْها. وبيّن الغرض من استعمالها.

8. وَرَدَتْ عِدَّةُ كَلِماتٍ عَلى سَبيلِ الْمَجازِ. هاتِ (3-5) مِنْها وَوَضِّحِ الْحَقِيقَةَ فيها، وَالدَّلالَةَ الْمَجازِيَّةَ.

9. أَشِرْ إلى بَعْضِ التَّعابيرِ الَّتي جاءَتْ بِأسْلوبٍ إِنْشائِيٍّ، وَأُخْرى الَّتي جاءَتْ بِأُسْلوبٍ خَبَرِيٍّ. ووضح غرض التعابير ووظيفتها في النّصّ.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. مضمونُ البيْتِ الأَوّلِ يُبيّن حالَ الشاعِر وكأنّهُ وَصَل حُدودَ اليأْسِ. هلْ تؤيّدُ وضعًا كهذا وَهَلْ تقتَرِحُ بعضَ الأَساليبِ للخُروجِ من الأَزماتِ؟

2. يدعو الشّاعرُ في البيتِ الثالثِ إِلى عدمِ الاكتراثِ بالزّمن (دهرك) طالما أنّك حيٌّ تُرزقُ. ما رأيُكَ في هذه الفَلْسفةِ؟ اِشْرَحْ.

3. يُستفادُ من البَيْتِ التّاسِعِ أنَّ للحظِّ دورًا أساسيًّا في تقريرِ مصيرِ الإنسانِ. هَلْ تؤمِنُ بأنّ مصيرَ الإنسانِ يُقرّرهُ الحظُّ؟ وَضِّحْ أقوالك.

4. من القِيمِ المُستَفادَةِ من النّصِّ:

الطّموحُ إِلى المزيدِ البَيْت (2)،

الابتِعادُ عن الشّرِّ البيت (15). ما رأيك في ذلك؟ هل تبقى لتقاوِمَ الشّرّ أمْ أنّك تتركُهُ وترحَلُ وتربحُ نفسك؟ وضّح اجابَتك.

مراجع للتَّوَسُّع:

1. يوسف البديعيّ: الصّبح المُنْبي عن حيثيّة المتنبّي، دار المعارف، 1963.

2. زكي المحاسنيّ: المتنبّي، دار المعارف، د. ت.

3. ديوان المتنبّي: شرح العُكبريّ، بيروت: دار المعرفة، 1317 ه (1978 م).

4. منير سلطان: الصّورة الفنّيّة في شِعْر المتنبّي، دار المعارف بالإسكندريّة، 2002.

5. محمّد الخبّاز: صورة الآخَر في شِعْر المتنبّي، بيروت: المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر، 2009.

6. أحمد مبارك الخطيب: الانزياح الشِّعريّ عند المتنبّي، قراءة في التّراث النّقديّ عند العرب، سورية: دار الحوار، 2009.


*91*

الغَزَلُ في العَصْرِ العَبَّاسِيّ


*91*

يَبْدَأ العَصْرُ العَبَّاسِيُّ بِسُقوطِ الدَّوْلَةِ الأُمَوِيَّةِ في الشَّامِ سنة 132ه (749 م) وَيَنْتَهي بِوُقوعِ بَغْدادَ في قَبْضَةِ التّتارِ سَنةِ 650 ه (1258 م).

وإِذا كانَتْ دَوْلَةُ بني أُميَّةَ عَرَبِيَّةً أَعْرابِيَّةً، فإنَّ الدَّوْلَةَ العَبَّاسِيَّةَ، اسْتَبْحَرَتْ في الحَضارِةِ، وَعَقَدَتْ فيها مَظاهِرَ البَذْخِ والتَّرَفِ. ونَتَجِ عن احْتِكَاكِ العَرَبِ بغَيْرِهمْ من الأجْناسِ والشُّعوبِ الكثيرُ مِنَ التَّغْييرِ في أَنماطِ الحياةِ الاجْتماعِيَّةِ، وفي أسليبِ المأْكَلِ والمَلْبَسِ، وآدابِ السُّلوك وأدَّت عمليّاتُ الزَّواجِ بِغَيْرِ العَرَبِيَّاتِ إِلى نُشوءِ جيلٍ مُوَلَّدٍ جَديدٍ، يَضُمُّ عَدَدًا كَبيرًا مِنَ الأُدَباءِ الّذين ثارُوا على أَساليبِ الأَدَبِ القَديمةِ مُنْذُ الجاهِلِيَّةِ، ودَعَوا إِلى نَهْجِ طُرُقِ التَّجديدِ في المَضْمونِ والأُسْلوبِ، وعلى رأْسِهِم أبو نُواسٍ، وَبَشّارٌ بْنُ بُرْدٍ، وابنُ الرُّميّ، والبُحْتُرِيُّ، وأَبو تَمَّامِ.

وأدّت كَثْرةُ الجَواري في بُيوتِ الخُلَفاءِ والأُمَراءِ ومَراتِعِ اللّهوِ إلى حالَةٍ من الفَسادِ الخُلُقِيّ، زادَ خَطَرُها نُشوءُ طَبَقَةٍ من الغِلْمانِ كانَ بَعْضُهُم يفوقُ النِّساءَ في أَسليبِ الغِوايَةِ والإفْسادِ. وَعَرفَ الشِّعْرُ في هذا العَصْرِ فُنونًا لَمْ يأْلَفْها الشِّعْرُ العَرَبِيُّ مِنْ قَبلُ، كالغَزَلِ بالمُذَكَّر والتَّوسُّعِ والتَّفَنُّنِ في مَوْضوعِ الخَمْرَةِ وَوَصْفِها، والمَيْلِ إِلى الأَوْصافِ الحضَرِيَّةِ، والعُزوفِ عن العَصَبِيَّة والبَداوَةِ، وزالَتْ من كثيرٍ منه آثارُ التَّقليدِ والاحْترام للأقْدَمين، وَحَلَّ مكانَها النُّفورُ مِنْ أَشكالِ حَياتِهم وأَغْراضِهم، واخْتَفى التَّسَتُّرُ والكِنايَةُ، وَظَهر فيهِ التَّصْريحُ وقِلَّةُ الاكْتِراثِ، واستُخْدِمَتْ فيه الأَوْزانُ القَصيرة (1) (يعني بالأوزان القصيرة البحور المجزوءة أو التّفاعيل القليلة، تفعيلتَيْن في كلّ سَطْر)، ونُظِمَتِ المُقَطَّعاتُ.

ازْدَهَرَ الغَزَلُ في هذا العَصْر، وظلَّتْ اتِّجاهاتُهُ الإباحِيَّةُ والعَفيفَةُ، الّتي سادَتْ في العَصْرِ الأُمَوِيِّ، تَحْتَلُّ القِسْمَ الأَكْبَرَ مِنْ نِتاجِ شُعرائِهِ.


*92*

الرّومِيّات


*92*

(انظر: حنّا الفاخوريّ وجورج معتوق، المشوّق في الأدب العربيّ، منشورات المكتة البولسيّة، ج 5، 1966، 397 وما بعدها).

الرّومِيّاتُ هِيَ القصائِدُ الّتي نَظَمَها أبو فِراسٍ في أَسْرِهِ بِبِلادِ الرُّوم، وأَرْسَلَها إِلى ابْنِ عضمِّهِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ، أَوْ إِلى وَالِدَتِهِ الكَئيبَةِ أَوْ إِلى أَصْدِقائِهِ، وَهي كَيَوْميَّاتٍ سَجَّل فيها الشَّاعِرُ الأَسيرُ ما يَجْري لَهُ مِنْ حَوادِثَ مُزْعِجَةٍ ومُناظَراتٍ كَلامِيَّةٍ مَعَ بَعْضِ الرُّومِ، وما يَعيشُ فيه من أَحوالِ الأسْرِ القَاسِيَةِ وما يَشْعُرُ فيهِ من الأَسى على فَقيدٍ ونَسيب مُصاب، أوْ مِنْ نَخْوةِ الفَخْر والبُطولَةِ وما يَحِنُّ إِلَيْهِ، في شَكْوى لَطيفَةٍ أوْ شديدَةٍ، ومُقابَلَةٍ بَيْنَ ذُلِّ الأَسيرِ ونَعيمِ الأَيّامِ السَّالِفةِ، أيّام الحُرِيَّةِ والرَّغَدِ والفُروسِيَّةِ.

ونَحنُ نُشيرُ إلى أَنَّ قَصيدَتَهُ: (أَراكَ عَصِيَّ الدَّمْعِ)، والّتي طُلِب مِنْها مُخْتاراتٌ من أَبْياتِها، هي واحِدةٌ من رُوميّاتِ أبي فِراسٍ.

أَبُو فِراسٍ الْحَمْدانِيُّ

(320 ه - 357 ه يساوي 932 م - 968)

الْحارِثُ بنُ سَعيدِ بنِ حَمْدانَ التَّغْلِبِيُّ، يُكْنى أبا فِراس الحَمْدانِيَّ، أَميرٌ، شاعِرٌ، فارِسُ، وَهُوَ ابنُ عَمّ سَيْفِ الدَّوْلةِ. كانَ الصَّاحِبُ بنُ عَبَّاد يَقولُ: بُدِئَ الشِّعْرُ بِمَلكٍ وَخُتِمَ بَمَلِكٍ - يَعْنِي امْرَأَ الْقَيْسِ وَأبا فِراس - وَلَهُ وَقائِعُ كَثيرةٌ، قاتَلَ بِها بَيْنَ يَدَيْ سَيْفِ الدَّوْلَةِ ضِدَّ الرّومِ، وَكانَ سَيْفُ الدَّوْلَةِ (ابنُ عَمِّهِ) يُحِبُّهُ وَيُجِلُّهُ وَيَسْتَصْحِبُهُ في غَزَواتِهِ وَيُقَدِّمُهُ عَلى سائِرِ الشّامِ، وَجُرِحَ في مَعْرَكَةٍ مَعَ الرّومِ فَأَسَرُوهُ سَنَةَ 351 ه، وَقالَ الشِّعْرَ في الْأَسْرِ في بِلادِ الرُّومِ، وَأُطْلِقَ عَلى أشْعارِهِ الَّتي قالَها في الْأسْرِ: (الرّومِيّات) وَبقِيَ في الْقُسْطَنْطينِيَّةِ أَعْوامًا، ثُمَ فَداهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ بِأَمْوالِ عَظيمَةٍ، وَسارَ لِيَمْتَلِكَ حَلَبَ فقُتِلَ في الطَّريقِ، قَتَلَهُ أَحَدُ أتْباعِ سَعْدِ الدَّوْلَةِ بنِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ لأَنَّهُ كانَ بَيْنَهُما تَنافُسٌ عَلى الْحُكْمِ.

لَهُ ديوانٌ مَطْبوعٌ.


*93*

أَراكَ عَصِيَّ الدَّمْع - أَبو فِراس الحَمْدانِيُّ


*93*

(الأَبْياتُ المطلوبَةُ)

1. أَراكَ عَصِيَّ الدَّمْعِ شِيمَتُكَ الصَّبْرُ، أمَا لِلْهَوَى نَهْيٌ عَلَيْكَ وَلا أَمْرُ؟

2. بَلَى أنَا مُشْتَاقٌ وَعِنْدِيَ لَوْعَةٌ، وَلَكِنَّ مِثْلِي لا يُذَاعُ لَهُ سِرُّ

3. إذَا اللَّيْلُ أَضْوَانِي بَسَطْتُ يَدَ الهَوَى وَأذْلَلْتُ دَمْعًا مِنْ خَلائِقِهِ الْكِبْرُ

4. مُعَلِّلَتِي بالْوَصْلِ وَالمَوْتُ دُونَهُ، إذَا مِتُّ ظَمْآنًا فَلا نَزَلَ الْقَطْرُ

5. وَفَيْتُ، وفي بَعْضِ الوَفاءِ مَذَلَّةٌ، لِآنِسَةٍ في الحَيِّ شيمَتُها الْغَدْرُ

6. تُسئِلُنِي: مَنْ أنْتَ؟ وَهِيَ عَليمَةٌ، وَهَلْ بِفَتًى مِثْلي عَلى حالِهِ نُكْرُ؟

7. فقُلْتُ كَما شاءَتْ وَشاءَ لَها الْهَوَى: قَتيلُكِ! قالَتْ: أَيُّهُمْ؟ فَهُمُ نُكْرُ

8. فَقُلْتُ لَها: لَوْ شِئْتِ لَمْ تَتَعَنَّتي، وَلَمْ تَسْأَلي عَنّي وَعِنْدَكِ بي خُبْرُ

9. فَقالَتْ: لَقَدْ َأزْري بِكَ الدَّهْرُ بَعْدَنا، فَقُلْتُ: مَعاذَ اللهِ بَلْ أَنْتِ لا الدَّهْرُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. عَصِيٌّ: مُمْتَنِعٌ لا تَذْرِفُه العَيْن. شيمَتُك: طَبْعُكَ، صِفَتُكَ.

2. لَوْعةٌ: شِدّةُ الحُبِّ والوَجْدِ. بَلى: حَرْفُ جَوابٍ ويَكُون للتَّصديقِ كما هُنا فإنّه لتَصْدِيقِ جُمْلَةِ أراكَ عَصِيَّ الدّمع.

3. أَضْواني: طَواني وأَهْزَلَني. خَلائِقُهُ: صِفَاتُهُ. الكِبْرُ: الأَنَفةُ وعِزّةُ النَّفْسِ.

4. مُعَلِّلَتي: مُمَنِّيَتي بالأَمانيّ. الوَصْل: اللِّقاءُ.

5. مَذَّةٌ: إهَانةٌ. الحيُّ: الحارَةُ، مَكانُ السَّكَن. شيمَتُها: طَبْعُها وصِفَتُها، الْغَدْر: عَكْسُ الوَفاءِ والمُفاجَأةُ بِعَمَل مُؤْذٍ وسَيِّءٍ لِقاءَ الإحْسانِ.

6. تُسائِلُ: تَطْلُبُ إجابةً، نُكْرُ: غيرُ مَعروفٍ مجْهولٌ، ذِكْرهُ خامِلٌ.

8. تَتَعَنَّتي: تَطْلُبين أَمْرًا فيه مَشَقَّةٌ.

9. أَزْرى بِهِ: حَطَّ من قَدْرِهِ، حَقَّرَهُ.


*94*

10. أُسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى، ولا فَرَسي مُهْرٌ ولا رَبُّهُ غَمْرُ

11. ولكنْ إذا حُمَّ القَضاءُ على امْرِئٍ فَلَيْسَ لَهُ بَرٌّ يَقيهِ ولا بَحْرُ

12. وقالَ أُصَيْحابي: الفِرارَ أَوِ الرَّدى؟ فَقُلْتُ: هُما أَمْرانِ أحْلاهُما مُرُّ

13. ولكنّني أَمْضي لِما لا يَعيبُني، وَحَسْبُكَ مِنْ أَمْرَينِ خَيْرُهُما الْأَسْرُ

14. يَقولونَ لي: بِعْتَ السَّلامَةَ بالرَّدى، فقُلْتُ: أمَا واللهِ، ما نالَني ُسْرُ

15. سَيَذْكُرُني قَوْمي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ وفي اللَّيْلَةِ الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ

16. ونَحْنُ أُناسٌ لا تَوَسُّطَ عِنْدَنا، لَنا الصَّدْرُ دونَ العالَمينَ أوِ القَبْرُ

17. تَهونُ عَلَيْنا في الْمَعالي نُفوسُنا وَمَنْ خَطَبَ الْحَسْناءَ لَمْ يُغْلِها الْمَهْرُ

شَرْحُ الكَلمِاتِ:

10. عُزْل: جَمْع أَعْزَلُ مَنْ لا يَحْمِلُ سِلاحًا. لا فَرَسي مُهْرٌ: كِناية عن أنّه بالِغٌ صاحِبُ تَجرِبَةٍ شُجاعَةٍ في الإقْدامِ وخَوْضِ المَعارِكِ. غَمْرٌ: رَجُلٌ جاهِلٌ، لم يُجرِّبِ الأُمورَ.

11. حُمَّ القَضاءُ: وَقَع القَدَرُ بالشَرِّ، حَلَّ الأَجَلُ. ليسَ له يَقيهِ ولا بَحْرُ: كِناية عن حَتْمِيَّةِ المَوْتِ أو الأَسْرِ.

12. أَصَيْحابٌ: تَصغيرُ أَصْحابٍ وَتعْني هُنا القِلَّةَ في العَدَدِ أَيْ عِدةُ أَصْحابٍ. الرَّدى: المضوْتُ. أَحلاهُما مُرٌّ: أيْ أنّ الخَيارَ بينها لا يَتَحَقَّقُ لأنَّ الواحدَ أَصْعبُ من الآخَرِ.

13. أَمْضِي: أعْمَلُ، أَسيرُ: أُقدِمُ. ما لا يَعيبُني: ما لا يُشْعِرُني بالعضيْبِ والنَّقْصِ ويَعني بِهِ الأَسْرَ، حَسْبُكَ: يَكْفيكَ.

14. بِعْتَ السَّلامَة بالرّدى: اخْتَرْتَ السَّلامَةَ على الهَلاك.

15. جَدَّ جِدُّهم: أَصْحَبوا في غَايَةِ الخُطورَةِ وفِي أَمَسِّ الحَاجَةِ.

17. المَعالي: الأُمورُ الرَّفيعَةُ. نُفوسُنا: أَرْواحَنا. لم يُغْلِها: لَمْ يَجْعلْها غَالِيةَ الثَّمَنِ.

إضاءات على المضمون:

1. ذِكْرُ إبائِهِ وعَذابِهِ الدَّاخِليِّ.

2. حِوارُهُ مَعَ حَبيبَتِهِ.

3. تَفاخُرُه وتَبْريرُهُ لأَسْرِهِ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

بُدِئَ الشّعْرُ بمَلِكٍ وخُتِمَ بمَلِكٍ، الحَمْدانيون والحَربُ مع الرّوم. حروبُ أبي فراس الرّوميّات. بَلاطِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ. الحَرَكَةُ الَأدّبِيَّةُ والشِّعْرِيَّةُ في بَلاطِ سَيْفِ الدَّولَةِ الحَمْدانيّ.


*95*

أَسْئِلَةُ الْمَضْمُونِ:

1. ما هُوَ الشَّيْءُ المُسْتَغْرَبُ الّذي دَعَا إِلى الاسْتفهامِ؟ (البيت 1).

2. يَتَضَمَّنُ الْبَيْتُ الثَّاني جَوابًا مُوجَبًا عَن سُؤَالِهِ في الْبَيْتِ الْأَوَّلِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلى الْإِيجابِ، وَهُوَ بَلى. لشماذا لَمْ يَقُلْ نَعَمْ؟ وَما هُوَ اسْتِدْراكُهُ عَلى هذا الْجَوابِ؟

3. يَذْكُرُ في الْبَيْتِ (3) اللَّيْلَ وَيَدَ الهَوَى، وَدَمْعًا. ما هوَ دَوْرُ هذِهِ الْكَلِماتِ في تَأْدِيَةِ مَضْمونِ الْبَيْتِ؟

4. نَفْهَمُ مِنَ الْبَيْتِ (4) أَنَّ الشَّعِرَ يَمْتازُ بِأَنانِيَّتِهِ (حُبُّ نَفْسِهِ). كيف نستدل على ذلك؟

5. وَرَدَتْ في الْبَيْتِ الْخامِسِ كَلِمَتانِ مُتَضادَّتانِ: إحداهما ذات مدلول إيجابيّ وَالثَّانِيَةُ ذات مدلل سلبيّ. مَنْ صاحِبُ الْأُولى وَمَنْ صاحِبُ الثَّانِيَةِ؟ وَلِماذا نَسَبَ كُلَّ واحِدَةٍ لِمَنْ أَرادَ؟

6. يُفيدُ الْبَيْتُ (6) تَفاخُرَ الشّاعِرِ بِعَلَمِيَّتِهِ (أَيْ َأنَّهُ مَعْروفٌ لِلْجَميعِ). ما سَبَبُ تَفاخُرِهِ هذا؟

7. تَبْدَأُ الْأَبْياتُ (7، 8، 9) بِأْفعالِ الْقَوْلِ الدَّالَّةِ عَلى الْحِوارِ، ما هِيَ؟ مَنِ الْمُتَحاوِرانِ؟ وَما هُوَ مَوْضوعُ الْمُحاوَرَةِ؟

8. يَشْرَحُ في الْبَيْتِ (10) مَوْضوعَ وُقوعِهِ في الْأَسْرِ، وَيَنْفي ثَلاثَة أشْياءَ يُمْكِنُ أنْ تَكونَ سَبَبَ وُقوعِهِ في الْأَسْرِ، ما هِيَ؟

9. في الْبَيْتِ (11) يَرُدُّ سَبَبَ وُقوعِهِ في الْأَسْرِ، إِلى أَمْرٍ لَيْسَ بِيَدِهِ، ما هُوَ؟

10. يَدورُ ِوارٌ بَيْنَه وَبَيْنَ أَصْحابِهِ قَبْلَ وُقوعِهِ في الْأسْرِ. ما هُوَ مَوْضوعُ الْحِوارِ؟ وَبَيِّنْ لِماذا لمْ يَقْبلْ رَأْيَ أَصْحابِهِ؟

11. بَعْدَ أنْ رَفَضَ مُلاحَظاتِ أَصْحابهِ بِالنّسْبةِ لِقَرارِهِ بِالاسْتِسْلامِ وَالأْسْرِ، يُحاوِلُ تَبْريرَ لِقَررِهِ. ماذا قالَ بِهذا الْخُصوصِ؟ الْبَيْتِ (13).

12. يَتَضَمَّنُ الْبَيْتُ (15) تَشْبيهًا ضِمْنِيًّا هَدَفُهُ الْفَخْرُ. اِشْرَحْ: الْمُشَبَّهَ، الْمُشَبَّهَ بِهِ، وَهَلْ يوجَدُ وَجْهُ شَبَهٍ أَوْ مُقارَنَةٌ ما بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَنْتَرَةَ بنِ شَدّادٍ في هذا المَجالِ؟

13. يَبْدَأُ الْبَيْتُ (16) بِالضَّميرِ نَحْنُ. ما غَرَضُ وُجودِ هذا الضَّميرِ هُنا؟ وَما عَلاقَتُهُ بِسياقِ الْمَضْمونِ في هذا الْبَيْتِ؟

14. خَتَمَ الْبَيْتَ (17) بِقَوْلِهِ: (وَمَنْ خَطَبَ الْحَسْناءَ لَمْ يُغْلِها الْمَهْرُ). ماذا أَرَادَ أنْ يُثْبِتَ بِواسِطَةِ هذِهِ الحِكْمَةِ؟


*96*

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. بُنِيَتْ مَضَامينُ الْأَبْياتِ (3،2،1) عَلى أَساليبِ الاسْتِفْهامِ، وَالْجَوابِ، وَالشَّرْحِ، وَالتَّفْسيرِ. وَضِّحْ ذلِكَ.

2. يُمْكِنُ اَنْ نَصِفَ الْأُسْلوبَ الَّذي نَقَلَ مَضْمونَ الْبَيْتِ (6) بِأُسْلوبِ تَجاهُلِ الْعارِفِ. كضيْفَ عَبَّرَ الشّعِرُ عضنْ ذلِكَ؟

3. أَيْنَ يَقَعُ الشَّرْطُ في النَّصِّ؟ اسْتَخْرِجْهُ وَبَيِّنْ أَرْكانَ الشَّرْطِ الثَّلاثَةَ: الْأَداةَ، الشَّرْطَ، الْجَوابَ، وَبَيّنْ دَوْرَ الشرطِ في سياقِ المعنى.

4. اِسْتِدْرَكَ الشَّاعِرُ في مَواقِفَ مُعَيَّنَةٍ في النَّصِّ. اِبْحَثْ عَنْ هذِهِ الْمَواقِعِ. وَبَيِّنْ كضيْفَ ساهَمَ الاسْتِدْراكُ في تَوْضِيح الْمَعْنى؟

5. اِسْتَخْرِجْ ثَلاثَةَ مَواضِعَ جاءَتْ بِصيغَةِ النَّفْي، وَاشْرَحْ ما هُوَ الْمَنْفِيُّ؟

6. ظَهَرَ أُسْلوبُ التَّجْريدِ في الْبَيْتِ الْأَوَّلِ. مَنِ الْمُجَرَّدُ؟ وما هُوَ دَوْرُهُ؟

7. تَنَوَّعَتِ الضَّمائِرُ في الْأَبْياتِ. اِسْتَخْرِجْ ما جاءَ لِلْمُخاطَبِ، وَلِلْغائِبِ، وَلِلْمُتَحَدِّثِينَ، وَاذْكُرْ أَدْوارَ هذِهِ الضَّمائِرِ في النَّصِّ.

8. أيُّ بَيْتٍ جاءَ مُصَرَّعًا؟ اذْكُرْ قيمَةَ التّصْريعِ في الشِّعْرِ وَوَظيفَتَهُ.

9. وَرَدَ في الْأَبْياتِ نَحْوض سَبْعِ اسْتِعاراتٍ. اسْتَخْرِجْ أَرْبَعًا مِنْها وَاشْرَحْها مُبَيِّنًا الْمُشَبَّهَ والْمُشَبَّهَ بِهِ.

10. تَشْتَمِلُ الْأَبْياتِ (9،8،6) عَلى أُسْلوبِ الرَّدِّ الْغَليظِ أَوِ الْخَشِنِ. أَشِرْ إِلى التَّعابيرِ الَّتي تَظْهَرُ فيها الْخُشونَةُ.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. يقولُ الشّاعر في عجُز البَيْتِ الرّابِعِ: (إذا مِتُّ ظمآنًا فلا نزَلَ القَطْرُ)، ويقولُ أبو العَلاءِ المعرّيّ: (فلا هَطَلَتْ عَلَيَّ ولا بأرْضي سحائبُ ليسَ تنتظمُ البِلادا). أيّهما تؤيّد وتَقْبل موقفَه، ولماذا؟

2. يتّضِحُ من البيتِ (139 أنَّه فَضَّل أَنْ يَقَعَ أَسيرًا على الفرارِ. ما رأْيُكَ في هذا القَرارِ؟

3. يوضّحُ الشّاعرُ فلسفَتَهُ في الحياةِ مُنْعكسةً من مواقِفِ قومِهِ وملخّصُها: إمّا أنْ يكونوا قادةً أسيادًا في صَدارَةِ النَّاسِ أوْ في القَبْرِ. ما رأْيُكَ ف هذا الموقف؟

4. تعْكِسُ الأبياتُ قِيَمًا سُلوكِيّةً مِنْها:

التماسُكُ الرُّجوليُّ في الحَوادِث، التفكيرُ وَقْتَ حدوثِ الأَزَماتِ، واختيارُ الحَلِّ الأَكثرِ


*97*

سَلامًا. عَيّنْ موضعًا واحدًا لكُلّ منهما وهل ترى أن قراره كان صائبًا. علل إجابتك.

مراجع للتوسع:

1. نُصرتْ عبد الرحمن: شِعْر الصّراع معَ الرّوم في ضوء التّاريخ. عمّان: مكتبة الأَقصى، 1977.

2. جورج غريّب: العصر العبّاسيّ، دار الثّقافة، ط 3، 1978.

3. شوقي ضيف: تاريخ الأدب العربيّ، العصر العبّاسيَ الأوّل، دار المعارف بمصر، ط 1966.

4. إبراهيم السامرائيّ: أَبو فراس الحمدانيّ. عمّان: دار الفكر للنّشر والتّوزيع،1983.


*98*

الشَّريفُ الرَّضِيُّ


*98*

هو أبو الحَسَنِ مُحَمَّدُ بنُ الحُسين بنِ موسى الكاظِمِ من نَسْل الحُسينِ بنِ عليٍّ بنِ أبي طالبٍ. وقد كان أبوه نَقيبًا للطَّالِبيِّين (رئيسًا دينيًّا للعلَويِّين).

وُلِد الشّريفُ الرَّضِيُّ في بَغْدادَ 359 ه (970 م) ونَشَأَ فيها وبَرَعَ في عُلومِ الفِقْهِ والأَدبِ، وقالَ الشِّعرَ وعُمْرُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً. وِي سنة 388 ه (998 م) اعْتَزَلَ أبوه نقابةَ الطالِبيِّين، فَخَلفَهُ هو فيها نائِبًا عَنْهُ. وفي ذي القَعْدة 401 ه (1011 م) مَنَحَهُ الأَميرُ البُوَيْهيّ بهاءُ الدَّولةِ لَقَبَ الشَّريفِ. ثُمَّ عُيِّن نَقيبًا أَصيلًا يومَ الجُمُعةِ في 16 من المحَرَّم 401 ه (1012 م)، وبَعدئذٍ ضُمَّتْ إليه الأَعمالُ الّتي كان يَقومُ بها أَبوه وهي النَّظرُ في المظالِمِ، والحَجُّ بالنَّاسِ.

كانَ الشَّريفُ الرَّضيُّ أَبِيًّا عاليَ الهِمَّةِ طَموحًا إلى المعَالي، لم يَقْبَلْ صِلَةً (هَديَّةً) من أحدِ ولا جَائزَةً. وقد رَدَّ جميعَ الصِّلات الّتي كانت جَاريةً على أَبيهِ من قَبْلِهِ، فخافَهُ الخَليفةُ المُقْتَدِرُ 295ه (320 م) فاتَّهَمَهُ بالمَيْل إلى العَلويِّيْن والفاطِميِّيْن، فَصَرَفَهُ (عَزَلَهُ) عن المَظالِم والحَجِّ.

تُوفِّيَ الشَّريفُ الرَّضيُّ في السَّادس من المُحَرَّمِ (406 ه) 4/6/1016 م، ودُفِنَ في بَيْتِهِ في مَحَلَّةِ الأَنبارِيِّين إِحْدى ضَواحِي الكَرْخ (الكَاظميّة اليوم).


*99*

مِنْ لَواحِقِ حِجازِيَّات الشَّريفِ الرَّضِيِّ

يا ظَبْيَةَ البانِ

1. يا ظَبْيَةَ البانِ تَرْعى في خَمائِلِهِ لِيَهْنَكِ الْيَوْمَ أَنَّ الْقَلْبَ مَرْعاكِ

2. الماءُ عِنْدَكِ مَبْذولٌ لِشارِبِهِ وَلَيْسَ يَرْويكِ إِلّا مَدْمَعي الْباكي

3. هَبَّتْ لَنا مِنْ رِياحِ الْغَوْرِ رائِحَةٌ بَعْدَ الرُّقادِ عَرَفْناها بِرَيَّاكِ

4. ثُمّ انْثَنَيْنا إِذا ما هَزَّنا طَرَبٌ عَلى الرِّحالِ تَعَلَّلْنا بِذِكْراكِ

5. وَعْدٌ لِعَيْنَيْكِ عِنْدي ما وَفَيْتِ بِهِ يا قُرْبَ ما كَذَبَتْ عَيْنَيَّ عَيْناكِ

6. حَكَتْ لِحاظُكِ ما في الرِّيمِ مِنْ مُلَحٍ يَوْمَ اللِّقاءِ فَكانَ الْفَضْلُ لِلْحاكي

7. أَنْتِ النَّعيمُ لِقَلْبي وَالْعَذابُ لَهُ فَما َأمَرَّكِ في قَلبي وَأَحْلاكِ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الظَّبْيةُ: من مَعانيها أُنثى الغَزال، مُذَكَّرُها الظَّبْيُ. البانُ: شَجَرٌ من أَشْجارِ البَادِيَةِ تُشَبَّهُ بَأغصانِها قاماتُ المِلاح في الاعْتدالِ واللّينِ. الخَمائِلُ: ج خَميلةٍ، وهي الَأشْجارُ الملْتَفَّةُ الأَغصانِ، النَّاعِمَةً الَأوْراقِ. لِيَهْنَكِ: لِيُهَنِّئَكِ، هَنيئًا لكِ. مَرْعاكِ: المَرْعى مَكانُ رَعْي الحَيواناتِ آكِلَةِ العُشْبِ.

3. الغَوْر: البلادُ المُنْخَفِضَةُ عن نَجْدٍ والحِجازِ، وهي المُسَمّاةُ تُهامَةُ على سَاحِل البَحْرِ الَأحْمَرِ. رائحةٌ: المقصودُ رياحٌ مُمْسيةٌ. الرَّيَّا: الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ. الرُّقادُ: النَّوْمُ، والمَقصودُ في ساعاتِ المَساء.

4. اِنْثَنَيْنا: تَحَوَّلنا، رَجَعْنا. تَعَلَّلنا: تمتَّعْنا. الرِّحالُ: جَمْعُ رَحْلٍ وهو ما يُوضَعُ على ظَهْر النَّاقَةِ للرّكُوبِ. هَزَّنا: أَثارَنا، أَثَّرَ فِينا وَطَرِبْنا لَهُ.

5. وَعْدٌ لِعَيْنَيْكِ: شَبَّهَ عَيْنَي المحبُوبَةِ بإنسانٍ يَعِدُ ولا يَفي بِالوَعْدِ. يا قُرْبَ: ما أَقْرَبَ.

6. حَكَتْ: شابَهَتْ. لِحاظُكِ: عُيونُكِ. الرِّيمُ: الغزالُ الأَبْيَضُ. مُلَحٌ: جَمْع مُلْحَة، الأَشياءُ المليحةُ العَذْبَةُ، الجَميلَةُ.

7. ما أَمَرَّكِ: ما أَشَدَّ مَرارَتَكِ.


*100*

8. عِنْدي رَسائِلُ شَوْقٍ لَسْتُ أَذْكُرُها لَوْلا الرَّقيبُ لَقَدْ بَلَّغْتُها فاكِ

9. هامَتْ بِكِ الْعَيْنُ لَمْ تَتْبَعْ سِواكِ هَوًى مَنْ عَلَّمَ الْبَيْنَ أَنَّ الْقَلْبَ يَهْواكِ

10. يا حَبَذَّا وَقْفَةٌ مَرَّتْ بفيكِ لَنا وَنُطْفَةٌ غُمِسَتْ فيها ثَناياكِ

11. وَحَبَّذا وَقْفَةٌ وَالرَّكْبُ مُغْتَفِلٌ عَلى ثَرًى وَخَدَتْ فيهِ مَطاياكِ

12. لَوْ كانَتِ اللِّمَّةُ السَّوْداءُ مِنْ عُدَدي يَوْمَ الْغَميمِ لَما أَفْلَتِّ أَشْراكي

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. الرَّقيبُ: المُراقِيُ، كناية عن الحَاسِد والكَاشِحِ. بَلَّغْتُها فاكِ: أَوْصَلْتُها إِلى فَمِكِ لِتَنْطِقي بها أوْ لتَحْسَبيها قُبُلاتٍ حارَّةً.

9. هامَتْ: اشتَدَّ حُبُّها حتّى صارَتِ الهُيامَ، وهو مَرَضُ العَطَشِ وَعَدَمِ الارْتِواءِ رَغْمِ الشُّرْبِ. البَيْنُ: البُعْدُ، الفِراقُ.

10. يا حَبّذا: ما أَجْملَ وما أَحْلى. نَفْحَةٌ: هَبَّةُ ريحٍ. النُطْفَةُ: القَطْرَةُ من الماءِ، القَليلُ من الماءِ. الثّنايا: الأَسْنانُ الأَرْبعُ في مُقَدّمةِ الفَم. اثْنتان من أَعلى واثْنتان من أَسْفلٍ، مُفْردُها: ثَنيَّةٌ.

11. وَقْفَة: مُكوث، وُقوفٌ. ثَرى: تُراب. وَخَدَتْ: مَرَّت بِقَوائِمها وَمَشَتْ مُسْرِعةً.

12. اللِّمَّةُ: شَعْرُ الرأْسِ إذا كانَ فَوْقَ الوَفْرَةِ، يُجوِز شَحْمَةَ الأُذُنِ. مِنْ الأَشْياءِ الّتي أَمْلِكُها وهي مُتَوَفِّرَةٌ لَدَيَّ. يومَ الغَميمِ: الغَميمُ من أيّام العرب.

إِضاءات على المضمون:

1. نداءُ الحَبيبَةِ وَتَشْبيهُها بالظَّبْيَةِ.

2. رائِحَتُها العَطِرَةُ وذِكْراها.

3. عِتابُهُ وإِصْرارُهُ عَلى حُبِّها.

4. أَشْواقُ المُحبِّ وَمَواجيدُهُ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

شِعْرُ الْغَزَلِ، الْغَزَلُ الْعَفيفُ، تَشْبيهُ الْمَرْأَةِ بالظَّبْيَةِ أَوْ بِالغَزالِ أَوْ بِالمَها، الرَّياحُ ناقِلَةٌ َأوْ رَسولٌ بَيْنَ الْعاشِقِ وَالمَعْشوقَةِ، عَناصِرُ الطَّبيعَةِ هِيَ صَدى الحُبِّ تَرى وتَسْمَعُ، الْعِتابُ بَيْنَ العُشّاقِ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يُفيدُنا الْبَيْتُ الْأَوَّلُ أَنَّ الشَّاعِرَ يُهَنِّئُ الظَّبْيَةَ. ما هِيَ الْحالَةُ الَّتي اسْتَدْعَتْ هذِهِ التَّهْنِئَةَ؟

2. يُسَيْطِرُ الْماءُ عَلى مَضْمونِ البَيْتِ الثَّاني. اشْرَحْ عَلاقَةَ ذلِكَ بِمَوضْوعِ الحُبِّ وَالْغَزَلِ.

3. يُنَبِّئ الْبَيْتُ الثَّالِثُ أَنَّ رائِحَةَ الْحَبيبَةِ قَدْ وَصَلَتْ إِلى الْعاشِقِ. وَضِّحْ كَيْفَ حَصَلَ ذلِكَ؟

4. كَيْفَ أَثَّرَتْ ذِكْرى الْمَحْبوبَةِ عَلى الْعاشِقِ؟ الْبَيْتِ (4).

5. ما هُوَ الْوَعْدُ الّذي ذَكَرَهُ في الْبَيْتِ الْخامِسِ؟ وَمَنْ كانَ الْمَوعُودُ؟

6. مَوْضوعُ الْبَيْتِ (6) لِحاظُ المَعْشوقَةِ. ماذا قالَ عَنْ هذِهِ اللِّحاظِ؟

7. يَسْتَثْمِرُ الشّاعِر في البَيْتِ (7) حاسَّةَ الذَّوْقِ. كيف يظهرُ ذلِكَ؟

8. ما هو أثر الرّقيب على الشّاعر؟ الْبّيْتِ (8).

9. ما هو دور العين والقلب المذكورين في الْبَيْتِ التّاسع؟

10. في الْبَيْتِ (10) يَمْدَحُ شَيْئَيْنِ في ظَرْفٍ مُعَيَّنٍ بواسطة فعل المدح يا حبّذا. وَضِّحْ ما هُما الشَّيْئانِ؟ وَمَتى يَحِقُّ لَهُما الْمَدْحُ؟

11. يَمْدَحُ في الْبَيْتِ (11) وَقْفَةَ الْحَبيبَةِ في حالٍ وَفي مَكانٍ. وَضِّحْ أَيَّ حَالٍ وَأَيَّ مَكانٍ.

12. نَفْهَمُ مِنَ الْبَيْتِ الْأَخيرِ (12) أَنَّهُ الآنَ في مَرْحَلَةِ ما بَعْدَ الشَّبابِ. كَيْفَ عَرَفْنل ذلِكَ؟ وَما أَثَرُ ذلِكَ عَلى حُبِّهِ الآنَ؟

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. جاءَ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ بِأُسْلوبِ النِّداءِ. ما غَرَضُ النِّداءِ هُنا؟

2. يَظَهَرُ النَّفْيُ في عَجُزِ الْبَيْتِ (2) (لَيْسَ)؟ ما هِيَ عَلاقَةُ عَجُزِ الْبَيْتِ بِصَدْرِهِ؟

3. لِماذا انْتَقَلَ مِنَ الضَّميرِ الْمُفْرَدِ الْمُتَكَلِّمِ في كَلِمَةِ (مَدْمَعي) في البَيْتِ (2) إِلى ضَميرِ


*101*

الجَمْعِ (لَنا) في الْبَيْتِ (3)؟ وَكَذلِكَ انْثَنَيْنَا في البَيْتِ (4)، ما هُوَ غَرَضُ هذا الْأسْلوبِ الَّذي يُطْلَقُ عَلَيْهِ أُسْلوبُ (الْالْتِفاتِ)؟ ما هو هذا الأسلوب وما غرضُه؟

4. الْبَيْتُ السَّادِسُ يُفْهَمُ كَتَشْبيهٍ. بَيِّنْ ما هُوَ الْمُشَبَّهُ؟ وَما هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ؟ وَماذا سَدَّ عَنْ أَداةِ التَّشْبيهِ؟

5. يَتَضَمَّنُ صَدْرُ الْبَيْتِ 07) طِباقَيْنِ، وَكذلِكَ عَجُزُهُ يَشْتَمِلُ عَلى طِباقَينِ. بَيِّنْهُما في الصَّدْرِ وَالْعَجُزِ، واذْكُرْ قيمَتَهُما وَوَظيفَتَهُما في النَّصِّ.

6. في الْبَيْتِ الثَّامِنِ تَقْديمُ الْخَبَرِ عَلى الْمُبْتَدَأِ. ما سَبَبُ ذلِكَ؟ وَكَذلِكَ يَتَضَمَّنُ عَجُزُ البَيْتِ شَرْطًا. وَضِّحْ أَداتَهُ، وَالشَّرْطَ، وَالْجَوابَ.

7. ما عَلاقَةُ (البَيْنِ) في عَجُزِ الْبَيْتِ (9) بِالهُيامِ الَّذي ذَكَرهُ الشَّاعِرُ في أَوَّلِ البَيْتِ؟

8. جاءَ الْبَيْتانِ (10، 11) بِأُسْلوبِ الْمَدْحِ. بَيِّنْ مَنْ خُصَّ بِالمَدْحِ في الْبَيْتَيْنِ وَما سَبَبُ الْمَدْحِ؟

9. ما هُوَ الشَّرْطُ وَما هُوَ الْجَوابُ، وما هَيَ أَداةُ الشَّرْطِ في الْبَيْتِ (12)؟ وَوَضِّحْ وظيفةَ الشّرْطِ هُنا.

أَسْئِلَةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. أيّ بيْتٍ في القصيدة تراهُ أجمل بيْتٍ بما يُسمّى: (بيتُ القَصيد) ولماذا حَسَبَ رأيك؟

2. لأيّ نوْعٍ من الشّعرِ يمكنُ تصنيفُ هذهِ الأبياتِ؟ هَلْ إِلى الشّعر العُذْرِيّ أَم إِلى الشّعر الإِباحِيّ؟ اُذْكر الشّواهدَ التي تُثْبتُ صِحّة رأْيِكَ.

3. كيفَ تتحقّقُ قيمةُ الإخلاصِ والوَفاءِ برأَيِكَ؟ علِّلْ إجابتك بأدلَّةٍ من النّصّ.

مراجع للتّوسّع:

1. ديوان الشَّريف الرَّضيِ: شرح وضبط، محمود مصطفى حلاوي. بيروت: دار الأرقم بن الأرقم، لبنان، ط1، 1419ه-1999م.

2. عمر فَرّوخ: تاريخ الأَدب العربيّ. بيروت: دار العلم للملايين، ط3، 1981.

3. عبد اللطّيف شرارة: الشّريف الرّضيَ. بيروت: الشّركة العالميّة للكتاب، 1993.

4. إحسان عَبَّاس: الشّريف الرَّضِيّ. بيروت: دار صادر للطّباعة والنّشر، 1959.


*103*

البابُ الرَابِعُ: الشِّعْرُ الأَنْدَلُسِيُّ


*103*

1. الشِّعْرُ الأَنْدَلُسِيُّ - مُقَدِّمةٌ

2. ابنُ زَيْدون - أَضْحى التَّنائي

3. ابنُ زُرَيْقٍ - لا تَعْذِليهِ


*104*

الشِّعْرُ الْعَرَبِيُّ في الْأَنْدَلُس


*104*

بَعْدَ الْفَتْحِ الْعَرَبِيِّ لِبِلادِ الْأَنْدَلُسِ، ما يُسَمّى الْيَوْمَ إِسْبانْيا وَالبُرْتُغال، وَالَّذي تَّمَّ عَقِبَ حَمْلَةِ طارِقِ بنِ زِيادٍ في (5 رَجَب 92ه الْمُوافِق 28/4/711م)، تَدَفَّقَ الْعَرَبُ إِلى هذِهِ البِلادِ وَاسْتَوْطَنوا فها، وَتَكَوَّنَ الشَّعْبُ الْعَرَبِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ الَّذي بَدَأَ يُبْدِعُ في شَتّى الْمَجالاتِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْأدَبِيَّةِ، وفي جَوِّ الْأَنْدَلُس اتَّسَعَ الْمَجالُ لِمَوْطِنٍ شِعْرِيٍّ جَديدٍ، بَدَأَ مُقَلِّدًا لِلشَّرْقِ وَلِكِبارِ الشُّعَراءِ الْمُعاصِرين، ثُمَّ أَخَذَ يُكَوِّنُ لِنَفْسِهِ شَخْصِيَّةً جَديدَةً فيها ما لا يوجَدُ في شِعْرِ الْعَباسِيّين الْمَشارِقَةِ كَالمُوَشَّحات.

انْتَشَرَ الشِّعْرُ وَقَويَ ابْتَداءً مِنَ الْقَرْنِ الْحاديَ عَشَرَ الميلادِيِّ، وَأبْدَعَتْهُ جَميعُ الطَّبَقات فَزاوَلَهُ الْمُلوكُ وَالْوُزَراءُ، وَأَنْشَدَهُ الْقُضاةُ وَالْعُلَماءُ، وامْتازَ الشِّعْرُ الْأَنْدَلُسِيُّ بِجَمالِهِ سَبْكًا وَلُغَةً، وَطَرَقَ الشُّعَراءُ أَبْوابًا مَأْلوفَةً في الشَّرْقِ كَالوَصْفِ، الْغَزَلِ الْإِباحِيّ وَالعَفيفِ، وَذادوا في الرِّثاءِ نَوْعًا اخْتَصَّ في رِثاءِ المَالِكِ، وَوَصَفوا لَيالِيَ الْأُنْسِ وَما تَخْتَصُ بِهِ مِنْ خَمْرَةٍ وَمَرْأةٍ وَغَيْرِ ذلِكَ. وَلَعَلَّ أَعْظَمَ ما سارَ عَلى أَلْسِنَةِ العَرَبِ مِنَ الْإِبْداعِ الشِّعْرِيّ الْأَنْدَلُسِيّ، هِيَ الْمُوَشَّحاتُ ذاتُ الْبِناءِ الْمُتَمَيِّزِ، وَمِنْها مُوَشَّحاتُ الْأَعْمى التُّطَيْلِيّ وَكَذلِكَ مُوَشَّحُ لِسَانِ الدّينِ بنِ الْخَطيبِ (جالدَكَ الْغَيْثُ). وَالْمَقْطَعُ مِنْ قَصيدَةِ (بِرَبِّكَ هَلْ تَدْري) وَالْمَعروفُ بِ (بَيْنَ الشَّاعِرِ وَالْجَبَ)، وَكذلِكَ الْقَصيدَةُ الَّتي نَحْنُ بِصَدِدِ دِراسَةِ مُخْتاراتٍ مِنْها وَالْمَعْروفَةُ (بِأَضْحى التَّنائِي) لِابْنُ زَيْدون.


*105*

ابنُ زَيْدون


*105*

هو أبو الوَليدِ أَحْمدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَحْمَدَ بْنِ غَالِبٍ بْنِ زَيْدون المخزومِيُّ، أصْلُ أَهْلِهِ من بَني مَخْزومٍ من قُرَيْشٍ، وُلِدَ في رُصافَةِ قُرْطُبةَ في بَيْتِ عِلْم وجاهٍ وغِنًى سَنَةَ 394 ه (1004 م)، كانَ أَبوهُ فَقيهًا مَعْروفًا بالنَّباهة والعِلْم وَالأَدَبِ، فَتَلَقَّى العِلْمَ عليه ثُمَّ على جِدِّهِ لِأُمِّهِ، القَاضِي أَبي بَكْرٍ مُحَمَّدٍ بْنِ سَعيدٍ القَيْسِيِّ، وكانَ لَهُ أَساتِذَةٌ غَيْرُ هؤلاءِ، وَلِكنّه وَسَّعَ دِراسَتَهُ وَوَثَّقَها بِدِراساتِهِ وبالاخْتِبارِ في الحياة.

عَمِلَ في السِّياسَةِ حَيْثُ كانَ وَزيرًا (وِزارَةُ اسْتشارَةٍ لا وِزَارَةُ عَمَلٍ) في الدَّوْلَةِ الجَهْوَرِيَّةِ، وَتَسَبَّبَ لَه هذا العَمَلُ في مَشاكِلَ أوْدَتْ به إلى غياهِبِ السِّجْنِ.

اقْتَرَنَتْ وَلَّادَةُ بنتُ الخليفَةِ الأندلُسِّيِّ الْمُستكفي 994 م - 1091 م بابنِ زَيْدونَ، حَيْثُ أَثَّرتْ على نَفْسِيَّتِهِ، وَوَضَعتْ طَابعًا خَاصًّا على أَشعارِه الغَزَلِيَّةِ، فقدْ مَنَحَتْهُ كثيرًا من الحُبِّ، وَوَهَبَتْهُ الوَفيرَ من الوُدِّ، أَمّا هُوَ فقالَ فيها أَجْمَلَ الغَزَلِ وأَدَقَّهُ، ومِنْ ناحِيَةٍ أُخرى كانَ للأَزَمَةِ الّتي اعْتَرَضَتْ سَبيلَ حُبِّهِما، وإعراضِ وَلَّادَةَ عن الشَّاعِر، إمّا لاشْتعالِ نارِ الغَيْرة في صَدْرِها من جَارِيَتِها السَّوداءِ المُغَنّيَةِ أَوْ لمكائِدِ ابْنِ عَبْدوسٍ، كانَ لذلك بَالغُ الأَثَرِ في نَفْسِ ابنِ زَيْدونَ، مِمّا دَفَع بِهِ لتَأْليفِ أشْعارٍ رائِعَةٍ في العِتابِ، والحَنين وبَثِّ لواعِجِ الشَّوْقِ.

ألْقَتْ ولَّادَةُ شِباكَ هواها على ابْنِ عَبْدوسٍ، وفَرَضَتْ عليه إرادَتَها، وأَطَاعَها في كُلِّ شيءٍ، ثُمَّ قَطَعَتْ صِلَتَها بابنِ زَيْدونَ مَرَّةً واحِدةً، غَيْرَ أَنَّ تعلُّقَ ابْنِ زَيدونَ بولَّادَةَ ظَلَّ شَديدًا، كما أَنَّ شِعْرَه ظَلَّ يَفيضُ بِذِكْرِها. أَمَّا هِي فأَخَذَتْ في هِجائِهِ هجاءً فاحِشًا مُرًّا.


