البَيان

في الأدب العربي الحديث

الشعر والنثر - الجزء الثاني

تأليف: عبد الرحيم الشيخ يوسف

المرحلة الثانوية

الوحدة الأولى في الأدب

حسب منهاج الأدب الجديد (2012)

لوزارة التربية

أصدار: شركة نيدا سنتر م. ض

وزارة التربية والتعليم

صفحات بخط عادي 10-372

الناسخة: سمر عواوده

المكتبة المركزية للمكفوفين

وذوي عسر القرائي

إسرائيل  تل أبيب  2020م

رقم التسلسل: 59596

يمنع نسخ أو نقل النسخة الملائمة معارضة لأوامر قانون تنسيق الاعمال والآداء، والبث للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة لعام 2014 تشكل خرقًا لحقوق المنتجين.

الفهرس

المقدمة

البابُ الأولُ صفحة 10

عصر النَّهضة صفحة 11

الكلاسيكية الجديدة صفحة 12

الكلاسيكية الجديدة في الأدب العربي صفحة 12

- محمود سامي الباروديّ صفحة 14

رُدّوا عليَّ الصِّبا صفحة 15

- حافظ إبراهيم صفحة 19

سوريّا ومصر صفحة 20

- خليل مُطران صفحة 24

قلعةُ بَعلبك صفحة 25

- عليّ محمود طه صفحة 29

غُرفة الشَّاعر صفحة 30

- أبو القاسم الشابيّ صفحة 34

من قصيدة نشيد الجَبّار صفحة 35

- محمّد مهدي الجواهريّ صفحة 40

أبو العلاء المعريّ صفحة 41

البابُ الثاني صفحة 45

الشِّعرُ الحُرّ

الشعر الحرّ صفحة 46

- بدر شاك السّياب صفحة 48

البابُ تقرعهُ الرّياح صفحة 49

- عبد الوهاب البيّاتي صفحة 54

ذكريات الطّفولة صفحة 55

- صلاح عبد الصّبور صفحة 61

حكاية قديمة صفحة 62

- أمل دُنقل صفحة 66

- الخُيولُ صفحة 67

- نزار قبّاني صفحة 76

أنا يا صدقة مُتعبٌ بعروبتي صفحة 77

قارئة الفنجان صفحة 81

البابُ الثالثُ صفحة 86

الشِّعر الفلسطيني حتى عام 1947 صفحة 87

- إبراهيم طوقان صفحة 88

الحبشيُّ الذَّبيح صفحة 89

- عبد الكريم الكرميّ – أبو سلمى صفحة 94

ابنةُ بلادي صفحة 95

البابُ الرَّابعُ صفحة 100

الشُّعراء العرب في إسرائيل

- محمود درويش صفحة 101

أنا يوسف يا أبي صفحة 102

ونحن نُحبّ الحياة صفحة 105

- توفيق زيّاد صفحة 108

نيران المَجوس صفحة 109

- فهد أبو خضرة صفحة 115

أيُّها القادم صفحة 116

- راشد حسين صفحة 120

إلى أطفال بلادي صفحة 121

- سميح القاسم صفحة 125

ليلا على بابِ فِدريكو صفحة 126

البابُ الخامس صفحة 131

المقالة الأدبية

فنّ المقالة صفحة 132

- محمد عليّ بديويّ

اسْتنساخ الأجنَّةِ: ثورة علمية. أم كارثة إنسانية صفحة 133

- إمام عبد الفتاح إمام صفحة 144

تشجَّع. واعرفْ! صفحة 145

البابُ السادسُ صفحة 153

القصة القصيرة صفحة 154

- يوسف إدْريس صفحة 157

حالةُ تلبُّس صفحة 158

التّمرين الأول صفحة 171

- الطيّب صالح صفحة 186

نخلة على الجدول صفحة 187

- مجيد طوبّيا صفحة 199

الرّواية والبراءة صفحة 200

- زكريا تامر صفحة 211

موتُ الشّعر الأسودِ صفحة 212

البابُ الثامن صفحة 319

المسرحية صفحة 320

- توفيق الحكيم صفحة 322

الطّعام لكلّ فمّ صفحة 323

براكسا أو مشكلة الحُكم صفحة 327

- سعد الله ونّوس صفحة 331

مغامرة رأس المَملوك جابر صفحة 332

ألفريد فَرج صفحة 336

الزير سالم صفحة 337

البابُ التاسع صفحة 341

المطالعة الحُرَّة

- حنان الشيخ صفحة 342

السَّجادةُ العجمية

- حيدر حيدر صفحة 346

النملُ والقاتُ

- حليم بركات صفحة 349

وجهٌ جديدٌ

كشّاف التَّعريفات صفحة 355

مقدمةُ الجُزء الثاني

هذا هو الجزء الثاني من كتاب (البيان)، وهو يشتمل على المادة المطلوبة من الأدب العربي الحديث: شعرا ونثرا، وهو تتمة للمادة في الجزء الأول من الأدب القديم شعرا ونثرا، وبذا تكتمل الحلقةُ، وهي المادة المطلوبة ضمن الوحدة الأولى في الأدب (الوحدة الإلزامية).

لقد ذكرتُ مُقومات هذا العمل ومنهجهُ في مقدمة الجزء الأول، أما في هذا الكتاب فإنني أرى من المفيد توضيح الأمور التالية:

1. في الأشعار العمودية اتبعت نفس الأسلوب الذي ساهم في بناء شخصية الجزء الأول وهو إحالة أسئلة المضمون وأسئلة الأسلوب إلى حيث تكمن الإجابة عنها في بيت أو أكثر بحسب الترقيم الظاهر في النص.

2. في الشعر الحُر أشرت إلى السطر أو الأسطر التي يمسها السؤال.

3. القصة القصيرة أو المقالة، تم تقسيم النص إلى فِقرات أو مقاطع، وتُتقصى الإجابة عن سؤال يوجه في الفِقرة أو المقطع بحسب الرقم المذكور في السؤال والذي يرجع إلى نفس الرقم الخاص بالبقرة أو المقطع.

4. في رواية ذاكرة الجسد، والسيرة الذاتية "ظل الغيمة" أشرت إلى الصفحة أو

الصفحات في الكتاب، حيث تُلتمس الإجابة.

5. في روايتي: "الطريق" لنجيب محفوظ، "ونهاة رجل شجاع" لحنا مينة، وضعت

عناوين فرعية داخلية، يُشار إليها وإلى الصفحات التي تضم مضامينها كمفاتيح للإجابة.

6. في المسرحيات: "الطعام لكل فم" "وبراكسا أو مشكلة الحكم" لتوفيق الحكيم، وفي مسرحية "الزير سالم" لألفريد فرج، عين الفصل، والصفحة أو الصفحات التي تُتقصى الإجابة فيها.

7. في مسرحية "مُغامرة رأس المملوك جابر" لسعدالله ونّوس، تحمل الأسئلة رقم الصفحة أو الصفحات التي تشتمل على الإجابة.

ولا بُد من التذكير بأن منهجي هذا يصح فيما إذا استعطت الكتب حسب الطبعة التي اعتمدتها والتي أشرت إليها في بدء التعامل مع كل كتاب وكتاب في حاشية الصفحة التي يظهر فيها موضوع أجواء النص.

هذا وبالله نستعين

المؤلف عبد الرحيم الشيخ يوسف


*10*

الباب الأول


*10*

عصر النهضة

شعراء النيوكلاسيكيّة:

1. الكلاسيكية الجديدة في الأدب العربي

2. محمود سامي الباروديّ

- رُدّوا عليَّ الهِّبا

3. حافظ إبراهيم

- سوريا ومصر

4. خليل مُطران

- قلعة بَعلبَكّ

5. عليّ محمود طه

غُرفة الشاعر

6. أبو القاسم الشّابي

- من قصيدة نشيد الجَبّار

7. محمّد مهدي الجواهري

- أبو العلاء المعرّي


*11*

عصر النّهضة


*11*

بدأ بنزول نابليون الفرنسي وجيشه أرض مصر سنة 1798 م/ 1213 ه، ويمتد إلى يومنا هذا (انظر فهرست موضوعات كتاب الجامع في تاريخ الأدب العربي، حنا الفاخوري، 2 ط (1)، دار الجيل، ص 313. 715).

بواعث النهضة الحديثة:

يرى معظم مؤرخي الأدب العربي (انظر مثلا كتب تاريخ الأدب العربي لجرجي زيدان وحنا الفاخوري وأحمد الفاضل). أن عصر النهضة مقرونة بدايته باتصال أو احتكاك الشرق العربي بالغرب، أولا في لبنان، بسبب موقعه الجغرافي، ثم في مصر عقب حملة نابليون عام 1798 م، ووصفت حملة نابليون بأنها أتت بالأديب والشاعر والطبيب والفيلسوف، الأمر الذي يُعيد إلى الأذهان مواصفات حملة الإسكندر المقدوني على مصر.

أنشأ الفرنسيون في مصر مدرستين ومجمعا علميا ومكتبة قيمة وصحيفتين ناطقتين بلسان الحملة والمجمع العلمي، وعُنيت هذه المنشآت بنبش التراث الفرعوني وتعزيز العلوم والفنون وتنمية روح البحث والتنقيب في شتى الميادين.

لقد تلاحقت عبي حملة نابليون المذكورة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والوطنية في مصر وفي لبنان وفي سوريا وكانت سببا في ظهور عوامل النهضة الحديثة وبواعثها التي أنتجت حركات! وتطورات أدبيه متنوعة في جميع الأنواع الأدبية شعرًا ونثرًا وكذلك مسرحية نثرية بالذات. (راجع تفصيل ذلك في جرجي زيدان، تاريخ آداب اللغة العربية، دار الفكر اللبناني ط 1، 2009، ص 376 وما بعدها.)


*12*

الكلاسيكية الجديدة (Neo Classicism)


*12*

الكلاسيكية (Classicism):

اتّجاه ظهر في الأدب الأوروبي منذ عصر النهضة وحتى أواخر القرن الثامن عشر أو منتصف القرن العشرين على رأي آخر، ونادى بالرجوع إلى الأدب القديم من إغريقي وروماني، واستلهام الأساليب والمعايير التي كان عليها ومحاكاتها كما هي، وقد برزت عدة نقاط كانت مثار الجدل والتعاطي حين ساد هذا الرأي مثل: أغراض الشعر وآثاره، أهمية الفن والفطرة في الإبداع الأدبي، وتعيين دور العقل والخيال في الإبداع الأدبي، ومن مبادئ هذه النزعة: ضرورة الالتزام بالتقاليد وبمعايير القدامى كونها لا تضاهى وأن الأدب متعدد الأجناس وكل جنس له خصائصه وقواعده (عبد الرحيم شيخ يوسف وآخرون: المعجم الوافي، مجمع القاسمي، مكتبة الطالب، أم الفحم، ط1، 2013، ص 220.).

الكلاسيكية الجديدة في الأدب العربي


*12*

من الواضح أن الأدباء وبخاصة الشعراء لم يسارعوا إلى التأثر بأي مذهب، من المذاهب الأدبية الأوروبية (M.M.Badwi: a critical introduction to modern Arabic poetry, Cambridge university, press, 1975, p14.)، فقد اعتبروا أن الأدب العربي والشعر العربي من الإتقان والجمال بحيث يأنف أو يتكبر عن الانجرار إلى غيره، وبقي الوضع القديم الكلاسيكي مع بعض التعديلات "نيوكلاسيكي" قائما ومسيطرا حتى سنة 1947 حين كتبت الشاعرة نازك الملائكة قصيدتها المعروفة "الكوليرا"، وكان من أهم رواد الكلاسيكية الجديدة في الأدب العربي: أمير الشعراء أحمد شوقي، وشاعر القطرين خليل مطران، وشاعر النيل حافظ إبراهيم، وبشارة الخوري، وعمر أبو ريشة، وإيليا أبو ماضي. ويعتبر النقاد ودارسو الأدب العربي أن محمود سامي البارودي (وهو موضوعنا في هذا الباب وسنفصل فيه القول وندرس أبياتا له لاحقا) يعتبرونه رائد الشعر العربي الحديث وإمام النيوكلاسيكية في الأدب العربي، وأهم خصائص الكلاسيكية الجديدة في الأدب العربي هي:

- المحافظة على القوالب القديمة كالقصيدة العمودية حسب البحور الخليلية.

- استعمال ومعالجة مواضيع جديدة في الأدب والشعر كقضايا الشعب، من تعليم،


*13*

وإنشاء مدارس، وتلاحم وطني وغير ذلك.

- المحافظة على متانة الأسلوب وعدم الجنوح إلى تعابير وألفاظ ركيكة مع تجنب ما يسمى حوشي الكلام وغريبه.

- المشاركة في وصف المعاناة البشرية كالفقر، والكوارث الطبيعية مثل الزلازل والأوبئة.

- رفض مظاهر الاستبداد ومقاومة الاحتلال الأجنبي للبلاد العربية وما أطلق عليه الاستعمار.


*14*

محمود سامي البارودي (1839-1904)


*14*

من رواد الكلاسيكية الجديدة ورائد الشعر العربي الحديث

يرجع نسب أجداده إلى المماليك، أما تسمية البارودي فتعود إلى إيتاي البارود بمحافظة البحيرة شمال القاهرة، تيتم في سن السابعة من عمره، وتعلم بعناية أقاربه، وكان خريج المدرسة الحربية، سرح من الجندية في عهد عباس الأول، فدفعه ذلك إلى معالجة أفكاره وإظهارها، وبث لواعجه عن طريق كتابة الشعر، فأتقنه وحفظ دواوين الفحول من الشعراء.

بعد تخرجه من المدرسة الحربية سافر إلى تركيا (القسطنطينية) ولبث فيها إلى أن زارها إسماعيل باشا (والي مصر بعد والده محمد على من قبل العثمانيين)، فتعرف على البارودي وقرب منه، فضمه إلى حاشيته وأصبحت له مكانة أثيرة عنده.

وعندما اندلعت ثورة عرابي سنة 1882 استعان توفيق بالإنجليز، أما البارودي فقد انضم إلى الثورة، ولما أخفقت الثورة حوكم وحكم عليه بالنفي إلى جزيرة "سرنديب" المشهورة باسم سيرالانكا (جزيرة كبيرة في المحيط الهندي، جنوب الهند.)، فظل فيها سبعة عشر عاما يتغنى بآلامه وغربته، وهنالك تعلم الإنجليزية وأخذ يؤلف مختاراته من الشعر القديم، فجمع لثلاثين شاعرا عيون قصائدهم وأشعارهم وعاد إلى مصر سنة 1900 بعد أن صدر عنه العفو، فصار بيته منتدى الأدباء والشعراء إلا أن حياته لم تطل، فقد توفي سنة 1904، ولم يكن ديوانه قد طبع ولا مختاراته فطبعتها أرملته (شوقي ضيف: الأدب العربي المعاصر في مصر، دار المعارف بمصر، طبعة 5، 1961، ص 83-86.).


*15*

ردوا عليَّ الصبا


*15*

محمود سامي البارودي

ردوا علي الصبا من عصري الخالي وهل يعود سواد اللمة البالي؟ (البيت الأول لم يرقم لأنه غير مطلوب وأثبتناه لنبين مطلع القصيدة وظاهرة التصريع في المطلع.)

1. لا عيب في سوى حرية ملكت أعنتي عن قبول الذل بالمال

2. تبعت خطة آبائي؛ فسرت بها على وتيرة آداب وآسال

3. فما يمر خيال الغدر في خلدي ولا تلوح سمات الشر في خيالي

4. قلبي سليم، ونفسي حرة، ويدي مأمونة، ولساني غير ختال

5. لكنني في زمان عشت مغتربا في أهله حين قلت فيه أمثالي

6. بلوت دهري؛ فما أحمدت سيرته في سابق من لياليه، ولا تال

شرح الكلمات:

اللمة: ما جاوز شحمة الأذن من شعر الرأس، والمراد شعر الرأس مطلقا. البالي: اسم فاعل من بلي الثوب أي اهترأ ورث وقد لمح إلى سواد الشعر في فترة الصبا ككناية عن الشباب الغض.

1. أعنتي: جمع عنان وهو سير اللجام أي حبل اللجام الذي تمسك بواسطته الدابة. الذل: المهانة.

2. خطة آبائي: سيرة آبائي وسنة حياتهم، الآباء: هنا كناية عن الأصل. وتيرة: طريقة دائمة. آسال: شبه وعلامات وأخلاق وشمائل، يقولون: فلان على آسال من أبيه أي على شبه منه، وتأسل أباه: أشبهه واقتدى به وتخلق بأخلاقه.

3. يمر الخيال: يخطر بالفكر. الخلد: الفكر، البال، القلب، النفس.

4. قلبي سيلم: يريد سيلم من الآفات والنقائص كإضمار الشر والحقد والحسد والضغينة. يدي مأمونة: أمينة يوثق بها ويطمأن إليها. غير ختال: غير خداع.

6. بلوت: اختبرت، امتحنت. ما أحمدت سيرته: لم أجد سنته وخطته محمودة يشكر عليها. السابق والتالي: كناية عن الماضي والمستقبل ويريد جميع الأوقاب.


*16*

7. لم يبق لي أرب في الدهر أطلبه إلا صحابة حر صادق الخال

8. لا في "سرنديب" لي إلف أجاذبه فضل الحديث، ولا خل؛ فيرعى لي

9. إذا تلفت لم أبصر سوى صور في الذهن، يرسمها نقاش آمالي

10. أصبحت لا أستطيع الثوب أسحبه وقد أكون وضافي الدرع سربالي

11. ولا تكاد يدي تجري شبا قلمي وكان طوع بناني كل عسال

12. فإن يكن جف عودي بعد نضرته فالدهر مصدر إدبار وإقبال

13. فانظر لقولي تجد نفسي مصورة في صفحتيه؛ فقولي خط تمثالي

شرح الكلمات:

7. الأرب: جمع إربة وهي الحاجة والغرض والمطلب. صحابة: يقصد مصاحبة، معاشرة. صادق الخال: صادق الظن وأتوسم فيه الخير فتصدق فراستي به وأراه عند حسن ظني.

8. "سرنديب": جزيرة في المحيط الهندي، مجاورة للهند، وإليها نفي الشاعر البارودي صاحب النص الذي ندرسه.

9. الذهن: المخيلة، العقل. نقاش: صيغة مبالغة من نقش الشيء أي لونه وزينه بأكثر من لون.

10. الضافي: السابغ، الطويل، التام، ضفى الثوب: اتسع وطال إلى الأرض. الدرع: قميص من زرد الحديد يلبسه المحارب وقاية لنفسه من سلاح العدو. السربال: القميص أو كل ما يلبس.

11. شباة القلم: رأسه، سنه. البنان: أطراف الأصابع، ويقولون: هو طوع بنانك أي منقاد لك وخاضع. العسال: الرمح اللدن أي الطري (لأنه لا ينكسر).

12. جف عودي: أي صغر جسمي ونحلت وضعفت. النضرة: الرونق والحيوية، وكنى بذلك عن قوته وعن شبابه وصحته. الإدبار: الذهاب والمضي. الإقبال: المجيء، يقولون: أقبلت عليه الدنيا بمعنى كثر عليه الخير وضد أدبرت.

13. قولي: المقصود أدبي وشعري. نفسي مصورة: أرائي وفلسفتي ومسلكي وغايات كل ذلك يحدث به شعري وأدبي. صفحتيه: صفحة الشيء وجهه وثنى وقال صفحتيه ليدلل على أن المقصود كل أدبه. خط تمثالي: خط: رسم، تمثالي: خصائصي ويقصد أن أدبه يمثله ويصوره.

اضاءات على المضمون:

1. المطلع (غير مطلوب) الحنين إلى أيام الشباب واليأس من رجوعها.

2. صفات يعتز بها.

3. الوحدة ومواكب الأحزان في المنفى.

4. كيف أصبح بعد الآلام والمصائب؟.

5. تعزية وافتخار بما عمل.


*17*

أجواء النص:

الإنسان والهرم، الاضطرابات أيام الاستعمار الإنجليزي والثورات، بداية النهضة الأدبية عند العرب، الشعر التقليدي، من أغراض الشعر: الفخر، الشاعر في الأسر، ذكرى أبي فراس ورومياته. وعلاقة الأسر في فتح القريحة الشعرية.

أسئلة المضمون:

1. يفيدنا البيت الأول أن الشاعر يفتخر بنفسه، فقد نفى أن يكون فيه أي عيب ولكنه يقول "سوى" فهل ما يستثنيه بعد سوى فخر أو أنه مصاب بعيب حقيقة؟ وضح إجابتك.

2. بعد أن يعلن في البيت الثاني مفاخرا أنه يسير على طريق آبائه، يفصل في البيتين (3-4) الصفات التي يتمدح بها، اشرح ذلك.

3. يذكر في البيت (5) الزمان وفي البيتين (6-7) الدهر. بين موقفه من الزمان ومن الدهر.

4. كيف وصف حاله في غربته / نفيه في الأسر في "سرنديب" الجزيرة - الأبيات (8-11)؟

5. كيف يفسر مظهر ضعفه الجسدي - البيت (12)؟

6. يفهم من البيت (13) أنه يعتبر نفسه خالدا. هل ما قاله صحيح. وما الذي خلده؟

أسئلة الأسلوب:

1. سيطر أسلوب النفي في النص فقد ورد في معظم الأبيات بشتى الأدوات: (لا) و (ما) و (لم) و (غير). بين أغراض النفي حيث تجدها.

2. أين تجد التشخيص في الأبيات؟ اشرحه.

3. اشرح الاستعارة في قوله: "حرية ملكت أعنتي" وبين نوعها. البيت الأول.

4. وصل حرف الواو بين الجمل في البيت الرابع ماذا أضاف هذا الوصل للجمل (راجع الفصل والوصل في كشاف التعريفات).

5. في البيتين (10) و (11) مقارنة. ما هما الأمران اللذان يقارن بينهما؟ وما وجه المقارنة بينهما؟


*18*

6. جاء البيت الأول بأسلوب: "المدح بما يشبه الذم" اشرح ذلك.

7. استخرج من البيتين (6) و (12) الطباق، وبين وظيفته في تأدية المضمون؟

8. أين يقع الشرط في النص؟ استخرجه ووضح أركانه ووظيفته.

9. المعروف أن الصفحة موجودة في الكتاب والكتاب كثير الصفحات، كيف تفسر التثنية في قوله في صفحتيه "المقصود الدهر"؟ البيت (13)

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. يفاخر الشاعر بأنه سار على نهج آبائه فابتعد عن سمات الشر، هل ترى أن هذه سنة يجب اتباعها لنحيا حياة شريفة؟

2. ما رأيك في الإنسان إذا وقع في أزمات أو ضربته مصائب معينة؟ هل يعتبر نفسه فاقدا للأمل ويحس باليأس؟ ماذا على المرء أن يعمل في ساعات الضيق والألم؟

3. ألا يكون تاريخ الإنسان العابر بالإنجازات والآثار العظيمة مفخرة له واعتزازا رغم وهن الشيخوخة والضعف الجسمي؟ ما رأيك؟ علل الإجابة.

4. هل أنت مع الشخص يفاخر بقدراته وبخصائصه أمام الناس؟

مصادر للتوسع:

1. عمر الدسوقي: في الأدب الحديث (دار الفكر ط، 8، 1973).

2. محمد إبراهيم سليم: محمود سامي البارودي رائد الشعر العربي في العصر الحديث، (دار الطلائع د.ت).

3. شوقي ضيف: البارودي رائد الشعر الحديث (دار المعارف بمصر د.ت).

4. علي محمد الحديدي: البارودي (دار الكتاب العربي، القاهرة، 1967).

5. M. M.Badwi: a critical introduction to modern Arabic poetry 23 Cambridge university, press 1975).)


*19*

حافظ إبراهيم (1872-1932)


*19*

شاعر الشعب وشاعر النيل

بدأ حياة جديدة بعد وفاة أبيه، وانتقل إلى رعاية خاله الذي ألحقه بالمدرسة الخيرية بالقلعة (هي قلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة.) ليتعلم القراءة والكتابة وبعض الحساب، ثم بمدرسة ابتدائية، ثم بمدرسة المبتديان، فالمدرسة الخديوية، حتى انتقل مع خاله الذي كان يعمل مهندسا للتنظيم إلى "طنطا".

ولم ينتظم في طنطا في مدرسة، بل أخذ يختلف إلى الجامع الأحمدي، وكانت تلقى فيه دروس على نمط ما يلقى في الأزهر، وحافظ لا ينتظم في هذه الدروس، بل يلم بها من حين إلى حين في غير نظام، وأخذ يتضح فيه ميله إلى الأدب والشعر، فكان يطارح بعض الطلاب ويستعرض معهم طرائف الشعراء القدماء والمحدثين وبخاصة البارودي.

وتوجه إلى المحاماة، والتحق بمكاتب بعض المحامين، وفجأة رحل إلى القاهرة ليلتحق بالمدرسة الحربية وينتظم بين طلابها ويتخرج فيها سنة 1891، ويعين في وزارة الحربية ويظل بها ثلاث سنوات، وينتقل بعد ذلك إلى وزارة الداخلية، ثم يعود إلى الحربية ويرافق الحملة على السودان، وقد تبرم في هذه الرحلة، وأعلن ذلك للشيخ محمد عبده حيث راسله، وهناك اشترك في ثورة قام بها الجيش وحكم عليه "بالاستيداع" (ما يسمى الاحتياط اليوم.)، فطلب إحالته إلى المعاش (المعاش: يعني التقاعد.).

وفي سنة 1911 عينه وزير التربية والتعليم (حشمت باشا) في القسم الأدبي بدار الكتب المصرية، ويظل في هذه الوظيفة حتى سنة 1932 سنة وفاته.


*20*

سوريا ومصر


*20*

حافظ إبراهيم

أنشدها في الحفل الذي أقامته لتكريمه جماعة من السوريين بفندق شبرد.

1. لمصر أم لربوع الشام تنتسب هنا العلا وهناك المجد والحسب

2. أم اللغات غداة الفخر أمهما وإن سألت عن الآباء فالعرب

3. إذا ألمت بوادي النيل نازلة باتت لها راسيات الشام تضطرب

4. وإن دعا في ثرى الأهرام ذو ألم أجابه في ذرى لبنان منتحب

5. لو أخلص النيل والأردن ودهما تصافحت منهما الأمواه والعشب

6. نسيم لبنان كم جادتك عاطرة من الرياض وكم حياك منسكب

7. في الشرق والغرب أنفاس مسعرة تهفو إليك وأكباد بها لهب

8. لولا طلاب العلا لم يبتغوا بدلا من طيب رياك لكن العلا تعب

9. رادوا المناهل في الدنيا ولو وجدوا إلى المجرة ركبا صاعدا ركبوا

10. أو قيل في الشمس للراجين منتجع مدوا لها سببا في الجو وانتدبوا

شرح الكلمات:

1. ربوع الشام: المقصود هنا سوريا. هنا: كناية عن مصر. هناك: كناية عن سوريا. المجد: الفعال العظيمة. الحسب: الأصل العريق المشهور بالأعمال الجيدة والبطولات.

2. أم اللغات: كناية عن اللغة العربية. غداة الفخر: ساعة الفخر.

3. ألمت: أصابت بسوء، نزلت بكارثة. راسيات الشام: كناية عن الجبال الشامخة. تضطرب: تهتز.

4. دعا: ضج وطلب المساعدة. ثرى الأهرام: كناية عن أرض مصر. ذرى: جمع ذروة وهي القمة العالية والمقصود جبال لبنان العالية.

5. الأمواه: جمع الماء.

6. جادتك: أنعمت عليك. منسكب: كناية عن الغيم الماطر.

7. مسعرة: ملتهبة من الشوق. أكباد بها لهب: كناية عن الشوق العظيم.

8. طِلاب: العمل من أجل الحصول على أمر. رياك: عطرك.

9. رادوا: قصدوا. المناهل: كناية عن التحصيلات الكبيرة والتقدم والرقي. المجرة: مجموعة كبيرة من النجوم تركزت حتى تراءت من الأرض كوشاح أبيض يعترض في السماء، ومنها درب التبانة.

10. منتجع: مزار للاستجمام وهنا هدف يطلب. السبب: الحبل. انتدبوا: خفوا إليه وتسلقوا بواسطته.


*21*

11. سعوا إلى الكسب محمودا وما فتئت أم اللغات بذاك السعي تكتسب

12. هذي يدي عن بني مصر تصافحكم فصافحوها تصافح نفسها العرب

13. إن يكتبوا لي ذنبا في مودتهم فإنما الفخر في الذنب الذي كتبوا

شرح الكلمات:

11. ما فتئت: ما زالت.

12. يدي: كناية عن حالي وأفكاري ووجودي.

13. يكتبوا لي ذنبا: يوجهون لي تهمة.

اضاءات على المضمون:

1. مصر والشام (سوريا) بلد واحد من أصل واحد.

2. شعور المصريين والشاميين المتجاوب، مشاركة لبنان وفلسطين.

3. التوجه إلى لبنان وشرح أسباب الهجرة إلى الغرب.

4. الحديث المفصل عن الهجرة إلى الغرب.

5. ممثل مصر في محبة الشام.

أجواء النص:

بلاد الشام وأرض الكنانة والعلاقة بينهما، شخصيات سورية أدبية وفنية عاشت وتفاعلت في مصر، آثار مصر، وآثار الشام، وحدة سوريا ومصر أيام شكري القوتلي، وجمال عبد الناصر، نهر النيل والأردن، اللغة العربية توحد العرب.

أسئلة المضمون:

1. ساوى الشاعر في المدح والتفاخر بين عصر والشام في البيت الأول، ماذا ذكر في هذا المضمار؟

2. ذكر في البيت الثاني الأم والآباء، ما هو دورهما المضموني؟

3. ذكر في الأبيات (3، 4، 5) الأماكن التالية: وادي النيل، الشام، ثرى الأهرام، ذرى لبنان، النيل والأردن. عرف هذه الأسماء وبين دورها العملي في المضمون.

4. كيف وصف الشاعر العلاقة الأخوية بين الشام ومصر وفلسطين أو الأردن.


*22*

الأبيات: (3، 4، 5).

5. ما هي القيمة التي يعطيها الشاعر للغة العربية؟ ولماذا حسب رأيك؟ البيت (2).

6. يذكر في البيت (7) من يشتاق إلى لبنان، وضح ذلك.

7. كيف فسَّر الشاعر وشرح أسباب الهجرة من الشام ومصر إلى المغرب؟ البيتان (9-10).

8. بدأ البيت (11) بالفعل سعوا، من الذي سَعى؟ وما هو غرض سعيه؟ ومن استفاد من هذا السعي؟

9. يذكر في البيتِ! (12) اليدِ، ما هو الدور الذي تلعبه اليدُ هُنا؟

10. يفخر في البيت (13) بذنب اتُّهِم به. ما هو هذا الذنب؟ ومَنْ وجَّهَ له ذلك؟ ولماذا يفخرُ به؟

أسئلة الأسلوب:

1. تُسيطر على الأبيات الجُمل الخبرية أي التي يَصح أن يُقال لقائلها صادق أو كاذب لماذا؟

2. يُلاحظ أنَّ الشاعر يحاول أن يمزج المكان بالإنسان، هات أمثلة على ذلك.

3. وردت الكنايات في النص مرات عديدة، هات ثلاث كنايات ووضح المكنى عنهُ والكناية ووظيفتها في النص.

4. استخرج خمسَ تراكيب شرطية وبيّن أركانها: الأداة والشرط والجواب واغراضها.

انظر الأبيات: (3، 4، 5، 8، 13).

5. يمتازُ قاموس الأبيات الشعري بأنه يضمُّ ألفاظا من الرومانسية، وأخرى من الواقعية (انظر كشاف التعريفات). هاتِ نماذج مناسبة للمذهبين.

6. تُصنَّف هذه القصيدة ضمن المذهب النيوكلاسيكي (الكلاسيكية الجديدة). ماذا تجدُ منها من خصائص هذا المذهب (انظر النيوكلاسيكية ص 12 من هذا الكتاب).

7. اشرح الاستعارة في قوله: "تصافحت الأمواهُ والعُشب" البيت (5).

8. هاتِ استعارة أخرى واشرحها.


*23*

أسئلة الرَأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في تمجيد العلاقة والتواصل الحَضاري بَيْن مِصر وسوريا، ألا يندرج تحت هذا التمجيد أقطار أُخرى؟

2. لماذا - حسب رأيك - مجَّد الشاعر أول الأمر اللغة العربية؟ وقال عنها أم اللغات؟

3. هل تُعتبر مغادرة الوطن من أجل الكسب أمرا مقبولا؟ وأنّ الكسب سبب شرعي للنزوح عن الوطن؟

4. لو افترضنا أن الشاعر المصري حافظ إبراهيم فاخَر بملوك مصر الخالدين: فراعنة مصر، هل تؤيّده في ذلك؟

مصادر للتَّوسع:

1. شوقي ضِيف: الأدبُ العربي المعاصر في مصر (دار المعارف بمصر 1961).

2. أحمد أمين، وأحمد الزّين، وإبراهيم الأبياريّ: شرح ديوان حافظ إبراهيم.

3. يوسف حسن نوفل: حافظ إبراهيم شاعر الشّعب وشاعر النّيل (القاهرة، الدار المصرية اللبنانية 1997).

4. شوقي ضيف: حافظ وشوقي وزعامةُ مصر الأدبية (فصول: م 243، 1983).


*24*

خليل مطران (1872-1949)


*24*

شاعر القُطرين وشاعر الأقطار العربية

القُطران: المقصود مصر ولبنان.

وُلد خليل مطران عام 1872 من أبٍ من الأسرة المطرانية ومن أمٍّ يتصل نسبُها بآل صَباغ في حيفا في فِلسطين (د. جمال الدين الرمادي: خليل مطران شاعر الأقطار العربية، دار المعارف بمصر، طبعة 2، 1972، ص 13.

تعلّم في مدارس ابتدائية في زحلة (مدينة في لبنان)، ثم أرسلة والدُه إلى بيروت فدرسَ في المدرسة البَطريركية، وتخرج فيها على يد الشيخ خليل اليازجيّ وأخيه إبراهيم، تهالك على الدرس والتحصيل، وطالع بنهم كل ما وصل إلى يده من آثار كبار الكتّاب والشّعراء، ثم غادر المدرسة وله ثقافة واسعة عربية وأوروبية.

اشتهر خليلُ مطران في مصر بشعره وصحافته، واتّصل إذ ذاك بأحمد شوقي وقبس من نوره واسترشد به في علم القروض وزامَلهُ وصادقه.

عمله في مصر:

1. سنة 1900 أنشأ صحيفة "المجلّة المصرية".

2. سنة 1902 أنشأ "الجوائب المصرية" (الجوائب: جمع جائبة وهو الخبر الطارئ الشائع، يقال هل عندك من جائبة خبر، أي من خبر يجوب الأرض من بلد إلى بلد. المنجد: جاب.، ناصر فيها مصطفى كامل في حركته الوطنية.

3. سنة 1906 أصدر كتابه "مرآة الأيام في التاريخ العام" في جزأين، وجمع كتاب مراثي الشّعراء للبارودي، وبدأ بترجمات مسرحيات شكسبير (ترجم منها مَكبث وهملت وعُطيل وتاجر البندقية والسّيد وسينا.

كان مصابا بمرض "النقرس"(مرض يصيب القدم وخاصة الإبهام. الذي استفحل به عام 1949، ورحل عن الحياة الدنيا في نفس السّنة، فرثاه الشعراء.

توفي عام 1949.


*25*

قلعةُ بَعلبك


*25*

تذكارُ صِبا خليل مطران

1. هَمَّ فَجرُ الحياةِ بالإِدْبارِ فإذا مرَّ فهيَ في الآثار

2. يغنمُ المَرءُ عيشهُ في صِباهُ فإذا بانَ عاشَ بالتَّذكارِ

3. ووُقيتِ العَفاءَ من عَرضاتٍ مُقوياتٍ أواهلٍ بالفَخارِ

4. مُسْتطابِ الحالينِ صَفوًا وشجوًا مُسْتحبٍ في النَّفعِ والإضرارِ

5. كانَ ذاك الهَوى سلامًا وَبردًا فاغْتدى حينَ شبَّ جَذوةَ نَارِ

6. حَبَّذا "هِنْدُ" ذلكَ العهدُ لكنْ كلُّ شيءٍ إلى الرَّدى والبَوارِ

7. وسقاهَا النَّدى رِشاشَ دُموعٍ شَربتْها ظَوامِئُ الأنوارِ

8. زَادها الشَّيبُ حُرمةً وجَلالًا توَّجتها به يدُ الأعصارِ

9. رُبَّ شيبٍ أتمَّ حُسنا وأوْلى واهِنَ العَزمِ صَولةَ الجَبارِ

شرحُ الكلمات:

1. هَمَّ: عَزمَ الحياةِ: أوّلها.

2. بانَ: بَعُدَ، رَحل.

3. وُقّيَ: حُفظَ من الضّرر. العفاء: الزّوال، الاندثار. عَرَصات: جمع عَرَصة وهي ساحة الدّار وهنا الدّيار. مُقويات: خاليات من السّكان، أقوى المكان: خلا من سكانه.

4. الشّجو: الحزن والتّكدير. الحالين: الفترتين: عهد الطفولة وعهد الصّبا.

6. هِند: كناية عن المحبوبة. البَوار: الهلاك، الفساد.

7. رشاش: حبّات ماء متفرقة. ظوامئ: جمع ظامئ: العِطاش.

8. الشّيب: هو الشّعر الأبيض لكنه يقصد هنا لون الأعمدة البيضاء.

9. أولى: مَكَّنَ: أعطى. واهن: ضعيف. صَولَة: قوّة اندفاع، هجمة.


*26*

10. مَعبدٌ للأسرارِ قامَ ولكنْ صُنعهُ كانَ أعظمَ الأسرارِ

11. وضُروبا من كُلٍ زهرٍ أنيقٍ لمْ تَفُتها نَضارةُ الأزهارِ

12. وشُموسًا مُضيئة وشِعاعًا باهراتٍ لكنها من حِجارِ

13. وطُيورًا ذواهِبًا آيباتٍ خالداتِ الغُدُو والإبكارِ

14. فِي عَرانينها دُخانٌ مُثارٌ وبِألحاظِها سُيولُ شَرارِ

شرحُ الكلماتِ:

14. قام: بُنيَ.