*106*

أَضْحَى التَّنائِي بَديلًا مِنْ تَدانِينا


*106*

النُّونِيَّةُ المَشْهورَةُ - ابنُ زَيْدون

1. أَضحى التَنائي بَديلاً مِن تَدانينا وَنابَ عَن طيبِ لُقيانا تَجافينا

2. غيظَ العِدا مِن تَساقينا الهَوى فَدَعَوا بِأَن نَغَصَّ فَقالَ الدَهرُ آمينا

3. وَقَد نَكونُ وَما يُخشى تَفَرُّقُنا فَاليَومَ نَحنُ، وَما يُرجى تَلاقينا

4. لَم نَعتَقِد بَعدَكُم إِلّا الوَفاءَ لَكُم رَأياً وَلَم نَتَقَلَّد غَيرَهُ دينا

5. بِنتُم وَبِنّا فَما اِبتَلَّت جَوانِحُنا شَوقاً إِلَيكُم، وَلا جَفَّت مَآقينا

6. نَكادُ حينَ تُناجيكُم ضَمائِرُنا يَقضي عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا

7. حالَت لِفَقدِكُمُ أَيّامُنا فَغَدَت سوداً، وَكانَت بِكُم بيضاً لَيالينا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. أَضْحى: صارَ أَوْ أصْبَحَ. التَّنائِي: البُعْد. التَّدانِي: اللِّقاءُ، القُرْبُ. نَابَ: حَلَّ مَحَلَّ. تَجافِينا: مُقاطَعَتُنا وَتَنافُرُنا.

2. غِيظَ: غَضِبَ، حَنِقَ. تَساقِينا الهَوى: تبادُلُنا العِشْقَ والحُبَّ. نَغَصَّ: نَشْرَقُ.

3. نَكونُ: نَعيشُ مَعًا. اليَوْمَ نَحنُ: نَحْنُ الآنَ، يُخْشى: يَتَسَرَّبُ إلَيْنا الخَوْفُ والشَّكُّ. يُرْجَى: يَقَعُ في دائِرةِ الاحْتِمالِ والتأَمُّل. التَّلاقِي: الحياةُ مَعًا.

4. لَمْ نَعْتقدْ: لَمْ يَدُرْ في عَقْلِنا أَو في خَلَدِنا. لَمْ نَتَقَّلدْ: لم نَضَعْ في رِقابِنا قِلادةً. دينا: عَهْدٌ، مَودَّةٌ وحُبٌّ.

5. بِنْتُم وَبِنّا: ابْتَعَدْتُمْ وابْتَعَدْنا. الجَوانِحُ جَمْعُ جانِحَةٍ وهي العُضْوُ من الجِسْمِ. ابْتَلَّت: أَصَابها المَاءُ وَيَقْصِدُ الاغْتِسالَ. جَفَّتْ: نَشَفَتْ. مآقينا ج. المُؤْق وهو مَسيلُ الدُّموعِ من طَرَفِ العَيْن من ناحِيَةِ الأَنْفِ.

6. تُناجيكُمْ: تُحَدِّثُكُمْ بخَفاءٍ والمَقْصودُ تَصْبو إليكُم لأَنَّكُمْ بَعيدونَ. الضَّمائِرُ: هُنا النُّفوسُ أو القُلوبُ العاشِقَةُ، الأَسى: الحُزن. التَّأسِّي: التَّعَزِّي، التَّصَبُّرُ.

7. حالَتْ: تَحَوَّلَتْ، تَغَيَّرَت.


*107*

8. إِذ جانِبُ العَيشِ طَلقٌ مِن تَأَلُّفِنا وَمَربَعُ اللَهوِ صافٍ مِن تَصافينا

9. وَإِذ هَصَرنا فُنونَ الوَصلِ دانِيَةً قِطافُها، فَجَنَينا مِنهُ ما شينا

10. لِيُسقَ عَهدُكُمُ عَهدُ السُرورِ فَما كُنتُم لِأَرواحِنا إِلّا رَياحينا

11. لا تَحسَبوا نَأيَكُم عَنّا يُغَيِّرُنا إذْ طالَما غَيَّرَ النَأيُ المُحِبّينا!

شَرْحُ الكَلِماتِ:

8. جانِبُ العَيْشِ: نَمَطُ وأُسْلوبُ الحياة. طَلْقٌ كِناية عن الهُدوءِ وَنُعومَةِ البَالِ. تألُّفُنا: حُبُّنا والتقاؤُنا عليه.

9. هَصَرْنا: شَدَدْنا الفَرْعَ إِلى أَسْفلَ بِقُوَّةً. دانِيَةٌ: ناضِجَةٌ. فَجَنَيْنا: قَطَفْنَا. شِينا: شِئْنا يوجدُ تَخْفيفٌ من أَجْلِ الشِّعرِ، أيْ ما أَرَدْنا.

10. لِيُسْقَ: دُعاءٌ بِصورَةِ الأَمْر أيْ لِيَسْقِهِ اللهُ ليَرْوِيَهُ بالخيرِ والبركةِ. عَهدُ السّرور: عهدُ الحُبِّ والسَّعادَةِ. الرَّياحِينَ: كِناية عن الجمَالِ والمُتْعَةِ.

11. نأَيُكُمْ: بُعْدُكُمْ.

إِضاءات على المضمون:

1. الماضِي مُقارَنةً مَعَ الحاضِرِ.

2. الأَعْداءُ (العِدى (وردت في بعض الكتب بالألف الواقفة العِدا)).

3. الأَمَلُ وخَيْبَةُ الأَمَلِ - البَقاءُ على العَهْد.

4. آلامُ البُعْدِ والفِراقِ.

5. سَعادَةُ وَهَناءُ الماضي.

6. الدُّعاءُ لِلْعَهْدِ والثَّباتُ عَلَيْهِ رَغْمَ النَّأْيِ.


*108*

أَجْواءُ النَّصِّ:

السِّجْنُ وَابْنُ زَيْدون، وَلّادَةُ وَمَلْقى الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ في بَيْتِها، حُبُّ وَعِشْقُ ابنِ زَيْدون، الْحُسّادُ دائِمًا لِلْمُتَمَيِّزِ، الْأَنْدَلُسُ، خَصائِصُ الشِّعْرِ الْأَنْدَلُسيِّ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يتضمَّنُ الْبَيْتُ الأوّل إجمالًا للتحوّل الذي طرأ على حال العاشقَيْن. وَضِّحْ ذلك.

2. يُؤَكِّدُ الشَّاعِرُ في الْبَيْتِ (4) ثَباتَهُ عَلى حُبِّهِ. اذْكُرِ التَّعابيرَ أَوِ اَلكَلِماتِ الَّتي وَرَدَتْ في الْبَيْتِ وتُوَضِّحُ هذا الثَّباتَ.

4. ما الَّذي حَفِظَ الشَّاعِرَ مِنَ الانْهِيارِ كَما وَرَدَ في الْبَيْتِ (6)؟ وَهَلْ في ذلِكَ مُبالَغَةٌ؟

5. ماذا سَبَّبَ الْفَقْدُ، بِمَعْنى الْفِراقِ لِحياةِ الشَّاعِر كَما وَرَدَ في بَيْت (7)؟

6. ما هي صورة الحياةِ التي عاشها العاشقان في الماضي كما فصّلها الشَّاعِرُ في البَيْتَيْن (8، 9)؟

7. تَرِدُ في الْبَيْتِ (10) كَلِمَةُ (عَهْدُكُم)، وَيَدْعو الشَّاعِرُ لِهذا الْعَهْدِ. الْمَطْلوبُ: تَوْضيحُ أُسْلوبِ الدُّعاءِ.

8. يُؤَكِّدُ الشَّاعِرُ في الْبَيْتِ (11) أَنَّهُ ثابِتٌ عَلى حُبِّهِ. بَيِّنِ الصَّورَةَ الَّتي رَسَمَها لِنَفْسِهِ مُقارَنَةً مَعَ غَيْرِهِ مِنَ العُشَّاقِ.

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. نُلاحِظُ أَنَّ حُروفَ المَدِّ، وَبِخاصَّةٍ الْأَلِفَ، ظَهَرَتْ في كَلِماتِ الْأَبْياتِ وَبِكَثافَةٍ. هَلْ يُعْتَبرُ ذلِكَ مُشارَكَةً في تَصْويرِ حالَةِ الْفِراقِ؟

2. ظَهَرَ أُسْلوبُ الْمُقابَلَةِ في الْبَيْتِ الْأوَّلِ. في أَيِّ الْكَلِماتِ وَرَدَ؟ وَما هِيَ قِيمَتُهُ في تَقْوِيَةِ الْمَضْمونِ؟

3. اشْرَحِ الاسْتِعارَةَ في قَوْلِهِ: (فَقالَ الدَّهْرُ آمينا) الْبَيْت (2).

4. اسْتَخْرِجْ ثَلاثَ اسْتِعاراتٍ أُخْرى مِنَ النَّصِّ وَاشْرَحْها: بَيِّنِ الْمُشَبَّهَ أَوِ الْمُشَبَّهَ بِهِ.

5. تَتكَرَّرُ كَلِمَةُ عَهْدٍ في صَدْر الْبَيْتِ (10). ماذا يُسَمَّى هذا الْأُسْلوبُ؟ وَما أَهَمِّيَّتُهُ في النَّصِّ؟

6. ماذا يُسمَّى التَّشابُهُ اللَّفْظِيُّ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ: أَرْواحُنا وَرَياحِينا؟ وَما الْمَقْصودُ في الرَّياحينِ هُنا؟


*109*

7. لم يذكر الشّاعِر في القصيدةِ اسْمَ محبوبَتِهِ. هَلْ ترى في ذلك قيمةً اجتماعِيّةً عربيّةً؟ وَضِّحْ اِجابتك.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. لَوْ فَحَصْنا أَبْياتَ الْقَصيدَةِ لَوَجَدْنا حَرْفَ النَونِ مَوْجودًا في الْأَبْياتِ، وَبِشَكْلٍ بارِزٍ. ما رَأْيُكَ في ذلِكَ؟ وَهَلْ يُضيفُ هذا الْأَمْرُ شَيْئًا لِلْمَضْمونِ أَوْ الشَّكْلِ؟

2. جاءَ الضَّميرُ الَّذي اسْتَعْمَلَهُ الشَّاعِرُ في جَميعِ الْأَبْياتِ ضَميرُ الْمُتَكَلِّمينَ والمخاطبين. لِماذا؟ وَماذا حَقَّقَ هذا الْأُسْلوبُ؟

3. يقولُ الشاعر في البَيْتِ الرّابعِ: (لم نعتقِدْ بَعْدَكُم إلّا الوَفاءَ لكم). يُلاحَظُ أنّه استعملَ الفعلَ: نعتقدُ. هل، حَسب رأيكَ، استعمال الفعل يعتقد له معنًى خاصّ له علاقة بالعقيدة؟

4. استخرِجْ بعضَ المُقارناتِ التي ورَدَت في الأبياتِ، على الأقلّ مقارنتين، وهَلْ يُضيف أُسلوبُ المقارَنةِ جَمالًا أو بُرهانًا؟

5. هَلْ تَرى أَنَّ خاصِّيَّةَ السَّرْدِ الْقِصَصِيِّ مُتَوَفِّرَةٌ في الْقَصيدَةِ؟ وَإِذا كَانَ الْجَوابُ نَعَمْ، ما الَّذي مَهَّدَ لِهذا الْأُسْلوبِ؟

مراجع للتّوسّع:

1. عُمرُ الدّقَّاق: ملامح الشّعر الأندلُسِيّ. بيروت: دار الشّرق، 1975.

2. عمر فَرّوخ: تاريخ الأَدب العربيّ. بيروت: دار العلم للملايين، ط 3، 1400 ه (1980 م).

3. جودت الرِّكابيّ: في الأَدب الأَندلسيّ. دار المعارف، ط 7، 1979.

4. إحسان عبّاس: تاريخ الأدب الأندلسيّ. بيروت: دار الثّقافة، لبنان، ط 5، 1978 م.


*110*

ابنُ زُرَيْق


*110*

أبو الحَسن عليُّ بْنُ زُرَيْقٍ البغداديُّ، عبّاسيٌّ، تُعْرَفُ سَنَةُ وفاته وهي سَنَةُ 420 ه، 1029 م، عُرِف بقصيدَتِهِ الموسومةِ ب (قَمَرٌ في بَغْداد) والقَمَرُ يَقْصِدُ به زوجَتَهُ (ابنةُ عَمّهِ الّتي أَحَبَّها جدًّا وكذلك هي)، كما تُعْرَفُ القصيدةُ باسْم اليتيمَةِ، لأنَّ مُعْظَمَ الّذين كتبوا عنه ذكروا أَنَّهُ لا شِعْرَ له سِواها.

قَرَّرَ ابنُ زُرَيْقٍ الرّحيلَ إلى الأَندلسِ لكسبِ المالِ، والتَّوسيعِ على زَوجَتِهِ وعلى نفسِهِ، ورَغْمَ رجاءِ زوجَتِهِ وإلحاحِها بعَدم السَّفَرِ إلّا أنّه أَصَرَّ على مُغادَرَةِ بغدادَ إِلى الأَندلسِ، وفي خِتام قصيدتِهِ يظهرُ نادمًا، مُتَصَدِّعَ القلب من لَوْعَةٍ وأَسًى، خاصَّةً وأنّه لم يُحَقِّقْ غَرَضَهُ بالغِنى وجَمْعِ المال، فقد رَوَوْا أَنّهُ حين قَدَّمَ هذه القصيدَةَ للأَمير ابْنِ الخَيْبَر، كان جزاؤُهُ شيْئًا زهيدًا، فقال: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا باللهِ العلِيِّ العَظيم، أمِنْ أجْلِ هذا قَطَعْتُ الفَيافِيَ والبحارَ! وهنالك رواياتٌ مُختلفةٌ عن الاهتِداءِ إلى هذه القَصيدةِ، فقسْمٌ يقول: إِنَّها وُجِدتْ مكتوبَةً على الوَرَق وموضوعةً تحتَ مَخَدَّتِهِ، وقسمٌ آخرُ يَقول: إنَّها وُجِدَتْ إلى جانِبه وهو مَيْتٌ.

والمُتأَمِّلُ في قصيدةِ ابنِ زُرَيقٍ البَغدادِيِّ، لا بُدّ له أَنْ يكتشِفَ رِقَّةَ التَّعبير، وصِدْقَ العاطِفَةِ، وحرارةَ التَّجْرِبَةِ، فهي تَنِمُّ عن أصالَةِ شاعِرٍ مطبوعٍ له لغتُهُ الشِّعريّةُ المنفردة، وخيالُهُ الشِّعْرِيُّ الوثَّاب، وصياغَتُهُ البليغَةُ المرهفة، ونَفَسُهُ الشِّعْرِيُّ المُمْتَدُّ، والغريبُ ألّا يكونَ لابنِ زُريقٍ غيرُ هذه القصيدةِ!


*111*

المختارُ من القصيدةِ - لا تَعْذِليهِ - المفارِقَةُ - اليتيمَةُ - قَمَرٌ في بغدادَ - ابنُ زُرَيْق


*111*

1. لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ

2. جاوَزتِ فِي نُصْحِهِ حَداً أَضَرَّبِهِ مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ النُّصْحَ يَنفَعُهُ

3. فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ

4. قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ البَيْنِ أَضلُعُهُ

5. يَكفِيهِ مِن رَوعَةِ التَفْنيدِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ

6. ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ رَأيٌ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَجْمَعُهُ

7. كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

8. إِذا الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً وَلَو إِلى السَنْدِ أَضحى وَهُوَ يُزمِعُهُ

9. تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه للرّزْقِ كَدًّا وكَمْ مِمَّنْ يودِّعُهُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. لا تَعْذِليهِ: لا تَلوميهِ، العَذْلُ: اللّوْمُ. يثيرُهُ: يُغريهِ، يَزيدُه تَعَلُّقًا.

2. جاوَزْتِ: تخَطَّيْتِ الحُدودَ. حَدًّ: مِقْدارًا.

3. الرِّفْقُ: اللِّين. عُنْفُهُ: شدَّتُهُ. مُضْنى: مُتْعَبٌ، شَديدُ المَرَضِ.

4. مُضْطَلِعًا: قادِرًا. الخَطْب: الأَمْرُ الشَّديدُ، المصيبَةُ.

5. رَوْعةٌ: شِدَّةٌ. التَّفْنيدُ: اللَّوْمُ وتَضْعيفُ الرَّأْيِ.

6. آبَ: رَجَعَ. رَأْيٌ: هُنا قرارٌ. بالعَزْمِ: بالإِصْرارِ. يَجْمَعُهُ: المَقْصودُ يُنْهِضُهُ ويُحَرِّكُهُ إلى تَنْفيذِ القَرارِ.

7. حِلٌّ: إِقامَةٌ. مُرْتَحَل: سَفَر. مُوَكَّل: مُكَلَّف، مطلوبٌ منه. فَضاءُ الأَرض: بِقاعُ الأرْضِ، يَذْرَعُهُ: يَمْشيه، يَقْطَعُهُ مَشْيًا على الأَقْدام.

8. أَراهُ: جعله يرى، صَوَّر له وأَطعَمَهُ، في الرَّحيل: المقْصودُ في الهِجْرَةِ والسَّفَرِ. غِنًى: ثَراءً. السِّنْد: إِقليمٌ من أَقاليم باكِسْتان حاليًّا. يَزْمَعُهُ: يُقَرِّرُهُ بشَكْلٍ حاسِمٍ وقاطِعٍ.

9. المطامعُ: طَلَبُ الزيادةِ في الملك ونحوه. تُجَشِّمُهُ: تُحَمِّلُهُ المشَقّاتِ والصِّعابَ. كَدَّا: عملًا مُضْنِيًا. كَمْ مِمَّنْ: كَثيرٌ مِمَّن.


*112*

10. وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ رزقَاً، وَلا دَعَةُ الإِنْسانِ تَقطَعُهُ

11. واللهُ قَسَّمَ بَيْنَ الخَلْقِ رِزْقَهُمُ لَمْ يَخْلُقِ اللهُ مِنْ خَلْقٍ يُضَيِّعُهُ

12. لَكِنَّهُم مُلِئُوا حِرْصاً فلَستَ تَرى مُسْتَرزِقاً، وَسِوى الغاياتِ يُقنُعُهُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

10. مُجاهَدةٌ: عَمَلٌ بمَشَقَّة، السَّعيُ الحَثيثُ وَراءَ الرِّزْقِ. تَوصِلُهُ: تُحَقِّقُ لَهُ هَدَفًا. دَعَة: راحَة، سكون. تَقْطَعُهُ: تَحْرِمُهُ الرزقَ.

11. يُضَيِّعُهُ: يُبْقيهِ بِلا رِزْق.

12. حِرْصًا: المقصودُ رَغَباتٌ وأَطْماعٌ وشَهْوَةٌ للإسْتِزادَةِ من الأَمْوالِ. مُسْتَرْزِقًا: طَالِبًا المالَ وَالرِّزْقَ، الغَاياتُ: كِناية عن تَحقيقِ الأَطْماعِ بالكَمّياتِ الكَبيرَةِ.

إِضاءات على المضمون:

1. الرَّجاءُ وَعَدَمُ اللَّوْم والتَّرَفُّق.

2. الاغْتِرابُ وأسْبابُهُ.

3. حِكَمٌ وِعِظاتٌ وسَعْيٌ للرِّزْقِ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

الْعَذْلُ وَاللَّوْمُ مِنْ مَضامينِ شِعْرِ الْغَزَلِ، طَلَبُ الرِّزْقِ وَرُكوبُ الْمَخاطِرِ، خَيْبَةُ الْأَمَلِ مُؤْلِمَةٌ، التَّوَحُّدُ مُؤْلِمٌ وَلَهُ نَتائِجُ مُرَّةٌ، الرُّجوعُ إِلى اللهِ في ساعاتِ الضِّيقِ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يَعْترِفُ الشَّاعِرُ في الْبَيْتِ الْأوَّلِ بِأَنَّ الْعاذِلَةَ عَلى حَقٍّ ومع ذلك يطلب منها أن لا تعذله. وضّح لِماذا يَطْلُبُ مِنْها أَنْ لا تَعْذِلَهُ؟

2. ما هُوَ أُسْلوبُ التَّعامُلِ الَّذي يَطْلُبُهُ مِنْها وَلِماذا؟

3. ما الَّذي صَعَّبَ عَلَيْهِ تَحَمُّلَ الْمَشَاقّ كَما يُظْهِرُ الْبَيْتُ الرَّابِعُ؟

4. كَيْفَ فَسَّرَ سَفَراتِهِ الْمُتَعَدِّدَةَ في الْبَيْتِ السَّابِعِ؟

5. كَيْفَ يُفسِّرُ رَحيلَهُ لِطَلَبِ الرِّزْقِ كَما وَرَدَ في الْبَيْتَيْن (8، 9)؟

6. كَيْفَ عَبَّرَ عَنْ إِيمانِهِ بِقَضاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ في الْبَيْتَيْن (10، 11)؟

7. ما هُوَ تَأْثيرُ الْحِرْصِ عَلى الْإِنْسانِ كَما جاء في الْبَيْتِ (12)؟


*113*

8. جاءَتِ الْأَبْياتُ (10، 11، 12) بأسْلوبِ الْحِكْمَةِ. اسْتَخْرِجِ الْحِكْمَةَ في كُلِّ بَيْتٍ.

9. أينَ تتحقَّقُ القيم التّاليةُ واشرحْها:

- المعامَلةُ باللّين - انظر البيت (3).

- طلب الرّزقِ واجبٌ - انظر البيت (8).

- الاعترافُ بأنّ اللهَ تعالى مُقَدِّر الأَرزاق - انظر البيت (11).

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. تَضَمَّنَ الْبَيْتُ الْأوَّلُ ثَلاثَةَ أَساليبَ: النَّهْيَ، التَّفْسيرَ والإعتراف. عمّ نَهى. ماذا فسَّر وبماذا اعترف؟

2. بَدَأَ الْبَيْتُ الثَّالِثُ بِأُسْلوبِ الْأَمْرِ. بيِّنْ عَلاقَةَ هذا الْأَمْرِ بِما سَبَقَهُ في الْبَيْتِ الثَّاني.

3. بَيِّنْ صُورَةَ التَّشْبيهِ في الْبَيْت (7)، ووضِّحْ غَرَضَ التَّشْبيهِ هُنا.

4. جاءَ البَيْتُ الثَّامِنُ بِأسْلوبِ الشَّرْطِ. بَيِّنِ الْأَداةَ وَالشَّرْطَ وَالْجَوابَ، وماذا تُضيفُ حالةُ الشَرطِ هُنا للفكرة.

5. بَيّنْ وَظيفَةَ (إِلَّا) في الْبَيْتِ السَّادِسِ، وَفي الْبَيْتِ التَّاسِعِ. بيّن الغرض الذي تؤديّه (إلا).

6. بَيّنْ وَظيفَةَ النَّفْيِ في صَدْرِ الْبَيْتِ (10)، وفي عَجُزِهِ.

7. اشْرَحِ الاسْتِدْراكَ في الْبَيْتِ الْأَخيِرِ، وَما هُوَ المَعْنى الْحاصِلُ بَعْدَهُ؟

8. بيّن مُوَضِّحًا أُسْلوبَ (التَّجرِيدِ) في الْبَيْتِ الْأَوَّلِ.

9. لَقَدْ وَرَدَ مَضْمونُ الْأَبْياتِ حَوْلَ ضَميرِ الْمُفْرَدِ الْغَائِبِ. لِماذا حَسَبُ رَأْيِكَ؟

10. تَتَبَّع الكلماتِ التي تكرَّرتْ في بِعض الأَبياتِ وهذا ما يُسمى (التصْدير) أيْ ردُّ الأعْجاز على الصّدور وبيِّن ماذا أَضافَ هذا الأُسلوبُ للنّصِّ.

11. استخرجْ ما تراهُ من مظاهِر الطِّباق في القصيدةِ وبيِّن ذلك في معاني الأبيْات.

أَسْئلةُ لرّأْي والوقِفِ والقِيَم:

1. يطلبُ الشّاعِرُ من عاذلتِهِ في البيْتِ الأوّلِ أنْ تكفّ عن عَذْلِهِ ويَعتَرِفُ أنَّ عذلَها حقّ ولكنّه لم يَسْمَعْ له. لماذا، حَسَبَ رأْيكَ، الشاعِرُ يبرّزُ ذلك؟

2. بعد أَنْ رفَضَ العَذْلَ في البيتِ الأوّلِ يعودُ ويوافِقُ عليهِ في البيتِ الثّالثِ واضِعًا شَرْطًا لذلك. لماذا هذا التَّغييرُ في الموقفِ، حسبَ رأيك؟

3. ما رأيُك فيما وردَ في البَيْتِ العاشِر، بأنّ عملَ الإنسانِ ومشقّتَهُ لا يوصلانِهِ إلى الرّزق، وقعُودُهُ لا يقطعُهُ عن الرّزق؟ وهَلْ هذا صَحيح؟ وَضِّحْ إجابتك.


*114*

الباب الخامِسُ: النَّثْرُ


*114*

1. الوَصِيَّةُ

2. وَصِيَّةُ زُهَيْرٍ بْنش جَنَابٍ

3. وَصِيَّةُ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيّ


*115*

النَّثْرُ الْجاهِلِيُّ


*115*

الوصايا:

لَوْنٌ من ألْوانِ الأَدَبِ التَّرْبَويِّ، عَرَفَها الأَدَبُ العَرَبيُّ القَديمُ، وَتَناقَلَها الحَفَظَةُ وَجَمَعَها المؤلِّفونَ في كُتبٍ مُنْفَرِدَةٍ أَوْ فُصوِلٍ وأَبوابٍ مِنْ كُتُبِ الأَدَبِ العَامَّةِ (1) (انظر مثلًا (مجمع الأمثال) للميدانيّ، (سرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون) لابن نباتة المصريّ، (العقد الفريد) لابن عبد ربّه، أمالي السّيّد المرتضى، شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة لعليّ بن أبي طالب، وخاصّة المجلّد الرّابع وكذلك كتاب (المعمّرون والوصايا) لأبي حاتمٍ السِّجستانيّ).

والوَصَايا يُوجِّهُهَا الموصِي إِلى أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ، حِينمَا يُحِسُّ دُنُوَّ أَجَلِهِ، والْغايَةُ مِنْها النُّصْحُ والإرْشادُ إِلى الطَّريقِ القَويمِ، والتَّرغِيبِ في التِزامِ الفَضَائِلِ والتَّخَلُّقِ بالأَخْلاقِ الكَريمَةِ، وَتَنْطَوي على مِقدارٍ كَبيرٍ من الحِكَمِ والأَمْثالِ، وَتَتَضَمَّنُ خُلاصَةَ الخِبْرةِ في الحَياةِ، وتُعَبِّرُ عنْ نَظْرَةِ المُوصي إِلى الدُّنْيَا وأَحْولِها. وَرَأْيِهِ في البَشَرِ وطِباعِهِمْ وَسُلوكِهِمْ.

مِنْ خَصائِصِ الوَصايا، أَنَّها يَنْعَكِسُ فيها الفِكْرُ الهادِئُ العَميقُ والحِكْمَةُ الرَّزينَةُ والواقِعِيَّةُ في النَّظَرِ إلى مُشْكِلاتِ الحَياةِ، واسْتِنْباطِ المعاني مِنْ تَجْرِبَةِ الحَياةِ لا الفَلْسَفَةِ النَّظَرِيَّةِ، ومِنَ النَّاحِيَةِ الفَنِّيَّةِ تَتَّسِمُ الوصَايا بالجَمْعِ بينَ اللُّغَةِ المُرْسَلةِ والأُسْلوبِ المُسَجَّع والجُمَلِ القَصيرَةِ المُتوازِنَةِ، وَتَعَدُّدِ الأَفْكارِ والاعْتِمادِ في أَحْيانٍ على الأُسْلوبِ الإنْشائِيِّ مِنْ أمْرٍ ونِداءٍ ونهْيٍ، إلى جانِبِ سَيْطَرةِ الجُمَلِ الخَبَرِيَّةِ: الجُمَلِ الاسْمِيَّةِ أو الفِعْلِيَّةِ على عِباراتِ النَّصِّ.


*116*

زُهَيْرُ بْنُ جَنابٍ


*116*

مُجْمَلُ حَياتِهِ:

هو زهيرُ بْنُ جَنابٍ الكَلْبِيُّ مِنْ قُضاعَةَ، وهو مِنْ مَشاهيرِ أُمَراءِ العَرَبِ في الجاهِلِيَّةِ، وُلِدَ في آخرِ القَرْنِ الرَّابِعِ للميلادِ وَعُمِّرَ طَويلًا، رُبَّما بَلغَ 150 سنة (1) (ذكرت بعضِ المصادر ككتاب (المعمّرون والوصايا) أرقامًا مبالغًا فيها 400 سنة و200 سنة، أمّا 150 سنة فقد جاء ذلك في الأَغاني للأصفهانيّ، دار صعب، ج 1، ص 17)، ولَهُ حُروبٌ كَثِيرَةٌ مع قبائِلِ العَرَبِ، وتَوَلَّى الغِمارَةَ على بَكْرٍ وَتَغْلِبَ لِصاحِبِ اليَمَنِ، وما زالَ عَلَيْهِمْ حتّى حاوَلوا الاسْتِقْلالَ مِنَ اليَمَنِ.

ولَمّا كَبُرَ زُهَيْرٌ وشاخَ ثَقُلَتْ هِمَّتُهُ، وكَفَّ بَصَرُهُ وَظَلَّ مَعَ ذلكَ مُقَدَّمًا عِنْدَ مُلوكِ اليَمَنِ ولشّامِ، وكان الغَساسِنَةُ يَسْتَشيرونَهُ حَتّى تُوفِّيَ نَحْوَ سنة 500 م. وهو من أَقْدم الشُّعراءِ وأجْوَدِهِمْ، لم يَصِلْنا من شِعْرِهِ إِلّا القَليلُ. ويقولُ ابنُ قُتَيْبَةُ في كِتابه (الشِّعْرُ والشُّعَراءُ) إنَّهُ أَحَجُ الّذين شَرِبوا الخَمْرَ صِرْفًا (أي بدون مَزْجِها) وبدونِ طَعامٍ حتّى ماتُوا وهُمْ: زُهَيرُ بن جَنابٍ وأَبو بَراء عامِرُ (مُلاعِبُ الأَسِنَّة) عَمُّ لَبيدٍ العامِرِيِّ الشّاعِرِ، وعَمرُو بْنُ كُلْثوم التَّغْلِبِيُّ (من شُعراءِ المُعَلَّقاتِ، ت 570 م).

ومن أَشْعارِه (2) (الأغاني: دار صعب، عن طبعة بولاق الأصليّة، ج 1، ص 17): قال في ذَمّ الكِبَر وطولِ الحَياة:المَوْتُ خَيْرٌ للفَتى فلْيَهْلِكَنَّ وبِهِ بَقِيَّةْ (3) (بية القصيدة في كتاب (المعمّرون والوصايا)، ص 22).

مِنْ أَنْ يُرى الشَّيْخُ البَجَالُ إذا تَهادى بالعَشِيَّةْ

أَبَنِيَّ إنْ أَهْلِكْ فَقَدْ أَوْرَثْتُكُم مَجْدًا بَنِيَّه

وتركْتُكُمْ أبناءَ ساداتٍ زِنادُكُم وَرِيَّةْ

بل كُلُّ ما نالَ الفَتى قد نِلْتُهُ إلّا التَّحِيَّةْ

البَجَال: الرَّجُلُ الشَّيْخُ السَّيِّدُ وَرِيَّة: قدَّاحَة مُشْتَعِلَة.


*117*

وَصِيَّةُ زُهَيْرِ بْنِ جَنابٍ لِبَنيهِ


*117*

قالوا: وَأوصى زُهَيْرُ بْنُ جَنابٍ فقالَ:

(يا بَنِيَّ قَدْ كَبِرَتْ سِنّي، وَبَلَغْتُ حَرْسًا مِنْ دَهْري (1)، وأَحْكَمَتْني (2) التَّجارِبُ، والأُمورُ تَجْربَةٌ واخْتِبارٌ، فاحْفَظوا عَنّي ما أَقولُ، وَعُوهُ (3): إيَّاكُمْ والخَوَرَ (4) عِنْدَ المَصائِيِ، والتَّواكُلَ (5) عِنْدَ النَّوائِبِ (6)، فإِنَّ ذلكَ داعِيَةٌ (7) للغَمِّ (8)، وَشَمَاتَةٌ (9) للعَدُوِّ، وَسُوءُ الظَّنِّ بالرَّبِّ، وإيَّاكُمْ أَنْ تكونوا بالأحْداثِ مُغْتَرّبينَ، ولها آمِنين، ومِنْها ساخِرين، فإنّه واللهِ ما سَخِرَ امْرُؤٌ قَطُّ إلَا ابْتُلِيَ (10)، ولكنِ اسْتَعْفوا (11) مِنْها، وَتَوَقَّعُوها فإِنّما الإنْسانُ في الدُّنْيا غَرَضٌ، تَعاوَرَهُ (12) الرُّماةُ: فَمُقَصِّرٌ دونَهُ وَمُجاوِزٌ (13) لَمِوْضِعِهِ وواقعٌ عن يمِينهِ وشِمَالِهِ، ثُمَّ لا بُدَّ أَنَّهُ مُصيبُهُ).

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. قَوْلُهُ وَبَلَغْتُ حَرْسًا: يَعني دَهْرًا مِنْ عُمْري طَويلًا. الحَرْسُ مِنْ الدَّهْرِ: الطَّويلُ.2. أحْكَمَتْني التَّجارِبُ: قَوْلُهُ أَحْكَمَتْني مِنَ الحَكَمَة وهي لِجامُ الفَرَسِ الّذي يُسَيْطِرُ عليه، والحِكْمة هي المَقْدِرةُ على ضَبْطِ الأُمورِ، وأَحْكَمَتْني أيْ جَعَلَتْني حَكيمًا، أيْ بالقُدْرَةِ على التَبَصُّرِ وضَبْط أُمورِ الَحياةِ.

3. عُوهُ: فِعلُ للجَماعة مِنْ وَعى، بِمَعنى أَدْرِكُوه جَيِّدًا وتَفَهَّموهُ.

4. الخَوَرُ: الضَّعْفُ.

5. التَّواكُلُ: أَنْ يَكِلَ القَوْمُ أَمرَهُمْ إلى غَيرهِمْ مِنْ قَوْلِهمْ.

6. النَّوائِبُ: أيْ المَصائِبُ الّتي لا تُغادِرُ تَرجِعُ مَرَّةً أُخْرى.

7. داعِيةٌ: مِنْ دَعا يَدْعو نادَى، والدَّاعِيةُ الّذي يَدْعو لِشَيءٍ أوْ يُنادِيهِ.

8. الغَمُّ: الكَرْبُ والحُزْن.

9. الشَّماتَةُ: الفَرَحُ بمُصيبَةِ الغَيْرِ.

10. ابْتُلِيَ أصُيبَ بِبَلِيَّةٍ، كِناية عن المُصيبَةِ.

11. اسْتَعْفَوا: يُقال: اسْتَعْفى مِنَ الخُروجِ أيْ طَلَبَ التَّرْكَ فأَجابَهُ.

12. تعاوَرَهُ: تداوَلَهُ. الكُلُّ يَرْميهِ ويُطلِقُ سَهْمَهُ نَحْوَهُ.

13. مُجاوِزٌ لِمْوضِعِهِ: يَقَعُ بعيدًا عنْهُ.


*118*

اَجْواءُ النَّصِّ:

دَوافِعُ الْوَصايا وأَغْراضُها النَّثْرُ الْجاهِلِيُّ: طَبيعَةُ عِباراتِهِ، حُكَماءُ الْمُجْتَمَعِ، مُعَلِّموهُ وَمُرْشِدوهُ، التَّجارِبُ الْحَياتِيَّةُ مَنْبِتُ الْوَصايا.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يَذْكُرُ زُهَيْرٌ في السَّطْرِ الْأوَّلِ أَمْرَيْن يَرى أَنَّهُما أَساسانِ لِكَوْنِ الْوَصِيَّةِ دَرْسًا مُفيدًا، وَدُسْتورً صائِبًا لِلْحَياةِ. ما هُما وَكَيْفَ؟

2. في سَطْرِ (2) حَذَّرَ مِنْ الْخَوَرِ عِنْدَ الْمَصائِبِ، وَالتَّواكُلِ عِنْدَ النَّوائِبِ. بَيِّنْ وَوَضِّحْ لِماذا، وَما ضَرَرُ عَدَمِ الانْتِباهِ إِلى تَحْذيرِهِ؟

3. دَعَا في السَطْرِين (5,4) إِلى عَدَمِ الاسْتِهانَةِ في الأَحْداثِ في ثَلاثَةِ تَعابيرَ مُتلاحِقَةٍ.

4. ما هُوَ التَّشْبيهُ الَّذي تَمَثَّلَ بِهِ زُهَيْرٌ لِتَصويرِ حَياةِ الْإِنْسانِ؟ (السطران الأَخيران).

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. ما هُوَ الْأُسْلوبُ الَّذي بَدأَ زهير بِهِ الْوَصِيَّةَ؟ وَما قيمَتُهُ وَغَرَضُهُ في النَّصِّ؟

2. أَيْنَ َقَعُ أُسْلوبُ التَّحْذيرِ؟ ما هِيَ الْكَلِماتُ الَّتي تَدُلُّ عَلَيْهِ؟ وما غرضه؟

3. أَيْنَ يوجَدُ أسْلوبُ التَّفْسيرِ وَماذا فَسَّرَ؟ وما غَرَضُه؟

4. تُمَثِّلُ (لكِنْ) الَّتي وَرَدَتْ في السَّطْرِ السّادس الاسْتِدْراكَ واتخاذ سلوك غَيْرِ ما سَبَقَها. وَضِّحِ الْحَدَثَ قبْلَها وَالْحَدَثَ الْمَطْلوبَ بَعْدَها.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيمَ:

1. هَلْ ترى أَنّ كِبَرَ السِّنِّ شَرْطٌ من شُروط الوَصيَّةِ؟

2. ما رأيُكَ في طَلب (زهير) من بَنيه أنْ يكونوا دائمًا متوقِّعين للأَحداث أو الأخطار والقول الشّائعِ على لسانِ أَحد الزّعماء: (إذا شئت أنْ تَحيا فَعِشْ في خَطَرِ).3. هَلْ ترى أَنَّ الالتزامَ بالوصيَّة أَمْرٌ مُلْزمٌ؟ أم أنّ هنالك ظروفًا قدْ تَجِدُّ وتتطَلَّبُ سلوكًا غيرَ ما جاءَ في الوَصِيَّةِ؟ اشرحْ وبيِّن موقِفَكَ.


*119*

4. الكلُّ يَعرِفُ أنَّ الإِنسانَ لا بُدَّ هالِكٌ، وجاء هذا الأمرُ في السّطر الأخيرِ بوَصيِّةِ زُهَيْر. فَهَلْ معنى ذلكَ أنْ نمكّنَ لليأسِ مكانًا في حياتنا. اِشرحْ موقِفَك.

مراجع للتَّوسُّع:

1. مجموعُ المزْدَوجَات (جَمَعَها محمود طاهر الجزائريّ)، الإسكندريّة، 1287 ه - القاهرة، 1283 م)، (1299 ه بشرح وليّ الدين يَكَنْ، القاهرة، 1311ه).

2. مجلّةُ المُعلّم العربيّ، دمشق تشرين الثّاني 1964 م.

3. شوقي ضيف: تاريخ الأدب العربيّ (العصر الجاهليّ) مصر: دار المعارف، 1960؟


*120*

أَكْثَمُ بنُ صَيْفِيّ


*120*

هوَ أَبو حَيْدَةَ أوْ أبو الحُفّادِ (1) (كنيته مختلف فيها - انظر كاظم الظواهري، م. ن، ص 26) أكثمُ بنُ صَيْفِيٍّ بنِ رَباحٍ بنِ مُحاسِنٍ (2) (في عمر فرّوخ تاريخ الأدب العربيّ، ج1، ص 201، ابن محاسن، وفي كاظم الظواهريّ: أكثم بن صيفي ومأثوراته، دار الصابونيّن دار الهداية 1991، ص 26 ابن مخاشن) مِنْ أَهْلِ الحِجازِ وأَحَدُ حُكَماءِ العَرَبِ، وقد كانَ مَضْرَبَ الأَمْثالِ في الحِكْمةِ وَنَفَاذِ البَصيرَةِ وصَوَابِ الرّأيِ، فقِيلَ: هو أَحْكُمُ مِنْ أَكْثَمَ َأوْ َأجْمَعُ للحِكْمةِ من أَكْثَمَ.

تُوفِّيَ أَكثَمُ بنُ صَيْفِيِّ عامَ 10 قَبْلَ الهِجْرةِ (612 م) على الشِّرْكِ، وكانَ قَدْ أَسَنَّ كَثيرًا، وهذا ما تَدلُّنا عَلَيْهِ الأَخْبَارُ، وقد تَذْهَبُ الرِّواياتُ إِلى حَدِّ المُبالَغةِ، فأَقَلُّها يَذْهَبُ إلى أنَّهُ عاشَ خَمسًا وَتِسْعينَ سَنَةً، وهو الأَقْرَبُ بحَسبِ تَقْريرِ ابنِ نَباتَة (686ه-768ه)، وهناك مُبالغَاتٌ تَذكُرُ اَنَّهُ عاشَ ثَلاثمائةٍ وثلاثينَ سنةً أو مِئةً وتسعينَ سَنةً (3).

أَدَبُه: له حِكَمٌ وأَمْثالٌ وخُطَبٌ لَمْ يَبْقَ مِنْها إِلّا نُتَفٌ لا تَكْفي رَغْبَةَ البَاحِثِ، وقد جُمِعَتْ هذه المأْثوراتُ في كتابِ كاظم الظّواهريّ: ونَذْكُرُ (أكثمُ بنُ صَيْفِيٍّ ومأْثوراتُهُ)، ونُثبتُ أبْياتًا من الشِّعرِ لأَكْثمَ ولَعَلَّ أَكْثَرَها سَيْرورَةً البَيتانِ اللَّذان يَحُضَّان على الوَحْدةِ والتَّماسُكِ، وهُما كَما علَّمَتْنا الأَخْبارُ في نُصْحِ أَوْلادِهِ وَحَثِّهِمْ على التَّآلُفِ والوَحْدةِ:

كونُوا جَميعًا يا بَنِيَّ إذا اعْتَرى خَطْبٌ ولا تَتَفَرَّقوا آحادا

تأْبى العِصِيُّ إذا اجْتَمَعْنَ تَكَسُّرًا وإذا افْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ آحادا


*121*

وَصِيَّةُ أَكْثَمَ بْنِ صَيْفِيّ لِبَنيهِ وَرَهْطِهِ (1)


*121*

وَصّى أكُمُ بنُ صَيْفِيٍّ بَنيهِ وَرَهْطَهُ فَقالَ: يا بَنِي تَميمٍ لا يَفُوتَنَّكُم (2) وَعْظي إنْ فاتَكُمُ الدَّهْرُ بنَفْسي (3) إنَّ بَيْنَ حَيْزومي (4) وصَدْري لكلامًا لا أجِدُ له مَواقِعَ إلّا أَسْماعَكُم، ولا مَقارَّ (5) إلّا قلوبَكُمْ، فَتَلَقَّوْهُ (6) بأَسْماعٍ مُصْغِيَةٍ، وقُلوبٍ واعيةٍ، تَحْمَدُوا مَغَبَّتَهُ (7). الهَوى يَقْظانُ (8) والعَقْلُ راقِدٌ، والشَّهَواتُ مُطْلَقَةٌ، والحَزْمُ مَعْقولٌ (9)، والنَّفْسُ مُهْمَلةٌ، والرَّوِيَّةُ مُقَيَّدةٌ (!0)، ومِنْ جِهَةِ التَّواني (11) وَتَرْكِ الرَّوِيَّةِ يَتْلَفُ الحَزْمُ (12)، وَلَنْ يَعْدَمَ المُشاوِرُ مُرْشِدًا، والمُسْتَبِدُّ (13) بِرَأْيِهِ مَوْقوفٌ (14)، على مَداحِضِ الزَّلَلِ (15)، ومَنْ سَمِعَ سُمِعَ به (16)، ومَصارِعُ (17) الرِّجالِ تَحْتِ بُرُوقِ الطَّمَعِ، ولو اعتُبِرَتْ مَواقِعُ المِحَنِ (18)، ما وُجِدَتْ إِلَّا في مَقاتِل الكِرام.

شَرْحُ الكَلماتِ:

1. الرَّهْطُ: قَوْمُ الرَّجلِ وقَبيلَتُهُ.

2. لا يَفوتَنَّكُمْ: بمَعَنى تُضَيِّعوا أَوْ يَفْلَتُ مِنْكُمْ.

3. فاتَكُم الدَّهْرُ بِنَفْسي: مُتُّ وَخَسِرْتُموني.

4. حَيْزومي: الحيْزومُ وَسَطُ الصَّدْرِ.

5. مَقارّ: جَمْع مَقَرٌّ: مَكانٌ.

6. تَلَقَّوْهُ: اسْتَقْلُوه، تَقَبَّلوهُ.

7. تَحْمَدُوا مَغَبَّتَهُ: المَغَبَّة: العاقِبَةُ، أَيْ تَكُنْ عاقِبَتُهُ عَلَيْكُمْ حَسَنةً.8. راقِدٌ: الرَّاقدُ هوَ النَّاِمُ.9. الحَزْمُ: ضَبْطُ الأمْرِ والأَخْذُ فيه بالثِّقَةِ. مَعْقولٌ: مَحْبوسٌ.10. الرَّويَّةُ مُقَيَّدَةٌ: الرَّوِيَّةُ: التَّفكيرُ مع التَّأنّي، مُقَيَّدَةٌ: مَرْبوطَةٌ.

11. التَّوِاني: التَّقْصيرُ.

12. الحَزْمُ: ضَبْطُ الأَمْرِ.

13. المُسْتَبِدُّ: مَنْ يأْخُذُ بالشَّيْءِ ولا يَتْرُكُهُ.

14. مَوْقُوفٌ: وَاقِفٌ.

15. مَداحِضُ: جَمْع مَدْحِضَةٍ وهي المَزَلَّة.

16. مَنْ سَمِعَ به: أَي مَنْ قال في أَحَدٍ قَوْلًا سَيِّئًا يَفْضَحُهُ بهِ أَوْ يَغْتابُهُ، سَيَأْتي يَوْمٌ يَحْدُثُ له فيه مِثْلُهُ.

17. مَصارِعُ: جَمْع مَصْرَعٍ وهو المَقْتَلُ أو المَهْلَكُ.

18. المِحَنُ: جَمْع مِحْنَةٍ وهي ما يُمتَحُ به الإنْسانُ من بَلِيَّةٍ أوْ مُصيبَةٍ.


*122*

وعلى الاعْتِبارِ (1) طريقُ الرَّشادِ، وَمَنْ سَلَكَ الجَدَدَ (2) أَمِنَ العِثارَ (3) ولَنْ يَعْدَمَ الحَسودُ أن يُتْعِبَ قَلْبَهُ ويَشْغَلَ فِكْرَهُ ويُؤرِّثَ غَيْظَهُ، ولا تُجاوِزُ (4) مَضَرَّتُهُ نَفْسَهُ.

يا بَني تَميمٍ: الصَّبْرُ على جَرْعِ (5) الحِلْمِ أعْذَبُ مِن جَنْيِ ثَمَرِ النَّدامةِ، ومَنْ جَعَلَ عِرْضَهُ دونَ مالِهِ اسْتُهْدِفَ (6) للذَّمِّ، وكَلْمُ (7) اللِّسانِ أنْكَى (8) مِنْ كَلْمِ السِّنانِ (9) والكَلِمَةُ مَرْهونَةٌ (10) مالم تَنْجُمْ (11) مِنَ الفَمِ، فإذا فَهِيَ أَسَدٌ مُحَرَّبٌ (12)، أو نارٌ تَلَهَّبُ، وَرَاْيُ النَّاصِحِ دَليلٌ لا يَجوزُ (13)، وَنَفاذُ (14) الرأْيِ في الحَرْبِ، أَجْدَى مِنَ الطَّعنِ والضَّرْبِ.

شَرحُ الكَلِماتِ:

1. الاعْتِبارُ: الاتِّعاظُ والمِقياسُ العَقْلِيُّ.

2. الجَدَدَ: الأَرْضُ السَّهْلَةُ أ, الطَّريقُ الواضِحُ.

3. العِثارُ: التَّعَثُّرُ والتَّخَبُّطُ أَوْ الزَّلَلُ.

4. تُجاوِزُ: تَتَعَدَّى، تُبْعِدُ عَنْ.

5. الجَرْعُ: البَلْعُ جُرْعَةً جُرَعَةً، والجُرْعَةُ: مِقْدارُ ما يُمْكِنُ بَلعُهُ بدونِ مُضايَقَةٍ.

6. استُهْدِفَ للذَّمِّ: تَسبَّبَ في ذَمِّ نَفْسِهِ.

7. كَلْمٌ: جُرْحٌ.

8. أَنْكى: أَشدُّ إيلامًا وتأْثيرًا.

9. السِّنانُ: نَصْل الرُّمْحِ.

10. مَرْهونَةٌ: مَحْبوسَةٌ، مَمْلوكَةٌ.

11. تَنْجُمُ: تخرج من - تَظْهَرُ والمَقْصودُ يَنْطِقُها الفَمُ.

12. مُحَرَّبٌ: التَّحريبُ: التَّحْرِيشُ والتَّحْدِيدُ، أي الحَادُّ الماضِي، وهو الأَسَدُ، والمقْصودُ قاطِعٌ فاتِكٌ.

13. لا يَجوزُ: لا يَمُرُّ هَباءً وبلا مَنْفَعَةٍ

14. نفاذُ: مَضَاءٌ وفاعِلِيّةٌ.


*123*

أجْواءُ النَّصِّ:

شُهْرَةُ أَكْثَمَ في الجاهِلِيَّةِ، أسْلوبُ الوَصِيَّةِ، التَّذْكيرُ بوَصِيَّةٍ أُخْرى لَهُ أوْ لِغَيْرِهِ مَثَلًا وَصِيَّةُ أُمامَةَ بنْتِ الحارِثِ.

أَسئِلَةُ المَضْمونِ:

1. بيّن أكثمُ لماذا قَدَّم الوصيَّةَ لبنيه ورهطه. اشرحْ ذلك ووضّحْهُ (الفَقْرة الأولى).

2. كَيْفَ أبْرَزَ أَكْثَمُ مُواصَفاتِ الحَياةِ السَّيِّئَةِ وكَيْفَ وَصَفَها؟ اذْكُرْ عَناصِرَ الْحَياةِ الَّتي ذَكَرَها، السَّطْرُ الأَوَّلُ والثّاني في الفَقْرَة (2).

3. ما هُوَ رَاْيُهُ بالنِّسْبَةِ للمَشوُرَةِ؟ سَطْر (3) الفَقْرَة الثّانِيَةُ.

4. حَذَّرَ مِنَ العَنيدِ، وَذَكرَ ما يَلْحَقُهُ مِنْ ضَرَرٍ سَطْر (3) الفَقْرَةُ الثَّانِيَةُ. وَضِّحْ ذلك.

5. كَيْفَ وَصَفَ خِداعَ الطَّمَعِ؟ وإلى أَيِّ نَتيجَةٍ يُوصِلُ؟ سَطْر (4) فَقْرَة (2).