15. نضارة: حيوية، جمال.

16. باهراتٍ: آخِذات للعين.

17. آيبات: راجِعات. الغُدو: الانتقال. الإبكار: التّحرك صباحًا.

18. عرانينها: جمع عرنين وهو أعلى الأنف. مُثار: مدفوع. ألْحاظِها: عُيونها.

اضاءات على المضمون:

1. الصّبا هو الحياة النّابضة.

2. التوجه إلى القلعة داعيا لها ومتذكرا بواسطتها ماضيه.

3. الصّنعة والإتقان.


*27*

أجواء النَّصِ:

البحتريّ ووصف كسرى، الآثار تعكسُ الماضي بشكل موثق، الآثار جزءٌ من الطبيعة، عواملُ التَّعريةِ تؤثر في الآثار، الشِّعر العَمودي، تذكر الأطلال في شِعر الجاهليين، الرومانسية لغة ومضمونا.

أسئلة المَضمون:

1. يشير البيت الأول إلى عُمر الشاعر. في أي جيل حسب دلالة البيت كان الشاعر؟

2. كيف يفهم الشاعر الحياة ويحس بها بناء على مضمون البيت الثاني؟

3. نلمح في البيت الثالث أنه يدعو للقلعة موجها دعوته لغرصاتها، ما هي الأخطار التي يريد أن تبعد عن تلك العَرَصات؟

4. تراود خواطر الشاعر ذكريات قديمة كيف يشعر بها حين تقادم به العُمر؟ البيت (4).

5. ما علاقة النَّدى بالأنوار كما ورد في البيت (7)؟

6. يحمل البيت (11) مُقارنة بين صنعة الإنسان ومنظر الطبيعة، وضح هذه المُقارنة وبين ماذا أضاقت للقلعة؟

7. عدد الشاعر مظاهر الحمال من صنعة البشر التي تم إتقانُها في قلعة بعلبك، ما هي مظاهر الجمال التي عددها من عناصر الطبيعة الساكنة والمتحركة البيتان (12-13).

8. وضح صورة الأُسود التي وصفها، ووضح أسلوب إتقان صنعتها كما ذكر الشاعر في البيت (14).

أسئلة الأسلوب:

1. أي أسلوب تقليدي من أساليب القصيدة الكلاسيكية يحمل البيت الأول؟ بين قيمة هذا الأسلوب في القصيدة القديمة العمودية وغرضهُ.

2. نلمح في البيت الخامس تناصًّا من القرآن الكريم بينه وبيِّنْ قيمته المضمونية في البيت.

3. يظهر أسلوبُ التلميح والتذكير بجو قصيدة معروفة لعمر بن أبي ربيعة، البيت (6)، اشرح ذلك وبين المقارنة التي أجراها الشاعر بين حِقبة القصيدة المُشار إليها


*28*

وحقبة التي كُتبت فيها.

4. اذكر 3 استعارات واشرحها.

5. تتكرر كلمة الأسرار في البيت (10) فتردُ في الصَّدر وترد في العجز. ما الفرق في الوظيفة المضمونية بين الأولى والثانية؟ وماذا يُسمى هذا الأسلوب في علم البديع. انظر كشاف تعريف المُصطلحات الأدبية.

أسئلة الرّأي والموقف والقيم:

1. هل توافق الشاعر على أن فترة الصِّبا هي فترة الإبداع. وإذا انتهت فيعيش الإنسان على الذكريات؟ وضِّح.

2. يقول الشاعر في البيت (6): إن كل شيء مصيرهُ الرَّدى والبَوار. هل توافقه على ذلك، اشرح ووضح.

3. هل يبدو لك الشاعر مناقضا لنفسه وهو في البيت الأول يتشاءم من كبر العُمر وفي البيت (8) يمدح الشيب؟ ما رأيك أنت في موقف الشاعر من الشيب؟

4. هل حقيقة إن الشيب يزيد في قوة الضعيف، كيف تفسر ما جاء به البيت (9)؟

مصادر للتوسع:

1. نجيب جمال الدّين: خليل مطران شاعر العصر، بيروت 1949.

2. محمد مندور: محاضرات عن خليل مطران، القاهرة 1954.

3. فؤاد صروف: خليل مطران، مجلة الكاتب المصري 1949.

4. عبد اللطيف شرارة: خليل مطران، بيروت 1964.

5. فوزي عطوي: خليل مطران شاعر الاقطار العربية، بيروت، دار الفكر العربي 1989.


*29*

عليّ محمود طه


*29*

(راجع د. شوقي ضيف: الأدب العربي المعاصر في مصر، دار المعارف بمصر، طبعة 5، 1974، ص 160-168).

(1949-1902)

وُلد الشاعر علي محمود طه في بلدة المنصورة بمصر شمال الدلتا سنة 1902، وتعلم في "الكتاب" تم في المدرسة الابتدائية، ثم التحق بمدرسة الفنون التطبيقية وتخرج فيها سنة 1924 وعمل مهندسا في بلدته.

عاش في كنف أهل أثرياء، فلم يعرف من الحياة إلا الهناءة والرغد. تنقل في محيط بلدته، إلى "دمياط" وإلى بلدة "السنانية" وهي بستان كبير يمتد إلى مصيف رأس البر وإلى بحيرة المنزلة، وكان لهذه الأماكن أثر على خياله فذكرها في أشعاره في ديوانه الأول "الملاحُ التّائه".

اهتم بالأدب الفرنسي واطلع على روائعه وآثاره، وحاول أن يتصل بالنهضة الأدبية في القاهرة، ورحبت به دوائر الأدباء. زار إيطاليا وبدا ذلك في ديوانه "ليالي الملاح التائه" وذلك سنة 1938، ثم أخذ يتردد على سويسرا والنمسا وأواسط أوروبا، وكان لذلك أثره في شعره إذ وصف كثيرا من المشاهد التي رآها هناك، وتبرز قصيدة "الجُنْدول"(الجندول هو القارب الذي يجول قنوات الماء في البندقية في إيطاليا حيث إن شوارعها مائية وينتقل الناس عبر الجسور فوقها أو بواسطة القوارب).

موسيقى وشعرا ومضامين وأوزانا، وأخيرا غناء بواسطة الموسيقار محمد عبد الوهاب. ينتمي عليّ محمود طه إلى مدرسه "أبولو" (انظر التعريف) الشعرية، التي أسسها الشاعر أحمد زكي أبو شادي، وكان من أبرز رواد تلك المدرسة الشاعر إبراهيم ناجي، وعلي العَناني، وكامل كيلاني، وجميلة العلايْلي.


*30*

غرفة الشاعر


*30*

علي محمود طه

1. أيها الشاعر الكئيب مَضى الغد لُ وما زلت غاقا في شُجونك

2. مُسلما رأسك الحزين إلى الفِكر وللسهد ذابلات جُفونك

3. ويد تُمسك اليراع وأخرى في ارتعاش تمرُّ فوق جبينك

4. وفم ناضبٌ به حرُّ أنفا سِك يطغى على ضعيف أنينك

5. لستَ تُصغي لقاصف الرعد في الليل ولا يزدهيك في الإبراق

6. قد تمشى خلال غُرفتك الصَّمت ودبَّ السكون في الأعماق

7. غير هذا السراج في ضوئه الشاحب يهفو عليك من إشفاق

8. وبقايا النيران في الموقد الذابل تبكي الحياة في الأرماق

9. أنت أذبلت بالأسى قلبك الغضَّ وحطمت من رقيق كيانك

10. آه يا شارعي، لقد نصل الليل، وما زلتَ سادرا في مكانك

شرح الكلمات:

1. الكئيب: المحزون بشدة. الشجون: جمع شجن: الهُموم.

2. مُسلم: مُعطٍ بدون معارضة.

3. اليَراع: القلم.

4. ناضب: جاف ذهب ماؤه (كناية عن جفاف الريق).

5. يزدهي: يستفز، يحرك.

6. الأعماق: كناية عن دواخل الشخص.

7. الشاحب: المهزول أو متغير اللون، وعادة هو لون بشرة وجه المريض

حيث يميل اللون إلى الصُّفرة دليل على الضعف.

8. الأرماق: البقايا الضعيفة من الأشياء وخاصة من الحياة.

9. أذبلت: جعلته ذابلا أي ضعيفا. الغض: الطري الحيوي.

10. نضل: أوغل الليل، مضى منه جزء كبير. سادر: متحيّر.


*31*

11. ليس يحنو الدجى عليك ولا يأسى لتلك الدموع في أجفانك

12. ما وراء السهاد في ليلك الداجي وهلا فرغتك من أحزانك

13. فقم الآن من مكانك واغنم في الكرى غطة الخلي الطروب

14. والتمس في الفراش دفئا ينسيك نهار الأسى وليل الخطوب

15. لست تجزى من الحياة بما حملت فيها من الضنى والشحوب

16. إنها للمجون والختل والزيف وليست للشاعر الموهوب!

شرح الكلمات:

11. يأسى: يتحسر، يلتاع.

12. الداجي: المظلم.

13. الكرى: النعاس، النوم. غطة: شخير النوم. الخلي: هادئ البال الذي يخلو من الهموم. التمس: اطلب، ابحث عن. الخطوب: المصائب، الأحزان.

14. الضنى: التعب.

اضاءات على المضمون:

1. نداء وتذكير بالأحزان، وصف حالة الشاعر.

2. وصف الغرفة.

3. سهر الشاعر.

4. الحل (الطلب منه النوم).


*32*

أجواء النص:

الرومانسية، الشعر المقطعي، وصف الطبيعة الأوروبية، قصيدة "الجندول" وغناء محمد عبد الوهاب. "ليالي كليوباترا" وغناء محمد عبد الوهاب. قصائد متنوعة لدى كثير من الشعراء موضوعها الشاعر كالأخطل الصغير وإيليا أبو ماضي، ونازك الملائكة وعبد الله البردوني وغيرهم.

أسئلة المضمون:

1. يبدأ البيت الأول بالنداء، من المنادي ومن المنادى، وما غرض النداء؟

2. تصف الأبيات: (2-3-4) أحوالا معينة لدى الشاعر مرتبطة بأعضاء من جسمه وضح ما يلي:

- الصورة التي رسمها للرأس، البيت الثاني.

- الصورة التي رسمها لليد، البيت الثالث.

- الصورة التي رسمها للفم، البيت الرابع.

3. يذكر الشاعر المؤلف الشاعر المخاطب بعدم انتباهه لما يجري حوله اشرح ذلك، الأبيات: (8-5).

4. ما هو الضرر الذي سببه الشاعر المخاطب لنفسه (9)؟

5. ذكر الشاعر المخاطب الليل والدجى، اشرح دورهما في النص، الأبيات: (10-11-12).

6. ماذا يطلب الشاعر المخاطب من الشاعر المخاطب؟ البيت 12.

7. يبدأ البيتان الثالث عشر والرابع عشر بفعلي أمر يوجههما الشاعر المخاطب إلى الشاعر المخاطب، ماذا أراد منه وما هي ردود ذلك على المخاطب؟

8. كيف وصف الشاعر المخاطب الحياة؟ وما هي مساوئها؟

9. هل تستطيع أن تصوغ عنوانا لكل مقطع يلخص مضمونه؟


*33*

1. من المعروف أن "علي محمود طه" شاعر رومانسي "راجع تعريف الرومانسية كمذهب أدبي". ما هي سمات الرومانسية التي تجدها في هذه القصيدة؟

2. من الواضح أن هذه القصيدة لم تكتب بالشكل العمودي المألوف: أبيات متتابعة ولكن كتبت بشكل مقاطع، ما الفرق بين هذا الأسلوب وأسلوب القصيدة العمودية؟

3. ما قيمة أسلوب التفجع في البيت العاشر؟

4. استعمل الفعل الناقص للنفي "ليس" في الأبيات: (5، 11، 15، 16) أي دور قام به الفعل ليس في كل مرة؟

5. يختتم البيت (16) بالحرف المشبه بالفعل إنَّ. ماذا أفاد هذا الحرفُ؟

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ماذا أضاف استعمال الشاعر صاحب النص ضمير المُخاطب بدل المتكلم؟

2. هل حقيقة حسب رأيك - ما يراهُ الشاعر المخاطب من أن حمل اليراع علامة إرهاق وتعب؟

3. يرى المخاطب أن الحياة ما هي إلا مجونٌ وختلٌ وزيفٌ، ما رأيك في هذه الفلسفة؟

4. هل توافق على الحل الذي رآه الشاعر المخاطب لنسيان الأسى، وليل الخُطوب وهو اللجوء إلى الفِراش، وضح.

مصادر للتوسع:

1. شوقي ضيف: الأدب العربي المعاصر في مصر، دار المعارف بمصر ط 5، 1974.

2. شوقي ضيف: دراسات في الشعر العربي المعاصر، القاهرة 1959.

4. أنور المعداوي: عليّ محمود طه، شاعر الأداء النفسي، الرسالة 17 (1949-1950).


*34*

ابو القاسم الشابي


*34*

(1909 م-1934 م)

ولد الشابي "بالشابية" (قرية) سنة 1909 في أُسرة ذات ثقافة تقليدية من أبٍ يمارس القضاء، ودرس بالأزهر والزيتونة (جامعة)، وقد حذا الشابي حذو أبيه، فدرس بالزيتونة حيث حمل شهادة "التّطويع" مما ساعده على تكوينه الثقافي، ودرس الحقوق وحصل على إجازتها، ومرّ في حياته حدثان أثّرا فيه: الأول موت فتاة كان يحبها، والثاني موت أبيه.

تيقظ في وجدان الشابي حب الحرية، وعانى مما عاناه الشعب التونسي من قهر واختناق، فانصهر مع وطنه وأحبَّ شعبهُ والتحم بأرضه، فكان شعره عطاء وإيمانا وعواطف ومشاعر.

مات الشابي في سنٍّ مبكرة في سنة 1934.


*35*

من قصيدة نشيد الجبار


*35*

أو (هكذا غنى بروميثيوس Prometheus)

بروميثيوس: حسب الأساطير اليونانية القديمة هو ابن إباتيوس (Iapetus) أخي كرونوس (Cronus)، وهو الإله الذي منح البشر النار فمد لهم في حبال المدنيّة والحضارة، وكلمةُ بروميثيوس تَعني العارف بالغيب أو الثاقب البصيرة.

أبو القاسم الشابي

1. سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القِمة الشَّماء

2. أرْنُو إلى الشمس المُضيئة هازئًا بالسُّحبِ والأمطار والأنوارِ

3. لا أرمُق الظِّل الكئيبَ ولا أرى مَا في قَرارِ الهُوَّةِ السَّوداءِ

4. وأسيرُ في دُنيا المَشاعر حالمًا غَرِدًا وتلك سعادةُ الشُّعراء

5. أُصغي لمُوسيقى الحَياةِ ووحيها وأُذيبُ روحَ الكَونِ في إنْشَائي

6. وأُصيخُ للصَّوتِ الإلهيّ الذي يُحْيي بِقلبي مَيتَ الأصْداءِ

7. وأقولُ للقدرِ الذي لا يَنْثَني عن حَرْبِ آمالي بكلِّ بَلاءِ

شرح الكَلماتِ:

1. الأعداء: المقصود هنا المستعمرون الفرنسيون. الشّمّاء: العالية ويكنى بالأشمّ عن الكِبر والأنفة.

2. الأنواءُ جمع نوء وهو الطقس الماطر مع مصاحبة الريح.

3. أرمق: رمق الشيء - أطال النظر إليه. الكئيب: شديد الحزن وهنا مجازا ضارب على السّواد تمثلا بالوجه الكئيب.

4. قرار: المقصود هنا العمق السّحيق. الهُوَّة: الحُفرة العميقة. السوداء: مجازا المظلمة التي لا يُرى قعرها.

5. موسيقى الحياة: المقصود ما يبهج النظر أو السمع من مناظر وأصوات في الطبيعة أو في الكون بعامة. أذيب روح الكون: مجازا أجعل نضارة الكون وجماله داخل ما أكتب وأعبرُ عنه.

6. أصيخ: أستمع، أصغي.

7. لا ينثني: لا يتوقف.


*36*

8. لا يُطفئ اللهب المؤجَّجَ في دمي مَوجُ الأسى وعواصفُ الأرزاءِ

9. فاهدم فؤادي ما استطعت فإنهُ سيكون مثلَ الصَّخْرةِ الصَّماءِ

10. لا يعرفُ الشَّكوى الذليلة والبُكا وضراعةَ الأطْفالِ والضُّعفاءِ

11. ويعيش جبارًا يُحدق دائمًا بالفجر بالفَجر الجميلِ النَّائي

12. وامْلأ طريقي بالمخاوف والدُّجى وزوابع الأشواكِ والحَصْباءِ

13. وأنشُر عليه الرُّعْبَ وانثُرْ فوقَهُ رُجُم الرَّدى وصواعقَ البَأساءِ

14. سأظلُّ أمشي رغم ذلك عازفا قيثارَتي مُتَرنّمًا بغنائي

15. أمشي بروح حالم مُتوهجٍ في ظُلْمَةِ الآلامِ والأَدْواءِ

16. النُّورُ في قلبي وبينَ جَوانحي فعلامَ أخْشى السَّير في الظلماءِ؟

شرح الكلمات:

8. المؤجَّج: المشتعل بشدة. الأرزاء: جمع رُزء وتعني المصيبة.

9. الصماء: شديدة الصّلابة.

10. ضراعة الأطفال: الرّجاء والتذلل.

12. المخاوف: كناية عن المشاكل والصعاب والأشياء المؤذية. الدّجى: كناية عن الضّلال وعدم الهداية وعدم وضوح الأمور. زوابع الأشواك: يقصد الآلام الكثيرة والمفاجئة والشديدة.

13. رجم: يقصد الرّجوم التي هي النيازك والشهب، وهنالك من يفسرها: الحجارة التي يُرجم فيها أي يرمى بها، وذلك كناية عن الأذى. البأساء: الشدة والتأزّم في الأمور.

14. القيثارة: آلة موسيقية مطربة، وهنا كناية عن قول الشعر.

15. روح حالم: المقصود خيال طليق وآمال حلوة. متوهج: شديد الإضاءة. ظلمة الآلام والأدواء: كناية عن الاكتئاب والضّيق حين يُصاب المرء بالألم أو الداء.

16. الجوانح: جمع جانحة وهي الأضلاع تحت الترائِب مما يلي الصّدر، سُميت بذلك لانحنائها وميلها.

اضاءات على المضمون:

1. تحدّي المرض والعدوّ.

2. جمال الطبيعة الذي يتمتّع به.

3. رَدَّه على ما قُدر عليه من مصائب - موقف التّحدي.

4. قرارُهُ.


*37*

أجواء النَّص:

روح التحدّي لدى بعض الشعراء المتنبي مثلا البُعد الذاتي والرومانسي، تُونس ولمحة أدبية، الشاعر الحُصري القيرواني ومؤلف زهر الآداب: إبراهيم الحُصري القيرواني. التذكير بالقصيدة المشهورة:

إذا الشعبُ يومًا أراد الحياة فلا بُد أنْ يَستجيبَ القَدر

ولا بُد لليل أنْ ينجلي ولا بُدّ للقيدِ أن ينكسر

شعراء نوابغ قضوا شبّانًا. طرفة بن العبد، أمل دنقل، أبو القاسم الشّابيّ.

أسئلة المضمون:

1. يشيرُ الشاعر في عُنوان القصيدة إلى "بروميثيوس" وهو صاحب أسطورةٍ. ماذا قصد من التمثل بهذه الأسطورة؟

2. يرسمُ الشاعر حياةً يرتضيها لنفسه ما هي صفتها؟ البيتُ الأولُ.

3. ذكر في البيت الثاني والبيت الثالث عناصر الطبيعة: الشّمس، والسّحبَ والأمطار والظِّلَّ، بين دور هذه العناصر في أماكنها.

4. ما هي مواصفات السعادة التي أرادها وكيف رأى أنه يحققها؟ الأبيات: (4، 5، 6).

5. يُعلن في البيت السابع أنه سيقول للقدر ما يقول، ما سببُ ذلك؟

6. يتضمن البيت الثامن ثقتَه بتماسكه وثباته في الحياة وضح ذلك.

7. كيف عبر عن روح التحدّي مقابل القدر في البيت التاسع.

8. كيف وصف فؤاده الصامد البيتان: (10-11)؟

9. ما هي الصعوبات والعقباتُ التي يتحدى وجودها في طريقه ويظلُّ سائرا بنشاطٍ وسعادة وطرب. الأبيات: (12-13-14-15).

10. إنه لا يخشى السّير في الظماءِ، لماذا؟ البيت (16).


*38*

1. سيطرت الأفعالُ المضارعة على القصيدة، لماذا؟

2. متى استعمل أفعال الأمر ولأي غرض؟

3. وضح أركان التشبيه في البيتين: الأول والتاسع وبين قيمته.

4. اذكر عناصر الرومانسية التي وردت في الأبيات.

5. إن أسلوب الشاعر في عرض مضامينه وأفكاره هو أسلوب الشرح والتفصيل، هل تستطيع إثبات ذلك؟ لاحظ مَطلعَ القصيدةِ ثم لاحظ الأبيات التي تليه.

6. استعمل الشاعر أسلوبَ النفي في الأبيات: الثالث، والثامن، والعاشر. بين أغراض هذا الأسلوب في هذه الأبيات.

7. لجأَ إلى العطف بحرف الواو في مختاراتنا في الأبيات: الرابع، والسادس، والحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر. لماذا احتاج النص إلى الواو بهذه الكثافة؟

8. ما نوع الاستفهام الذي جاء في عجز البيت الأخير (16)؟ ولماذا استعملهُ الشاعر؟

9. ما رأيكَ في توظيف الشاعر للكلمات التي تدل على النار والنور مثل: الشمس (بيت 2) المضيئة (بيت 2) اللهب المؤجّج (بيت 8) الفجر (بيت 11) متوهج (بيت 15) النور (بيت 16).

أسئلة الرّأْي والموقف والقيم:

1. هل حسب رأيك يوجد تشابه في شعور التحدّي للقدر عند الشابي وللدهر عند المتنبي. ارجع إلى نص درستهُ: "بمَ التعلل" أو غيره.

2. هل ترى هنالك فائدة نفسية من تحدّي الدهر أو القدر؟ فصل إجابتكَ.

3. هل تقبل لنفسك مثل هذا التحدي كأسلوب حياة؟ اشرح موقفك.

مصادر للتوسع:

1. عمر فرّوخ: شاعران معاصران، إبراهيم طوقان وأبو القاسم الشابي. المكتبة العلمية ومطبعتها، بيروت، الطبعة الأولى، 1954.


*39*

2. عبد اللطيف شرارة: الشابي، دار صادر، بيروت، 1969.

3. عمر فَرّوخ: الشابي شاعر الحُب والحياة، دار العلم للملايين طبعة 2، 1774.

4. عبد الحميد الحرّ: أبو القاسم الشابي كوكب السّحر، دار الكُتب العلمية، بيروت لبنان، طبعة أولى، 1995م / 1415 ه.

5. جان طنوس: أبو القاسم الشابي، ملامح الموت والحياة في شخصية الشابي وشعره، منشورات دار علاء الدين، طبعة أولى. د.ت.

6. إيليا الحاوي: أبو القاسم الشابي شاعر الحياة والموت، دار الكتاب اللّبنانيّ 1972.


*40*

محمّد مهديّ الجواهريّ


*40*

(1900-1997)

وُلد في النّجف سنة 1900(تقدير السنة التي ولد فيها الجواهري يبدو أنه محل تخمين، فهو من مواليد 1900 مرة وأحيانا 1903 ويقال 1901. انظر حيدر توفيق بيضون: محمد مهدي الجواهري شاعر العراق الأكبر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1993، ص 13.، ودرس على عدد من الشيوخ، ونظم الشعر مبكرا.

أصدر مجموعة من الصحف ذات الصبغة اليسارية كجريدة "الفُرات"، وجريدة "الانقلاب"، ثم جريدة "الرّأي العام"، وانتُخب عدة مرات رئيسا لاتحاد الأدباء العراقيين. شارك الجواهري في كل الثورات السياسية التقدمية المهمة في العراق، فقد شارك في ثورة 1920 ضد البريطانيين، وشارك في ثورة 1936 ضد حكومة سليمان القصيرة الأجل. كما شارك في ثورة 1948 ضد معاهدة بورتسمون البريطاذية (معاهدة بين العراقيين والبريطانيين تسمح بدخول الجيوش البريطانية العراق وُقعت سنة 1948 م. ولكن اسمَه ذاع في هذه الثورة كشاعر سياسي.

ثار ضد عبد الكريم قاسم عقب الثورة والانقلاب العسكري سنة 1958. وبعد ذلك لجأ إلى تشيكوسلوفاكيا عام 1961-1962 لميوله اليسارية المتطرفة، وظل هناك حتى جاءت "البَعْثية" (نسبة إلى حزب البعث في ثورة 1968) فأرجعته للعراق وأعطته راتبا تقاعديا مقطوعا قدره 150 دينارا عراقيا في الشهر. ومن هذا الوقت إلى سنة 1973 رأس عدّة وفود عراقية إلى مؤتمرات الأُدباء في العالم العربي، وكان "شاعر العرب الأكبر" وكان قبلةَ الأنظار.

توفّي الجواهري في السابع والعشرين من تمّوز 1997.


*41*

أبو العلاء المعرّي


*41*

(ألقيت في مهرجان ذكرى أبي العلاء المعري، الذي أقامه المجمع العلمي العربي دمشق، وكان الشاعر ممثلا للعراق.)

محمد مهدي الجواهريّ

1. قِف بالمعرةِ وامسَحْ خدَّها التَّربا واسَتوح من طوَّقَ الدُّنيا بما وَهَبا

2. واستوحِ من طَبَّبَ الدُّنيا بحكمتهِ ومن على جُروحها من روُحه سكبا

3. على الحصير وكوزُ الماء يرْفِدهُ وذهنه ورفوفٌ تحملُ الكُتبا

4. أقام بالضجة الدُّنيا وأقعدها شيخٌ أطلَّ عليها مُشفقًا حَدبا

5. بكى لأوجاع ماضيها وحاضرها وشامَ مُستقبلا منها ومُرتقبا

6. وللكآبة ألوان، وأفجعُها ان تُبصرَ الفيلسوفَ الحُرَّ مُكتئِبا

7. تناول الرَّثَّ من طبع ومُصطلح بالنّقد لا يتأبَّى أيَّةً شَجبا

8. وألهمَ الناس كي يرضوا مغَبَّتهُمْ أن يُوسعوا العقلَ مَيدانًا ومُضطربا

شرحُ الكلماتِ:

قِف بالمَعرَّة: المقصود زُرها وتمعن في آثارها. التَّرب: الذي يكسوه التّراب. استوْحِ: استشْعِر، اطلب بواسطة الفكر. طوق من الطوق يعني شكل، لفّ.

2. حكمته: كناية عن آرائه الصائبة وفلسفته المفيدة.

3. الحصير: بساط منسوج من القصب أو من ألياف عشبية خاصة مجففة. يرفدُهُ: يُسعفه، يُنجدهُ.

4. أقام الدنيا وأقعدها: ثار ثورة كُبرى. حدبا: حانٍ ومُشفق عليه.

5. شام: توقَّع، قرأ المستقبل.

6. الكآبة: الغُمة، الأسف. أفجعها: أشدُّها ألما. المُكتئب: المَغموم، الحزين.

7. مصطلح: معتاد عليه. يتأبى: يقصد. شجب: كناية عن النّقد الشديد (في الأصل شتم). أيًة: أيّا من كان أو أيّ شيء.

8. مغَبَّتهُم: عاقِبتهُمْ. ميدان: يقصد ساح العمل والانطلاق. مُضطربا: مُنطلق وحركة نشطة.


*42*

9. وأن يمدُّوا به في كل مُطرحٍ وإنْ سُقوا من جَناهُ الوَيل والحَربا

10. لثورةِ الفكرِ تأريخٌ يُحدثُنا بأنَّ ألفَ مسيحٍ دونَها صُلبا

11. إنَّ الذي ألهبَ الأفلاكَ مِقولهُ والدهرَ لا رغبًا يرجو ولا رَهبا

12. لم يَنسَ أن تَشملَ الأنعامَ رحمتُهُ ولا الطّيور ولا أفراخَها الزُّغُبا

13. حَنا على كُلِّ مَغضوبٍ فضَمَّدهُ وشجَّ من كان أيًّا كانَ، مُغتصِبا

شرحُ الكلماتِ:

9. أن يمدوا به: يقصد يشغلونه وينطلقون به ويوسّعون مجال عمله. مُطَّرح: الجمع مطارح: المكان، المجال. جَناهُ: نتيجته، ثمرته. الحرب: الهلاك.

10. المسيح: المقصود هنا رائد العلم أو الفكر.

11. الرَّغب: المنفعة. مَقولُهُ: لِسانه.

12. الزُّغُب: أول ما يبدو من البراعم أو الرّيش.

13. ضمَّد: وضع الضَّمادة أي العُصابة، بمعنى عالج وداوى. شجَّ: جرح، كسر.

اضاءات على المضمون:

1. الوقوف بالمعرّة واستدعاء شخصية المعرّي.

2. البعد الاجتماعي - البيت والناس.

3. البعد الفكري والنفسي - الدعوة لاستعمال العقل.

4. البعد الإنساني - حُبه، لجميع المخلوقات.


*43*

أجواءُ النَّصِّ:

استدعاءُ شخصيات عظيمة في التاريخ. شخصية المعري وفلسفته. بعضُ آرائه في المرأة، وفي الساسَةِ، وفي الدِّين. لزومُ ما لا يلزم، رسالةُ الغُفران والكوميديا الإلهية رسالةُ التوابع والزَّوابع لابن شُهيد الأندلسيّ.

أسئلة المضمون:

1. يبدأ البيتُ الأول بفعل الأمر "قف" ويطلب، به الوقوف بالمعرَّة، ثم تتبعهُ ثلاثةُ أفعالٍ طلبيَّةٍ. وضح أغراضها.

2. صِف الحالة التي صورها الشاعر للشخص الذي يتحدث عنهُ البيت (3).

3. ذكر في البيت الرابع المُسمى "شيخ". ماذا عمل هذا الشيخ بناء على ما ذكر الشاعر؟

4. كيفَ وصف الشاعر علاقة "الشَّيخ" بالدّنيا البيت (5)؟

5. يعكس البيت السادس صورة الحالة النفسية للشاعر. كيفَ عبر عن حالته النفسية ولماذا؟

6. فصّل لنا الشاعر دور هذا الشيخ في المجتمع ومشروعة الإصلاحي وفصَّل ذلك في الأبيات: (7، 8، 9). وضح ما هي الدروس التي ألقاها الشيخ على النّاس؟

7. كيف يبدو حماس "الشيخ" لثورة الفكر وما المقصود بألف مسيح؟ البيت (10).

8. كيف عبر الشاعر عن عظمة أقوال الشيخ؟ وما المقصود "بمقولة"؟ البيت (11).

9. ورد في البيت (12) الأنعامُ والطيورُ وأفراخُها. ما علاقة "الشيخ" بها؟ وضح.

أسئلة الأسلوب:

1. ما هو الأسلوب الذي يُسيطر على البيتين الأول والثاني وما وظيفته؟

2. لماذا تتابعتْ واوُ العطف في البيت الثالث؟

3. يشتملُ البيت الرابع على طِباق جاء ضمن قول شعبي دارج. بينهُ وبين جمالَ المعنى الذي حققهُ.

4. في البيت السادس تفضيل بَينَ طرفين سيئ وأسوأ. بين السيء وبين الأسوأ، وما وظيفة هذه المفاضلة؟


*44*

5. ما هو دور إنَّ في مطلع البيت (11) وحرف الجزم والنفي "لَمْ" في مطلع بيت (12) لإقرار مضمون البيت.

6. استخرج بعض الكنايات وبعض الاستعارات من النص، واشرحها وبين وظيفتها.

7. يُلاحظ أن الشاعر كثف الازدواج بواسطة العطف بالواو أو بواسطة التّكرار للا النافية والواو، مثل: قف، وامسح، واستوحِ

وكوز الماء.. وذهنُهُ.. ورفوف الكتب.

الويلُ والحربا.

لا رغبًا ولا رهبا

وغير هذه الأمثلة. ماذا استفادَ مضمونُ النص من هذا الأسلوب؟

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما هو غرضُ الشاعر حسب رأيك من دعوته لنقف بالمعرّة ونلبّي طلباته؟

2. هل ترى أن ذكر مصير المعرّى وكوز الماء في يده، ورفوف الكُتب يضيف جمالا ودعما للموضوع؟ اشرح ذلك.

3. لماذا قال الشاعر عن الشيخ "أبو العلاء المعرّي" أنه أقام الدنيا واقعدها، البيت (4)؟

4. ما رأيكَ في كون الإنسان نباتيا؟ وذلك ما يوحي به البيت (12).

5. ما غرض الشاعر حسب رأيك من تشخيص المعرّةِ؟ وما غرضهُ من وصف خَدها بالتَّرب الذي يعلوه ويغطيه التُّراب؟

مصادر للتوسع:

1. سليمان جُبران: مجمع الأضداد، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ص 2003.

2. طه حسين: مع أبي العلاء في سجنِهِ، مطبَعة المعارف بمصر 1944.

3. حيدر توفيق بيضون: محمّد مهدي الجواهري، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان 1413ه / 1993 م.

4. سليم التكريتي: محمد مهدي الجواهري، لندن: رياض الرَّيس للكتب والنشر 1989.

5. محمّد خيال: الجواهري مَسيرة قرْن، دمشق. وزارة الثقافة 2004.


*45*

البابُ الثاني الشِّعرُ الحُرّ


*45*


*46*

الشِّعرُ الحُرّ (Free Verse)


*46*

عالميًّا: هو ذلك الشعر الذي لا يتقيد بالوزن أو بالقافية، وقد ابتدعهُ الشاعر الفرنسي "لافونتين" La Fontaine في القرن السابع عشر بنظمه حكايات الحيوان في أبيات ذات أطوال مختلفة، وقواف مُتباينة، ولكن العصر الذهبي للشعر الحر في فرنسا هو منذ 1868، حين ازدهرت المدرسة الرمزية (انظر التعريف)، في الشعر التي اعتمدت على تجنيس الأصوات بدلا من القافية، وعلى الإيقاع بدلا من الوزن، ويُمكن القول إن أغلب الشعر المُعاصر في أغلب اللغات قد تحول إلى الشعر الحر، ومن أمثلة ذلك شعر بَدْر شاكر السياب، وشعر صلاح عبد الصبور، وشعر أحمد عبد المعطي حجازي (مجدي وهبي، كامل المهندس. معجم المصطلحات الأدبية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، 1979. مادة شعر حر، واليوم تطغى هذه الحركة على معظم شعراء العربية. وكان الشاعر نزار قباني، والشاعر سميح القاسم، والشاعر محمود درويش أعلاما بارزين في هذا المضمار، بل إن هنالك كثيرا من الشعراء من عزف عن نظم الشعر التقليدي ولجأ إلى الشِّعر الحُر، وبقي الشعر التقليدي مستعملا في مناسبات خطابية كالرثاء والتأبين، وشعر المُناسبات.

عربيا: هو لون من الشعر يخرج على قيود الشعر العربي "العمودي" (أطلق على قصيدة الوزن والقافية والمؤلفة من أبيات، وكل بيت من شطرين، الأول يسمى الصدر والثاني يسمى العجز، ويلتزم الشاعر فيها بحرا من بحور الشعر واحدا، وكذلك يختتم أبياتها كلها مهما بلغت بحرف واحد مثل اللام أو السين أو الدال وغيرها، وتسمى القصيدة باسم هذا الحرف الذي يُسمى "بالروي". ويقال لامية أو سينية أو دالية. إلخ. ولأن القصيدة تنتصب متساوية الأسطر يرتفع الواحد فوق الآخر أطلق عليها اسم العمودية أي تشبه العمود). ويحطمها، ولا يلتزم فيها إلا بالتفعيلة (انظر تعريف التفعيلة في التعريفات، ويوجد في الشعر العربي (10) تفعيلات). فقط، مع الانفلات من الوزن المتساوي والتشطير (التشطير: نسبة إلى كون البيت مؤلفا من قسمين، كل قسم يُسمى شطرا، فالصدر هو الشّطر الأول، والعجز هو الشطر الثاني). والقافية، وكل أنساق (أنواع) الشعر التقليدي، ويسمى هذا الشعر أحيانا شعر التَّفعيلة.


*47*

في شعر التفعيلة كانت حرية الشاعر في:

1. التخلص من الشكل التقليدي المُتمثل في نظام الشطرين.

2. اعتماد عدد تفعيلات في كل سطر كما يرتئي الشاعر وكما يتيسر له.

3. عدم الالتزام بقافية وعدم طلبها لذاتها، والمُفضل أن تأتي عفو الخاطر.

4. بناء القصيدة من مقاطع مضمونية تفصل بينها مسافات أو نجمات.

قصيدة النثر:

قصيدة النثر ترجمة حرفية لمصطلح غربي، تكتب كما يكتب النثر تماما، أي هي تدفق، تقدم مستمر ولها أصول عميقة في الآداب كلها ولا سيما الديني منها والصوفي، وردا على الذين يعتبرون قصيدة النثر نثرا جاء في مجلة "شعر": قصيدة النثر شعر لا نثر جميل، وإنها قصيدة مكتملة وكائن حي مستقل مادتها النثر وغايتها الشعر، والنثر فيها مادة تكوينية، أُلحق بها النثر لتبيان منشئها، وسُميت قصيدة للقول بأن النثر يمكن أن يصير شعرا دون نظمه بالأوزان التقليدية (نبيل أيوب: البنية الجمالية في القصيدة العربية الحديثة، المكتبة البولسية، ط 1، 1992.

ما يميز قصيدة النثر من الشعر الحر هو الشكل الكتابي، فيما يكتب الشعر الحر كما يكتب الشعر الموزون، تكتب قصيدة النثر كما النثر، تقول سلمى الجيوسي: "يكتب الشعر الحر المنثور بأسطر قصيرة." وراح الشعراء يكتبون قصيدة النثر كما يُكتب النثر تماما (سلمى الجيوسى: عالم الفكر، 1973، عدد 2، ص.44.)


*48*

بدر شاكر السّياب (1964-1926)


*48*

ولد بدر شاكر السياب سنة 1926 في قرية "جيكور" في منطقة البَصرة، وبعد أن أنهى الدراسة الابتدائية انتقل إلى البَصرة وتابع دراسته في المرحلة الثانوية، ثم انتقل إلى بغداد حيث التحق بدار المعلمين العالية، واختار اللغة العربية كموضوع للتخصص، وبقي في هذا الفرع لمدة عامين، ثم انتقل إلى اللغة الإنجليزية في دار المعلمين العليا، فتخرج وحمل الشهادة في هذا الفرع عام 1948، وانتقل بعد ذلك في مهنة التدريس لموضوع اللغة الإنجليزية في الرمادي، وبعد أن مارسها عدة أشهر فُصل منها بسبب ميوله السياسية وأودع السجن، ولما تحرر من السجن، اتجه نحو العمل الحر ما بين البصرة وبغداد، كما عمل في بعض الوظائف الثانوية، وفي سنة 1952 اضطر إلى مغادرة بلاده والتوجه إلى إيران فإلى الكويت، وذلك عقب مظاهرات اشترك فيها.

تنقل السياب في عديد من الأعمال والوظائف، ولكنه كان يفضل، وذلك بسبب نشاطه السياسي وميوله اليسارية، وانتمائه الشيوعي، وتحركاته ضد السياسة ورجالها في العراق (انظر تفصيل حسيرة حياته موثقة بالسنين في: إيليا الحاوي: بدر شاكر السّيّاب، دار الكتاب اللبناني، بيروت، د.ت، ص 5-11).

تعرض للإصابة بأمراض على طول حياته، وعُولج في بيروت، وأخيرا في الكويت، حيث تُوفي يوم الخميس 1964/1/24 عند الساعة الثالثة بعد الظهر (المصدر السابق، ص11.)


*49*

الباب تقرعُه الرياح


*49*

بدر شاكر الشياب

1. الباب ما قرعتهُ غير الريح في الليل العميق

2. الباب ما قرعتهُ كفك

3. أين كفك والطريق

4. ناءٍ بحار بيننا مدن صحاري من ظلام

5. الريحُ تحمل لي صدى القُبلات منها كالحريق

6. من نخلة يعدو إلى أُخرى ويزهو في الغَمام

7. البابُ ما قرعته غيرُ الريح.

8. آه لعل رُوحا في الرياح

9. هامَتْ تَمر على المَرافئ أو محطات القطار

10. لتُسائل الغُرباء عنّي، عن غريب أمس راح

11. يمشي على قدمين، وهو اليوم يزحف في انكسار

12. هي روح أمي هزَّها الحُب العميق

13. حُب، الأمومة فهي تبكي:

14. (آه يا ولدي البعيد عن الدّيار

15. ويلاهُ! كيفَ تعودُ وحدكَ لا دليل ولا رفيق؟"

16. أماهُ. ليتكِ لم تغيبي خلفَ سورٍ من حِجارْ

شرحُ الكَلماتِ:

1. اللَّيل العميق: كناية عن حلكته وسواده الشَّديد.

6. يزهو: يتكبر، يتعاظم.

9. هامَت: ذهبت لا تدري أين تتوجه ومنها الهوام: الحشرات التي تطير وتنتقل من مكان بدون تحديد هدف.

11. يزحف: هنا يمشي متثاقلا، في انكسار: بصعوبة.

16.سور من حجار: كناية عن حفرة القبر المُصفحة بصفائح الحجارة.


*50*

17. لا بابَ فيه لكي أدُقَّ ولا نوافذ في الجدار

18. كيفَ انطلقت على طريق لا يعودُ السّائرونْ

19. منْ ظُلمةٍ صفراءَ فيه كأنها غُسق البِحارْ؟

20. كيفَ انطلقت بلا وداع فالصغارُ يُولولونْ،

21. يتراكضون على الطريق ويفزعون فيرجعونْ

22. وَيُسائلون اللَّيل عنكِ وهُمْ لعودكِ في انتظارْ؟

23. البابُ تقرعهُ الرياحُ لعلَّ روحا منكِ زارْ

24. هذا الغريبُ هو ابنكِ السَّهرانُ يُحرقهُ الحنين

25. أماهُ ليتكِ ترجعينْ

26. شبحًا، وكيفَ أخافُ منهُ وما امحتْ رغم السنينْ

27. قسماتُ وجهكِ من خيالي؟

28. أين أنت؟ أتسمعينْ

29. صرخات قلبي وهو يذبحُهُ الحنينُ إلى العِراقْ؟

30. البابُ تقرعهُ الرياحُ تهُبُّ من أبدِ الفِراقْ

شرح الكلمات:

18. لا يعود السائرون: أي لا رجعة لمن يسير فيه.

19. غسق البحار: الظلمة الشديدة.

30. أبَد: الجمع آباد وأُبود: الدهر، القديم، الأزلي، الدّائم. الأبدية: ما لا نهاية له.

اضاءات على المضمون:

1. حديث إلى أمّه، لماذا لم تكن هي التي قرعت باب غرفته؟

3. يتخيل أن روح أمّه تبحث عنه.

3. رحيل الأم والقبر.

4. حزن وفزع الصّغار.

5. استحضار روح أمّه.


*51*

أجواء النصّ:

الأمُّ قيمة إنسانية، واجتماعية، وحضارية، نماذج من الدّين، نماذج من الأقوال، نماذج من الأشعار. إن التي تهزُّ المهدَ بيمينها تهزُّ العالم بيسارها، الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها أعدَدتَ شعبا طيِّب الأعراقِ

الجنّةُ تحتَ أقدام الأُمهات. الشعر الحُر. نظام الأسطر وليسَ الأبيات. القصيدةُ الدائرية.

أسئلةُ المضمون:

1. نفهم من السّطرين الأول والثاني أنَّ أمرا مُعينا حدث للباب وهنالك تدخل خارجي به. اشرح ذلك.

2. بواسطة السؤال البلاغي في السّطر الثالث نفهم أن الشاعر يُريد أن يثبت أمرا قرره. ما هو الأمر الذي أعلن عنه وما هي إثباتاته التي أتبعها؟

3. من السَّطرين الخامس والسادس نفهم أن الريح قدمت للشاعر خدمة غالية. ماذا قدمت الريح له وكيف؟

4. تتكرر كلمة الحُبّ في السطرين (12-13). كيف وصف هذا الحُبّ ولمن نسبهُ؟

5. في السطرين (14-15) يُخيل للشاعر أن أمه بفعل الحبّ تُعبر عن ألم البعاد بحزن عميق. وضح ذلك.

6. يُبين السّطران (10-11) بُعدين للشاعر: الأول اجتماعي والثاني جِسمي. وضح ذلك.

7. كيف عبر عن القبر وكيف وصفه؟ السطران (16-17)

8. يذكر الشاعر في السطر (18) كلمة "الطريق". عن أي طريق يتحدث ولماذا وصفه بأن من يسير فيه لا يعود منه؟

9. ماذا يقصد بالظلمة الصفراء؟ ولماذا شبهها بغسق البحار؟ سطر (19).

10. ما هو الدور الذي خصصه للصغار؟ اشرح. الأسطر (20-21-22)

11. يكرر في السطر (23) حقيقة أن الباب تقرعه الرياح. لأي سبب ورد هذا التكرار هذه المرَّة؟

12. وردت في السطر (24) ثلاثُ صفات نسبها إلى نفسه. اُذكرها ووضح بناء على الجو العام في القصيدة هل هي صادقة ولماذا؟

13. ما هي الصّلة التي تربطهُ بأمّهِ والتي تُلمح من السطرين (26 و 27)؟

14. ماذا يريد من أُمّه أن تسمَع؟ السّطر (29)


*52*

أسئلة الأسلوب:

1. تتبع التكرار لكلمة "الباب" وبين فيما إذا كان هذا الأسلوب يأتي بجديد في كل مرة.

2. هل تقع في القصيدة على أسلوب التَّصوير الشعري؟ أين؟ فصِّل القول في صورتين.

انظر السطرين (5-6)، والأسطر (8-9-10-11)، والسّطرين (20، 28).

3. استعمل الشاعر أسلوب الاستفهام البلاغي خمس مرات في الأسطر (3، 15، 18،20، 28) بيّنْ أغراضه.

4. ما هي الأساليب التي اتخذها الشاعر ليُحافظ على "الجريان" في القصيدة؟ (بمعنى تواصل المعنى عبر كل الأسطُر).

5. استخرج ما تراهُ من تشخيص لجوامد ولأمور غير عاقلة. وبين قيمة ذلك مضمونيًّا وجماليا.

6. اشرح التشبيه في السطر (19) وبين الإرداف الخُلقي فيه وقيمته. (راجع كشاف التعريفات).

7. اقرأ السطر الرابع ولاحظ الأسلوب الذي ورد فيه. هل تستطيع أن تصف هذا الأسلوب أو أن تُمثل له؟

8. اشرح الاستعارات والمجازات في الجمل التالية:

- الباب ما قرعتْهُ غير الريح / سطر (1).

- من نخلة يعدو "صدى القبلات" / سطر (6).

- الرّوحُ هامت / سطر (9).

- يزخف في انكسار / سطر (11).

- الروح تبكي / سطر (13).

- يُسائلون الليل / سطر (22).

- يحرقه الحنين / سطر (24).

- صرخات قلبي / سطر (29).

9. وضح الكِنايات في التراكيب اللغوية التالية وبيّن المُكنى عنهُ:

- أين كفك والطريق / سطر (3).

- يمشي على قدمين / سطر (11).

- سور من حِجار / سطر (16).

- طريق لا يعودُ السّائرون / سطر (18).

- صرخات قلبي / سطر (29).


*53*

10. اشرح التزامن الحِسي الذي نفهمهُ من التعابير التالية: انظر كشّاف التعريفات "التزامُنَ الحِسّي"

- الليلُ العميق / سطر (1).

- ظلمةٌ صفراء / سطر (19).

- غسقُ البحار / سطر (19).

- أبدُ الفِراق / سطر (30).

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. هنالك من يرى أن تَسكين أواخر الكلمات عبارة عن مُشاركة لفظية في إضفاء شعور الحزن في القصيدة. ما رأيك على ضوء الصُّور الشعرية والحركات الداخلية وكثرة الأفعال؟

2. لماذا، حسب رأيك، وصف الظلمة بالصفراء؟

3. ما علاقة الفعل: "يذبحُهُ" بالحنين؟ وهل الفاعل الحنين يقوم بهذا الدور فعلا؟

4. لماذا، حسب رأيك، يهيبُ بأمه بوسطة السؤال البلاغي سطر (28) أن تسمع صرخات قلبه لأن الحنين إلى العراق يذبحهُ؟ وهل ترى أن الشاعر يربطُ بين الأمّ والوطن؟

مصادر للتَّوسع:

1. إيليّا الحاوي: بدر شاكر السيّاب، دار الكتاب اللبناني بيروت د.ن.

2. ساسون سوميخ: ملامح أسلوبية جديدة في الأدب العربي الحديث، مجمع اللغة العربية حَيفا 2012.

3. ديوان بدر شاكر السيّاب، دار العودة 1986.

4. حنّا الفاخوري: الجامع في تاريخ الأدب العربي، الأدب الحديث، دار الجيل.

5. إحسان عباس: بدر شاكر السيّاب، دراسة في حياته وشعره، دار الثقافة بيروت 1972.

6. رجاء النقاش: اُدباء معاصرون، مكتبة الأَنجلو المصرية، القاهرة 1968.


*54*

عبد الوهاب البياتي (1999-1926)


*54*

وُلد في بغداد عام 1926، وتخرج من دار المعلمين العالية ببغداد حاملا منها شهادة اللّيسانس في اللغة العربية وآدابها عام 1950 (ما يُقابل اللقب الأول B.A عندنا). اشتغل بالتدريس ومارس الصحافة. ولكن شعورهُ بقضية بلاده وقضايا العالم الإنساني جميعا قاده للنّضال، فعُذب واضطهد وفُصل عن وظيفته عام 1954 وتعرض للمُلاحقة، فسافر إلى بيروت وعاش مدة في لبنان، ثم انتقل إلى مصر ومنها سافر إلى سورية، وزار الاتحاد السوفيتي (اليوم غير قائم وهناك دول منفصلة ومستقلّة أعظمها روسيا)، وعاد إلى بغداد إثر ثورة عام 1958 وإسقاط النظام الملكي.

وانتقل إلى إسبانيا وبقي حتى 1964، حيث عمل في المركز الثقافي العراقي في مدريدَ في سنوات الثمانينيات مُرورا بالقاهرة والرّباط وعمّان، والعديد من العواصم العربية، وعاد فترة وجيزة إلى بغداد، ثم استقر في الأشهر الأخيرة من حياته في دمشق، ليموت فيها، ويُدفن حسب وصيّته في ضَريح الشيخ محيي الدّين بن عربيّ، وذلك في 3 آب 1999.


*55*

ذكريات الطفولة


*55*

عبد الوهاب البياتي

1. بالأمس كُنَّا، آهِ من كُنا: ومن أمسٍ يَكونْ

2. نَعدو وراءَ ظِلالِنا.. كُنَّا، ومن أمْسِ يَكونْ

3. لا نَرهبُ الصَّمتَ الذي تُضفيهِ (تُضفيه: تُكسبُهُ، تُضيف له شيئا جديدًا.) أشباحُ الغُروبْ

4. فوق الحَدائق والدُّروب

5. لا نرهبُ السُّورَ الذي من خَلفهِ يأتي الضِياءْ

6. ولرُبما ماتَ الضّياءُ ولم يعدْ ونقولُ: "جاءْ!"

7. كَنَّا نقول كما نشاءْ

8. حتى النجوم

9. كُنَّا نقولُ بأنها كما نشاءْ

10. للأرض تنظرُ في فُتونْ (فُتونْ: إعجاب.)

11. حتى النّجوم

12. كانت عُيونْ

13. لا نعرفُ "الشيء الصغير" ولا نُصدقُ ما يُقالْ

14. ولا نَزالْ

15. لا نَعرفُ "الشيء الصَّغيرَ" ولا نُصدقُ ما يُقالْ

16. ولربَّما كُنا نُحدقُ في الفراغِ، ولا نَنامْ


*56*

17. وفي الظلام

18. مَأوى العَفاريت الضِخام

19. كانَت مَدائِنُنا الجديدةُ في الظلام

20. بمَنازل الأمواتِ (منازل الأموات: كناية عن القبور أو مجموعة القبور، يعني المقبرة.)، أشبهُ أو قُرَى

21. النَّملِ. الجديدةِ في الظَّلامْ

22. كانت مَدائِنُنا تُقام

23. وفي الظلامْ

24. كُنَّا نُحدق (نحِدّق: نُمْعن النّظر) في الفراغِ، ولا نَنام

25. الا على أصواتِ عالمنا المقوَّضِ (المُقضوَّض: المُهدَّم.) والعَبيدْ

26. يَتسكَّعون (يتسكعون: يسيرون كالهائم على وجهه، لا يدرون أين يذهبون.)، ومن جديدْ

27. يستقبلونَ هُناك – طاغيةً (ظالم، شديد الظلم، جَبَّار.) جَديدْ

28. وخُيولنا الخَشبية العَرجاءُ، كُنَّا في الجِدار

29. بالفَحم نَرسُمُها، ونَرسم حولَها حقلا ودارْ

30. حَقلا ودَارْ

31. ونُطاردُ القِطط الهزيلةَ في الأزقة بالحِجارْ

32. وإلى "الحبيبةِ" كانَ يَدفعنا ويدفعنا الحَنينْ

33. في بيتِها نقضي أماسينا (أماسي: جمع أمسية، ساعات ما بعد آخر النّهار إلى قلب الليل.) الطَّويلةَ حالمينْ


*57*

34. كُنَّا لخفقِ نِعالِها الفضي، نُصغي ساهِمينْ

35. بعدَ المَساءِ، وبعدَ حِينْ

36. وتثورُ أحقاد السنينْ

37. فنَعودُ نبحث في بَقايا الذكرياتِ عن الحياةْ

38. الأمسُ ماتْ

39. الأمسُ ماتْ

40. لم يبقَ حولَ "مدينةِ الأطفالِ" إلا ما نَشاء

41. إلا السماءْ

42. جوفاءَ، فارغة، تحجَّر في مآقِيها (المآقي: جمع المآق أو المُؤَق، مجرى الدَّمع.) الدُّخانْ

43. إلا بقايا السُّورِ والشَّحاذُ يَستَجدي (يستجدي: يتسول، يشحذ.) وأقدام الزَّمانْ

44. إلا العجائز في الدُّروب المُوحشاتْ

45. يسألنَ عنا الغادياتِ (الغاديات: الذاهبات صباحًا)،الرَّائِحاتْ (الرّائحات: الذّاهبات بعد الصّباح أي ظُهرا.)

46. ولرُبما مرَّت بِهنَّ. بهنَّ هذي الذِّكرياتْ:

47. "السُّورُ" "وَالشَّحَّاذُ" وَالطفلُ الذي بالأمسِ ماتْ".

اضاءات على المضمون:

1. مطالعة ذكريات الأمس.

2. الأطفالُ لا يعرفونَ الأشياء الصغيرةَ.

3. ألعابُ الصّغار.

4. "الحبيبة".

5. ذهبَ الأمسُ وماذا بقي منه؟.


*58*

أجواءُ النَّصِّ:

مميزات فترة الطفولة، أساليبُ التربية والتعامل مع الطفل، الأطفالُ مرآةُ الغد للمجتمع، صراعُ الأجيالِ وانعكاساته من عهد الطّفولةِ، الأساطيرُ والطّفلُ.

أسئلة المضمون:

1. كيف عبَّر الشاعر عن رجوعه إلى الذكرياتِ البعيدةِ في أيامِ الطفولةِ؟ سطر (1).

2. تتضمن الأسطرُ 2. 12 بعض ملامح تصرفات ومواقف الطُّفولة كما مر بها الشاعر. وضح:

- أهدافَ الركض / سطر (2).

- شجاعة ورَباطة جأش الأطفال / السطران (3 و 5)

- حرية الأطفال في وصف الأشياء / السّطران (6 و 7).

3. كيف كان الأطفال يصفون النجوم وما سببُ الوصف؟ سطر (9).

4. ما هي الأشياء التي يجهلها الأطفال وما هي الأمور التي لم يصَدّقوها؟ سطر (13).

5. لماذا كان الأطفال يحدّقون في الظلام ولا ينامون؟ السّطر (18).

6. كيف وصف الشاعر المُدُن التي تخيلها الأطفال وبماذا شبّهها؟ الأسطر (19-20).

7. تفيدُ مضامين الأسطر 24-27 أن الأطفال كانوا ينامون وهم في ظل حالة معينة تدور حولهم ويشعرون بها. فصِّلْ ذلك واشرحهُ.

8. يذكر في السطرين (28 و 31) بعض ألعاب الأطفال التي كانوا يصنعونها، كذلك يذكر بعض التصرفات التي كانوا يقومون بها. اشرح ذلك.

9. أين تنعكس صورة الفقرِ على البلدةِ وعلى الأطفال؟ راجع الأسطر (28، 29، 31).

10. حدد مدلولات الكلمات التالية وأدوارها في صُنع مضمون الأسطر التّالية:

- الحنين / سطر (32).

- بيتها / سطر (33).

/ نَقْضي / سطر (34)

11. ما هو دورُ العجائزِ في النَّصّ / السّطران (40-44).


*59*

12. تتبَّع الأمكنة التي وردتْ في القصيدة وبين دورَ كل مكان في تشكيل الحدث الزّماني، بما يُسمى المكان الزمني. "اُنظر التعريفات".

أسئلة الأُسلوب:

1. من الواضح أن الهيكل الشعري الذي بُنيت عليه القصيدة هو هيكل الشّعر الحُرّ. هل تجدُ بعض ملامح الشِعر العمودي كالوزن والقافية مثلا؟ أشِر إلى نماذج وبينّ ذلك.

2. ورد النفيُ بحرف "لا" أكثر من سبع مراتٍ. ما قيمة هذا النفي؟

ولماذا احتاجه الشاعر؟ تتبع ذلك في الأسطر 3، 5، 13، 14، 15، 16، 24.

3. هل تجد تفسيرا لسيطرة الأسلوب الخبري على جمل القصيدة؟ وضحه.

4. ما هي الحُرية التي تبدو في أسلوب القصيدة؟ بمعنى أي قيود فنية تسيطرُ في القصيدة العمودية تخلَّصت منها هذه القَصيدة؟

5. هل نستطيع القول بأنّ الشاعر ينقل الماضي كمعادن موضوعي؟ "اُنظر المعادل الموضوعي في التعريفات" للحالة التي تُسيطر عليه في الواقع الذي يعيشهُ. اشرح.

6. أسلوبُ المزدوجات: كيف تشرح كتابة الكلمات: "الشيءُ الصغير" "والسَّورُ" "والشحاذُ" "والطفل الذي بالأمس مات" بين مزدوجات؟

7. اشرح الاستعارة في الجُمل التالية: "اُنظر الاستعارة في التعريفات"

- ماتَ الضياء / سطر (6) وكذلك تحجر الزمان. وأحقادُ السّنين.

- النجوم تنظرُ في فُتون / سطران (10-9)

8. اِستعمل الشاعر "الأسلوبَ التراكمي" وهو عبارة عن إضافة أُمور جديدة لما سبق.

اشرح ذلك على ضوء الأسطر (38-47).

أسئلة الرّأي والموقف والقيم:

1. ما رأيُكَ في فترة الطفولة هل لها انسيابات تأثيرية في مراحل ما بعدها. أم أنها فترة يحياها الإنسانُ بحلْوها ومُرها.

2. هل حسب رأيك يتفاعلُ الطفل مع الأحداث التي تدورُ حوله بناءً على تعليماتِ


*60*

المجتمع وتوجيهاته أم أنه يستطيع أن يناقش الأمور ويحلّلها؟ علل إجابتك.

3. لماذا حسب رأيك - يتلهّى الأولادُ برسم خيول عرجاء على الجدار؟ أي تفكير يقود إلى ذلك؟

4. ما رأيك في إخلاد الشخصي للذكريات؟

مصادر للتوسع:

1. سليمان جبران: المبنى واللغة في شعر عبد الوهاب البياتيّ، دراسة أسلوبية، مؤسسة الثقافة الفلسطينية، إصدار دار الأسوار، عكا ط 1989.

2. خليل رزق: شعر عبد الوهّاب البياتي، مؤسسة الأشرف، ط 1995.

3. أحمد قبّش: تاريخ الشّعر العربي الحديث، 1971.


*61*

صلاح عبد الصبور (1931م-1981 م)


*61*

من مواليد الزقازيق (في مصر) سنة 1931. تخرج من كلية الآداب - قسم اللغة العربية عام 1951. عمل بالتدريس فترة من الزمن، ثم صحفيا في جريدة "روز اليوسف"، ثم نائبا لرئيس تحرير مجلة "الكاتب"، ورئيسا للهيئة العامة للكتاب.

بدأ ينظم الشعر منذ عام 1953، ومنذ ذلك الحين وهب حياته للشعر. سيطرت عليه الصوفية المجردة وهو طفل عمره ثلاث عشرة سنة.

بدأ حياته الشعرية بنظم الشعر التقليدي يحاكي فيه المتنبي وأبا العلاء المعري، ثم بدأ يحاكي بعض الشعراء المحدثين كإبراهيم ناجي، ومحمود حسن إسماعيل، ثم تعمق في قراءة الشعر الغربي كشعر "ت. س. إيليوت"، و "كافكا"، فانقطع إثر ذلك عن نظم الشعر التقليدي وبدأ ينظم الشعر الحر من عام 1951 وأخرج عدة دواوين منها:

الناس في بلادي.

1. أقول لكم.

2. أحلام الفارس القديم.

3. تأملات في زمن جريح.

4. مأساة الحلاج (مسرحية شعرية)

5. مجموعة مختارات باسم "رحلة في الليل".

6. حياتي في الشعر.

7. بعد أن يموت الملك.

توفي عام 1981.

وهي تحكي قصة الصوفي (الحلاج) الذي صلب في بغداد في أواخر العصر العباسي عام 309 ه إثر اتهامه بالزندقة.


*62*

حكاية قديمة


*62*

صلاح عبد الصبور

1. كان له أصحاب

2. وعاهدوه في مساء حزنه.

3. ألا يسلموه للجنود

4. أو ينكروه عندما

5. يطلبه السلطان

6. فواحد أسلمه لقاء حفنة من النقود

7. ثم انتحر

8. وآخر أنكروه ثلاثة قبل انبلاج (انبلاج: إشراق، إضاءة، ظهور.) الفجر

9. وبعد أن مات اطمأنت شفتاه

10. ثم مشى مكرزا (مكرز: واعظ ببشارة الإنجيل.) مفاخرا بأنه رآه

11. وباسمه صار مباركا معمدا (معمدا: مر بالتعميد وهو الاغتسال بماء العمودية في الكنيسة، وذلك للتطهر من الخطيئة وهي خطيئة آدم.)

12. والآن يا أصحاب

13. أسألكم سؤال حائر

14. أيهما أحبه؟.


*63*

15. من خسر الروح فأرخص الحياة (أرخص الحياة: استهان بها واعتبرها رخيصة.)

16. أم من بنى له معابدا

17. وشاد (شاد: بنى.) باسمه منائر (منائر: جمع منارة: بناء أو عمود مرتفع في رأسه ضوء ومنه منارة المركب أو المسرجة والمنارة على ساحل البحر ليرى قائد السفينة أنه قريب من الشاطئ.)

18. قامت على الحياة

19. نجت لأنها تنكرت

20. والآن يا أصحاب

21. أيهما أحبه؟

22. أيهما أحب نفسه؟

23. أيهما أحبنا؟

اضاءات على المضمون:

1. أصحاب يتعاندون.

2. ماذا حصل؟.

3. أسئلة الراوي من أحبه.

4. التوسع في الأسئلة البلاغية.


*64*

أجواء النص:

حكاية المسيح عليه السلام وملاحقته، أتباعه ونشر الدين المسيحي، الصحبة وشروطها: الإخلاص، الوفاء، التضحية. حب المال وارتكاب الخيانة من أجله. الرمز في الشعر وموقف الشاعر منه. الخيانة الكبرى في التاريخ وتسليم المسيح لقاء ثلاثين قطعة من الفضة. العشاء الأخير، ظاهرة التناص.

أسئلة المضمون:

1. ما هي مبادئ الصداقة التي تعكسها. الأسطر الخمسة الأولى؟

2. أي موقف يعكس السياق في الأسطر (6-11) بالنسبة لمبادئ الصداقة المتفق عليها؟ فصل ذلك.

3. صف مصير الصديقين. الأسطر (6-10).

4. يقول الشاعر في سطر (13) أسألكم سؤال حائر. أين تبدو الحيرة؟

5. لمن يوجه الشاعر القول عندما يقول: والآن يا أصحاب / سطر (20) ولماذا؟

6. بين دلالات الضمائر التي تتصل بالكلمات في الأسطر (21-22-23).

7. أين تجد التشابه بين مضمون النص وحكاية المسيح عليه السلام؟ (التناص).

8. من هما الصاحبان الحقيقيان اللذان يظهران في النص؟

9. يقول الشاعر في موضع غير القصيدة هذه: إن محك الكمال في القصيدة هو احتواؤها على ذروة شعرية تقود كل ابيات القصيدة. أين تجد هذه الذروة في هذا النص؟

أسئلة الأسلوب:

1. يسيطر على القصيدة أسلوب القص / السرد. وضح عناصر القصة الموجودة في النص.

2. يتبع الشاعر في المقطعين الأول والثاني خاصة الأسلوب التحليلي. "انظر كشاف المصطلحات". بين ذلك.

3. هذه قصيدة من الشعر الحر. ما هي القيود "العمودية" التي تحررت منها؟ وماذا بقي فيها؟


*65*

4. عدد الأساليب التي عملت على التواصل المضموني "الجريان" بين الأسطر.

5. كيف تقيم المستوى اللغوي والمفردات التي جاء بها النص؟

6. عم كنى الشاعر بالألفاظ التالية: مساء حزنه، حفنة من نقود، انبلاج الفجر.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في موقف الصاحبين؟

2. هل تستطيع أن تجيب عن سؤال الشاعر / سطر 14؟ ماذا تجيب؟

3. هل تستطيع أن تجيب عن سؤال الشاعر / سطر 20؟ ماذا تقول؟

4. ما هي شروط الصداقة الحقيقية، حسب رأيك؟

مصادر للتوسع:

1. حيدر توفيق بيضون: صلاح عبد الصبور قصيدة مصر الحديثة، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، ط 1، 1313ه / 1993 م.

2. مجلة الحوادث البيروتية 16 / 5 / 1986المجلد 111.

3. صلاح عبد الصبور: قراءة جديدة لشعرنا القديم، منشورات إقرأ. د. ت.

4. ميشال خليل جحا: الشعر العربي الحديث، من أحمد شوقي إلى محمود درويش، دار العودة، دار الثقافة، بيروت، طبعة أولى. د. ت.

5. نشأت مصري: صلاح عبد الصبور الإنسان والشاعر، القاهرة، الهيئة المصرية 1982.


*66*

أمل دنقل


*66*

(1940 م-1983 م)

ولد محمد أمل دنقل في قرية القلعة بمحافظة قنا في مصر سنة 1940، لأب كان الوحيد في قريته الذي حصل - في نفس العام - على جائزة العالمية من الأزهر. توفي والده سنة 1950 وعمر الشاعر 10 سنوات، فتحمل مسؤولية الأسرة التي خسرت ممتلكاتها بطمع الأقارب من الورثة، ثم انتقل الشاعر إلى القاهرة للدراسة في كلية الآداب، لكنه اضطر إلى ترك دراسته والسفر إلى الإسكندرية للعمل. لكنه عاد إلى القاهرة والتحق برفقائه من أدباء جيل الستينيات الذين اعتادوا الاجتماع في مقهى "ريش". وكان أمل دنقل يفاخر بأن نسبة يعود إلى قبيلة قريش، ولعل اعتقاده بأنه من تسب يرجع إلى الأشراف جعله يمثل في شعره نموذجا للبطل الذي يؤمن بقيم نبيلة لا يجد لها تحقيقا في المجتمع.

نظم الشعر في فترة زمنية قصيرة، لا تزيد على عقدين.

توفي عام 1983.


*67*

الخيول


*67*

أمل دنقل

(1)

1. الفتوحات - في الأرض مكتوبة (مكتوبة: يعني أنها حاصلة.) بدماء الخيول

2. وحدود الممالك

3. رسمتها السنابك (السنابك: جمع سنبك وهي طرف الحافر.

4. والركابان (الركابان: مثنى ركاب، جمعها ركب، ما يعلق في السرج فيجعل الراكب فيه رجله. يدخل الراكب قدميه فيهما.) ميزان عدل يميل مع السيف.

5. حيث يميل

6. اركضي أو قفي الآن. أيتها الخيل:

7. لست المغيرات صبحا

8. ولا العاديات كما قيل (كما قيل: كما ورد في القرآن الكريم.) ضبحا (ضبحا: الضبح صوت الخيل في أثناء عدوها ليس بصهيل ولا حمحمة.)

9. ولا خضرة في طريقك تمحى

10. ولا طفل أضحى

11. إذا ما مررت به يتنحى (يتنحى: يبتعد جانبا من الطريق ويفسح المجال لغيره.)

12. وها هي كوكبة (كوكبة: جماعة.) الحرس الملكي.

13. تجاهد أن تبعث الروح في جسد الذكريات

14. بدق الطبول


*68*

15. اركضي كالسلاحف

16. نحو زوايا المتاحف

17. صيري تماثيل من حجر في الميادين

18. صيري أراجيح من خشب للصغار الرياحين

19. صيري فوارس حلوى بموسمك النبوي

20. وللصبية الفقراء حصانا من الطين

21. صيري رسوما. ووشما (الوشم: علامة على الجلد تعمل بواسطة غرز الإبرة فيه ورشه بمادة معينة تسمى النيلج.)

22. تجف الخطوط به

23. مثلما جف في رئتيك - الصهيل!

(2)

24. كانت الخيل - في البدء - كالناس

25. برية تتراكض عبر السهول

26. كانت الخيل كالناس في البدء.

27. تمتلك الشمس والعشب

28. والملكوت (الملكوت: الملك الكبير العظيم، العز والسلطان.) الظليل

29. ظهرها لم يوطأ (لم يوطأ: في الأصل لم يدس وهنا لم يخفض.) لكي يركب القادة الفاتحون

30. ولم يلن الجسد الحر تحت سياط (سياط: جمع سوط وهو الكرباج.) المروض (المروض: سائس الخيل، معلمها.)

31. والفم لم يمتثل (لم يمتثل: لم يخضع.) للجام

32. ولم يكن الزاد. بالكاد (بالكاد: المقصود هنا القليل جدا.)،


*69*

33. لم تكن الساق مشكولة (مشكولة: مربوطة بقوائمها "مخالفة اليد اليمنى مع الرجل اليسرى".)،

34. والحوافر لم يك يثقلها (يثقلها: هو حمل ثقيل عليها.) السنبك المعدني الصقيل (الصقيل: الأملس.)

35. كانت الخيل برية

36. تتنفس حرية

37. مثلما يتنفسها الناس

38. في ذلك الزمن الذهبي النبيل

39. اركضي أو قفي

40. زمن يتقاطع

41. واخترت أن تذهبي في الطريق الذي يتراجع

42. تنحدر الشمس

43. ينحدر الأمس

44. تنحدر الطرق الجبلية للهوة (هوة: حفرة عميقة جدا أو منخفض عميق جدا.) اللانهائية

45. الشهب المتفحمة (متفحمة: محروقة كالفحم.)

46. الذكريات التي أشهرت شوكها (أشهرت شوكها: جعلته ينتصب، أشهر السيف: رفعه مهددا.) كالقنافد (القنافذ: جمع قنفذ، حيوان صغير أصغر من القط يحميه جلد مملوء بما يشبه الإبر أو الشوك القوي.)

47. والذكريات التي سلخ الخوف بشرتها (البشرة: الجلد.)


*70*

48. كل نهر يحاول أن يلمس على القاع

49. كل الينابيع إن لمست جدولا من جداولها

50. تختفي

51. وهي لا تكتفي!

52. فاركضي أو قفي

53. كل درب يقودك من مستحيل إلى مستحيل!

(3)

54. الخيول بساط على الريح.

55. سار - على متنه (متن: ظهر.) الناس للناس عبر المكان

56. والخيول جدار به انقسم

57. الناس صنفين:

58. صاروا مشاة. وركبان

59. والخيول التي انحدرت نحو هوة نسيانها

60. حملت معها جيل فرسانها

61. تركت خلفها: دمعة الندم الأبدي

62. وأشباح خيل

63. وأشباه فرسان

64. ومشاة يسيرون حتى النهاية - تحت ظلال الهوان (الهوان: الذل المهانة، الحقارة.)

65. اركضي للقرار (القرار: من معانيها النهاية، الآخر وهو المقصود هنا.)

66. واركضي أو قفي في طريق الفرار

67. تتساوى محصلة (محصلة: نتيجة، خلاصة.) الركض والرفض في الأرض

68. ماذا تبقى لك الآن:


*71*

69. ماذا؟

70. سوى عرق يتصبب من تعب

71. يستحيل (يستحيل: يتحول من شيء إلى آخر.) دنانير من ذهب

72. في جيوب هواة سلالاتك العربية

73. في حلبات المراهنة الدائرية

74. في نزهة المركبات السياحية المشتهاة

75. وفي المتعة المشتراهْ

76. وفي المرأة الأجنبية تعلوك تحت

77. ظلال أبي الهول

78. (هذا الذي كسرت أنفه

79. لعنة الانتظار الطويل)

80. استدارت - إلى الغرب - مزولة الوقت

81. صارت الخيل ناسا تسير إلى هوة الصمت

82. بينما الناس حين تسير إلى هوة الموت!

اضاءات على المضمون:

1. الخيول صنعت الممالك.

2. خطاب موجه لخيول اليوم - الزمن الحاضر.

3. الخيول في الماضي - الزمن الماضي.

4. لا تعويل على الخيول اليوم.

5. الخيول بساط على الريح والناس إلى الذل والهوان وإلى الموت.


*72*

أجواء النص:

الحصان، الخيل في الحياة العربية، الجاهلية والإسلامية، حصان امرئ القيس، حصان عنترة بن شداد، داحس والغبراء، الخيل معقود بنواصيها الخير (حديث شريف)، مسابقات الخيول، الأصل العربي، الخيل في القرآن الكريم. الرمزية في القصيدة

أسئلة المضمون:

1. ما هو الدور الذي لعبه دم الخيول في التاريخ كما يعلن عن ذلك الشاعر في السطرين (1-2).

2. يبدو من السطرين (4 و5) أن هنالك علاقة بين الركابين والسيف. اشرح ذلك.

3. ما هي الأشياء التي فقدتها الخيول من صفاتها سابقا؟ السطران (7-8).

4. ذكر الشاعر في سطر (10) كلمة "طفل". ما علاقة الطفل بالخيول حسب النص في سطر (11).

5. يقول في السطر (14): "بدق الطبول كفعل يرفع من قيمة الخيول في مكان ما". اشرخ لماذا. وأين يتم هذا العمل؟

6. يفصل الشاعر الأجسام التي صنعت خيولا. عدد هذه الأشياء واذكر لماذا، حسب رأيك، احتل الحصان هذه المكانة. الأسطر (17-21).

7. ما هي الكلمة التي لا تقال إلا للخيول وكيف وصفها معكوسة عليها (على الخيول)؟ سطر (23).