6. يُوصِي أَكْثَمُ بالسَّيْرِ في الطَّريقِ السَّوِيِّ. ما هي المَنَفْعَةُ مِنْ ذلِكَ؟ ماذا قالَ في هذا الأَمْرِ؟ سَطْر (6) فَقْرَة (2).

7. ما هِيَ الَاضْرارُ الَّتي تَلْحَقُ بالحَسُودِ؟ السطران (7,6) فَقْرَة (2).

8. فاضَلَ أَكْثَمُ بَيْنَ الحِلْمِ والنَّدامَةِ. مَنِ الفَاضِلُ ومَنِ المَفْضولُ؟ بيِّنْ اسْتِثْمارَهُ لِحاسَّةِ الذَّوْقِ في المُفاضَلَةِ؟ سَطْر (1) فَقْرَة (3).

9. ذَكَرَ أَكْثَمُ كَلِمَةَ (كَلْم) الَّتي تَعني: (جُرْح). في أَيِّ سياق ذَكَرَ ذلِكَ، سَطْر (2) فَقْرَة (6).

10. ما هُوَ مَوْقِفُهُ مِنَ الكَلِمَةِ يَنْطِقُ بِها الشَّخْصُ؟ سَطْر (4,3)، فَقْرة (3).

11. كَيْفَ رَأى المَوْقِفَ قَبْلَ نُشوبِ الحَرْبِ؟ السَّطْرُ الأَخيرُ.

أسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. أَيْنَ يَقَعُ النِّداءُ في النَّصِّظ بَيِّنْ غَرَضَهُ.

2. إيتِ بأمْثِلَةٍ وَرَدَتْ بأُسْلوبِ الازْدِواج، وَضِّحْ ذلك وبَيِّنْ وظيفة الإزدواج.

3. أيْنَ يقعُ اسْلوبُ الشَّرْطِ في الوَصِيَّةِ، وما هِيَ أَدَواتُهُ؟ وَضِّحِ الشَّرْطَ والْجَوابَ.

4. وَرَدَ أُسْلوبُ القَصْرِ في النَّصِّ بالنَّفْيِ، ثُمَّ بأَداةِ الحَصْر إِلّا. اسْتَخْرِجْ نَماذِجَ مِنْهُ وبَيِّنْ وَظيفَتَهُ في المَضْمونِ.


*124*

5. اُذكُرْ نَماذِجَ مِنَ التَّشْخيصِ الَّذي وَرَدَ في النَّصِّ.

6. في قَوْلَيْهِ: فَهِيَ (الكَلِمَةُ) أسَدٌ مُحَرَّبٌ أوْ نارٌ تَلَهَّبُ، تَشْبيهٌ بَليغٌ. بَيِّنْ أَرْكانَهُ المَوْجودَةَ والمَحْذْوفَةَ وقيمَةَ ذلِكَ المَضْمونِيَّةَ.

7. جاءَتْ أَقْوالُ أَكْثَمَ عَلى صُورَةِ حِكَمٍ. لِماذا حَسَبَ رَاْيِكَ؟ وما قيمَةُ هذا الأُسْلوبِ؟

أَسْئلةُ الرّاْي والموقِفِ والقِيَمِ:

1. بَيِّنْ مَوْقِفَهُ مِنَ المالِ، والعِرْضِ، وما رَاْيُكَ في ذلِكَ؟ سَطْر (2)، فَقْرَة (3).

2. يَرى أنَّ الكَريمَ هَدَفٌ للاخْتِباراتِ والمَصائِبِ. ما هُوَ تَفْسيرُ ذلِكَ، حَسَبَ رَأْيِكَ؟ سَطْر (5) فَقْرَة (2).

3. ما رأيُكَ في قوْلِ أكثمَ: ومِنْ جَهَةِ التّواني وتَرْكِ الرّويّة يَتْلَفُ الحَزْم؟ سطر (6).

مراجع للتَّوسُّع:

1. كاظمُ الظّواهريّ: َأكثمُ بن صيفيّ ومأثوراته. دار الصابونيّ، دار الهداية، الطّبعة الأولى، 1412 ه - 1991 م.

2. شوقي ضيف: تاريخ الأَدب العربيّ، العصر الجاهليّ. مصر: دار المعارف، 1960.

3. كتب تاريخ الأَدب العر بيّ: عمر فرّوخ، جُرجي زيدان، حنّا الفاخوريّ وغيرها.

4. أحمد زكي صَفْوَتْ: جمهرةُ خُطَب العرب في عصور العربيّة الزّاهرة. شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابيّ وأولاده. عصر صدر الإسلام، ج1، الطبعة الثانية، 1381 ه (1962م).


*125*

البابُ السّادِسُ: الأَمْثالُ العَرَبِيَّةُ


*125*

1. مُقَدِّمَةٌ

2. جَزاءُ سِنِمّار

3. رَجَعَ بِخُفَّي حُنَين

4. وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة

أمثالٌ بدون قِصَصٍ:

1. كَأَنَّ عَلى رُؤوسِهِمُ الطّيْرَ

2. أَلْقِ حَبْلَهُ عَلى غارِبِهِ

3. مَنْ يَزْرَعِ الشَّوْكَ لا يَحْصُدْ بِهِ الْعِنَبا

4. رُبَّ أخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّكَ

5. أَنْجَزَ حُرٌّ ما وَعَدَ

6. رُبَّ قَوْلٍ أشَدُّ مِنْ صَوْلٍ

7. كَمُبْتَغي الصَّيْدِ في عِرّيسَةِ الْأَسَدِ


*126*

الأمْثالُ الجاهِلِيَّةُ


*126*

التّعريفُ: هي عِباراتٌ تُضْرَبُ في حَوادِثِ مُشابهَةٍ للحوادِثِ الأَصْلِيَّةِ الّتي جاءَت بها (1) (شوقي ضيف: الفنّ ومذاهبه في النّثر العربيّ، دار المعارف بمصر، ط:6، 1960، 20). ويقولُ إميلُ ناصف (2) (إميل ناصف: أروع ما فيل من الأمثال، بيروت: دار الجيل، ط: 7:1994:1): نَسْتَطيعُ تَعْريفَ المَثَلِ بأَنَّه عِبارَةٌ موجَزَةٌ يَسْتَحْسِنُها النّاسُ شَكْلًا وَمَضْمونًا، فَتَنْتَشِرُ فيما بَيْنَهُمْ وَيَتَناقَلُها الخَلَفُ عن السَّلَفِ دونَ تَغْييرٍ، مُتَمِثّلينَ بها غالِبًا في حالاتٍ مُشابِهَةٍ لما ضُرِب لها المثَلُ أَصْلًا وإنْ جُهِلَ هذا الأَصلُ.

وَعَلَيْهِ فِإنَّ المَثَلَ العَربِيَّ، وبخاصَّةٍ القَديمَ، لا بُدَّ له من مُنْطَلَقٍ إِمّا حَقيقِيٍّ مِثْلَ (أَكرَمُ مِنْ حاتَمٍ) و (أَشْأمُ من البَسوسِ)، فحاتم الطَّائِيُّ حَقيقَةٌ تاريخِيَّةٌ وكذلك نَاقَةُ البَسوسِ سَبَبُ حَرْبِ البَسوسِ. وإِمّا أَنْ يكونَ منطَلَقُ المَثَلِ حِكايةً أسْطوريَّةً قد لا تَكونُ حَقيقِيَّةً ولكنَّ حدوثَ تجارِبَ بَشَرِيَّةٍ بمواصَفاتِها. وقد تَوَصَّلَ البَعْضُ إلى أنَّ المَثَلَ وِفْقَ هذا التَّعْريفِ يَشْمَلُ أرْبعةَ أُمورٍ (3) (المكان السّابق):

هذا ولا بُدَّ من القَوْلِ بأَنَّ الَأمْثالَ والحِكَمَ تَتَشابَهُ لَدى الشُّعوبِ في كَثير مِنْها، وتَفْسيرُ ذلك، أَنَّ حَرَكَةَ النَّاسِ في الحَياة تُلاقي مَشاكِلَ مُتَشابِهَةً، والإنْسانُ هو الإنْسانُ مُتَّحِدٌ ومُتَشابِهُ التَّركيبِ المادِّيِّ من دَمٍ ولَحْمٍ ومَشاعِرَ، يُحِسُّ بالفَرْحَةِ والسُرورِ، كَما يَضرِبُه الحُزنُ والجَزَعُ، ويَتَأَلَّمُ إذا أُصيبَ بما يُسَبِّبُ الأَلَمَ الجِسْمِيَّ. فالمُتنبّي مَثَلًا يَقولُ:

من يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوانُ عَلَيْهِ ما لجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إِيلامُ

والأديب العبريّ (אחד העם) (أحاد هعام) يقولُ مَقالٍ له باسْم (חצי נחמה) (نِصْفُ تَعْزِيَةٍ) (אין בשר המת מרגיש באזמל)

وكذلك يقول المتنبّي:

وَمَنْ يَكُ ذا فَم مُرٍّ مَريضٍ يَجِدْ مُرًّا بِهِ الماءَ الزُّلالا

وتأتي هذه الحِكْمَةُ على لسانِ الشَّاعِر المَهْجَرِيِّ إيليا أبي ماضي:

والذي نَفْسُهُ بِغَيْرِ جَمالٍ لا يَرى في الوُجودِ شيْئًا جَمِيلا

جُمِعَت الأمثال القيدمة والحديثة في كُتُب وأشهر الكُتب القديمة، كتاب مَجمعِ الأمثال للميداني، والمُسْتَقْصى في أمثالِ العَرَب للزمخشري.


*127*

جَزاءُ سِنِمّارَ


*127*

(1. المثل في جمهرة الأَمثال لأبي هلال العسكريّ (توفيّ بعد عام 1005 م بقليل). انظر معاني سِنِمّار في لسانِ العرب (سنم)) - مَجْمَعُ الأمثالِ للمَيْداني 828 (2) (تشير الأرقام الّتي تظهر بعد المثل إلى التّرقيم الأصليّ في كتاب مجمع الأمثال للميدانيّ).

أَيْ جَزاني جَزَاءَ سِنِمَّارَ، وهو رَجُلٌ رومِيٌّ بَنى الخَوَرْنَقَ (2) الّذي بِظَهْرِ الكُوفَةِ (3) للنُّعمانِ بنِ امْرِئِ القَيْسِ، فلمَّا، فَرَغَ مِنْهُ ألْقاهُ من أَعْلاهُ فَخَرَّ مَيِّتًا، وإنَّما فَعَلَ ذلك لَئِلّا يَبْنِيَ مِثْلَهُ لِغَيْرِهِ، فَضَرَبَتِ العَرَبُ به المَثَلَ لِمَنْ يَجْزي بالإحْسانِ الإساءَةَ.

قال الشّاعر:

جَزَتْنا بَنو سَعْدٍ بِحُسْنِ فِعالِنا جَزاءَ سِنِمّارَ وما كانَ ذا ذَنْبِ

ويُقالُ هو الّذي بَنَى أُطُمَ (4) أُحَيْحَةَ بْنِ الجُلاحِ، فلمَّا فَرَغَ منهُ، قالَ لَهُ أُحَيْحَةُ: لقد أحْكَمْتَه (5)، قال: إِنّي لَأَعْرِفُ فيه حَجَرًا لو نُزِعَ لتقوَّضَ (6) مِنْ عِنْدِ آخِرهِ، فسألَهُ عن الجرِ، فأراهُ مَوْضِعَهُ، فدَفَعَهُ أُحَيْحَةُ من الأُطُمِ فَخَرَّ مَيِّتًا.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. سِنِمَّارُ: بَنّاءٌ رومِيٌّ مُجيدٌ بَنَى الخَوَرْنَقَ الّذي بِظَهْرِ الكوفَةِ للنُّعمانِ بنِ المُنْذِرِ مَلِكِ الحِيرَةِ (3) (مملكة اللّخميّين وكانت على ثلاثة أميال جنوبيّ الكوفة، اشتهرت بالقمح والنّخيل، وكان فيها عدد من النّصارى، ومنهم شاعر الحيرة عديّ بن زيد وقد تنصَّر ملوكها أخيرًا ومنهم الشّاعر عمرو بن هند. وأقامت أمّه دَيْرًا فيها، وبقيت إلى أن استسلمت لخالد بن الوليد في الإسلام).

2. الخَوَرْنَقُ: قَصْرٌ بَناهُ النُّعمانُ الأَكْبرُ مَلِكُ الحيرَةِ. وبَناهُ بُنْيانًا عَجيبًا لم تَرَ العَرَبُ مِثْلَهُ واسْمُ الّذي بَناه له سِنِمَّار وكان بَناهُ في عِشرينَ سَنةً.

3. ظَهْر الكوفَةِ: خارِجُها.

4. الأُطُمُ: القَصْرُ وكُلُّ بَيْتٍ من الحِجارَةِ.

5. أَحْكَمَتَهُ: َأتْقَنْتَهُ تَمامًا.

6. تَقَوَّضَ: انْهَدَمَ.


*128*

أجْواءُ النَّصِّ:

ما هُوَ الْمَثَلُ؟ الكُتْبُ المَعْروفَةُ: الْمَيْدانِيُّ - مَجْمَعُ الأَمْثال، الزَّمَخْشَرِيُّ: الْمُسْتَقْصى، أَمْثالٌ فِلِسْطينِيَّةٌ، مِصْرِيَّةٌ، عِراقِيَّةٌ، تَرْجَمَةٌ عامِّيَّةٌ مُوازِيَةٌ للمَثَلِ أَحْيانًا، أَمْثالٌ مِنَ القُرْآنِ الكَريمِ، الَقُصورُ المَشْهورَةُ في تاريخِ العَرَبِ.

أسْئلَةُ المَضْمونِ:

1. يَذْكُرُ الْمَثَلُ شَخْصًا دارَتْ حَوْلَهُ الحِكايَةُ الَّتي أَصْبَحتْ مَثَلًا. مَنْ هُوَ؟ وماذا أفَادَنَا المَثَلُ عَنْهُ؟

2. قامَ هذا الرَّجلُ بَعَمَلٍ مُمْتازٍ، فأخَذَ جَزاءَهُ. المَطْلوبُ: تَعريفُ ما هُوَ العَمَلُ؟ ولِمَنْ قامَ بِهِ؟ وما هُوَ جَزاؤُهُ عَلى ذلِكَ؟

3. اشْرَحْ مَعْنى بَيْتِ الشِّعْرِ الَّذي وَرَدَ في النَّصِّ.

4. هُنالِكَ نِسْبَةٌ أخْرى لِهذا المَثَلِ. مَنْ أَصْحابُها وما هِيَ نِهايَتُها؟

أسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. سَيْطَرَ أسْلوبُ القَصِّ عَلى عَرْضِ الصُّورَةِ السَّرْدِيّةِ للمَثَلِ. ما هِيَ عَناصِرُ القِصَّةِ الْمَوْجودَةِ في النَّصِّ؟

2. بُنِيَ النّصُّ بأسْلوبِ البَحْثِ وَتَقَصِّي الحادِثةِ بِصورَةٍ ثانِيةٍ. ما المقصود؟ وَضِّحْ ذلِكَ.

3. امْتازَ النَّصُّ بأُسْلوبِ الشَّرْحِ والتَّفسْيرِ. هاتِ أمْثِلَةً تُوَضِّحُ هذا الأُسْلوبَ.

4. يَتَضَمَّنُ بَيْتُ الشِّعْر الَّذي اسْتَشْهَدَ فيهِ تشْبيهًا بَليغًا. وَضِّحْ أَرْكانَهُ وبين قيمتَه المَضمونِيَّةَ والجَمالِيَّةَ.

5. هل ينطبق هذا لمثل على القَوْلِ: الجَزاءُ من جِنْسِ العَمَلِ؟ بَيَّنْ ذلك واشْرَحْهُ.

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَمِ:

1. هل ترى أن حكايةَ هذا المثل تحملُ عِظةَ إصلاحٍ للجميع أم أنها تضرُّ به؟ وَضِّحْ رأيك.

2. ما رأيكَ لو كان جزاءُ الإحسانِ إحسانًا؟ كيف ستكون النتيجة؟

3. هل حسب رأيك - يمكن أن تتشابه أحداثٌ في عصرنا مع هذا المثل؟ هات مثالًا على ذلك.

4. لو كنتَ مكانَ (النعمان) هَلْ كنتَ تتصرّفُ بشكل آخر؟ كيف؟ ولماذا؟


*129*

مراجع للتَّوَسُّع:

1. شوقي ضيف: الفنّ ومذاهبه في النّثر العربيّ. دار المعارف بمصر، ط6، 1960.

2. إميل ناصف: أروع ما قيل من الأمثال. بيروت: دار الجيل، ط7، 1994.

3. عبد المجيد عابدين: الأمثال في النّثر العربيّ القديم. مكتبة مصر، 1956.


*130*

رَجَعَ بِخُفَّيْ حُنَيْنٍ (1) 1568


*130*

قالَ أَبو عُبَيْد (2): أصْلُهُ (3) أنَّ حُنَيْنًا كانَ إسْكافِيًّا (4) منْ أهْلِ الحيرَةِ (5) فساوَمَهُ (6) أَعْربيٌّ بِخُفَّيْنِ (7) فاخْتَلفا حتّى أغْضَبَهُ، فأَرادَ غَيْظَ (8) الأَعْرابيّ، فلَمّا ارتَحَلَ الأَعْرابيُّ أخَذَ حُنَيْنٌ أَحَدَ خُفّيْهِ وَطَرَحَهُ في الطَّريقِ، ثُمَّ أَلقى الآخَرَ في مَوْضِعٍ آخَرَ، فلَمّا مَرَّ الأَعْرابيُّ بأَحَدِهِما قالَ: ما أَشْبَهَ هذا الخُفَّ بخُفِّ حُنَيْنٍ، ولَوْ كانَ مَعَهُ الآخَرُ لأَخَذْتُهُ، ومَضى فلَمّا انْتَهى (9) إلى الآخَرِ نَدِمَ على تَرْكِهِ الأَوَّلَ، وقد كَمَنَ (10) لهُ حُنَيْنٌ، فلمَّا مَضى الأَعْرابِيُّ في طَلَبِ الأَوَّلِ عَمَدَ (11) حُنَيْنٌ إلى راحِلَتِهِ وما عَلَيْها فذَهَبَ بها، وأَقْبَلَ الأَعْرابِيُّ ولَيْسَ مَعَهُ إلّا الخُفَّانِ، فقالَ لَهُ قَوْمُهُ: ماذا جِئْتَ بهِ مِنْ سَفَرِكَ؟ فقالَ: (جئتكُمْ بخُفَي حُنَيْنٍ) فذَهَبَتْ مَثَلًا. يُضْرَبُ عندَ اليَأْسِ من الحَاجَةِ والرُّجوعِ بالخَيْبَةِ.

شَرْح الكَلِماتِ:

1. انْظُرِ المَثلَ: 1363 في (مَجْمَعِ الأمْثال): أَخْيَبُ من حُنَيْن.

2. أَبو عُبَيْد (157-224ه): القاسِمُ بنُ سَلامٍ الهرَوِيِّ الأُزْدِيّ، الخُزاعِيّ، البَغْدادِيّ، من كِبارِ العُلَماءِ بالحديثِ والأَدَبِ والفِقْهِ. رَحَلَ إلى مِصْرَ سنة 213ه وحَجَّ فتُوُفِّيَ في مَكَّةَ، له عِدَّةُ كُتُب مَعروفَةٍ في الحَديث وفي القُرآن الكَريم وله كِتابُ (الأَمْثالِ) الّذي شَرَحَهُ أبو عُبَيْدٍ البَكْرِيّ بِاسْم: (فَصْلُ الْمَقالِ في شَرْحِ كِتابِ الأَمْثالِ).

3. أَصْلُهُ: أيْ أصْلُ الْمَثَلِ ومصْدَرُهُ.

4. إسْكافّ: صانع الأحذيةِ.

5. الحِيرَةُ: مَدينَةٌ في جَنوبِ العِراقِ.

6. ساوَمَهُ: عَرَضَ البائِعُ سِلْعَتَهُ للبَيْعِ بثَمَنٍ ودَفَعَ له المُشْتَري أَقَلَّ مِنْهُ. وَجَرى الحَديثُ بَعْدَها حَوْلَ السّعرِ الْمَقْبولِ على الطَّرَفَيْن.

7. خُفَّانِ: حِذاءان، نَعْلان.

8. الغَيْظُ: الحُنْقُ أو الغَضَبُ الشَّديدُ.

9. انْتَهى إِلَيْهِ: وَصَلَ عِنْدَهُ.

10. كَمَنَ: توارَى واسْتَخْفى.

11. عَمَد إلى: قَصَدَ.


*131*

وقال ابنُ السِّكِّيتِ (1): حُنَيْنٌ كانَ رَجُلًا ادَّعى (2) إِلى أَسَدِ بنِ هاشِمٍ (3) بنِ عَبْدِ مَنافٍ، فأَتى عَبْدَ المُطَّلِبِ (4) وعَلَيْهِ خُفَّانِ أَحْمَرانِ فقالَ: يا عَمُّ أَنا ابنُ أسَدِ بنِ هاشِمِ. فقالَ عَبْدُ المُطَّلِبِ: لا وَثِيابِ ابنِ هاشِمٍ ما أَعْرِفُ شَمائِلَ (5) هاشِمٍ فيكَ فارْجِعْ فرَجعَ. فقالُوا: (رَجَعَ بِخُفَّي حُنَيْنٍ) فَصارَ مَثَلًا.

شَرْحُ الكَلِمات:

1. ابنُ السِّكِّيت: عالِمٌ باللُّغَةِ والنَّحْوِ والشِّعْرِ، وسُمِّي أَبوهُ السِّكِّيت لطولِ سُكوتِهِ، وُلِدَ سنة 185ه وماتَ سنَ 244ه ولهُ كُتُبٌ أَشْهَرُها: إصْلاحُ الْمَنْطِقِ وتَهذيبُ الأَلْفاظِ.

2. ادَّعى إلى: انْتَسَب، نَسَبَ نَفْسَهُ.

3. هاشمٌ: أبِو عَبْدِ المُطَّلِبِ واسْمُه عَمْرو، وسُمِّيَ هاشِمًا لأَنَّهُ أَوَّلأَ من ثَرَدَ الثَّريدَ (طَعامٌ) وهَشَمَهُ لأَهْلَ الحَرَمِ.

4. عَبْدُ المُطَّلبَ: جَدُّ الرَّسولِ (ص).

5. شمائِلُ: صِفاتٌ.

أسْئِلَةُ المَضْمونِ:

1. يَذْكُرُ الرّاوي أَبو عُبَيْدٍ تَأْصيلًا لِلْمَثَلِ. ما هِيَ الحَقَائِقُ الَّتي أَرْجَعَ المَثَلَ إِلَيْها؟ السّطر الأوّل.

2. ما هِيَ مُواصَفاتُ شَخْصِيَّةِ (الإسْكافِيّ) الاجْتماعِيَّةُ والَعَقْليَّةُ كَما يَعْكِسُها النَّصُّ؟

3. ما هِيَ تَفاصيلُ الْخِدْعَةِ الَّتي قامَ بِهَا حُنَيْنٌ؟

4. وَرَدَتْ في السَّطْرِ ما قَبْلَ الأَخيرِ في الْفَقْرَةِ الأولى جُمْلَةُ: (فَذَهَبَتْ مَثَلًا). ماذا تَعْني هذِهِ الْجُمْلَةُ؟

5. كَيْفَ عَرَضَ ابْنُ السِّكّيتِ (عالِمٌ باللُّغَةِ والنَّحْوِ) أَحْداثَ هذا المَثَلِ؟

6. هَلْ يوجَدْ ما يُشابِهُ هذا المَثَلَ في أَمْثالِنا المَحَلِّيَّةِ؟ هات نموذجًا مما تعرفه.

7. هاتِ مثالًا من حياتِنا ينطبِقُ عليه القَوْلُ: (أضاعَ الكثيرَ وبقي لَهُ التّافِهُ القليلُ).

أسْئِلَةُ الأُسْلوبِ والرأي:

1. ما رأْيُكَ فِي طَبَيعةِ الْعِباراتِ واللُّغَةِ الَّتي عُرِضَ بِها المَثَلُ؟

2. ما هِيَ المِيزَةُ الأُسْلوبِيَّةُ في عَرْضِ الْمَثَلِ الَّتي تَبنّاها الْمَيْدانِيّ؟

3. هَلْ تَجِدُ تَوْضيحًا مُناسِبًا لِلْمَثَلِ في آخِرِ الأَحْداثِ؟

4. يَكْثُرُ ورُودُ حَرْفِ الفاءِ في أوَّلِ الأَفْعالِ، اسْتَخْرِجْ ذلِكَ مِنَ النَّصِّ وبَيِّنْ الدّوْرَ الَّذي قامَ بِهِ هذا الْحَرْفُ في نَسْجِ الأَحْداثِ.


*132*

5. ما هي اليمة الاجتماعية التي تعكسها هذه الحكاية وما أثرها حسب رأيك على العلاقات بين الناس؟ وَضِّحِ الإجابة.

مراجع للتَّوَسُّع:

ذُكِرَتْ بَعْدَ المَثَلِ (جزاءُ سِنِمَّار) فارْجِعْ إِلَيْها.


*133*

وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة - 4340


*133*

قالَ الشَّرْقِيُّ (1) بنُ القُطامِيِّ: كانَ رَجُلٌ من دُهاةِ العَرَبِ وعُقلائِهم يُقالُ لَهُ (شَنٌّ) فقالَ: واللهِ لأُطَوِّفَنَّ حَتّى أَجِدَ امْرأَةً مِثْلي أَتَزَوَّجُها. فَبَيْنَما هُوَ في بَعْضِ مَسيرِهِ، إذْ وافَقَهُ رَجُلٌ في الطَّريقِ، فَسَأَلَهُ شَنٌّ: أيْنَ تُريدُ؟ فقالَ: مَوْضِعَ كذا، يُريدُ القَرْيَةَ الّتي يَقْصِدُها شَنٌّ، حَتّى أَخَذا في مَسيرِهِ، قالَ لَهُ شَنٌّ: (أَتَحْمِلُني أمْ أحْمِلُك)؟ فقالَ له الرَّجُلُ: (يا جاهِلُ، إنَا راكِبٌ وأنْتَ راكِبٌ، فكيفَ أحْمِلُكَ أَوْ تَحْمِلُني؟) فَسَكَتَ عَنْهُ شَنٌّ، وسارا حتّى إِذا قَرُبا مِنَ القَرْيَةِ، إذا بِزَرْعٍ قَدْ اسْتَحْصَدَ، فَقالَ (شَنٌّ): (أَتُرى هَذا الزَّرْعُ اُكِلَ أَمْ لا؟) فَقالَ لَهُ الرَّجُلُ: (يا جاهِلُ، أَتَرى نَبْتًا مُستَحْصِدًا فتقولُ أُكِلَ أَمْ لا). فَسَكَتَ عَنْهُ شَنٌّ، حتّى إذا دَخلا القَرْيَةَ لَقَيِتْهُما جَنازَةٌ فقالَ شَنٌّ: (أتُرى صاحِبَ هذا النَّعْشِ حَيًّا أوْ مَيِّتًا؟) فَقالَ لهُ الرَّجُلُ (ما رأَيْتُ أجْهَلَ مِنْكَ، 10 تَرى جَنازَةً ـَسْأَلُ عنْها، أَمَيْتٌ صاحِبُها أمْ حَيٌّ! فَسَكَتَ عَنْهُ شَنٌّ، فأَرادَ مُفارَقَتَهُ، فأَبى الرَّجُلُ أَنْ يَتْرُكَهُ حتّى يَصيرَ بِهِ (2) إِلى مَنْزِلِهِ، فَمَضى مَعَهُ، فكانَ للرَّجُلِ بِنْتٌ يُقالُ لها (طَبَقَةُ)، فلَمَّا دَخَلَ عَلَيْها أَبوها سأَلَتْهُ عن ضَيْفِهِ، فأخْبَرَها بمُرافَقَتِهِ إيَّاهُ، وشَكا إِلَيْها جَهْلَهُ، وحَدَّثَها فَقالَتْ: يا أَبَتِ، ما هذا بجاهِلٍ، أَمَّا قَوْلُهُ: (أتَحْمِلُني أَمْ أَحْمِلُكَ) فأرادَ، أَتحدِّثُني أَمْ أُحَدِّثُكَ حَتّى نَقْطَعَ طَريقَنا، وأَمّا قَوْلُهُ: (أَتُرى هذا الزَّرْعُ أُكِلَ أَمْ لا)، فأَرادَ هَلْ باعَهُ أهْلُهُ فأَكَلوا ثَمَنَهُ أمْ لا، وأَمَّا قَوْلُهُ في الجَنازَةِ، فأرادَ هَلْ تَرَكَ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الشَّرْقِيُّ بنُ القُطامِيّ: ت سنة 155ه، هو الوَليدُ (المعروفُ بشَرْقِيّ) بنُ حُصَيْنِ الملقَّبُ بالقُطامِيّ ابنِ حَبيبٍ الكَلْبيّ. عالِمُ بالأَدَبِ والنَّسَبِ من أَهلِ الكُوفَةِ، اسْتَقْدَمَهُ منها أَبو جَعْفَرٍ الْمَنْصورُ إلى بَغْداد ليُعَلِّمَ وَلَدَهُ المَهْدِيَّ الأَدَبَ، وكانَ صاحِبَ سَمَرٍ، وَرَ نحووَ عَشْرةَ أحاديثَ ضَعيفَةٍ، (تاريخ بغداد: 278:9)

2. صَارَ به إِلى: أَخَذَهُ إِلى، أَوْصَلَهُ إلى.


*134*

عَقِبًا (1) يَحْيا بهم ذكْرُهُ أَمْ لا، فَخَرَجَ الرَّجُلُ فَقَعدَ معَ شَنٍّ فَحادَثهُ ساعَةً ثُمَّ قالَ لَهُ: أتُحِبُّ أَنْ أفَسِّرَ لَكَ ما سأَلْتَني عَنْه؟ قالَ نَعَمْ فَسِّرْهُ. فَفَسَّرَهُ، قالَ شَنٌّ: ما هذا مِنْ كَلامِكَ، فأَخْبِرْني عن صاحِبِهِ، قالَ: ابْنَةٌ لِي، فخَطَبَها إِلَيْهِ، فَزوَّجَهُ إيّاها، وحَمَلها إلى أَهْلِهِ، فلمَّا رأَوْها قالوا: (وافَقَ شَنٌّ طَبَقَة)، فذَهَبَ مَثَلًا يُضْرَبُ للمُتَوافِقَيْن. وقالَ الأصْمَعِيُّ (2): هُمْ قَوْمٌ كان لَهُمْ وِعاءٌ من أَدَمٍ فَتَشَنَّنَ (3) فَجَعَلوا له طَبَقًا فوافَقَهُ، فقيلَ: وافَقَ شَنٌّ طَبَقَهُ، وهكذا رَواهُ أَبو عُبَيدٍ في كِتابِهِ وَفَسَّرَهُ. وقالَ ابنُ الكَلْبِي (4): طَبَقَةُ قَبيلَةٌ من إيادٍ كانَتْ لا تُطاق فَوقَعَ (5) بها شَنٌّ بْنُ أَفْصى بنِ عبدِ القَيْسِ بنِ أَفْصى بنِ دُعْمِيٍّ بنِ جَديلَةَ بنِ أَسَدٍ بنِ رَبيعةَ بنِ نِزارٍ، فانْتَصَفَ (6) مِنْها وأَصابَتْ (7) مِنْهُ، فصارَ مَثَلًا للمُتَّفِقَيْنِ في الشِّدَّةِ وَغَيْرِهَا.

قال الشّاعر:

لَقِيَتْ شَنٌّ إِيادًا بالْقَنا (8) طَبَقًا وافَقَ شَنٌّ طَبَقَهْ

وزادَ المتأخِّرونَ (9) فيه: وافَقَهُ فاعْتَنَقَهُ.

شَرْحَ الكَلِماتِ:

1 العَقِبُ: أعْقَبَ فلانٌ تَرَكَ عَقِبًا أيْ أنْجَبَ أَوْلادًا.

2. الأَصْمَعِيُّ: أَبو سَعيدٍ عبدُ المَلكِ بنُ قُرَيْب. ابنِ أَصْمَع وُلِدَ سَنَةَ 123ه، وماتَ سنة 216 ه بخُراسانَ. عاشَ زَمَنَ هارون الرَّشيدِ وابنِهِ المَأْمونِ. كان صاحِبَ لُعَةٍ وَنَحْوٍ وإمامًا في عِلْمِ الشِّعْرِ ورِواياتِهِ ونَقْدِهِ، ثِقَةٌ في الأَخْبارِ، أَمّا كُتُبُهُ فَكثيرةٌ جِدًّا مَذْكورَةٌ في كِتابِ (الفَهْرَسْتْ) لابْن النَّديم وهو صاحِبُ كتابِ (الأَصْمَعِيّاتِ) وهو مُختاراتٌ من الشِّعْرٍ.

3. تَشَنَّن: وهو بالعِبْريَةِ (התישן) بَلِيَ.

ومن المْجَاز (لا يَتْفَهُ ولا يَتَشانَّ): لا يَخْلُقُ ولا يَبْلى. (الزَّمَخْشَريّ) أساسُ البَلاغَة ش. ن. ن.

4. ابنُ الكَلْبِّ: محمّدٌ بنُ السّائِبِ تُوُفِّيَ سنة 146ه نَسَّابٌ (عالِمٌ بالأنْساب والتّاريخ)، روايةٌ (للأَحاديث) وعالِمٌ بالتَّفاسِيرِ والأَخْبارِ وأيَّامِ العَرَب من أَهلِ الكُوفَةِ، مَوْلِدُهُ ووَفاتُهُ فيها، وهو صاحِبُ كتاب (الأَصْنام) و (وفِيَّات الأعْيَان). إحسان عبّاس، ج1، ص393.

5. وَقَعَ بِها: أيْ قاوَمَها وقاتَلَها لأَنَّها اعتَدَتْ عَلَيْهِ.

6. انْتَصَفَ مِنْها: انتَقَمَ مِنْها.

7. أَصابَتْ مِنْه: من المَجاز: آلمَتْهُ وآذَتْهُ، المقصودُ قَبيلَةُ طَبَقَة الّتي هي قَبيلَةٌ من إيادٍ.

8. القَنا: السُّيوفُ.

9. المتأَخِّرون: النَّاسُ الّذين عاشُوا بَعْدَ فَتْرةِ المَثَلِ المذْكور.


*135*

أسْئِلَةُ المَضْمون:

1. ما هِيَ صِفاتُ الرَّجُلِ الّذي تَدورُ الحِكايَةُ حَوْلَهُ؟ السَّطْرُ الأوَّلُ.

2. ما هُوَ قَرارُ هذا الرَّجُلِ؟ وَهَلْ كانَ صائِبًا في اتِّخاذِ هذا القَرارِ؟ سطر (2)

3. ما سَبَبُ مُصاحَبَةِ شَنٍّ الرَّجُلَ في مَسيرِهِ؟ السطران (3، 4)

4. عَدِّدِ الْأَسْئِلَةَ الَّتي وَجَّهَها شَنٌّ لِرَفيقِ دَرْبِهِ، وَما هُوَ وَجْهُ الغَرابَةِ الَّذي أَدْهَشَ الرَّجُلَ؟ الاسطر (4-10)

5. ما هِيَ طَبيعَةُ إِجاباتِ الرَّجُلِ رَفيقِ الدَّرْبِ عَلى أَسْئِلَةِ شَنٍّ؟

6. لِماذا رَفَضَ شَنٌ أنْ يَكونَ التَّفْسيرُ لأَسْئِلَتِهِ مِنْ فِكْرِ صاحِبِهِ؟ السطران (17، 18)

7. كَيْفَ كانَتْ نَتيجَةُ حُلولِ شَنٍّ ضَيْفًا عَلى الرَّجُلِ؟ السطران (18، 19)

8. إيتِ بِحالَتَيْن يُمْكِنُ أنْ يَكونَ الْمَثَلُ (وافَقَ شَنُّ طَبَقَة) مُناسِبًا لَهُما.

9. ما هِيَ رِوايَةُ ابنِ الْكَلْبِيِّ؟ وَما الْفَرْقُ بَيْنَها وَبَيْنَ رِوايَةِ الأَصْمَعِيِّ؟ الأسطر (22، 24)

10. ما هِيَ صِفاتُ والِدِ طَبَقة كَما تَسْتَنْتِجُها مِنَ النَّصِّ؟

أسْئِلَةُ الأُسْلوبِ:

1. أُثْبِتَ الْمَثَلُ بِرِواياتِهِ الثَّلاثِ بأسْلوبِ القِصَّةِ. اُكْتُبْ عَناصِرَ القِّصَّةِ الْمَوْجودَةِ وَاشْرَحْها.

2. وَرَدَتْ أَسْئِلَةُ شَنٍّ بأسْلوبِ التَّخْييرِ وَضِّحْ ذلك.

3. أشِرْ إلى خُطواتِ مَبْنى السَّرْدِ في النَّصِّ: الْعَرْضُ، التَّأَزُّمُ وبَسْطُ الأَحْداثِ، الْحَلُّ، النَّتيجَةُ واسْتِخْلاصُ الْمَثَلِ، التَّعْريفُ بِالْمُناسَبَةِ لِضَرْبِ الْمَثَلِ.

4. ما هِيَ دَلالَةُ (إِذْ) و (إِذا) و(حَتّى) في النَّصِّ؟

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَمِ:

1. هَلْ تَعْتَقِدُ أنَّ مِعْيارَ شَنٍّ للزَّواجِ سَبَبٌ في نَجاحِ الأُسْرَةِ وَبِنائِها بِشَكْلٍ سَليمٍ؟

2. هَلْ ترى أنَّ أسلوبَ شَنٍّ في البحثِ عن قرينة حياة نموذجٌ يحتذى به. اشرحْ إِجابتِك.

3. وَضِّحِ المعنى المباشِرَ الذي لم يقصدْهُ والمعنى شَنٌّ والمعنى غيرَ المباشر الذي قصده في أسْئِلَتِهِ.

6. لِماذا حَسَبَ رَاْيِكَ - ارادَ شَنٌّ مُفارَقَةَ الرَّجُلِ؟ وَما الَّذي مَنَعَ الْمُفارَقَةَ؟


*136*

أمْثالٌ بِدونِ قِصَصٍ

كَأَنَّ عَلى رُؤوسِهِمُ الطّيْرَ - 3048

يُضْرَبُ للسّاكِنِ الوادِعِ.

وفي صُفَّةِ (1) مَجْلِسِ رَسولِ اللهِ (ص): (إذا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلساؤُه (2) كأَنَّما على رؤوسِهُمُ الطَّيْرَ). يُريدُ أَنَّهم يَسْكنونَ ولا يَتَكَلَّمونَ، والطَّيْرُ لا تَسْقُطُ إلّا على ساكِنٍ (3).

1. صُفَّةِ مَجلِسِ رَسولِ الله: مَوْضعٌ مظَلَّلٌ في مَسْجدِ المدينةِ كانَ أهْلُ الصُّفَّةِ وَهُمْ فُقراء المهاجرين يَأْوُونَ إليهِ.

2. أَطْرَقَ جُلَساؤُهُ: أَصْغُوْا خافِضينَ رُؤوسَهُمْ.

3. الطَّيْرُ لا تَسْقُطُ إلّا على ساكِنٍ: لا تَقِفُ إلّ عَلى سَاكِنٍ.

أَسْئِلَةُ المَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. بِأَيّ لَوْنٍ بَلاغِيٍّ وَرَد هذا الْمَثَلُ؟

2. في أَيِّ حَالَةٍ يُطَبَّقُ هذا الْمَثَلُ؟

3. ما عَلاقَةُ الرَّسولِ (صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَهذا الْمَثَلِ؟

4. ما هِيَ ضَرورَةُ كَوْنِ الضَّميرِ جَمْعًا في هذا الْمَثلِ؟

5. قالوا إذا كانَ الكلامُ من فِضّةٍ فالسكوتُ من ذَهَب، هل يُناقض هذا القولُ المثلَ حسب رأيك؟

6. لِماذا كانَ الطَّيْرُ مادَّةً مُناسِبَةً لِهذا الْقَوْلِ؟

أَلْقِ حَبْلَهُ عَلى غارِبِهِ - 3483

أَصْلُهُ النّاقَةُ، إذا أَرادُوا إِرْسالَها لِلرَّعْي، أَلْقَوْا جَديلَها على الغَارِبِ ولا يُتْركُ فَيَمْنَعُها من لرَّعْي. يُضْرَبُ لمن تُكْرَهُ مُعاشَرَتُهُ، تَقولُ: دَعْهُ يَذْهَبُ حَيْثُ يَشاءُ.

3. غارِبُهُ: ظَهْرُهُ. جَديلُها: الجَديل: حَبْلٌ مَفْتولٌ من أَدَمٍ (جِلْدٍ أو شَعْرٍ) يَكونُ في عُنُقِ البَعيرِ أَوْ النَّاقَةِ والجَمْعُ جُدْلٌ.


*137*

اَسْئِلَةُ المَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. مَنْ صاحِبُ الطَّلَب (ألْقِ) - حَسَبَ رَأْيِكَ؟

2. مَنْ يُقْصَدُ بِضَميرِ المُخاطَبِ؟

3. ما هُوَ المَعْنى الحَقيقِيُّ المباشر لِلَقَوْلِ؟ وَما هُوَ الْمَعْنى غير المباشر؟

4. ما هُوَ أَصْلُ إلْقاءِ الحَبْلِ عَلى الغَارِبِ؟

5. هَلْ تَعْرِفُ دَلالاتٍ أُخْرى لِلحَبْلِ؟

6. هل يصِحُّ أنْ يُتَّبَع هذا المثل كأسلوب تربية. ما رأيك؟

مَنْ يَزْرَع الشَّوْكَ لا يَحْصُدْ بِهِ الْعِنَبا - 4116

مَنْ أَساءَ إلى إِنْسانٍ فَلْيَتَوقَّع مِثْلَهُ.

أَسْئِلَةُ المَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. هذا الْقوْلُ مَجازِيٌّ. وَضِّحِ المَجازَ في:

يَزْرَعُ الشَّوْكَ، يَحْصُدُ العِنَب.

2. لِماذا أُضيفَتِ الأَلِفُ بَعْدَ البْاءِ في العِنَبِ؟

وبِكَلِماتٍ أُخْرى، حُوِّلَتِ الْفَتْحَةُ عَلى الباءِ في كَلِمَةِ (عِنَبَ) إِلى حَرَكَةٍ طَوِيلَةٍ وهِيَ الأَلِفُ 0عِنَبا).

3.هَلْ حَسَبَ فَهْمِكَ للنَّصِّ - هو مَثَلٌ أو حِكْمَةٌ؟ وَضِّحْ لِماذا؟

4. ما الْفَرْقُ في الأُسْلوبِ بَيْنَ صَدْرِ الْقَوْلِ: مَنْ يَزْرِعْ، وعَجُزِهِ: لا يَحْصُدْ؟

5. مَثِّلْ لِهذا الْقَوْلِ بِحالَتَيْنِ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِما.

6. مَثِّلْ بِحالَتَيْنِ لِتَسَاوي الْعَمَلِ والْجَزاءِ.

7. هاتِ مِثالًا مِنَ القُرْآنِ الَكريمِ لِحالَةِ: الْحَسَنُ يُقابِلُهُ الْحَسَنُ، والسَّيِّءُ يُقابِلُهُ السِّيِّءُ.

8. كَيْفَ يُؤَثِّرُ هذا الْمَبْدَأُ عَلى أسْلوبِ الْحَياةِ، حَسَب رأيك؟

9.هَلْ يَنْطَبِقُ هذا الْقَوْلُ عَلى الْحَالةِ الَّتي يُطْلَقُ عَلَيْها نُكْرانُ الْجَميلِ؟ اِشْرَحْ إجابَتَكَ.


*138*

رُبَّ أَخٍ لَكَ لَمْ تَلِدْهُ أُمُّكَ - 1538


*138*

يَعْني بِهِ الصَّديقَ، فَإِنَّهُ أَرْبى في الشَّفَقَةِ على الأخِ مِنَ الأَبِ والأُمِّ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. ما هِيَ دَلالَةُ كَلِمَةِ (أَخٍ) هُنا؟

2. هاتِ إمْكانِيّاتٍ أُخْرى لِنِسْبَةِ كَلِمَةِ (أخٍ) إلى مَنْسوبٍ آخَرَ، غَيْرِ نِسْبَةِ الدَّمِ؟

3. في أَيّ حالَةٍ اِجْتِماعِيَّةٍ يَصِحُّ التَّمَثُلُ بِهذا الْقَوْلِ؟

4. ماذا تَقولُ في إعْرابِ الاسْمِ الواقِعِ بَعْدَ رُبَّ؟

5. في أي نواحٍ حياتيّة يمكن أن يقوم مِثْلُ هذا الأخ بدورٍ مهمٍّ ومفيد، حسب رأيك.

أَنْجَزَ حُرٌّ ما وَعَدَ - 4194

يُضْرَبُ في الوَفاءِ بالوَعْدِ وفي طَلَبِ الوَفاءِ بالوَعْدِ واستِنْجازِهِ.

أسْئِلَةُ المَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. لِماذا حَسَبَ رَأْيِكَ - حَصَرَ صاحِبُ هذا القَوْلِ الْمَعْنى في الحُرِّ؟

2. هاتِ حَالَةً لِتَعامُلٍ اجْتِماعِيّ يَصِحُّ أَنْ يُضْرَبَ فيهش هذا الْمَثَلُ.

3. جاءَتِ العِبارَةُ بِفِعْلَيْنِ ماضِيَيْنِ. هَلْ يُحْسَبُ الْقَوْلُ مُنَاسِبًا لِلْماضي فَقَطْ؟ أم أنَّهُ ذو دلالة دائمة. وَضِّحْ إِجابَتَكَ.

4. يَقولونَ: أَوْفى مِنَ السَّمَوْأَلِ. اُذْكُرْ تَفَاصيلَ هذِهِ الْحِكايَةِ. اِسْتَعِنْ بأحد كُتب تاريخ الأدب العربيّ أو بالشبكةِ العنكبوتيّة.


*139*

رُبَّ قَوْلٍ أَشَدُّ مِنْ صَوْلٍ - 1538


*139*

يُضرَبُ عِنْدَ الكَلامِ، يؤَثِّرُ فيمَنْ يُواجَهُ بِهِ.

قال أَبو عُبَيْد: وقد يُضْرَبُ هذا الْمَثَلُ فيما يُتَّقى مِن العَارِ.

وقال أَبو الهَيْثَم: أَشَدُّ في مَوْضِعِ خَفْضٍ، أيْ مَجْرورَةٌ، لأَنَّهُ تابِعٌ للقَوْلِ: رُبَّ قَوْلٍ وما جاءَ بَعْدَ رُبَّ فالنَّعْتُ تابِعٌ لَهُ.

أسْئِلَةُ الْمَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. اِرْجِعْ إِلى وَصِيَّةِ أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيٍّ لِبَنيهِ وَرَهْطِهِ، واسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ ما جاءَ موافِقًا لِمَضمونِ هذِهِ الحِكْمَةِ.

2. جاءَتِ الحِكْمَةُ بأسْلوبِ التَّفْضيلِ. بَيِّنِ الفاضِلَ والْمَفْضولَ. وما قيمة هذا الأسلوب هنا؟

3. هَلْ يَصِحُّ أَنْ نَعْتَبِرَ هذا الْقَوْلَ قاعِدَةً تَرْبَوِيَّةً في الْمَدْرَسَةِ أَوْ خارِجَها؟ حسب رأيك.

كَمُبْتَغي الصَّيْدِ في عِرّيسَةِ الْأَسَدِ - 3115

العَرينُ والعَرينَةُ والعِرِّيسَةُ: مَأْوى الأَسَدِ الّذي يَأْلَفُهُ.

يُضْرَبُ لِمَنْ طَلَبَ مُحالًا. أَوْ لِمَنْ يَطْلُبُ الشَّيءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ فيكونُ في ذلك هَلاكُهُ.

وَنَحْنُ نَفْهَمُهُ كَمَنْ يَرْمي نَفْسَهُ في خَطَرٍ لا يَنْجو من الهَلَكَةِ فيهِ.

أسْئِلَةُ الْمَضْمونِ والأُسْلوبِ والرأي:

1. أيْنَ الْمُشَبَّهُ في هذا الْقَوْلِ؟ قَدِّرْهُ بناءً على ما وَرَد في شرح المَثَل.

2. أيُّ كَلِمَةٍ يَدورُ حَوْلَها الْمَضْمونُ ويَنْطَبِقُ عَلَيْها الْحالُ؟ بَيِّنْ إيحاءَها في النَّصِّ.

3. هاتِ نَموذَجَيْنِ لِحالَةٍ يَنْطَبِقُ عَلَيْها الْقَوْلُ.

4. هل حسب رأيك - يُلغِي هذا المثل ركوبَ المغامراتِ من أجل ارتياد المجهولِ؟ بَيِّنْ رأيكَ إن كنتَ موافقًا أو معارضًا.


*140*

البابُ السَّابِعُ: القُرْآنُ الكريمُ والحَديثُ الشَّريفُ


*140*

1. مِنْ سورَةِ هُودٍ

2. الحَديثُ النَّبَوِيُّ الشَّريفُ - تَعْريفاتٌ

1. كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ

2. لا يَكُنْ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً

3. العَمَلُ والحَثُّ

4. عَلامَةُ المُنافِقِ


*141*

الْقُرْآنُ الْكَريمُ


*141*

القُرْآنُ الكَريمُ هُوَ الدَّليلُ الأَوَّلُ والمَصْدَرُ الأَساسِيُّ للشَّرْعِ الإسْلامِيِّ، وهو كِتابُ اللهِ تَعالى حَيْثُ جاءَ فيه: (تَنْزيلُ الكِتابِ لا رَيْبَ فيه مِنْ رَبِّ العالَمَين) (1) (السجدة:2)، (إنّا نَزَّلْنا إلَيْك الكتابَ بالحَقِّ لتَحْكُمَ بينَ النَّاسِ بما أَرَاكَ اللهُ ولا تَكُنْ للخائِنينَ خَصيمًا) (2) (النّساء: 105)؟ (وما يَنْطِقُ عَنِ الهَوى إنْ هُوَ إِلّا وَحْيٌ يوحى) (3) (النّجم: 4،3).