8. الفعلان: "تتراكض" سطر (25) و "تمتلك" سطر (27) ترتبط دلالة حدوثهما بزمن سطر (24). المطلوب توضيح الدلالة العملية للفعلين وتعيين الزمن المشار إليه.

9. ما هي الأعضاء الجسدية التي عددها الشاعر للخيول ولم يمسها أحد؟ الأسطر: (29، 30، 31، 33، 34)، وضح لأي غرض بشري سخر كل عضو منها.

10. يوجه الشاعر سطر (39) الفعلين للخيول: اركضي أو قفي. ماذا يعني بذلك؟

11. هات صورة محسوسة تمثل قوله زمن يتقاطع. سطر (40).

12. صف حالة حياتية تصور التراجع في الطريق. سطر (41). وكيف سارت الخيول في هذا الطريق؟ حاول أن تجد توضيحا لذلك.

13. يتكرر الفعل تنحدر وينحدر في الأسطر: (42-43-44). ما الذي ينحدر كل مرة وما هو الانحدار المقصود هنا؟


*73*

14. وضح كيف تشهر الذكريات شوكتها؟ وكيف يسلخ الخوف بشرتها؟ سطر (46).

15. كيف يمكن تأويل قول الشاعر: "كل نهر يحاول أن يلمس القاع"؟ وهل يتماثل هذا القول مع صورة حياتية معينة؟ وضح. سطر (48).

16. حاول أن تمثل المستحيل الذي يكرره في السطر (53).

17. ما هي وظيفة كلمة "بساط" المذكورة في سطر (54)؟ انظر سطر (55).

18. شبه الشاعر الخيول بجدار ما المقصود بذلك؟ الأسطر (56-58).

19. بعد أن يقرر الشاعر بأن مزولة الوقت استدارت إلى الغرب يقارن بين الخيل، وبين الناس. ماذا قال عن كل طرف؟

أسئلة الأسلوب:

1. القصيدة مكتوبة بأسلوب الشعر الحر. ما هي سمات الشعر الحر فيها، وهل تجد فيها سمات تقليدية من الشعر العمودي؟

2. لأن مضمون القصيدة سردي جاءت معظم الجمل فيها خبرية الأسلوب، ومع ذلك وردت جمل بالأسلوب الإنشائي. استخرج هذه الجمل الإنشائية وبين صيغها ووظيفتها.

3. استعمل الشاعر أسلوب التشبيه في الأسطر (4، 15، 24، 46، 54، 56، 81). اشرح ثلاثة منها وبين أثرها في المضمون.

4. إلى أي شيٍ يشير إقحام صورة المرأة الأجنبية وهي تركب الحصان أمام تمثال أبي الهول؟'

5. يرد في النص كثير من الكنايات. استخرج ثلاث كنايات وبين المكنى عنه. وقيمتها في النص.

6. ورد النفي في النص باستعمال "ليس" والتركيب "ولا" وحرف النفي والجزم "ولم". بين ما قيمة النفي، وماذا حقق هذا الأسلوب في بناء مضمون القصيدة في موضعين في النص.

7. ظهر أسلوب الطلب بواسطة الأمر اركضي، وقفي، وصيري. ماذا طلب الشاعر بواسطة هذه الأفعال؟ ولماذا لجأ الشاعر إلى هذا الأسلوب؟

8. يتكرر حرف الجر "في" في السطرين (71-72) ومع واو العطف "وفي" في الأسطر (73-76). ما غرض هذا التكرار وماذا يضيف للشكل؟

9. اشرح الاستعارات التالية، بين المشبه والمشبه به ووظيفة هذه الاستعارات ووضح ما حذف منهما:

- رسمتها السنابك - سطر (3)

- جف الصهيل - سطر (23)

- نهر يحاول أن يلمس القاع - سطر (48)

10. استعمل الشاعر أسلوب التناص. عينه وبين أصله ووظيفته في النص.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. هل يوجد تشابه في الأسلوب بين ما قاله عنترة في معلقته:

هلا سألت الخيل يا ابنة مالك؟ وبين قصيدة الخيول وتوجه الشاعر إلى الخيول في قصيدتنا: "الخيول"؟

2. في سطر (8) تناص مع القرآن باستعماله كلمة "ضجا" - من سورة العاديات "والعاديات ضبحا" وقد مهد لهذا التناص بتعبير اعتراضي - كما قيل - ما رأيك بهذا التعبير الذي يشير إلى سورة من القرآن الكريم؟ هل هو مقبول عليك؟ وضح الإجابة.

3. يقول الشاعر في سطر (67): تتساوى محصلة الركض والرفض. ما رأيك في مدلول الركض والرفض هنا؟

4. ما رأيك بذكر الشاعر لأبي الهول الهرم الفرعوني في مصر، سطر (77) وذكر أنفه المكسور؟ ماذا، حسب رأيك، أراد أن يهمس أو يقول؟

مصادر للتوسع:

1. ميشال خليل حجا: الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي إلى محمود درويش، دار العودة، دار الثقافة، بيروت - طبعة أولى.

2. ديوان أمل دنقل: مكتبة مدبولي، دار العودة، بيروت، ط 1985.

3. عبلة الرويني: أمل دنقل الجنوبي، 1985.

4. محمد سليمان: الحركة النقدية حول تجربة أمل دنقل الشعرية، عمان: دار اليازوري، 2007.


*76*

نزار قباني


*76*

(1923-1998)

ولد في دمشق في 21 آذار عام 1923 في بيت واسع كثير الماء والزهر من منازل دمشق الوسيعة القديمة، والده توفيق القباني تاجر كبير، ورث نزار الحس الفني المرهف بدوره من عمه أبي خليل القباني، الشاعر والمؤلف والملحن وباذر أول بذرة في نهضة المسرح المصري (أحمد قبش المصدر السابق ص 635.).

وفي سنة 1944 نشر ديوانه الأول "قالت لي السمراء"، وكان هذا الديوان تعبيرا جزئيا عما كان يعانيه جيل الحرب العالمية الثانية من ضياع وقلق وكبت عاطفي (حنا الفاخوري: المصدر نفسه ص 686.). وقد تعرض هذا الديوان حين صدوره لمقاومة عنيفة من قبل الملتزمين، واعتبر خروجا عن خط المدرسة التقليدية للشعر العربي شكلا ومضمونا.

وعمل فور تخرجه عام 1945 في السلك الدبلوماسي، والتحق بأول بعثة سياسية للقاهرة. وقبل أن يتركها عام 1948 أصدر ديوانه الثاني "طفولة نهد"، ثم انتقل إلى تركيا. وفي العام 1952 انتقل إلى لندن، وهناك أتقن الإنجليزية، حيث بقي سفيرا لسوريا في لندن حتى العام 1955. وإجمالا فقد أتاح له عمله في السلك السياسي رؤية أوروبا كلها تقريبا: فرنسا وألمانيا وإسبانيا والسويد والدانمارك، وإتقان الفرنسية والإسبانية إلى جانب الإنجليزية والاطلاع على ثقافة تلك البلدان وحضارتها وآدابها (د. نبيل خالد أبو علي: نزار قباني شاعر المرأة والسياسة، مكتبة مدبولي 1999، ص 1213.). استقال من عمله بوزارة الخارجية عام 1966، وأسس دارا للنشر في بيروت، وقد شرح ذلك بقوله: "لأتفرغ نهائيا للشعر، لأني كنت أشعر بإزدواجية مرعبة في داخلي تمنعني من ممارسة حريتي بشكل مطلق، لذلك تفرغت للشعر وحده". توفي نزار قباني سنة 1998.


*77*

أنا يا صديقة متعب بعروبتي


*77*

يا تونس الخضراء

نزار القباني

1. يا تونس الخضراء جئتك عاشقا وعلى جبيني وردة وكتاب

2. إني الدمشقي (الدمشقي: المنسوب إلى دمشق.) الذي احترف الهوى فاخضوضرت لغنائه الأعشاب

3. أنا فوق أجفان النساء منكسر قطعا فعمري الموج والأخشاب

4. هل دولة الحب التي أسستها سقطت علي وسدت الأبواب؟

5. من أين أدخل في القصيدة يا ترى وحدائق الشعر الجميل خراب؟

6. لم يبق في دار البلابل بلبل لا البحتري (البحتري: شاعر عباسي اشتهر بالوصف، وبخاصة وصف إيوان كسرى والربيع، والذئب.) هنا ولا زرياب (زرياب: هو أبو الحسن علي بن نافع، موسيقي ومطرب عذب الصوت، من العراق من العصر العباسي الذي أضاف وتر (اليكاه) إلى العود.)

7. قمر دمشقي يسافر في دمي وبلابل وسنابل وقباب

8. أمشي على ورق الخريطة خائفا فعلى الخريطة كلنا أغراب

9. يا تونس الخضراء كأسي علقم (علقم: شديد المرارة. الأنخاب: النخب، أن ترفع الكؤوس، ويقول الشارب نخب كذا وكذا أي العزيز الذي سيشرب من أجله.) أعلى الهزيمة تشرب الأنخاب؟

10. لا تعذليني إن كشفت مواجعي وجه الحقيقة ما عليه نقاب (نقاب: غطاء حجاب.)

11. إن الجنون وراء نصف قصائدي أوليس في بعض الجنون صواب؟

12. فإذا صرخت بوجه من أحببتهم فلكي يعيش الحب والأحباب


*78*

اضاءات على المضمون:

1. الإعلان عن مشاعر الحب.

2. ديارنا خاربة.

3. الهزيمة بسبب الألم والتوجع.

أجواء النص:

عودة للشعر العمودي، الأوضاع العربية، الهزيمة العربية والانقسامات.

الإشارات الثقافية في الشعر ودلالاتها. شاعر المرأة، بعض قصائده المشهورة والمغناة من قبل أشهر المطربين العرب، قصيدة بلقيس. مهرجان قرطاج، وندوات الشعر.

أسئلة المضمون:

1. بماذا يصف الشاعر تونس؟ وبماذا يخبرها؟ البيت (1)

2. يعلن الشاعر في البيت الثاني بأن له حرفة معينة. ما هي؟ فسر قولة. البيت (2)

3. ذكر الشاعر حدثا معينا له علاقة مع أجفان النساء، ما هو؟ البيت (3)

4. ماذا يقصد ب "دولة الحب" في البيت (4) وبماذا وصفها؟

5. ما هي الحيرة التي يتساءل عنها؟ ولماذا يبدو محتارا؟ البيت (5)

6. ما العلاقة أو المشابهة بين الحديقة الغناء والشعر؟ البيت (5)

7. يتضمن البيت السابع إيماء بالانتماء والاعتزاز بالوطن. وضح ذلك.

8. يعبر في البيت الثامن عن خوف ينتابه وهو في مكان ما. وضح أي مكان يتحرك به وهو خائف؟ ولماذا؟

9. ما هو دور الهزيمة في البيت التاسع وما هو تأثيرها في حياته؟

10. يوجه النداء إلى تونس بعدم عذله ويشرح السبب. لماذا؟ وضح ذلك. البيت (10)

11. تتكرر كلمة "الجنون" في البيت (11). ما دورها في كل مرة؟

12. في البيت (12) يقدم سببا لصراخه. ما هذا السبب؟


*79*

أسئلة الأسلوب:

1. يبدأ البيت الأول بأسلوب النداء. ما غرض النداء هنا؟

2. استعمل في البيت الأول أسلوب التوكيد بواسطة الحرف "إن" فقال: "إني". ما دور التوكيد هنا؟

3. لماذا استعمل أسلوب التقرير في البيت الثالث؟

4. ما هو غرض الاستفهام في البيب الرابع؟

5. أي نوع من الاستفهام ورد في البيت الخامس؟ بين غرضه.

6. ما دور أسلوب النفي الذي ابتدأ به البيت السادس؟

7. في البيت السادس "تناص" تراثي. اشرح قيمته؟

8. ورد نصف البيت التاسع الاول بأسلوب النداء ونصفه الثاني بأسلوب الاستفهام. فسر ووضح كلا منهما.

9. ما هو دور النهي في البيت العاشر؟

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. هل حقق الشاعر حسب رأيك - تواصلا بين عاطفته ومشاعره القومية؟ اشرح ووضح.

2. ما رأيك في شاعر يقول: إنه احترف الهوى، وهل الهوى حرفة يتعلمها الرجل؟ بيت (21).

3. ما رأيك بقوله: "عمري الموج والأخشاب"؟ هل تتماثل حقيقة صورة معذب الحب بالغريق الذي يتشبث بالأخشاب في خضم الموج لينجو؟ بيت (3).

4. ماذا يقصد بالخريطة؟ وكيف يمشي خائفا على ورقها؟

5. هل تتحقق قيمة الانتماء الوطني هنا؟ بين رأيك.

مصادر للتوسع:

1. حنا الفاخوري: الجامع في تاريخ الأدب العربي، الأدب الحديث، دار الجيل، بيروت - لبنان، الطبعة الأولى، 1986.


*80*

2. نبيل خالد أبو علي: نزار قباني شاعر المرأة والسياسة، مكتبة مدبولي، 1999.

3. فهمي ماهر حسن: نزار قباني وعمر بن أبي ربيعة، طبقة دار نهضة مصر، القاهرة، 1971.

4. ميشال خليل حجا: الشعر العربي الحديث من أحمد شوقي إلى محمود درويش، دار العودة، دار الثقافة، بيروت، طبعة أولى.

5. رجاء النقاش: ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء، دار سعاد الصباح، الكويت، الطبعة الأولى، 1992.

6. عبد الفتاح الدراويش: نزار قباني وشعره، الأهلية، بيروت، ط 2009.


*81*

قارئة الفنجان


*81*

نزار قباني

1. جلستْ.. والخوْفُ بِعيْنيْها

2. تتأمَّلُ فِنْجاني المَقْلوبْ

3. قالَتْ: يا وَلَدي، لا تَحرنْ

4. فالحُبُّ عليكَ هوَ المَكتوبْ

5. يا وَلدي، قَدْ ماتَ شَهيدا...

6. مَنْ ماتَ على دينِ المحبوبْ...

7. فِنْجانكَ.. دُنيا مُرْعبَةٌ

8. وحياتُكَ أسْفارٌ.. وحُروبْ

9. سَتُحِبُّ كثيرًا وكثيرًا

10. وتَموتُ كَثيرًا وكثيرًا

11. وَستعْشَقُ كُلَّ نِساءِ الأرضِ..

12. وترجِعُ.. كالملكِ المَغْلوبْ..

13. بِحياتِكَ، يا وَلدي، امْرِأةٌ

14. عيناها.. سُبْحانَ المَعبودْ

15. فَمُها.. مَرسومٌ كالعُنْقودْ


*82*

16. ضِحْكتُها.. موسيقى وَوُرودْ

17. لكنَّ سَماءَكَ مُمْطرةٌ

18. وَطريقُكَ.. مَسْدودٌ.. مَسدودْ

19. فَحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي

20. نائمةٌ.. في قصرٍ مَرْصودْ

21. وَالقَصرُ كَبيرٌ.. يا ولَدي

22. وكلابٌ تَحْرُسُهُ وجُنود

23. وَأميرةُ قَلبكَ.. نائمةٌ

24. مَنْ يَدْخُلُ حُجرتَها مَفقودْ..

25. مَن يَطلبُ يَدَها.. مَنْ يَدنو

26. من سورِ حَديقَتِها مَفقودْ

27. مَنْ حاولَ فَكَّ ضفائرها

28. يا وَلدي.. مَفقودٌ.. مَفقودْ

29. بَصَّرتُ.. ونجَّمت كثيرا..

30. لكني.. لم أقرأْ أبدًا..

31. فِنجانًا يُشبِهُ فِنجانَكْ

32. لم أعرفْ أبَدًا.. يا وَلَدي

33. أحْزانًا.. تُشبهُ أَحْزانَكْ..


*83*

34. مَقدُورُكَ أن تَمشي أبَدًا

35. في الحُبِّ.. على حدِّ الخِنْجَرْ..

36. وتَظلَّ وَحيدًا كالأصْدافْ

37. وتظلَّ حَزينًا كالصَّفافْ

38. مَقدوركَ أنْ تَمضي أبدًا

39. في بَحرْ الحُبِّ بغير قُلُوعْ (قُلوع: أشرعة السّفن، مفردها قَلْع، وقَلْع السفينة شراعُها.)

40. وتُحبَّ مَلايينَ المَرَّاتِ..

41. وَترجع.. كالمَلكِ المَخْلوعْ (المَخْلوع: المَعزول والمبعد عن عرشه.)

اضاءات على المضمون:

1. تصوير حالة الخَوف لدى قارئة الفِنْجان.

2. تصوير حياة العاشق كما تَسْتَطلعُها القارئةُ.

3. صورةُ المحبوبة كما ترسمُها قارئةُ الفنجان.

4. العقباتُ التي تَحول بين الشاعر ومحبوبته ومصيرُهُ في الحصول عليها.

5. ما يميز فنجان الشاعر في نظر القارئة.

6. الصورةُ القاتِمةُ التي تَستَطلِعُها قارئةُ الفِنجان للشاعرِ.


*84*

أجواءُ النص:

الإنسانُ توّاقٌ لمعرفةِ الغيبِ والمُستقبلِ، العرافون والمتَنبئون، التّنجيمُ نماذج وصُور لمعرفة المستقبل، قراءةُ الكَفِّ، الحُجُبُ، أو تمام وفتحُ عمّورية. قراءة الخُطوط في فنجان القَهوة.

أسئلة المضمون:

1. في السّطر الأول "واو الحال". من هو / هي صاحبُ الحال وما هي الحالُ المذكورةُ؟

2. يتضمَّنُ السّطر الثالث النّهي عن الحُزن "لا تحزن". ما سبب ذلك؟

3. يقرر السّطران الخامس والسادس ما يبدو حقيقة يؤمن بها من ينهى. ما هي هذه الحقيقة؟

4. ما هي الأمور المستقبلية التي تنعكس من قراءةِ الفِنجان للوهلة الأولى؟ الأسطر

(7-11).

5. ما هي النتيجة التي سيؤول إليها صاحبُ الفِنجان؟ سطر (7).

6. يبدو في الأسطر (13-16) التفاؤل والبشارة، ويبدُو في السَّطرين (17-18) التشاؤمُ. وضح ذلك.

7. تعكس الأسطر (20-22) صورة اجتماعية للحبيبة. وضح هذه الصُّورة.

8. أينَ يمكن أن نلحظ العُنف في الأسطر (19-24)؟ بين صورة العنف التي وردت.

9. تتكرر كلمة "مَفقود" في السّطرين (26-28) ثلاث مرات. اشرح دلالة كل تكرار.

10. ما هي نتيجة تنجيم المُنجمة وتبصير قارئَة الفنجان؟ الأسطرُ (30-33).

11. كيف رسمت قارئةُ الفنجان إمكانية الحياةِ في المستقبل لمن تقرأ لهُ الفنجانَ؟ الأسطر (34-41).

أسئلة الأسلوب:

1. يسيطر على القصيدة أسلوبُ العرض القصصي. بين عناصر القصّة التي وردت في الأسطر (1-6). وضح ما هو هذا الأسلوب وفصّل إجابتك.

2. ما هي وظيفة النداء الوارد في السّطر الخامس؟

3. يبدأُ كلّ سطر من الأسطر (9-10-11-12)، بفعل مضارع. اشرح ما قيمة


*85*

استعمال الفِعل المُضارع هنا.

4. اِستعمل الشاعر في الأسطر (25-28) أسلوب التفصيل والتحليل ذاكرا من يعتبرهُ في عداد الذين سيُقضى عليهم. اشرح ذلك؟

5. قامت الأسطر (29-33) بدَوْر التلخيص والإجمال. ما هي الأمور التي يبدو أنها جوهرُ الأمر وعكستها هذه الأسطر.

6. وردت في الأسطر (36-37-41)، تَشابيهٌ. المطلوب توضيحُها وذكر دورها ووظيفتها في النصّ.

أسئلةُ الرّأي والموقف والقيم:

1. هل توافق على قرار الشاعر على لسان قارئة الفنجان بأن العاشق إذا ماتَ فإنّه يعتبرُ شهيدا؟

2. على ضوء قراءة الفنجان التي تَعني أن مصير الشاعر العاشق أمرٌ محسومٌ. هل ترى أن الإنسان قادر على أن يصنع مستقبلهُ بقواهُ وبقدراته الذاتية؟

3. الرمز في القصيدة، هنالك من رأى أن قارئة الفنجان هي الدّهرُ، أنَّ المحبوبة رمز للوطن والعروبة. ما رأيكَ؟ عللهُ مُدعما بالإثبات.

4. هل يمكننا أن نقول: إنَّ مضمون النص يمكنُ أن يُحقق قيمة الإخلاص والفِداء؟ وضح إجابتك.


*86*

البابُ الثَّالثُ


*86*

الشِّعر الفلسطينيّ حتّى عام 1947


*87*

الشّعر الفلسطينيّ حتى عام 1947


*87*

سارت أساليبُ الشّعر الفلسطيني حتى 1940 على قانون الوزن الواحد، والقافية الواحدة، ولم يخْلُ التأليف الشعري من اتخاذ أسلوب المقاطع بما يطلق عليه اسمُ "الشّعر المقطعيّ" (Strophic Verse) والموشّحات أيضا.

ولعلّ مما يرتفع بمستوى الشّعر الفلسطيني أنَّ الشعراء لم يكونوا أبواقا لحُكام أو مُسخرين لسُلطان، وإنما كانوا يعيشون للشعب وعلى الشعب. أما من ناحية اللغة والعبارات والقاموس الشّعري (Poetic Diction) فقد كان الشّعرُ الفلسطيني يعتبر لغةَ كبار شعراء العرب، وبخاصة في العصر العباسي اللغة المطلوبة وهي إطار ومجال الشعر الراقي ذي الديباجة المتينة واللغة الفصيحة، حتى أن الشعراء كانوا يقتبسون كثيرا من أشعار المُتني وأبي تمام والبُحتري وأبي نُواس وابن الرّومي وأبي العتاهية وأبي فراس الحمْداني وغيرهم.

وإجمالا: امتاز الشّعر الفلسطينيُّ في هذه المرحلة بالأمور التالية:

1. الأسلوبُ الاتباعي النيوكلاسيكيّ، وهو يتمثل بالنظم من حيث الأسلوب وفق بَحر من بحور الخَليل كاملا أو مجزوءا.

2. اللغة المتينةُ والتعابير المتأثرةُ بالشعر العربي في أوج رفعته وذلك في الحقبة العباسية.

3. ظهرت فيه بعضُ المحاولات الأسلوبية كإدخال البحر المجزوء في القصيدة المنظومة على بحر الكامل.

4. الإشارة إلى مضامين تراثية أو أمثال وحكم محلية أو تراثيةٍ.


*88*

إبراهيم طوقان (1941-1905)


*88*

وُلد إبراهيم عبد الفتاح طوقان في مدينه نابلس سنة 1905 وفي نابلس، مَسقط رأسه التحق بالمدرسة الرّشادية الغربية العربية، وأمضى فيها سني الحرب العالمية الأولى (1914-1918)، وكانت تنهج في تعليم اللغة العربية نهجا حديثا لم يكن مألوفا في مدارس نابلس في العهد التركي، وذلك فضل بعض المدرسين النابلسيين الذين تخرجوا في الأزْهر، وتأثروا في مصر بالحركة الشعرية والأدبية، التي كان يرفع لواءَها شوقي وحافظ إبراهيم وخليل مُطران. فأشاع هؤلاء المدرسون روح الشّعر والأدب الحديثة، وأسمعوا الطلابَ للمرّة الأولى في حياتهم الدراسية قصائدَ شوقي وحافظ إبراهيم، وخليل مُطران.

دراسته الثانوية:

انتسب لمدرسة المُطران في القُدس سنة 1919، وبقي أربعة أعوام حتى عام 1923. وكان يتردد مع أخيه أحمد إلى عالم فذٍّ هو نخْلة زريق.

دراسته الجامعية:

دخل إبراهيمُ طوقان الجامعة الأمريكية (في بيروت) في العام المدرسيّ (1923-1924).

وفاة إبراهيم طوقان:

راجع إبراهيم الأطبّاء كثيرا في أمر صحَّتهِ الجسمية، ودخل المستشفيات للعلاج، وكان يشكو من مرض في معدته، وعاش مرافقًا لهذا المرض. يخفُّ مرضُه فيعاوده وهكذا، وفي مساء يوم الجمعة الثاني من شهر أيار (مايو) سنة 1941، أسند إبراهيم رأسه إلى صدر أمّه وأسلم الرّوح إلى بارئها وهو لم يتجاوز السادسة والثلاثين من عمره.


*89*

الحبشي الذَّبيح


*89*

إبراهيم طوقان

المقدمة: هذه الدِّيكة الحبشية، أو الديكة الهندية - إذا نشْتِ - التي يذبحوها على رنين الأجراس وأفراح المعيّدين لتكون (عروس المائدة) تعمل فيها المُدى (جمع مُدية وهو السّكين) تقطيعا، وتشذيبا (تشريحا) لتمتلئ بها البطونُ مُروية بكؤوس الخمر من بيضاء وحمراء.

كذلك هي الأممُ المغلوبة على أمْرها كانت، وما برحت (عروس الموائد) شأن الحبشي الذّبيح، أما ريشُهُ فَتُحشى به الوسائد، وأمّا فتُحشى به البُطون.

1. بَرقت (بَرقت: لمعتْ ومضت كالبرق.) له مَسنونة تتلهب أمضى (أمضى: أشدُّ مضاءً وقطعا.) من القدر المُتاح (المُتاح: المحتَّمّ الذي سيصيب الحيّ عند انقضاء أجله.) وأغلبُ (أغلب: أكثر غَلبة وقهرا.)

2. حزَّت (حزَّت: تحركت في اتجاهين متعاكسين ونتيجة لذلك تدخل في اللّحم.) فلا خدُّ الحديد (خَدُّ الحديد: كناية عن صفحة السّكين المعدنية.) مُخضَّبٌ (مُخضَّبٌ: ملطَّخٌ بالدّم والأصْل الحِناء ولكن هنا الدّمُ كما ذكرنا. بدمٍ ولا نحْرُ (نحْرُ: نحر الذبيح: مكان الذبح كان فعل السكّين.) الذَّبيح مُخضَّب

3. وجرى يصيح مُصفقا حينا فلا بَصرٌ يزوغُ (يزوغُ: تذهب حدَّته وكأنه يميل عن الاتجاه وهذه حالةُ من يُغمى عليه. ولا خُطى تتنكَّبُ (تتنكبُ: تضطربُ: اشتدتْ.)

4. حتى غَلتْ (غلتْ: اشتدتْ.) بي ريبةٌ فسألتُهم خانَ (خانَ السلاح: كناية عن عدم تنفيذ الذّبح وقطع الشّريان.) الساحُ أم المدينةُ تكذبُ

5. قالوا حَلاوةُ روحه رقصتْ به فأجبتهم ما كُلُّ رقصٍ يُطربُ


*90*

6. هَيْهات (هيهات: اسم فعل بمعنى بعُدَ.) دونكهُ (دونكهُ: دونكَ: اسم فعل بمعنى أمامك.) قَضى (قَضى: ماتَ.)، فإذا به صَعقٌ (صعقَ: مصعوق: مذهول.) يُشرق تارةً ويُغربُ

7. وإذا به يزور (يَزور: يميلُ.) مُختلف (مختلف الخُطى: لا يَمشي باعتدال بل مُضطربا وخطواته غير ثابتة.) الخُطى وزكيَّةٌ (موتورةٌ: سُفكت بدون أن يُثار لها.) مَوتورةٌ تتصَبَّبُ

8. يَعدو فيجْذبُهُ العياءُ فيرتمي ويكادُ يظفرُ بالحياة فتهربُ

9. مُتدفقٌ بدمائهِ مُتقلبٌ متعلقٌ بذمائهِ (الذّماء: بقيةُ الرّوح. متوثبٌ: متحفز، يَقفز بقوةٍ.) مُتوثبُ

10. أعذابهُ يُدعى حلاوةَ روحهِ؟ كم منطقٍ فيه الحَقيقةُ تُقلبُ

11. إنَّ الحَلاوةَ في فمٍ مُتلمظٍ (المتلمِّظُ: الذي يخرج لسانه ويمسحُ أسنانه مُتشهيا الطعامَ.) شرها (الشّره: اشتدادُ الميل إلى الطعام.) ليشربَ ما الضَّحيةُ تسكبُ

12. هي فرحةُ العيد التي قامتْ على ألمِ الحياةِ وكُلُّ عِيدٍ طيبُ

اضاءات على المضمون:

1. السكين وعمل السّكين.

2. الذبيح بعد الذبح مباشرةً.

3. تصوير الذبيح بالكلمات.

4. شكلُ الذبيح على الأرض.

5. العبرة.


*91*

أجواءُ النَّصِّ:

نابلس وآل طوقان. فدوى طوقان. حافزُ النَّص "الموتيف". أشعار ذاتُ سيرورة. الانتداب البريطاني، تحيةُ شوقي لعزمهِ زيارةِ فلسطين، إبراهيمُ طوقان والمعلم "معارضة شوقي" قُمْ للمعلّم.

أسئلة المضمون:

1. يتحدث مضمون البيتين الأولُ والثاني عن السّكين بصيغة المؤنث "وقد تذكَّر أيضا" واصفا لها ولفعلها. وضح الأمرين. (الصِفات والفعل).

2. ما هو الشيء الذي يثبت أن شفرة السّكين حادة جدًّا. البيت (2).

3. يصف البيتُ (3) الجَريَ. من الجاري وكيف وصف جرية؟

4. يُخبر الشاعر أنه قد سيطر عليه الشكُّ وعدم فهم الأمْر "غلت بي ريبةٌ". ما سببُ الرَّيبة وكيف حاول استجلاء الأمر؟ البيت (4).

5. لم يقتنع بجواب الحاضرين "قالوا" وبيّن لهم لماذا. ما هو الجواب وما هو الرَّفض؟ البيت (5).

6. تُمثل الأسطر (6-7-8) صورة شعرية مؤثرة للدّيك الذبيح بعد أن سالتْ دماؤهُ نتيجة لحزّ السّكين رقبتهُ. وضح تفاصيل هذه الصُّورة.

7. يُركز الشاعر "عدسةَ التصوير" على الدّيك وهو على الأرض يُصارع الموت. اشرح ما حكمتهُ كلماتُ البيتِ (9) في هذا المَوقف.

8. يبدو الشاعر في البيت (10) وكأنهُ يجادل طرفا ويوجّه له سؤالا تهكميا في صدر البيت ويؤكد موقفهُ في عجز البيت. بيّن كيف تهكم وكيف أكّد موقفهُ؟

9. كيف وصف الشاعر الفَم ومن أين يحصل على الحلاوة؟

10. جاء البيت (12) ليُجمل نتيجة الحدث الأساسي في القصيدة. اشرح ذلك. البيت (11).

أسئلة الأسلوب:

1. جاء البيتُ الأول بأسلوب المفاضلة. عيّن الفاضل والمفضول، وأداة التَّفضيل، وبين قيمة الأسلوب هنا.


*92*

2. أسلوب المشاركة اللفظية في تصوير الحدث أو الفعل، يستعمل أفعالا من مقطعين متشابهين وأحيانا يختلف الثاني عن الأول قليلا مثل: زَلْ زَلْ أو طقْ طقْ أو قلْ قَل، وذلك لتصوير الحدث الذي يحدث من حركتين متعاكستين ذهابا ورجوعا. هل تجد شيئا من هذا في النص؟ اُنظر البيت (2)

3. أيٌّ من أساليب القصة استُعملت في الأبيات (3-5)؟

4. تكررت إذا الفُجائية في السطرين (6-7). هل تحققت مفاجأة ما بعدها؟ وضحها.

5. يتكرر حرف الفاءِ في البيت (8) ثلاث مرات. بَيّن وظيفة هذا التكرار وقيمته.

6. وضح أسلوبَ التهكم الذي جاء به البيتُ (10).

7. لاحظ أواخر الكلمات في الببت (9). ماذا يُسمى هذا الأسلوب؟ انظرْ كشّاف التعريفات.

8. اشرح الاستعارات التّالية وبين وظيفتها:

- برقت له / بيت (1)

- غَلتْ ريبة / بيت (4)

- تكذِبُ / بيت (4)

- الحقيقة تُقلب / بيت (10)

9. استخرج ثلاث كنايات وبيِّن المكنَّى عنه فيها، تلمسْ ذلك في الأسطر: (1)، (3)، (6)، (7)، (9) وغيرها".

10. في البيت (9) يَردُ جناس غير تام. بينه واشرحهُ.

11. وردت الكلمات التالية مكرَّرة. بيِّنْ وظيفة كل منها:

- البيت (2) فلا - ولا

- البيتان (6 و 7): فإذا به وإذا به.

- الأبيات: (5 و10 و 11): حلاوة روحه وحلاوة.

أسئلة الرّأي والموقف والقيم:

1. إذا راجعت البيتَ رقم (8) فإنك تجدُ حرف الميم يَردُ في كل كلمة فيه. هل تظن أن هذا التّتابع لحرف الميم يُضيف معنى أو إيحاء أو تحسينًا لفظيًّا؟


*93*

2. يقول الشاعر في ختام القصيدة في البيت (12) إن فرحة العيد تقوم على ألم الحياة. ما رأيك في هذا القول؟

3. هل يتعارض أكل لحم الطير والحيوانات المحللة دينيا مع قيمة الرفق بالحيوان؟ بين موقفك من هذا الأمر.

مصادر للتوسع:

1. كامل السوافيري: الأدب العربي الفلسطيني، دار المعارف، 1975.

2. عبد الرحمن ياغي: حياة الأدب الفلسطيني الحديث، المكتبة التجارية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1968.

3. البدوي الملثم: إبراهيم طوقان في وطنياته ووجدانياته، المكتبة الأهلية، بيروت، ط 1، 1954.

4. عبد اللطيف شرارة: إبراهيم طوقان، دار المعارف، بيروت، 1079.

5. عمر فروخ: شاعران معاصران، مكتبة العلمية ومطبعتها، بيروت، الطبعة الأولى، 1954.

6. يوسف عطا الطريفي: إبراهيم طوقان، حياته وشعره، الأهلية، ط 1، 2008.


*94*

عبد الكريم الكرمي – أبو سلمى


*94*

(1907م-1980م)

الكرمي: نسبة إلى بلدة "طولكرم" وهي اليوم مدينه طولكرم.

انتقل والده الشيخ سعيد الكرمي إلى دمشق وعين عضوا في الشعبة الأولى للترجمة والتأليف من أول آذار سنة 1919 حتى أيلول سنة 1920، وكان أبو سلمى مع والده، وسكنت العائلة في بيت ملاصق للمجمع العلمي في باب البريد، وفي منتصف 1922 غادر والده دمشق إلى عمان حين أصبح قاضيا للقضاء في حكومة الشرق العربي (في شرق الأردن). وفي الأردن درس الشاعر في مدرسة السلط الثانوية ثم غادر الأردن إلى دمشق ليلتحق بمدرسة التجهيز الأولى أو "مكتب عنبر" وفي "مكتب عنبر" عرفت كنية الشاعر "أبو سلمى".

كنية الشاعر "أبو سلمى" جاء في مقابلة معه ما يلي (صحيفة تشرين: دمشق 1/ 12 / 1987 مقابلة مع أبي سلمى أجراها عبد الرحمن الحلبي.): "كنت طالبا في الثانوية في "مكتب عنبر" في دمشق، وكان لنا أستاذ كبير له فضل على الناشئة وعلي بصورة خاصة، هو الشيخ محمد الداودي، كان يعطينا موضوعا إنشائيا لا أستسيغه، أو يطلب أن نحفظ قصيدة في وصف سيف أو حصان لا أستسيغها أيضا، فكنت آتي إلى الصف أحفظ قصيدة غزلية، فكان يستمع إلي ويرضى أن أحفظ قصيدة أختارها كما أريد بدلا من القصيدة التي يعطينا إياها. ومرة أعطانا موضوعا في مطلع الشهر فنظمت قصيدة ذهبت مع الأسف، وبقي البيت الأول منها هو الذي ألصق اسم سلمى بي فقد قلت:

سلمى انظري نحوي فقلبي يخفق لما يشير إلي طرفك أطرق

فضحك الأستاذ وأخذ ينتقد القصيدة، ثم خرجت فإذا الطلاب رفاقي ينادونني: من هي سلمى؟ يا حبيب سلمى، وكنت أغضب وأركض وراءهم. وفي الدرس الثاني وإذا بأستاذنا الكبير - رحمه الله - يقول ماذا عندك يا أبا سلمى؟ ومن يومها أطلقت هذه الكنية ولصقت بي. وجرت هذه التسمية على ألسنة أساتذتي فقبلت بها ثم اتخذتها اسما شعريا.

توفي أبو سلمى سنة 1980 على إثر نوبة حصلت له في موسكو.


*95*

ابنة بلادي


*95*

عبد الكريم الكرمي - أبو سلمى

1. أين الشذا والحلم المزهر أهكذا حبك يا أسمر؟

2. أهكذا تذوي أزاهيرنا وكان منها المسك والعنبر؟

3. الشفة الحلوة ما بالها تحمل لي الخمر ولا تسكر؟

4. والعين. لا تبسم عند اللقا السحر في العين ولا تسحر

5. أشعارنا كانت توشي الدنى والليل، من أشواقنا مقمر

6. نطير من نجم إلى نجمة يلفنا وشاحك (الوشاح: الأصل هنا أن تشكل هكذا وشاح بالضم، أما بالكسر وشاح فمعناها السيف، وأما بالضم فتعني شبه القلادة من نسيج عريض يرصع بالجوهر تشده المرأة بين عاتقها وكشحها، وهو المطلوب هنا.) الأصفر

7. فمن شعاع الشمس أهدابه تضيء من إشعاعه الأعصر

8. كيف الهوى يمضي كعمر الندى وفي بلادي مرجه الأخضر؟

9. أهواك في أغنية حرة يخفق فيها الناي والمزهر

10. في طلة الفجر على المنحنى يهفو إليه الكرم والبيدر

11. في النهر الضاحك بين الربى تحسده على الهوى الأنهر

شرح الكلمات:

2. المسك: نوع من العطر يصنع من دم دابة كالغزال. العنبر: نوع من الطيب.

4. العين: البقر الوحشي المعروف باتساع عينيه، والحور العين في الجنة بهذه الصفة.

5. توشي: تحسن بالألوان، تطرز.

7 أهداب: جمع هدب وهي امتدادات من نفس الجسم كالبساط ورموش العين.

8. عمر الندى: كناية عن السرعة لأن الندى يجف مع ظهور الشمس.

9. الناي: الشبابة. المزهر: اسم من أسماء آلة العود الموسيقية.

10. المنحنى: مكان بعينه ينحني به الطريق.

11. الربى: جمع رابية، ما ارتفع من الأرض.


*96*

12. في الشاطئ الغربي تغفو على ألحانه الأمواج والأبحر

13. في نغم البلبل يشدو على صنوبر السفح ولا يجهر

14. في عبق الورد وفي لونه يزفه وادي الحمى الأطهر

15. في موكب النصر وفي راية على ذرى تاريخنا تخطر

16. وفي أماني أمتي تنتشي فيها المروءات وتستكبر

17. أهواك في شعبي وفي موطني فأنت لا أحلى ولا أنضر

شرح الكلمات:

13. في قوله لا يهجر: يعني لا يفر ويطير بدون رجوع.

15. موكب: مسيرة جماعية في غرض معين كفرحة أو عكسها. الذرى: القمم جمع ذروة.

17. أنضر: من النضرة: وهي الحسن والجمال، وأنضر: أكثر حسنا وجمالا.

اضاءات على المضمون:

1. الحاضر غير السعيد.

2. الماضي الجميل السعيد.

3. الحب ممزوج بطبيعة الوطن.

4. الحب ممزوج بالشعب والأمة.

5. الإجمال.


*97*

أجواء النص:

الأدب الفلسطيني في الخارج، المشاعر الوطنية، مماثلة مع شعراء المهجر في أمريكا وغيرها. عناصر الطبيعية في القصيدة سمة رومانسية. الشعر العمودي.

أسئلة المضمون:

1. يفهم من البيتين الأول والثاني أن هنالك نغمة عتاب يعبر عنها الشاعر بأسلوب الاستفهام البلاغي. وضح ذلك.

2. يذكر الشاعر في البيتين الثالث والرابع عضوين من أعضاء الجسم، ولكل عضو وظيفة. اشرح ذلك مبينا ما هما العضوان، وما وظيفتهما في النص.

3. ورد في صدر البيت الخامس الفعل الناقص "كان" وهو دلالة على الماضي. ما هي الأشياء التي تحدث عنها في الماضي؟ وماذا قال عنها؟

4. لأي غرض ذكر الشاعر شعاع الشمس في البيت التاسع؟ اشرح.

5. يفهم من البيت الثامن أن الشاعر يستهجن أمرا لسبب معين. ماذا يستهجن؟ ولماذا؟

6. أي مدائح نسبها الشاعر إلى الأغنية في البيت التاسع؟

7. بين العلاقة التي جعلها الشاعر تربط عناصر من الطبيعة مع أمكنة مفصلا ما يأتي: الأبيات 10-14:

- الفجر - الكرم والبيدر / بيت (10)

- النهر - الأنهر / بيت (11)

- الشاطئ الغربي - الأمواج والأبحر / بيت (12)

- نغم البلبل - صنوبر السفح / بيت (13)

- عبق الورد - وادي الحمى / بيت (14)

8. يعرب في البيت (15) عن تطلعه لمجد يتحقق للأمة. ماذا يحقق هذا المجد وأين ترفع رايته.

9. يتوق إلى طبع عربي عريق لدى الأمة العربية. ما هو؟ اشرح ووضح الإجابة البيت 16.


*98*

أسئلة الأسلوب:

1. ورد الاستفهام البلاغي في النص خمس مرات:

- في صدر البيت الأول.

- في عجز البيت الأول.

- في صدر البيت الثاني.

- في صدر البيت الثامن.

- في صدر البيت الثالث.

بين أغراض هذا الاستفهام في كل مرة، وبين ماذا أضاف للمضمون من قوة وجمال؟

2. نظم الشاعر الأبيات من (1) إلى (8) بالأسلوب التحليلي، بمعنى بدأ بالكل ثم فصل الجزئيات. تتبع ذلك في الأبيات المشار إليها. انتبه: يذكر الشاعر في البيت الأول الحب "حبك" وينهي في البيت (8) بكلمة "الهوى".

3. نظم الشاعر الأبيات (9-17) بالأسلوب التركيبي، بمعنى أنه أتى بالجزيئات وختم بالكل. تتبع ذلك في الأبيات المشار إليها. انتبه إلى أنه ذكر كلمة: "أهواك" في مطلع البيت (9) وجاء بها في مطلع البيت الأخير (17).

4. أين يتحقق أسلوب "الارتجاع الفني" في القصيدة "flashback"؟ تلمس الإجابة في السطر التاسع وما بعده.

5. مثل للكلمات التي جعلت من مضمون القصيدة مضمونا واقعيا: أسماء أمكنة وموجودات.

6. قال الشاعر في البيت الأول: "الحلم المزهر". ماذا يسمى مثل هذا التركيب الذي نصف فيه شيئا بصفة من غير عالمه؟ اشرحه وهات نماذج أخرى.

7. استخرج من النص ثلاث استعارات، اشرحها وبين وظائفها في النص.

8. أين يوجد التشخيص في القصيدة؟ هات مثالين واشرحهما.

9. اذكر المكنى عنه في الألفاظ والتعابير التالية:

- تذوي أزاهيرنا: كناية عن -- بيت (2)

- الشفة تحمل الخمر: كناية عن -- بيت (3)


*99*

- نطير من نجم إلى نجم: كناية عن -- بيت (6)

- وادي الحمى: كناية عن -- بيت (14)

11. يقولون: إن القصيدة العمودية تمتاز بوحدة البيت. هل بناء على مراجعتك للقصيدة يتحقق هذا الأمر هنا؟ وضح

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. هل توافق الشاعر بأن الهوى يمضي وينتهي؟ انظر البيت (8)

2. ما هي القيمة الخلقية والسلوكية التي يمكن أن يؤسسها تماهي المحبوبة مع مظاهر الطبيعة؟

3. ما رأيك بقول الشاعر: "أغنية حرة"؟ وهل هنالك معادل موضوعي بمعنى أغنية غير حرة؟

4. نفهم من البيت الأخير أن حب الشاعر لفتاته ينعكس من حبه للشعب وللوطن. هل ترى أن حب المرأة له بالضرورة علاقة بالقومية والوطنية؟ علل إجابتك.

5. كيف تفسر مخاطبة المرأة المحبوبة بصيغة المذكر كما ورد في البيت الأول؟

مصادر للتوسع:

1. الموسوعة الفلسطينية، مج 3.

2. يعقوب العودات: من أعلام الفكر والأدب في فلسطين، دار الإسراء، القدس، 1992.

3. مصطفى مراد الدباغ: بلادنا فلسطين، ج 3، قسم 2.

4. صبحي محمد عبيد: شعر عبد الكريم الكرمي وخصائصه الفنية، 2009.

5. مقابلة مع أبي سلمى أجراها سلمان الناطور وردت في كتاب: أبو سلمى الرمز والقصيدة لأنطوان شلحت، مكتبة ومطبعة "أبو رحمون" ط 1، عكا، فلسطين، 1982.


*100*

الباب الرابع الشعراء العرب في إسرائيل


*100*

- محمود درويش

- توفيق زياد

- فهد أبو خضرة

- راشد حسين

- سميح القاسم


*101*

محمود درويش


*101*

(1941م-2008م)

ولد محمود درويش في 13 / 3 / 1941 في قرية "البروة" التي تقع بالقرب من كفر ياسيف وشرقي عكا على مسافة 9 كيلومترات منها، ترعرع في عائلة تتكون من خمسة أولاد وثلاث بنات.

تعلم المرحلة الثانوية في مدرسة كفر ياسيف الثانوية، وبعدها عمل عاملا في أحد "الكيبوتسات" ، ثم اشتغل في الصحافة الشيوعية وأشرف على تحرير مجلة الجديد التي كانت تصدر في حيفا.

ترك البلاد فجأة في سنة 1970 إلى (موسكو) في الاتحاد السوفيتي سابقا، وكان سافر في بعثة دراسية، ثم سافر إلى مصر، وهناك أعلن لماذا خرج من البلاد، ثم انتقل إلى لبنان.

شغل منصب رئيس رابطة الكتاب الفلسطينيين، خرج من بيروت وعاش في فرنسا 13 عاما، وأجريت له هناك عملية في القلب. عاد إلى رام الله بعد اتفاقية أوسلو عام 1994. شغل في رام الله منصب مدير مركز خليل السكاكيني، حيث واصل نشر مجلة الكرمل الثقافية التي أسسها عام 1981.

توفي في الولايات المتحدة يوم السبت 9/8/2008 بعد إجراء عملية في القلب في مركز تكساس الطبي في (هيوستن).

مؤلفاته:

صدرت له دواوين شعرية تباعا على طول مسيرة حياته وعمادها الموضوع والهم الفلسطيني، وآراء وفلسفات وأفكار عالمية ومحلية أخرى وله في باب الشعر 23 ديوانا، وجمعت معظمها في مجلدين باسم الأعمال الكاملة وطبعا في بيروت 1971 و 1994. وله في باب النشر 12 كتابا.


*102*

أنا يوسف يا أبي


*102*

محمود درويش

1. أنا يوسف يا أبي، إِخوتي لا يُحبونَني، لا يُريدون بينهم يا أبي.

2. يعتُدونَ عليَّ ويرمونني (يرمونني بالكلام: المقصود إسماعهُ كلاما لا يُرضيه كالشتائم.) بالحَصى والكلام. يُريدونني أن أموت لكي يمدحُوني.

3. وهُمْ أوْصدوا (أوْصدوا: أغلقوا. دوني: أمامي في وجهي.) بابَ بيتك دُوني وهم طردوني من الحقل. هُم سمَّموا عنبي يا أبي.

4. وهُم حطَّمُوا لُعبي يا أبي.

5. حين مرَّ النَّسيم ولاعب شعري غاروا وثاروا عليَّ وثاروا عليك، فماذا صنعتُ لهم

6. يا أبي؟ الفَراشاتُ حطَّتْ على كتفي، ومالت عليَّ السَّنابل، والطَّيرُ حطَّتْ (حطَّتْ: وقفت.) على راحتيَّ.

7. فماذا فعلتُ أنا يا أبي، ولماذا أنا؟

8. أنتَ سمَّيتني يُوسفًا، وهُمو أوقعوني في الجُبِّ (الجُبّ: البئر.) واتَّهموا الذئب،

9. والذئبُ أرحمُ من إخوتي. أبِتِ! هل جَنيتُ على أحد عندما قُلتُ:

10. إني رأيتُ أحد عشرَ كوكبا، والشَّمس والقمر، رأيتهم لي ساجِدينْ.

اضاءات على المضمون:

1. نداءُ الأب وبثُّ الشكوى.

2. ماذا فعل الإخوة أولا.

3. السبب الغيرة.

4. عمل الإخوة العدائي (المؤامرة) واستغراب يوسف.


*103*

أجواءُ النص:

أصداءُ محمود درويش في الغَربِ وفي فلسطين وفي العالم، الالتزامُ. جَريدةُ الاتّحاد. سورةُ يوسف في القرآن الكريم وفي التوراة، والعِبر فيها، ذئبُ يوسف. العناصر القَصصيَّة في سورةِ يوسف.

أسئلة المَضمون:

1. يتركب السّطر الأول من ثلاثة أخبار، أذكرها وبين غرض كل خبر منها.

2. ما هي الاعتداءات التي قام بها أخوةُ يوسف عليه؟ وماذا دفعهم للقيام بها؟ سطر (3)

3. بناء على دلالة السطر (4)، ما هو جيل يوسف وهو يشكو أمره إلى أبيه؟

4. ينتهي السَّطر الخامس بتساؤل من يوسف. ما هو التساؤل وما هو سببه؟

5. كيف ظهر تعاطف الطبيعة مع يوسف؟ عدد العناصر الطبيعية المذكورة في السطرين (5-6)، وبيّن أدوارها.

6. يشتمل السَّطر (8) على ضميرين منفصلين. ما هُما، وماذا نسَب الشاعر لكُل واحد منهما من عمل؟

7. تفصلُ صيغة التفضيل "أرحمُ" سطر (9) بينَ فاضل ومفضول. من الفاضل ومن المفضول؟ وأيَّ حدث تستدعي هذه المفاضلة؟

أسئلة الأسلوب:

1. ما غرضُ النّداء الذي ورد مرّتين في السطر الأول؟

2. تتعاقب الأفعال في الأسْطر الثلاثة (2-3-4)، فقد وردت في هذه الأسطر ثمانية أفعال. كيف تفسر ذلك؟

3. يتكرر ضمير الغائب المنفصل هم (4) مرات. ما قيمة هذا التّكرار؟

4. جاء السَّطرُ الخامس بأسلوبين، ما هما وماذا أدى كل منهما؟

5. ما هو غرض الاستفهام الذي ورد في السطر السابع؟

6. يظهر أسلوب التناصِّ والاقتباس من سورةِ "يوسُفَ" في القرآنِ الكريمِ. السَّطر العاشر. اشرح ذلك وبيّنْ ما الفرق بينَ التناص والاقتباس؟


*104*

7. قد تُعتبر هذه القصيدة قصيدةُ "قناع" (انظر التعريف). وضح القِناع ومن خلفهُ، وما سبب ذلك؟

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في موضوع المَدح الذي ذكرهُ في السّطر الثاني؟ هل مصدرهُ الإعجابُ أو إظهار المحاسن؟ اشرح أقوالك.

2 هل تظنّ أن يوسف في تساؤله سطر (7) يريد جوابا؟ وضح الإجابة.

3. هل تَرى أن قول يوسف: "إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين"، هو ادعاء يحمل التميز؟ اشرح إجابتك.

4. يلاحظ أن الكواكب الأحد عشر والشمس والقمر وُصفوا في القرآن الكريم بصفة العُقلاء: فقال تعالى: "ساجدين" ولم يقل ساجِدة. كيف تفسر ذلك؟ يمكنك الاستعانة بأحد كتب التفسير.

5. ما رأيك في اعتبار القصيدة رمزية الشّكل؟ وما هو مَرْموزها حسب رأيك؟

مصادر للتوسع:

1. إبراهيم نمر موسى: آفاق الرؤيا الشعرية، وزارة الثقافة، الهيئة العامّة للكتاب، ط 1، 2005.

2. عُمر أحمد الرجبان: الأثر الثُّورانيّ في شِعْر محمود درويش، دار البازوري، عمان، الأردن، 2006.

3. نعيم عرايدي: البناءُ المجسّم، دراسة في طبيعة الشعر عند محمود درويش، مؤسسة الأسوار، عكا، 1991.

4. خليل عبد القادر قطناني: شعريّة المكان في ديوان محمود درويش، دار الإعلام والنشر والتوزيع، 2012.

5. حسين حمزة: معجم الموتيفات المركزية في شعر محمود درويش، مجمع اللغة العربية، حيفا، 2012.


*105*

ونحن نُحبُّ الحياة


*105*

محمود درويش

1. ونحنُ نحبُّ الحياة إذا ما استطعنا إليها سَبَيلا

2. ونرقصُ بينَ شَهيدينِ. نرفعُ مئذنةً للبَنَفسجِ بينهما أو نخيلا

3. نُحبُّ الحياةَ إذَا مَا اسْتطعنا إليها سبيلا

4. ونَسرقُ من دُودةِ القَزِّ خَيطًا لنبني سَماءً لنا ونسيجَ هذا الرَّحِيلا

5. ونفتحُ بَابَ الحديقةِ كي يخرجَ الياسمينُ إلى الطُّرُقاتِ نهارًا جَميلا

6. نُحبُّ، الحياةَ إذا ما اسْتطعنا إليها سبيلا

7. ونزرعُ حيثُ أقمنا نباتًا سريعَ النُّمو، ونحصدُ حيثُ أقمنا قَتيلا

8. وننفُخُ في النَّايِ لونَ البَعيدِ البعيد، ونرسمُ فوقَ تُرابِ الممرِّ صَهيلا

9. ونكتُبُ أسماءَنا حَجرا، أيها البرقُ أوضح لنا الليل أوضحْ قِليلا

10. نحبُّ الحياةَ إذا ما استَطعنا إليها سَبيلا.

اضاءات على المضمون:

1. حبُّ الحياةِ رغم الموتِ

2. حُبُّ الحياةِ يسوقُنا إلى الإبداع.

3. نُحِبُّ الحياة ونكتبُ تاريخنا في كتابِها.


*106*

أجواءُ النص:

محمود درويش، وحياتهُ الوطنية، الصّداقة المتينة مع سميح القاسِم، حُبُّ الحياةِ وإعمار البِلاد، الكفاحُ من أجلِ الوَطن.

أسئلة المضمون:

1. ماذا يُضيف حرف الواو الذي يبدأ الشاعر به القصيدة مع الضّمير "نحن" سطر (1)؟

2. ماذا يعني قولُه: "إذا ما استطعنا إليها سبيلا"؟

3. ذكر الشاعرُ في السَّطر الرابع بضمير المتكلمين صورة مُوحية لكيفية إعمار الحياة. وضح ذلك.

4. ذكر في السطر الخامس عنصرا من عناصر الطبيعة الجميلة. عينهُ وبين دورَه في النص.

5. يشتمل السطر السابع على متعاكسين في العمل وفي النتيجة. ما هما العَملان وما هما النَّتيجتان؟

6. تَردُ في البيت الثامن إشارة بضمير المتكلمين إلى مكانين تُخبر أننا سنعمل فيهما شيئين. ما هما المكانان؟ وماذا نعملُ فيهما؟

7. ماذا يقصدُ بقوله: نكتب أسماءنا حجرا؟ أي حجر؟ سطر (9).

8. يُنادي الشاعر في سطر (9) البرق طالبا منه شيئا. ماذا طلب؟ وما تأويل البرق هنا؟

أسئلة الأسلوب:

1. أسلوبُ الحلزونية: تتبعْ تكرار جملةِ: "ونحنُ أو نحنُ نُحبُّ الحياةَ إذا ما استطعنا إليها سبيلا" التي وردت أربَع مرّات، وهل ما ورد بعدَ كُلّ مرةٍ فيه جِدة أو إضافة إلى ما ورد قبلها؟

2. أسلوبُ تكثيف الأفعال: ما هو أثرُ ذلك في مضمونِ النَّصِّ؟

3. تكرار حرف العطف الواو "و" في بداية جميع الأسطر، بعد "القَرار" اللفظي الرّاجع


*107*

"ونحن نُحبُّ الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا"، ما سببُ هذا التّكرار؟

4. يسيطرُ على السَّطرين الرّابع والخامس أسلوبُ الشرح والتفسير. ما هو التفسير والشرح الوارد في السَّطرين المذكورين؟

5. هل تجدُ علامات تُقربُ النصّ من الرومانسية "الاتباعية" (اُنظر التّعريف)؟ اُذكرها وعددْها.

6. هاتِ أمثله تراها في النصِّ جاءت بأسلوب "الحِسِّ المتزامن". اُنظر التعريف.

7. اشرح الاستعارتين: يخرجُ الياسَمين سطر (5) وحصدنا قتيلا سطر (7).

8. بَينْ لماذا يمكنُ اعتبار هذا النصّ قصيدة دائرية؟ (أنظر كشاف التعريفات).

أسئلة الرّأي والموقف والقيم:

1. لماذا حسب رأيكَ، قال الشاعر: "نحنُ نُحبُّ الحياةَ..."؟ هل هنالك من لا يحبُّ الحياة؟

2. كيف تُفسر عدم ورُود "الواو" قبلَ "نحنُ" في المواضع الثلاثة التي تكررت فيها جملة "نحنُ نحبُّ الحياة... " في الأسطر (3-6-10)؟

3. لماذا حسب رأيكَ - يستعمل الشاعر ضمير المتكلمين "نحنُ" ولا يستعملُ ضميرَ المفرد "أنا"؟

3. هل تجدُ شرحا أو تفسيرا لكون صيغة الفعلِ المضارع هي الغالِبة في النصّ؟

4. ما رأيكَ بمضمون البيتِ السابع وقولِ الشاعر: ونحصدُ حيثُ أقمنا قتيلا؟


*108*

توفيق زياد


*108*

(1929 م-1993 م)

وُلد توفيق أمين زيّاد في مدينة الناصرة يوم 7 / 5 / 1929، وتُوفي والدهُ منذُ الصغر فاعتمد على نفسه، وحرص على إكمال تعليمه بدون توقف، سافر بعد أن أنهى تعليمه في النّاصرة إلى الشّام وتعلَّم مهنة التمريض لمدة ثلاث سنوات.

نشط توفيق زياد في العمل النقابيِّ سنوات طويلة حتى مطلع الستينيات، شارك في المؤتمر الثالث لاتّحاد النقابات العمَّالي في النَّمسا، وكتب العديد من المقالات في صحيفة "الاتحاد" عن أوضاع العمال في إسرائيل، والعمال العرب بشكل خاص.

انتخب عضوا في بلدية الناصرة سنة 1954.

انتخب رئيسا لبلدية الناصرة، ثم عضوا في الكنيست الإسرائيلي لعدة دورات انتخابية، أما رئاسة البلدية فقد شغل هذا المنصب حتى وفاته، في 5 أيار 1994. وكان ذلك في حادث طرُق مروع.


*109*

نيرانُ المَجوس


*109*

توفيق زياد

1. على مَهلي!

2. على مهْلي!!

أشُدُّ الضوء. خَيطا رَيقًا (ريّق: أفضلُ شيء وأوّله.)،

4. من ظُلمة الليلِ

5. وأرعى مشتل الأحْلامِ،

6. عندَ منابع السَّيل

7. وأمسحُ دمعَ أحبابي

8. بمنديل من الفلِّ

9. وأغرسُ أنضَرَ (أنْضر: أكثرها نُضرة، أي حيوية وجمالا.) الواحاتِ

10. وسْطَ حرائقِ الرَّملِ

11. وأبني للصَّعاليكِ (الصّعاليك: فرق الجوعى والذين بحاجة إلى مساعدة، الضعفاءُ.) الحياةَ.

12. من الشّذا (الشّذا: قوة ذكاء الرائحة.)

13. والخيرِ

14. والعدلِ


*110*

15. وإنْ يوما عثرتُ، على الطريقِ،

16. يرُدني أصْلي (أصْلي: المقصود تُراثي الخالد والنبيل.)

17. على مَهْلي!

18. لأني لستُ كالكبريتْ

19. أضيُّ لمرة. وأموتْ

20. ولكني.

21. كنيرانِ المَجوس: أُضيءُ.

22. مِنْ.

23. مهدي

24. إلى

25. لحدي!

26. ومِن.

27. سَلفي (سلفي: أجدادي وآبائي القدامي.)

28. إلى.

29. نَسلي


*111*

30. طويل كالمدى (المَدى: الغاية والمُنتهى، كنايه عن البُعد والمسافة الشاسعة.) نفسي

31. وأُتقنُ حرْفةَ النَّملِ

32. على مهلي

33. لأنَّ وظيفةَ التّاريخ.

34. أن يمشي كما نُمْلي (كما نُملي: كما نأمر، كما نطلبُ.)

35. طُغاةُ الأرض حضَّرنا نهايتُم

36. سنجزيهم بما أبْقوا (ما أبقوا: كناية عن آثارهم وما قدَّموا من عمل، وهنا العمل السّيئ.)

37. نُطيلُ حِبالهمْ، لا كي نُطيلَ حياتهمْ

38. لكنْ.

39. لتِكفيهم. ليَنْشنِقوا.!

اضاءات على المضمون:

1. ماذا سيعمل المتحدث على مهله.

2. إصلاح العَثرةِ.

3. لماذا "على مهلي" مطلوبة وما فائدتها؟.

4. إجمال صفات المُتحدث.

5. خِطتُنا لإنهاء الطّغاةِ.


*112*

أجواء النَّص:

مبنى وهيكليةُ بعض القصائد الحديثة، محاولة إشراك ترتيب الكلمات وأحيانا علامات الترقيم في تصوير المضمون، الأديبُ والعمل السياسي، قيادةُ المجهول.

أسئلةُ المضمون:

1. يعلنُ الشاعر في الأسطر الثلاثة الأولى (1، 2، 3) أنه سيقوم بعمل معين. ما هو العمل؟ وكيف سيقوم به؟

2. يذكر في السّطر السادس كلمة تُشير إلى الماء. ما هي هذه الكلمة؟ وما هو الحديث الذي استدعى وجودها هُنا؟

3. عين ارتباط كلمة الفُل سطر (8) بالمضمون سطر (7).

4. يتحدث في سطر (10) عن حرائق. أي حرائق؟ وماذا سيفعل بها؟

5. ما هي مُركبات الحياة التي أعلن أنه سيبنيها؟ الأسطر (11-14)

6. كيف سيعالج تعثرهُ في الطريق؟ السّطران (15-16)

7. تتضمن الأسطر (17-26) توضيحا وتفسيرا لقوله: على مَهلي. اشرح هذا التوضيح والتفسير.

8. ما هي علاقة "النّمل" سطر (31) بتأكيد مضمون السطر (30)؟

9. يُحدد الشاعر في السطرين (33-34) وظيفة للتاريخ. ما هي هذه الوظيفة؟ وماذا ترتب عليها؟

10. ما هو غرض الحبال التي ذُكرت في سطر (37)؟

11. يتصل الفعل "ينشنِقوا" بلام التعليل. ماذا عللتْ اللام هُنا؟ سطر (39).

12. أي إشارات ثقافية ذكرت في النص؟ وما هو دورُها في بناء المضمون؟ اُنظر السطرين (11 و21).

أسئلة الأسلوب:

1. ماذا يُسمى تكرار السطر الأول: "على مَهلي" في قاموس النَّقد الشعري وماذا يفيد؟

2. جرى في السّطرين الأول والثاني تقديم كلمتي "على مهلي" ما الدافع لذلك؟


*113*

3. تكررت واو العطف في الأسْطر (5، 7، 9، 11، 13، 14). ما سبب هذا التّكرار؟

4. السّطران (15 و 16) أحدهما شرط والآخر جواب. وضح ما هو الشرط وما هو الجوابُ؟ وما قيمة هذه الجملة الشرطية هُنا؟

5. جاءت الأسْطر (17-26) بأسلوب التحليل. ما هي القاعدة وكيف حللها الشاعر؟

6. ماذا يفيد ترتيب الكلمات في الأسطر (11-29) بهذا الشكل الذي تراه كلمة في كل سطر وهي متباعدة المواضع؟

7. جاءت الأسطر (32-38) بالأسلوب التركيبي. وضح كيف انتهت الجُزيئات إلى قوله: لينشنقوا؟

8. ورد في النص تشبيهات. استخرج اثنين واشرحهما، وبين أثرهما في المضمون.

9. أين يوجد "الحِس المتزامن" في النص "انظر التعريف"؟ بين ماذا أضاف هذا الأسلوب للمعنى.

10. استخرج بعض الكلمات أو التعابير التي يمكن اعتبارها ذات دلالة رمزية، وحاول أن توضح الرموز.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. هل ترى أن قول الشاعر: "على مَهلي"، مُكررة له أصل في اللغة الدّارجة؟ ما هو؟

2. يذكر الشاعر في سطر (11) الصّعاليك، ويعلن أنه سيبنى لهم الحياة. هل تحمل التسميةُ "صعاليك" ذما؟ استعن بالمفهوم التراثي للفظة وفصّل إجابتك.

3. لماذا - حسب رأيك - اِستعمل في السطر الأخير الفعل "لينشقوا" مع إخفاء الفاعل، ولم يقل لنشنقهم، بعن أن قال سابقا: "نُطيل حبالهم"؟

4. هل كان الشاعر عُنصريا مُتعصبا "للأنا" المجموعة، حين قالَ: (لأن وظيفة التاريخ أن يمشي كما نُملي"؟ السطران (32-33).

5. ما هي القيمة التي اعتزَّ بها الشاعر مُنعكسة من حرفة النّمل؟


*114*

مصادر للتوسع:

1 رقية زيدان: أثرُ الفكر اليساري في الشعر الفلسطيني شعر محمود درويش، سميح القاسم وتوفيق زياد. كفر قرع، دار الهُدى، 2009.

2. سَلمى الخضراء الجيوسي: موسوعة الأدب الفلسطيني، ج 1، بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1997.

3 موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطيني الحديث، مجمع القاسمي للغة العربية وآدابها، أكاديمية القاسمي، الكتاب الثاني، 2012.


*115*

فهد أبو خضرة


*115*

(1939 م)

ولد عام 1939، في قرية الرّينة، أنهى تعليمه الإبتدائي في قريته والثانوي في المدرسة البلدية الثانوية في الناصرة.

التحق بجامعة حيفا عام 1968 وحصل على اللقب الأول / البكالوريوس في اللغة العربية واللغة العبرية، ثم واصل دراسته في الجامعة العبرية في القدس وحصل على درجة الدكتوراه عام 1978 في اللغة العربية وآدابها، وكان موضوع دراسته: "ابن المعتز، الرجل وإنتاجه الأدبي".

عمل معلما ثم محاضرا في جامعة حيفا وفي كلية إعداد المعلمين في حيفا، كان رئيس تحرير مجلة "مواقف" الأدبية الشهرية، شارك في تأليف وإعداد العديد من كتب تدريس فروع اللغة العربية في المراحل: الإبتدائية والإعدادية والثانوية (بحسب منهاج وزارة المعارف في البلاد).

من مؤلفاته الشعرية:

1. الزنبق والحروف 1972.

2. كتابات على طريق الوصول 1994.

3. الأعمال الشعرية الكاملة 1996 (الجزء الأول).

4. أيوب الجليلي 2003 (قصيدة قصصية).

من المؤلفات الأخرى:

1. الليل والحدود 1964 (نوفيلا / رواية قصيرة).

2. ابن المعتز: الرجل وإنتاجه الأدبي 1981 (بحث: أطروحة الدكتوراه).

3. دراسات في الشعر والعروض 1989.

4. السرقات الشعرية وما يتصل بها 2006 (سلسلة: دراسات في البلاغة العربية).


*116*

أيها القادم


*116*

فهد أبو خضرة

1. أيها القادم في مركبة الشمس إلى أرض الفداء

2. لم يحن (يحين: يأتي وقته أو يقترب.) وقتك بعد

3. ها هنا في قمة الأحقاد والويل (الويل: حلول الشر أو الهلاك.) المعاد

4. لم تزل تنتظر الأيام نيرون الجديد (نيرون: خامس وآخر إمبراطور في الإمبراطورية الرومانية.)

5. علها تحرق في ذاكرة الحاضر روما،

6. والرماد

7. يبرئ الأعين من داء طواها (طواها: لفها عكس نشرها، أخفاها.) ألف عام

8. ها هنا الآخر ملء الذات والذات ضحية

9. والغد المقبل طوفان من الشك،

10. وحلم الأبدية

11. لم تزل ترفعه الأهواء في الأفق هدايا

12. وقرابين

13. لأصحاب المقامات السنية (المقامات السنية: المراتب الرفيعة، العالية.)

14. هاهنا الوهم (الوهم: التخيل، الادعاء الكاذب غير الحقيقي.) هو السيد

15. والفكر المضاء


*117*

16. وجع الأعماق أو سخرية الآفاق

17. أو جرح السفيه (السفيه: الجاهل، رديء الخلق.)

18. أي تيه (تيه: ضلال.)

19. يحجب الضوء الذي يقبع في حضن الغمام!

20. أيها القادم في مركبة الشمس إذا وقتك حانا

21. أترى ما كان بالأمس يعاد؟

22. أترى تورق في الصحراء أغصان

23. وتخضر دروب؟

24. أترى يقتلع الوهم الذي ساد الزمانا؟

25. أيها القادم في مركبة الشمس إلى أرض الفداء!

26. أترى وقتك وقتي؟

اضاءات على المضمون:

1. إخبار القادم أن موعد قدومه لم يأت.

2. ترقب وتوقع مدمر ومهلك جديد.

3. صور الواقع المؤلمة.

4. سيادة الوهم.

5. سؤال للقادم هل يعود الأمس الجميل.

6. إغلاق القصيدة بسؤال.

أجواء النص:

ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس، المخلص، الشعر الحر الموزون، معنى الآخر. نيرون وحرق روما.


*118*

أسئلة المضمون:

1. ينادي الشاعر قادما من مكان إلى مكان. المطلوب تعيين المكانين وذكر الوصف الذي وصفا به. وماذا يريد منه السطران (1-2)

2. يوحي السطر الثالث وكذلك السطر الرابع بحالة من الترقب لطغيان الشر والفساد. ما هو مفتاح هذا الإيحاء؟

3. تعلمنا من التاريخ أن "نيرون" أحرق روما سنة 64 ميلادية. ما معنى حرقها في ذاكرة الحاضر؟ سطر (5)

4. ماذا يعمل الرماد بالأعين سطر (7)؟ وهل الأعين هنا حقيقياً؟ وضح ذلك.

5. يتضمن سطر (7) تعيين وقت معين، ما طول هذا الوقت وماذا حدث فيه؟

6. من هو الآخر؟ ومن هي الذات؟ - اللذان يذكرهما في سطر (8) وما دور كل منهما في النص؟

7. يسيطر التشاؤم والتصوير المقلقان بعد "ها هنا" سطر (14) حتى سطر (18). وضح صورة التشاؤم في هذه الأسطر.

8. هل يحمل السطر (19) صورة أو بارقة تفاؤل بعد الصور المعكرة التي حملتها الأسطر السابقة؟

9. ما هي صورة عودة الأمس التي يتساءل الشاعر عنها؟ السطران (22-23).

أسئلة الأسلوب:

1. من الواضح أن الشاعر كتب القصيدة بأسلوب الشعر الحر. ماذا بقي من علامات الشعر العمودي؟ وما هي الأمور التي تحررت منها هذه القصيدة؟

2. تظهر أسطر القصيدة مقسمة إلى مقاطع. هل يمكن إدراج هذه القصيدة ضمن الأسلوب المقطعي strophic verse؟ وضح الإجابة.

3. ما هو دور النداء الذي تكرر في الأسطر (1، 20، 25)؟

4. تكررت كلمة "الإشارة" ها هنا ثلاث مرات الأسطر (3، 8، 14). من المشير ومن المشار إليه؟ وضح ما هي الحلزونية التي يكسبها هذا التكرار لشكل القصيدة.

5. ورد التساؤل أو الاستفهام في الأسطر: (21، 22، 24، 26)، بواسطة الهمزة وكلمة "ترى" فقال أترى؟ وضح غرض الاستفهام في هذه الأسطر.


*119*

6. يمكن اعتبار هذه القصيدة دائرية الأسلوب. اشرح ذلك.

7. أين توجد القافية في القصيدة، وهل حكمت القافية أسطر القصيدة بنظام معين؟

هات نماذج من النص.

8. اشرح الاستعارات التالية وبين وظائفها:

- تنتظر الأيام نيرون.

- تحرق في ذاكرة الحاضر.

- الغد طوفان من الشك.

9. استخرج ثلاث كنايات من النص وبين الكناية والمعنى عنه وقيمة هذه الكنايات.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. بناء على إيحاءات القصيدة، ماذا يتوقع أن يحدث - حسب رأيك - عندما يأتي القادم؟

2. لماذا قال الشاعر: أرض الفداء؟ ولم يقل الأرض؟

3. ما هي المؤثرات أو الأفكار التي راودت الشاعر حين أعطانا صورة قادمة غير مستبشرة عن المستقبل؟

4. أي أمس يمر في مخيلة الشاعر - حسب تقديرك؟ سطر (21).

5. هات بناء على تصورك شرحا واضحا للذات؟ وكيف تقع ضحية للآخر الذي يملؤها؟

6. هل تؤيد الشاعر في نظرة الاستياء التي يعرضها؟ علل موقفك.

مصادر للتوسع:

1. إبراهيم طه: من التماس إلى الانزياح، مقدمة لشعر فهد أبو خضرة، القدس، دائرة الثقافة العربية والمجلس الشعبي والفنون في وزارة المعارف، د. ت.

2. حسين حمزة: الأقصوصة والرؤيا في شعر فهد أبو خضرة. العين الثالثة - دراسات في الأدب، الناصرة، منشورات مواقف 2005.


*120*

راشد حسن


*120*

(1936م-1977م)

ولد في قرية مصمص في المثلث الشمالي عام 1936 لعائلة ريفية، انتقل والده للإقامة في حيفا عام 1940، بدأ تعليمه الإبتدائي في حيفا وأكمله في أم الفحم بسبب ظروف الحرب، وأنهى تعليمه الثانوي في مدينة الناصرة. كتب الشعر في سن مبكرة حين صدر ديوانه الأول "مع الفجر" وهو ابن عشرين. ولمع اسمه في مجال الشعر واحتل الساحة العربية في هذا المجال سريعا، كان من المبادرين في إقامة رابطة شعراء العربية في 12 آذار 1954 في الناصرة. شارك في المهرجانات الشعبية طيلة عشر سنوات من 1955 حتى 1965، وقال الشعر في الأرض والفلاح والقرية واللاجئين ومواقف من السلطة. فصل من التعليم على إثر ذلك، فلجأ إلى العمل في مجالات أخرى، وما يناسبه وكان العمل الصحفي والإبداع ضمن أجوائه، وكذلك تحرير الصحف، وتبنى زوايا خاصة في الصحف التي عمل فيها، ومن الصحف التي حررها كانت مجلة "المصور"، وكذلك عمل في "صحيفة المرصاد" السياسية التابعة لحزب مبام.

في سنة 1969 غادر البلاد إلى أمريكا للدراسة، وهناك عمل في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية.