وكانَتْ آياتُ القُرْآنِ تَنْزِلُ مُفَرَّقَةً حَسَبَ مُقْتَضَياتِ الْمُجْتَمعِ الإسْلامِيِّ. فَلِذا سُمِّيتْ هذِهِ الحَوادِثُ بأسْبابِ النُّزولِ. وكانَتْ مُدَّةُ تَنْزيلِ القُرْآنِ اثْنَتينِ وَعِشْرينَ سَنَةً وَيَزيدُ، مِنْها اثْنَتَا عَشْرَةَ سَنَةً وخَمْسَةَ أشْهُرٍ وَثَلاثَةً عَشَرَ يومًا في مَكَّةَ قَبْل هِجْرَةِ النَّبِيِّ (ص)، والبَاقي في المَدينَةِ أَوْ دارِ الهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ. وقد اخْتُلِفَ في تَحْديدِ السُّورِ المكِّيَّةِ والسُّوَرِ المَدَنِيَّةِ، وحاوَلَ البَعْضُ وَضْعَ ضَوابِطَ لِكُلٍّ مِنْها، عَلى أَنَّ المَبْدَأَ المَشْهورَ يَقولُ: إِنَّ المَكِّيَّ ما نَزَلَ قَبْلَ هِجْرَةِ الرَّسولِ (ص) إِلى المدينَةِ ولو كَانَ نُزولُهُ بِغَيْرِ مَكَّةَ، والمَدَنِيُّ ما نَزَلَ بَعْدَ هذه الهِجْرَةِ وإنْ كانَ نُزولُهُ بِمَكَّةَ (4) (محمّد عبد العظيم الزّرقانيّ: منهال العرفان في علوم القرآن، عيسى البابيّ، ج1، ص187. والإتقان في علوم القرآن للسّيوطيّ، ج1، ص 37).

وإِذا رَجَعْنا إِلى السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ والمَدَنِيَّةِ فَنَقولُ: تَمْتازُ السُّوَرُ الْمَكِّيَّةِ بأَنَّها قَصيرةٌ ذاتُ أُسْلوبٍ رَصينٍ جِدًّا، مَليئَةٌ بالمعاني النَّبَوِيَةِ وتَدورُ حَوْلَ وَحْدانِيَّةِ اللهِ وصِفاتِهِ، وواجِباتِ الإِنْسانِ الأَدَبِيَّةِ، وما يَنْتَظِرُهُ من ثَوابِ وعِقابٍ.

والسُّوَرُ المَدنِيَّةُ طَويلَةٌ، مُفَصَّلَةٌ غَنِيَّةٌ بالمادَّةِ التَّشْريعِيَّةِ، فيها وَرَدَتِ العَقائدُ والسُّنَنُ لأَنْظِمَةِ الصَّلاةِ وأَحْكامٌ لتَنْظيمِ المالِ والحَرْبِ، وتَطْبيقُها على شُؤونِ الزَّكاةِ والجِهادِ وشَرائِعُ مَدَنِيَّةٌ وجِنائِيَّةٌ تَتَعلَّقُ بالقَتْلِ والثَّأْرِ، والسَّرِقَةِ، والرِّبا، والزَّواجِ، والطَّلاقِ، والزِّنى، والمِراثِ وتَحْريرِ العَبيدِ، ومُعْظَمُ هذا التَّشْريعِ وارِدٌ في سُورَةِ البَقَرَةِ، وسورَةِ النِّساءِ وسُورَةِ المائِدَةِ.


*142*

سورَةُ هود 25-49


*142*

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (25) أَنْ لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ (26) فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ (27) قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28) وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُواْ رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (29) وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (31) قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33) وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (35) وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36) وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ (37) وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38) فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (39) حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آَمَنَ وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ (40) وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41) وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ (42) قَالَ سَآَوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ (43).


*143*

وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44) وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (46) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (47) قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (48) تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلَا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (49).

شرح المفردات:

1. إنّي لَكُمْ أنا عِنْدَكم وَبَيْنَكُم (25).

2. نَذيرٌ مُبين: رَسولٌ أُبَيِّنُ لَكُمْ مُوجِباتِ العَذابِ ووَجْهَ الخَلاصِ (25).

3. إنّي أَخافُ عَلَيْكُم: إنْ عَبَدتُمْ غَيْرَ اللهِ (26).

4. عَذابَ يَوْم أَليمٍ: عذابٌ مُؤْلِم في الدُّنْيا والآخِرَةِ (26).

5. المَلأُ: النَّاسُ، الأَشْرافُ والزُّعَماءُ (من الفِعْل مَلَأ، أيْ الّذين يَمْلأُون الْمَكانَ) (27).

6. أَراذِلُنا: أَسافِلُنا وأَخِسَّاؤُنا (27).

7. بادِيَ الرَّأَيِ: ظاهِرَ الرَّأْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّقٍ (27).

8. على بَيِّنَةٍ من رَبّي: على حُجَّةٍ شاهِدَةٍ بِصِحَّةِ دَعْواي (28).

9. عُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ: خُفِيَتْ عَلَيْكُمْ (28).

10. أَنُلْزِمُكُموها: أَنُجْبِرُكم عَلَيْها، أنُكْرِهُكُم (28).

11. لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ: لا أَسْئَلُكُم عَلى التَّبْليغِ (29).

12. تَزْدَري: تَحْتَقِرُ (31).

13. جادَلْتَنا: خاصَمْتَنا (32).

14. مُعْجِزين: فائِتين اللهَ بِدَفْعِ الْعَذابِ (34).

15. افْتَرهُ: اخْتَلَقَهُ. إجْرامِي: إِثْمي (36).

16. تَبْتَئِس: تَحْزَن (37).

17. بأَعْيُنِنا: بِمَرْأى مِنّا وَحِفْظِنا (38).

18. التَّنُّورُ: فُرْنُ الْخَبَّازِ، وَهُنا ارْتَفَعَ الْماءُ كالْقِدْر تَفُورُ (40).

19. يَعْصِمُني: يَمْنَعُني ويَحْفَظُني (43).

20. غِيضَ: نَقَصَ. اسْتَوَتْ: وَقَفَتْ (44).


*144*

21. عَمَلٌ غَيْرٌ صالِحٍ: أيْ أَنَّهُ كافِرٌ (46).

إِضاءات على المضمون:

1. إعْلانُ اللهِ جَلَّ وعَلا أَنَّهُ أَرْسَلَ نُوُحًا إِلى قَوْمِهِ داعِيًا للإيانِ ورَفْضُ قَوْمِهِ.

2. الوَحْيُ يُخْبِرُ نُوحًا أَنَّهُ لا فائِدَةَ من اسْتِمرارِهِ بالدَّعْوَةِ ويَأْمُرُهُ بِصِنَاعَةِ سَفينَةٍ.

3. نوحٌ يَصْنَعُ السَّفينَةَ وَقَوْمُهُ يَسْخرونَ مِنْهُ.

4. التَّعْبِئَةُ والاسَتِعْدادُ.

5. دْراما الطُّوفانِ.

6. النِّهايَةُ.

7. نُوحٌ الوالِدُ المَفْجوعُ.

أجْواءُ النَّصِّ:

الْقَصَصُ الْقُرْآنيُّ، عَناصِرُ الْقِصَّةِ في الْقُرْآنِ الْكَريم، جُنودُ اللهِ ومِنْها الْعَواصِفُ والرِّياحُ والْأَمْطارُ، سُهولَةُ التَّعْبيرِ الْقُرْآنِيّ مُناسِبَةٌ لِلْمَضْمُونِ، سَفينَةُ نوحٍ، غُصْنُ الزَّيْتونِ، حَمَامَةُ السَّلامِ.

أسْئِلَةُ الْمَضْمون:

1. تَبْدَأُ الْآيَةُ (25) ب (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا). كَيْفَ وَرَدَ تَوْضيحُ الرِّسالَةِ في هذِهِ الْآيَةِ الْكَريمَةِ؟

2. لِماذا رَفَضَ قَوْمُ نوحٍ رِسالَتَهُ؟ الْآيَة (26).

3. يُفهَمُ مِنَ الْآيَةِ (26) أنَّ قَوْمَ نوحٍ الْأَشْرافَ كانوا يُفاخِرونَ بِمَنْزلَتِهِمُ الْعالِيَةِ مُتَرَفِّعينَ عَلى نُوحٍ. اِشْرَحْ وَوَضِّحْ هذا الْمَوْقِفَ حَسَبَ مَضْمونِ الآيَةِ الْكَريمَةِ.

4. كَيْفَ بَيَّنَ نُوحٌ فَضْلَ رِسالَتِهِ، وَكَيْفَ كانَ ديمُقْراطِيًّا في الْإِقْناعِ؟ الْآيَة (28).

5. ما هُوَ الطَّلَبُ الَّذي رَفَضَهُ نوحٌ لِقَوْمِهِ؟ الآيَة (29).

6. كَيْفَ دافَعَ نوحٌ عَنْ سَلامَةِ حَالِهِ، وما هِيَ التُّهَمُ الَّتي رَدَّها؟ الْآيَة (31).

7. ماذا طَلَبَ قَوْمُ نوحٍ مِنْهُ كَسَبَ لِتَصْديقِ دَعْوَتِهِ؟ وَماذا كانَ جَوابُهُ؟ الآية (32).

8. ما هِيَ مُمَيّزاتُ حِوارِ نوحٍ لِقَوْمِهِ؟ انظر الآيتين (32، 33).

9. ما هِيَ الْإشارَةُ الَّتي تُشيرُ إِلى الرَّسولِ مُحَمَّدٍ (صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)؟ الآية (35).

10. ما هُوَ دَوْرُ لْوَحْيِ الَّذي تُعْلِنُ عَنْهُ الآية (36).

11. صِفْ خُطُواتِ تَطْبيقِ تَنْفيذِ الْإيحاءِ الَّذي نَزَلَ عَلَى نوحٍ، وَما هُوَ دَوْرُ قوْمِهِ في هذِهِ الْمَرْحَلَةِ؟ (36-39).


*145*

12. ماذا حَوَتْ سَفينَةُ نوحٍ؟ الآيَة (40).

13. صِفْ مَشَاعِرَ نوحٍ حينَ بَدَأَتِ السَّفينَةُ بِالْحَرَكَةِ؟ وَما هِيَ الْأَلْفاظُ الَّتي تُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِيَّتِهِ الْمؤْمِنَةِ؟

14. صِفْ حالَةَ الْمياهِ الَّتي حَمَلَتِ السَّفينَةَ. الآية (42).

15. كَيْفَ ظَهَرَ التَّعاطُفُ الْأَبَوِيُّ وَقْتَ الطُّوفَانِ؟ وَضِّحْ صورَةَ الْأَبِ الْمؤْمِنِ وَقارِنْها بِصورَةِ الابْنِ الكافِرِ (42-43).

16. كَيْفَ عَبَّرَ نوحٌ عَنِ الْأَلَمِ الَّذي حَلَّ بِهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ؟ الآية (45).

17. كَيْفَ اعْتذَرَ نوحٌ لِرَبِّهِ عَلى تَدَخُّلِهِ بِما لا يَعْنيهِ؟ الآية (47).

18. كَيْفَ أَقَرَّ الْحَقُّ سُبْحانَهُ لِنوحٍ الطُّمَأنينَةَ وَالْهُدوءُ؟ الآية (48).

19. كَيْفَ يُفهِمُنا النَّصُّ (الآيَة 49) أَنَّ إِيرادَ مِثْلِ هذِهِ الْقِصَصِ مُوَجَّهٌ إِلى الرَّسولِ مُحَمَّدٍ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟

20. تُرَسِّخُ الآيات القرآنيّة في نفوسنا القِيمَ التّالية:

1. الإيمان بالله إيمانًا ثابتًا وعميقًا. الآيات: 26-29.

2. تَعلُّمُ الإنسانِ صنعةً سببٌ حياتيّ شريف. الآية 37.

3. الصّبر والتحلّي به. الآيات: 28-34.

اِشرح كيف تنعكس هذه القِيَمُ من وحي تلك الآيات المشار إليها.

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. سَيْطَرَ عَلى مَضْمونِ الآياتِ أُسْلوبُ السَّرْدِ القَصَصِيِّ. ما هِيَ عَناصِرُ القِصَّةِ الَّتي يُمْكِنُ حَصْرُها في الآياتِ؟

2. تَرابطَتِ الآياتُ مَعَ بَعْضِهِا لِغَرَضِ التَّسَلْسُلِ القَصَصَيِّ ِأَدَواتٍ وَحُروفٍ. نما هِيَ؟ وبَيِّنْ دَوْرَها في تَوْحيدِ الْمَسارِ الْقَصَصِيّ في النَّصِّ.

3. صِفْ نِهايةَ الآياتِ وَعَلِّقْ عَلى ذلِكَ، مُوَضِحًا جَمالَ السَّبْكِ وَبَلاغَتِهِ.

4. أسْلوبُ اسْتِعْمالِ الْأَفْعالِ المُضارِعَةِ مِثْل: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ) الآية (38) (وَهِيَ تَجْري بِهِمْ). ماذا أدّى هذا الْأسْلوبُ لِلْمَضْمونِ، وما هِيَ الدَّلالَةُ الزَّمَنِيَّةُ؟

5. وَرَدَ أُسْلوبُ التَّشْبيهِ في الآيةِ (42). بَيِّنْ أَرْكانَهُ وبَيِّنْ وَظيفَتَهُ في النَّصِّ.

6. في قَوْلِهِ تَعالى: (وهْيَ تَجْري) اسْتِعارَة. اشرحها وَبَيِّنْ بَلاغَتَها.

7. اسْتَخْرِجْ مِنَ النَّصِّ اسْتِعارَتَيْنِ واشْرَحْهُما.

8. ما غَرَضُ الاسْتِفْهامِ في قَوْلِهِ: (أَنُلْزِمُكُموها؟) وَما غَرَضُهُ في قَوْلِهِ: (أَفَلا تَذَكَّرون؟).


*146*

9. ما هُوَ غَرَضُ الْأَمْرِ في قَوْلِهِ: (فَأْتِنا بِما تَعِدُنا)؟

مراجع للتّوسّع:

1. محمّد بن جرير الطَّبريّ: جامعُ البيان عن تأويل آي القرآن. بيروت: دار الفكر لبنان، 1408ه - 1988م.

2. وهبة الزُّحَيْليّ: التَّفسير المنيرُ في العقيدة والشّريعة والمنهج. دمشق: دار الفكر سورية، بيروت: دار الفكر المعاصر، ط 1، 199، 1.

3. محيي الدّين الدّرويش: إعراب القرآن الكريم وبيانه. بيروت: دار ابن كثير، ط3، دمشق.


*147*

الْحَديثُ النَّبَوِيّ


*147*

السُّنَّةُ

السُّنَّةُ هي ما نُقِلَ عَنْ صاحِبِ الشَّريعَةِ الإِسْلامِيَّةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْريرًا وهي لذلك على ثَلاثةِ أقْسامٍ: أَوَّلُها السُّنَّةُ القَوْلِيَّةُ أَوْ الحَديثُ الشَّريفُ، وهي المأْخوذَةُ عن قَوْلِ النَّبِيِّ (ص) وأَحاديثِهِ. وثانيها السُّنَّة الفِعْلِيَّةُ، وهي المُسْتَمَدَّةُ من أَفْعَالِهِ.

وثالِثُها السُّنَّةُ التَّقْريرِيَّةُ، وهي ما اسْتُدِلَّ عَلَيْها من سُكوتِهِ ومِنْ رِضاهُ عن أَفْعالٍ حَصَلَتْ بِعِلْمِهِ.

المُصَنَّفاتُ السِّتَّةُ:

وفي القَرْنِ الثَّالِثِ للهِجْرَةِ، ظَهَرَتْ المُصَنَّفاتُ السُّنِّيَةُ المَعْروفَةُ بالكُتُبِ السِّتَّةِ وهي:

1. صَحيحُ البُخاريّ: لأبي عَبدِ اللهِ مُحَمَّدٍ بن إِسْماعيلِ البُخاريِّ (194 ه - 256 ه).

2. صَحيحُ الإمام مُسْلِمٍ النِّيسابورِيِّ (206 ه - 261 ه): انْتَقى مُسْلِمٌ أَحاديثَهُ من ثَلاثِمائةِ ألْفِ حَديث واسْتَغْرَق تَصْنيفُهُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، ويَبْلُغُ عَدَدُ أَحادِيثِهِ أَرْبَعَةَ آلافِ حَديثٍ سِوى المكرَّرِ.

3. كتابُ سُنَنُ أَبي داودَ السَّجِسْتانيّ (ت 275 ه).

4. جامِعُ التِّرْمِذِيِّ (ت 279 ه).

5. سُنَنُ النِّسائِيِّ (ت 303 ه).

6. سُنَنُ ابْنِ مَاجَةَ (ت 273 ه).


*148*

1. النَّهْيُ عن الْمُنْكَرِ مِنَ الإِيمانِ


*148*

ع

َنْ أَبي سَعيدِ الخُدْرِيِّ (1) (أبو سعيد الخُدريّ (10ق،ه - 74ه) صحابيّ، كان من مُازمي الرّسول (ص) ورَوى عنه أحاديث كثيرة، غزا اثنتي عشرة غزوة وله 1170 حديثًا. تُوفِّي في المدينة (تهذيب التهذيب 479:3)). رضيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ يَقولُ:

(من رَأى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسانِه، فإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فبِقَلْبِهِ وذلك أَضْعَفُ الإيمان) رواهُ مُسْلِمٌ.

أجْواءُ النَّصِّ:

الْحَديثُ. كُتُبُ الْحَديثِ الْمَشْهورَةُ، الإسناد، رَفْضُ المنْكَرِ ومقاوَمَتُهُ.

أسْئلَةُ الْمَضْمونِ:

1. كَيْفَ بَدَأَ إسْنادُ الْحَديثِ، وَما هِيَ الْكَلِمِةُ الَّتي تُعْلِنُ بِدايَةَ نَصِّ الْحَديثِ؟

2. مَثِّلْ لِأُمورٍ مُنْكَرَةٍ تَسْتَطيعُ تَغْييرَها بِيَدِكَ.

3. مَثِّلْ لِأُمورٍ مُنْكَرَةٍ تَسْتَطيعُ تَغْييرَها بِلِسانِكَ؟

4. كَيْفَ يَسْتَطيعُ الْإِنْسانُ تَغْيِيرَ الْمُنْكَرِ بالْقَلْبِ؟

5. ما الْمَقْصُودُ بِأضْعَفِ الْإيمانِ؟

6. ما هُوَ تَأْثيرُ هذا الْحَديثِ لَوْ عُمِلَ بِهِ جَيِّدًا عَلى الْحَياةِ في المُجْتَمَعِ؟

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ والرأي:

1. كَيْفَ بَدَأَ إسْنادُ الْحَديثِ، وَما هِيَ الْكَلِمِةُ الَّتي تُعْلِنُ بِدايَةَ نَصِّ الْحَديثِ؟

2. مَثِّلْ لِأُمورٍ مُنْكَرَةٍ تَسْتَطيعُ تَغْييرَها بِيَدِكَ.

3. مَثِّلْ لِأُمورٍ مُنْكَرَةٍ تَسْتَطيعُ تَغْييرَها بِلِسانِكَ؟

4. كَيْفَ يَسْتَطيعُ الْإِنْسانُ تَغْيِيرَ الْمُنكَرِ بالْقَلْبِ؟

5. ما الْمَقْصُودُ بِأضْعَفِ الْإيمانِ؟6. ما هُوَ تَأْثيرُ هذا الْحَديثِ لَوْ عُمِلَ بِهِ جَيِّدًا عَلى الْحَياةِ في المُجْتَمَعِ؟

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ والرأي:

1. لِماذا وَرَدَ الْحَديثُ بِأسْلوبِ الشَّرْطِ؟

2. ما هُوَ الشَّرْطُ الْأوَّلُ وَالْجَوابُ الْأَوَّلُ ووظيفَتُها في النَّصِّ؟

3. ما هُوَ الشَّرْطُ الثَّاني وَالْجَوابُ الثّاني ووظيفَتُها في النَّصِّ؟

4. ما هِيَ دَلالَةُ الْكَلِمَتَيْنِ رَواهُ مُسْلِم؟ بَعْدَ الانْتِهاءِ مِنَ النَّصِّ:

5. كيف يمكنُ التصرّف بمقتضى هذا الحديث في ظِلّ قوانين الدّولة العَصْريّة حسب رأيك؟


*149*

2. كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتهِ


*149*

حَدّثَنا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّخْتيانِيِّ أَخْبرَنا عَبْدُ اللهِ أَخْبرَنا يونُسُ عن الزُّهَرِيِّ قالَ: أخْبرَني سالِكٌ عن ابْنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ (ص) يَقولُ: كُلُّكُمْ راعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عن رَعِيِّتِهِ، والمَرْأةُ في بَيْتِ زَوْجِها راعِيَةٌ وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِها، والخادِمُ في مالِ سَيِّدهِ راعٍ ومَسؤولٌ عن رَعيَّتِهِ.

أجْواءُ النَّصِّ:

الْمُجْتَمَعُ وَحْدَةٌ واحِدَةٌ في الْحَياةِ، الْمَسؤولِيَّةُ تَقَعُ عَلى عاتِقِ الْجَميعِ وَلا يُغْفَى مِنْ تَحَمُّلِها أَحَدٌ، ضَرَرُ الْقَوْلِ: هذا لا يَعْنيني.

أسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. ضِفْ صورَةَ الْكُلِّيَّةِ والتَّعْميمِ الَّتي يَتَحَدَّثُ عَنْها الْحَديثُ.

2. ماذا تُمَثِّلُ المَسْؤولِيَّةُ الَّتي ذُكِرَتْ في الْحَديثِ؟

3. مَثِّلْ لِمَسْؤولِيَّةِ الْأَبِ، وَالْأُمِ، وَالْخادِمِ.

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ والرأي:

1. لِماذا جاءَ نَصُّ الْحَديثِ بِالْأُسْلوبِ الْخَبَرِيِّ؟

2. اَيْنَ تَتَابَعَ حَرْفُ الْعَطْفِ (الواو) وَلِماذا؟

3. ما هِيَ َأقْسامُ الْحَديثِ الَّتي جاءَ عَلَيْها هذا الحديث؟

4. كيف تُقَيِّمُ مَسْؤولِيَّةِ الْحُكّامِ وَالْمُعَلِّمينَ؟


*150*

3. لا يَكُنْ أحَدُكُمْ إمَّعَةً


*150*

قالَ الرَّسولُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ:

(لا يَكُنْ أَحَدُكُمْ إِمَّعَةً يَقولُ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنْتُ، وإِنْ أَساءُوا أَسَأْتُ)

(وَلكِنْ وَطِّنوا أَنفُسَكُمْ إِنْ َأحْسَنَ النَّاسُ أَنْ تُحْسِنوا وإِنْ أَساءُوا أَنْ تَجْتَنِبوا إِساءَتَهُم)

شَرْحُ الكَلِماتِ:

- إِمَّعَةٌ: يَميلُ حَيْثُ الرِّيحُ تَميلُ، لا يُفَكِّرُ فيما يَعْمَلُ وإِنَّما يَعْمَلُ ما يَعْمَلُهُ القَوِيُّ.

- وَطِّنوا أَنْفُسَكُمْ: ابْنوها وَعَوِّدوها.

أَجْواءُ النَّصّ:

الْمُجْتَمَعُ وسُلوكِيَّاتُ فِئاتِهِ، السَّيْرُ حَسَبَ التّيَّارِ.

أسْئِلَةُ الْمَضْمون:

1. عَنْ أَيِّ شَيْءٍ يَنْهي الرَّسولُ (ص) في هذا الْحَديثِ؟ كَيْفَ نَهْيَهُ؟

2. ماذا طَلَبَ الْحَديُ مقابلَ ما نَهى عَنْهُ سابِقًا؟

3. ما فائِدَةُ الالْتِزامِ بالنَّهْيِ، والالْتِزامِ بالطَّلَبِ في هذا الْحَديثِ؟

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ والرأي:

1. ما قيمَةُ أسْلوبِ النَّهْيِ في الْحَديثِ؟

2. أَيْنَ يوجد الطَّلَبُ في الْحَديثِ وما هِيَ وَظيفَتُهُ؟

3. ما هي النتائج الصالحة التي يستفيد منها المجتمع لو عُمِل بهذا الحديث بين الناس، حَسَبَ رأيك؟


*151*

4. العَمَلُ والحَثُّ


*151*

عن المِقدادِ بْنِ مَعْدي كَرِب، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ (ص): (ما أَكَلَ أحدٌ طَعامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ، وأَنَّ نَبِيَّ اللهِ داودَ عَلَيْهِ السَّلامُ كانَ يَأْكُلُ من عَمَلِ يَدَيْهِ). رواهُ البُخارِيُّ

أجْواءُ النَّصِّ:

م هِيَ قيمَةُ الْعَمَلِ في الْحَياةِ؟ وما هُوَ ضَرَرُ الاتِّكالِيَّةِ؟ الْعَمَلُ يَكونُ فِكْرَيًّا أَوْ إدارِ]ًّا.

أسْئِلَةُ الْمَضْمون:

1. فاضَلَ الْحَديثُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنَ الطَّعامِ. ما هُما؟ وما الْأَفْضَلُ؟

2. عَرَضَ الْحَديثُ بَعْضَ التَّاريخِ الْقَديمِ تَصْديقًا لِطَلَبِهِ. ما هُوَ؟ وَما سَبَبُ هذا الْعَرْضِ؟

3. ماذا يُفيدُ ذِكْرُ (رَواهُ الْبُخارِيُّ) في ذَيلِ النَّصِّ؟

أسْئِلَةُ الْأُسْلوب والرأي:

1. تَظَهَرُ كَلِمَةٌ في النَّصِّ تُرْشِدُ إلى الْمُفاضَلَةِ، ما هي المفاضلَة التي حَقَّتْها، وَبَيْنَ وَزْنِ الْمُفاضَلَةِ الْمَعْروفِ؟

2. اشْرَحِ معنى قَوْلِهِ (يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدَيْهِ).

3. ما هو الغَرض من ذكر نبيّ الله داود في النّصّ؟

4. ما هي القيمةُ المعنويّة والأخلاقيّة التي تراها تتحقّق لمن يأكلُ من عملِ يدَيْهِ.

5. علامةُ المُنافِقِ

حَدَّثَنا سُلَيْمانُ أبو الرَّبيعِ قالَ حَدَّثَنا إسْماعيلُ بنُ جَعْفَرٍ قالَ حَدَّثَنا نافِعُ بنُ مالكٍ بنِ أَبي عامِرٍ أَبو سُهَيْلٍ عن أَبيهِ عَنْ اَبي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ (ص) قال: آيَةُ المُنافِقِ ثَلاثٌ: إِذا حَدَّثَ كَذَبَ، وإِذا وَعَدَ أخْلَفَ، وإِذا اؤْتُمِنَ خانَ.


*152*

أَجْواءُ النَّصِّ:

دَعائِمُ الْمُجْتَمَعِ الصَّالِحِ، مَنْ تُصاحِبُ في الْحَياةِ، فَضْلُ الاسْتِقَامَةِ وضَرَرُ الخِداعِ، مَنِ الَّذي لا يُنافِقُ؟

أسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. ما هِيَ صِفاتُ المُنافِقِ حَسَبَ تَعْريفِ الرَّسُولِ (ص) لَهُ؟

2. أيُّ الصِّفاتِ الثَّلاثِ حَسَبَ رَأْيِكَ أكْثَرُها ضَرَرًا؟

3. ما هُوَ الضَّرَرُ الَّذي يَلْحَقُ بِمَنْ يتَّصِفُ بِصِفاتِ الْمُنافِقِ الْمَذْكورَةِ في الصِّيفَتَيْنِ؟

أسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ والرأي:

1. وَضِّحْ فواصِلَ الْإسْنادِ، واذْكُرِ الْكَلِمَةَ الْمُكَرَّرَةَ والْعامِلَةَ عَلى اتِّصالِ الْإِسْنادِ، وما هِيَ قيمَتُها؟

2. بُنِيَ مَضْمونُ الْحَديثِ في الصِّيغَتَيْنِ عَلى أَسْلوبِ الشَّرْطِ. وَضِّحِ الغرض من ذلك.

3. هَلْ يَسْتَطِيعُ حَسَبَ رَأْيِكَ أَنْ يَتَخَلَّصَ الْمُنافِقُ مِنَ الصِّفاتِ الضذتي تَعَوَّدَ عَلَيْها؟ وَضِّحْ إِجابَتَكَ.

مراجع للتّوسّع في موضوع الحديث:

1. ابنُ الصَّلاح: مقدّمةُ ابنِ الصَّلاح في علوم الحديث. بيروت: دار الكُتُبِ العلميّة، لبنان، 1398 ه - 1978 م.

2. محمودُ الطّحّان: تيسرُ مصطلحِ الحديث. بيروت: دار الكُتُب العلميّة، لبنان.


*153*

البابُ الثَّامِنُ: الخَطابَةُ


*153*

1. خُطْبَةُ طارِقِ بْنِ زِيادٍ

2. خُطْبَةُ زِيادِ ابْنِ أَبيهِ


*154*

الخَطابَةُ في العَصْرِ الإِسْلامِيّ

كانَتِ الأُمِّيَّةُ لا تَزالُ مُنْتَشِرَةً بَيْنَ العَرَبِ، فلم يَكُنْ هُناكَ بُدٌّ مِنَ الاعْتِمادِ على الخَطابَةِ لِتصْريفِ شُؤونِ الدَّوْلَةِ، وقد ساعَدَتْ الظُّروفُ الدِّينِيَّةُ والسِّياسِيَّةُ والاجْتِماعِيَّةُ على ازْدِهارِها ورُقِيِّها في العَصْرِ الإسْلامِيِّ، فَفيهِ َأصْبَحَتْ العَرَبُ أمَّةً واحِدةً لها رَئيسٌ أَعْلى، ونُظِّمَتْ شُؤونُها الاجْتِماعِيَّةُ تَنْظِيمًا اسْتَدْعى الخَطابَةَ سَواءً أَكانَتْ مِنَ الخَليفَةِ، أوْ قُوّادِهِ، أَوْ عُمّالِهِ، أَمْ أفْرادِ الأُمَّةِ وخُطَبائِها. وقد اتَّخَذَها الرَّسولُ (ص) عُدَّتَهُ في دَعْوَتِهِ، واقْتَفى أَثَرَهُ خُلَفاؤُهُ في شَرْحِ مَناهِجِهِمْ في الحُكْمِ وطَرائِقِهْم في السَّياسَةِ ودُسْتورِهِم في مُعامَلَةِ النَّاسِ.

أَغْراضُها:

تَناوَلَتِ الخَطابةُ في هذ العَصْرِ كُلَّ شَيْءٍ في الدَّوْلَةِ فكانَ لَها:

1. أغْراضٌ دينِيَّةٌ: الدَّعْوةُ إِلى الدِّينِ والرَّدُّ على المُشْرِكينَ والأَمْرُ بالمَعْروفِ والنَّهْيُ عن المُنْكَرِ، كَما وَرَدَ في خُطْبَةٍ للرَّسولِ (ص) (إِنَّ لَكُم مَعالِمَ فانْتَهُوا إلى مَعالِمِكُمْ وإنَّ لَكُمْ نِهايَةً فانْتَهُوا إلى نِهايَتِكُمْ. فَلْيَأخُذِ العَبْدُ من نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، ومن دُنْياهُ لآخِرَتِهِ). وَقَوَّى هذه الأَغْرضَ اتِّخاذُها في صَلاةِ الجُمَعِ والعيدَيْنِ والإِرْشادِ والحَضِّ على الاسْتِمْساكِ بمَبادِئ الإسْلامِ.

2. أَغْراضٌ سِياسِيَّةٌ: الدِّفاعُ عن الرِّأْي حينَ اخْتَلَفَ الأَنْصارُ والْمُهاجِرونَ، فيمَنْ يَلي الخِلافَةَ بَعْدَ الرَّسولِ، وحينَ اخْتَلَفَ المُسْلِمونَ بَعْدَ عُمَرَ، فيمَنْ يَخْتارونَهُ لهذا الْمَنْصِبِ الرَّفيعِ، وحينَ انْقَسَم الْمُسْلِمون بعد ذلك إلى شِيعَةٍ وخَوارِجَ وأُمَوِيّينَ فكَثُرَتِ الفِتَنُ والثَّوْراتُ والْمُنازَعاتُ، فاسْتُخْدِمَتْ الخَطابَةُ أَداةً للنَّصْرِ ومُغالَبَةِ الخُصومِ، وغَلَبَ على أسْلوبِها التَّهْديدُ والتَّوْبيخُ والوَعيدُ والإنْذارُ.

3. أَغْراضٌ حَرْبِيَّةٌ: الحَضُّ على القِتالِ وتَحْميسِ الجُنْدِ وتَشْجيعِهِمْ واسْتِقْبالِهِمْ بَعْدَ القِتالِ، كَما في وَصِيَّةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ لسَعْدِ بنش أَبي وَقّاصٍ، حَيْثُ أَمَّرَهُ على حَرْبِ العِراق (يا سَعْدُ لا يَغُرَّنَّكَ من اللهِ إنْ قيلَ خالُ بنِ رَسولِ أللهِ (ص)، وَصاحِبُ رَسولِ اللهِ، فإنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، لا يَمْحو السَّيِّئَ بالسَّيِّئِ، ولكنّهُ يَمحُو السَّيِّئَ بالحَسَنِ، فإنَّ اللهَ لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَ أَحَدٍ نَسَبٌ إِلّا طاعَتُهُ). وسِوى ذلك مِمّا دَعَتْ إِلَيْهِ الفُتُوحاتُ الإسْلامِيَّةُ الكَثيرَةُ.


*155*

زيادُ ابنُ أَبيهِ - 622-273 م


*155*

أُمُّهُ سُمَيَّةُ، جَارِيةٌ من الطَّائِفِ من بَائِعاتِ الهَوى (1) (انظر عمر فرّوخ: تاريخ الأدب العربيّ، دار المعلم للملايين، الجزء الأوّل، ص 387)، وَلَمْ يَكُنْ أَبوهُ مَعروفًا فَدَعاهُ النَّاسُ (زِيادُ بْنُ سُمَيَّة). ثُمَّ اشْتُهِرَ باسْم زِيادِ ابنِ أَبيهِ. وَيُقالُ إِن زَوْجَ سُمَيّةَ كان عُبَيْد الثَّقَفِيّ، ولذلِك كانَ زِيادٌ يُسَمَّى في بعضِ الرِّواياتِ زيادٌ بنُ عُبَيْد (2) (شوقي ضيف: تاريخ الأدب العربيّ، دار المعارف بمصر، 1963، ج 2، ص 422).

شَبَّ زِيادٌ ذَكِيًّا مُقْتَدِرًا وأَديبًا بارِعًا، وكانَ إِدارِيًا حازِمًا وسِياسِيًا قَديرًا، فعُدَّ فِي دُهاةِ العَرَبِ. وهُمْ: مُعاوِيَةُ بنُ أَبي سُفْيانَ والمُغيرةُ بنُ شُعْبَةَ وعَمْرُو بنُ العاصِ، وزيادُ ابنُ أَبيهِ.

سَكَنَ زِيادٌ البَصْرَةَ، وكانَ من أَصْحابِ عَلِيِّ بنِ أَبيِ طالِبٍ، شَديدَ الوَفاءِ لَهُ، فَوَلَّاهُ فارِسَ فَضَبَطَها وجَمَع أُمورَها، وَحاوَلَ مُعاوِيَة أنْ يَسْتَميلَ زِيادًا فَلَمْ يَسْتَطِعْ، لوَفاءِ زِيادٍ لَعَلِيٍّ، فَضَبَطها وجَمَع أُمورَها، وَحاوَلَ مُعاوِيَةُ أنْ يَسْتَمِيلَ زِيادًا فَلَمْ يَسْتَطِعْ، لوَفاءِ زِيادٍ لعَلِيٍّ، ولأَنَّ عَلِيًّا كانَ قد بَلَّغَهُ من الدُّنْيا كُلَّ أُمْنِيّةٍ، فَلَمّا قُتِلَ عَلِيٌّ (40 هجري) عَرَضَ مُعاوِيَةُ عَلى زِيدٍ أنْ يُوَلِّيَهُ على البَصْرَةِ، واشْتَرَطَ زيادٌ لذلك أنْ يُلْحِقَهُ مُعاوِيَةُ بنَسَبهِ ويَعْتَرِفَ أَنَّه َأخوهُ من وَالِدِهِ أَبي سُفيانَ فوافَق مُعاوِيَةُ (3) (انظر الحكاية تَفْصيلا في: ابن الطقطقا: الفخريّ، دار صادر، 1966، ص 109).

ثُمَّ إِنَّ مُعاوِيَةَ وَلّى زِيادًا البَصْرةَ سَنَةَ 45 هِجْرِيَّة - 655 م، ولَمّا تُوفِّي المُغيرَةُ بنُ شُعْبَةَ، والي الكُوفَة بالطّاعون سنة 50 هِجْرِيَّة، ضَمَّ مُعاوِيَةُ إلى زِيادٍ، فكانَ زِيادٌ َأوَّلَ مَنْ جُمِعَ له الكُوفَةُ والبَصْرةُ أَلفًا من عَرَبِ العِراقِ، من أَنْصارِ العَلَويِّين في الَأغْلَبِ إلأى خُراسانَ، فكانَ نَسْلُ هؤلاءِ عمادَ الثَّائِرين فيما بَعْدُ على الأُمَوِيّين، فعَصَفتْ ثَوْرَتُهُم بِخِلافَةِ بَني أُميَّةَ ورَفَعتْ بَني العَبَّاسِ على سُدَّةِ الخِلافَةِ (4). (انظر تفاصيل أكثر في المسعوديّ: روج الذّهب، ج3، ص14 وكذلك الطبريّ: (تاريخ الطبريّ) ج5، ص176 وما بعدها).


*156*

خطْبَةُ زيادِ ابن أَبيهِ البَيْراءُ


*156*

قالَ أَبو الحَسَنِ الْمَدائِنِيِّ، وَغَيْرُهُ ذَكَرَ ذلك عن مسلمةَ بنِ مُحارِبِ وعن أَبي بَكْرٍ الهُذَلِيّ قالا: قَدِمَ زِيادٌ البَصْرَةَ والِيًا لمعاوِيةَ بنِ أَبي سُفْيانَ وَضَمَّ خُراسانَ وسَجِسْتانَ والفُسْقُ بالبَصْرَةِ كَثيرٌ فاشٍ ظاهِرٌ.

قالا: فخَطَبَ خُطَبَةً بَتْراءَ، لم اللهَ فيها، ولَمْ يُصَلِّ على النَّبِيِّ، (ص)، وقالَ غَيْرُهُما بلْ قالَ:

الحَمْدُ للهِ على أَفْضالِهِ وإِحْسانِهِ، ونَسْأَلُهُ المَزيدَ من نِعَمِهِ وإِكْرامِهِ. اللهُمَّ كما زَيَّنْتَنَا نِعَمًا فأَلْهِمْنا شُكْرًا.


*157*

(َأمّا بَعْدُ، فإنَّ الجَهالَةَ الجَهْلاءَ (1)، والضَّلالَةَ العَمياءَ، والغِيَّ (2) الموفِيَ (3) بأهلِهِ على النَّارِ ما فيهِ سُفَهاؤُكُمْ (4)، ويَشْتَمِلُ عليه حُلَماؤُكُمْ (5) من الأمورِ العظامِ يَنْبُتُ فيها الصَّغيرُ ولا يَتَحاشى عَنْها الكَبيرُ، كأَنَّكُمْ لم تَقْرأُوا كِتابَ اللهِ وَلَمْ تَسْمَعوا ما أَعَدَّ اللهُ من الثَّواب الكَريمِ لأَهْلِ طاعَتِهِ، والعَذاب الأَليم لأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ في الزَّمَنِ السَّرْمَدِيِّ (6) الّذي لا يَزولُ، أَتكونونَ كَمَنْ طرَفَتْ (7) عَيْنَيْهِ الدُّنْيا، وَسَدَّتْ (8) مَسامِعَهُ الشَّهَواتُ، واخْتارَ الفانِيَةَ على (9) الباقِيَةِ، ولا تَذْكُرُونَ أَنَّكُمْ أَحْدَثْتُمْ (10) في الإِسْلامِ الحَدَثَ الّذي لم تُسْبَقوا إِلَيْهِ، مِنْ تَرْكِكُمُ الضَّعِيفَ يُقْهَرُ ويُؤْخَذُ مالَهُ، ما هَذِهِ المواخِيرُ (11) المنْصوبَةُ، والضَّعيفَةُ (12) المسْلوبَةُ في النَّهارِ الْمُيْصِرِ والعَدَدُ غَيْرُ قَليلٍ؟ أَلَمْ يَكُنْ مِنْكُم نُهاةٌ (13) يَمْنَعونَ الغُواةَ (14) عن دَلَجِ (15) الليْلِ وغَارَةِ النَّهارِ؟ قَرَّبتُم القَرابَةَ، وباعَدْتُمُ الدِّينَ،

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الجَهالَةُ الجَهْلاءُ: الجَهالةُ: الضَّلالُ. الجَهْلاءُ: المُتَمادِيةُ في الضَّلالِ.

2. الغِيُّ: الضَّلالُ.

3. الموفي: المُشْرِفُ. أَوْفى على الشَّيْء: أشْرَفَ.

4. سُفَهاؤُكُم: جُهَّالُكم.

5. حُلَماؤُكم: عُقَلاؤُكم.

6. السَّرْمَديّ: الأَزَلِيّ، الأَبَدِيّ.

7. طَرَفَتْ عَيْنَهِ الدَّنْيا: طَمَحَتْ عَيْناهُ إِلى الدُّنْيا وزُخْرُفِها فَشَغَلَتنا بها عن الآخَِةِ.

8. سَدَّتْ مَسامِعَهُ الشَّهَوات: لم يَعُدْ يَكْتَرثُ للخَيْرِ والنُّصْحِ، وانْصَرفَ إلى الْمَلاذّ.

9. الفانِيةُ: الدُّنْيا. الباقِيةُ: الآخِرَةُ.

10. أَحْدَثْتُمْ: عَمِلْتُمْ المساوِئَ واقْتَرَفْتُمِ المعاصِيَ.

11. المواخيرُ: أماكِنُ الشَّرابِ واللّهْوِ.

12. الضَّعيفَةُ: الجَماعةُ الْمُسْتَضْعَفَةُ. أو كناية عن المرأةِ التي يُعتدى عَليها.

13. النُّهاةُ: (جَمْعُ النَّاهي) الزَّاجِرون، المانِعون.

14. الغُواةُ: الظَّالِمون.

15. دَلَجُ اللّيْلِ: السَّيْرُ في اللَّيْلِ طَلَبًا للفَتْكِ والنَّهْبِ.


*158*

تَعْتَذِرونَ بغَيْرِ العُذْرِ، وتُغْضُونَ (1) على المُخْتَلِسِ، أَلَيْسَ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ يَذُبُّ (2) عن سَفيهِهِ صَنيعَ من لا يَخافُ عاقِبَةً ولا يَرْجو مَعادًا، ما أَنْتُمْ بالحُلَماءِ ولَقَدْ اتَّبَعْتُمُ السُّفَهاءَ، فَلَمْ يَزَلْ بِكُمْ ما تَرَوْنَ مِنْ قِيامِكُمْ دونَهُمُ حَتّى انْتَهكوا (3) حُرَمَ الإِسْلامِ، ثُمَّ أَطْرَقوا راءَكُمْ كُنُوسًا (4) في مَكانِسِ الرِّيَبِ (5).

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. تُغْضون: تَسْكُتون.

2. يَذُبُّ: يُدافِعُ.

3. انتهكُوا الحُرَم: ارْتَكَبوا المعَاصِيَ.

4. الكُنوسُ: المختَبِئون. المكانِس: الملاجِئُ وتَكونُ للوُحشِ تَخْتَبِئُ بها.

5. الرِّيَبُ: جَمْعُ الرِّيبَةِ وهي الشَّكُّ أَو العَمَلُ يُرْتابُ في حُسْنِهِ وما يَأْتيهِ المرْءُ سِرًّا من مَفاسِدَ.


*159*

(حَرامٌ عَلَيَّ الطَّعامُ حَتّى أُسَوِّيَها بالأَرْضِ هَدْمًا وإحْراقًا. إِنّي رأَيْتُ آخَِ هذا الأمْرِ لا يَصْلُحُ إلّا بِما صَلُحَ بِهِ أوَّلُهُ: لِينٌ في غَيْرِ ضَعْفٍ، وشِدَّةٌ في غَيْرِ عُنْفٍ. وإنّي أقْسِمُ باللهِ لآخُذَنَّ الوَلِيَّ بالْمَوْلى (1)، والمُقيمَ بالظَّاعِنِ (2)، والمُقْبِلَ بالْمُدْبِرِ، والْمُطيعَ بالعاصي، والصَّحيحَ مِنْكُم في نَفْسِهِ بالسَّقيم حتّى يَلْقى الرَّجُلُ مِنْكْمُ أَخاهُ فيَقولُ (اُنْجُ سَعْدُ فَقَدْ هَلَكَ سُعَيْد) (1) (سعد وسُعيد: يُضرَبُ بهما المثل على تمادي الشّر، يقال إنّهما أخوان خرجا لاسترجاع جمالٍ لهما شَرَدْنَ، فلقي الأَوّل من يطلب منه الثّأر فقتله، ورأى الثّاني مسافرًا فقال له: (انجّ سعد فقد هلك سعيد) فذهبت مثلًا).

إِنَّ كِذْبَةَ المِنْبَرِ (2) (في كثير من الكتب التي عالجت هذه الخطبة غير ما هو موجود في البيات والتّبيّن، فالنّصّ فيها يقول إنَّ كذبة الأمير بلقاء، انظر إيليا الحاوي، فنّ الخطابة، ص 268). بَلْقاءُ (4) مَشْهورَةٌ، فإذا تَعَلَّقْتُمْ عَلَيَّ بكِذْبَةٍ فَقَدْ حَلَّتْ لَكُمْ مَعْصِيَتي، فإذا سَمِعْتُموها مِنّي فاغْتَمِزوها (5) فِيَّ، واعْلَموا أنَّ عِنْدي أَمْثالَها.

مَنْ نُقِبَ (6) مِنْكُم عَلَيْهِ، فأَنا ضامِنٌ لما ذَهَبَ مِنْهُ، فإِيّايَ ودَلَجَ اللّيْلِ، فإنّي لا أُوتَى بِمُدْلجِ إلّا سَفَكْتُ دَمَهُ، وقَدْ أَجَّلْتُكُمْ في ذلك بمِقْدارِ ما يَأْتي الخَبَرُ الكوفَةَ ويَرْجِعُ إلَيْكُمْ، وإِيّايَ ودَعْوى (7) الجاهِلِيَّةِ، فإِنِّي لا أَجِدُ أَحَدًا داعِيًا بِها إلّا قَطَعْتُ لِسانَهُ، وقَدْ

شَرحُ الكَلِماتِ:

1. آخُذُ الوَلِيَّ بالوَلِيِّ أَوْ بالمَوْلى، آخُذُ: أُعاقِبُ. الوَلِيُّ: التَّابِعُ أَو المَتْبوعُ. وَلِيُّ اله: المُقَرَّبُ إِلَيْهِ والتَّابِعُ، وأَنا وَلِيُّ أَمْرِك أَيْ المشْرِفُ عَلَيْكَ فَأَنْتَ تابِعٌ إرادَتي. المَوْلى: التّابِعُ والمتْبوع. مَوْلاهُم: سَيِّدُهُم. مَوْلى فُلان: تَابِعُهُ.

2. الظَّاعِنُ: الرّاحِلُ أو المُسافِرُ.

3. أو تَسْتَقيمُ لي قَناتُكُمْ: القَناةُ عَصا الرُّمْحِ تَسْتَقيمُ القَناةُ: قِناَة عن الخُضوعِ والإذعانِ للقَوانين، أيْ يَصْلُحُ الأَمْرُ والسُّلوكُ.

4. بَلْقاءُ: ما كان في سَوادِها بَياضُ ويُكْنى بِها عن وُضوحِ الأَمْرِ.

5. اغْتَمِزوها: اغْتَمَز الشَّيْءَ: أَشارَ إِلى مَواطِنِ السُّوءِ. اغتمَزوها فِيَّ: أَشيرُوا إِلَيْها.

6. نُقِبَ عَلَيْه: أَيْ نُقِبَ بَيْتُهُ وسُرِقَ مالهُ.

7. دَعْوى الجَاهِلِيِّة: دَعْوى العَصَبِيَّةِ القَبَلِيَّةِ والغَطْرَسَةِ والعَنْجَهِيَّةِ، وكانَ مُعاويَةُ قد آثار الحَزازاتِ القَبَليَّةِ لتَنْصَرِفَ القَبائِلُ إِلى خِلافاتِها وتَنْسى نُصْرَةَ عَلِيٍّ، ثُمَّ أَمَرَ بالقَضاءِ عَلَيها اسْتِتْبابِ الَأمْرِ لَهُ.


*160*

أَحْدَثْتُمْ أَحْداثًا (1) لم تَكُنْ، وَقدْ أَحْدثْنا لِكُلِّ ذَنْبٍ عُقوبَةً: فمَنْ غَرَّقَ قَوْمًا غَرَّقْناهُ، ومَنْ َأحْرَقَ قَوْمًا أَحْرَقْناهُ، ومَنْ نَقَبَ بَيْتًا نَقَبْنا عن قَلْبِهِ، ومن نَبَشَ دَفَنّاهُ فيهِ حَيًّا (2)، فَكُفُّوا (3) عَنّي أَيْدِكُمْ وألْسِنَتَكُمْ، أَكْفُفْ عَنْكُمْ يَدي ولِساني، ولا تَظْهَرْ عَلى أَحَدٍ (من أحدٍ) مِنْكُمْ ريبَةٌ (4) بخِلافِ ما عَلَيْهِ عامَّتُكُمْ إلّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ.

وقد كانَتْ بَيْني وبَيْنَ أَقومٍ إِحَنٌ (5) فَجَعَلْتُ ذلك دَبْرَ (6) أُذُنِي وتَحْتَ قَدَمي، فَمَنْ كانَ مِْكُمْ مُحْسِنًا فليَزْدَدْ إِحْسانًا، ومَنْ كانَ مِنْكُمُ مُسيئًا فليَنْزِعْ (7) عنْ إساءَتِهِ. إِنّي واللهِ لو عَلِمْتُ أَنَّ أَحَدَكُمْ قد قَتَلَهُ السِلُّ من بُغْضِي، لم أَكْشِفْ له قِناعًا، ولَمْ أَهْتِكْ له سِتْرًا حَتّى يُبْدِيَ لي صَفْحَتَهُ (8)، فإذا فَعَلَ ذلِكَ لم أُناظِرْهُ (9)، فاسْتأْنِفُوا أُمورَكُمْ، وارْعَوْا على أنْفُسِكُمْ (وأَعَينوا على أنْفُسِكُمْ)، فرُبَّ مُبْتَئِسٍ بِقدُومِنا سَيُسَرُّ، ومَسْرورٍ بقُدومِنا سَيَبْتَئِسُ.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. أَحدَثَ: أَتى بأَمْرٍ جَديد لمْ يكُنْ سابِقًا، وَهُنا تَعْني اقْتَرَفْتُمْ ذُنوبًا جَديدةً. وأَحْدثَ الثَّانِيةَ: أَحْدَثْنا لكُلِّ ذَنْبٍ عُقوبَةً: تَعني أَوْجَدْنا وخَصَّصْنا لِكُلِّ ذَنْبٍ عُقوبَةً مُلائِمَةً (الجَزاءُ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ). أَحْداثًا: تعني أخْطاءً وآثامًا.

2. من نَبَشَ قَبْرًا دَفَنّاه فيهِ حَيًّا: يَقْصِدُ على الأَغْلَبِ الخَوارجَ الّذين يَنْبِشُون قُبورَ قَتلاهُم ليأخُذوهُم فَيُصَلُّوا عَلَيْهِمْ.

3. كُفُّوا: أَوْقِفوا.