توفي في الأول من شباط عام 1977 في غرفته من عقب سيجارة، حيث كان سببا في حريق أدى إلى اختناقه ووفاته. دفن في مسقط رأسه وشارك الآلاف في تشييع جثمانه وأبنه عدد من الأصدقاء والزملاء.


*121*

إلى أطفال بلادي


*121*

راشد حسين

1. ما زال في بصري سماء من عيون حالمه

2. زرقاء أو سوداء تلمع في الوجوه الباسمة

3. وخواتم الكعك الكبيرة والشفاه الناعمة

4. ما زال في عيني طفل في شوارع تل أبيب

5. وصغيرة في قرية سمراء تحلم بالحليب

6. ما زال أطفال الحياة نجوم أرضي القاتمة

7. يتلألأون بكل وجه نجمتان

8. وبكل كف كعكة أو كعكتان

9. ولأجلهم ولأجل كعكهم أغني للسلام

10. يا أنجما شقراء أو سمراء ضاحكة العيون

11. إني أراكم تحلمون وتلعبون وتحلمون

12. هل تعلمون بما صنعت لأجلكم؟ هل تعلمون؟

13. أعددت في قلبي سريرا من حرير الأمنيات

14. هو واسع حتى ليحتضن الألوف مع المئات

15. فأنا سريري من خيوط الحب فرشته الحنون

16. وخيوط ثوب الحب أصغرها دثار (دثار: لحاف، أو ثوب.)

17. تكفي لتدفئة الألوف من الصغار

18. ولأجلكم ولأجل نومكم أغني للسلام

19. لي مثلكم وبمثل طهركم النقي أخ صغير

20. إن اسمه "فتحي". نوادره (نوادر: جمع نادرة: طرف، تصرفات ملحة محبوبة.) حقول من عبير


*122*

21. خصلاته شقراء والعينان في لون الغدير

22. "الشرق" فيه قد التقى "بالغرب" في ثوب جديد

23. فاللون غربي. ولفظ الطفل شرقي مجيد (مجيد: عظيم، الرفيع العالي.)

24. وعروقه (عروقه: الشرايين أو الأوردة التي يجري فيها الدم.) كعروقكم فيها دماء لا عصير

25. ألعابه، من طين قريتنا، هضاب

26. فيصوع (يصوغ: يعمل، يصنع.) مثل الله آدم من تراب

27. ولأجل لعب أخي ولعبكم أغني للسلام

اضاءات على المضمون:

1. الأطفال هم الأمل وأغنية السلام من أجلهم.

2. الأطفال يحلمون ويلعبون ولأجلهم سرير من حب وأغنية للسلام.

3. الأخ الصغير فتحي: صفاته العامة، له ولكم أيها الأطفال أغنية للسلام.

أجواء النص:

الطفل شكل الحياة على الأرض. ذكر بعض كتاب قصص الأطفال، لا فرق بين طفل وطفل على وجه الأرض. العناية التربوية بالطفل، القيم التي يجب أن يربى عليها الطفل.

أسئلة المضمون:

1. ما هي الأشياء التي أعلن عن استمراريتها بواسطة فعل الديمومة: "ما زال" الذي يتكرر في الأسطر (1، 4، 6)؟

2. عدد أعضاء الجسم التي ذكرها الشاعر في المقطع الأول، واذكر أوصافها ووظائفها المضمونية.


*123*

3. عندما تحدث عن وجوه الأطفال في السطرين الأول والسابع مزجهما بالطبيعة. وضح كيف.

4. ماذا يقصد في قوله: إنه يغني للسلام من أجل الأطفال ومن أجل كعكهم؟ سطر (9)

5. في سطر (10) نادى الشاعر الأطفال مكنيا إياهم بالأنجم ثم وصف هذه الأنجم بالشقراء أو السمراء. فسر واشرح مقاصده.

6. كيف عرض لنا مخيلته وانعكاس الأطفال عليها؟ سطر (11)

7. السطران (15-16) تفسيران وشرح لوسع السرير الذي أعده للأطفال. بين ذلك ووضحه.

8. ما هي صورة الحياة المستقبلية التي يوحي بها غناؤه من أجل النوم؟ سطر (18)

9. ما هي المعلومات التي زودنا بها عن أخيه فتحي بخصوص الأوصاف السلوكية والجسدية؟ السطران (20-21)

10. ما هي علاقة "الثوب الجديد" في إنعكاس صورة التقاء الشرق بالغرب؟ السطران (22 و23)

أسئلة الأسلوب:

1. تندرج هذه القصيدة في دائرة الشعر الموزون المقفى، ولكنها ليست عمودية، بل من الأشعار المقطعية. ضع معادلة تصف فيها تقفية أسطر المقاطع الثلاثة.

2. عرض الشاعر أفكاره ومشاعره في مقاطع قصيدته بالأسلوب التركيبي. وضح ذلك، واذكر تفصيل التركيب في مقطع واحد مبينا الجزيئات التي تركب منها المقطع.

3. تختتم المقاطع الثلاثة بما يشبه اللازمة أو القرار أو القفلة في الموسيقى، حيث يضيف رجوع اللازمة أو القرار أو القفلة أمرا لما سبق. وضح على ضوء هذا فائدة اللازمة التي تبدأ كل مرة ب "ولأجل".

4. ما هو غرض النداء في السطر العاشر؟

5. ما هو غرض الاستفهام ب (هل) سطر (12) وما نوعه؟

6. يتضح أسلوب التفضيل في المقطع الأخير. لماذا احتاجه الشاعر؟ وما هي الأشياء التي تناولها التفضيل؟


*124*

7. يمكن ملاحظة أكثر من صورة شعرية في أسطر القصيدة. هات واحدة واشرحها.

8. استخرج تشبيهين وبين أركان التشبيه فيهما وغرض كل منهما.

9. استخرج تركيبين لغويين ركبا بأسلوب "الحس المتزامن" واشرح ووضح الحس المتزامن فيهما. (انظر كشاف التعريفات).

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في المقارنة بين الطفل في شوارع تل أبيب، والصغيرة التي تحلم بالحليب؟ هل تحمل هذه المقارنة رسالة أو تذكيرا لطرف معين؟

2. ما هو الإيحاء حسب رأيك - الذي يمكن أن ينبعث من ذكر الكعك؟ سطر (9).

3. يوحي السطر الرابع بأن الشاعر بعيد عن وطنه. ما رأيك في غربة الشاعر: هل تشحذ قريحته وتنشط إيحاءه الشعري؟ هات نموذجا تعرفه.

4. ما رأيك في ذكر لعب أخيه ولعب الأطفال المخاطبين؟ هل يحمل هذا تلميحا بأفكار إنسانية يريد إبلاغها طرفا معينا؟ وضح الإجابة.

مصادر للتوسع:

1. موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطيني الحديث، الأدب المحلي، ط 2011.

2. رجاء النقاش: ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء. دار سعاد الصباح، ط 1، 1992.

3. قسطندي الشوملي: جدلية الحياة والموت، دراسة بنيوية في شعر راشد حسين، الطيبة، مركز إحياء التراث العربي، 1996.

4. جمال سلسع: الظاهرة الإبداعية في شعر راشد حسين، الطيبة، مركز إحياء التراث العربي، د. ت.


*125*

سميح القاسم


*125*

(1939-2014)

ولد الشاعر سميح محمد القاسم محمد الحسين يوم 11/5/1939 في مدينة الزرقاء في الأردن، وقد عادت الأسرة لتستقر في بلدتها الرامة في الجليل الغربي.

أنهى سميح دراسته الإبتدائية في مدرسة الرامة، وانتقل لمتابعة دراسته الثانوية في مدينة الناصرة، حيث زامل العديد من الطلاب الوافدين من قرى عربية عديدة للدراسة في الناصرة، وتصادق مع شعراء وكتاب ناشئين، مثل: راشد حسين، شكيب جهشان، جمال قعوار، طه محمد علي، عمر حمودة الزعبي، توفيق فياض، فرج نور سلمان، أحمد ريناوي وسواهم. ورئس سميح القاسم لسنوات تحرير جريدة (كل العرب)، التي تصدر في الناصرة، واستقال بعد تعرضه لحادث طرق أليم أقعده لعدة أشهر في بيته في الرامة.

شارك سميح القاسم في المئات من المهرجانات الشعرية والأمسيات والمؤتمرات واللقاءات التي دعي إليها في معظم الدول الأوروبية الغربية والشرقية والاتحاد السوفيتي سابقا، والولايات المتحدة وفي مصر وسوريا والأردن وتونس والمغرب وقطر والبحرين وعمان ودولة الإمارات وإيران.

توفي الشاعر سميح القاسم بتاريخ 19/8/2014.


*126*

ليلا على باب فدريكو


*126*

(فدريكو غارثيا لوركا (Federico Garcia Lorca):

شاعر إسباني وكاتب مسرحي، ورسام وعازف بيانو، وكان مؤلفا موسيقيا، ولد في فوينتي فاكيروس بغرناطة في 5/5/1898. كان أحد أفراد ما عرف باسم جيل 27، يعده البعض أحد أهم أدباء القرن العشرين. وهو واحد من أبرز كتاب المسرح الإسباني في القرن العشرين، بالإضافة إلى زميليه "أنطونيو بويرو بابيخو، ورامون ماريا ديل بابي أنكلان". وتعد مسرحيته "عرس الدم وبيت برنادا ألبا" من أشهر أعماله المسرحية، وكانت قصيدة "شاعر في نيويورك" من أشهر أعماله الشعرية، أعدم من قبل الثوار الوطنيين وهو في الثامنة والثلاثين من عمره في بدايات الحرب الأهلية الإسبانية بين فيثنار والفاكار في 19/9/1936.)

سميح القاسم

1. فدريكو.

2. الحارس أطفأ مصباحه

3. انزل

4. أنذا منتظر في الساحة

5. فد. ري. كو

6. قنديل الحزن قمر

7. الخوف شجر

8. فانزل

9. أنا أعلم أنك مختبئ في البيت،

10. مسكونا بالحمى

11. مشتعلا بالموت

12. فانزل

13. أنذا منتظر في الساحة

14. مشتعلا بلهيب الوردة

15. قلبي تفاحة


*127*

16. الديك يصيح على قرميد (قرميد: نوع من الرقاق المصنوعة تثبت الواحدة بالأخرى وتسقف فيها البيوت، منها البني والأحمر والأزرق.) السطح

17. فدريكو

18. النجمة جرح

19. والدم يصيح على الأوتار

20. يشعل الجيتار (الجيتار: آلة موسيقية وترية.)

21. فد. ريكو

22. الحرس الأسود ألقى في البئر سلاحه

23. فانزل للساحة

24. أعلم أنك مختبئ في ظل ملاك

25. ألمحك هناك

26. زنبقة خلف ستارة شباك

27. ترتجف على فمك فراشه

28. وتمسد (تمسد: تدلك، تلين بتمرير الكف عليه.) شعر الليل يداك

29. انزل فدريكو

30. وافتح لي الباب

31. أسرع

32. أنذا أنتظر على العتبة

33. أسرع

34. في منعطف الشارع

35. جلبة (جلبة: صوت المشي من أرجل كثيرة وبلا نظام.) مليشيا (مليشيا: جماعة مسلحة.) مقتربة


*128*

36. قرقعة (قرقعة: صوت انفجارات.) وبنادق

37. وصليل (صليل: صوت تلامس أو تضارب السلاح الأبيض وبخاصة السيوف.) حراب

38. افتح لي الباب

39. أسرع خبئني

40. فدريكو

41. فد. ري. كو!

اضاءات على المضمون:

1. نداء لفتح الباب.

2. نداء وإلحاح وإعطاء معلومات.

3. عناصر من الطبيعة والفن وفدريكو.

4. شعور بالأمان للحظة.

5. عودة الخطر.

أجواء النص:

عشاق الحرية المشهورون مثل: جيفارا، لومومبا، الحلاج، نيلسون مانديلا، قصيدة القناع.

أسئلة المضمون:

1. ماذا طلب الشاعر من فدريكو؟ وبماذا أخبره؟ الأسطر (2-3-4).

2. يتكرر الفعل: "انزل" بصيغة الأمر السطران (8، 12). بماذا مهد الشاعر لهذا الطلب؟ السطران (6-7).

3. ما هي وظيفة الديك الذي ذكر في القصيدة؟ ولماذا أعطي هذا الدور فيها؟ سطر (16)

4. يؤخذ من الأسطر (16-20) أنها تشعر بأصوات. المطلوب تحديد مصادر الأصوات وأغراضها.

5. لماذا يسود الاطمئنان كممهد للنزول؟ الأسطر (22-23-24).

6. كيف وردت صورة الليل سطر (28)؟ وما علاقة فدريكو به؟

7. كيف عرفنا المسافة التي تفصل الشاعر عن فدريكو سطر (32)؟

8. ما هو إيحاء الفعل أسرع سطر (33)؟

9. ما الفرق في الجو العام الذي بدأ يسود بفعل دور الحرس الأسود سطر (22) والجو العام الذي بدأ يسود بفعل "المليشيا" سطر (35)؟

10. في السطر (30) يقول: وافتح لي الباب (30) أسرع (31)، وفي سطر (38) يقول: افتح لي الباب، أسرع (39). قارن بين الحالتين.

11. ما هي الإشارات اللفظية التي تشير إلى أن (فدريكو) كان موسيقيا؟ السطران (19-20).

أسئلة الأسلوب:

1. لماذا استعمل الشاعر النداء بهذه الكثافة؟ انظر الأسطر (1، 5، 17، 21، 29، 40، 41).

2. لماذا ورد الاسم فدريكو مقطعا في ثلاثة مواضع أسطر (5، 21، 41).

3. ظهر أسلوب "الأنا" الشعري في الأسطر (3، 9، 13، 15، 24، 30، 32، 38، 39). ما دلالته وإلى أي المواقف يشير؟

4. استعمل الشاعر السهل المألوف من الألفاظ. استخرج نماذج ووضح قربها من اللغة المحكية المألوفة.

5. استخرج نماذج من اللغة الفصيحة القريبة من المعجمية ووضح معانيها.

6. ورد في النص أسلوب التزامن الحسي، أو تراسل الحواس "راجع تعريف المصطلح في الكشاف". هات ثلاثة نماذج واشرحها.

7. هل ترى في قوله "مشتعلا بلهيب الوردة" سطر (14) إردافا خلفيا؟ اشرحه. (راجع الإرداف الخلفي في كشاف المصطلحات)

8. اشرح الاستعارتين:


*130*

- الدم يصيح.

- تمسد شعر الليل.

9. انظر إلى بداية القصيدة ونهايتها، هل نستطيع أن نصنفها كقصيدة دائرية؟ انظر تعريف المصطلح في "كشاف المصطلحات".

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. هل تنكشف مضامين القصيدة حسب رأيك - عن قيمة مناصرة المظلوم؟ علل إجابتك.

2. ما العلاقة بين القلب والتفاحة في قول الشاعر "قلبي تفاحة"؟

3. هل ترى أن هذه القصيدة قناعية يقف خلفها الشاعر ليعلن صورة معينة، أو ليذكر بوضع معين؟

4. يقول في سطر (24): أعلم أنك مختبئ في ظل ملاك. ما المقصود من ذكر الملاك هنا حسب رأيك -؟

مصادر للتوسع:

1. مجلة العربي، العدد 652، مارس 2013.

2. خضر محمد أبو جحجوح: التشكيل الجمالي في شعر سميح القاسم، مكتبة كل شيء، ط 1، 2014.

3. رجاء النقاش: أدباء معاصرون، مكتبة الأنجلو المصرية، 1968.

4. الأدب الفلسطيني في المثلث والجليل، مركز الأبحاث، جامعة بيت لحم، ط 1، 2007.

5. إبراهيم نمر موسى: آفاق الرؤيا الشعرية، طبعة أولى، وزارة الثقافة، الهيئة العامة للكتاب، سلسلة القراءة للجميع، 2005.

6. مجمع القاسمي للغة العربية وآدابها: موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطيني الحديث، 1435ه-2014 م.


*131*

الباب الخامس المقالة الأدبية


*131*

فن المقالة

استنساخ الأجنة - محمد علي بديوي تشجع. واعرف.! إمام عبد الفتاح


*132*

فن المقالة


*132*

المقالة الفنية الحديثة:

هي معالجة نثرية بأسلوب معين من خصائص ومميزات كل كاتب وكاتب، وتمتاز بالقصر، ونعني بالقصر من صفحة إلى عدة صفحات، ولكنها لا تصل إلى عشرات الصفحات، وذلك لأن كاتب المقال يختار جانبا أو موضوعا معينا يريد أن يثبت حقائقه بكل وسائل الإقناع المتاحة له: بالإحصائيات، وعرض نتائج كمحصلات بحث، أو دراسات إن كانت المقالة علمية، وإن كانت أدبيه فأمامه وسائل كثيرة من الأمثلة والمقارنات السريعة، واستعمال الشواهد والنماذج النثرية والشعرية، كذلك التي يصح اتخاذها تدعيما لآراء أو معلومات. ويحرص الكاتب على تقديم الجوانب التي يعرضها على القارئ بأسلوب يشوق القارئ، ولا يجعل الملل يتسرب إليه.

المقال نفسه يبدأ بأن يكون فكرة في رأس الكاتب، تظل في رأسه فترة من الزمن تنمو فيها وتكبر وتأخذ الشكل السوي، وهي في تلك الفترة من النمو تتغذى من ملاحظة الكاتب، ومن قراءاته المتعددة النواحي، ومن خبراته الشخصية، ومن هنا اعتمد المقال على الحكاية والمثل، والإشارات إلى جانب المادة التحصيلية.


*133*

استنساخ الأجنة ثورة علمية. أم كارثة إنسانية محمد علي بديوي


*133*

فقرة 1

شهوة المعرفة لدى الإنسان صارت تدفع العُلماء إلى حدود قُصوى من التجريب العِلمي، لكن التاريخ علمنا أن التجارب تتحول يوما ما إلى ممارسات شائعة، وها هُو التجريب العلمي يفتح بابا خطيرا وصادما لمألوف الإنسانية.

فقرة 2

بين الحين والحين يفاجئنا العلماء بكشف علمي جديد أو بتجربة جديدة تؤدي إلى نتائج متعددة كبيرة في شَتى مناحي الحياة، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا، فكُل جديد تتبعه ثورة شاملة، فانشطار الذرة وصناعة الكمبيوتر، وتجارب الهندسة الوراثية (الهندسة الوراثية: هي التقنية التي تتعامل مع الجينات البشرية والحيوانية، بالإضافة إلى جينات الأحياء الدقيقة المُتواجدة على الكروموزومات، فضلا ووصلا وإدخالا لأجزاء منها من كائن إلى آخر لأهداف علمية معينة.)، كل ذلك تلتهُ ثورات تغيير جذرية امتدت لتصل إلى كل مناحي الحياةِ

فقرة 3

وبالأمس القريب أجرى العالمان الأمريكيان د. جيري هولم وروبرت ستيلمان تجربة وروبرت ستيلمان تجربة بالغة الخطورة ومتعددة النتائج لاستنساخ الأجنة. والحقيقة أن تجربة جيري وروبرت ما هي إلا الحلقةُ الأخيرة في سلسة متتابعة من المحاولات المختلفة التي تمت عبر القرون الثلاثة الأخيرة. فأول تجربة تلقيح صناعي (تلقيح صناعي بواسطة أنبوب حيث تجمع البويضة من الأنثى مع الحيوان المنوي الذكريّ.)


*134*

في العالم أجريت عام 1799، وأول محاولة لصنع أطفال الأنابيب في الحيوانات كانت عام 1944 وأول تجربة تلقيح ناجحة خارج الرحم كانت عام 1951، وتم تجميد الحيوانات المنوية لإعادة التلقيح بها في الماشية عام 1952، وفي الإنسان عام 1953. وأما تجميد الأجنة لإعادة زراعتها فقد تم عام 1973، أما أول طفلة أنابيب في العالم فقد كانت الإنجليزية لويزا براون عام 1978، أما استنساخ الأجنة فقد بدأت التجارب عليه في الأبقار عام 1981، إلى أن جاء عام 1993، وأثناء انعقاد مؤتمر جمعية الخُصوبة الأمريكية بمونتريال بكندا، ليعلن د. جيري هولم عن نجاح تجاربه لنسخ الأجنة في الإنسان.

فقرة 4

بينَ الخيال والحقيقة:

إنَّ فكرة تحسين النَّسل البشري بطريق الاستنساخ هي فكرة قديمة نسبيا،

فقد كتب عنها بعض العلماء والكُتَّاب كنوع من الخيال العلمي المستقبلي،

فكتب عنها ألدوس هيكسلي (الدوس هيكسلي 1894-1963 أديب إنجليزي اشتهر بكتابة الروايات.) منذ 61 عاما، والأساس الذي انبنت عليه، أوحى بأفكار مماثلة، ومنها فكرة فيلم "الحديقة الجوراسية ("الحديقة الجوراسيّة) Jurassic Park، فيلم من أفلام الخيال العلمي، أُنتج عام 1997.) "الشهير الذي يدور حول فكرة العثور على حشرة صغيرة قُدر عمرها بأكثر من 135 مليون سنة، وطولها 3 ملم، وجدت داخل ترسيبات الكهرمان (الكهرمان: هي مواد عضوية متحجرة من المواد النباتية العضوية، ويصنع منه الحُليّ والسّبحات.) الذي حافظ عليها سليمة.

ويبذل العلماء جهودا جبّارة لاستخراج مادّة (مادّة :D N A الحَمْض النّووي المنزوع الأوكسجين.) D.N.A الخاصة بالديناصورات من هذه الحشرة التي كانت تتطفل (تتطفل: تعيش على حساب غيرها متعمدة عليه.) على الديناصورات على أساس أن مادة D.N.A لا تفنى ولا تتأثر مهما عليها من زمن. ويبدل العلماء جهودا أخرى لإنتاج ديناصور جديد من هذا الحامض النووي. وفكرة أخرى ظهرت في أحد


*135*

فقرة 4

كُتُب الخيال العِلمي عن محاولة أحد العلماء التَّسلط على أهل الأرض باستخدام شعرةٍ من شعر هتلر واستخلاص ماد D N A منها، وتخليق نسخ ضخمة من هتلر يكون هو زعيمهم للسيطرة على الأرض.

فقرة 5

هذا هو الجانب الخيالي في الموضوع، أما الجانب الحقيقي المُتمثل في تجربة جيري وروبرت فيعتمد على أن أصل أي كائن حي هو خلية واحدة تنقسم إلى اثنتين ثم أربع وهكذا، والذي حدث أن العالمين استطاعا فصل، الخليتين الأوليين كيميائيا - وهذا يتم بصورة طبيعية أثناء تكوين التوائم في رحم الأم - ثم بعد ذلك احتفظا بإحدى الخليتين مجمدة ولم يسمحا لها بالتكاثر ثم اذابا الغشاء المحيط بالأخرى والمُسمى "Zona pellucid" واستعاضا عنه بغشاء صناعي مكون من مادة هُلامية (المادة الهلامية (Gel): مادة صلبة تتراوح خصائصُها من الطراوة والضعف إلى القساوة والمتانة، لا تجري أو تسيل عندما تكون في حالة استقرار، ونظرا لوزنها تكون الهلاميات سائلة غالبا، ولكنها تتصرف مثل المواد الصلبة بسبب شبكتها ثلاثية الأبعاد والمُتشابكة داخل السائل.) (جِل) مستخلصة من أعشاب بحرية، ثم سمحا لهذه الأجنة المُستنسخة بالنمو. وحصل العالمان على 48 نسخة جديدة من أصل 17 حنينا في بداية التجربة، ولكن أيا من هذه الأجنة لم يعش أكثر من ستة أيام، لأن جيري وروبرت قاما بتلقيح البويضة الأم بحيوانين منويين، والمعروف أن هذه الأجنة تموت مبكرا في مرحلة العلقة. والنتائج الأولية لهذه التجربة مُثيرة وخطيرة في آن واحد وتتلخص في:

1. إنه يمكن استنساخ أي عدد من الأجنة من أصل خلية واحدة.

2. إنه يمكن الاحتفاظ بأي من هذه النُّسخ المُتطابقة وراثيا مُجمدة لأي فترة، ثم يُسمح لها بالنمو مرة أخرى، مما يؤدي إلى نمو جنينين متطابقين وراثيا ومُختلفين عُمرا، ولأي فترة مطلوبة حسب طول أو قصر فترة التجميد.


*136*

فقرة 6

وهل من إيجابيات؟

إن الآثار المُترتبة على هذه التَّجربة مُرعبة حقا، وقد تكون في غالبيتها سلبية إذا أُسيءَ توظيفُها. وقد تكون في غالبيتها إيجابية إذا أُحسنَ توظيفها مثلا، تماما مثل الانشطار النَّووي. ويُمكن تلخيُصها فيما يلي:

فقرة 7

الآثار السَّلبيةُ:

1. من الناحية الأخلاقية: قد يؤدي الحصول على نُسخ بشرية مُتطابقة إلى استخدام أعضاء هذه النُّسخ كقطع غيار، فإذا أُصيب الكبدُ مثلا إصابة جسيمة استدعت تغييرهُ بآخر، فما على الطالبين إلا تنمية النسخة الأخرى المُجمدة إلى مرحلة مُناسبة تُمكن من انتزاع الكبد منها لزراعته مكان الآخر الذي أصابه العطبُ (العَطبُ: التّلفُ)، ثم يلقى بما تبقى من هذه النُسخة في سلَّة المُرعبة.

فقرة 8

وقد يؤدي هذا إلى استحداث (استحداث: اختراع شيء جديد.) سوق رائجة (سوق رائجة: سوق نشطة تجاريا يكثرُ فيها المشترون وتكثر فيها المعروضات التّجارية.) لهذه التّجارة المُرعبة.

وقد يؤدي ذلك الى استعاضة الأُسرة عن أحد الأبناء الذي تُوفى بالجنين الذي فُصل عنه في البداية ليكون صورة طبق الأصل من المُتوفى، وقد يؤدي ذلك إلى الحُصول على توائم مختلفة في العمر كأن يكون أحدهم عمره خمسُ سنوات والآخر عمره عشر سنوات مثلا.

فقرة 9

أمّا المُضحك المُبكي غي هذا الأمر فهو أنَّ المرأة قد تحمل توأمها الذي فُصل عنها وهو جنين لتلدهُ بعد ذلك فتصبح أمًّا لأخيها أو أختها، وقد تحمل توأم زوجها الذي فصل عنه وتم تجميدهُ لتلده بعد ذلك فتصبح أمًّا لشقيق زوجِها!


*137*

2. من الناحية الاجتماعية: إن استنساخ الأجنة قد يؤدي إلى القضاء على مفهوم العائلة تماما، لأنَّ هذه النُّسخ ليست بحاجة إلى أب أو أم بقدر ما هي بحاجه إلى مؤسسة تقوم برعايتها، وقد تم إنماؤها في أجهزة خاصة وعندئذ سوف تصبح مصطلحات الأمومة والأبوة والتواصل الأسري والعاطفة من مُخلفات الماضي السَّحيق.

3. القضاء على تفرُّد (تفرُّد: أخذُ مواصفات خاصة.) الإنسان واستقلاليته: فلا ريب أنه لكل منا أن تكون شخصيته المُستقلة وصفاته التي لا يشاركه فيها أحد، وإنتاج النُّسخ المتشابهة ذات الصفات الموحدة يقضي تماما على هذا التمايز، إذ سيصبح الإنسان نسخة مكررة لآلاف غيره.

4. الإنسان "السّوبر (الإنسان السُّوبر: القوي الذي لا يتغلبُ عليه شيء آخر بسهولةٍ.) إن اختيار صفات وراثية معينة لتكون الأصل في إنتاج هذه النُّسخ المُتشابهة من ناحية القوة الجسمانية والأداء العقلي سوف يؤدي إلى استحداث مُجتمع العمالقة، ولنا أن نتخيل مجتمعنا أفراده في قوة أبطال المصارعة أو في عقلية عُلماء الذَّرة.

الآثار الإيجابية (وهي موضع اختلاف أخلاقي كبير):

1. دراسة الأمراض الوراثية وطرق علاجها: فلا شك أننا نعرف القليل عن الأمراض الوراثية مثل ضُمور المُخ الوراثي، وعَمَى الشَّبكية الوراثي، وأمراض الدم الوراثية، والصرع (الصَّرع (Epilepsy): هو اختلال عصبي داخلي ينتج عن اضطرب الإشارات الكهربائية في الدماغ. الوراثي. ولما كانت معرفتنا قليلة، فإن علاج هذه الأمراض غير ناجح، لذا فإذا استحدثنا نُسخا مصابة بأمراض وراثية، فإنه يُمكننا دراستُها باستفاضة ورويَّة (رويَّة: ثمهُّل، تأنٍّ.).


*138*

2. مساعدة المصابين بالعُقم: فإذا كان الزوج مثلا يعاني من نقص شديد في الحيوانات المنوية، فإننا باستخدام حيوان منوي واحد وبويضة واحدة يمكننا استنساخ عدة أجنة عن طريق تجميدها لفترات مختلفة.

3. دراسة وعلاج التشوهات الجنينية: وذلك يتم بصورة متشابهة لدراسة وعلاج الأعراض الوراثية.

4. نقل الأعضاء: يمكن أن يقي الفرد نفسه صحيًّا باستنساخ نسخة أخرى منه إلى سن معين ثم يستفيد من أنسجته وأعضائه إذ أن هذه النسخة مطابقة له تماما، وفي ذلك تغلب على أخطر مشكلات نقل الأعضاء وهي عدم توافق أنسجة المتبرع مع أنسجة المريض، ولكن ما هي حقوق النسخة الأخرى؟

وهل تقبل أن تكون قطع غيار للنسخة الأصلية؟

هذه التساؤلات الحائرة وغيرها تنقل هذه الإيجابيات - في معظمها - فورا إلى دائرة السلبيات. فهي تهدر كرامة الإنسان وشرف وجوده.

أما العلماء، فقد انقسموا إلى بعض المؤيدين وفريق ضخم من المُعترضين، أما المؤيدون فحجَّتهم تتمثل في "الإيجابيات" التي أسلفنا الحديث عنها، وهم يروق أن هذه التكنولوجيا المتقدمة ليست مشكلة في حد ذاتها ولكن المشكلة في من سيجعلها في حيز التطبيق، أي أن المشكلة في المُنفذ وليست المشكلة في النتائج التي أدت إليها التجربة، فإذا استخدمها منفذها لمنفعة الجنس البشري فهذا هو الهدف، أما إن كان متسلطا فإنه ليس في حاجة إلى هذي التكنولوجيا لكي يسعى إلى الدَّمار، فهو بها أو بغيرها سوف يدمر نفسه ويدمر من حوله، تماما مثل الذي يستعمل السكين الذي يعود عليه بالنفع في ذبح الآخرين.

أما المُعترضون فحُجتهم ما أسلفنا الحديث عنه من سلبيات، ويرون أن مَبعث القلق هو النظرة إلى الإنسان على أنه مُجرد أعضاء فيها خطأ فاحش، إذ أن الإنسان "النَّفس" لا ينفصل بحال من الأحوال عن الإنسان "الجسم".

أمّا عن العامَّة (العامّة: عامة الناس، هي الطبقة العادية وأكبر طبقة في نسيج المجتمع. وتتألف عادة من العمّال والفلاحين والموظفين ذوي الدّرجات المُنخفضة وما شابة.) فقد أظهرت استطلاعات الرَّأي التي أجرتها مُعظم المجلّاتِ


*139*

الغربية الشهيرة ومحطات الإذاعة والتَّلفزة أن الغالبية العُظمى لا تُوافق على استنساخ الأجنة مهما كانت المُبررات، وترى أن هذه عملية غير أخلاقية، وتُطالب بأن توقف هذه الأبحاث حاليا وأن تمنع في المُستقبل. وهم يرون أنَّه حتى لو وُضعت قوانين لمنع أيّ سلوك غير قويم بشأنها، فلن يكون هناك ضمان من ظهور ديكتاتور أو متعصب أو مجرم يسعى إلى تحقيق أهداف غير إنسانية برغم وجود الضَّوابط (الضوابط: الأمور والقوانين التي تنظم وتحكم أمورا قد تتشعب وتتفرد في تصرّفات انفرادية.) والموانع.

ولم تقف الدُّول مكتوفة الأيدي أمام هذه المُعضلة. ففي بريطانيا يتطلب الأمر موافقة من الحكومة بعد دراسة صارمة (دراسة صارمة: دراسة تتقصى كل الأمور وتحلل كل الأشياء في محاولة لكشف الحقائق والمجاهيل.)، وفي ألمانيا فإن العقوبة قد تصل إلى السجن لمُدد متفاوتة، والقانون في اليابان يمنع تخليق أو مُضاعفة أو نسخ الأجنة البشرية، وسوف تحذو كثير من الدول حذو هذه البُلدان في القريب العاجل، لأنَّ الأمر جد خطير متعلق بمثير الإنسان.

وإذا قيل إننا بعيدون تقنيًّا (قدرة علمية قادرة على الاختراع والاكتشاف بوسائل علمية.) عن الوصول إلى هذه المُعضلة (المُعضلة: مشكلة صعبة الحل.) بمعنى أن مُستوانا العلمي يُنقذنا من الوقوع في مشكلة الاختيار والرّأي في مواجهة موضوع استنساخ الأجنة، فإن هذا لا يمنع من وقوع بعضنا في براثن (براثن: جمع بُرثن وهي المَخالب.) هذه المُعضلة، ولو كمُستهلكين، وهو أمر خطير يتطلب كثيرا من الوضوح في المواقف. علميًّا، وأخلاقيا وقبل هذا كله دينيا. فهل نتحرك، ولو بالرَّأي، قبل وقوع الواقعة (الواقعة: (هنا) الأمر الخطير)!

مجلة العربيّ ع 1996 / 545


*140*

اضاءات على المضمون:

1. شهوةُ المعرفة ونتائجها.

2. نموذج جديد سبقتهُ محاولات.

3. تجربة جيري وروبرت.

4. الآثار المُترتبةُ على التجربة.

5. رأيُ العُلماء.

6. أ. الؤيّدون.

7. ب. رأيُ العامة.

8. رأيُ العامة.

9. سلوكياتُ الدُّولِ.

10. رأي الكاتب وطلبهُ.


*141*

أجواء النَّص:

علمنا الإنسان ما لم يَعلم، العلمُ وتطلعاتُهُ، الأنواع الأدبية (الأجناس) كتاب المقالة المشهورون في الأدب العربي: أحمد أمين، مصطفى لطفي المنفلوطي، ميخائيل نعيمة، طه حسين، مواضيع الإنشاء الطلابية المدرسية، أحلامُ العلماء.

أسئلة المضمون:

1. ما هي نتائج التجارب العلمية بشكل عام؟ الفَقرتان (1-2)

2. عدد المحاولات التي تمت في موضوع الأجنة والتلقيح التي سبقت إعلان د. جيري هولم عن نجاح تجاربه لنسخ الأجنة. فقرة (3)

3. ما هو الدور المضموني لألدوسْ هيكسْلي؟ فقرة (4)

4. فصّل كيف يبذل العلماء جهودا للوصول إلى نتائج علمية مُستغلين الخيال حول فكرة العثور على الحشرة الصغيرة التي قُدر عمرها ب (135) مليون سنة؟ فقرة (4)

5. وضح الخطوات التي قام بها العالمان جيري وروبرت التي حاولا فيها استنساخ الأجنَّة، وما هي النتائج التي توصلا إليها؟ الفقرة (5)

6. كيف وصف المؤلف النتائج المترتبة على تجربة العالمين جيري وروبرت؟ الفقرة (6)

7. ما هي السوق التي ذكرها المؤلف في النص؟ فقرة (7)

8. كيف وضح الكاتب أن الاستنساخ قد يؤدي إلى الحصول على توائم مختلفة في العُمر؟ الفقرة (8)

9. ها هي النتيجة السيئة بالنسبة للمرأة التي تحمل الجنين؟ وضح؟ فقرة (9)

10. ما هو مصير مفهوم الأبوة والأمومة - حسب تحليل الكاتب - ولماذا؟ الفقرة (10)

11. ما هو ضرر الاستنساخ على التَّمايز بين شخص وشخص؟ فقرة (11)

12. كيف يمكن الاستفادة من الاستنساخ للتغلب على الأمراض الوراثية؟ فقرة (13)

13. كيف يُعالج عُقم الرّجال بواسطة الاستنساخ؟ فَقرة (14)

14. ما هي حُجة مؤيّدي الاستنساخ؟ وما هو اقتراحهُم لتجنب السَّلبيات؟ فقرة (16)

15. ما هي الأسُس التي اعتمد عليها العامة في رفض موضوع الاستنساخ؟ فقرة (18)


*142*

16. ماذا يطلبُ الكاتب منّا: "نحنُ العَرب" ولماذا؟ فقرة (20)

أسئلة الأسلوب:

1. يتصف مطلع المقال بالتمهيد والتشويق. وضح ذلك مستعينا بجمل وتعابير.

2. اشرح أساليب الكاتب التي انتهجها في المقال لمحاولة عرص افكاره موضحا ما يلي:

- الاستعانة بالتاريخ.

- الاستعانة بالتوثيق العِلمي.

- التوثيق بالتواريخ

3. هات نماذج من الجمل والتعابير توضح أن أسلوب المقال أسلوب علمي بغالبيته، "أنظر كشاف التعريفات" الأسلوب العلمي.

4. استخرج بعض الجُمل "وهي قليلة" التي تُحسب من الأسلوب الأدبي. انظر كشّاف التعريفات: الأسلوب الأدبي.

أسئلة الرّأي والموقف والقيم:

1. هل أنتَ مع المؤيدين أم مع المعارضين لموضوع الاستنساخ؟ بين أسُس موقفك.

2. ما رأيك في بناء مجتمع من العمالقة؟ هل يبقى العملاق عملاقا في مجتمع كهذا؟ وما أضرار ذلك؟

3. ما رأيك في المُستوى اللغوي للمقال؟ ما هي السّهولات، وما هي الصعوبات؟

4. يقول الكاتب في خِتام مقاله: إنَّ مُستوانا العلمي حاليا هو الذي يجنبُنا قبول عملية الاستنساخ. هل تؤيده في ذلك؟ ولماذا؟

مصادر للتوسع:

1. محمّد مندور: الأدب ومذاهبه، دار نهضة مصر، د.ت.