4. رِيبَةٌ: عَلامَةٌ، شَكٌ، أَوْ تَصَرُّفٌ مَشْكوكٌ فيهِ وَغَيْرُ جَيِّدٍ.

5. إِحَنٌ: أَحْقادٌ وَضَغائِنُ.

6. دَبْرَ أُذُني: أَيْ خَلْقَها، والمَقْصودُ أَنَّني لا أَهْتَمُّ ولا أكْتَرِثُ بِهِ.

7. فَلْيَنْزِعْ: فَلْيَتْرُكْ وليَبْتَعِدْ عنْ. لَمْ أهتِكْ له سِتْرًا: لم أَكشفْ عَوْرَتَهُ، لَمْ أُمَزِّقْ سِتْرَهُ.8. يُبْدي لي صَفْحَتَهُ: يَفْتَحُ لي قَلْبَهُ، كِناية عن المصارَحَةِ والمُكاشَفَةِ.

9. لم أُناظِرْهُ: لَمْ أُجادِلْهُ أوْ أُناقِشْهُ ولا أُعامِلْه بالمِثْلِ: عَفا اللهُ عَمّا مَضى.


*161*

(أَيُّها النّاسُ، إِنّا أَصْبَحْنا لَكُمْ ساسَةً، وعَنْكُمْ ذادَةً (1)، نَسوسُكُمْ بسُلْطانِ اللهِ الّذي أَعْطانا، وَنَذُودُ عَنْكُمُ بفَيْءِ (2) اللهِ الّذي خَوَّلَنَا (3)، فَلَنا عَلَيْكُم السَّمْعُ والطَّاعَةُ فيمَا أحْبَبْنا، وَلَكُمْ عَلَيْنا العَدْلُ والإنْصافُ فيما وُلينا، فاسْتَوْجِبُوا عَدْلَنا وفَيْئَنا بمُناصَحَتِكُمْ (4) لَنا، واعْلَمُوا أَنّي مَهْما قَصَّرْتُ عَنْه، فلَنْ أُقَصِّرَ عن ثَلاثٍ: لَسْتُ مُحْتَجِبًا عن طالِبِ حاجَةٍ مِنْكُمْ ولو أَتاني طَارِقًا بلَيْلٍ، ولا حابِسًا عَطاءً ولا رِزْقًا عن إبَّانِهِ (5)، ولا مُجَمِّرًا (6) لكم بَعْثًا، فادْعوا الله بالصَّلاحِ لأَئِمَّتِكُمْ، فإِنَّهُمْ ساسَتُكُمْ المؤَدِّبونَ لَكُمْ، وكَهْفُكُمْ الّذي إِلَيْهِ تأَوُون (7)، وَمَتى يَصْلُحوا تَصْلُحوا، ولا تُشْربوا قُلوبَكَم بُغْضَهُمْ (8)، فَيَشْتَدَّ لذلِكَ غَيْظُكُمْ، وَيَطولَ لَهُ حُزْنُكُمْ، ولا تُدْرِكوا له حاجَتَكُمْ، مع أَنَّهُ و استُجيبَ لَكُمْ فيهم لكانَ شَرًّا لَكُمْ. أَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعينَ كُلًّا على كُلٍّ، وإِذا رأَيتُموني أُنْفِذُ فيكُم الأَمْرَ فأنْفِذوهُ على أَذْلالِهِ (9) (أَذْلالِهِ)، وأَيْمُ اللهِ إِنَّ لي فيكُمْ لصَرْعى كَثيرةً، فليَحْذَرْ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ أَنْ يَكونَ من صَرْعاي).

شَرْحُ الَكلِماتِ:

1. ذادَةٌ: مُدافِعون، جَمْعُ ذائِدٍ.

2. فيءُ اللهِ: الفَيءُ: الغَنيمَةُ.

3. خَوَّلَنا: مَنَحَنا وأَوْكَلَ الأَمْرَ إلينا.

4. المُناصَحَةُ: التَّعامُلُ الوُدِّيُّ والأَخَوِيُّ.

5. إبَّانُهُ: وَقْتُهُ اَوْ مَوْعِدُهُ، أَيْ اَنَّ كُلَّ مَنْ كانَ يَتَقاضى مالًا مِنَ الدَّوْلَةِ سَيَظَلُّ يَتَقاضاهُ في مَوْعِدِهِ.

6. مُجَمِّرًا بَعْثا: التَّجْميرُ: حَبْسُ الجُنودِ عَنِ العَوْدَةِ إلى اَهْليهِمْ بَعْدَ إرْسالِهِمْ إِلى الاَمْصارِ في مَهَمَّاتٍ.

7. إِلَيْهِ تَأْوُون: تَلْجأون إِليه.

8. ولا تُشْربُوا قلوبَكَم بُغْضَهُمْ: مِنَ القُرْآنِ الكَريمِ (وأُشْرِبوا في قُلوبِهِمُ العِجْلَ) (البقرة: 93)، أي تَتَمكَّنُ الكَراهِيَّةُ في نُفوسِكُم.

9. أَدْلالِهِ: كما يُفْهَمُ وكَما يُوَضَّحُ.


*162*

إضاءات على المضمون:

1. تَفْصيلُ سُبُلِ الضَّلالَةِ الّتي مَشى فيها أَهْلُ العِراق.

2. تِبْيانُ السِّياسَةِ العَمَلِيَّةِ الّتي سَيَنْتَهِجُها: (العُقوبَةُ للمُذْنِبِ والتَّسامُحُ مَعَ مَنْ لا يُخْطِئً).

3. مَرْجِعِيَّةُ ولايَتِهِ وشَرْحُ عَلاقَةِ المَحْكومِ بالحاكِمِ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

الْأَوْضاعُ السِّياسِيَّةُ في صَدْرِ الدَّوْلَةِ الْأُمَوِيَّةِ، الثَّوْراتُ الدَّاخِلِيَّةُ في العاق، التَّشَيُّعُ، الْخُطْبَةُ الْعَسْكَرِيَّةُ وَتَوْضيحُ سِياسَةِ الْحاكِمِ، الْجَزاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يُذَكِّرُ زِيادُ ابنُ أَهْلَ الْعِراقِ بِأَنَّ مُجْتَمَعَهُمْ مَبْنِيٌّ عَلى قَواعِدَ فاسِدَةٍ وَمُضِرَّةٍ وَعَدَّدَها لَهُمْ وَوَصَفَها أَيْضًا. وَضِّحْ ذلِكَ. السَّطْرانِ (1، 2).

2. كَيْفَ عَبَّرَ زِيادٌ عَنْ شُمولِيَّةِ فِسادِ الْمُجْتَمَعِ الْعِراقِيّ؟ السَّطْرانِ (2، 3).

3. حاوَلَ زِيادٌ أَنْ يَسْتَمِدَّ شَرْعِيَّةَ تَوَعُّدِهِ مِنَ الدِّينِ. بَيِّنْ ذلِكَ. الأسْطُرُ (4، 5، 6).

4. كَيْفَ ذَكَّرَ زِيادٌ بِمَسْئولِيَّةِ الْعُقَلاءِ الَّتي لَمْ تَتَحَرَّكْ لِمَنْعِ الضَّلالِ؟ السطران (8، 9).

5. ما هِيَ قَواعِدُ سِياسَتِهِ وَتخْطيطِهِ مِنْ أَجْلِ قَمْعِ الْفَسادِ في الْعِراقِ؟ سطر (19).

6. بَيِّنْ صورَةَ التَّوَعُّدِ وَالتَّهْديدِ الَّتي أَكَّدَها زِيادٌ. السَّطران (18، 19).

7. ماذا يَعْني قَوْلُهُ: (اُنْجُ سَعْدُ هَلَكَ سُعَيْدُ)؟ السطر (22).

8. تَوَعَّدَ مِنْ دَلَجِ اللَّيْلِ (الدَّلَجُ: السَّيْرُ في اللَّيْلِ). ما سَبَبُ ذلِكَ؟ سطر (25).

9. ماذا قَصَدَ بِدَعْوى الْجاهِلِيَّةِ؟ وَما هِيَ العُقوبَةُ الَّتي فَرَضَها زِيادٌ لِمَنْ يَدْعو بِها؟ السطر (27).

10. قالَ زِيادٌ: لَقَدْ أَحْدثْنا لِكُلِّ ذَنْبٍ عُقوبَةً. هاتِ الْأَمْثِلَةَ الَّتي عَرَضَها. الاسْطُرُ (28، 29، 30).

11. ما هُوَ شَرْطُ تَجَنُّبِ النَّاسِ عُقوبَةَ زِيادٍ؟ سطر (30).

12. إيتِ بِبَعْضِ صُوَرِ التَّحْذيرِ مُبَيِّنًا خُطورَةَ الْأُمورِ الَّتي حَذَّرَ مِنْها.

13. ما هِيَ مَبادِئُ سِياسَةِ اللّينِ الَّتي أَعْلَنَ عَنْها؟ السطر (32).

14. كَيْفَ رَسَمَ زِيادٌ حُقوقَ كُلٍّ مِنَ الشَّعْبِ والْحَاكِمِ وَوَاجِباتِهِ؟ السطران (39، 40).

15. اذْكُرِ الْأُمورَ الثَّلاثةَ الَّتي أَعْلَنَ زِيادٌ أَنَّهُ لَنْ يُقَصِّرَ عَنْها، وَأَنَّهُ سَيُحافِظُ عَلى الْقِيامِ


*163*

بِها بِكُلِّ تَأْكِيدٍ. الأسْطُرُ (44،43،42).

16. لأَقَدْ بَيَّنَ زِيادٌ في الفَقْرَةِ الْأَخيرَةِ دَوْرَ الْحُكّامِ (الْأَئِمَّةِ) وَحَدَّدَ وَظيفَتَهُمِ الْقِيادِيَّةَ لِلشَّعْبِ. وَضِّحْ ذلك بلغتك.

17. أَنْهى زِيادٌ خُطْبَتَهُ بِتَهْديدٍ شَديدٍ. ماذا قالَ لَهُمْ؟

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. بَدَأَ الْخُطْبَةَ بِلَفْظِ (أَمَّا بَعْدُ)، وَهُوَ أُسْلوبٌ جاهِلِيٌّ اسْتَمَرَّ فيما بَعْدُ إِلى يَوْمِنا وَبِخاصَّةٍ في الْخُطَبِ الْمَسْجِدِيَّةِ في أَيّامِ الْجُمُعَةِ. ماذا يَعْني هذا اللَّفْظُ وما غرضه؟

2. إِذا تَفَحَّصْتَ الْحُروفَ الْمُسَيْطِرَة عَلى النَّصِّ، عَلى أَيِّ نَوْعٍ مِنَ الْحُروفِ تَقَعُ على (يرملون) حُروفِ اللِّينِ أَوْ (قطب جدّ) حُروفِ الشَّدِّ وَلِماذا اقْتَضاها النَّصُّ؟

3. يَكْثُرُ في الْخُطْبَةِ في الْأَسْطُرِ الْأُولى خاصَّةً الازْدِواجُ والتَّرادُفُ. اسْتَخْرِجْ بَعْضَ النَّماذِجِ، وَبَيِّنْ وَظيفَتَها في النَّصِّ.

4. كانَ أُسْلوبُهُ يَتَمَثَّلُ في إِبْرازِ الْمُشْكِلَةِ أَوَّلًا، ثُمّ طُرُقِ مُعالَجَتِها بِالقُوَّةِ َأوْ بِاللّينِ. أَعْطِ أَمْثِلَةً مُناسِبَةً لهذا الأُسلوب وَرَدَتْ في النَّصِّ؟

5. جاءَتْ مُعْظَمُ عِباراتِ الْخُطْبَةِ قَصيرَةً. هَلْ تَجِدُ تَفْسيرًا لِذَلِكَ وما الغرض؟

6. ورد في السطر (17) قَسَمٌ. ما هِيَ وَظيفَتُهُ؟

7. وَرَدَتْ في النَّصِّ صُوَرٌ للتَّوْكيدِ بِواسِطَةِ إِنَّ، وَقَدْ. اِسْتَخْرِجْ نَماذِجَ وَبَيِّنْ الغرض من استخدامها.

8. أَيْنَ وَرَدَ الْأَمْرُ في النَّصِّ؟ اِسْتَخْرِجْ صُوَرَ الَأَمْرِ الْمُباشِرَةَ بِواسِطَةِ فِعْلِ الْأَمْرِ، وَغَيْرِ الْمُباشِرَةِ بِواسِطَةِ لامِ الْأَمْرِ وَالْفِعْلِ الْمُضارِعِ والغرض منها.

9. كَثُرَتِ الْجُمَلُ الشَّرْطِيَّةُ. ÷اتَ بَعْضَها وَبَيِّنْ الغرض من استخدامها؟

10. اسْتَخْرِجْ ما تَراهُ تَجانُسًا لفظيًّا بَيْنَ الْكَلِماتِ، وَوَضِّحْ مَعانِيَ الكَلِماتِ الْمُتَجانِسَةِ والغرض منها.

11. هاتِ اَمْثِلَةً مِنَ الطِّباقِ الَّذي وَرَدَ في الْخُطْبَةِ، وَبَيِّنْ وَظائِفَ هذا الطِّباق في مَواقِعِهِ.

12. عَيِّنْ موضعين للسجّع في الخطبة واذكرْ قيمتُهما.

13. في قَوْلِهِ: (الضَّلالَةُ الْعَمْياءُ) وَفي قَوْلِهِ: (سَدَّتْ مَسامِعَهُ الشَّهَواتُ) اسْتِعارَتانِ، اِشْرِحُهُما، وَبَيِّنْ الْمُشَبَّهَ وَالْمُشَبَّهَ بِهِ، وَما هُوَ الْمَحذوفُ /ِنْهُما والغرض من استخدامها؟


*164*

14. في قَوْلِهِ: (جَعَلْتُ ذلِكَ دَبْرَ أُذُنِي وَتَحْتَ قَدَمي) كِنايَةً. إِذا كذلِكَ، فَهِيَ كِنايَةٌ عَنْ أَيِّ شَيْءٍ؟

أَسْئِلَةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. ما رأيُكَ بالتوجُّه الخطابيّ الذي استخدمه زياد في الأسطر (8-15)؟

2. ما رأيُكَ في العُقوباتِ التي فصَّلها زيادٌ في السَّطرين (28-29)؟

3. أيّ قاعدةٍ قانونيّةٍ يعكِسُ قولُهُ: فمن كان منكُم مُحْسِنًا فليزدَدْ في إحسانِهِ، ومَنْ كان مسيئًا فلينزِعْ عن إساءَتِهِ؟ وهل هذا الخِيارُ يُحقِّقُ عدالةً أوْ ديمقراطيّة، حَسبَ رأيك؟

مراجع للتّوسّع:

1. إيليا الحاوي: فنّ الخطابة وتطوُّره عند العرب. بيروت: دار الثّقافة، لبنان، 1970.

2. محمّد طاهر درويش: الخطابة في صدر الإسلام، دار المعارف بمصر، 1967.

3. عمر فرّوخ: تاريخ الأَدب العربيّ. بيروت: دار العلم للملايين، ط.ع، 1981.

4. أَحمد الفاضل: تاريخ وعصور الأدب العربيّ. بيروت: دار الفكر اللّبنانيّ، ط1.


*165*

خُطْبَةُ طارِقِ بنِ زِيادٍ يَوْمَ فَتْح الْأَنْدَلْسِ


*165*

تَمهيدٌ تارِيخِيٌّ - فَتْحُ الأَنْدَلُسِ

تَمَّ فَتْحُ هذا القُطْرِ (الأَنْدَلُس) أَيّامَ خِلافَةِ الوَليدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، الّذي تَولَّى الحُكْمَ بعدَ وفاةِ أَبيه عَبدِ المَلِكِ سَنَةَ 86 ه (705م) وَدامَ حُكْمُهُ حَتّى سَنَةَ 96 ه (715م)، وجاءَ بَعْدَهُ اَخوُهُ سُلَيْمانُ بنُ عبدِ المَلِكِ.

وعندما تَولَّى الوَليدُ الخِلافَ قَطَعَ وِلايَةَ أَفريقِيَّةَ والمَغْرِبَ عَنْ ولايةِ مِصرَ وَوَلَّى عَلَيْها مُوسى بنَ نُصَيْرٍ، وفي أَيَّامِ مُوسى عَمَّ الإِسْلامُ أَفْريقِيَّةَ والمَغْرِبَ واسْتَتَبَّ فيها الحُكْمُ العَرَبيُّ، أَسْكَنَ مُوسى في مَدينةِ طَنْجَةَ (في شمالِ المَغْرِب على المُحيطِ الأَطْلَسِيّ) سَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا من البَرْبَرِ وَوَلَّى عليها مَوْلاهُ طارِقًا بنَ زيادٍ اللَّيْثِيّ. ثُمَّ عادَ هو إِلى القَيرَوانِ سَنَةَ 88ه (707م).

لَمْ يُسارعْ مُوسى بْنُ نُصَيْرٍ بإرْسالِ جَيْشِهِ إِلى إِسْبانيا، بَلْ سَبَقَ ذلك مُحاوَلتان بِهَدَفِ دِراسَةِ الْمَوْضوعِ، والتَّدْقِيقِ في حِساباتِ الحَرْبِ، كانَتْ الْمُحاولةُ الأُولى بِقِيادَةِ يوليْان (حاكِمِ مَنْطِقَة طَنْجَةَ وصَاحِبِ سَبْتةَ) وكان ناقِمًا على القُوطِ وَمَلِكِهِمْ ويَسْعى لدَفْعِ العَرَبِ لاحْتِلاَلِ إِسْبانيا (الأَنْدَلُس). وَقَامَ هذا بحَمْلَتِهِ التَّجْرِيبِيَّةِ على شَواطِئِ الأَنْدَلُسِ سَنَةَ 90 ه (709مم) وَنَزَلَ على ساحِلِ الجَزيرَةِ الخَضْراءِ فَقَتَلَ وسَبَى وعَادَ بغَنائِمَ كَثيرَةٍ.

وكانَتْ الْمُحاوَلةُ الثَّانِيةُ بقيادَةِ مولى مُوسى بنِ نُصَيْرٍ (طَريف) سنة 91ه (710م) حَمْلَةُ طارِقِ بنِ زِيادٍ في 5 رجب سنة 92ه - 28/4/711م.

لقد خاضَ طارِقُ بنُ زِيادٍ - الّذي لم يَكُنْ جَيْشُهُ يَزيدُ على سَبْعةِ آلافِ رَجُلٍ أَكْثَرِهِمْ من البَرْبَرِ - مَعْرَكَتين انْهارَتْ عَقِبَهُما المُقاوَمةُ القُوطِيَّةُ ولَمْ تَعُدْ هُنالِك قُوةٌ يُخْشى جانِبُها في الأَنْدَلُسِ خاصَّةً وأَنَ مُوسى بنَ نُصَيْرٍ لَحِقَ بِجَيْشٍ كبيرٍ فيه وُجوهُ العَرَبِ وعُرَفاءُ (رُؤساء) البَرْبَرِ.

أَمّا هاتانِ ال /َ عْرَكَتانِ فَهُما: مَعْرَكَةُ وادي لَكُّة (إقْليمِ البُحَيْرَة) وَمَعْرَكَةُ إِسْتِجَّة (على الضِّفَّةِ الشَّرْقِيَّةِ مِنْ نَهْرِ شَنيل أَحَدِ روافِدِ الوادي الكَبير).


*166*

طارِقُ بنُ زِيادٍ


*166*

طارِقُ بنُ زِيادٍ بْنِ عبدِ اللهِ، زَعيمٌ من البَرْبَرِ، وقائِدُ جَيْشِ المُسْلِمين في فَتْحِ الأَنْدَلُس، نَزَلَ بِجَيْشِهِ البالِغِ عَدَدُهُ 7000 جُنْدِيٍّ ثُمَّ أَمَدَّهُ مُوسى بنُ نُصَيرٍ ب - 5000 آخرين، نَزَلَ على جَبَلٍ، نُسِب إِلَيْهِ بَعْد، فَقيلَ: جَبَلُ طارِقٍ، وهوُ جَبلُ كالْبِه calpe القَديمِ، ويُردِّدُ جَميعُ الإخْباريّين في شَأْنِ اجْتياز طارِقٍ للمَضيق، قِصَّةَ رُؤْيا رَآها في أَثناءِ عُبورِهِ بَشَّرَتْ بِانْتِصارِ (دائرة المعارف الإسلاميّة (التّرجمة العربيّة)، مج 15، ص 36).

أَتمَّ طارِقٌ فَتْحَ الأَنْدَلُسِ وخاضَ مَعارِكَها، ثُمَّ لَحِقَ بِهِ زَعيمُهُ مُوسى بْنُ نُصَيْرٍ. وكان لِقاءُ طارِقٍ بسَيِّدِهِ من الْمَوْضوعاتِ الّتي طَرَقَها المُؤَرِّخونَ كَثيرًا وقد قالوا: إنَّ مُوسى أَذَلَّ تابِعَهُ إِذْلالاً شَديدًا لأَنَّه تَقَدَّم زِيادَةً عن الحَدِّ الّذي قَرَّرَهُ لَهُ مُوسى واسْتَمَرَّ الغَزْوَ (عَقِبَ الْمُصالَحَةِ بَيْن القائِدَيْن) وسُرْعانَ ما بَلَغَ جَيْشُ المُسْلِمين سَرَقُسْطَةَ وَمُرْتَفَعاتِ أَرَغونِ ولِيمون.

عادَ طارِقُ بْنُ زيادٍ ومُوسى بْنُ نُصَيْرٍ إِلى دِمَشْقَ بعد أَنْ وَلَّى مُوسى ابنَهُ عبدَ العزيزِ على الأَنْدَلُسِ وبذلك بَدَأَ عَهْدُ الوُلاةِ في الأَنْدَلُسِ، وَمُنْذُ وُصلولِهما دِمَشْقَ قفي آخِرِ أَيّامِ الوَليدِ ابْنِ عبدِ المَلِكِ انْقطَعَتْ أَخْبَارُهُما ويُرْوى أَنَّهُ (طارِق) مات سَنَةَ 101 ه.


*167*

خُطْبَةُ طارِقِ بْنِ زيادٍ


*167*

فَلَمّا بَلَغَ طارِقًا دُنُوُّهُ (أيْ لُذَرِيقْ) قامَ في أَصحابِهِ فحَمِدَ اللهَ وأَثنى عليه بما هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ حَثَّهُمْ على الجِهادِ، ورَغَّبَهُمْ في الشَّهادَةِ فقال:

أيُّها النَّاسُ: أَيْنَ المفَرُّ؟ البَحْرُ من وَرائِكُمْ، والعَدُوُّ أَمامَكُم وَلَيْسَ لَكُمْ واللهِ إِلّا الصِّدْقُ (1) والصَّبْرُ. واعلَمُوا أَنَّكُمْ في هذِهِ الجَزيرَةِ أَضْيعُ من الأيْتامِ في مآدِب (2) اللِّئامِ، وقد اسْتَقْبَلَكُم عَدُوُّكم بِجَيْشِهِ، وأَسْلِحَتُهُ وأَقْواتُهُ مَوْفورَةٌ، وأَنْتُمْ لا وَزَرَ (3) لَكُمْ إلّا سُيوفُكُمْ، ولا أَقْواتَ إِلّا ما تَسْتَخْلِصُونَهُ مِن أَيْدي عَدُوِّكُمْ، وإِنِ امْتَدَّتْ بِكُمُ الأَيّامُ على افْتِقارِكُم، وَلَمْ تُنْجِزوا (4) لَكُمْ أَمْرًا، ذَهَبَتْ (5) ريحُكُمْ، وَتَعوَّضَتِ القُلوبُ مِنْ رُعْبِها مِنْكُمُ الجُرْأةَ عَلَيْكُم، فادْفَعوا عن أَنْفُسِكُم خِذْلانَ (6) هذِهِ العاقِبَةِ مِنْ أَمْرِكُم، بِمُناجَزَةِ (7) هذا الطَّاغِيَةِ، فقد ألْقَتْ بِهِ إِلَيْكُمْ مَدينَتُهُ الحَصينَةُ، وإِنَّ انْتهازَ الفُرْصَةِ فيه لممْكِنٌ إنْ سَمَحْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ بالمَوْتِ. وإنّي لَمْ أُحَذِّرْكُم أَمْرً أَنا عَنْهُ بِنَجْوَةٍ (8) ولا حَمَلْتُكُمْ على خُطَّةٍ أَرْخَصُ مَتَاعٍ (9) فيها النُّفوسُ، أَرْبَأُ (10) فيها بِنَفْسي، واعْلَمُوا أَنَّكُمْ إنْ صَبَرْتُم على الأَشَقِّ قَليلًا، اسْتَمْتَعْتُمْ بالأَرْفَهِ الأَلَذِّ طَويلًا. فلا تَرْغَبُوا بأنْفُسِكُمْ عَنْ نَفْسي، فيما حَظُّكُم فيه أَوْفَرُ من حَظِّي (11).

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الصِّدْقُ: يَقْصِدُ الصِّدقَ في القِتالِ أي الشِّدَّة.

2. مَآدِبُ: جَمْعُ مَأْدَبةٍ بالفَتْحِ والضَّمِّ طَعامٌ صُنِعَ لدَعْوَةٍ أوْ لعُرْسٍ.

3. لا وَزَرَ: لا مَلْجأ.

4. لم تُنْجِزوا لَكُم أَمْرًا: يقصِدُ لَمْ تَنْتَصِروا.

5. ذَهَبَتْ ريحُكُمْ: تَلاشَتْ قُوَّتُكُمْ.

6. خِذلانٌ: خَيْبَةٌ، هَزيمَةٌ.

7. مُناجَزَةٌ: مُبارَزَةٌ.

8. نَجْوَةٌ: عُزْلَةٌ، بُعْدٌ.

9. مَتاعٌ: التَّمَتُّعُ والتَّلَذُّذُ.

10. أَرْبَأ فيها: أَحْرِصُ عَلَيْها وأَحْفَظُها.

11. أوْقضرُ: أَكْثرُ، أَعْظَمُ.


*168*

وقد بَلَغَكُمْ ما أَنْشأَتْ هذه الجَزيرَةُ من الحُورِ الحِسانِ، ومن بَناتِ اليُونانِ، الرَّافِلاتِ في الدُرِّ والمَرْجانِ، والحُلَلِ الْمَنْسوجَةِ بالعِقْيانِ، المَقْصوراتِ في قُصورِ الْمُلاكِ ذَوي التِّيجانِ. وقد انْتَخَبَكُمْ الوَليدُ بنُ عبدِ المَلِكِ منَ الأَبْطالِ عُزْبانًا (1)، وَرَضِبَكُم للملوكِ هذِه الجَزيرةِ أَصْهارًا وأَخْتانًا (2)، ثِقَةً مِنْهُ بارْتياحِكُمْ للطِّعانِ وإِسْماحِكُمْ (3) بمُجالَدَةِ (4) الأَبْطالِ واللفُرسانِ، لِيَكُونَ مَغْنَمًا خالِصًا لَكُمْ من دونِهِ ومن دُونِ المؤمِنين سِواكُمْ. والله تَعالى وَلِيُّ إِنْجادِكُمْ (5) على ما يَكونُ ذِكْرًا في الدَّارَيْن. واعَلمُوا أَنّي أَوَّلُ مُجيبٍ إِلى ما دَعَوْتُكُمْ إليهِ. وأَنِّي عِنْدَ مُلءـَقَى الجَمْعَيْنِ (6) حامِلٌ (7) ِنَفْسِي على طاغِيَةِ القَوْم (لُذريق) فقاتِلُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعالى. فاحْمِلوا مَعِي. فإنْ هَلَكْتُ قَبْلَ وصولي إِلَيْهِ فاخْلِفُوني في عَزيمَتِي هذِهِ، واحْمِلُوا بأَنْفُسِكُم عَلَيْه، واكْتَفُوا الْمُهِمَّ مِنْ فَتْحِ هذِهِ الجَزيرَةِ بَقَتْلِهِ، فإنَّهُم بَعْدَه يُخْذَلون.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. عُزْبانًا: جَمْعِ عَزيب، والعَزيبُ والعَزَبُ والأَعزبُ: غيرُ المتزوّجِ.

2. أَخْتانًا: مِثْل أَصْهارًا.

3. إِسْماحُكُم: بَذْلُكُمْ ما يَجِبُ.

4. مُجالَدةٌ: مُقاتَلَةٌ وَضَرْبٌ.

5. إِنْجادُكُم: نُصْرَتُكُم.

6. الجَمْعَيْن: الجَيْشَيْن.

7. حامِلٌ بِنَفْسي: هاجِمٌ.


*169*

أَجْواءُ النَّصِّ:

فَتْحُ الْأَنْدَلُسِ، طارِقُ بنُ زِيادٍ، موسى بنُ نُصَيْرٍ، مَصْدَرُ التَّسْمِيَةِ (الْأَنْدَلُسُ)، الْخُطْبَةُ الْعَسْكَرِيَّةُ، أَسْبابُ الانْتِصارِ في الْمَعْرَكَةِ، مَضيقُ جَبَلِ طارِقٍ.

أَسْئِلَةُ الْمضْمونِ:

1. ماذا يُوحي قَوْلُهُ: (إِنَّكُمْ أَضْيَعُ مِنَ الْأَيْتامِ في مَآدِبِ اللِّئامِ)؟ سطر (4).

2. كَيْفَ رَسَمَ طارِقٍ صورَةَ الْعَدُوِّ الَّذي سَيُلاقيهِ جُنُودُهُ؟ وَما غَرَضُهُ مِنْ تَعْظيمِ صورَةِ الْعَدُوِّ؟ سطر (5).

3. ما هُوَ رَصيدُ جَيْشِ طارِقٍ مِنْ أجْلِ الْحُصولِ عَلى الْمُعَدَّاتِ وَالطَّعامِ؟ الأسْطُر (5،4،3).

4. ما هُوَ شَرْطُ الانْتِصارِ عَلى الْعَدُوِّ بناءً عَلى مَفْهومِ طارِقٍ الْعَسْكَرِيِّ؟ سطر (10).

5. كَيْفَ شَرَحَ طارِقٌ لِجُنودِهِ بِأنَّهُ سَيَخوضُ غِمارَ الْمَعْرَكَةِ مَعَهُمْ؟ السطران (10،11).

6. يُلاحَظُ في النّصّ أَثَرُ الترغيبات الإسْلامِيَّةِ. اشَرحْ ذلِكَ. الأسْطُر (20،19،18).

7. هُنالِكَ تَلْمِيحٌ مَصْدَرُهُ الْخَليفَةُ الْوَليدُ بنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يُفيدُ بِأَنَّ الْجُنُودَ بَعْدَ تَحقْقيقِ النَّصْرِ يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِرُّوا كَمُواطِنينَ في الْأنْدَلُسِ. ما قيمَةُ هَذا الإغراء وَالتَّرْغيبِ في شَحْذِ الْهِمَمِ لِلْمَعْرَكَةِ؟

8. ما هِيَ الْوَظيفَةُ الْقِتالِيَّةُ الَّتي أَخَذَها طارِقٌ عَلى عاتِقِهِ؟ سطر (22).

9. كيْفَ أَمَرَ طارِقٌ جُنودَهُ أَنْ يَتَصَرَّفوا إِذا سَقَطَ هُوَ شَهيدًا في الْمَعْرَكَةِ؟ (24،23).

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. بَدَأَتِ الْخُطْبَةُ بِأُسْلوبِ الاسْتِفْهامِ البَلاغِيِّ بَعْدَ النِّداءِ. اشْرَحْ:

1. وَظيفَةَ النِّداءِ هُنا.

2. وَظَيفَةَ الاسْتِفْهامِ.

2. لِماذا قالَ أَيُّها النَّاسُ وَلَمْ يَقُلْ أَيُّها الْجُنْدُ؟

3. يَتَضَمَّنُ السَّطْرُ الثالثُ مِنَ الْخُطْبَةِ ما يُسمَّى (التَّقْسيمُ). أَشِرْ وَاشْرَحْهُ. (راجع التقسيم في التعريفات).

4. ما هي وظيفة فِعْلَ الْأَمْرِ (اعْلَموا) في السَّطْرِ الرابعِ.

5. ما سَبَبُ تَتَابُعِ أَفْعالِ الْأَمْرِ في الْخُطْبَةِ؟

6. ما غرض طارِقٍ في الْخُطْبَةِ من استعمال أسْلوبٍ الشَّرْطِ في أَقَوالِهِ: (إِنِ امْتَدَّتْ


*170*

بِكُمْ الْأَيَّامُ)، غِنْ صَبَرْتُم عَلى الْأَشَقِّ (إِنْ هَلَكْتُ)؟

7. وَرَدَتْ عِباراتٌ بأُسْلوبِ التَّوْكيدِ. اسْتَخْرِجْ بَعْضَها واذْكُرْ أدَواتِها والغرض منها.

8. كانَ السَّجْعُ في الْخُطْبَةِ قَليلًا، وَمَعَ ذلِكَ هُنالِكَ بَعْضُ الْجُمَلِ الْمَسْجوعَةِ. اسْتَخْرِجْ جُمْلَتَيْنِ، وَوَضِّحْ جَمالَ التَّعْبيرِ فيهِما.

9. وَرَدَتْ في النَّصِّ بَعْضُ صِيَغِ التَّفضْيلِ. اسْتَخْرِجْها وَبَيِّنْ أَهَمِّيَّتَها في فهم المعنى.

أَسْئِلَةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. هل حَسَبَ رأيكَ وبناءً على مضمونِ الخُطْبَةِ الخاصّ بإبرازِ صورةِ العَدُوّ، يمكن اعتبار هدا النصّ مُنْصِفًا؟ ولماذا؟

2. هنالك شواهدُ تاريخيّةٌ كمعركة أحُدٍ، ومعركة بَواتيه في فَرَنْسا (بلاطُ الشُّهداء) كان الطِّمَعُ في غنائم المعركةِ سَبَبًا في هزيمَةِ المُسلمين. لماذا لم يَحْدُثْ هذا الأمرُ هُنا؟ بيّن رأيكَ وموقفَكَ.

3. إطْماعُ الجنودِ المسلمينَ بالمصاهَرةِ، والفوزِ بالحُور الحِسانِ من بناتِ اليونان، هل لهذا الأمْرِ دورٌ عَسكريٌّ مؤثّرٌ برأيك؟

4. أيُّ تعابيرَ ورَتْ في الخُطبةِ تُحقّقُ القِيمَ التّاليَة:

1. التّضحِيَةَ

2. الإقدامَ والشّجاعة

3. القيادَةَ المثاليّةَ

اعتمادًا على بداية الخُطْبَةِ ونهايتها.

مراجع للتوسّع:

1. محمّد عبد الله عنّان: دولة الإسلام في الأندلُس من الفتح إلى بداية عهد النّاصر. القاهرة: مكتبة الخانجيّ، ط4، 1389-1969.

2. أحمد زكي صفوت: جمهرة خُطَبِ العرب في عصور العربيّة الزّاهرة. القاهرة: مطبعة البابيّ الحلبيّ، 1962.

3. إيليا الحاوي: فنّ الخطابة وتطوّر عند العرب. بيروت: دار الثّقافة، 1970.

4. محمّد طاهر درويش: الخطابة في صدر الإسلام. مصر: دار المعارف، 1967.


*171*

البابُ التَّاسِعُ: رِسالَةُ الْغُفْرانِ - أَبو الْعَلاءِ الْمَعَرِّيُّ


*171*


*172*

رِسالَةُ الْغُفْرانِ

بتصرّف من كتاب الدّكتور شوقي ضيف: الفنّ ومذاهبه في النثر العربيّ، دار المعارف، ص275 وما بعدها. أَبو الْعَلاءِ الْمَعَرِّيُّ

كتَبَها أَبو العَلاءِ المَعَرِّيِّ إلى العَلِيّ بنِ مَنْصورٍ الحَلَبِيّ المَعْروفِ (بابْنِ القَارِحِ) رَدًّا على رِسالَةٍ كَتَبَها إلَيْهِ، ويَظْهَرُ أَنَّ أَبا العَلاءِ كانَ يُعَجَبُ بابنِ القارِحِ، وَأَنَّهُ كان يَتَّفِقُ وَهَواهُ في بَعْضِ الآراءِ الّتي تَتَّصِلُ بالأَدْيانِ والنِّحَلِ، إذا امْتَلَأتِ الرِّسالَةُ بسُخْرِيَةٍ لاذِعَةٍ من المعْتَقَداتِ. والرِّسالةُ تَنْقَسِمُ إلى قِسْمَيْنِ عامَّيْن: قِسْمٌ يُعْتَبرُ مُقَدِّمَةً، وفيها نَجِدُ أَنَّ أَبا العَلاءِ يَسْتَطْرِدُ مِنْ وَصْفِهِ لكَلِماتِ ابْنِ ابْنِ القَارِحِ في رِسالَتِهِ إِلَيْهِ بأَنَّها تُشْبهُ أشْجارَ الجَنَّةِ، إِلِى وَصْفِ الجَنَّةِ نَفْسِها، وما بِها من نَعيمٍ، وفِي أَثْناءِ ذلك يَعْرِضُ لنُدَماءِ ابْنِ القَارِحِ مِنْ عُلَماءِ اللُّغَةِ، وَيَتَراءى له أَنْ يَجْعَلَهُ يَتَنَزَّهُ في الجَنَّةِ، فَيَلْقى طَائِفَةً مِنْ شُعَراءِ الجَاهِلِيَّةِ، وَيَمُرُّ في جَنَّةِ الرُّجَازِ، وأَخيرًا يُقْبِلُ على كَأْسٍ من كُؤوسِ الجَنَّةِ الّتي لا تُنْزِفُ عَقْلًا.

وهَكذا هو القِسْمُ الأَوَّلُ مِن الرِّسالةِ وَيُعْطيها لَوْنًا مَدْرسِيًّا، إذْ قَصَدَ فيه أَبو العَلاءِ - مِنْ خِلالِ حِوارِ ابْنِ القَارِحِ مَعَ الشُّعَراءِ - أَنْ يُظْهِرَ عِلْمَهُ بأَشْعارِهِمْ وما فيها مِنْ مَسائِلَ عَويصَةٍ في لَفْظِها وَنَحْوِها وَوَزْنِها. وَيَنْتَقِلُ مِنْ هذا القِسْمِ إِلى القِسْمِ الثَّاني وهو خَاصٌّ بالرَّدِّ على سُؤالِ ابْنِ القَارِحِ عَن الزَّنادِقَةِ والزَّنْدَقَةِ، وتَعَرَّضَ اثناءَ هذا القِسْمِ لكَثيرٍ من النِّحَلِ في عَصْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كانَ هذا القِسْمُ في الرِّسَالَةِ ذا قِيمَةٍ خاصَّةٍ.

على أَنَّ أهَمِّيَّةَ الرِّسالَةِ إنّما تَرْجِعُ إلى القِسْمِ الأَوَّلِ مِنْها، إذْ قَرَنَها الباحِثون بسَبَبِهِ إلى الكوميدْيا الإلهِيَّةِ لدانْتي (2) (دانتي (1321-1265 Dante Nighirei) من كِبارِ الشُّعراءِ الإيطاليّين، ومن مَشاهير الأُدباءِ العالميّين، وأشهر مؤلّفاته كتابُهُ الّذي أبرز اسمهُ في العالم وهو (الكوميديا الإلهيَّة). الكوميديا الإلهِيَّة: ويُسَمّيها البعضُ المهزَلَةُ الإلهيّة: قصيدةٌ ملحميَّةٌ وضعها الشَّاعرُ دانتي خلال المدّةِ المراوحة بين 1307م وسنة 1321م وجعلها ثلاثةَ أقْسامِ: الجَحيمُ والمَطْهَر، والجَنّةُ. كلّ واحدٍ منها نَشيدُ، وعدد متساوٍ من الأبيات، اِرْتَكَز في بنيتها على العَددِ ثلاثة، ومَهَّد لهَا بنشيدٍ في المدخل لتبلغَ أَناشيدُه مائَةَ في المجموع كلّه) مُحاوِلين النَّفاذَ إلى بَيانِ تَأَثُّرِهِ بها وَمَدى هذا التَّأَثُّرِ هو تَأَثُّرٌ تَقومُ عَلَيْه أَدِلَّةٌ كَثيرَةٌ، وبذلك لم يَصْنَعْ أَبو العَلاءِ للعَرَبِ (كوميديا إلهِيَّة) بَلْ أَثَّرَ بِها اَيْضًا أَثرًا عَميقًا في الآدابِ العالَمِيَّةِ.


*173*

أَبو العَلاءِ المَعَرِّيُّ

363 ه - 449 ه (973 م - 1053 م)

حيَاتُهُ:

في مَعرَّةِ النُّعْمانِ، بين حِمْصَ وحَلَبَ (1) (معرّة النّعمان، وحمص، وحلب في سوريا اليوم) كانَتْ تَعيشُ أُسْرَةٌ عَريقةٌ في القِدَمِ يَمْتَدُّ أَصْلُها إلى نَبْعَةِ تَنوخَ من قُضاعَةَ مِنْ قَحْطانَ، وَلقد أَنْبَتَتْ تِلْكَ الغَرْسَةُ فَرْعًا كَريمًا هو عَبْدُ اللهِ ابنُ سُلَيْمانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الّذي عُرِفَ بالعِلْمِ والقَضاءِ، والرّئَاسَةِ، والثَّراءِ، وكانَ له حَظٌّ في الشِّعْرِ، كما كانَ لأَجْدادِه مِنْ قَبْلِهِ.

وُلِدَ لهذا الرَّجُلِ طِفْلٌ دُعِيَ أَحْمَدُ وعُرِفَ بأبي العَلاءِ، وفي سِنِّ الثَّالِثَةِ أُصيبَ بالجُدَرِيّ، فَوَسَمَ وجْهَهُ بِسِماتٍ قَبيحَةٍ، ثُمّ كَفَّ بَصَرُهُ، ولكِنَّهُ لم يُقْعِدْهُ عن العِلْمِ وَتَخْصيلِ الشُّهْرَةِ، فَيمَّمَ شَطْرَ حَلَبَ (عاصِمَةِ سَيْفِ الدَّوْلَةِ) وَزارَ مَكْتَباتِها وَتَحَدَّثَ إِلى عُلَمائِها، ثُمَّ زارَ أَنطاكِيَّةَ (وهِيَ بَعْدُ بأيْدي الرُّومِ) فَزارَ مَكْتَبتَها الشَّهيرَةَ، واخْتَلَفَ إِلى دُورِ العِلْمِ فيها وَسَمِعَ وَسَأَلَ. وَمَرَّ باللّاذِقِيَّةِ (في شَمالِ ساحِلِ سوريا) فَنَزَلَ بِدَيْرٍ وأَخَذَ فيه آراءَ كثيرَةً عن راهِبٍ كانَ له يَدٌ في الفَلْسَفَةِ والعُلومِ الدِّينِيَّةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ إلى طَرابْلِسِ الشَّامِ.

كان أَبو العَلاءِ ذا خَلْقٍ دَميمٍ، قَصيرَ القامَةِ، نَحيفَ الجِسْمِ ضَعيفَهُ، واسِعَ الجَبْهَةِ مُشَوَّهَ الوَجْهِ بآثارِ الجُدَرِيِّ والعَمى. ولكنَّهُ كان مُتَوَقِّدَ الذَّكاءِ، لَه يَدٌ في الحديثِ والفِقْهِ وهو متَمَكِّنٌ في اللُّغَةِ والنَّحْوِ والأَدَبِ.


*174*

مِنْ رِسَالَةِ الغُفْران - أَبو العَلاءِ المَعَرِّيُّ


*174*

مَعَ زُهْيرٍ بنِ أَبي سُلْمى

وَيَنْظُرُ الشَّيْخُ (1) (الشّيخ: المقصود عليّ بن المنصور ابن القارح صديق المعرّيّ وبطل رسالة الغفران) في رِياضِ الجَنَّةِ فيَرَى قَصْرَيْنِ مُنيفَيْنِ (1)، فَيَقُولُ في نَفْسِهِ: لَأَبْلُغَنَّ هَذَيْن القَصْرَيْن، فأَسْأَلُ لِمَنْ هُما؟ فإذا قَرُبَ إِلَيْهِما رَأى على أَحَدِهِما مَكْتوبًا: (هذا القَصْرُ لِزُهَيْر بْنِ أَبي سُلْمى المُزَنِيِّ (2) وعلى الآخَرِ: (هذا القَصْرُ لَبيدِ بْنِ الأَبْرَصِ الأَسَدِيِّ) (3)، فَيَعْجَبُ مِنْ ذلك وَيَقُولُ: هذان ماتا في الجَاهِلِيَّةِ، وَلكِنَّ رَحْمَةَ رَبِّنا وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وسَوْفَ أَلْتَمِسُ (4) لِقاءَ هذين الرَّجُلينِ فأَسْأَلُهُما بِمَ غُفِرَ لَهُما.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. مُنيفان: بارِزان عالِيان.

2. زهيرُ بْنُ أَب سُلْمى: أحدُ شعراءِ الجاهلِيَّةِ المعروفين، ومِنْ نُقّادِ الشِّعرِ وَهُناك مَنْ يُصنِّفُه مِنْ أَصْحابِ المعلَّقاتِ (انظرْ شَرْحَ التَّبريزيّ على المُعَلقاتِ العَشْر) ومِن الطَّبقةِ الأُولى من فُحولِ الشُّعراء الجاهليّين.

3. عَبيدُ بنُ الأَبْرَصِ: وُلِدَ سنة 24 ق. ه (455م) وتوفي عام 77 ق. ه (598م). شاعِرٌ جاهِيٌّ عُمِّرَ طَويلًا حَتّى قَتَلَهُ الْمُنذِرُ بنُ ماءِ السَّماءِ وهو من أَصْحابِ المعلَّقاتِ إذا حُسِبَتْ عَشْرَ مُعَلَّقاتٍ. أمّا إذا حُسِبَتْ سَبْعًا فليسَ مِنْهم.

4. أَلْتَمِسُ: أَطْلُبُ، أَبْحَثُ عن، أَرجو.


*175*

فَيَبْتَدئُ بزُهيْرٍ فَيَجِدُهُ شابًّا كالزَّهْرَةِ الجَنِيَّةِ (1). قَدْ وُهِبَ له قَصْرٌ مِن وَنِيَّةٍ (2) كَأَنَّهُ ما لَبِسَ جِلْبابَ هَرَم، ولا تَأَفَّفَ مِنَ البَرَمِ (3) وَكأنّهُ لَمْ يَقُلْ في الميمِيَّةِ (4):

سَئِمْتُ تكاليفَ (5) الحَياةِ ومن يَعِشْ ثَمانينَ حَوْلا (6)، لا أبا لَكَ، يَسْأَمِ ولم يَقُلْ في الأُخْرى:

أَلَمْ تَرَني عُمِّرْتُ تشسْعينَ حِجَّةً (7) وَعَشْرًا تِباعًا عِشْتُها وَثَمَانيا فَيَقولُ:

جَيْرِ جَيْر! (8) أَأَنْتَ أَبو كَعْبٍ وبُجَيْر؟ (9) فَيَقولُ: نَعَم. فَيَقولُ: أَدامَ اللهُ عِزَّهُ بِمَ غُفِرَ لَكَ، وَقَدْ كُنْتَ في زَمانِ الفَتْرَةِ (10) والنَّاسُ هَمَلٌ (11) لا يَحْسُنُ مِنْهمُ العَمَلُ؟

شَرْحُ الَكلِماتِ:

1. الجَنِيَّة: الناضِجَة.

2. وَنِيّةٌ: لُؤْلُؤَةٌ أو دُّرَّةٌ (من الجواهِرِ والحِجارَةِ الكريمَةِ).

3. البَرَمُ: الضَّجَرُ، الشُّعورُ بالضِّيقِ.

4. الميمِيَّةُ: المقْصودُ معلَّقَتُهُ الّتي حَرْف رَوِيّها (الحرفُ الأَخيرُ في القَافية) هو الميمُ.

5. تكاليفُ الحياةِ: صُعوباتُها، مَشَقَّاتُها.

6. حَوْلٌ: عامٌ، سَنَةٌ.

7. حِجَّةٌ: سَنَةٌ، عامٌ وجمْعها حَجِجٌ.

8. جَيْرِ: حَرْف جواب يَعْني نَعَمْ، ويُفَضَّل أنْ مُكَرَّرَةً كما هُنا جَيْرِ جَيْر.

9. كَعْبٌ وبُجَيْر: هما كَعْبُ بنُ زُهَيْرٍ، وبُجَيْرُ بْنُ زُهَيرٍ. ابنا زُهَيْرٍ. وكانا شاعِرَيْن أيضًا.

10. الفَتْرَةُ: يعني الجاهِلِيَّةَ. الزَّمَنُ الّذي لا وَحي فيه حتّى في زَمَنِ الرَّسولِ (ص) قَبْلَ أن يُبْعَث.

11. النّاسُ هَمَلٌ: النَّاسُ مُهْمَلون. لا نِظامَ وَلا قانونَ يُنَظِّمُ أُمورَهُم.


*176*

فَيَقولُ: كانَتْ نَفْسي مِنْ الباطِلِ نَفُورًا

(1)، فصادَفْتُ مَلِكًا غَفُورًا، وَكُنْتُ مُؤمِنًا باللهِ العَظيمِ، ورأيتُ فيما يَرَى النَّائِمُ حَبْلًا نَزَلَ من السَّماءِ فَمَنْ تَعَلَّق بِهِ مِنْ سُكّانِ الأَرْض سَلِمَ، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ أمْرٌ مِن أمْرِ اللهِ، فأوْصَيْتُ بَنِيَّ وَقُلْتُ لَهُمْ عِنْدِ المَوْتِ: إنْ قامَ قائمٌ (2) يَدْعوكُمْ إِلى عِبادَةِ اللهِ فأَطيعوهُ. وَلَوْ أدْرَكْتُ مُحَمَّدًا لكُنْتُ أَوَّلَ المؤْمينَ. وَقُلْتُ في الميمِيَّةِ، والجاهِلِيَّةُ على على السَّكِنَةِ (3)، وَالسَّفَة (4) ضارِبٌ بالجِرانِ (5):

فَلا تَكْتُمُنَّ (6) اللهَ ما في نُقُوسِكُم لِيَخْفى وَمَهْما يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَم

يُؤَخَّرْ فَيوضَعْ فيِ كتابٍ فَيُدَّخَرْ (7) لِيَوْمِ الحِسابِ أَوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَمِ (8)

وَيَقُولُ أَلسْتَ القائِلَ:

وَقَدْ أغْدو (9) على ثُبَةٍ (10) كِرامٍ نِشاوى (11) واجدينَ لِما نَشاءُ

يَجُرُّونَ البُرودَ (12) وقَدْ تَّمشَّتْ حُمَيَّا (13) الكْأسِ فيهِمْ والغِناءُ

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. كانَتْ نَفْسي مِنَ الباطِلِ نَفورًا: كارِهةً، عازِفةً عن الباطِلِ وغيرَ راغِبةٍ فيه.

2. قامَ قائِمٌ يدْعو: ظَهَرَ داعٍ للرَّشادِ والهِدايةِ.

3. النَّاسُ على السَّكِنَة: النّاسُ على الحَالِ الّتي كانُوا عَلَيْها.

4. السَّفَهُ: الطَّيْشُ، الفَوضَى، الجَهْل.