2. محمّد مندور: الأدب وفنونه، دار نهضة مصر للطبع والنشر، رقم الإيداع 2523، 1978.


*143*

3. عبد القادر شريف أبو شريفة: الكتابة الوظيفية، منهج جديد في فنّ الكتابة والتعبير، عمّان، دار مَجدلاوي للنّشر والتَّوزيع، 2002.

4. محمّد يوسف نجم: فنّ المقالة، بيروت: دار صادر، 1996.

5. يوسف مسلم أبو العدوس: الأسلوبية: الرؤية والتطبيق، دار المسيرة، عمّان، 2013 م، 1434 ه.

6. أحمد سالم الغوج: فنون التَّعبير الأدبي، دار الفتح، عمّان، الأردن، الطبعة الأولى، 2013 م.

7. ستّار مصطفى بابان: فنُّ المقالة والخاطرة، دار جرير للنّشر والتَّوزيع، عمّان، الأردن، شارع الملك حسين. الطّبعة الأولى، 2012.


*144*

إمام عبد الفتاح إمام


*144*

فقرة 1

إمام عبد الفتاح من مواليد 1933. مصري المولد. وُلد في محافظة الشرقية، كأن أبوه من علماء الأزهر، حصل على الشّهادات الأكاديمية من مؤسسات مصريّة:

عمل في الجامعات المصرية والعربية وله مؤلفات كثيرة، وهو من أبرز تلاميذ أستاذ الفلسفة المصري زكي نجيب محمود، له مساهمات فكرية ذاتُ أثر واسع في الأوساط الثقافية المصرية.

أهم أفكاره:

- إنّ الحُكم لا يستقيم أبدا طالما تداخلت معه أمور من قبيل (الدولة الدينية، والمستبدّ العادل.. الخ).

- ضرورة الفصل التام بين السياسة والأخلاق، فلكلّ منهما مِضمَاره.

- إنّ التاريخ الإسلامي قد حفل (امتلأ) بمفارقات السلطة.

- إنّ مناقب الحُكم في الوطن العربي أساسها عزوف (تَرْك) الشعوب عن المطالبة بحقوقها إما عن جهل (أو منشأ ذلك عدم شيوع التفكير لدى غالبية أفراد الأمة)، أو عن يأس (ومنشأ ذلك أيضا هو عدم تدبر الشّعوب العربية للتاريخ السياسي العلمي للأمة ذاتها أو لأمم العالم الغربيِّ).

- لا سبيلَ للتّقدم العلمي أو الاجتماعي أو الإنساني في الوطن العربي سوى بتربية أجيال قادرةٍ على التفكير النقدي ومتمكنةٍ من أدوات العقل.


*145*

تشجع... واعرف...!


*145*

فقرة 1

إمام عبد الفتاح إمام

استغرقني هذا الأسبوع قراءة مقال (مقال: نوع أدبي (انظر التعريف) قبل صفحات.) ممتع للفيلسوف الألماني الكبير إيمانويل كانط (كانْط (كانت) عمانوئيل (1724-1804): فيلسوف ألماني يُعد من أعظم الفلاسفة جميعا، من أهم كتبه: "نقعدُ العقل الخالص" "ونقد القعل العلمي"، "ونقد الحكم" (كلمة نقد هنا تعني التّحليل) وتسمى فلسفته الفلسفة النقديّة.) (1724-1804) عن (معنى التّنوير) الذي ساد في القرن الثامن عشر.

والذي عاشَ كانْط في قلبه ولخصهُ بفلسفته النَّقدية، فكان أعظم تعبير عنه. ولقد ترجم المقال إلى اللغة العربية ترجمة دقيقة، وقدم له بمقدمة شيقة صديقُنا الدّكتور عبد الغفار مكاوي، وكأنه بذلك يستشعر ما نتعطش إلى معرفته، ذلك لأننا في مُجتمعنا العربي ما زلنا حتى الآنَ نكافح لنبقى في عصر التَّنوير (التّنوير: الاستعانة بالغير، قد يكون إنسانا أو ثقافة لحل مُشكلة أو لدعم الرأي. وهناك تعريف فلسفي لكانط في المقال.) الذي بدأ في الثُّلث الأخير من القرن التاسع عشر مُتجها في البداية وجهةَ (التّنوير الدّيني) على يد الأفغانيّ (الأفغاني جمال الدّين (وُلد في أفغانستان) (1839-1897). كاتب وخطيب ومصطلح ديني واجتماعي وسياسي، له خطرات فلسفية، ودعوة إلى تحرير الأمم الإسلامية من الاستعمار، والتدخل الأجنبي، باتحادها، وإقامة حياتها السياسية والاجتماعية على نُظم دستورية، اتخذ من بيته بالقاهرة مُلتقى لتلاميذه ومريديه، صديقه الإمام "محمّد عبده".) ومحمد عبدُه (محمّد عبده (1849-1905) من آل التّركماني، مُفتي الديار المصرية ومن كبار رجال الإصلاح والتّجديد في الإسلام.)، ثم مُتَّجها فب أوائل القرن العشرين


*146*

فقرة 1

وُجهة علمية على يد شبلي شميّل (شِبلي شميل (1860-1916) وُلد في كفر شيما بالقرب من بيروت، درس في الكلية الأمريكية، وتخرج طبيبا). وإسماعيل مَظهر (أسماعيل مظهر (1308 ه -1381 ه / 1881 م-1962 م). باحث مصري من علماء الكتَّاب، ومن أعضاء المجمع اللغوي، مولدُهُ ووفاته في القاهرة.) وسلامَة موسى (سلامة موسى: (1304-1378 ه/ 1887 م-1958 م). قُبطي، كاتب وأديب، له آراء في التربية والتّعليم.)، ثم تتسرَّب أشعة التّنوير لتضيء جوانب مختلفة من حياتنا الثَّقافية: في الفلسفة، والأدب، والفن. إلخ. فتظهر حركة شاملة تستهدف النهوض بالحياة الفكرية العربية في كل أرجائها (أرجاؤها: جمع رجا وهو الناحية فالأرجاءُ هي النواحي.).

فقرة 2

ومن هُنا كان من الأهمية بمكان أن نعرف ما المقصود بالتّنوير؟ يُعرفهُ كانْط بأنه: (خروج الإنسان من قُصوره الذي اقترفه في حق نفسه، وهذا المقصورُ هو عجزهُ عن استخدام عقله إلا بتوجيه من إنسان آخر.!) بمعنى أوْضح وأصرح: التنوير في رأي كانْط هو رفع الوصاية عن الإنسان، والاعتراف بأنه قادر على التفكير المستقل، وأن من حقه أن يستخدم عقلهُ استخداما حُرا لا خوف ولا قلق!

ومن الظريف أن كانط يُلخص عصر التّنوير كلَّهُ في عبارة الرّوماني.


*147*

فقرة 2

(هوراس) (هُوراس: (القرن الأول قبل الميلاد) من أعظم شعراء اللاتين.) تقول: (تشجَّعْ. على المعرفة!) وهي عبارة يمكن أن تكون أمرا مُطلقا يتوجه به الفيلسوف إلى كل إنسان ما زال يتخبط في ظُلمات العصور الوُسطى وتسيطر عليه السُّلطة أيًّا كان نوعها: السُّلطة الدينية، أو السلطة المدنية، أو سلطة النصوص والشروح. إلخ. فهي دعوة إلى التفكير الحُر المستقل بعيدا عن الوصاية التي عانى منها الإنسان في الفترات السابقة!

فقرة 3

والحق أنني وقفتُ طويلا اتأمل هذا الشعار الذي لخصَ فيه كانط عصر التنوير (تشجع على المعرفة!) أو (تشجع. واعرف!) أو (انهض. واعرف!) انهضْ من السُّباتِ والاسترخاء والاعتماد على الحلول الجاهزة التي يقدمها لك الآخرون واعرفْ (بنَفسِك ولنَفْسِكَ) - أقول إنني وقفتُ أتأمل هذا الشعار لسببين: الأول أننا ما زلنا في المُجتمع العربي في حاجة ماسّة إلى رفعة وكتابته في كل شارع وعلى كل جدار، وتدرسيه في كل مدرسة ومعهد حتى ينهض الفرد - والمجتمع. لينفض عن نفسه ما رانَ (رانَ: غَطى.) عليها من جهل وخرافة، ويبدد ما حولهُ من ظلمات القرون التي سادها الحُكم التّركي بصفة عامة! والسبب الثاني: أنني أخذتُ أسأل نفسي عن المعنى الذي يتضمنه هذا الشّعار العجيب (تشجعْ. واعرفْ!) هل المعرفة تحتاج إلى شجاعة؟! وكيفَ يكون ذلك.؟!


*148*

فقرة 4

لا تبدأ المعرفة إلا نتيجة مشكلة، غير أنَّ المشكلات لا تفرض نفسها بنفسها على الإنسان، وإنما الإحساس بالمشكلة هو وحدهُ الذي يوقظ المعرفة، وهو الدّليل على بزوغ الرّوح المعرفية الحقَّة ومن هنا قيلَ: إن كل معرفة هي حل لمشكلة، أو بمعنى آخر، هي إجابة عن سؤال، وإذا لم يكن ثمَّة سؤال فلن تكون هناك معرفة

- وهذا يفسر لم لا يستفيد الطلاب عندنا مما يُعرض عليهم من معلومات وثقافة لأن لديهم بالفعل من الأجوبة أكثر بكثير مما لديهم من الأسئلة.

المعرفة إذن تحتاج إلى طرح السؤال، وطرح السّؤال يحتاج إلى شجاعة! لقد رفع سُقراط العظيم شعارهُ (أيها الإنسان، اعرف نفسك!) ودارَ في الأسواق يوقظ الناس لكي تُزعجهم، وتباغتهم، وتوقظهم من سُباتهم العَميق)! ولهذا وُصف سُقراط بأنه (الرَّجل الذي جرؤَ على السؤال!) أرأيتَ كيف يتطلب طرح الاسئلة جُرأةً وشجاعةً!

إن المعرفة تؤدي في النهاية إلى بناء الشخصية المُستقلة التي تفكر لنفسها وتجمع أفكارها بنفسها، والاستقلال يعني الانفصال، بمعنى إلا تكون الشخصية الجديدة مجرد تكرار للشخصية القديمة أو (نسخة) منها، وإنما لا بُدَّ لها، على العكس، أن تقف في وجه القديم لتقول: لا! أنا إنسان يريد أن يعرف نفسه، ويُكون شخصية خاصة ولا أن يكون فردا في قطيع، ومثل هذا الموقف الصُّلب في مواجهة الماضي من ناحية ومواجهة الحاضر المُتعفن من ناحية أُخرى يتطلب شجاعة لا تخفى!

فقرة 6

المعرفة التي نتحدث عنها الآن، والتي تحتاج إليها مُجتمعاتنا العربية، لا بُدَّ أن ترتكز على الحرية. وليست ممارسة الحرِّية مسألة هينة، ذلك لأن الوجهَ الثاني من العُملة بالنسبة للحرية هو المسؤولية، أنتَ حر فأنت إذن مسؤول، مسؤول عن أفعالك، ومسؤول عن أفكارك التي جمعتها بمحض اختيارك! والقدرة على تحمل المسؤولية تحتاج إلى شجاعة قد لا يقوى عليها الكثيرونَ! ولهذا نجد من الناس من يهرب من ممارسة الحرية، الذي هو نفسه هروب من تحمل


*149*

المسؤولية! ذلك أن تسأل نفسك لم تحتاج كل "ورقة" رسمية في بلادنا إلى توقيعات لا حصر لها؟! لأن كل مُوظف لا يريد هو نفسه أن (يتحمل المسؤولية)، يعني لا يريد أن يكون حُرًّا: إنه يهرب من ممارسة الحرية، فيضطر إلى إلقاء المسؤولية على غيره، يريد من الآخرين أن يمارسوا هُم الحرية! وهكذا تستطيع أن تحكم وأنت مطمئن بأن "البيروقراطية" (البيروقراطية: أصل الكلمة يونانية وتعني الحكم، وهكذا فإن كلمة بيروقراطية تعني: "حُكم المكاتب"، وتستخدم منذ نحو 200 عام للتعبير عن حُكم وتحكم المكاتب والموظفين في الحياة الاجتماعية.) تعني "العبودية"، وأن المجتمع البيروقراطي مجتمع عن عبيد يرفضون ممارسة الحرية وتحمل المسؤولية! المعرفة التي نتحدث عنها ويحتاج إليها مجتمعنا العربي - هي المعرفة العلمية التي تفسر الأشياء والظواهر تفسيرا علميا لا خرافيا، ونحن نُخطئ كثيرا عندما نظن أن هذه المعرفة الجديدة التي ننشدها (ننشدها: نطلبها، نبغيها.) سوف تحل في ذهن فارغ أو أن هناك إنسانا يمكن أن نقول عنه أن ذهنه "صفحة بيضاء" وبعبارة أخرى: إننا قد نتصور خطأ، أنه يمكن أن يكون هناك إنسان يحمل عقلا بلا بُنية ولا معارف! ومن ثم نذهب إلى القول بأنَّ المعرفة تخرج من الجهل كما يخرج النور من الظلمة.


*150*

ويفوتُنا كما يقول الفيلسوف الفرنسي المعاصر جاستون باشلار (1884-1962)G.Bachelard (إن الجهل إنما هو نسيج من الأخطاء الموضوعية الصلبة المُتماسكة، وهكذا لا نضع في أذهاننا أن الظلمات الروحية لها بنيه. Structure، وأن كل معرفة موضوعية سليمة يجب أن تكون تصحيحا لخطأ ذاتي!) فالإنسان الجاهل ليس جاهلا لأن ذهنه يخلو من كل معرفة، بل هو كذلك لأن لديه معارف خاطئة، والمجتمع المتخلف ليس متخلفا لأنه لا يفسر ظواهر طبيعية أو أحداث التاريخ، وإنما هو متخلف لأن لديه تفسيرات ومعارف كلها خاطئة! فالمعرفة العلمية الجديدة سوف تحل محل معرفة قديمة غير علمية وأنت عندما تقول للفرد تشجع. واعرف! فإنك تقول له تشجع وتخلص من المعارف القديمة، كن جريئا واطرح ما لديك من معلومات خاطئة!

وفضلا عن ذلك كله فإن المعرفة الجديدة تحتاج إلى صبر ومُعاناة وجلد، تحتاج إلى إرادة قوية لا تخاف عندما تُصحح ما لديها من أخطاء، لديها الجُرأة في أن تضع لنفسها قيما ومثلا عُليا جديدة، إرادة تسهر الليل لتقرأ وتُطالع لا لتسْمر مع الأصدقاء، تُفضل الكتب على الوجبة الدسمة، تقول لنفسها إن (غذاء الفكر) أهم من (غذاء البدن) لأن الإنسان إنما يكون إنسانا لأنه (يفكر) (ويعرف) (ويعقل) - وليس لأنه يأكل ويشرب ويمارس الجنسَ!

نعم! المعرفة تحتاج إلى إرادة شُجاعة تنقل الفرن من حظيرة الحيوان إلى مرتبة الإنسان! ومن ثم فإن الشعار الذي يقول لك (تشجع..- واعرف!) يقول لك في الوقت نفسه (تشجّع واستخدم عقلك!) تشجَّع.. وفكِّرْ. باختصار (تشجع. وكنْ إنسانا!).

أفكار ومواقف، القاهرة: مكتبة مدبولي 1996


*151*

اضاءات على المضمون:

1. التمهيد: كانْط وأصداءُ أقواله.

2. تعريف التّنوير حسب كانْط.

3. لماذا اهتمَّ المؤلف بالتّنوير.

4. قيمةُ المعرفة ونتائجها.

5. الحرية أم المعرفة.

6. المعرفة التي يحتاجها المجتمع العربي.

7. احتياجات المعرفة ولوازمها.

أجواءُ النَّص:

جاء في القرآن الكريم: "قلْ هل يستوي الذين يَعلمون والذين لا يعلمون".

قال سُقراطُ: "إنني أعرفُ شيئا واحدا، أنني لا أعرف شيئا".

فكرة المقالة المركزيّة يعكسها العُنوان. أنواع المقالة.

أسئلة المضمون:

1. ما هي الضرورة أو الحاجة الفكرية لذكر الفيلسوف! الألماني "كانط" في افتتاحية المقال؟ فقرة (1)

2. ما هي أنواع "التّنوير" التي ذكرها الكاتب! ومن أصحابها الذين عملوا على اتباعها؟ فقرة (1)

3. يذكر المؤلف مُصطلح "التنوير". ماذا يعني به حسب تعريف كانْط؟ فقرة (2)

4. كيف فسَّر الكاتب عبارة الروماني "هوراس": "تشجع على المعرفة"؟ فقرة (2)

5. عندما تأمل الكاتب شِعار "تشجع واعرف" وما شابهه تأمله لسببين. ما هما؟ فقرة (3)

6. ما هو النَّقد الذي وجهه الكاتب لطلابنا؟ فقرة (3)

7. ما قيمة السؤال في تحقيق المعرفة؟ فقرة (4)

8. كيف استغل الكاتب منهج سُقراط في حياته لتدعيم رأيه للمعرفة؟ فقرة (4)

9. كيف ربط الكاتب بين المعرفة والحرية؟ فقرة 5

10. كيف وصل الكاتب إلى قراره بأنَّ "البيروقراطية" تعني العبودية؟ وضح. فقرة (5)

11. ما هي المعرفة التي يَحتاجها مجتمعنا العربي؟ فقرة (6)


*152*

12. ما هو وجه التمثيل "بالصفحة البيضاء" لذهن الإنسان؟ فقرة (6)

أسئلة الأسلوب:

1. ما هو مضمون المقدمة التي جعلها الكاتب مدخلا للمقال؟

2. اِمتاز أسلوبُ المؤلّف في بسط أفكاره على الشرح والتفسير. هات مثالين من أي فقرات تُريد.

3. برز في أسلوب الكاتب محاولة استثمار جهود مفكرين وأعلام وآرائهم، هات نموذجين على ذلك. انظر الفقرات: (1، 2، 4)

4. من الخصائص الأسلوبية في هذا المقال، استعمال الطرق الفكرية والاستنتاجات.

هاب نموذجا يوضح ذلك. أنظر الفقرة (5)

5. وضح متى استعمل المؤلف ضمير المخاطب ولماذا؟ الفقرتان (6-7)

6. استخرج ثلاث جُمل صيغت بأسلوب المجازات والاستعارات واشرحها. انظر فقرة (7) مثلا.

أسئلة الرّأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في اعتبار الكاتب الابتعاد عن السُّلطة الدينية أو السُّلطة المدنية أو سُلطة النصوص والشروح، دعوة إلى التفكير الحُرّ؟

2. هل حقيقة يمكن أن يعرف الإنسان نفسهُ بنفسه؟ وضح.

3. لماذا - حسب رأيك - يحتاج طرحُ السؤال إلى شجاعة؟ وضح أقوالك.

4. أبْدِ رأيك في النتيجة التي وصل إليها المؤلف (الفقرة 6):

"كن جزيئا واطرح ما لديك من معلومات خاطئة".

5. هل توافق المؤلف في رأيه أن غذاء الفكر أهم من غذاء البدن؟ اشرح. وهل يُلغي هذا الموقف القول المعروف: "العقل السليم في الجسم السليم؟ بين رأيكَ مُفضلا.


*153*

البابُ السادسُ


*153*

القصة القصيرةُ

حالة تلبُّس - يوسف إدريس

التمرينُ الأول - يوسف إدريس

نخلةٌ على الجدول - الطيّب صالح

الرواية والبراءةُ - مجيد طوبْيا

موت الشعر الأسود - زكريا تامر

ليلى والذئب - إميلي نصرُ الله

انهيار - أحمد حُسين

زهور بيضاء بلون الثّلج - زكي درويش

النخلة المائلة – محمد علي طه

مُختار السَّموعيُّ – محمّد نفاع

أخي رفيق - سعيد حورانية


*154*

القصة القصيرةُ


*154*

تعريفُ القِصةِ القَصيرةِ:

هي نوع من السَّرد اللغوي يُصور قطاعا من الحياة، ويُعالج الكاتب فيها موقفا محدودا من الحياة، أو يقتصر على حدث واحد، أو بضع حوادث مُترابطة، يتألف منها موضوع محدود مُستقل بشخصياته، ومقوماته، على أن الموضوع مع قصره ينبغي أن يكون تاما ناضجا من حيثُ التحليل والمعالجة، وفيها تبدو براعة الكاتب لضيق المجال أمامه، مما يتطلب التَّركيز.

ومن أشهر كتّاب القصة القصيرة في العالم العربي، يوسُف إدريس، توفيق يوسف عواد، نجيب محفوظ، زكريا تامر، غادة السّمان، غسّان كنفاني، إميل حبيبي، إيميلي نصر الله، محمود تيمور، محمّد تيمور، وغيرهم الكَثير.

عناصر القصة:

- الفكرة والمغزى:

وهي ما يرمي أو يهدف إليه الكاتب من تأليف القصة، ويهدف إلى تقريرهِ، وهي غالبا الكشف عن حقيقة من حقائق الحياة، أو السلوك الإنساني، وهي التي تَجري أحداث القصة في إطارها، وحسنُ اختيار الفكرة يمثل الخطوة الأولى في طريق نجاحها، ومن المهم أن يتوفر للكاتب وضوح تصوريٌّ كامل لفكرة قصته؛ لأن هذا يُمثل الأساس الذي ستُبنى عليه مُختلف العمليات الفنية الأخرى، بوعي كامل دون تشويش.

- الحدث:

وهو مجموعة من الوقائع الجزئية المترابطة، والحدث هو الفعل القصصي الذي تُشكله حركة الشخصيات؛ لتُقدم في النهاية تجربة إنسانية ذات دلالة معينة، وهو الحكاية التي تصنعها الشخصيات، ويرتبط الحدث بالشخصية ارتباط السّبب بالنتيجة؛ لأن لكل فعل فاعلا، فالحدث إذن يظل غير مُحدد الشكل حتى تشكله الشخصية الفاعلةُ بحسب حركتها، نحو مسار محدد يهدف إليه الكاتب.


*155*

- الشخصياتُ:

فالشخوص دائما لها أهمية مركزية في القصة، بل هي على الغالب أهم عناصرها. وحتى عندما تكون هذه الشخصيات من الحيوان أو من الجماد، فهي تكادُ تمثل أناسا أو تعوض سمات بشرية. وإن في كل قصة شخصية رئيسية واحدة غالبا، تُسمى البطل، وعادة ما تدفع الأحداث هذا البطل إلى صراع مع شخصية أخرى، تسمى الشخصية المضادة أو البطل المضاد وقد تكون هذه القوة المعارضة غير مجسدة في شخصية إنسانية، بل هي نزعة داخلية، أو قوة طبيعية، وحينئذ تسمى القوة المضادة أو المناقضة. والحدث ليس منفصلا بأي حال من الأحوال عن الشخصية، فالحدث هو تصوير الشخصية وهي تعمل عملا متكاملا يتمتع بالوحدة.

أنواع الشخصية:

- الشخصية الجامدة: وتُسمى الشخصية المسطحة، وهي الشخصية التي لا يحدث تغيير على بُنيتها الأخلاقية أو النفسية أو الأيديولوجية في أثناء القصة، فعادة ما يبقى الشرير شريرا، والخبر خبرا، وهذه الشخصيات تكثر في قصص المغامرات، وفي القصص البوليسية، وفي القصص التي تركز على الحدث بشكل عام.

- الشخصية النامية: وهي التي تتكشف لنا تدريجيا وتتطور بتطور الأحداث في القصة، ونتيجة لتفاعلها المستمر مع هذه الأحداث، وقد يكون هذا التفاعل ظاهرا أو خفيا، ينتهي بالغلبة أو الإخفاق، إلا أنه يترك أثره على تركيب الشخصية الداخلي في كل الأحوال.

- البيئة المكانية والزمانية:

بما أن القصة تُصور أشخاصا في أثناء قيامهم بأفعال، فإن ذلك لا بُد أن يحدث ضمن إطار مكاني زماني. ولا بُدَّ للقصة أن تقع في مكان هو مسرح الحوادث، وقد يكون المكان في مقهى، أو عيادة طبيب، أو بيت، أو تحت شجرة، أو في شارع.

والعنصر الزمني يرتبط ارتباطا عضويا بالعنصر المكاني وبالحدث، فالحدث هو في النهاية اقتران فعل بزمان.

والزّمن في القصة هو زمن تخيلي يختلف عن زمن الوقائع في الحياة، فالزمن في واقع الحياة يحمل أحداثا متعددة في الوقت نفسه، بينما هو في القصة أحادي ينمو بالكلام على التوالي،


*156*

ولكن القاصَّ يوهم بأن هذا الزمن واقعي بالرجوع إلى الوراء عن طريق التذكر أو التداعي؛ ليوهم أن هذا الرّجوع إلى الوراء هو الزمن الماضي، وأن زمن القصّ هو الزمن الحاضر.

- الحوار: هو حديث الشخصيات في القصة، ويشكل جزءا فنيا من عناصر القصة، ويكون الحوار منطقيا معبرا عن أفكار شخوص القصة ومستوياتهم العقلية والاجتماعية. ولغة الحوار طوّعها الكتاب المحدثون للقصة؛ لتكون جامعة بين العربية الفُصحى، وتقريب العامية منها في لغة الحوار القصصي، وهذا التطويع قائم على البحث عن مفردات تصلح في الكتابة. والقراءة الفُصحى، والعامّية.

وهناك نوعان من الحبكة:

- الحبكَة المتماسكة وهي التي تقوم على حوادث مترابطة.

- الحبكةُ المفككة: وهي التي تُبنى من سلسة من الحوادث المنفصلة، وهذا النوع يتشكل عن طريق الصدفة أو الافتعال، بعكس الحبكة المتماسكة التي نقوم على تصرف شخصيات القصّة تصرفا يُشبه شبيهاتها في الحياة إذا وُضعت تحت تأثير ظروف متشابهة، وترجع أهمية الحبكة إلى أنها تعدُّ الفرق الجوهري بين الحكاية والقصّة. (16)

أسلوب القصة:

هو الطريقة التي يتخذها الكاتب في تناول الوسائل لتحقيق غايته، والوسائل هي: الشخصيات والحوادث والبيئة. والأسلوب هو طريقة جمع هذه الوسائل في عمل فني متكامل، والحديث عن أسلوب القصة يدُخلنا في منطقة البلاغة، والأطر الفنية بين يدي الكاتب متنوعة يختار منها ما يتسق مع مادته، والأسلوب في التعبير لا ينفصل عن المعنى بدلالته الواسعة التي تضم المعنى والإحساس والإيقاع والغاية، فإذا أخذنا المعنى بدلالته الواسعة، وإذا كان الأسلوب هو التعبير الفني عنه، فإننا نخلُصُ إلى أن هذا الأسلوب هو الكاتب نفسه.

والتعبير بأسلوب فني يحتاج إلى الكثير من المِران والدُّربة. والصورة البيانية المشرقة ذات أهمية في الحُكم على القصة، ويجب أن تُحقق هذه الصورة غايتين: الفائدة القصصية، والمُتعة الجمالية.


*157*

يوسف إدريس


*157*

(1927م-1991 م)

وُلد في مصر في البيروم من قرى المحافظة الشرقية، إحدى محافظات الوجه البحري، شهدت طفولته الأزمة الاقتصادية العالمية، ومشاهد من النضال العنيد ضد الاستعمار، ومن أجل الدمقراطية، وقد أعطته دراسته للطب وعمله لسنوات الفرصة لاكتشاف قارته الفنية الخاصة، واستطاع بقدرته الفائقة التقاط أصغر الجُزئيات، وأكثرها دلالة، وتخليق عالم متكامل من الأسلوب الفني الآسر.

ويعتبر يوسف إدريس أحد أكبر روّاد القصة القصيرة في العالم العربي. كتب القصة القصيرة منذُ سنوات الدراسة الجامعية، حيث لاقت قصصُه شُهرة كبيرة بين زملائه، وأصبح فيما بعد من كُتاب القصة والمسرح والرّواية. وقد كتب المقالات المختلفة والخاطرة.

من آثاره: أرخص ليالي،1954 م، وجمهورية فرحات 1955 م، وأليس كذلك، 1958م، والبطّ 1956م، وحادثة شرف 1956م، والمهزلة الأرضية 1968م، والمخططين 1956 م،وحادثة شرف 1956 م، والمهزلة الأرضية 1968 م، والمخططين 1969 م، ولهُ رواية العيب 1962 م، والحرام، 1958م، ورجال وثيران،1962، والعسكري الأسود، 1960 م والبيضاء، 1968 م،.

ويرى البعض أنَّ أشهر أعماله مسرحية الفرافير.


*158*

حالة تلبس


*158*

يوسف إدريس

1. حينما ضبط المنظر، لم يكن عميد الكلية هو الذي غضب والتهبت الدماء في عروقه، ولكنه الطفل الذي ولد وتربى في "سوهاج" (سوهاج: محافظة في صعيد مصر). ومنذ أن بدأ يعي، فهم أنه قد يكون مباحا للرجل وعيبا للشباب، ومحرما تحريما قاطعا على الأطفال، ولكنه للنساء جريمة، أكثر من جريمة، قد يوازي هتك العرض (هتك العرض: المس بالشرف)، فما بالك وهي ليست رجلا ولا طفلا ولا حتى سيدة، ولكنها فتاة، بنت لا تتعدى السابعة عشرة بأي حال.

2. وحين وصل الغضب قشرة العقل المكتسبة (وصل الغضب قشرة العقل المكتسبة: يقصد وصل الغضب أعلى درجة)، وانفعل العميد الذي فيه، كان أكثر ما ضايقه أنها لا بد في السنة الأولى، طالبة جديدة، يعني بالأمس فقط كانت طفلة في ثانوي.

3. ورغم كل غضبه لم يتحرك إلا حيثما تحرك الوالد الذي فيه وتململ، وأدرك كالمدهوش، أنها تكاد تكون في سن ابنته (لمياء)، حينئذ فقط استدار مغادرا النافذة في طريقه، إلى حيث أزرار الجرس الموضوعة في مكانها الخالد الذي يتوارثه العمداء فوق المكتب.

4. وربما لو كان في الحجرة أحد. أستاذ او لجنة أو حتى لو كان في انتظار مقابلة كائن ما، لكانت الحركة قد اكتملت وكانت يده حتما قد وصلت إلى الزر. والساعي المرابط أمام الباب حضر، والفصل لأسبوع أو لأكثر من الكلية أو حتى الزجر والضرب قد حدث.

5. ولكنه كان وحده في حجرة العميد الواسعة المهولة ذات النافذة الجانبية الضيقة، والحجرة المهولة (المهولة: المفزعة، المخيفة) تغري بالتريث، والنافذة الضيقة تغري بتدقيق النظر، وفي حالته كان الإغراء كبيرا بإعادة النطر. وعاد إلى استمرار النظر.


*159*

6. الحجرة في دور أول لا يرتفع عن الأرض إلا قليلا، والفناء (الفناء: الساحة) الخلفي الذي تطل عليه النافذة الجانبية خال تماما من الطلبة، فهو في العادة مكان غير مرغوب من الطلبة، والساعة اقتربت من الثالثة، واليوم الدراسي انتهى، ولولا مراجعة جدول الامتحان لما كان هو نفسه قد بقي إلى هذا الوقت. ولما قام من النافذة منهكا يتثاءب ويتمطى (يتمطى: يتمدد) ويأخذ فكرة عن الجو بالخارج، ولما شاهدها، تلك الطالبة الصغيرة التي ما أن بدأ عقله يتساءل عما أتى بها إلى هذا المكان المهجور، وبعد انتهاء الدراسة، حتى كان الغضب قد اجتاحه (اجتاحه: هجم عليه بشدة) إذ وجدها بكل بساطة وتحت أنف نافذته تخرج، بل أخرجت فعلا علبة سجائر من حقيبة يد مستطيلة ضخمة وعبثت بكراريس المحاضرات المختلطة بأدوات التجميل قليلا، وما لبثت أن أخرجت علبة كبريت أيضا.

طالبة، واضح تماما أنها لا بد في السنة الأولى، تدخل وتحمل معها في الحقيبة علبة سجائر وعلبة كبريت!

هكذا من النظرة الأولى تفجر الغضب.

7. ولكن النظرة التالية كانت نظرة مذهول (مذهول: غائب العقل) يستبعد تماما أن يصدق أن شيئا كهذا ممكن أن يحدث، مؤجلا التصديق إلى أن يراها فعلا وهي تدخن. خاصة والفتاة كانت لا تزال ممسكة السيجارة في يد، والكبريت في يد أخرى وكأنما لم تقرر بعد ماذا تفعل بشأنهما.

وتأملها العميد، كانت طالبة عادية، لا يمكن إذا رآها في مجموعة أن تستوقف النظر، شعرها مهوش (شعر مهوش: غير ممشوط) على طريقة الجيل الجديد في الأناقة، وعيناها ذابلتان


*160*

لا بد من المذاكرة والسهر، متكئة، تكاد تكون مستلقية بعد يوم حافل (حافل: ملآن) على الأريكة (أريكة: كنبة، كرسي مريح) المهملة التي لا يستعملها أحد، ولكن شبابها الفائر يكاد يقفز من وجنتيها المحمرتين رغم قمحية (قمحية البشرة: بلون القمح) بشرتها، ومن جسدها البارز في أكثر من مكان من ملابس الطالبة الرخيصة التي ترتديها.

8. وبوغت (بوغت: فوجئ) العميد حقيقة وهو يلحظ فجأة أنها بأصابع اليد الواحدة. أصابع تلون سبابتها آثار الحبر، قد فتحت علبة الكبريت، وباليد الأخرى، بيد ثابتة لا اضطراب فيها ولا خوف، وبحركات تلقائية ليس فيها من مجهود الإرادة شيء، ثبتت السيجارة في فمها وأدارتها دائرة كاملة بين شفتيها وكأنما لتبلل، كالمدخنين العتاة (العتاة: القساة)، فمها (الفلتر)، وبنفس التؤدة (تؤدة: على مهل) والتلقائية، وبضربة لا أثر للتدبير فيها، أشعلت العود ولم تقربه من السيجارة في الحال، أهملته بين إصبعيها قليلا وكأنما تستمتع برؤيته يحترق، ثم ما لبثت ببطء، ودون أن تنظر، وبعينين هائمتين في جدار الفناء البعيد، أن قربت العود بحيث لامست شعلته طرف السيجارة دون أن تحيد يمينا أو يسارا وكأنما يدها مدربة على الطريق، وجذبت نفسا واحدا اشتعلت بعده السيجارة، وبالدخان الخارج، بعد ابتلاعه، من فمها، أطفأت العود، ثم لم تلبث أن ألقته في إهمال غريب فوق عشب الممشى القريب.

9. وجن جنون العميد، إنها مدمنة داعرة (داعرة: غير شريفة العرض) الإدمان أيضا، إنه هو نفسه يدخن ولا يفعل شيئا كهذا، إنه يشعل السيجارة "كلشنكان" (كلشنكان: كيفما كان) ويدخنها كيفما اتفق،


*161*

ولكن هذه، متى وكيف وفي أي بؤرة فساد قد تعلمت كل هذا؟ إنها حتى لا تشعل الكبريت كالنساء التي قرأ مرة أنهن يشعلن العود إلى الناحية البعيدة عنهن خوفا غريزيا من ناره على ملامحهن وشعرهن، وفقط بعد الاطمئنان إلى شعلته بعد خفوتها (خفوت: انخفاض) يجرؤن على تقريبه منهن. أما هذه ال. طالبة، طالبة أولى هذه. لا تخاف العود ولا النار، ويبدو أنها لا تخشى شيئا في الوجود. إنها لا يمكن أن تكون في السابعة عشرة. سن ابنته. لا بد أنها أكبر بكثير. بسنتين لا بد أو حتى بأيام. إنها جرثومة، إن الفصل أسبوعا واحدا لا يكفي أبدا. الرفد النهائي هو ما يجب عمله، لا أقل من الرفد (الرفد: الرفض باللهجة المصرية) النهائي.

10. ولكنه لم يعرف كيف حدث هذا، فقد وجد شيئا أكبر بكثير من كل غضبه وكل حماسه للضغط على الجرس واستدعاء الساعي واتخاذ بقية الإجراءات، شيئا أجبره على أن يقف في مكانه لا يتحرك، وينتظر ويراقب ويعاود الرؤية. ورفعت الفتاة يدها إلى فمها مرة أخرى، ولكنها انتظرت قليلا بفم السيجارة قريبا من فمها، ثم بدا وكأن الوقت قد حان، وهكذا ببطء لا تلكؤ (تلكؤ: تباطؤ) فيه أسبلت جفونها حتى كادتا تغلقان تماما، ثم ضمت شفتيها حتى ضاقت الفتحة بينهما وتكرمش (تكرمش: تقلص، صغر حجمه) غشاؤهما ومن الفتحة الضيقة أدخلت فم السيجارة، وجذبت نفسا، لا لم يكن جذبا، كان امتصاصا، ليس امتصاص دخان، لكأنه رشف أعظم سعادات البشر، رشفة ببطء وباستعذاب وبملايين الأفواه، كل خلية من خلاياها بدت وكأنما أصبح لها فم تجذب به وترتشف ويتموج جسدها كله تموجا غير منظور، وعلى دفعات وكأنه عطشان يجرع (يجرع: يشرب بشره) أعذب الماء ويريد أن يستمتع بكل قطرة من قطراته، حتى إذا ما بدا أن كل دقيقة فيها قد أخذت كفايتها وظفرت بسعادتها الخاصة، رفعت السيجارة عن فمها ببطء، وكبرياء وعينين قد فتحتا ببخل شديد وكأنها تخاف أن تهرب من فتحتيها النشوة.