5. الجِران: باطِن العُنُقِ، وقيلِ مُقَدَّمُ العُنُقِ من مَذْبَحِ البَعيرِ إلى مِنْحَرِهِ، فإذا بَرَكَ البَعيرُ ومَدَّ عُنُقَهُ على الأَرْضِ قيلَ أَلْقى جِرانِهِ بالأَرْضِ. وفي حَديث عائشَةَ رضي اللهُ عَنْها: حتّى ضرَبَ الحَقُّ بِجرانِه، أرادَتْ أَنَّ الحَقَّ اسْتقامَ وقرَّ في قَرارِهِ، وهكذا قولُ الْمَعَرِّيّ والسَّفَهُ ضاربٌ بالجِران، فكأنَّهُ يُلقي رَقَبته، وهو كِنايَة عن الاسْتِقرار.

6. تَكْتمُنَّ: تُخْفون.

7. يُدَّخَرُ: يُخْفون.

8. يُنْقَمُ: يُعاقَبُ ويُعَذَّبُ.

9. أغْدو: يقْصِدُ يَحْضُرُ ويُشارِكُ.

10. ثُبَةٌ: الجَماعةُ من النَّاسِ.

11. نَشاوى: مُتَلذِّذونَ وسُكارى من شُرْبِ الخَمْرةِ.

12. البُرودُ: جَمْعُ بُرْدٍ وهي الثِّيابُ المُخَطَّطَة.

13. حُمَيّا الكأسِ: شِدَّتُها، سَوْرَتها، غايةُ التّأثيرِ والسُّكْرِ.


*177*

أَفَأُطْلِقَتْ (1) لَكَ الخَمْرُ كَغَيْرِكَ مِنْ أَصْحابِ الخُلودِ؟ أمْ حُرِّمَتْ عَلَيْكَ مِثْلَمَا حُرِّمَتْ على أَعْشى قَيْسٍ (2)؟ فَيَقولُ زُهَيْرٌ: إنَّ أَخا بَكْرٍ (3) أدْرَكَ (مُحَمَّدًا) فَوَجَبَتْ (4) عَلَيْهِ الحُجَّةُ (5)، لأَنَّه بُعِثَ بِتَحْريمِ الخَمْرِ، وحَظْرِ ما قَبُحَ مِنْ أَمْرٍ، وَهَلَكْتُ أَنا والخَمْرُ كَغَيْرِها من الأشْياءِ، يَشْبُها أَتْباعُ الأَنْبياءِ فلا حُجَّةَ عَلَيَّ.

فَيَدْعوهُ الشَّيْخُ إلى المُنادَمَة (6)، فَيَجِدُهُ مِن ظِرَافِ (7) النُّدَماءِ (8)، فَيَسْأَلُهُ عَنْ أَخْبارِ القُدَماءِ (9). ومَعَ المِنْصَفِ (10) باطِيَةٌ (11) مِنْ الزُّمُرُّدِ (12)، فيها مِنَ الرَّحيقِ المَخْتومِ (13) شيءٌ يُمزَجُ بزَنْجَبيلٍ، والماءُ أُخِذَ من سَلْسَبيلٍ (14) فيقولُ - زادَ اللهُ في

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. أُطْلِقَتْ: سُمِحَتْ لَكَ، أُحِلَّتْ لَكَ.

2. أَعْشى قَيْسٍ: مَيْمونُ بْنُ قَيْسٍ، تُوفِّيَ في آخر 7ه أوائل 629م، لَهُ الأَعْشى الأَكْبرُ ويُكَنَّى أبا بَصيرٍ، لُقِبَ بالأَعشى لضَعْفِ بَصَرِهِ، شاعِرٌ جاهِلِيٌّ، أدْرَكَ الإسْلامَ ولَمْ يُسْلِمُ، فكانَ مُولَعًا بالخَمْرَةِ وكانَ يُتَغَنَّى بِشِعْرِهِ ولُقِّبَ صَنَّاجَةَ العَرَبِ.

3. أخا بَكْرٍ: من قَبيلةِ بَكْرٍ، والمَقْصودُ الأَعْشى.

4. وَجَبَتْ: حَقَّتْ. أَصْبَحَتْ نافِذَةً يَجِبُ اتِّباعُها.

5. المُنادَمةُ: المُصاحَبَةُ في شُرْبِ الخَمْرَةِ.

6. المُنادَمةُ: المُصاحَبَةُ في شُرْبِ الخَمْرَةِ.

7. ظِرافٌ: جَمْعُ الظَّريفِ وهو الحَسَنُ، حُلْوُ الْمَعْشَرِ والْمُعاشَرةِ.

8. النُّدَماءُ: جَمْعُ النَّديمِ، الصَّاحِبُ والشَّريكُ في مَجْمَعِ شارِبي الخَمْر.

9. القُدَماءُ: السَّابِقون في الجاهِلِيَّةِ.

10. المِنْصَفُ: الخَادِمُ.

11. الباطِيَةُ: وِعاءٌ للخَمْرَةِ تُغْرَفُ مِنْه وقد يَكونُ من الزُّجاجِ. وهوَ بِحَجْمٍ كَبيرٍ يُمْلأُ بالشَّرابِ وَيوضَعُ بين الشَّاربين.

12. الزُّمُرُّدُ: حَجَرٌ كَريمٌ أخْضَرُ اللّوْنِ.

13. الرَّحيقُ المَخْتومُ: هو شَرابُ أَهْلِ الجَنَّةِ وهو غَيرُ مُسْكِرٍ. والمَخْتومُ نِسْبَةً إلى الخَتْمِ على فُوَّهَةِ الناجُوذ (وعاءُ الخَمْرَةِ)، دَلالةً على أَنّها لَمْ تُمَسَّ.

14. السَّلْسَبيل: إشارَةً إلى العَيْنِ الجاريةِ في الجَنَّةِ: (عَيْنًا فيها تُسَمّى سَلْسَبيلًا) (قرآن كريم)


*178*

أنْفاسِهِ - أيْنَ هذِهِ الباطِيَةُ من الّتي ذَكَرَها السَّرَوِيُّ (1) في قَوْلِهِ:

وَلَنا باطِيَةٌ مَمْلوءَةٌ جَوْنَةٌ (2) يَتْبَعُها بَرْذينُها (3)

فإذا ما حارَدَتْ (4) أوْ بَكَأتْ (5) فُتَّ عَنْ خاتَمٍ (6) أُخْرى طينُها

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. السَّرَويُّ: هو الشَّاعِرُ عَدِيُّ بْنُ زَيدٍ، تُوُفِّيَ عام 590م، وهو شاعِرٌ جاهِلِيٌّ نُسِبَ إلى أَرْضِ السَّراة، وهي في أرْضِ بَني تَميم.

2. الجَونَة: (من الأَضْداد) قد تَكونُ البَيْضاءَ وقد تكونُ السَّوْداءَ، وهي سَلَّةٌ مُغَطَّاةٌ بالجِلْدِ.

3. البَرْذين: إناءٌ من قِشْرِ الطَّلْعِ (طلع النخيل) يُشْرَبُ فيه.

4. حارَدَت: قَلَّ خَمْرُها. يُقالُ حارَدَتِ النَّاقَةُ إذا قَلَّ حَليبُها.

5. بَكَأَتْ: قَلَّ خَمْرُها. بكَأَتِ النَّاقَةُ: قَلَّ حَليبُها. بَكأَتِ البِئْرُ: قَلَّ ماؤُها. وَبَكَأَتِ العَيْنُ: قَلَّ دَمْعُها.

6. فُتَّ: كُسِرَ بالأَصابِعِ قِطعًا كَثيرَةً.

إِضاءات على المضمون:

1. القَصْران والبحث عن صاحبيهما.

2. التَّحْقيقُ مَعَ زُهَير.

3. تَوْضِيحُ سَبَبِ الغُفْرانِ. زُهَيْرٌ يَشْرَحُ وَيُوَضِّحُ.

4. المُنادَمَةُ في الجَنَّة.

أجْواءُ النَّصِّ:

الْجَنَّةُ وَالنّارُ حَسَبَ الْقُرْآنِ الْكَريمِ، الْغُفْرانُ، الْإِسْراءُ وَالْمِعْراجُ، التَّذْكيرُ (بِالْكوميديَا الْإِلهِيَّة) لِدانَتْي، وَالتَّوابِعِ وَالزَّوابِعِ لابْنِ شُهَيْدٍ الْأَنْدَلُسِيّ، الرَّوِيُّ في الْقَصيدَةِ الْعَمودِيَّةِ.

أَسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. يَذْكُرُ الْمَعَرِّيُّ في بِدايَةِ النَّصِّ (ويَنْظُرُ الشّيْخُ). الْمَطْلوبُ: تَعْريُ الشَّيْخِ مَنْ هُوَ؟ وَماذا يُفْهَمُ مِنْ الفعل يَنْظُرُ؟

2. ما هُوَ تَسؤُلُ الشَّيْخ؟ وَكَيْفَ وَجَدَ الْإِجابَةَ، الْأَسْطُرُ (5،4،3).

3. يُخْبِرُنا النَّصُّ أَنَّ الشَّيْخَ عَجِبَ مِنْ أَمْرٍ. مِمَّ عَجِبَ؟ وَلِماذا؟ السطران (4،3).

4. ما هُوَ قَرارُ الشَّيْخِ لإِزالَةِ عَجَبِهِ؟ سطر (5).


*179*

5. فَهِمْنا مِنَ النَّصِّ بَعْضَ صِفاتِ زُهَيْرٍ. وَضِّحْها. سطر (7).

6. إِلى أَيِّ حَقيقَةٍ يُشيرُ بَيْتُ الشِّعْرِ: (سَئِمْتُ تَكاليفَ)؟ سطر (9).

7. ما الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْتِ الْأَوَّلِ (سَئِمْتُ) والْبَيْتِ التَّالي (أَلَمْ تَرَنِي) في الدلالة الزمنيّة؟

8. وَجَّهَ الشَّيْخُ لِزُهَيْرٍ سُؤالًا ذا صِبْغَةٍ دينِيَّةٍ. ما هُوَ السُّؤالُ وَما سَبَبُهُ؟ السطران (13، 14).

9. هَلْ يُمْكِنُكَ أَنْ تُرْجِعَ تَسْمِيَةَ رِسالَةِ الْغُفُرانِ إِلى هذا السُّؤالِ: (بِمَ غُفِرَ لَكَ؟) وَهَلْ له مَرْجِعًا دينِيًّا؟ ابْحَثْ عَنْ ذلِكَ في سورَةِ (يس).

10. كيْفَ شَرَحَ زُهَيْرٌ نَجاتَهُ مِنَ النَّارِ؟ وَفَوْزَهُ بِالْغُفْرانِ؟ الأسطر (16، 17، 18، 19).

11. تَضَمَّنَ الْبَيْتان (فلا تَكْتُمُنَّ اللهَ) و(يُؤَخَّرْ فَيوضَعْ) مَضْمونًا إسْلامِيًّا مركزيًّا. وَضِّحْهُ.

12. يُحاوِلُ الشَّيْخُ مَرَّةً أُخْرى أَنْ يُزيلَ غُموضًا في مَوْقِفٍ لزُهَيْرٍ بِالنِّسْبةِ لِلْخَمْرَةِ. ما هُوَ هذا الْغُموضُ؟ وَكَيْفَ أَزالَهُ زُهَيْرٌ؟ الأسطر (25، 26، 27، 28).

13. هَلْ تَسْتَطيعُ أَنْ تَرْبِطَ هذِهِ الْجُمْلَةَ (فَقدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ) بِآيَةٍ قُرْآنِيَّةٍ؟ قارِنْ ذلِكَ مَعَ الْآيَةِ (165) مِنْ سورَةِ النِّساءِ.

14. صِفْ نِهايَةَ النَّصِّ الاحْتِفالِيَّةَ. الأسطر (29-34).

15. اسْتَخْرِجْ مِنَ الْمَقْطَعِ الْأَخيرِ بَعْضَ التَّسْمِياتِ مِنْ عالَمِ الْخَمْرَةِ وَعَرِّفْها.

16. كَيْفَ رَبَطَ الْمَعَرِّيُّ بَيْنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْحَياةِ الْأُخْرى؟ سطر (32).

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. يُفيدُ المَبْنى الْعامُّ لِهذا النَّصِّ أنَّهُ جاءَ في إطارٍ قَصَصِيٍّ. بَيِّنْ عَناصِرَ الْقِصَّةِ التي تظهر فيهِ.

2. يُشيرُ الدُّكْتورِ شَوْقي ضيف (أَحَدُ عُلَماءِ الْأَدَبِ الْعَرَبِيّ في الْعَصْرِ الْحَدث) إِلى أَنَّ الْقِسْمَ الْأوَّلَ مِنْ رِسالَةِ الْغُفْرانِ يُعْطيها لَوْنًا مَدْرَسِيًّا. هَلْ تَجِدُ هذا اللَّوْنَ فَي مُخْتارَاتِنا؟

3. التَّدَرُّجُ مِنْ حَدَثٍ إِلى آخَرَ كانَ صِفَةَ النَّصِّ الَّذي نَدْرُسُهُ. رَتِّبِ الْأَحْداثَ: الْأَوَّلَ فَالثَّانيَ إِلى الْآخِرِ.

4. أُسْلوبُ الاسْتِشْهادِ الشِّعْريِّ: ما هِيَ الْأَغْراضُ لِكُلِّ شاهِدٍ شِعْرِيٍّ في النَّصِّ؟


*180*

5. جاءَ أُسْلوبُ الْوَصْفِ في أَكْثْرَ مِنْ مَكانٍ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَتَيْنٍ. اسْتَخْرِجْ بَعْضَ الْأمْثِلَةِ وَبَيِّنْ مَوْقِعَها في النَّصِّ.

6. وَرَدَ في النَّصِّ أُسْلوبُ التَّشْبيهِ في أَكْثَرَ مِنْ مَكانٍ. اسْتَخْرِجِ تَشْبيهَين وَبَيِّنْ أَرْكانَ التَّشبيهِ فيهِما وَاذْكرْ قيمَتَهُما وَغَرَضَهُما.

7. هاتِ أَمْثِلةً عَلى أُسْلوبِ السَّجْعِ، وَبَيِّنْ غرَضَ هذا السَّجْعُ لِلنَّصِّ.

8. اسْتَخْرِجْ كِنايَتَيْنِ مِنَ النَّصِّ، وَاذْكُرْ ما هِيَ الْحَقيقَةُ؟

9. اشرح الاسْتِعارَةَ في قَوْلِهِ: (تَمَشَّتْ حُمَيَّا الْكَأْسِ) وَفي قَوْلِهِ: (جَوْنَةٌ يَتْبَعُها بَرْذِينُها) وَفي قَوْلِهِ: (وَالسَّفَهُ ضارِبٌ بِالجِرانِ).

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. هلِ، حَسَبَ رأيِكَ، يمكنُ مُشابهةُ الصّورِ القَصَصِيَّةِ في رسالَةِ الغُفران مع حكايات ألف ليْلة ولَيْلة؟ بيّن أوجهَ التّشابُه.

2. هنالك من يَدّعي بأنَّ الأصْلَ في خيال المعرّيِّ في رسالَةِ الغُفرانِ راجِعٌ إلى حِكايةِ الإسراءِ والمعراجِ التي ذُكرت في القرآنِ الكريمِ. ما رأيكَ في هذا الادّعاء؟

3. لماذا، حَسَبَ رأيكَ، يُبقي المعرّيُّ على خُيوطِ الوَصْل مع الدُّنيا لصاحبِهِ ابنِ القارِحِ الذي أرسلَهُ خيالُهُ إلى الآخرةِ؟

مراجع للتَّوسُّع:

1. المشوّق في الأدب العربيّ. بيروت: منشورات المكتبة البوليسيّة، ط1، 1966، ج5.

2. شوقي ضيف: اتلفنّ ومذاهبه في النّثر العربيّ. دار المعارف، 1960.

3. عائشة عبد الرحمن (بِنت الشاطئ): جديدٌ في رسالة الغفران. بيروت: دار الكتاب العربيّ، لبنان، ط 1، 1393 ه - 1972 م.

4. مسى سليمان: الأدب القصصيّ عند العرب. بيروت: دار الكتاب اللّبنانيّ، 1960.

5. جبرا نقولا: أبو العلاء المعرّيّ. إصدار دار الاتّحاد للطّباعة والنّشر د.ت.

6. أنيس المقدسيّ: أمراء الشّعر العربيّ في العصر العبّاسيّ. بيروت: دار العلم للملايين، ط 15، 1983.


*181*

البابُ العاشِرُ: المَقامَاتُ


*181*

1. الهَمَذانِيُّ: المقامَةُ الحِرْزِيَّةُ.

2. الحَريريُّ: المقامَةُ البَغْدادِيَّةُ


*182*

الْمَقامَات


*182*

الْمَقامَةُ هي قِصَّةٌ قَصيرَةٌ (لَيْسَ بمَعْناها الفَنّيِّ اليَوْمَ)، بَطَلُها نَموذَجٌ إنْسانِيٌّ مُكْدٍ، وَمُتَسَولٌ، لَها راوٍ، وَتَقومُ على حَدَثٍ كَريفٍ مغْزاهُ مُفارَقَةٌ أَدَبِيَّةٌ، أَوْ مَسْألةٌ دينِيَّةٌ أوْ مُغامَرَةٌ مُضْحِكَةٌ تَحْمِلُ في داخِلِها لَوْنًا من أَلْوانِ النَّقْدِ، أو الثَّوْرَةِ أو السُّخْرِيَةِ وُضِعَتْ في إِطارٍ من الصَّنْعَةِ اللَّفْظِيَّةِ والبَلاغِيّةِ.

يَرى أنَّ هذا الفَنَّ انْتَقَلَ بفَضْلِ بَديعِ الزَّمانِ إلى اللُّغَةِ الفارِسِيَّةِ. وأَشارَ بروكلمان كذلك إلى أَنَّ هذا الفَنَّ دَخَلَ اللُّغَةَ العِبْرِيّةَ بفَضْلِ اليَهودِيِّ الرّبانِيّ ابنِ شلومُو الحَريزيِّ، الّذي تَرْجَمَ مَقاماتِ الحَريريِّ إلى العِبْرِيَّةِ وأَنْشَأَ على نَمَطِها خَمْسين مَقامَةً سَمّاها (سِفْر تِحْكِموني) ومَعْناه (كِتابُ الحِكْمَةِ).

تُرْجِمَتْ مَقاماتُ الحَريريّ إِلى الإنْجليزِيَّة وقامَ بذلك Chenery باسْم:

The Assemblis Of Al Harriri،

كما تَرْجَمَ الدّكْتور زَكي مُبارَك قِسْمًا من مَقاماتِ بَديع الزّمان الهمذانيّ إلى الفَرَنْسِيَّة.

المقاماتُ لَيْسَتْ قِصَّةً بالْمَعْنى الفَنِّيِّ الحَديث:

لقد تَحَدَّدَ مَفْهومُ القِصَّةِ القَصيرةِ في العَصْرِ الحَديثِ، واتُّفِقَ على عَناصِرَ، بدونها لا يُحْسَبُ السَّرْدُ القَصَصِيُّ قِصَّةً بالمَعنى الفَنِّيّ، وأَهَمُ هذه العَناصِر هي:

(1) الحادِثَةُ (2) السَّرْدُ (3) البِناءُ (الحَبْكَةْ) (4) الشَّخْصِيَّةُ أو الشَّخْصِيّاتُ (5) الزّمان والمكانُ (6) الفِكْرَةُ (7) الحِوارُ. هذا إلى جاِنب سَيْرٍ بَيانِيّ لأحْداثِ القِصَّةِ يَبْدَأُ بالعَرْضِ أو التَّشْويقِ ثُمَّ التَّطويرِ ثُمَّ التَّطويرِ ثُمَّ التَّأَزُّمِ ثُمَّ الحَلِّ. ونَحْنُ لا نَجِدُ هذه الأُمورَ مُتَوافِرَةً في المَقاماتِ، ولكنَّنا قد نَجِدُ شَيْئًا مِنْها مثلَ السَّرْدِ والشَّخْصِيَّةِ، والحادِثَةِ، والزَّمانِ والمكانِ، ومن ناحيةٍ أُخرى فالمفاجآتُ في المقاماتِ بَسيةٌ عادِيَّةٌ إن وُجدتْ، والحَبْكَةُ القَصَصِيَّةُ أَثَرُه ضَعيفٌ لأَنَّ الحادِثَةَ يُسَيْطِرُ وَعْظًا ولا إِرْشادًا، والبَطَلُ فيها أو الأبْطالُ لا يُقيمونَ مِنْ أنْفُسِهِمْ مُعَلِّمين، ولا وُعَّاظًا يَسْتَخْدِمُهُمْ، المؤَلِّفُ كما يَشاءُ ويُقَوِّلُهُمْ ما يُريدُ، ساعَةَ يُريدُ دونَ أنْ يَكونَ لهم رَأْيُهُمْ واتِّجاهاتُهُمْ، كما هِيَ الحَالُ في أَبْطالِ المقامات.

وَتَتَّجِهُ القِصَّةُ فيما تَتَّجِهُ إليهِ، إلى دِراسَةِ نَفْسِيَّةِ أبْطالِها دِراسَةً عَميقَةً تَحْليلِيَّةً فَتَسْبُرُ


*183*

أَعْماقَها لأِتَصِلَ إلى فَهْمِ النَّفسِيَّةِ الإِنْسانِيَّةِ عامَّةً وما يُحيطُ بها من أَسْرارٍ وأَلْغازٍ، ولَيْسَتِ المقَاماتُ على شَيْءٍ كَبيرٍ من الدِّراسَةِ النَّفْسِيّةِ والتَّحْليلِ، فهي في الإِجْمالِ سَرْدٌ لوقائِعَ بَسيطَةٍ، مَعْروفَةٍ، بأُسْلوبٍ مُزَخْرَفٍ مُتَحَلٍّ بالسَّجْعٍ والغَريبِ مِنَ الألفاظِ، تَعْتَمِدُ أكْثَرَ ما تَعْتَمِدُ على الأَمْثالِ والأشْعارِ، والآياتِ القُرآنِيَّة، والأحاديثِ، مِمّا يَجْعَلُ مِنْها مَقالاتٍ أَدَبِيَّةً لُغَوِيَّةً، أَنيقَةً في لُغَتِها، مَتيَنةً في صِياغَتِها، جَميلَةً في رُوحِها، وظُرْفِ رِوايَتِها.

ولعلّنا نَكونُ بِجانِبِ الصَّوابِ إذا قَرَّرْنا أَنَّ الْمَقامَةَ لَيْسَتْ قِصَّةً بالمَعْنى المَعْروفِ للقِصَّةِ، وأَنَّ أصْحابَ المقاماتِ لم يَرْمُوا في مَقاماتِهِمْ إلى تَأْليفِ القِصَّةِ ولم يُسَمُّوا هذه المقاماتِ حِكاياتٍ، وإن اِسْتَعانوا بالأُسْلوبِ القَصَصِيِّ في سَرْدِها، وكُلُّ ما أَرادُوهُ هو كِتابَةُ هذه الأحاديثِ الأَدَبِيَّةِ اللُّغَوِيَّةِ بأُسْلوبٍ قَصَصِيٍّ يُقْصَدُ به إلى التَّشْويقِ والتَّرْغيبِ (1) (موسى سليمان: الأدب القصصيّ عند العرب، بيروت: دار الكتاب اللّبنانيّ، 1960،ص211-212).

بَديعُ الزَّمانِ الهَمَذانِيّ

هو بَديعُ الزَّمانِ، أبو الفَضْلِ أحمدُ بنُ الحُسين بْنِ يَحْيى بْنِ سَعيدٍ نِ بِشْرٍ، وُلد في مَدينَةِ هَمَذان في شَمالي فارسٍ سَنَةَ 358ه (969م)، وفيها نَشَأَ.

دَرَسَ بَديعُ الزَّمانِ على أَحْمَدَ بنِ فارِسٍ (تُويّ سنة 390ه) وأَخذَ عَنْ عيسى بنِ هِشامٍ الأَنْصارِيِّ، وتَنَقَّلَ بينَ اَماكِنَ كَثيرةٍ من الرِّيِّ إلى جُرْجانَ إلى نِيسابُورَ وفيها يُقالُ إِنَّه كَتَبَ 400 مَقامَة، ثُمّ زارَ سَجَسْتان ونالَ حُظْوَةً عند أَميرِها: أَحْمَدَ خَلفِ بنِ أحْمَدَ (تُوفيّ سَنَةَ 399ه) ثُمَّ انْتَقَلَ إلى غَزْنَةَ (في أفغانستانَ اليومَ) واسْتَقَرَّ فيها ثمَّ ماتَ في هَراةَ على نَحْوِ ثلاثِمائةِ كيلومِتْرٍ من غَزَنَةَ شَرْقًا قَبْل أنْ يُجاوِزَ الأَرْبَعينَ من العُمْرِ سَنَةَ 398ه (1007م) مَسْمومًا، وقيلَ أُصيبَ بالسَّكْتَةِ، وَدُفِنَ قبلَ أن يَموتَ، فَسُمِعَ صَوْتُه باللَّيْلِ فَنَبشوا عَنْهُ ولكنَّهُم وَجَدُوهُ ميتًا مِنْ هَوْلِ القَبْر.

بديعُ الزَّمانِ شاعِرٌ وناثِرٌ، ولكِنَّه اشْتُهِرَ بنَثْرِهِ، ونَثْرُهُ رَسائِلُ وَمَقاماتٌ، ورَسائِلُهُ إخْوانِيِّةٌ مَحْضٌ، لأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ خِدْمَةَ الدَّواوين (لم يُعَيَّنْ كاتِبًا في دَواوينِ الدَّوْلَةِ).


*184*

المَقامَةُ الحِرْزِيَّةُ


*184*

(1) - بَديعُ الزَّمانِ الهَمَذانِيّ

حَدَّثَنا عيسى بنْ هِشامٍ قالَ: لَمّا بَلَغَتْ بِيَ الغُرْبَةُ بابَ الأَبْوابِ (2) ورَضيتُ مِ،َ الغَنيمَةِ بالإِيابِ (3) وَدونَهُ (4) مِنَ البَحْرِ وَثابٌ (5) بغارِبِهِ (6)، ومِنَ السُّفُنِ عَسَّافٌ (7) براكِبِهِ. اسْتَخَرْتُ (8) اللهَ في القُفُولِ (9) وقَعَدْتُ مِنَ الفُلْكِ، بمَثابَةِ (10) الهُلْكِ (11). ولَّما مَلَكَنا البَحْرُ (12). وَجُنَّ (13) عَلَيْنا اللَّيْلُ. غَشِيَتْنا (14) سحابَةٌ تَمُدُّ مِنَ الأَمْطارِ حِبالًا. وتَحوذُ من الغَيْم جِبالًا. بِريحٍ تُرسِلُ الأَمْواجَ أزْواجًا، والأمْطارَ أَفْواجًا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الحِرْز: هو كِتاباتٌ طَلاسِمِيَّةٌ لا تُقْرأُ، على قُصاصاتٍ وَرَقِيَّةٍ، مَلْفوفَةٍ بقِطْعَةِ قِماشٍ ونحْوِ ذ:، ورُبَّما لُفَّتْ ببَعْضِ الخَرَزاتِ وغيرِ ذلك، وَيَزْعُمُ النَّاسُ البِدائِيّون أَنَّهُ يَحْمي حامِلهُ من الخَطرِ، أوْ يُبْلِغُهُ غايَتَه، أو يَحفَظُ عَلَيْهِ صِحَّتَهُ، أوْ يَقيهِ أوْ يَشفيهِ من مَرَضٍ، وقد رَفَضَ ذلك الإسْلامُ. والمقامَةُ الحِرْزِيَّةُ نِسْبَةً للحِرْزِ.

2. بابُ الأَبْواب: مَدينةٌ على بَحْرِ قَزوينَ (يقعُ بينَ إيرانَ وروسيا تَفْصِلُ بَيْنَهُ وبَيْن البَحْر الأسْوَدِ غَرْبًا مَنطِقُ تابِعَةٌ لجُمهورِيّاتٍ (كجُورْجيا وأَرْمينْيَةَ وأذَرْبيجانَ). وتُعْرَفُ مَدينةُ بابِ الأَبْوابِ الآن باسْم (دَرْبَنْد).

3. الإِيابُ: الرُّجوعُ سالِمًا.

4. دونَهُ: أَمامَهُ.

5. وَثَّابٌ: كَثيرُ الوَثْبِ إلى أَعْلى (صيغَةُ مُبالَغَةٍ من وَثَبَ على وَزْنِ فَعَّال).

6. غاربُهُ: الغارِبُ، الظَّهْرُ، وهنا كِناية عنْ أَعْلى المَوْج.

7. عَسَّافٌ: يَسيرُ على غيرِ هُدًى، يَنْحَرِفُ عَنِ الطَّريقِ المَطْلوبِ.

8. استَخَرْتُ اللهَ: رَجَوْتُ اللهَ التَّوفِيقَ إلى الخَيْرِ وإلى الأَحْسَنِ، وطَلَبْتُ مِنْهُ الهِدايَةَ.

9. القُفُولُ: الرُّجوعُ.

10. الفُلْكُ: السَّفينَةُ، للمُفْردِ والجَمْعِ.

11. الهُلْك: الهَلاكُ، المَوْتُ.

12. مَلَكنا البَحْرُ: صِرْنا مُلْكَهُ لا نَسْتَطيعُ التَّخَلُّصَ مِنْهُ ولا الفِكاكَ.

13. جُنَّ اللَّيْلُ: خَيَّم، غَطّى، أظْلَمَ.

14. غَشِيَتْنا: غَطَّتْنا، أَحاطَتْ بنا.

15. تَحوذُ: تَسوقُ.


*185*

وبَقِيْنا في يَدِ الحَيْنِ (1). بَيْنَ البَحْرَينِ (2) لا نَمْلِكُ عُدَّةً (3) غَيْرَ الدُّعاءِ، ولا حِيلَةً (4) إلّا البُكاءَ، ولا عِصْمَةً (5) غَيْرَ الرَّجاءِ.

وَطَوَيْناها لَيْلَةً نابِغِيَّةً (6) وأَصْبَحْنا نَتَباكَى ونَتَشاكَى وَفينا رَجُلٌ لا يَخْضَلُّ (7) جَفْنُهُ، ولا تَبْتَلُّ عَيْنُهُ، رَخِيُّ الصَّدْرِ (8) مُنْشَرِحُهُ. نَشيطُ القَلْبِ فَرِحُهُ، فَعَجِبْنا واللهِ كُلَّ االعَجَبِ، وَقُلْنا لَهُ: م الَّذي أَمَّنَكَ مِنَ العَطَبِ؟ فقال: حِرْزٌ لا يَغْرَقُ صاحِبُه ولَوْ شِئْتُ أَنْ أَمْنَحَ كُلَّا مِنْكُمْ حِرْزًا لَفَعَلْتُ، فَكُلٌّ رَغِبَ إِلَيْهِ (9) وأَلَحَّ في المَسأَلَةِ عَلَيْهِ، فَقالَ: لَنْ أَفْعَلَ ذلِكَ حَتّى يُعطيَنِي كُلُّ واحدٍ مِنْكُم دينارًا الآن وَيعِدُني دينارًا إذا سَلِمَ.

شَرْحُ الَكلِماتِ:

1. الحَيْن: الهَلاك، الْمَوْت.

2. بين البَحْرَيْن: بين البَحْرِ الحَقيقِيِّ والْمَطَرِ.

3. العُدَّةُ: ما يُسْتَعانُ به لمَعْرَكَةٍ أوْ قِتالٍ.

4. الحِيلَةُ: اسْمٌ من الاحْتيال وهي القُوَّةُ.

5. عِصْمَةٌ: وِقايَةٌ، حِفاظٌ.

6. نابِغيَّةٌ: نِسْبةً إلى النذابِغَةِ الذُّبْيانيِّ، الّذي خافَ من النُّعمانِ بنِ المُنْذرِ وأَخَذَ يَعْتَذرُ إليه ويصِفُ لياليَهُ الطويلَةَ الّتي لَمْ يَنَمْ فيها بسَبَبِ رَهْبِتِهِ من النُّعْمانِ الذي يُهدِّدُهُ.

7. لا يَخْضَلُّ: لا يَبْتَلُّ أوْ يَتَرَطبُ، وهذا كِنايَة عن عَدَمِ البُكاءِ.

8. رَخِيُّ الصَّدْرِ: واسِعُ الصَّدْرِ.

9. رَغِبَ إليه: انْجَذَبَ إليه - أَرادَهُ، انْتَبَهَ له جَيِّدًا، اِسْتَجابَ لَهُ.


*186*

قالَ عيسى بْنُ هِشامٍ: فَنَقَدْناهُ (1) ما طَلَبَ، وَوَعدْناهُ ما خَطَبَ (2)، وآبَتْ (3) يَدُهُ إلى جَيْبِهِ، فأَخْرَجَ قِطْعَةً ديباجٍ (4) فيها حُقَّةُ (5) عاجٍ (6) قد ضُمِّنَ (41) صَدْرُها رِقاعًا (7)، وحَذَفَ (8) كُلَّ واحِدٍ مِنّا بواحِدَةٍ مِنْها، فلمّا سَلِمَتِ (9) السَّفينَةُ، وأَحَلَّتْنا (10) المَدينَةَ، اقْتضى (11) النّاسَ ما وَعَدوهُ فَنَقَدوهُ (12)، وانْتَهى الأَمْرُ إِليَّ، فقالَ: دَعُوهُ (13)، فَقُلْتُ: لَكَ ذلكَ، بَعْدَ أنْ تُعَلِّمَني سِرَّ حالِكَ (14). قال: أَنا مِنْ بلادِ الإسْكَنْدَرِيَّةِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ نَصَرَكَ الصَّبْرُ وخَذَلَنا (15)؟ فأَنْشَأَ (16) يَقولُ:

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. نَقَدْناهُ: أَعْطيناهُ النُّقودَ الّتي طَلَبَها.

2. ما خَطَبَ: أَعطيْناهُ وَعْدًا أكيدًا أَنّا نُنْجِزُ لَهُ طَلَبَه الثَّاني بَعْدَ النَّجاةِ.

3. آبَتْ يَدُهُ: رَجَعَتْ يَدُهُ.

4. ديباجٌ: حَريرٌ.

5. الحُقَّة: الوِعاء الصَّغيرُ.

6. العاجَ: نابُ الفِيلِ.

7. ضُمِّنَ: حَوَى.

8. رِقاعًا: قِطَعًا من الوَرَقِ مَكْتوبةً.

9. حَذَفَ: رَمى.

10. سَلِمَتِ السَّفِينَةُ: نجَتْ.

11. أَحلّتْنا المدينَةَ: جَعَلَتْنا نَحِلُّ فيها وَنَنْزِلُ ونأْتي مَحَلّاتِها.

12. اقْتضى النَّاسَ: طَلَبَ مِنْهُمْ الوَفاءَ بالوَعْدِ وإنْجازَ الوَعْد.

13. نَقَدوُهُ: شُرِحَتْ في (35) دَفَعوا له نُقودًا.

14. دَعوهُ: اتْرُكوهُ، لا يَدْفَعُ ما دَفَعْتُم أَنْتُمْ.

15. سِرُّ حالِكَ: حَقيقَةُ أمْرِكَ.

16. خَذَلَنا: لم يُعْطِنا ما تَوَقَعْناهُ، وما أَردْناهُ.

17. أَنْشَأَ يَقولُ: بَدَأ يَحْكي، ويُنْشِد شِعْرًا.


*187*

1. وَيْكَ (1) لَوْلا الصَّبْرُ ما كُنْتُ مَلَأْتُ الكيسَ تِبْرا (2)

2. لَنْ يَنالَ المَجْدَ مَنْ ضاقَ بشما يَغْشاهُ (3) صَدْرا

3. ثُمَّ ما أَعْقَبَني (4) السَّاعَةَ (5) ما أُعْيتُ ضَرًّا (6)

4. بَلْ بِهِ أَشْتَدُّ (7) أَزْرًا وبِهِ أَجْبُرُ كَسْرا (8)

5. وَلَوْ أَنِّيَ الْيَوْمَ في الغَرْقى لَما كُلِّفْتُ عُذْرا

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. وَيْكَ: كَلِمَةُ لَوْمٍ وتَعَجُّبٍ.

2. تِبْرًا: ذَهَبًا.

3. يَغْشاهُ: يُصيبُهُ، يَغمُرُه.

4. أَعْقَبَنيِ: أَتى بَعْدي.

5. السَّاعَةَ: الآنَ، في هذه اللَّحْظة.

6. ضَرَّا: شَرَّا، ضَرَرًا، أذًى.

7. أَشْتَدُّ أزْرًا: أَزْدادُ قُوَّةً.

8. أَجْبُرُ كَسْرًا: كِنايَة عن إصْلاحِ خَطَأٍ.

إضاءات على المضمون:

1. رِحْلَةٌ في لَيْلَة ماطِرَةٍ مُخيفَةٍ.

2. حِكايَةُ رَجُلٍ مُطْمَئِنٍ يَشْتَرِطُ الحصولَ على دِرْهمٍ من كلّ واحدٍ مِن أجْلِ المُساعَدَة.

3. الحِرْزُ والنَّجاةُ والدَّنانيرُ.

أَجْواءُ النَّصِّ:

مَجالِسُ السَّمَرِ وَقَضاءُ الْوَقْتِ عِنْدَ الْعَرَبِ، قِصَصُ وَأَساطِيرُ الْأَوائِلِ بُخَلاءُ الْجاحِظِ والمسجديّون، رُواةُ سيرَةِ عَنْتَرَةَ، وَأَبي زَيْدٍ الْهِلَالِيّ، وَالزِّيرِ سالِمٍ، شَخْصِيَّاتٌ هَزَلِيَّةٌ دارَتْ حَوْلَهَا حِكاياتُ أَشْعَبَ، جُحا، الْهَيْكلُ الْعامُّ لِلْحِكاياتِ الْأُسْطورِيَّةِ.

أسْئِلَةُ الْمَضْمونِ:

1. ما هُوَ التَّمْهيدُ الْقَصَصِيُّ الَّذي بَدَأَ بِهِ بَطَلُ الْمَقامَةِ عيسى بنُ هِشامٍ؟ اذْكُرْ عَناصِرَ حِكايَتِهِ: الْمكانَ، تَطَوُّرَ الْحَدَثِ الَّذي سَبَّبَ حَدَثًا آخَرَ، وَصْفَ الجَوِّ. الأسطر (4،3،2،1).


*188*

2. ما هِيَ أَلْفاظُ الْمُبالَغَةِ في وَصْفِ الطَّبيعَةِ الْماطِرَةِ الَّتي اسْتَعْمَلَها، وَما قَصْدُهُ مِنْ ذلِكَ؟ السطران (4، 5).

3. بِناءً عَلى حَديثِ الْبَطَلِ، كانَ مَصيرُ الْمُبْحِرِينَ مَحْتومًا بِالهْلَاكِ، وَبَقِيَ لَهُم ثَلاثَةُ أُمورٍ يَتَمَسَّكونَ بِها وَيَرْجُونَ الْأَمَلَ بِواسِطَتِها، اذْكُرْها وَفَسِّرْ أَقْوالَهُ عَنْها. السطران (6، 7).

4. في السَّطْرِ الثَّامِنِ يَذْكُرُ لَيْلَةً وَيُسَمِّيها (لَيْلَةً نابِغِيَّةً). ما مَعْنى ذلِكَ؟ وماذا قصد بها هنا؟

5. اذْكُرْ صِفاتِ الرَّجُلِ الَّذي جَذَبَ انْتِباهَ رُكَّابِ الْمَرْكَبِ. السَّطران (8، 9).

6. ما مَفْعولُ الْحِرْزِ الَّذي ذَكَرَهُ الرَّجُلُ لِلرُّكَّابِ؟ السطر (10 وما بعدهُ).

7. كَيْفَ كانَ رَدُّ الرُّكَّابِ عَلى طَلَباتِ الرَّجُلِ؟ السطر (14).

8. حَسَبَ رَأْيِ الرَّجُلِ، ما هُوَ السِّلاحُ المُناسِبُ اسْتِعْمالُهُ في مِثْلِ هذِهِ الأَزَماتِ؟ الأَبياتُ الخمسةُ في آخر المقامة.

9. نُلاحِظُ أَنَّ مَضْموَنَ الْمَقامَةِ يُعَلِّمُ سُلوكِيَّاتٍ إيجابِيَّةً. هاتِ ثلاثَ سُلوكِيَّاتٍ كَهذِهِ.

10. يُمْكِنُ مُلاحَظَةُ سُلوكِيَّاتٍ سَلْبِيَّةً، هاتِ ثَلاثًا مِنْها.

أَسْئِلَةُ الْأُسْلوبِ:

1. وَرَدَتْ في النَّصِّ أَكْثَرُ مِنْ لَوْحَةٍ وَصْفِيَّةٍ. هاتِ صورَتَيْنِ وَفَصِّلْ فيهِما الْقَوْلَ.

2. أَيْنَ وَرَدَ التَّشْبيهُ؟ اسْتَخْرِجْ واحِدًا واذْكُرْ وَظيفَتَهُ وَبَيِّنْ أَرْانَهُ.

3. بَيِّنِ الْكِنايَةَ في قَوْلِهِ: (لَيْلَةٌ نابِغَيَّةٌ)، (لا يَخْضَلُّ جَفْنُهُ وَبَيِّنْ وَلا تَبْتَلُّ عَيْنُهُ).

4. تَتَبَّعْ وُرُودَ الْأَفْعالِ في النَّصِّ بِكَثْرَةٍ، هَلْ تَجِدُ تَفْسيرًا لِتكثيف الأَفعالِ؟ (وَرَدَ في النَّصِّ، ما يَزيدُ عَنْ 60 فِعْلًا).

أَسْئلةُ الرّأْي والموقِفِ والقِيَم:

1. بُنيتْ أحداثُ المقامَةِ على مَفْعولِ الحِرْز. ما رأْيكَ في ظاهرَةِ قراءَةِ الكفِّ والحِرْزِ والتمائِمِ التي تُعَلَّقُ للأَطفالِ؟

2. لَوْ كنتَ من ركّابِ السّفينةِ وحَدَثَ ما حَدَثَ، هل كُنتَ تقبلُ اللّجوءَ إلى الجِرْز للنّجاة؟

3. ما رأيكَ في ظاهرَةِ الاحْتيالِ التي اتّبعَها أبو الفتحِ الإسْكَنْدريُّ بطلُ مقاماتِ بديعِ


*189*

الزّمانِ الهَمَذانيّ؟

4. أَين يمكنُ أنْ نلمَسَ في النّصّ القيمةَ الحقيقِيّةَ للصّبرِ؟ ما هي الأحْداثُ التي تمثِّلُهُ؟

مراجع للتّوسّع:

1. الشَّكعة مصطفى: بديع الزّمان الهمذانيّ. عالم الكتب، 1984.

2. نور عَوَض: فنّ المقامات بين الْمَشْرِق والمغرب. دار القلم، 1979.

3. شوقي ضيف: المقامة. دار المعارف، 1954.

4. زكي مُبارك: النّثر الفنّيّ في القرن الرّابع. دار الجيل، 1975.

5. الشُّرَيْشي: شرح مقامات الحريريّ. تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، صيدا بيروت: المكتبة العصريّة، 1413-1992.


*190*

الْحَريرِيّ


*190*

الحَريرِيُّ - أَو ابْنُ الحَريرِيِّ على الأَصَحِّ (1) (معجم الأدباء: 16:261) هو أبو مُحَمَّدٍ القاسِمُ بنُ عليٍّ بنِ محمَّدٍ بنِ عُثْمَانَ الحَريرِيُّ البَصْرِيُّ، الحَرامِيُّ. عَرَبِيُّ الأَصْلِ والمَنْشَأِ، كان مَوْلدُهُ في حُدودِ 446ه (1054م) في سِكَّةِ (حَيّ) بَني حَرام (قَبيلَةٌ مِنَ العَرَبِ سَكنوا هذه السِّكَّةَ، فسُمِّيَتْ باسْمِهِم) في الْمَشانِ قُرْبَ البَصْرَةِ.

نَشَأَ الحَريريُّ في البَصْرَةِ وَقَرَأَ فيها الأَدَبَ على أَبي القاسِمِ الفَضْلِ بنِ مُحَمَّدٍ القَصَبانِيّ، وتَدُلُّ مَقاماتُهُ على أَنَّه دَرَسَ اللُّغَةَ والنَّحْوَ دَرْسًا واسِعًا، ودَرَسَ الفِقْهَ.

ويَبْدو أنَّ الحَريرِيَّ كانَ من ذَوي الغِنى، فَقَدْ كانَ يَمْلِكُ في البَصْرَةِ ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفَ نَخْلَةٍ، كما أنَّهُ كانَ من ذَوي الْمَرْتَبَةِ، فَقَدْ شَغَلَ مَرْتَبَةَ (صَاحِبِ الخَبَر) في البَصْرَةِ نَفْسِها أَوْ في الْمَشان - وصاحِبُ الخَبَرِ هو الّذي يَحْمِلُ إلى الخَليفَةِ أَخْبارَ النَّاسِ، والجَيْشِ والإِدارَةِ، ولعَلَّهُ يُشْبِهُ َلَمَ الاسْتِخباراتِ في أَيّامِنا هذه. وبَقِيَ هذا الْمَنْصِبُ في عَقِبِهِ إِلى أَواخِرِ أيّامِ الخَليفَةِ الْمُقْتَفي (ت 505ه-1111م).

في إِحْدى زَوْراتِ الحَريريِّ لبَغْدادَ (504م)، اتَّهَمَهُ قَوْمٌ بأَنَّه سَرَقَ النمقاماتِ من أَحَدِ المغارِبَةِ وادَّعَاها، ثُمَّ تَحَدَّوْهُ بإنْشاءِ مَقامةٍ واحِدةٍ مِثْلِها، فَمَكَثَ الحَريرِيُّ في بَيْتِهِ أرْبعين يَوْمًا فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ تَرْكيبَ كَلِمَتَين، ولا الجَمْعَ بين لَفْظَيْن، فَعادَ إلى البَصْرَةِ مُنْكَسِرًا، غيرَ أنَّهُ اسْتطاعَ أَنْ يُنْشِئَ عَشْرَ مَقاماتٍ جَديدَةٍ، فَذَهبَ بها إلى بَغْدادَ وعَرَضَها على الّذين كانوا قد تَحَدَّوْهُ، فَأَقرُّوا لَهُ عِنْدَئِذٍ بالفَضْلِ (2) (انظر المصدر السّابق: 264:266). وكانَتْ وفاةُ الحَريرِيِّ في البَصْرَةِ (516ه-1112م).

تَأْليفُ الْمَقاماتِ:

بَدَأ الحَريرِيُّ تَأْليفَ مَقاماتِهِ سَنَةَ 495ه ثُمَّ أَتَمَّها خَمْسينَ مَقامَةً في بِضْع سِنين، وَقَدْ قَلَّدَ الحَريرِيُّ في المَقاماتِ بَديعَ الزَّمانِ الهَمَذانِيَّ، إِلّا أنَّه زادَ عليهِ في التَّأنُّقِ اللَّفْظِيّ، وفي تَكَلُّفِ أَنْواعِ البَديعِ، ثُمَّ أَغَرَقَ في الموازَنَةِ والمُقَابَلَةِ، وفي التَّضْمينِ والاقْتِباسِ، ثُمَّ تَعَمَّدَ إبْرازَ مَقْدِرَتِهِ اللُّغَوِيَّةِ، والأَدَبِيَّةِ، والتَّاريخِيَّة والفِقْهِيَّةِ. والحَريرِيُّ هو الذي خَلَقَ من المقاماتِ فَنًّا مُسْتَكْمَلاً في الأَدَبِ العَرَبِيّ.


*191*

المَقامَةُ البَغْدادِيَّةُ - الحَريرِيُّ


*191*

روى الحارِثُ بنُ هَمّام (1) قال: نَدَوْتُ (2) بضَواحي (3) الزَّوْراءِ (4)، مع مَشْيَخَةٍ من الشُّعَراءِ (5)، لا يَعْلَقُ (6) لَهُمْ مُبارٍ (7) بِغُبارٍ، ولا يَجْري مَعَهُمْ مُمارٍ (8) في مِضْمارٍ (9)، فأَفَضْنا (10) في حَديثٍ يَفْضَحُ الَأزْهارَ (11) إلى أَنْ نَصَفْنا (12) النَّهارَ.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الحارثُ بن هَمّام: راوِيةُ مَقاماتِ الحَرِيرِيّ

2. نَدَوْتُ: خَرَجْتُ، وَهُناك من يُفَسِّرُها أَقَمْتُ بالنَّادي.

3. الضَّواحي: البَرارِي، النَّواحي.

4. الزَّوْراءُ: هي النَّاحِيَة في الجانبِ الشَّرْقِيّ مِن بَغْدادَ، وَسُّمِيَتْ زَوْراءَ لازْوِرارِ قِبْلَتِها أَيْ لانْحِرافِها، والزَّوْراءُ هي بَغْدادُ في نَظَرِ البَعْض.

5. مَشْيَخَةٌ من الشِّعراء: جَماعةٌ من الشُّيوخِ الشُّعَراء.

6. لا يَعْلَقُ: لا يَلْصَقُ (بمَعْنى يَكُونُ مَعَهُمْ).

7. مُبارٍ: مُعارِضٌ، يَقْصِدُ أَنَّهُمْ مِثلُ الخَيْلِ السَّريعَةِ لا يلْحَقُها غُبارُأ.

8. مُمارٍ: من المماراةِ وهي المُجادَلَةُ.

9. مِضْمارٌ: مَيْدانٌ يُعَدُّ لِسباقِ الخَيْل وهُنا مَيْدانٌ للمجادلَةِ.

10. أَفَضْنا: انْدَفَنعْنا.

11. يَفْضَحُ الأَزْهارُ: يَفوقُها حُسْنًا وفَنًّا.

12. نَصَفْنا النّهار: بَلَغَنا نِصْفَهُ.


*192*

(5)

فَلَمَّا غاضَ (1) دَرُّ الأَفْكارِ (2) وصَبَتِ (3) النُّفوسُ إلى الأَوْكار (4). لَمَحْنا عَجوزًا تُقْبِلُ من البُعْدِ. وتُحْضِرُ (5) إحْضارَ الجُرْدِ (6). وَقَد اسْتَتْلَتْ (7) صِبْيَةً أَنْحَفَ (8) مشنَ المغازِلِ (9). وأَضْعَفَ مِنَ الجَوازِلِ (10). فما كَذَّبَتْ إذْ رَأيْتنا أَنْ عَرَتْنا (11). حتّى إِذا ما حَضَرتْنا قالَتْ: حَيَّا اللهُ (12) المَعارِفَ. وإنْ لم يَكُنَّ (13) مَعارِفَ.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. غاضَ: جَفَّ.

2. دَرُّ الأَفكار: يَقْصِدُ كلامَها، والدَّرُّ: اللَّبَنُ: اسْتعارَةٌ لما يَتَولَّدُ من الذِّهْنِ من خَواطِرَ وأَفْكارٍ ومِنْ حُلُوِ الحَديثِ.

3. صَبَتِ النُّفوسُ: مالَتْ.

4. الَأوْكارُ: جَمْعُ وَكْرٍ وهو بَيْتُ الطَّائِر.

5. تُحْضِرُ: تَجْري.

6. الجُرْد: الخَيلُ القَصيرَةُ الشَّعْرِ.

7. اسْتَتْلَتْ: جَعَلَتْهُم تِلْوَها أَيْ يَتْبَعونَها.

8. أَنْحَفُ: أَقَلُّ لَحمًا.

9. المغازِلُ: جَمْعُ مِغْزَلٍ: ما يُغْزَلُ بشهِ الصُّوفُ.

10. الجوازِلِ: جَمْع جَوْزِلٍ وهو فَرْخُ الحَمامَةِ.

11. عَرَتْنا: قَصَدَتْنا، أَتَتْ إِلَيْنا.

12. المعارِفُ: جَمْعُ مَعْرَفٍ وهو الوَجْهُ.

13. وإن لَمْ يَكُنَّ مَعارِفَ: وإن كُنْتُ لا أَعْرِفُهُمْ.


*193*

(10)

اِعْلَموا يا مَآلَ (1) الآمِلِ (2). وَثِمالَ (3) الَأرامِلِ. أَنّي من سَرواتِ (4) القبائلِ وسَرِيَّاتِ (5) العَقائِلِ (6). لَمْ يَزَلْ أَهْلي وَبَعْلي (7) يَحُلُّونَ الصَّدْرَ (8). وَيَسيرونَ القَلْبَ (9). وَيُمْطُونَ (10) الظَّهْرَ. وَيُولُونَ (11) اليَدَ. فَلَمّا أرْدى (12) الدَّهْرُ الأعْضادَ (13) وفَجَعَ (14) بالجوارِحِ (15) الأكْبادَ. وانْقَلَبَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ (16). نَبا (17) النّاظِرُ (18) وَجَفا الحاجِبُ (19) وذَهَبَتِ العَيْنُ (20) وَفٌقِدتِ الرَّاحَةُ (21).

شَرْحُ الَكلِماتِ:

1. مَآلٌ: مَرْجعٌ، آل يَؤُولُ، رجَعَ يَرْجِعُ.

2. الآمِلُ: الرَّاجي. المتأمِّلُ.

3. ثِمالُ: مَنْ يُعَوَّلُ عليهم، الغِياثُ والملْجَأُ، والأَرامِلُ: يقصِدُ المساكِين.

4. سَرَواتُ: سادَات واحِدُها سَراةٌ، والسَّريُّ ذو المرَوءَةِ، الكَبير.

5. سَرِيَّاتُ: جَمْعُ سَرِيَّةٌ وهي السَّيِّدَةُ.

6. العقائِلُ: كرائِمُ النِّساءِ، جَمْعُ عَقيلَةٍ وهي الرَّفيعَةُ القَدْرِ الجَيِّدَةُ الكريمَةُ.

7. أَهْلي وَبَعْلي: تَقْصِدُ بالأَهْل أَباها وَبَعْلُها: زَوْجُها.

8. الصَّدْرُ: مُقدِّم الْمَجْلِسِ.

9. القَلْبُ: قَلْبُ الجَيْش، لأَنَّ القَلْبَ أَحَدُ أَقْسامِ الجَيْشِ: مُقَدّمةٌ وساقَةٌ وَمَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةُ وقَلْبٌ. وتَعْني بذلك أَنَّ أَباها وَزَوْجَها مِنْ قادَةِ النّاسِ الْمُعَوَّل عَلَيْهِم.

10. يُمْطُونَ: يَهَبون الإبلَ لِرُكوبِها لامْتِطائِها.

11. يُولُون اليَدَ: اليَدُ كِنايَة عن النِّعْمَةِ العَطاءِ. ويُوَلُون اليَدَ: أَيْ يُعْطونَ، يَتَكَرَّمونَ، يُغْدِقون النِّعْمَةَ.

12. أرْدى: أهْلَكُ

13. الأعْضادُ: جَمْعُ عَضُدٍ وهوَ غليظُ الذِّراعِ، كِنايَة عَنِ القَوِيِّ.

14. فَجِعَ: أَحْزَنَ وجاءَ بفجيعَةٍ، كارِثَةٍ، مُصيبَةٍ.

15. الجَوارِحُ: جَمْعُ جارِحَةٍ، أَعْضاءُ الجِسْم كالرِّجْلِ واليَدِ والعَيْنِ. وهي تَقصِدُ أَنَّ الدَّهرَ حين أَهْلَكَ َأهلَها قَطَعَ جَوارِحَها فَتَعَطَّلَتْ مَنْفَعتُها.

16. ظَهْرًا لِبَطْنٍ: كِنايَة عن تَحَوُّلِ الأَمْر مِنْ النَّقيضِ إِلى النَّقيضِ، من الاسْتِقامَةِ إِلى الاعْوِجاجِ؟ من الْمَنْفَعَة إِلى الضَّرَرِ.

17. نَبا: تَجافى وتَباعَدَ.

18. النَّاظِرُ مَنْ كانَ يَنْظُرُ إلَيْهِم بإجْلالٍ واحْتِرامٍ.

19. جَفا الحَاجِبُ: ابْتَعدَ الّذي كان يَحْمي وَيسْتُرُ.

20. العَيْنُ: المقْصودُ الذَّهَبُ.

21. الرَّاحَةُ: ضِدُّ التَّعَب، الدَّعَةُ والسُّكونُ.


*194*

(15)

وَصَلَدَ الزَّنْدُ (1). وَوَهَنَتِ (2) اليَمينُ وضَاعَ اليَسارُ. وبانَتِ الْمَرافِقُ (3). وَلَم يَبْقَ لَنا ثَنِيَّةٌ (4) ولا نابٌ (5). فَمُذُ اغْبَرَّ (6) العَيْشُ الأَخْضَرُ (7). وازْوَرَّ (8) الْمَحْبوبُ الأَصْفَرُ (9). اِسْوَدَّ يَوْمي الأَبْيَضَّ. وابْيَضَّ فَوْدي (10) الاَسْوَدُ. حَتّى رَثى (11) لِيَ العَدُوُّ الأزْرَقُ (12). فَحَبَّذا المَوْتُ الأحْمَرُ (13). وتِلْوي (14) من تَرَوْنَ عَيْنُهُ (15) فُرارُهُ (16). وَتُرْجُمانُهُ (17) اصْفِرارُهُ. قُصْوى (18) بُغْيَةِ (19) أحَدِهِم ثُرْدَةٌ (20). وَقُصارى أُمْنيضذتِهِ بُرْدَةٌ (21). وَكُنْتُ آلَيْتُ (22) أَنْ لا أَبْذُلَ الحَرَّ (23).

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. الزَّنْدُ: القَدَّاحَةُ وصَلَدَ لَمْ يُشْعِلْ نارًا. كِنايَة عَنِ انْقِطاعِ الخَيْرِ وانْغِلاقِ بابِ الرَّجاءِ.

2. وَهَنَتْ: ضَعُفَتْ. واليَمينُ يَعني القُوَّةَ.

3. بانَتْ الْمرافِقُ: ذَهَبَتْ وبَعُدَتْ كُلَّ ما كانَ يُرْتَفَقُ بِهِ وبِمَنْفَعَتِهِ مِنْ وَنَحْوِهِ.

4. ثَنَيِّةٌ: النَّاقَةُ الشّابَّة الفَتِيَّةُ، الصَّغيرَةُ.

5. النَّابُ: جَمْعُها نِيبٌ: النَّاقةُ المُسِنَّةُ.

6. اِغْبَرَّ: عَلَتْهُ غُبْرَةٌ.

7. العَيْشُ الأَخْضَرُ: الحياةُ النَّاعِمَةُ، الطَّيِّبَةُ، الرَّفاهُ.

8. ازْوَرَّ: مالَ وانْقَبَضَ.

9. الْمَحْبوبُ الأَصْفَرُ: الدِّينارُ الذَّهَبِيّ الّذي يَطْلُبُهُ النَّاسُ وَيُحِبُّونَهُ.

10. فَودِي: الفَوْدُ: جانِبُ الرَّأْسِ بَيْنَ الأُذُنِ والجبْهَةِ. وابْيَضَّ الفَوْدُ: شابَ.

11. رَثى لي العَدُوُّ: أَشْفَقَ ورَحِمَ.

12. العَدُوُّ الأزْرَقُ: شَديدُ العَداوَةِ.

13. الْمَوْتُ الأحْمَرُ: الموتُ الشَّديدُ وهو أَنْ يُقْتَلَ بالسَّيفِ.

14. تِلْوي: تابعي.

15. عَيْنُهُ: شَخْصُهُ، الماثِلُ أَمامَكُم.

16. فُرارُهُ: مَعْرفَتُهُ، وهذا مَثَلٌ يُضْرَبُ لمن يَدُلُّ ظاهِرُهُ على باطِنِه فيُغْني عن الاخْتِبارِ.

17. تُرْجُمانُهُ: تِبْيانُهُ، مُبَيِّنُهُ، من يَتَكَلَّمُ عنه.

18. قُصْوى: نِهايَةُ ما يَطْلُبُ.

19. بُغْيَةٌ: طَلَبٌ، والمقْصودُ بقُصوى بُغْيَةِ: آخِر ما يَتَمَنّاهُ، كُلُّ ما يَتَمَنَّاهُ.

20. ثُرْدَةٌ: أكْلَةُ ثَريدٍ: نَوْعٌ من الطَّعامِ يُفَتُّ الخُبْزُ فيه بالْمَرَقِ الدَّسِمِ.

21. بردَةُ: كِساءٌ، ثَوْبٌ.

22. آلَيْتُ: حَلَفْتُ يَمينًا.

23. الحَرُّ: ماءُ الوَجْهِ - الكَرامَةُ.


*195*

(20)

إلّا لِلْحُرِّ (1). وَلَوْ أَنّي مُتُّ مِنَ الضُّرِّ. وقد ناجَتْني القَرونَةُ (2). بأَنْ توجَدَ عِنْدَكُمُ المعونَة. وآذَنَتْني (3) فِراسَةُ الحَوْباءِ (4). بأَنَّكُمْ يَنابيعُ الِحباءِ (5). فنَضَّرَ (6) اللهُ أمْرَأً أبَرَّ (7) قَسَمي وصَدَّق تَوَسُّمي (8). ونَظَرَ إليَّ بِعَيْنٍ يُقْذيها (9) الجُمودُ ويُقَذّيها (10) الجُودُ.

شَرْحُ الَكلِماتِ:

1. الحُرُّ: الَكريمُ الشَّهْمُ.

2. القَرونَةُ: النَّفْسُ.

3. آذَنَتْني: أعْلَمَتْني.

4. فِراسَةُ الحَوْباءِ: فِطْنَةُ وذَكاءُ النَّفْسِ.

5. الحِباءُ: العَطاءُ، الكَرَمُ.

6. نَضَّرَ: جَعَلَهُ جَميلًا حَسَنًا.

7. أَبَرَّ: راعَى وأَكْرَمَ. قَسَمي: يَميني.

8. تَوَسُّمي: تَوَقُّعي، ظَنِّي.

9. يُقْذيها: يَضَعُ فيها القَذى. والقَذى ما يُخالِطُ العَيْنَ من قَشَّةٍ ونحوِهِ. واجُمَودُ: يقصِدُ البُخْلَ.

10. ويُقْذّيها الجُودُ: يُنَظِّفها الكَرَمُ يُزيلُ مِنْها القَذى.


*196*

(25)

قالَ الحارِثُ بنُ هَمّامٍ: فَهِمْنا (1) لِبَراعَةِ عِبارتِها (2). ومُلَحِ (3) اسْتِعارَتِها. وَقُلْنا لها: قَدْ فضتَنَ (4) كَلامُكِ. فَكَيْفَ إِلْحامُكِ؟ (5). فقالَتْ: أُفَجِّرُ الصَّخْرَ (6) ولا فَخْرَ! فَقُلْنا: إنْ جَعَلْتِنا مِن رُواتِكِ (7). لَمْ نَبْخَلْ بِمُؤَاساتِكِ (8). فَقالَتْ لَأُرِيَنَّكُمْ أوَّلًا شِعاري (9) ثُمَّ لَأُرْوِيَنَّكُمْ أَشْعاري. فأبْرَزَتْ رُدْنَ (10) دِرْعٍ (11) دَريسٍ (12). وَبَرَزَتْ (13) بِرْزَةَ عَجوزٍ دَرْدَبيسٍ (14). وأَنْشَأتْ تَقُولُ:

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. فَهِمْنا: الفاءُ للاسْتئْنافِ ومُتابَعةِ الكلام. هِمْنا من هَام يَهيمُ: هامَتْ قُلوبُنا بِمَعْنى طَرِبَتْ وَتَحَيَّرْ لِفَصاحةِ كَلِماتِها.

2. عِبارَاتُها: جُمَلُها، سياقُ كَلامِها.

3. ملحٌ: المُلَحُ الجَميلةُ واسْتِعاراتُها إِشارَةً إِلى الاسْتِعارَةِ في أَقْوالِها مِنْ تَسْمِيَةِ الأشْخاصِ بأسْماءِ الأَعْضاءِ.

4. فَتَنَ: سَحَرَ.

5. إلْحامُك: تَأليفُك الشّعْرَ وَنَسْجُهُ. يُقال: لَحَمَ الشِّعْرَ أيْ نَظَمَهُ.

6. أُفَجِّرُ الصَّخْرَ: أُخْرِجُ من الصَّخْرِ ماءً، كِنايَةٌ عن إِبْداعِها الشِّعْرَ بِشَكْلٍ جَميلٍ وَبليغٍ.

7. رُواتُكِ: مَنْ يَحفَظُ أشْعارَكِ.

8. مُؤَاساتُكِ: صِلَتُكِ، أنْ نُعْطيكِ.

9. شِعاري: ثَوْبي.

10. رُدْنُ: كُمٌّ.

11. دِرْعٌ: قَميصٌ.

12. دَريسٌ: بالٍ خَلَقٌ.

13. بَرَزَتْ: ظَهَرَتْ، بانَتْ.

14. دَرْدَبِيس: داهِيةٌ مُسِنَّةٌ ذاتُ مَكْرٍ وَدَهاء.


*197*

(30)

1. أَشْكو إِلى اللهِ اِشْتِكاءَ الْمَريضْ رَيْبَ (1) الزَّمانِ الْمُتَعَدِّي (2) البَغيضْ

2. يا قَوْمُ إِنّي مِنْ أُناسٍ غَنُوا (3) دَهْرًا وجَفْنُ الدَّهْرِ عَنْهُمْ غَضيضْ (4)

3. فَخارُهُم لَيْسَ لَهُ دافِعٌ وَصيتُهُمْ (5) بَيْنَ الوَرَى (6) مُسْتَفيضْ (7)

4. كانوا إذا ما نُجْعْةٌ (8) أَعْوَزَتْ (9) في السَّنَةِ الشَّهْباءِ (10) رَوْضًا أَريضْ (11)

5. تُشَبُّ (12) للسّارينَ (13) نيرانُهُمْ وَيُطْعِمونَ الضَّيْفَ لَحْمًا غَريضْ (14)

6. ما باتَ جارٌ لَهُمُ ساغِبًا (15) وَلا لِرَوْعٍ (16) قالَ حالَ الجَريضْ (17)

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. رَيْبَ: جَوْرَ، ظُلْمَ.

2. المتعدِّي: الزَّائِد عَنِ الحَدّ.

3. غَنُوا: أَقامُوا، عاشُوا.

4. غَضيضُ: لا يَنْظُرُ إلَيْهِم، مكفُوفٌ.

5. صِيتُهُم: ذِكْرُهم الحَسَن، الحَميد.

6. الوَرى: الخَلْقُ، النَّاسُ.

7. مُسْتَفيضٌ: شائِعٌ، ذائِعٌ.

8. نُجْعَةٌ: مَرْعى، خِصْبٌ.

9. أَعْوَزَتْ: الإعْوازُ: الفَقْرُ.10. الشَّهْباءُ: الّتي أَجْدَبَتْ وقَحَلَتْ فلا مَطَرَ فيها ولا عُشْبَ.

11. رَوْضٌ أَريضٌ: الرَّوْضُ، الْمَوضِعُ الكَثيرُ العُشْبِ. والأريضُ: المتَّسِعُ.

12. تُشَبُّ النّارُ: تُوقَدُ تُشْعلُ.

13. السَّارين: الماشِين في اللَّيْلِ.

14. لَحْمٌ غَريض: لَحْمٌ طَرِيٌّ.

15. ساغِبًا: جائِعًا.

16. لرَوْع: لفَزَعِ أو لِخَوْف.

17. الجَريض: الفَصُّ بالرّيقِ عند المَوْتِ. وهذا مِنْ مَثَلٍ جاءَ لِسانِ الشَّاعِرِ عَبيد بنِ الأَبْرَصِ: وَفَدَ عَبيدُ بْنُ الأَبْرَصِ (شاعِرٌ جاهليّ) على النُّعمانِ الأَكْبَرِ. فامتَدَحَهُ، فَوَصَلَهُ وأكْرَمَهُ، وكان للمَلكِ يَوْمُ نَعيم وَيَوْمُ بُؤْسٍ في السَّنَة، فَوَرَدَ عَلَيْهِ الشَّاعِرُ في يومَ بؤْسِهِ، فقالَ لَهُ ما أَخْرَجَكَ، ثَكِلَتْكَ أمُّكَ! فقال: حُضُورُ أَجَلي وانْقِطاعُ أَمَلي، وكانَ مَنْ لَقِيَهُ يومَ بُؤْسِهِ، لَمْ يُخَلِّصْهُ من الْمَوْتِ شَيْءٌ، وكانَتْ النِّهايَةُ أَنْ قَتَلَ النُّعمانُ الشَّاعِرَ الّذي قالَ قَبْلَ قَتْلِهِ عِندَما طَلَب مِنه المَلِكُ أنْ يقولَ شِعْرًا، قال: (حالَ الجَريضُ دونَ القَريضْ). فَذَهَبَتْ مَثَلًا، أيْ أَنَّ الموتَ مَنَعَ قَوْلَ القَريضِ وهو الشِّعْرُ.


*198*

(35)

7. فَغَيَّضَتْ (1) مِنْهُمْ صُروفُ (2) الرَّدى بِحارَ جُودٍ لَمْ نَخَلْها (3) تَغيضْ

8. وأُودِعَتْ مِنْهُمْ بُطونُ الثَّرى (4) أُسْدَ التَّحامي (5) وأُساةَ (6) الْمَريضْ

9. فَمَحْمَلي (7) بَعْدَ الْمَطايا الْمَطا (8) وَمَوْطِني بَعْدَ اليَفاعِ (9) الحَضيضْ (10)

10. وأَفْرُخي (11) ما تَأْتَلي (12) تَشْتَكي بُؤْسًا لَهُ كُلِّ يَوْمٍ وَميضْ (13)

11. إذا دَعا القانِتُ (14) في لَيْلِهِ مَوْلاهُ نادَوْهُ بِدَمْع يَفيضْ

12. يا رازِقَ النَّعَّابِ (15) في عُشِّهِ وَجابِرَ العَظْمِ الكَسيرِ (16) المَهيضْ (17)

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. غَيَّضَتْ: أَذْهَبَتْ.

2. صُروفُ الرَّدى: طَوارئُ الْمَوْتِ.

3. لمْ نَخَلْها: لمْ نَحْسَبْها.

4. أُودِعَتْ مِنْهم بُطونُ الثَّرى: ضَمَّتْ مِنْهُمْ القُبورُ.

5. أُسْدُ التَّحامي: الأُسُودُ (الشُّجعانُ) الّذين يُتَحامى فِيهم، تُطْلَبُ حِمايَتُهُمْ.

6. أُساةُ المَريضِ: الأَطبَّاءُ الذين يُداوون المَريضَ.

7. مَحْمَلي: ما أَحْمِلُ عليه مَتاعي وأَثْقاليِ.

8. الْمَطا: الظَّهْرُ، والمقْصودُ بعد أنْ كانَتْ أحْمالُها على ظُهورِ النِّياقِ والإِبلِ، صارَتْ على ظَهْرِها.

9. اليَفاعُ: العالي من الأَرْضِ، الأَماكِنُ المرْتَفِعَةُ.

10. الحَضيضُ: الأسافِلُ والمنْخَفَضاتُ من الأَرْضِ.

11. أَفْرُخي: أوْلادي.

12. تَأْتَلي: تُقَصِّرُ، تَتَوَقَّفُ.

13. وَميضُ: مِنْ أَوْمَضَ البَرْقُ إذا لَمَعَ، والْمُرادُ هُنا الظُّهور.

14. القانِتُ: العابِدُ، والقُنوتُ: العِبادَةُ.

15. النَّعّابُ: فَرْخُ الغُراب (النَّعيبُ: صَوْتُ الغُراب) اخْتَصَّهُ من الطَّيْرِ لأَنَّهُم يَزْعمون أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ بَيضَتِهِ اَبْيَضَ الزُّغْبِ فَيراهُ الذَّكَرُ فيَشُكُّ وَيَسْتَغْرِبُ فَيضْرِبُ أُنثاهُ وَيَنْقُرُها حتّى تَفِرَّ طائِرَةً، فَيَطيرُ خَلْفَها، ويَتْرُكانِهِ، فيُقيِّضُ اللهُ له ذُبابًا يَطيرُ حول عَيْنَيْهِ، فَيفْتَحُ مِنْقارَه ليُشْرِدَها فَتَدْخلُ في حَلْقِهِ، فيَتَغَذّى بها حَتّى يَسْوَدَّ ريشُهُ، فحينَئِذٍ يَرْجِعُ إليه أَبواهُ فيُكْمِلانِ تَرْبِيَتَهُ.

16. جابِرُ العَظْم الكَسيرُ: شافي العَظْمَ الْمَكْسور.

17. المهيضُ: الّذي انْكَسَرَ بعد الجَبْرِ (الشّفاء).


*199*

(40)

13. أَتِحْ (1) لَنا اللّهُمَّ مَنْ عِرْضُهُ من دَنَس (2) الذَّمِّ نَقيٌّ رَحيضْ (3)

14. يُطْفِئُ نارَ الجوعِ عَنّا وَلَوْ بِمَذْقَةٍ (4) مِن حازِرٍ (5) أو مَخيضْ (6)

15. فَهَلْ فَتًى يَكشِفُ ما نابَهُمْ (7) وَيَغْنَمُ الشُّكْرَ الطَّويلَ العَريضْ

16. فوالّذي تَعْنو (8) النَّواصي لَهُ (9) يَوْمَ وُجوهُ الشُّكْرَ الجَمْع سودٌ وَبيضْ

17. لَوْلاهُمُ لَمْ تَبْدُ لي صَفْحَةٌ (10) ولا تَصَدَّيْتُ (11) لنَظْمِ القَريضْ (12)

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. أَتِحْ: قَدِّرْ، يَسِّرْ.

2. الدَّنَسُ: الوَسَخُ، القَذارَةُ.

3. رحيضُ: مَغْسُولٌ طاهرٌ.

4. مَذْقَةٌ: جُرْعةٌ.

5. حازِر: لَبَنٌ حاِضٌ، شَديدُ الحُموضَةِ.

6. مَخيضٌ: لَبَنٌ مَنْزوعُ الزُّبْدَةِ بعد الْمَخْضِ وهو التَّحْريكُ بالقِرْبَة.

7. نابَهٌم: أَصابَهُمْ، حَلَّ بهم.

8. تَعْنو: تَخْضَعُ وتَذُلُّ.

9. النّواصي: جَمْعُ ناصِيةٍ وهي مُقَدَّم الرَّأْسِ.

10. صَفْحَةٌ: أيْ لولا هؤلاءِ الصِّبْيَةِ الجِياع لم تَظْهرْ لي صَفْحَةُ وَجْهٍ يَعْني جانِبَهُ.

11. تَصَدَّيتُ: تَعَرَّضْتُ.

12. القَريضُ: الشِّعْرُ.


*200*

(45)

قالَ الرَّاوي: فَواللهِ لَقَدْ صَدَّعَتْ (1) بأَبْياتِها أَعْشارَ (2) القُلوبِ، واسْتَخْرَجَتْ خَبايا الْجُيوبِ. حَتّى ماحَها (3) مَنْ دِنُهُ (4) الامْتِياحُ (5)، وارْتاحَ (6) لِرفْدِها (7) مَنْ لَمْ نَخَلْهُ (8) يَرْتاحُ. فَلَمّا افْعَوْعَمَ (9) جَيْبُها تِبْرًا (10). وأَوْلادها (11) كُلٌّ منّا بِرًّا. تَولَّت يَتْلوها (12) الأَصاغِرُ (13). وفوها بالشُّكْرِ فاغِرٌ. فاشْرَأَبَّتِ (14) الجَماعَةُ بَعْدَ مَمَرِّها. إلى سَبْرِها (15). لتَبْلُوَ مَواقِعَ بِرِّها (16). فَكَفَلْتُ (17) لَهُم باستِنْباطِ (18) السِّرِّ المَرْموزِ (19). وَنَهَضْتُ أقْفو (20)

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. صَدَّعَتْ: شَقَّتْ، كَسَّرَتْ، مَزَّقَتْ.

2. أَعْشارٌ: قِطَعٌ أَجْزاءٌ.

3. ماحَها: أَعْطَاها.

4. مَنْ دينُهُ: الّذي عادَتُهُ.

5. الامْتِياحُ: طَلَبُ المعْروفِ.

6. وارْتاحَ: نَشَطَ، يريد مَشْيَخةُ الشُّعَراءِ الّذين قد مَرَّ ذِكْرُهُمْ، وَعَيْشُ الشُّعَراءِ هو مِنَ الاسْتِجداءِ والطَّلَبِ، ومَعْلومٌ أنَّه مَنْ كانَتْ عادَتُهُ أنْ يَأْخذَ لا يُعْطى في الغَالِبِ شَيْئًا ولذلك قالَ: (مَنْ لم نَخَلْهُ يَرْتاحُ) أيْ من لَمْ نَحْسِبْ أنّه يَهْتَزُّ للعَطاءِ، وقد ارتاحَ إذا اهْتَّزَّ للكَرَمِ والعَطاءِ.

7. لِرِفْدِها: لإِعْطائِها.

8. من لمْ نَخَلْهُ: مَنْ لَنْ نَظَّنَهُ أو نَحْسَبُهُ.

9. افْعَوْعَمَ: اِمْتَلَأَ.

10. تِبْرًا: ذَهَبًا.

11. تِبْرًا: ذَهَبًا.

12. يَتْلوها: يَتْبَعُها.

13. الأصاغِرُ: الَأوْلادُ.

14. فاشْرَأَبَّتْ: تَطَلَّعَتْ.

15. سَبْرُها: اِخْتِبرُها. أيْ اَنَّ الجَماعَةَ أرادَتْ أنْ تَعْرفَ هَلْ أوْقَعتْ إكْرامَها فيمن يَسْتَحِقُّه.

16. بِرُّها: ثِلَتُها، إعْطاؤُها.

17. كَفَلْتُ: ضَمِنْتُ.

18. اسْتِنْباطٌ: اسْتِخْراجٌ.

19. المَرْموزُ: الْمَخْفِيُّ

20. أَقْفوا: أَتْبَعُ.


*201*

(50)

أثَرَ العَجوز. حَتّى انْتَهَتْ إلى سوْقٍ مُغْتَصَّةٍ (1) بالأَنامِ. مُخْتَصّةٍ بالزِّحام. فانْغَمَسَتْ في الغُمارِ (2) وأمْلَسَتْ (3) من الصِّبيَةِ الأَغْمارِ (4)، ثُمَّ بِخُلُوِّ بالٍ (6). إِلى مَسْجِدٍ خالٍ فأَماطَتِ (7) الجِلْبابَ. ونَضَتِ (8) النِّقابَ (9). وأَنا أَلْمَحُها مِنْ خَصاصِ (10) البابِ وأَرْقُبُ ما سَتُبي من العُجابِ (11). فَلمّا انْسَرَتْ (12) أُهْبَةُ الخَفَر (13). رَأَيْتُ مُحَيّا (14) أبي زَيْدٍ قَدْ سَفَر (15). فَهَمَمْتُ أنْ أَهْجُمَ عَلَيْهِ، لأُعَنِّفَهُ (16) على ما أَجْرى (17) إِلَيْهِ. فاسْلَنْقى (18) اسْلِنْقاءَ المُتَمرِّدِين. ثُمَّ رَفَع عَقيرَةَ (19) المُغرِّدين. وانْدَفَعَ يُنْشِد:

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. مُغَتَصَّةٌ: مُمْتلئَةٌ.

2. انغَمَسَتْ بالغُمارِ: دَخَلتْ بَيْنَ جَماعاتِ النَّاس.

3. أمْلَسَتْ: تَخَلَّصَت وانْفَلَتَتْ بسُهولَةٍ.

4. الأَغْمار: الجُهّالِ:

5. عاجَتْ: مالَتْ.

6. بِخُلُوّ بالٍ: خالِيَةٌ، مُتَفَرِّدَةٌ، وبقَلْبٍ خالٍ.

7. عاجَتْ: مالَتْ.

8. نَضَتْ: كَشَفتْ، خَلَعَتْ.

9. النِّقابُ: البُرقُعُ.

10. خَصاصُ البَابِ: شُقوقُ البابِ.

11. العُجابُ: ما جاوَزَ حَدَّ العَجَبِ.

12. انْسَرَتْ: انْكَشَفتْ.

13. أُهْبَةُ الخَفَر: هَيْئَةُ الحَياءِ والمقْصودُ النِّقابُ، هَيْئَةُ اللِّباسِ الّذي اسْتَتَرَتْ به.

14. مُحَيَّا: وَجْهٌ.

15. سَفَرَ: انْكَشَفَ.

16. لأُعَنِّفَهُ: أُقَبِّحُ فِعْلَهُ.

17. على ما أَجْرى إليه: قَصَدَهُ.

18. اسْلَنْقى: نامَ على ظَهْرِهِ مُنْبَسِطًا.

19. عَقيرَةُ: العَقيرةُ: الصَّوتُ. وأصْلُهُ الرِّجْلُ المَعْقورَةُ أو المجْروحَةُ ثُمَّ اسْتُعْمِلُ في الصَّوْتِ وذلك أنّ رَجُلًا عُقِرَتْ رِ<ْلُهُ فَرفَعَها وصَرَخَ من شِدَّةِ الأَلَمِ فقيلَ لكُلِّ من رَفَعَ صَوْتَهُ رَفعَ عَقيرَتَهُ.


*202*

(55)

يا لَيْتَ شِعْري (1) أَدَهْري أَحاطَ عِلْمًا بِقَدْري

وهَلْ دَرى كُنْهَ (2) غَوْري (3) في الخَدْعِ أمْ لَيْسَ يَدْري

كَمْ قَدْ قَمَرْتُ (4) بَنيهِ بِحيلَتي وَبِمَكْري (5)

وكَمْ بَرَزْتُ (6) بِعُرْفٍ (7) عَلَيْهمُ وبِنُكْرِ

أَصْطادُ قَوْمًا بوَعظٍ وآخَرينَ بِشِعْرِ

(60)

وأسْتَفِزُّ (8) بِخَلٍّ عَقْلًا وعَقْلًا بِخَمْرِ

وَتارَةً أَنا صَخْرٌ (9) وَتارةً أُخْتُ صَخْرِ (10)

وَلَوْ سَلَكْتُ سَبيلًا (11) مَأْلوفَةً طُولَ عُمْري

لَخابَ قِدْحِي (12) وَقَدْحي (13) وَدامَ عُسْري (14) وَخُسْري

فَقُلْ لِمَنْ لامَ، هذا عُذْرِي فَدُونَكَ (15) عُذْرِي

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. لَيْتَ شِعْري: لَيْتَ دِرايَتي وفِطْنَتي. الشَّاعِرُ: العالِمُ الفَطِن.

2. كُنْه: حَقيقَة.

3. غَفوْري: آخِرُ أَمْري.

4. قَمَرْتُ: غَلَبْتُ وخَدَعْتُ.

5. بحيلَتي وبِمكْري: بِخِداعِي.

6. بَرَزْتُ: ظَهَرْتُ.

7. بِعُرْفٍ: بمَعْنى المَعْروفُ ضِدُّ النُّكْرِ.

8. أَسْتَفِزُّ: أسْتَخِفُّ وأَخْدَعُ.

9. أنا صَخْرٌ: المقصودُ أَخو الخَنْساءِ الشَّاعِرَةِ صَخْرٌ بنُ عَمْروِ بْنِ الشَّريدِ السُّلَمِيّ.

10. أخْتُ صَخْر: الشَّاعرةُ المعروفَةُ الخَنْساءُ.

11. سَبيلًا: طَريقًا، وسَلَكْتُ سَبيلًا مَشَيْتُ فيه.

12. قِدْحي: أَحَدُ سِهامِ الْمَيْسِرِ التي كانوا يَتَساهَمون فيهِ على الجَزور (النَّاقةُ الذَّبيحَةُ).

13. قَدْحي: مَصْدَرُ قَدَحَ النَّارَ: أشَعَلها.

14. عُسْري: شِدَّةُ الأُمورِ وصُعوبَتُها.

15. دونَكَ عُذْري: خُذْ عُذْري.


*203*

(65)

قالَ الحارِثُ (الحَرِثُ) بنُ هَمَّامٍ: فلمّا ظهَرْتُ على جَلِيَّةِ (1) أمْرِهِ وبَديعَةِ (2) إمْرِهِ، وما زَخْرَفَ (3) في شِعْرِهِ من عُذْرِهِ. عَلِمْتُ أنَّ شَيْطانَهُ الْمَريدَ (4) لا يَسْمَعُ التَّفْنيدَ (5)، ولا يَفْعَلُ إلّا ما يُريدُ. فَثَنَيْتِ (6) إِلى أَصْحابي عِنانِي (7) وأبْثَثْتُهُمْ (8) ما أثْبَتَهُ (9) عِياني (10). فَوَجَمُوا (11) لِضَيْعَةِ الجَوائِزِ (12) وَتَعاهَدوا (13) على مَحْرَمَةِ (14) العَجائِزِ.

شَرْحُ الكَلِماتِ:

1. جَليّةُ أَمْرِهِ: حَقِيقةُ حالِهِ.

2. بَديعَةُ إِمْرِه: غَريبَةُ دَهائِهِ.

3. زَخْرَفَ في شِعْرِهِ: حَسَّنَ وَزَيَّنَ.

4. المُريدُ: العاتِي، الخَبيثُ.

5. التَّفْنيدُ: اللَّوْمُ والتَّوْبيخُ، وإظْهارُ العَيْبِ.

6. ثَنَيْتُ: عَطَفْتُ.

7. عِناني: مِقْوَدُ دابَّتي.

8. أَبْثَثْتُهُم: أخْبَرْتُهُمْ، حَدَّثْتُهُمْ.

9. أثْبَتَهُ: حَقَّقَهُ وأكَّدَهُ.

10. عِياني: مُعايَنَتي، مُشاهَدَتي بِعَيْني.

11. وَجَموا: سَكَتوا حُزْنًا، وَغَضِبوا.

12. الجَوائِزُ: العَطايا، الهِباتُ.

13. تَعاهَدوا: تَحالَفوا.

14. مَحْرَمَةٌ: مَنْعٌ وحِرمانٌ.

إِضاءات على المضمون:

1. التَّمْهيدُ.

2. عَجوزٌ تُقْبِلُ وتُحَيّي.

3. العَجوزُ تُغَرِّفُ نَفْسَها وتَشْرَحُ ماضيَها وحاضِرَها.

4. يَطْلُبونَ مِنْها الشِّعْرَ فتَقولُ شِعْرًا (الحارِثُ بنُ ا=هَمَّام وصَحْبُهُ).

5. أَشْعارُها تَحْكي حكايَتَها.

6. الحُصولُ على الطَّلَبِ بعدَ الشُّكْرِ.

7. أَبو زيدٍ يُناجي نَفْسَهُ وَيَكْشِفُ حَقيقَةَ عَمَلِهِ.

8. الخاتِمَةُ - إِبْلاغُ الصَّحْبِ بحَقيقَةِ العَجوزِ.


*204*

أَجْواءُ النَّصِّ:

طُرُقُ الاحْتِيالِ لِلتَّسَوُّلِ وَأَساليبُهُ، الحَريرِيُّ وَفَنُّ الصَّنْعَةِ اللَّفْظِيَّةِ، فُصولُ الْمَقامَةِ: لَوْحاتٌ اِجْتِماعِيَّةٌ عاكِسَةٌ لِلواقِعِ.

أسْئِلةُ الْمَضْمون:

1. يَحْكي مَضْمونُ الْأسْطُرِ الثَّلاثَة الْأولى تَمْهيدًا لِتَتابُعِ الْأحْداثِ فيما بَعْدُ. ماذا يُفيدُنا هذا التَّمْهيدُ؟

2. يَرْبِطُ الرَّاوي (الْحارِثُ بْنُ هَمَّام) ظُهورَ الْعَجوزِ وَإِقْبالَها عَلى جَماعَتِهِ، بِزَمَنِ مُعَيَّنٍ ذَكَرَهُ بِأُسْلوبِ الْكِنايَةِ. وَضِّحْ ذلِكَ. سطر (3).

3. كَيْفَ وَصَفَتِ الْعَجوزُ الصِّبْيَةَ الَّذين كانوا بِصُحْبَتِها؟ السطران (5، 6).

4. كَيْفَ قَدَّمَتِ الْعَجوزُ نَفْسَها لِلْجَماعَةِ الَّتي أَقَبَلَتْ عَلَيْها؟ سطر (7).

5. ما هُوَ وَضْعُ الْعَجوزِ الاِجْتِماعيُّ / الِاقْتِصادِيُّ كَما وَرَد عَلى لِسانِها؟ الأسطر (9، 10، 11).

6. ماذا طَرَأَ عَلى حَياةِ الْعَجوزِ وَذَويها مِنْ تَغَيُّراتٍ؟ السطران (11، 12).

7. كَيْفَ عَدَّدَتِ الْعَجوزُ مَظاهِرَ البُؤْسِ وَالْفَقْرِ الَّتي حَلَّتْ بِها أَمامَ الْحاضِرينَ؟ السطران (14، 15).

8. طَلَبَ مِنْها الْحارِثُ بنُ هَمَّام طَلَبًا. ما هُوَ؟ وما جوابها على هذا الَّلَبَ؟ السطران (22، 23).

9. تَحْكي الْأَبْياتُ الثَّمانِيَةُ الْأُولى الّتي أَنْشَدَتْها الْعَجوزُ وَصْفًا لِلْحَياةِ السَّعيدَةِ الَّتي عاشَتْها في ظِلّ قَوْمِها الثَّمانِيَةُ الْأُولى الّتي أَنْشَدَتْها الْعَجوزُ وَصْفًا لِلْحَياةِ السَّعيدَةِ الَّتي عاشَتْها في ظِلِّ قَوْمِها. وَضِّحْ صُوَرَ هذِهِ السَّعادَةِ وَبَيِّنْ جَوانِبَ الْعِزِّ وَالْهَناءِ فيها.

10. تَصِفُ الابْياتُ مِن التّاسِعِ حَتّى الْأَخيرِ بُؤْسَها وَجوعَها مَعَ أَوْلادِها. الْمَطْلوبُ: تَوْضيحُ مَظاهِرِ الْبُؤْسِ، كَما تُفْهَمُ مِنْ أَقْوالِها.

11. كَيْفَ تَوَجَّهَتْ العَجوزُ لِلْحاضِرينَ بِطَلَبِ الْمُساعَدَةِ؟ السطر (15).

12. اشرح البيتين (3،2) في القصيدة الأولى: (يا قَوْم.) و(فخارُهم.) وبَيِّنْ ماذا أرادت بهما.

13. ما هُوَ تَأثيرُ الشِّعْرِ الَّذي أَنْشَدَتْهُ الْعَجوزُ عَلى الْجَماعَةِ؟ وما هُوَ مَرْدودُهُ عَلَيْها؟ الأسطر (40،39،38).

14. صِفْ تَتَبُّعَ وَمُلاحَقَةَ الرّاوي لِلْعَجوزِ، وَما هُوَ مَصيرُ الصِّبْيَةِ الْمُرافِقينَ؟ الأسطر (46-52).

15. كَيْفَ انْكَشَفَتْ شَخْصِيَّةُ أَبي (زَيْدٍ السَّروجِيّ) (بَطَلُ مَقاماتِ الْحَريرِيّ)؟ السطر (51).

16. ماذا تَحْكي الأَبْياتُ الْعَشْرَةُ الَّتي أَنْشَدَها أبو زَيْدٍ السَّروجِيُّ؟ وَبَيِّنْ ما هُوَ السَّبَبُ الَّذي دَفَعَهُ لِلتَّسَوُّلِ؟


*205*

17. ماذا فَعَلَ عيسى بْنُ هِشامٍ (الرَّاوي) عِنْدَما عَرَفَ حَقيقَةَ أَبي زَيْدٍ السَّروجِيّ؟ السطران (65،64).

أسْئِلَةُ الْأُسْلوب:

1. هَلْ تَتَبُّعُ الْهَيْكَلِ الْأُسْلوبِيِّ لِلْمَقامَةِ، بِشَكْلٍ عامٍّ، قائِمٌ في هذِهِ الْمَقامَةِ؟ أَشِرْ إِلى الْمُرَكِّباتِ الْأَساسِيَّةِ الْمَوْجودَةِ فيه.

2. كيف حاولت الْعجوزُ التَّأْثيرِ عَلى الْجَماعَةِ؟ اِدْعَمْ إجابَتَك بِنَماذِجَ مِنْ أَقْوالِها شِعْرًا وَنَثْرًا.

3. إِنَّ تَطْعيمَ الْمَقاماتِ بِشَكْلٍ عامّ بِأَشْعارٍ أَمْرٌ مِنْ خَصائِصِها. بِنَماذِجَ مِنْ أَقْوالِها شِعْرًا وَنَثْرًا.

4. هَلْ تَجِدُ مَضامينَ حِكَمِيَّةً أَوْ مَثَلِيَّةً في الأَشْعارِ الَّتي تَشْتَمِلُ عَلَيْها الْمَقامَةُ؟ عَدِّدْها وبيّن دلالة كلّ منها.

5. بِفِعْلِ تَوَخِّي السَّجْعِ في مُعْظَم الْجُمَلِ في الْمَقامَةِ كَثُرَتِ الْكَلِماتُ الْمُتَجانِسَةُ. اِسْتَخْرِجْ خَمْسَ كَلِماتٍ مُتَجانِسَةٍ وَاذْكُرْ مَعْنى الْكَلِمَةِ وَمُجانِسَتَها.

6. وَرَدَ في النَّصِّ كَثيرٌ مِنَ الاسْتِعاراتِ وَالْكِناياتِ. اِسْتَخْرِجْ اثنتين مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَاشْرَحُها وبَيِّنْ الغَرَض منها.

7. وَرَدَ الْبَيْتُ (16) مَنْ أَشْعارِ الْعَجوزِ مَبْدوءًا بِالْقَسَمِ. وَضِّحْهُ وَبَيِّنْ غَرَضَهُ.

8. هاتِ أَمْثِلَةً لِنَماذِجَ وَصْفِيَّةٍ وَاشْرَحُها.

9. اسْتُعْمِلَتِ الْأَلْوانُ: الْأَخْضَرُ، الْأَصْفَرُ، الْأَبْيَضُ، الْأَسْوَدُ، الْأَزْرَقُ، وَالْأحْمَرُ. ما هِيَ الْأَشْياءُ الَّتي وُصِفَتْ بِهذِهِ الْأَلْوانِ؟ وَهَلْ كانَ لِلْوَصْفِ بِهذِهِ الْأَلْوانِ دَلالَةٌ؟ السطران (14،13).

أسْئلةُ الرَأْي والموقِفِ والقِيَمِ:

1. لماذا حَسَبَ رأيك - عَظّمتِ العَجوزُ صُوَرَ البؤْسِ والمصائبِ التي حلَّتْ بها؟

2. بَيِّنْ رَأيَكَ وموقِفَكَ من ظاهرةِ التّسوُّل عَلى أشْكالِها، إذا أيّدتها، أوْ عارضْتَها، فلماذا؟

3. هلْ توافقُ الحارثَ بنَ هَمّامٍ على تراجُعِهِ عن تَعْنيفِ أبي زَيْدٍ السّروجيّ ولماذا تُوافِقُ أوْ تُعارِضُ؟

4. هلْ تتحقّق قيمةُ التّعاطُفِ مع المحتاجِ ومساعدَتِهِ بشكل قيمةٍ اجتماعيّةٍ مُهِمَّةٍ وضروريّة كما عُرض أمرُها في المقامَة البِغدادِيَّةِ؟ وَضِّحْ.


*206*

مَراجع للتَّوسُّع:

بالإضافَةِ لما جاءَ في مَقامَةِ بديعِ الزّمان الهمذانِيّ:

1. شَرْحُ مقامات الحريرِيّ. بيروت: دار التّراث، 1388 ه (1968 م).

2. الشُّرَيْشِيّ: شَرْحُ مقامات الحريرِيّ. بيروت: دار الكتب العلميّة، لبنان، الطّبعة الأولى، 1399 ه (1979 م).


*207*

مُلْحَقٌ - التَّعْرِيفَاتُ


*208*

كشّافُ التّعريفات


*208*

مُلْحق بالتّعريفات للمصطلحات الأدبيّة الواردة في الكتاب

نُلْحِقُ في ها الكتابِ كشّافَ الْمُصْطَلَحاتِ الأَدَبِيَّةِ الّتي وَرَدَتْ فيه، والّتي أَشَرْنا إليها عندَ تَعَرُّضِنا للنُّصوصِ بالتَّحليلِ وبِخاصَّةٍ الأُسْلوبِ. وتَشْمَلُ هذه الْمُصْطَلَحاتُ بعضَ مواضيعِ عُلومِ البَلاغَة: البيانُ والمعاني والبدَيع، وكذلك بَعْضَ المَوادَّ من مَواضيعِ الشِّعْر:

1. الأرْدافُ الخُلْفِيّ (Oxymoron):

تَناقُض ظاهريّ بينَ عبارتين لإثارَةِ الإعْجابِ، وفي البَلاغَةِ العربيّةِ اشْتُقّ المُصطلحُ مِ،ء أصْلٍ يونانيٍّ بمَعنى (ما لا مَعنى لَهُ قصدًا) ليعبِّرَ بذلك عن أنّ التناقُضِ الظّاهريّ قد يَنطوي على حَقيقةٍ عَميقَةٍ بِقَصْدِ إبرازِها بهذا الأسْلوبِ المُتناقِضِ، مِثالُ ذلك قولُكَ: (صَديقانِ لدودان).

والتركيبُ اليونانِيّ هو: oxus وتَعني حادّ أَو ذكيّ، و moros وتَعْني حَماقَةً أَوْ بِلادَةً. ومِثالُهُ في مُختاراتِنا في قَصيدةِ أبي تمّام: (فَتْحُ عموريّةَ) حيثُ قالَ: غادَرْتَ فيها بَهيمَ اللّيلِ وهو ضُحًى. والإشارةُ إِلى بهيم اللّيل (وضُحّى)

2. إرْسالُ الْمَثَل:

أنْ يأْتِيَ الشَّاعِرُ في بعضِ بَيْتٍ أو في خِتامِهِ بما يَجْري مَجْرى الْمَثَلِ، وهو كثيرٌ لدى شُعَراءَ مثل أبي تَمّام والْمُتَنَبّي وصَفِيِّ الدِّين الحِلِّيِّ، وهو كثيرٌ أيْضًا في القُرْآن الكريمِ وفي الحديث الشّريف. أمثلة:

قال الخَنْساءُ:

يومًا بأوجَدَ مِنّي يومَ فارَقني صَخْرٌ وللدَّهرِ إحْلاءٌ وإمْرارُ

وقال المُتَنَبّي:

ومِنَ الخَيْرِ بُطْءُ سَيْبِكِ عَنّي أسْرَعُ السُّحْبِ في الْمَسيرِ الجَهامُ

وقال أبو فِراسٍ الحَمْدانِيّ:

سَيَذْكُرُني قَومي إذا جَدَّ جِدُّهُمْ وفي اللَّيْلَةِ الظَّلماءِ يُفْتَقَدُ البَدْرُ

3. الازْدِواجُ:

هو تَوافُق مُتَجاوِرَيْن من لَفْظٍ واحد، أوْ عِبارَةٍ وَعبِارَةٍ تَنْتَهيان بِفاصِلَتَيْن مُتَشابِهَتَين


*209*

كما في السَّجْع مَع وُرودِها مَثْنى لتَحقيقِ الازْدِواج مثل:

مَنْ جَدّ وَجَد، وَمَنْ صَبَرَ ظَفَرَ (ازدواج لفْظَيْن)

اتَّخَذْتُ الكِتابَ أنيسًا، إليهِ أَظَلُّ جَليسًا (ازدواج عِبارَتين)

إنّ بَعْدَ الكَدَرِ صَفْوً، وَبَعْدَ الْمَطَرِ صَحْوًا

4. الاسْتِعارَةُ:

الاسْتِعارَةُ من المَجاز اللُّغويِّ، وهي تَشْبيهٌ حُذِفَ أَحدُ طَرَفيه: المُشَبَّهُ والمشبَّهُ بِهِ.

5. الاسْتِعارَةُ التَّصْريحِيَّةُ:

وهي ما صُرِّح فيها بلفظ الْمُشَبَّه بِهِ. مثلَ قالَ تعالى: (كتابٌ أَنْزَلْناهُ لتُخْرِجَ النَّاسَ من الُّظُماتِ إِلى النُّور).

هُنا الْمُشَبَّهُ محذوفٌ وهو الضَّلال والْمُشَبَّه به مَوجودٌ وهو الظُّلماتُ، فالاسْتِعارَةُ تَصْريحيَّةٌ كذلك الأَمْرُ بالنّسْبَ’ لِكَلِمَةِ النُّورِ حيثُ شَبَّهَ الهُدى بالنُّورِ وهي مَحْذوفَةٌ وبَقيَ الْمُشَبَّهُ به، فالاسْتِعاؤَةُ تَصْرِيحِيَّةٌ.

6. الاسْتِعارَةُ الْمَكْنِيَّةُ:

وهِي ما حُذِفَ فيها المُشَبَّهُ ورُمِزَ إلَيّهِ بشَيء من لَوازِمِه. مِثْل: قالَ الحَجّاجُ في إحدى خُطَبِهِ: إنّي لأرى رُؤوسًا قد أيْنَعتْ وحانَ قِطافُها وإنّي لصاحِبُها. شَبَّهَ الرُؤوسَ بالثِّمارِ الّتي تُقْطَفُ بعد أَنْ تُونِعَ، فَحُذِفَتِ الثِّمارُ وَبَقِيَ من لوازِمِها أَيْنَعَتْ.

7. الاسْتفهامُ الإنْكاريُّ:

هو الاستفهامُ الذي يتضَمَّنُ النّفْيَ، نحو الآية: (فَمَنْ يَهْدي من أَضَلّ اللهُ) (الرُّوم: 29) أي لا أحَد يَهْدي مَن أَلْ الله.

ومثالُه في مختاراتنا ما جاءَ في قصيدة المتنَبّي: بمَ التعلّلُ أي لا تَعَلّل. وكذلك قَوْلُ أبي تَمّام في قصيدة فتح عمّوريَّةَ: السَّيْفُ أَصْدَقُ في البيتِ الرّابعِ من مختاراتنا: أينَ الرّوايةُ؟ بلْ أيْن النّجومُ، وما وَرَد فِي عجُز البّيْتِ السّادسِ من مختاراتِنا من وَهَلْ بفتًى مِثْلي على حالِهِ نُكْرُ؟

8. أَسْواقُ الأَدبِ (Literay Markets):

هي الاَماكِنُ الّتي كانَ يَعْرِضُ فيها الشُّعَراءُ قصائِدَهُمْ على حَكَمٍ ليُبْدِيَ رأَيهُ فيها ويُضْفِي عَلَيْها ما تَسْتَحِقُّ من تقَديرٍ. وأَشْهَرُها عُكاظُ في الحِجازِ، والمِرْبَدُ في البَصْرةِ.


*210*

9. الإطْنابُ:

زيادَةُ اللَّفْظ على المَعنى لِفائِدَةٍ، وَيكون بأُمورٍ عِدّةٍ، مِثْلَ: قال تعالى: (تَنَزَّل الملائِكَةُ والرُّوحُ فيها) كَلِمةُ الرُّوح الّتي تَعْني جِبْريل هي زِيادَةٌ وذلك لأَنَّ جبريلَ هو مِنْ ضِمْنِ الْمَلائِكَةِ.

10. الاكْتِفاءُ:

أَنْ يَأْتِيَ الشَّاعِرُ بِبَيْتٍ من الشِّعْرِ وقافِيَتُهُ متَعلِّقَةٌ بِمَحْذوفٍ مثل: قال أبو تَمّام:

تَدبيرُ مُعْتَصِم باللهِ مُنْتَقِمٍ لِلهِ مُرْتَقِبٍ في اللهِ مُرْتَغِبِ

(فمرتَغِبٌ) مُتَعَلّقةٌ بكلِمةِ في الله.

وقال الشَّاعِر ابنُ سناءِ المُلْك:

دَنوتُ وَقَد أَبدى الكَرى ما أَبدى وقَبَّلْتُهُ في الثَّغْرِ تِسْعينَ أوْ إحْدى

فكلمة إحْدى مثتَعَلِّقةٌ بالمحذوفِ وهو قُبْلَة أيْ إحدى وتِسعينَ قُبْلَةً.

11. الالتِفاتُ:

هو الاعْتراضُ عند قَوْم، وسَمَّاه آخرون الاسْتِدْراكَ، وسَبيلُهُ أنْ يكونَ الشّاعِرُ آخِذًا في مَعْنًى ثُمَّ يَعْرِضُ له غَيْرُهُ، فيعدِلُ عن الأَوّلِ إلى الثّانِي، فيأتي به ثُمَّ يَعودُ إلى الأَوَّل مِن غير أنْ يَخِلّ في شَيءٍ ممّا يَشُدُّ الأوَّلَ، كَقولِ الشَّاعِرِ:

لَوْ أَنَّ الباخِلين وأَنتَ مِنْهُم، رأوك تَعلَّموا منك الْمِطالا

المطال: التّأجيلُ والتّطويلُ.

فقولُهُ: وأنت مِنْهم اعتراض كلام في كَلام.

والالْتِفاتُ في الضَّمائر هو التَّحوُّلُ من ضَميرٍ إلى آخَرَ، مِنْ الغَيْبَةِ إِلى الْمُتَحَدّثِ ومن الإفْرادِ إلى الجَمْعِ، وهو كَثيرٌ في القُرآن الكَريم:

قالَ تَعالى: (الحَمدُ للهِ رَبِّ العالمين، الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، إيّاكَ نَعْبُدُ وإيّاكَ نَسْتعينُ) سورةُ الفاتِحَةِ.

12. الإنْشاءُ:

ما لا يَصِحُّ أنْ يُقالَ لقائِلِهِ: إنَّهُ صَادِقٌ فيه أَوْ كاذِبٌ مِثْلُ: اسْتَعِدُّوا أيُّها التّلاميذُ للامْتحان. أو: هَلْ أَحْضَرْتَ الكِتَابَ مَعَك؟

13. الإيجازُ:

جَمْعُ المعاني الْمُتَكاثِرَةِ تَحْتَ اللَّفظِ القَليلِ مع الإبانَةِ والإفْصاحِ، مِثْلَ: قل تعالى: (أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ).


*211*

14. البَحْرُ:

هو قَالبٌ صَوْتِيٌّ يتكوَّنُ من تَكْرارِ وحداتٍ صوتيّةٍ كُبْرى هي التَّفاعيل، يمكنُ أنْ تُستعمَل كما هي دونَ تغييراتٍ، ويمكِنُ أَنْ تدخُلَها تغييراتُ تُسَمّى الزِّحافاتُ والعِلَلُ، وفي حالاتٍ عديدةٍ يمكِنُ أَنْ تُستَمَدّ من الصورَةِ الأَصْلِيَّةِ صورٌ فَرْعيّةٌ تُستعمَلُ وحدَها أوْ إضافةً إلى الصُّورةِ الأَصليَّةِ، مع الزِّحافاتِ والعِلَلِ أوْ دونها.

عدَدُ البُحورِ الأساسِيّةِ غيرِ المولّدَةِ المستعملةِ في الشّعر العربيّ ستَّةَ عَشَرَ بَحْرًا، منها:

1. المتقارب: فَعُولُنْ فَعُولُنْ ضرب 2

2. المُتَدارَك: فاعِلُن فاعِلُن فاعِلُن فاعِلُن ضرب 2

3. الطَّويل: فعولُن مَفاعيلُن فعولُن مَفاعيلُن ضرب 2

4. البسيط: مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فاعِلُن ضرب 2

15. بَراعَة الاسْتِهْلال:

أَنْ تكونَ المعاني واضِحَةً في اسْتهلالِها، وأَنْ تكونَ التَّعابيرُ سَهْلةً مُؤَدّيَةً للمَعاني بِشَكْلٍ واضِحٍ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَجْتَهِدَ النّاظِمُ في تناسًبِ قِسْمَي البَيْتِ، بحَيْثُ يكونُ شَطْرُهُ الثّاني تابعًا ومُتَمِّمًّا لشَطْرِهِ الأَوَّلِ. كَقولِ النابِغَةِ الذُّبْيانِيّك

كِليني لِهَمّ ي أُمَيْمَةَ ناصِبٍ ولَيْلٍ أُقاسيهِ بَطيءِ الكَواكِبِ

وقولُ امْرِئِ القيْسِ:

قِفا نَبْكِ من ذِكْرى حَبيب ومَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوى بين الدَّخولِ فَحَوْمَلِ

وينبِّهُ البدِيعيّون على حِرْصِ النّاظِم بأَنْ يفْتَتِحَ قَصيدَتَهُ بما يَجْلِبُ الانْتِباهَ وَيُشَوِّقُ للمتابَعَةِ.

16. البيتُ المدوّر:

هو الذي تُقْسَمُ كلمةٌ فيه بَيْنَ الشّطرين ليَستقيمَ الوزنُ. وقد تُكتبُ الكلِمةُ كامِلةً في الشّطرِ الأوّلِ، يكتبُ بعدَها حرفُ (ميم)، ويدلّ على مُدَوّر. مثالُه في مختاراتنا ما ورَ>َ في قصيدة: (قالَ لي صاحبي) لعمر بنِ أبي ربيعةَ وذلك في البَيْتِ السّابعِ:

فأَجابَتْ عندَ الدُّعاءِ كما لبّى رجالٌ يرجون حُسنَ الثوابَ.

وكذا الأمرُ البَيْتُ الرّابعَ عَشَرَ:

قلّدوها مِنَ القَرَنفُلِ والدّرّ سِخابًا واهًا لَهُ من سِخابِ

وظهَرَ التّدويرُ كذلك في مختاراتنا في قصيدةِ البحتريّ (صُنتُ نَفسي) في الأبيات: 14،12،9،8،2.


*212*

17. تأكيدُ الذَّمِّ بما ُشْبِهُ الْمَدْحَ:

هو ضَرْبان:

1. أَنْ يُسْتثنى مِنْ صِفَةِ مَدْحٍ مَنْفِيَّةٍ صِفَةُ ذَمٍّ، مِثْلُ: لا فَضْلَ لِلِقَوْمِ إلّا أَنَّهُمْ لا يَعْرِفون للجارِ حَقَّه.

2. أَنْ يُثْبَتَ لشَيءٍ صِفَةُ ذّمٍّ، ثُمّ يُؤْتى بعدَها بأداةِ اسْتِثْناء تَليها صِفَةُ ذَمٍّ أُخْرى، مثال: الخُطْبَةُ طَويلَةٌ إِلّا أَنّها غيرُ مَفْهومَةٍ.

18. تأكيدُ الْمَدْح بما يُشْبِهُ الذَّمَّ:

هو ضَرْبان:

1. أنْ يُسْتَثنى من صِفَةِ ذَمٍّ مَنْفِيَّةٍ صفَةُ مَدْح، مثل: قالَ ابنُ الرُّمي:

ليسَ بهِ عيبٌ سِوى أَنَّهُ لا تَقَعُ العَيْنُ على مِثْلِهِ

2. أنْ يُثْبَتَ لشيءٍ صِفَةُ مَدْح، وَيؤْتَى بعدها بأداةِ استِثْناء تَليها صِفَةُ مَدْحٍ أُخرى، مثالُ: قال رسولُ اللهِ (ص): (أَنا أفْصَحُ العَرَبِ بَيْدَ أَنّي من قُرَيْشٍ).

19. تَجاهُلُ العَارِفِ:

عبارَةً عن سُؤالِ المتكلِّم عَمّا يَعْلَمُ سؤالَ من لا يَعْلمُ يُوهِمُ أنّ شِدَّةَ التَّشبيهِ الواقِعِ بَيْن الْمُتناسِبَين أحْدَثَ عِنْدَه التباسَ المشَبَّهِ بالْمُشَبَّه بِهِ، وفائدتُهُ الْمُبالَغَةُ.

مثل: أَصاحٍ أَنْتَ أم نائِمٌ؟ لِمن تُريد أنْ يَنْتَبِه أكْثَرَ.

مثل: أَصاحٍ أَنْتَ أم نائِمٌ؟ لمِن تُريد أنْ يَنْتَبِه أكْثَرَ.

أَوَجْهُكَ هذا أم بَدْرٌ؟

20. التَّجْريدُ:

هو إخْلاصُ الخِطاب لِغَيْرِك، وأَنْتَ نَفْسَك لا الْمُخاطَبَ نَفْسَهُ، أَيْ أَنَّ الشَّاعِرَ يُجَرِّدُ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا يُوَجِّه لَهُ الخِطابَ وهو يُريدُ نَفْسَهُ. وأَصْلُ التَّسْمِيَةِ من جَرَّدْتُ السَّيْفَ، إذا نَزَعْتُهُ من غِمْدِهِ، وَجَرَّدْتُ فُلانًا إذا نَزَعْتُ ثيابَه، وفائِدَتُهُ: التَّوَسُّعُ في الكلام، ويَقولُ ابْنُ لأَثيرِ: وأَظنُّ أَنَّه شَيءٌ اخْتَصّتْ به اللُّغَةُ العَرَبِيَّةُ دونَ غيرِها من الُلّغات (1) (انظر ابن الأثير: المثل السّائر، المكتبة المصريّة، 1416ه-1995م).

والفائِدَةُ الثانيُ لَهُ: إنّه يَتَمَكَّنُ به الْمُخَاطِبُ من إجْراءِ الأَوْصافِ الْمَقْصودَةِ من مَدْحٍ وغَيْرِهِ على نَفْسِهِ. أَمْثِلَةٌ:


*213*

1. قال الصِّمَّةُ القُشَيْرِيُّ:

حَنَنْتَ إلى رَيّا ونَفْسُكَ باعَدَت مَزارَكَ مِنْ رَيّا وشَعْباكُما مَعا

2. وقالت الخَنساءُ:

قَذًى بِعَيْنِكِ أَمْ بالعَيْنِ عُوّارُ أم ذَرَّفَتْ إذ خَلَتْ مِنْ أهلِها الدّارُ

3. وقال أَبو فِراسٍ الحَمْدانِيُّ:

أراكَ عَصِيَّ الدَّمْعِ شيمَتُكَ الصَّبْرُ أما لِلْهَوى نَهْيٌ عَلَيْكَ وَلا أمْرُ

21. التَّرْديدُ:

هو أَنْ يُعلِّقَ الشَّاعِرُ لَفْظَةً في بَيْت واحدٍ ثُمَّ يُرَدِّدها فيه بِعَيْنِها يُعَلِّقها بمَعْنى آخر كقوله تعالى: (لا يَسْتوي أصْحابُ النَّارِ وأَصْحابُ الجَنَّةِ، أصْحابُ الجَنَّةِ همُ الفائزون).

إذا سَيِّدٌ مِنّا خلا قامَ سَيِّدٌ قَؤولٌ لما قالَ الكرام فَعولُ

وقالَ أَبو نُواس:

صَفْراءُ لا تَنْزِلُ الأَحْزانُ ساحَتَها لَوْ مَسَّها حَجَرٌ مَسَّتْهُ سَرَّاءُ

22. التَّرْصيعُ:

مُقابَلَةُ كُلِّ لَفْظَةٍ مِن صَدْرِ البَيْتِ أوْ فِقْرَةٍ من النَّثْرِ بِلَفْظَةٍ على وَزْنِها ورَوِيِّها (حَرْفُها الأخير) وأَصْلُهُ من تَرْصِيعِ العِقْدِ.

قال تعالى: (إِنّ الأَبْرارَ لفي نَعيمٍ، وإنّ الفُّجَّارَ لفي جَحيمٍ).

الأَبْرارُ يقابِلُها الفُجّار

نَعيمٌ يقابلُها جَحيمٌ

قال الشّاعِرُ:

نَعَمْ تَرَصَّعَ شِعْري واعْتَلَتْ هِمَمي وَكَمْ تَرَفَّعَ قَدْري وانْجَلَتْ غُمَمي

نَعَمْ يقابِلُها وَكَمْ

تَرَصَّعَ يقابِلُها تَرَفَّعَ

واعْتلَتْ يقابِلُها وانْجَلَتْ

هِمَمي يُقابِلُها غُمَمي


*214*

23. التّشبيهُ

(1) (نعتمد كتاب البلاغة الواضحة لعليّ الجارم ومصطفى أمين):

بيانُ أَنَّ شيئًا أو أَشياءَ شاركَتْ غيرَها في صفةٍ أو أَكثرَ، بأداة هي الكاف أو نَحْوُها، ملفوظةً أو ملحوظةً. وأَركانه أربعةٌ هي: الْمُشَبَّه به والْمُشَبَّه، ويُسَمَّيان طرفي التَّشْبيهِ، وأَداةُ التَّشبيهِ، وَوَجْهُ الشَّبَه، ويَجبُ أَنْ يكونَ أَقوى وَأَظهرَ من المشبَّه به فيه في المُشَبَّه، وأَسماؤه جاءَتْ بحسَبِ وجودِ أوْ عَدَمِ وجودِ ركنٍ أو ركنين منه أو بِحَسَبِ وجود كُلّ الأركانِ. وعليه تكونُ أقسامُ التّشبيهِ كما يلي:

1. مرسَلٌ مُجْمَلٌ: إذا وجِدَت الأداة وحُذِفَ وجه الشّبه.

مثل: عليٌّ كالأَسدِ.

2. مُرْسَلٌ مُؤكَّدٌ: إذا وُجِدَ وجه الشّبه وحُذِفَت الأداة.

مثل: عليٌّ أسَدٌ في الشّجاعَةِ.

3. التَّشْبيهُ البَليغُ: ما حُذِفَتْ منه الأَداة ووجد وجه الشّبه

مثل: عليٌّ كالأسدِ في الشجاعة.

4. التَّشْبيهُ البَليغُ: ما حُذِفَتْ منه الأَداة ووجه الشّبه مثل: عَلِيٌّ أسدٌ.

ومن أنواع التَّشبيهِ تَشبيهُ التَّمثيلِ.

24. التَّشخيص أو التَّأنيس أو الأنْسنَة (Personifcation):

نسبةُ صفاتِ البَشَرِ إلى أفكارٍ مُجَرَّدَةٍ أوْ إلى أشياءَ لا تَتّصِفُ بالحياة قالَ تعالى: (إنّا عَرَضنا الأمانةَ على السّمواتِ والأرضِ والجِبالِ فأبينَ أنْ يحملْنَها وَحَمَلها الإنْسانُ إنّه كانَ ظَلومًا جَهولا) الأَحزاب 72

25. التَّشْطير:

هو أنْ يَقْسِمَ الشَّاعرُ بيته شَطْرَيْن ثُمّ يُصَرِّعُ كُلَّ شَطْرٍ مِنه لكِنَّهُ يأْتي شَطْرٍ مِنْ بَيْتِهِ مُخالِفًا لقافِيَةِ الآخَرِ ليتَمَيَّزَ كُلُّ شَطْرٍ عن أَخيه. قال أَبو تمام:

تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ باللهِ مُنْتَقِمٍ لِلهِ مُرْتَقِبٍ في اللهِ مُرْتَغِبِ

26. التَّصْديرُ:

ويُسَمّى رَدُّ الأعْجازِ على الصُّدورِ، وهو عِبارَةٌ عن وُرودِ كَلِمَةٍ في الصَّدْرِ وتَرَدُّ>ِ الكَلِمَةِ في العَجُز أَيْضًا. مثل:


*215*

قال السموألُ بْنُ عادياءَ:

تُعَيِّرُنا أَنّا قليلٌ عَديدُنا فَقُلْتُ لها إنَّ الكِرامَ قَليلُ

وقالَ الشّاعِرُ:

تَمَنَّتْ سُلَيْمى أَن أَموتَ صَبَابَةَ وأَهْوَنُ شيءٍ عِنْدَنا ما تَمَنَّتِ

27. التَّصْريعُ:

هو اسْتِواءُ آخِرِ جُزْءٍ في صَدْر البَيْتِ وآخِرِ جُزْءٍ في عَجُزِهِ. في الوَزْنِ والرَّوِيِّ (الحرف الأخيرِ). مِثْل:

قِفا نَبْكِ من ذِكْرى حَبيبِ وَمَنْزِلِ بِسِقْطِ اللِّوى بَيْنَ الدَّخولِ فَحَوْمَلِ

ويَغْلِبُ مَجيئُهُ في مَطْلَع القَصيدَةِ فَقَطْ، وَقَدْ يأْتي في غَيْرِ الْمَطْلَعِ وفائِدَتُهُ مَعْرِفَةُ مَطْلَعِ القَصيدَةِ.

28. التَّضْمينُ (Implication):

ما تَنْطَوي عليْه القَضِيّةُ دون اَنْ يُصَرَّحَ بِهِ فيها.

والتّضمينُ في العَروض العَرَبِيِّ، أَنْ تتعلّقَ قافِيَةُ البَيْتِ بِصَدْرِ البَيْتِ الّذي يَليهِ، كَقَوْلِ النّابِغَةِ الذُّبْيانِيِّ (توُفّيَ قُبَيلَ البِعْثَةِ أَو 18 هجَرية):

وهُمْ وَرَدوا الجِفارَ على تَميمٍ وهم أَصْحابُ يومِ عُكاظَ إنّي

شَهِدْتُ لهُمْ مواطِنَ صادِقاتٍ شَهِدْنَ لَهُمْ بِحُسْنِ الظَّنِّ مِنّي

وهذا عيبٌ من عُيوب القافيةِ ما لَمْ يكُنْ البَيْتُ التالي تَفْسيرًا أَوْ وَصْفًا أَوْ مُؤَكِّدًا أَوْ بَدلًا مِمّا قَبْله، لا يُعَدُّ التّضمينُ في هذه الحالَةِ عيبًا لأَنَّ مَعْنى البَيْتِ الأَوَّلِ تَمَّ بدونِ التّالي لَهُ.

29. التَّقْسيمُ:

هو استيفاءُ المتَكَلِّم أقْسامَ الْمَعنى الّي هو آخِذٌ فيه ومِثْلُ ذلك قَولُهُ تعالى: (هو الّذي يُريكُمُ البَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا) لَيْسَ في رُؤْيَةِ البَرْقِ غَيْرُ الخَوْفِ من الصَّواعِقِ والطَّمَعِ في الأَمْطار ولا ثالثَ لهذين القِسْمَيْنِ.

قال الشّاعر الفِلسطينيّ عبدُ الرّحيمِ مَحْمود:

سأحْمِلُ روحي على راحتي وأَمْشي بِها في مَهاوي الرَّدى

فإمّا حَياةٌ تُسِرُّ الصَّديقَ وإمّا مَمَاتٌ يُغيظُ العِدا

ولا يوجد شَيءٌ غيرُ الحَياة أوِ الْمَوْت.


*216*

30. التّكرار (التّكرير) Repetition:

لغويًّا إعادة اللَّفظِ: حَرْفًا، أَو مَقْطعًا أوْ كلِمَةً، أوْ جُمْلَةً ويكوُن للتَّأْكيد، أوْ لتَقْوِيةً المعنى أو لتنويع معاني بعد المعنى الأوَّل كتكرير الخنساء لعبارة: تبكي خُناسٌ، فكلّ مَرّةٍ يوجَد تفسيرٌ آخر للبكاء.

31. تَكرارُ الصَّدارَة (Anaphora):

تَكرارُ الكَلِمَةِ أو العِبارَةِ الأُولى في أَبْياتٍ أَوْ جُمَلٍ مُتَتَالِيَةٍ لِغَرَضٍ بَلاغِيٍّ، مثالُ ذلكَ الحَديثُ الشّريفُ: (من كانَ يؤمنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَه، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ باللهِ واليْومِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلى جارِهِ، وَمَنْ يُؤْمِنُ باللهِ واليَوْمِ الآخِر فَلْيَقُلْ خَيرًا أَوْ لِيَصْمُتْ).

32. تَكرارُ النِّهايَة (Epistrophe) أو (Epiphora):

وهو أن تَنْتهي عدَّةُ جُمَلٍ أَوْ عباراتٍ بِنَفْسِ الكَلِمَةِ أَو العِبارَةِ وذلك بقَصْدِ التّقرْيرِ في نَفْسِ السّامِعِ، مثالُ ذلك قولُهُ تَعالى: (فَبِأيّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانْ) في ختامِ الآياتِ من (سورةِ الرّحمن). ومثل قصيدة: البئر المَهجورة ليوسف الخال.

33. التَّلْميحُ:

هو أنْ يُشير ناظِمٌ في بَيْتٍ إلى قِصَّة مَعْلومَةٍ أَوْ نُكْتَةٍ مَشْهورَةٍ أو بَيْتِ شِعْرٍ حُفِظ لِتَواتُرِهِ أَوْ إِلى مَثَلٍ سائِرٍ يُجريهِ في كَلامِهِ على جِهَةِ التَّمْثيلِ، وأَحْسَنُهُ وأَبلَغُهُ ما حَصَل به زيادَةٌ في المَعْنى، وسَمّاهُ قومٌ (التّمْليحُ) بتقديم الْمِيم، كأَنَّ النَّاظِمَ أتى في بَيْتِهِ لنُكْتَةٍ زادَتْهُ مَلاحةً. قال ابنُ المعتَزِّ:

أَتَرى الجيرةَ الّذين تَداعَوا عندَ سيرِ الحَبيبِ وقتَ الزَّوالِ

عَلِموا َأنّني مُقيمٌ وَقَلْبي راحلٌ مِنْهُمُ أمامَ الجِمالِ

مثل صاعِ العَزيز في أرْحُلِ القَوْمِ ولا يَعْملونَ ما في الرِّحالِ

والتَّلْميحُ هنا بِصَاع يوسُفَ الصِّدِّيقِ.

34. التَّهَكُّمُ:

هو الهَزْلُ الّذي يُرادُ به الجِدّ، والتَّهَكُّمُ في الأَصْل التَّهَدُّمُ، يُقال تهكَّمَتْ البِئْرُ إذا تَهَدَّمَتْ، وَتَهَكَّمَ عليه إذا اشْتَدّ غَضَبُهُ، والمتهَكِّم، الْمُحْتَقِر، واصْطلاحًا: هو الإتْيانُ بلَفْظِ البِشارَةِ في مَوْضعً الإنذارِ، والوَعْدِ في مكانِ الوَعيدِ. والمدِح في مَعْرضِ الاسْتِهْزاء.


*217*

أمثلة:

قال تعالى: (بَشِّرِ الْمُنافقين بأنَّ لهم عَذابًا أَليمًا) (النساء:138). وقال تعالى☹ ذُقْ إنَّكَ أنْتَ العَزيزُ الكَريمُ) (الدُّخان:49).

وقال عنترة:

ومُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نزالَهُ لا مُمْعِنٍ هَرَبًا ولا مُسْتَسْلِمِ

جادَتْ له كَفّي بعاجِلِ طَعْنَةٍ بمُثَقَّفٍ صَدِقِ الكُعوبِ مَقَوّمِ

وقالَ أبو تمَّامٍ:

تِسْعونَ أَلْفًا كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ جُلودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التِّينِ والعِنَبِ

35. التَّوازُنُ:

هو أَنْ تَتَوافَقُ كُلُّ جُملتين أوْ فاصلتين من الكلام في الوزن، وإن لم تَتَوافَقا بالْمُساجَعَة والتَّقْفِيَةِ أي في أواخرِ الحُروفِ.

قال تعالى: (ونَمارقُ مَصْفوفَةٌ، وَزَرابِيُّ مبثوثَةٌ) (الغاشِيةُ: 16،15)، يُلاحَظُ التَّوافقِ في الوَزْنِ بين (مَصْفوفَةٌ، ومَبْثوثَةٌ) على اخْتلافِ الحَرْف الأَخيرِ، والغَرَضُ مِنْه تَحْسينُ اللَّفْظِ عند النُّطْقِ به، وإضْفاءُ نوعٍ من الموسيقى اللّفظيّةِ تشبِهُ الشِّعْرَ ولَيْسَتْ من الشِّعْرِ. والتَّوازن يَحْسُنُ في النَّثْرِ ولا يَحْسُن في الشِّعْرِ.

36. التّوْرِيةُ:

أن يَذْكُرَ المتَكلِّمُ لفظًا مُفردًا له مَعْنَيان: قَريبٌ ظاهِرٌ غيرُ مُرادٍ، وبَعيدٌ خَفِيٌّ هو الْمُرادُ، مِثْل:

وَرَوى النُّعْمانُ عن مَاءِ السَّما كيفَ يَرْوي مالِكٌ عَنْ أَنَسِ

التَّورِيَةُ في كَلِمةِ (النُّعمان) المَعْنى القريبُ الظَّاهِرُ الْمَلِكُ النُّعمان وماءُ السَّما: والُهُ.

والْمَعْنى البَعيد الخَفِيُّ هو شَقائِقُ النُّعمانِ وماءُ السَّما: المَطَرُ.

37. الجناسُ:

أنْ يَتَشابَهَ اللّفظان في النُّطْقِ وَيخْتَلِفانِ في الْمَعنى وهو نَوعان:

1. تامٌ: وهو ما اتَّفَق فيه اللَّفظانَ في أُمورٍ أَرْبَعة هي:

1. نَوْعُ الحُروفِ.

2. شَكْلُ الحُروف.

3. عَدَدُ الحُروفِ.

4. تَرتيبُ الحُروفِ مِثل: يَحْيى وَيحْيا الأُولى اسْم والثّانيةُ فِعْل (يعيش).


*218*

2. غَيْرُ تامٍّ: ما اخْتَلَفَ فيه اللّفظانِ في واحدٍ من الأُمور الأَرْبَعة مِثل:

- الاختلاف بِشَكْلِ الحُروفِ، مثل: صَبابَةٌ وصُبابَةٌ - الأولى العِشْق والثّانِيةُ بَقيةُ في الإناءِ.

-الاخْتِلافُ بعَدَد الحُروفِ، مثل: الجَوى والجَوانِحِ - الأُولى الحُرْقَة وشِدَّةُ الوَجْدِ والحُزْن، والثّانِيَةُ الأَضلاعُ.

- الاخْتِلافُ بتَرتيبِ الحُروف مثل: قالَ تَعالى حِكايةً عن هَرون يُخاطِبُ موسى – (خَشيْتُ أنْ تقولَ فرَّقْتَ بَيْنَ بَني إسْرائيلَ)، فالِناس في كَلِمتَيْ بَيْنَ وَبَني تَخْتلفان في تَرتِيبِ الحُروف.

38. حُسْنُ التَّعليلِ:

أن يَذْكُرَ الأَديبُ صَراحَةً أو ضِمْنًا عِلَّةَ الشَّيء الْمَعْروفَةِ. ويأْتي بعِلّةٍ أَدَبِيَّةٍ طَريفَةٍ تناسِبُ الغَرَضَ الّذي يَقْصِدُ إِليه، مِثْل: قال شاعِرٌ يَمْدحُ ويعلِّلُ لِزِلْزالٍ حَدَث في مِصْرَ:

ما زُلْزِلَتْ مِصْرُ من كيدٍ يُرادُ بِها وإنَّما رَقَصَتْ من عَدْلِهِ طَرَبا

فحُسْنُ التَّعليلُ يَتَمَثَّلُ في الإنْصرافِ عن سَبَبِ الزِّلْزالِ الّذي هو جَيولوجِيٌّ وتفسيرُهُ كأنّ الأرْضَ تَرْقُصَ من عَدْلِ الحاكم.

39. حُسْنُ الخِتامِ:

هذا النَّوعُ يَجِبُ على النَّاظِمِ والنَّاثِرِ أنْ يَجْعلاه خَتِمَةً لكلامِهِما، ولا بُدَّ أنْ يُحْسِنا فيه غايَةَ الإِحْسان، فإنّه آخِرُ ما يَبْقى في الأسْماعِ، ورُبَّما حُفِظَ من دونِ سائِرِ الكَلام في غَالِبِ الأَحْوالِ، فلا يَحْسُنُ السُّكوتُ على غَيْرِه. وهكذا جاءَتْ خواتِمِ السُّورِ في القُرآن الكريمِ، وَنُمَثِّل لذلك بسورَةِ الزَّلْزَلَةِ: قال تعالى: (إذا زُلْزِلَتِ الأَرَضُ زِلْزالَها، وأخْرَجِتِ الأَرْضُ أَثْقالَها، وقالَ الإنْسانُ مالَها؟ يَومئذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها، بأنَّ رَبَك أوْحى لَها، يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أشْتاتًا، ليُرَوْا أعْمالَهُم، فمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه، ومن يَعْملْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه).

قال أبو العَلاءِ المعَرِّيُّ في خِتامِ قصيدَةِ (غيرُ مُجدٍ في مِلّتي واعْتِقادي)

واللّبيبُ اللَّبيبُ مَنْ لَيْسَ يغتَرُ بِكَوْنٍ مَصيرُهُ للْفَسادِ


*219*

40. الحجازيّات:

قَصائدُ ومقطّعاتٌ للشَّريفِ الرَّضيّ يُوردُ فيها أسماءَ مواضِعَ بالحجاز، انتخبها أبو عَمْرو زكريّا بن أَبي جَعْفرٍ محمَّدٌ بنُ أَبي القاسِمِ الكمّونيّ كان حَيًّا سنة 618ه (1221م). ويظهرُ في ديونِهِ مقطوعاتِ توضيح (لواحِقُ الحجازيَّات) أي الأَشعار التي أُلْحِقَتْ فيما بَعْد بالحجازيّات.

41. الخَبَرُ:

(الكلامُ الخَبَريّ) ما يَصِحُّ أنْ يُقالَ لقائِلِه صادِقٌ أوْ كاذِبٌ مِثْلُ: (هذا الكِتابُ مُفيدٌ) أَو (النَّجاةُّ في الصَّبْرِ).

42. الخُطْبَةُ الْلّاذِعةُ (Diatribe):

خُطْبَةٌ تتضَمّنُ ذَمًّا لِشَخْصٍ أَو جَماعةٍ أَو عَمَلٍ أَدَبِيٍّ، تَكونُ عادَةً شَديدةَ اللّهْجَةِ. مِثالُ ذلك خُطْبَةُ الحَجّاجِ بْنِ يوسُفَ الثَّقَفِيِّ لأَهلِ العِراق.

43. الخُطْبَةُ الْمُثيرةُ (Harangue):

كلامٌ حَماسِيٌّ يوجّهُ إِلى جَمْعٍ من النّاس لدَفْعِهِمْ إِلى الإِتْيان بعَمَلٍ ما. مثلُ ذلكَ خُطْبَةُ طارِقِ بْنِ زياد بعدَ أَنْ أَحْرَقَ سُفُنَ جَيْشِهِ وقالَ: (العَدُوُّ أَمَامَكُمْ والبَحْرُ وراءكَمْ).

44. الذّئْبيّات:

قصائد أو أجزاء من قَصائِد نظَمَها شُعَراءِ وَصَفوا فيها لقاء الذئبِ ليلًا، وما دارَ بينهم وبينَ الذّئْب، وأشهرُ ما قيلَ في هذا المَوْضوع: أبيات في معلّقَةِ امْرِئِ القَيْس ومقطوعة شعريّة للمُرَقّشِ الأكبر (شاعرٌ جاهليّ) والنّص المطلوب (بين الشاعر والذئب) للفَرَزْدق وقصيدَةُ لقاءِ الذِّئب للبُحْتُرِيّ وهي قصيدةُ طويلةٌ يَصِفُ لقاءَهُ الذّئبَ وكيفَ قَتلَهُ وشَواهُ وأكلَهُ.

45. الرّويّ (Rhyming Letters):

هو أحد أحرُفِ القافِيَةِ الّذي تُبنى عليه القصيدة، ويتكرّرُ بتكرّرِ الأبياتِ كُلِّها في النّصّ، أوْ في مَقْطَعٍ مِنْهُ، إذا كانَ النّصّ مكوّنًا من مقاطِع، وغالبًا ما يكونُ هذا الحَرْفُ من الصَّوامتِ لا من الصَّوائت قد تُنسبُ القصيدَة إلى حرفِ الرّويّ فيقال: قصيدة نونيّة إذا كانَ حرفُ الروِيّ نونًا، كنونيّة ابن زيدون، وسينيّة كقصيدة البُحْتُريّ في


*220*

وَصْفِ إيوانِ كِسرى. وبائيّة كقصيدَةِ أبي تمّام (فتح عموريّة).

46. رَهينُ الْمَحْبَسَيْنِ (Rahinul - Mahbisayn):

هو لَقَبٌ أطْلَقَهُ أَبو العَلاءِ المَعَرِّيّ (449 هجريّة) على نَفْسِهِ حينَما عادَ مِنْ بَغْدادَ إِلى الْمَعَرَّةِ سنةَ 400ه، واحْتَجَبَ في مَنْزِلِهِ عن النّاسِ إِلّا عن تَلامِيذِهِ. والْمَحْبَسانُ هما العَمَى والْمَنْزِلُ.

47. السَّجْعُ:

هو تَوَافق الفَاصِلَتَيْن في الحَرْفِ الَأخيرِ وأَفْضَلُهُ ما تَساوَتْ فِقَرُهُ، مِْلُ: الحُرُّ وَعَد وَفى، وإذا أَعانَ كَفَى، وإذا مَلَكَ عَفا.

48. السَّيْفيّات:

هي قصائِدُ المتنبّي التي قالها في مَدْح سَيفِ الدّولَةِ الحَمْدانيّ، وهي بحَسَبِ رأي النقّاد قوى وأجمل قصائد المتنبّي. وهي مطّعمة دائمًا بفخر المتنبّي بمستواه الشعريّ أَو اللَّغويّ، وتتضَمَّن أحيانًا عتابًا وتظلّمًا. كقصيدة (بم التّعلُّل) أوْ قصدية واحَرَّ قلباه.

49. الطِّباقُ:

الجَمْعُ بين الشَّيءِ وَعَكْسِهِ بالكَلامِ، وهو نَوعان:

1. طِباقُ الِإيجابِ: وهو ما لَمْ يَخْتَلِفْ فيه الضِّدْانِ إيجابًا وَسَلْبًا مِثل: قال تعالى": (وتَحْسَبُهُم أيْقاظًا وهم رُقودٌ)، وكذا كُلُّ مُتناقِضَين، مثل: طويلٌ وقصيرٌ، حُلوٌ ومُرٌّن مُضيءٌ ومُظْلِمٌ وغيرُ ذلك.

2. طِباقُ السَّلْبِ: وهو ما اخْتَلَفَ فيه الضِّدانِ إيجابًا وَسَلْبًا مِثْل:

يُنْكِرُ ولا يُنْكِرُ، قال تَعالى: (وَيَسْتَخْفونَ من النَّاسِ ولا يَسْتَخفونَ من الله)، وواضِحٌ أَنَّ هذا النَّوعَ يُتَوَصَّلُ إِليه باسْتعمالِ كَلِمَةٍ وَنَفْيها بِحَرْفِ نَفْيٍ.

50. الغُلُوُّ:

هو الإفراطُ في وَصْفِ الشَّيءِ بالمسْتَحيلِ وُقُوعُهُ عَقْلًا وعادَةً وهو يضنْقَسِمُ إلى قِسْمَيْنِ مَقْبولٍ وغَيرِ مَقْبولٍ، فالمقبولُ لا بُدُّ أنْ يُقِرَّ به النَّاظِمُ إلى القَبولِ بأَداةِ التَّقريب، ماله: قال تعالى☹ يَكادُ زَيْتُها يُضيءُ ولو لَمْ تَمْسَسْهُ نار) (النور: 35) فإنّ إضاءَةَ الزَّيْتِ من غيرِ مَسِّ النَّارِ مُسْتَحيلَةٌ عَقْلًا، ولكنَّ لَفْظَهُ (يكادُ) قَرَّبَتْهُ فَصارَ مَقْبولًا وقالَ أبو العلاء المَعَِّيّ:


*221*

تَكادُ قُسِيُّهُ من غَيْرِ رامٍ تُمَكِّنُ في قلوبِهُمُ النِّبالا

تَكادُ سُيوفُهُ من غَيْر سَلٍّ تَجِدُّ إلى رقابِهُمُ انْسِلالا

51. القافية (Rhyme):

سُميّتْ القافية قافية لأنّ الشّاعِرَ يقفوها، أيْ يَتْبعُها، فتكونُ القافيةُ بمعْنى (مَقْفوة). وهي على رأي الخليلِ بنِ أحمدَ (100 ه - 170 ه) آخر ساكنين في البَيْتِ وما بَيْنهما، والمتحرّكُ قَبْلَ أَوّلهما. وهي عند الأخْفَشِ الأَوسط (215 ه) آخرُ كلِمةٍ في البَيْتِ فقافيةُ البَيْتِ الآتي:

البَيْتِ فقافيةُ البَيْتِ الآتي:

أنتَ على ما لَكَ من مروءَةٍ رَمَيْتَ بالغَدْرِ أحَبَّ مَنْ وَفى

رأي الخَليلِ: (مَن وفى) وعند الأخفش (وفى).

52. القَصْرُ:

هو تَخصيصُ أَمْرٍ بآخر بِطَريقٍ مَخْصوصٍ وَيَكونُ بِطَريقَةٍ مِنْ أَرْبع طُرُقٍ:

1. النَّفْيُ والاسْتِثْناءُ - لا يَفُوزُ إِلّا المُجِدُّ.

2. باسْتعمال إنَّما - إنَّما الحَياةُ تَعَبٌ.

3. العَطْفُ بِلا، أَوْ بَلْ، أو لَكِنْ مثل:

الأَرْضُ مُتَحَرّكَةٌ لا ثابِتَةٌ (العَطْفُ بِ لا).

ما الأَرْضُ ثابِتَةٌ بَلْ مُتَحَرِّكَةٌ (العَطْفُ بِ بَل).

ما الأَرْضُ ثابِتَةٌ لكنْ مُتَحَرِّكَةٌ (العَطْفُ بِ لكنْ).

4. تَقديمُ ما حَقُّه التَّأخيرُ: على الرّجالِ العاملين نُثْني، قُدّمَ على الرِّجال، فالأصْلُ نُثْني على الرِّجالِ العامِلين.

53. القَصيدَةُ (Poem):

القَصيدةُ في الأَدَبِ العربيّ مَجْموعةٌ من الأَبْياتِ الشّعريّةِ مُتّحدةٌ في الوَزْنِ والقافيةِ والرّويِّ. وكانَ من عادَةِ الشُّعراءِ الجاهلّيين أَنْ يَفْتَتحوا مُطوّلاتِ قصائدهم بالنَّسيبِ وذكرِ دِيارِ الأحِبّةِ، والوقوفِ ولبكاءِ على الأطلالِ. مثل امرئِ القيسِ وعنترة، وزهير، وغيرهم. وبعد ذلك ينتقلونَ إلى مواضيعَ أخرى ضمن القصيدة الكاملة. والرأيُ السّائد أنّ القصيدةَ تكونُ من سَبْعَةِ أبياتٍ فأَكْثر.


*222*

54. الكافوريّات:

هي القصائدُ التي قالها المتنبّي في مَدْحِ أَو هِجاءِ كافورٍ الإخشيديّ الذي حكم مِصْرَ (21) سنةً وتوفّي سَنة 357ه، وكانَ يذكرُهُ في شعره بكنيةِ (أبو المِسْك).

55. الكِنايَةُ:

لَفْظٌ أَطْلِقَ وأُريدَ به مَعْناه، مَع جَوازِ إِرادَةٍ ذلك الْمَعنى، ودائمًا يَخْتفي وراءَ ذلك اللَّفْظ الْمَعنى الحقيقِيُّ الّذي نُريدُهُ مثل: قالتِ الخَنْساءُ:

طَويلُ النِّجادِ، رفيعُ العِمادِ، كثيرُ الرَّمادِ.

فَطَويلُ النِّجاد أَيْ طَويلُ حِمالةِ السَّيف يَعْني أَنَّه قَويٌّ.

وَرفيعُ العِمادِ أيْ أَعْمدَةُ خَيمَتِهِ مَرْفوعَةٌ – يَعْني أَنَّه كريمٌ يَسْتَقْبِلُ الضُّيوفَ. وكَثيرُ الرَّمادِ، الرَّمادُ يَدلُّ على بَقايا النَّارِ، فهوُ كثيرُ تَحْضيرِ الطَّعامِ، أيْ أنَّه كَريمٌ مِضْيافٌ.

56. لزومُ ما يَلْزم:

هو نَوْعٌ من المُحسِّناتِ اللّفظِيَّةِ يكونُ بأنْ يُسْبَقَ الرَّوِيُّ (آخر حرفٍ في القَافِيَةِ) أو في آخرِ الفَاصِلَةِ المسْجوعَةِ في النَّثْرِ بحَرْفٍ يَتَكَرَّرُ أو بِحَرْفَينِ أَوْ أَكْثَر من غَيْر لزومٍ أَوْ ضَرورَةٍ، وَيَبْدو أَنّ هذا الأُسْلوبَ قد انْطَلقَ من عَمَلِ أَبي العَلاءِ الْمَعَرِّيِّ في ديوانِهِ (اللّزومِيَّاتِ) وَتَبِعَهُ مِنْ بعدِهِ آخرون، ومن أمثلته:

قال الْمَعَرِّيُّ:

وَدَعْ ضَرَبَ النَّحْلِ الّذي بَكَّرَتْ لَهُ كواسِبَ من أَزهارِ نَبْتٍ فوائِحِ

فما أَحْرَزَتْهُ كي يكونَ لغيرِها ولا جَمَعَتْهُ للنَّدَى والْمَنائِحِ

الضَّرَب: العَسَل.

فنحن نرى أَنَّ الأحْرُفَ فائح تَتَكَرَّرُ من غَيْر ضَرورَةٍ.

57. المبالغةُ: Hyperbole:

بلوغُ الشّاعِرِ حَدًّا مُسْتحيلًا في الشِّدَّة أو في الضَّعْف زيادَة عن الحدِّ المأْلوفِ، والمَعْروفِ، وَرآهُ البعضُ جَميلًا حيثُ قالوا: أحسنُ الشّعرِ أكْذَبُه. كقولِ المتنبيّ في قصيدةِ: (لكلّ امْرئٍ من دَهْرِهِ ما تَعَوَّدا)

وما الدّهرُ إلّا مِن رُواةِ قصائدي إذا قُلْتُ شِعْرًا أَصْبحَ الدّهرُ مُنْشِدا

وقوله في وصفِ الأسَدِ الّذي قَتَله (بَدْرُ بن عَمّار).


*223*

وردٌ إذا وَرَدَ البحيرَةَ شارِبًا وَرَد الفُراتَ زئيرُهُ والنِّيلا

فجعل زئيرَ الأسد بالقُرب من بحيرةِ طبريّا يَصلُ نَهْرَ الفراتِ ونَهْرَ النّيل.

58. المشترَكُ اللّفظِيُّ (Homonym):

هو اللّفظُ الواحِدُ الّذي يَدُلُّ على أَكَثَرَ مِنْ معنًى واحِدٍ. كالعَيْنِ فإنّها تُطْلَقُ على العَيْنِ الجَارِيةِ والعَيْنِ الْمُبْصِرَةِ، كما تُطْلَقُ مَجازًا على الجَاسوسِ.

59. الْمُقَابَلةُ:

أَنْ يُؤْتَى بِمَعْنَيَيْن أوْ أَكْثر، ثمّ يُؤْتى بما يُقابلُ ذلك على التَّرْتِيبِ ِثْل: قَالَ خالدٌ بن صَفوانَ يصفُ رَجُلًا: لَيْسَ له صَديقٌ في السِّرِّ ولا عَدُوٌّ في العَلانِيَةِ، فالْمُقابَلةُ بين صَديقٍ وَعَدوٍّ وفي السِّرِّ والعَلانِيَةِ، وتأتي الْمُقابَلَةُ ف الشِّعْرِ كَقَولِ المُتَنَبّي:

أزورُهُمْ وسَوادُ اللَّيلِ يَشْفَعُ لي وأَنْثَني وبَياضُ الصُّبْح يُغْري بي

المقابَلَةُ بين الكَلِمات:

أزورُهُمْ - أَنْثَني.

سَوادُ اللَّيلِ - بَياضُ الصُّبْحِ.

يَشْفَعُ لي - يُغْري بي.

ونُلاحِظُ أنَّ المقابَلَة جاءَتْ بين ثَلاثِ كَلِماتٍ وما يُقابِلُها على التَّرتيبِ.

60. مُراعاةُ النَّظير:

يُسَمّى التَّناسُبَ والائْتِلافَ، والتَّوْفيقَ والمؤاخاةَ. وهو أَنْ يَجْمَعَ لنَّاظِمُ أو النَّاثِرُ أمْرًا وما يُناسِبُهُ، مع تَجَنُّبِ التَّضادِ لِتَخْرُجَ المطابَقَةُ، كَقول الشَّاعِرِ:

أَضْحى التَّنائي بَديلًا مِنَ تَدانينا وابَ عن طِيبِ لُقْيانا تَجافينا

بِنْتُمْ وَبِنّا فما ابْتَلَّتْ جوانِحُنا شَوْقًا إليكمْ ولا جَفَّتْ مآقينا ففي البيت الأوّل التّنائي نظيرُها التّجافي، والتّداني نظيرُها لُقْيانا وأضْحى نظريها نابَ وفي البيت الثّاني:

ابتلّتْ نظيرُها ولا جَفَّت، جوائِحُنا نظيرُها مآقينا.

قال بَعْضُ الشّعراء في آل النّبيِّ (ص):

أنتمْ بنو طه وَنُونُ الضُّحى وبنو تَباركَ في الكِتابِ الْمُحْكَمِ

وبنو الأباطحِ والمشَاعِرِ والصَّفا والرُّكْنِ والبَيْتِ العتيقِ وَزَمْزَمِ


*224*

طه والضُّحى (سورتان من القُرآن الكَريم) نظيرُهما تبارَكَ (سُورةٌ من القُرآن الكريمِ) الأباطِحُ، والمشاعِرُ والصَّفا (أماكِن) نظيرُها الرُّكْن والبَيْتُ العَتيق وَزَمْزَمِ.

61. الشعرُ الملحميُّ (Epical Poetry):

يُطلقُ هذا الاصْلأأ على القصائِدِ التي تُصَوّرُ أعمالَ البُطولَةِ، وتَخُصّ عادَةً بَطلًا هو مِحْوَرُ قصصٍ قَوْمِيّةٍ وَطَنيّةٍ. وتُعْتَبرُ مَلْحمتا هوميروس (الإلياذَة) و (الأُديسّا) مِنْ أَشْهرِ ما كُتِبَ في هذا البابِ، ثُمّ عُرِفَتْ مَلاحِمُ أُخرى مِثل الإنيادة للشّاعِرِ الإيطاليّ فرجيل، وكذلك الملحمةُ الفارسيّةُ الشّاهنامة للفِرْدَوسيّ، ومَلحمةُ جلجامِش السُومريّة، والمهابهارتا الهنديّةِ.

ويعتَبِرُ بَعضُ نُقّاد الأدَبِ العَرَبيّ والباحثون أَنَّ سيرةَ عنترةَ بنِ شَدّادٍ هي ملحمةٌ عربيّة، كذلك سيرَةَ (أبو زيدٍ الهلاليّ) لها مكانٌ ضِمْن هذا الفَنّ.

62. المُنْصِفات (Munsifat):

مُصطلحٌ يُقْصَدُ به القَصائدُ الجاهليّةُ التي لَمْ يُبدِّل قائلوها الحقائِقَ فيها، فيعترفون بهزيمَةِ أقوامِهم إنْ هُزِموا، وبفرارِهم إنْ وَلَّوا الأدْبارَ، ولا يَبْخلونَ علَى أَعدائِهم بوَصْفِ شجاعتهم، وبلائِهمْ في الحرُوبِ.

وفِي مُختاراتِنا يمكِنُ أنْ يَنْدَرِجَ المقطعُ الشِّعريّ من مُعَلَّقَةِ عَنْترةَ والّذي يَصفُ فيه قتالَه الجُنديَّ الشّجاعَ فيما يُطْلَقُ عليهِ (المُنْصِفات).

63. الوَزْن (Metre):

مجموعةُ الأنماطِ الإيقاعيّةِ للكلامِ المنظوم التي تتأَلّفُ من تتابعٍ مُعَيّن لمقاطِعِ الكلماتِ أوْ التي تَشْتمِلُ على عَددٍ ما من تضلكَ المقاطع اللغويِّ، ويتألّفُ من المقاطِعِ تَفْعيلاتٌ، ومِنْ هذهِ التَفعيلاتِ تتكوّنُ البحورُ الشعريّةُ.

64. الهاشِميّات (Hashimiyyat):

هي القصائِدُ الّتي نَظَمها الكُمَيْتُ بِنُ زَيدٍ الأَسَدِيِّ (216 ه) مَقُرِّرًا فيها مَذْهَبَ الزَّيْدِيّةِ الشّيعِيِ تّى لَيُخَيَّلُ لمن يقرؤُها أَنّهُ يقرأُ كِتابًا بُسِطَتْ فيه أصُولُ هذا الْمَذْهَبِ والدِّفاعُ عَنْهُ بالحِجَجِ والبراهينِز وهي قصائدُ تمتازُ بِصِدْقِ العاطِفَةِ وقُوَّةِ الحِجَجِ في بَيانِ حَقِّ الهاشِميّين الشَّرْعِيِّ في الخِلافةِ.

نهاية الكتابة