*621*

11. واستحال غضب العميد إلى لحظة صدمة مفاجئة تكاد تتحول إلى ذعر. خوف شديد أن يستمر في الرؤية، خوف الخائف على نفسه هو من استمرارها، والفناء بدا له كالبقعة المهجورة المقطوعة عن العالم، يحفل بسكون، وزمتة (زمته: هدوء سكون)، ورائحة ربيع مقبل مخيف، وقرب أيام نهاية العام، والامتحان، والفتاة كأنها جنية من جنيات الظهر انشقت عنها خرابة الفناء فجأة، متكئة، تكاد تكون مستلقية فوق الأريكة ذات الحديد المتراكم فوقه الزمن والصدأ، الناقص مقعده خشبة الوسط.

12. وبرهبة المذهول هذه المرة راح يترقب كيف تخرج النفس. فمها المضموم أبقته مضموما هنيهة، ثم فتحته نصف فتحة وبحركة فيها كسل أنثوي ضاقت له عيناه راحت توسع من فتحته قليلا قليلا في نفس الوقت الذي كان صدرها قد بدأ يتسع وكأنها بسبيلها إلى التنهد حرقة ولوعة، ربما على فراق تلك السحابة الدخانية الصغيرة التي فجرت في جسدها المستلقي تعبا واسترخاء، حيوية، وأضافت إلى صباها صبا. يتسع حتى ليجذب الدخان إلى أعمق أعماقها، ليلامس أقصى أرجائها وليلتقي بكل جزء من صميم صميمها لقاء الوداع، وفي نفس الوقت الذي يعود فيه الصدر إلى وضعه الطبيعي وحجمه، يكون الدخان هو الآخر قد بدأ يخرج، من الشفتين المنفرجتين أضيق، أوسع انفراج. تخرج دفعاته الأولى مرسلة على سجيته (سجية: طبع) دون ضغط أو إكراه، تصنع دوائر لولبية وضبابات ثم تتلوها الدفعات الخارجة بالإرادة متأنية موجهة قد شحب دخانها وتغير لونه وكأنما امتصت منه كل النضرة والحياة.

قطعا لا بد من فصلها، في منتصف السيجارة تماما والجريمة، سيدق الجرس ويهمس إلى الساعي ويذهب الرجل ويطبق عليها وساعتها سيعرف اسمها ويفصلها.

13. ذلك كان قراره، ولكن ما ضايقه في الحقيقة أنه بدا وكأنه قرار شخص آخر،


*163*

بعيدا عنه جدا، ذلك البعد الذي أصبح بين عقله وإرادته، إرادة لا يدري لماذا هي رخوة لا تستطيع أن تنفذ أمرا وكأنما هي واقعة تحت تأثير مخدر سخيف ملعون لا يعرف كنهه (كنهه: حقيقته)، إرادة لم تعد تستطيع أن تفعل إلا أن تنظر وتستمر تنظر.

14. وأخذت الفتاة نفسا آخر، وهذه المرة أخرجت دخانه من فمها وأنفها معا، أنف فتحاته صغيرة دقيقة كأنها براعم فتحات يخرج منها الدخان باهتا معتصرا ليصطدم بالدخان الخارج من الفم الضيق المضموم المكرمش.

وأحس العميد بأشياء داخله تتنبه، وتلفحه سخونة ليس مبعثها الجو. وسرعة في دقات القلب لا علاقة لها بمرض الضغط.

15. وتوالت الأنفاس، وفي كل مرة تجذب النفس على مهلها وبتلذذ سعيد تنغلق له عيناها، وكأن شفتيها المضمومتين على فم السيجارة تبتهلان لشيء أو ترشفان شيئا، رحيق السعادة ربما، أو إكسير الحياة، ويسترخي جسدها ويتدغدغ (يتدغدغ: يتحسس) للنفس ثم تبدأ عملية الإخراج، وتفعل هذا كله باندماج شامل تام وبلا إرادة. وبطبيعية لا تكلف فيها ولا اصطناع، والأنفاس تتوالى ويستحيل ما يحسه العميد إلى تيار غريب يجوب جسده كله مع كل نفس، ولا يوقظه من تعب يوم أو إنهاكه، ولكن يوقظ أجزاءه وأجهزته من رقدة عمر طويل، ويمحو هكذا في ومضة آثار سنين أمراض ومشاغل وحياة تصلبت وجفت واستحالت إلى درب ضيق محدود، في ناحية منه زوجة جف منها ماء الحياة ولم تعد تفعل إلا أن تناكف (تناكف: تقابل بمثل ما سمعت) وتضايق، وفي الناحية الأخرى عمل وروتين لا جدة فيه ولا أمل، وصراع، وما بينه وبين رئيسه مدير الجامعة من حزازات، وهو كالبندول (البندول: رقاص الساعة)


*164*

رائح غاد بينهما، الكلية تدفعه إلى البيت والبيت يدفعه إلى الكلية، بندول عجوز مصاب بأكثر من مرض ووجع وفي صدره أحقاد.

16. ومنتصف السيجارة الذي كان قد جدده، وصلته الطالبة، ولكنه كان في حال لم يعد يعرف فيها إن كان ما يحسه سخطا (السخط: الغضب الشديد) أم إعجابا أو إن كان انفعاله انفعال نشوة أم اشمئزاز، كل ما أصبح يفعله، حتى ولو لم ترض إرادته، أن يظل يرى الفتاة ويراقبها. جسده، نفسه، عيناه، أنفاسه، لسانه الذي بدأ يجف في حلقه، ساقاه اللتان شدت عضلاتهما واشرأبت (اشرأبت: رفعت رقبتها عاليا)، كلها تراقب، كلها مع الفتاة، وسيجارتها في التحام لا يمكن فصله أو إنهاؤه، التحام متواصل حي ينبض نفس نبضها حين تطبق بفمها الضيق على فم السيجارة وتجذب وتدوخ بالنشوة، ثم حين تفتحه نصف فتحة وبه أو بأنفها أو بهما معا تخرج اللوعة والحرقة والنفحات الهاربة، وفي أعقابها تلك التي تدفعها لتخرج برفق وحنان وتؤدة. نبض متوال متسارع، والتحام ذي حرارة مستمرة متزايدة تتصاعد إلى أعلى مراتب عقله وتذيب، تذيب أشياء كثيرة، تذيب أفكارا تحجرت كالمومياء المصبرة وأصبحت حكما وعقائد، وتفتح مناطق حاصرتها التقاليد وعزلتها، وتفد الأفكار بسهولة وتنطلق بسهولة ويبدو المستحيل ممكنا، ولماذا الحرس والساعي والتأنيب والفصل الأنها تدخن وسنها سبعة عشر عاما؟ ولأنها طالبة؟ وما الفرق بين أن تدخن وهي طالبة وتدخن وهي خريجة وكله تدخين في تدخين؟ ولماذا نحرمه على جسد شاب فائر، ونحلله لسيدة أو لعجوز تسعل وتكح وتبصق كلما جذبت نفسا؟ أليس هو قائل نفس المبادئ وهو في العشرين والثلاثين حين كان في بعثته يرى أن مشكلة مجتمعه الأساسية أن أفراده يحيون في عصر بتقاليد قرون مظلمة مضت؟ وأن بلاده لا يمكن أن تصل إلى أي تقدم علمي أو صناعي أو حضاري إلا إذا تم التحرر، وعاش الناس فيه بتقاليد عصرهم نفسه


*165*

وقيمه وأنواع حرياته. بإعطاء أفراده حتى حرية الخطأ وألا نمنعهم بالنصح والزجر (الزجر: النهر، ولفت الانتباه بشدة للمنع) عن خوض التجارب ونورثهم صوابنا نحن وخطأنا، بل نتركهم لكي يستخلصوا هم من تجاربهم ما يرون أنه الصواب وما يرون أنه الخطأ.

17. وبدأ جسد الطالبة الصغيرة يتململ ويتلوى، ونهمه (النهم: الشره، والرغبة الزائدة في الشيء) إلى جذب الأنفاس يشتد ويتلاحق وكأن في داخلها تحفر فجوات هائلة، تحدث فراغات سريعة تطلب الامتلاء لا بالدخان ولكن بالمتعة الحادثة من حريتها في أن تنفرد بنفسها وبالسيجارة وتمتص منها ما تشاء وتبتلع ما تشاء، والعميد يحس بجفاف ريقه يزداد، وحنجرته تتسع وتزداد قدرتها على الرنين وكأنها تستعد لإطلاق صرخة العمر، وعرق غريب ذو رائحة نفاذة لم يشمها من سنين ينبت تحت ابطيه، وعرق آخر أكثر غزارة يبلل وجهه ويضبب زجاج نظارته حتى ليخرج منديله بسرعة المحموم ويمسح زجاجها لكي لا ينقطع أبدا إبصاره، والدنيا حافلة بمؤامرة صمت تام، سكون غريب لا يمكن أن يكون إلا بفعل قوة خارجية قاهرة، سكون عالم خال من الحيلة تماما ليس فيه حياة سواه وسواها هي في أقصى درجات الاستمتاع، وهو في أقصى درجات الانفعال. وبينهما، تفصلهما تماما، وتربطهما تماما، تلك السيجارة.

18. والحياة تبدو حلوة جدا، كل لحظة فيها عمر بأكمله، وإرادته قادرة على اكتساح الجبل، ولا شيء في الوجود مستحيل ولن يرضى بأقل من أجمل وأغنى بنات العالم زوجة له، وخمس سنوات فقط يصبح فيها أعظم علماء مصر بل الشرق والغرب معا، وماذا تكون جائزة نوبل مكافأة له؟ وحقيقة، ما هذه الحزازات (الحزازات: في الأصل قرحة جلدية وهنا الأحقاد، الكراهية المبينة.) بينه وبين المدير أليس هو أكبر منها وأقدر بكثير؟ ولماذا الحزن والمرارة لكل ما فات والآتي أروع منه بكثير؟ ولماذا التعنت (التعنت: التصلب في الرأي والعناد) مع أستاذ القسم المساعد؟ لماذا لا


*166*

يعطيه الفرصة؟ إنه شاب ومن حقه أن يطمح إلى كرسي الأستاذ. المشاكل نحن نخلقها حين نفتقر إلى التفاؤل، والتفاؤل هو الإرادة، وبالإرادة القوية تصبح الحياة كالبساط الممهد، بساط الريح. عش واضحك وامرح واطلب القمر يأتك. أرده إرادة قوية حقيقية يأتك. وكله. كل ما في الحياة آت لا ريب فيه.

19. واقتربت السيجارة من نهايتها، وتلاحقت أنفاس الفتاة في صعود القمة ومضى جسدها يتهدج (يتهدج: يهتز متأثرا بحزن أو نحوه) وقد أصبح كله صدرا يلهث وشفاها بدأت من الجرعات المتلاحقة ترتعش وتضطرب، اضطراب الحمى، حمى شملته هو كله. والينبوع الخفي فيه يتفجر بأقصى قوته ويصل به إلى قمة الانفعال تلك التي ينتقي معها الزمن، ولو للحظات يتوقف الزمن، يغرب إلى ما وراء الإدراك، ويصبح الحاضر مجرد لون، لون أحمر مدمم في لون الشفق.

20. وأخذت الفتاة من السيجارة التي كادت نارها تحرق الأصابع نفسا كآخر شهقة. ثم سكنت تماما وكأنما غابت عن الوجود. ومن بين إصبعيها اللذين انفرجا استرخاء انفلتت بقية السيجارة واستقرت ذابلة ممصوصة مغضنة (مغضنة: مجعدة) على الأرض.

وأحس العميد بعد الرعود والانفجارات والحمى بسلام مفاجئ ممتد كأنه سيبقى إلى الأبد، يشمله ويجعله يتمنى أن يكف الكون عن حركته لتبقى اللحظة في ديمومة (الديمومة: الاستمرارية) لا تنتهي.

21. ولكن الديمومة انتهت؛ فلأمر ما بدت الفتاة وكأن العيون المستترة التي تحس الخطر دون أن تراه قد أدركت شيئا، فقد ضمت جفنيها بشدة ثم فتحتهما على آخرهما ليلتقيا، هكذا كالطلقة المصوبة بدقة، بعيني العميد في تطلعهما من خلف زجاج النظارة.


*167*

22. وللازمن التقت النظرات، ولكنه لم يكن لقاء ولا وقتا ولا شيئا يقاس، كان ارتطاما، سقوطا من حالق (سقط من حالق: وقع من الأعالي) ربما، ماء باردا كالثلج، برودة الواقع الذي ترتجف لهوله المدارك، الثلج الصاعق وتكهربت النظرتان بخجل، لا قبل لأيهما (لا قبل له: لا مقدرة عليه، أو لا يعرفه من قبل) به، خجل سريع مغور، جارح.

23. وفي جزع هائل انتفضت الفتاة جالسة وقد غاص قلبها وبيد ترتجف بالرعب دلقت كل محتويات حقيبتها لتستخرج في لمح البصر كتابا، تعود معه تنكب (تنكب: تنشغل به بكل جوارحها.)، كالطالبة المجتهدة على صفحاته.

وكانت حركته ليعود عميدا أبطأ. ممزوجة بخجل أعظم وبتأنيب (تأنيب: عتاب شديد.) أشد هولا، وتحرك خافض البصر طويلا نحيلا عجوزا محني الأكتاف حاملا متاعب الدنيا كلها من جديد، وليس في رأسه واضحا سوى الواجب، وما لا بد من عمله. والدائرة البيضاء الملساء الصغيرة فوق مكتبه، والعقاب.

وبإصبع عادت إليها كل عصبيتها وكأنما تمتد من صدر ضاق بالدنيا، ضغط على زر الجرس.

ولكن إصبعه كانت لا تزال بها بقية من ارتعاش، ارتعاش ليس الكبر أو الضغط سببه.

ديسمبر 1962

"لغة الآي آي"


*168*

أجواءُ النص:

أجواء المدرسة، المرحلة الثانوية، جيل المراهقة، مُحاولةُ تحدّي النُّظم والقوانين التي تقيد الحرية الشخصية، المرحلة الأكاديمية، الحرية في مُمارسة المُتع الجسدية، الشرب والتدخين. القوانين الصارمة في المؤسسات، الرقابة والكُتبُ.

أسئلة المضمون:

1. يتحدث المؤلف عن شيء ووصفه أنه مُباح وعيب ومُحرم وجريمة. وكل صفة تناسب فئة اجتماعية. وضح ذلك؟ فقرة (1)

2. تتكرر كلمة تُغْري وبعدها يذكر الإغراء ما الذي يُغري؟ وما هو الإغراء؟ الفقرة (5)

3. ما هو الحدث الذي شاهدهُ عميد الكلية عبر النافذة؟ وما هو تأثيرهُ عليه؟ الفقرة (6)

4. ما هي الصفات الجسمية التي وقع عليها العميدُ للفتاة من منظرها الخارجي؟

وماذا تُوحي هذه الصفات؟ فقرة (7)

5. فصل واصفا منظر الفتاة وهي تقوم بعملية التدخين. منذ أن فتحت عُلبة الكبريت حتى إلقائها عود الثقاب فوق عُشب المَمشى فقرة (8)

6. ضمن تيار الوعي (الحوار الذاتي) ما هي العُقوبة التي يخطط العميد لإنزالها بالطالبة؟ الفقرة (9)

7. ما هي أعضاء الجسم التي شاركت في عملية تدخين الفتاة؟ بين دور كل عضو. الفقرة (10)

8. ماهي الأفكار التي استدعاها منظر الطالبة المُنتشية في عملية التدخين الاحترافية؟ الفقرة (11)

9. قال في نفسه: لماذا الحرس والسَّاعي والتأنيب والفصل الأنها تُدخن وسنُّها سبع عشرة عاما؟ ولأنها طالبة؟ تابع حواره مع نفسه ووضح ماذا تستنتج منه؟ الفقرة (16)

10. صف لحظة التقاء نظرة الطالبة مع نظرة العَميد. فقرة (22)

11. هل انكشفت النهاية عن تصرف مُعين بحق الفّتاة؟ الفقرة (23)


*169*

أسئلة الأسلوب:

1. استخرج مثالين من التعابير الساخرة، وبين الغرض من استعمالها في النّص.

تلمَّسْها في الفقرات 2، 3، 7، 8، 9، 10 وغيرها.

2. استخرج من النص تعبيرين مجازيين وبين قيمتهما في تحقيق المَعنى المطلوب، فقرات: 2، 4، 5، 6 وغيرها.

3. ورد في النص بعض الكلمات من اللغة المحكية، هات ثلاث كلمات وبين هدف الكاتب عن استعمال اللغة المحكية.

4. لماذا خَلا النص من أسلوب الحوار المباشر؟

5. ورد في النص بعض الاستعارات. استخرج استعارتين ووضح أركان الاستعارة فيهما.

6. ورد في النص بعض التَّشبيهات. استخرج اثنين وبين أركان التشبيه فيهما.

أسئلة الرأي والموقف والقِيم:

1. لماذا - حسب رأيك - ذكر الكاتب ابنة العميد في سياق القصة؟

2. لماذا كان الكاتبُ يصف الفتاة وصفا تفصيليا وهي تُمارس التدخين لوحدها؟

4. كيف تفسر إحجام العميد عن ايقاع عقوبة بالفتاة بعد أن كان مُتحمسا لذلك؟

5. جاء في خِتام النص: ولكن اصبعهُ كانت لا تزال بها بقية من ارتعاش، ارتعاش ليس الكبر أو الضغط سببهُ، إذن ما هو سببه حسب رأيك؟

مصادر للتوسع:

1. عبد الرحمن بن عوف: يوسف إدريس بين مرحلتين، العلوم (بيروت) كانون الثاني 1966.

2. عبد الجّبار عباس: اللغة عند يوسف إدريس، الآداب (بيروت) كانون الثاني 1967.

3. فؤاد دوّارة: في الرواية المصرية، القاهرة 1968.

4. شكري محمد عيّاد: القصة القصيرة في مصر، دراسة في تأهيل فنّ أدبي، القاهرة 1968-1967.

5. عبد المحسن طه بدر: تطوّر الرواية العربية في مصر 1938-1870 القاهرة 1962.


*170*

6. ساسون سوميخ: يوسف إدريس من خلال اقاصيصه، دار النشر العربي - تل أبيب 1976.

7. ساسون سوميخ: لغة القصة في أدب يوسف إدريس، تل أبيب جامعة تل أبيب 1984.


*171*

التمرين الأول


*171*

يوسف إدريس

فقرة 1

كان عجيبا هذا الإحساس المُفاجئ الذي أصاب طلبة (ثالثة رابع) وجعلهم يستمرون في أداء التمرينات الرياضية بعن انتهاء الحصَّة وأيضا أثناء الفُسحة التي بين الحصّتين ثم يأخذون خمس دقائق أخرى من الحصَّة التالية.

كان هذا عجيبا، إذ طوال أيام الدراسة كانت أمنية كل منهم أن يصحو من نومه فيجد المدرسة قد نسفها طوربيد أو ابتلعها بُركان.

كانوا، كغيرهم من الطلبة، يكرهون المدرسة كرها لا يعرفون له سببا، ويبدأ ذلك الكُره مع بدء كل يوم، بل قبل أن يبدأ اليوم. فالطالب لا يستيقظ من نومه إلا مقروصا أو معضوضا أو مطروحا أرضا، ثم يدفع إلى المدرسة دفعا، ودائما في وداعه شيء. دعوة عليه، شتمة، أو فردةُ شبشب. وينسل إلى الشارع ويظل يجري ويجري ملتصقا بعمود ترام أو مُهرولا فوق رصيف، والشتاء بارد والصبح أبرد. أبرد من الحصص الإضافية، والرعب يملأ قلبه مخافة أن يصل متأخرا ويجد باب المدرسة مغلقا ويضيع اليوم، ويقيد غائبا ويروح في داهية.

فقرة 2

وما يكاد يصل إلى المدرسة ويجدها قد امتلأت بالأشباح المقرورة (المقرورة: التي تحس بالبرد الشديد) من أمثاله التي تبحث عن الشمس، فالشمس ليست مثلهم، تلميذة في مدرسة؛ إنها لا تصحو ولا تضيء صباح الشتاء إلا في العاشرة أو بعدها. ما يكاد يصل وما تكاد المدرسة تفتح ذراعيها وتضم تلك المجموعة الضخمة من الفتيان، وما تكاد جدرانها تهب من رُقادها الطويل الوحيد وتشارك الطلبة مرحهم وتردد لهم أصوات زعيقهم (الزعيق: الصوتُ الحاد) وضحكاتهم، ويتلمظ (يتلمظ: يذوق بشوق وتلذذ) حَصى الفناء مُنتشيا (مُنتشيا: يحسّ بالسعادة والفرح)


*172*

فقرة 3

وهو يستقبل الأقدام الصغيرة الشابَّة ويلثمها وقد طال شوقه إليها. وما تكاد الأشجار تُهفهف (تُهفهف: المقصود تتمايل وتتأرجح) بأوراقها وتشقشق (تشقشق: تُصدر صوتا) سعيدة بجري الطلبة حولها وجذب شعورها وأغصانها. ولا تتألم حتى حين يحفرون أسماءهم عليها، ما يكاد الطلبة يحسون أنهم كائنات حية لها أمان ورغبات وأحلام وأحاديث، ما يكاد هذا يحدث حتى يدق الجرس. تِتِمّ. تِتمّ. تِتمّ.

فقرة 4

وفي الحال تهمد الحركة وتخرس الألسنة وتتجمد الرغبات. إذ ما يكاد الجرس يدق حتى يُغلق الباب. باب لا بدّ ضخم متين كأبواب السُجون. وما يكاد الباب يُغلق حتى يفطن الطلبة إلى وجود السُور. سور لا بد عال هو الآخر، ومزوَّد بالأسلاك الشائكة إن أمكن.

ومع دقة أخرى من الجرس يزحفون صوب مكان الطابور (الطابور: الصف واحد تلو الآخر) مُطأطئي (مُطأطئ الرأس: مخفضة) الرؤوس وقد تضاءلت أمانيهم وانكمشت، وأصبح الواحد منهم مجرد تختة أو دوّاية أو قلم بسط رخيص عليه أن يكتب ويكتب ولا ينقصف سنة أبدا.

فقرة 5

تلك التمتمات الثلاث كانت تعني أن اليوم الدراسي قد ابتدا، وويلهم من اليوم الدراسي حين يبتدئ! حتى الجرس الذي يُبدأ به اليوم، جرس كالح قديم عليه صدأ أزرق، وله بُلبُلة (بلبلة الجرس: ما يعلق بداخله منطقة معدنية من أجل أن نمنع صوتا وقت رنينها) أضخم من حجمه، واقفة في وسطه كما تقف اللقمة في الزور. حتى صوت الدقات يخرج وفيه من الأنين أضعاف ما فيه من رنين، وأنين يعلوة الصدأ هو الآخر. صدأ أزرق كالح كئيب.

فقرة 6

حتى الفراش الذي يدق الجرس لا بد أن يكون عجوزا خطير الملامح، ولا بد أن يكون له شارب كثٌّ (شارب كث: غزير الشعر ومنفوشه) يخيف، ولا بد أنه يحس أتن نابليون (نابليون: نابليون الفرنسي) زمانه أو


*173*

فقرة 7

إسرافيل (إسرافيل: ملاك إعلان القيامة) عصره وأوانه، ولا بدَّ له ساعة. أخطر من أيَّة ساعة في الدنيا هي التي تُحرك عقاربها المدرسة كلها، ولهذا لا بد لها من مخلاة سوداء صغيرة يضعها فيها مبالغة في الحرص عليها، ولا بد أن تجده واقفا تحت الجرس ينتظر، مُمسكا بالساعة مُحدقا فيها، حريصا عليها في يده كل الحرص، وكأنها قنبلة زمنية إذا حركها ستنفجر. وقبل أن يحين الحين (حان الحين – جاء وقت الموت، جاءت النهاية) يقبض على سلسلة الجرس. سلسلة لا بدَّ قديمة أو موصولة بدوبارة (دوبارة: خيط يربط به ويشد)، ثم تأتي اللحظة فيجذب السلسلة، يجذبها بتؤدة وثقل وكأنه يفرغ الحكمة (الحكمة: ما يوضع في فكّ الحصان)، العُليا في تمتماته الثلاث.

وأول ما يُسمع بعد الجرس من الأصوات هو:

- اخرس. بَطلْ كلام.

فقرة 7

وبهذا الأمر تُقطع كل صلة للطلبة بأنفسهم ويخرسون، ويبدأ المدرسون الذين يفتشون على الطابور في الكلام، ويخرج كلامهم طازجا على الصُبح ومنتقيا بعناية بحيث لا تندس (تندسّ: تدخل بين جماعة) بينه أبدا كلمة حُلوة، يفرغون فيه كل ضيقهم باليوم الذي أصبحوا فيه مُدرسين، وبالمهنة الصعبة التي اختاروها لأكل العيش (أكلُ العيش: أكل الخبز)، وينتقمون من مشاكل الكادر (الكادر: مجموع العاملين معلّمون وغيرهم) والأمس وشتائم الحماة ومرض الطفل وارتفاع أسعار الصُوف.

ثم يظهر الناظر.

فقرة 8

يُطلُّ على الطابور الصامت بوجه لا صباح فيه ولا خير. يُحدق في الطلبة فيموت الطلبة وفي المُدرسين فينكمش المدرسون، وفي الصمت فيقشعر الصمت.


*174*

فقرة 8

ولا بد أن تكون لدى الناظر مفاجأة لا بد لها من مقدمة شتائم طويلة، ثم حديث عن النظام مثلا، وكيف أنك لكي تدخل الجنة. إذا أردتَ دخول الجنة فعليك أن تبدأ السير في الطابور بالساق اليمنى، وأن تسير اثنين اثنين، وكيف أنه لكي تحل مسألة الجبر لا بد أن ترتب ملابسك بنفسك في دولابك الخاص، وكأن لدى كل طالب ملابسة الخاصة بل ودولابة الخاص.

أو يتحدث عن الطاب الذي ضبط وهو يسرق البيض من المطعم، وأحيانا لا يكتفي بالحديث فيخرج الطالب نفسه ليريه للجميع، ويجعل منه أمثولة وعبرة. أو يُنبه تنبيها صارما قاطعا أن كل من لم يدفع المصاريف عليه بمغادرة الطابور، ومن ثم المدرسة كلها في الحال.

ووجهه طوال حديث الصباح جامد عابس.

فقرة 9

والطلبة واقفون الدقائق الطوال كالخشب الخائفة المسندة لا يعرفون سببا لذلك الرُعب المفاجئ، ولا سرا للعبوس الشديد في وجه الناظر، هل مات له قريب؟! غير معقول هذا، فهو كل يوم عابس وليس معقولا أن يموت له كل يوم قريب، عسى أن يموت له كل يوم قريب! ثم يدور الطابور إلى اليمين أخيرا وإلى اليسار، وكل يبتلع ريقه ويتحسس رقبته ويتنفس الصعداء. فقد نفد هذه المرة ولم يكن الطالب الذي سرق البيض، ولم يخطئ ويبدأ المشي بالسّاق اليسرى، ولكن تراه كيف ينفد في المرّات القادمة؟ ومن خلال ممرات كئيبة متشابهة يدلفون (يدلفون: يتجهون، يسيرون) إلى الفُصول. فصول مكررة، حيطانها طويلة هيفاء عالية، ولونُها تصرُّ الوزارة على اختياره حشمة لينظر

فقرة 10

إليه الناظر ويُرسي في قلبه الوقار.

وما تكاد الحياة تدبُّ في الفصل وتتحرك التُختُ والمقاعد ويذهب عنها الروماتيزم الذي يصيب مفاصلها كل ليل، حتى يقبل المُدرس فجأة، لا بدَّ أن يقبل المُدرس فجأة - وكأنه ضابط مباحث في طريقه، إلى ضبط واقعة - لعلهُ


*175*

فقرة 10

يسعد ويحس بالسُلطة حين يحدث ظهوره المُفاجئ سكوتا مفاجئا، يقبل ولا ينفرج وجهه مخافة أن تضيع الهيبة.

- قيام!

وإذا بالفصل كله يتلكأ (يتلكأ: يتبطأ) ويقوم، ولا يدري لماذا يقوم.

ويحدق المُدرس طويلا في تلاميذه وكأنهم يُحرزون (يحرزون: يُخبئون) مواد ممنوعة وهو يفتّشهم بعينيه تفتيشا دقيقا. فإذا عثر على الهفوة كان بها، وإلا فإنه يقول:

- جلوس!

يقولها قرفانا وكأنه يمنُّ عليهم بفصل من عنده.

فقرة 11

وتتوالى الحصص ويتوالى المدرسون وكل منهم كالجهاز المُعبأ الذي يفرغ شحنته بمقدار، إذ هو الآخر ليس أكثر من موظف حُكومة له عمل يؤديه ثم يمضي. وكل ما يسمعه الطلبة أوامر تترى (تترى: تتلاحق، تتابع)، وأشياء غريبة تخرق أسماعهم وتتفجر كالصواريخ في عقولهم. سمع يا ولد ما قاله الكُميت ُ(الكُميت: شاعر عربي من العصر الأمويّ) في وصف ناقته. اذكر ثلاثين شرطا من شروط الصلح في معاهدة واق الواق، وإذا نسيت شرطا فبعصاية. ما اسم البلاد التي تزرع الشوفان (والمدرس نفسه لا يعرف ما هو الشوفان). تخيل أنك على خط عوض 23 وتريد أن تسافر إلى خط 85 بطريق البرّ فأي الطرق تسلك أعرب أبيت اللعن، ما هي حالة الطوارئ التي يصح فيها رفع المستثنى بإلا؟ تكلم على لسان طائرة تريد أن تُفاخر السيارة وتتية عليها فماذا تقول؟

فقرة 12

ومع توالي الحصص وتنوع الدروس تتنوع الشتائم وتتنوع كذلك لغتها، فهناك شتائم فرنسية رقيقة، وشتائم نحوية فُصحى، وشتائم كيميائية مُركبة ومخلوطة، وأقل ما فيها: نزّل إيدك يا ولد. وشك (وشّك: المقصود وجهك "لهجة"


*176*

فقرة 12

برَّه يا صُعلوك. التفتْ يا لُوح. حُلَّ المَسألة يا أغبى مخاليق الله.

وأحيانا يفيض الكيلُ ولا يعود ثمَّة بُد من المُواجهة السافرة فتنطلق الكلمات: ما تنحرق انت وهو. اتنيل يا شيخ. اتْلهي. انتم تنفعوا انتم بلاوي. انتم رمم. انتم جايين هنا ليه. انتم مالكم ومال المدارس رُوحوا لمُّوا سَبارسْ (سبارس: بقايا السجائر.).

فقرة 13

حتى الكراكيس، كانت هي الأخرى تُشاطر الناظر والمدرسين وجلدتُها مملوءة بالأوامر والنواهي. لا تبلع الطعام. لا تمضغ. لا تستنشق الهواء. لا تمشِ. لا تجلس. لا تتحدث. عليك بالحلم. عليك بالطاعة. عليك بإمساك نفسك ساعة الغضب.

ورغم هذا النظام الصارم، ورغم أن المدرسة كانت على حد قول الناظر تمشي كالساعة، ونسبة الحضور أعلى النسب، وأحذية الطلبة كلها تلمع، والحوش الواسع خال تماما من الأوراق.

فقرة 14

ورغم أن الأولاد - على حد قول أولياء الأمور - كانوا لا يلعبون، ويذاكرون، إذ هم واقفون لهم بالمرصاد، ما تكاد المدرسة تتركهم حتى يتسلمهم الأولياء، والويلُ للتلميذ إذا تأخر برَّه أو لم يقض الساعات مُنكبًّا (منكبا: منشغلا بالأمر بشدة) على كتبه يتلو ويذاكر. رغم هذا إلا أن الطلبة كانوا لا ينجون، ويفشلون بالمئات والعشرات، ويُقابلون الدراسة باستهتار، وينامون في الحصص، وإن واتاهم الأرق (واتاهم الأرق: تيسر لهم، طاوعهم) اقاموا حفلات ترفيه، وتبادلوا القرصات والزغدات والضرب على القفا، وكتابة الخطابات المملوءة بالشتائم، وتكوين العِصابات وشرب السجائر وسبَّ المُدرسين، ومُزاولة (مُزاولة: ممارسة الشيء) العادات في السر والعلن.

فقرة 15

وكان الطلبة أيضا ورغم كل شيء يتساهلون هم الآخرون لماذا يرسبون؟ ولماذا يكرهون المدرسة؟ ولماذا يُعاكسون المدرسين؟ ولماذا يقضون أتعس الأوقات مع أنهم يسمعون الناس تقول إن أحلى أيام العُمر هي أيام الدراسة؟

كان الناظر والمدرسون يُحاولون تفسير الأمر ويقولون: إنهم طلبةُ هذه الأيام ومساخرهم وتفاهتهم.


*177*

15. وكان أولياء الأمور يقولون: هي حكمة الله الذي يرزق من يشاء بغير حساب. وكان الطلبة يقولون: بل هو الحظ، بضربة حظ تنجح، وبضربة أخرى تفشل، يا رب كثيرا من الحظ يا رب. كثيرا من الحظ.

وذات يوم أتيح لطلبة ثالثة رابع أن يمروا بتجربة.

16. كان مدرس الرياضة البدنية عملاقا ضخما رهيبا، كتفه تهد الجبل وزندة في حجم الفخذ وقبضته تحيل (تحيل: تجعل) الرؤوس إلى جماجم، ولم يكن في حصته مكان للترفيه أو العبث. فقد كان طلبة ثالثة رابع كغيرهم من الفصول يخافونه، ويخافون إذا عَنَّ (عن: خطر في باله) لواحد منهم أن يعبث في حصته ألا يرسله كالعادة إلى المشرف أو يخرجه من الفصل (الفصل: الصف) مثلا، وإنما يتولى (يتولى: يستلم المسئولية) العقاب بنفسه وقد يتولاه بقبضته، والكف عن العبث بالتأكيد أسلم نتيجة من عقاب يتولاه مدرس الألعاب بقبضته.

كان يأتي، وقبل أن يدخل الفصل يكون الفصل واقفا كله، وبإشارة منه يخرج الطلبة عن الأدراج (الأدراج: الطاولات جمع دُرج)، وبإشارة أخرى يصطفون ويهبطون السلالم (السلالم: الدرجات) دون أن ينبس (نبس: لفظ، نطق) أحد ببنت شفة (بنت الشفة: الكلمة)، وفي سكون تام يخلعون الجاكتات، ثم يتسلمهم العملاق بتمريناته.

ثني. مد. رفع. ضم. افتح سدرك. شد وسطك. اخبط الأرض بدماعك. وشك (الوش: الوجه) فوق. عايز الجزمة تطلع شرار.

17. وهكذا إلى نهاية الحصة، حتى تتدلى الألسنة من الأفواه وتتجمع الرغاوي.


*178*

وتتشقق الحلوق وتتقطع الأنفاس، ولا يجرؤ واحد أن يقول: آه أولا.

عقل سليم جسم سليم، هكذا كان يقول. رياضة يعني رياضة. عايزين رجالة مش حريم.

دلع مش عايز دلع. كلمة واحدة أقطم رقبتك. بص (بص: انظر) قدامك. لم نفسك. تخشب. التمرين الأول. ابتدي.

وكان الطلبة حين تنتهي الحصة يقضون بقية اليوم في ترميم (الترميم: إعادة بناء) أنفسهم والتماس النقاهة، ويقضون بقية الأسبوع في تمن أن ينسف الطوربيد مدرستهم على الأقل قبل حلول حصة الألعاب التالية.

18. وفوجئ الطلبة ذات يوم بخبر نقل مدرب الألعاب ومجيء مدرس جديد. ولم يتحمس الطلبة للخبر فكل المدرسين كانوا لديهم سواء. كلهم رجال كبار حكماء معصومون من الخطأ وأذكياء جدا ومتعلمون بغزارة، وبعيدون عنهم تماما، هم الصغار الحمقى الجهلاء الذين تكمن فيهم كل العيوب والذين لا يفعلون سوى ارتكاب الأخطاء تلو الأخطاء.

وجاءت حصة الرياضة البدنية.

19. ودخل الحصة شاب لا لحية له ولا شارب، ولا يرتدي رباط عنق وإنما وضع ياقة القميص فوق ياقة (ياقة: قبة) الجاكتة وفتح صدره. وعادة المدرسين أن تكون الياقة منطبقة على العنق وعلى رباط العنق تمام الانطباق.

وغادروا الفصل وهبطوا السلالم وخلعوا الجاكتات، ووقفوا كما كانوا يقفون وراحوا يؤدون التمرين الأول كما كانوا يؤدونه أيام المدرس السابق.

غير أنه لم تكد تمضي دقيقة واحدة حتى طلب منهم المدرس أن يتوقفوا. وفعلوا هذا مستغربين وقال المدرس:


*179*

- اسمعوا يا جماعة. أنا أحب الصراحة وانتم واضح من حركاتكم إن ما عندكوش أي حماس للعب. فبصراحة مين فيكم يحب يلعب؟ اللي عايز يلعب يرفع إيده.

لم يكن المدرس نفسه يعلم ماذا دعاه لإلقاء هذا السؤال، لعله خاطر عن له. لعله لم يقصد.

20. ورفع الطلبة كلهم أيديهم مخافة أن تكون خدعة مقصودا بها كشف الذين لا يريدون، فمدرس الفرنساوي عودهم أن يبتسم للواحد منهم وهو يعطيه الزيرو (زيرو: صفر).

- أنا لا أحب أبدا، وغير معقول إن كلكم عايزين تلعبوا. أنا أحب العلاقة بيننا يكون أساسها الصدق. اللي عايز يلعب من فضلكم يرفع إيده.

بدا الأمر جدا لا هزل فيه. إن المدرس يريد حقيقة أن يعرف رأيهم وكان هذا غريبا. فهم لم يعتادوا أبدا أن يؤخذ رأيهم في شيء. إنهم منذ ولدوا وثمة قوى تدفعهم دفعا لا يعرفون أين، ولا يسألهم أحد ماذا يحبون أو ماذا يكرهون. كل الناس تقول: هذا لمصلحتهم، ولا أحد يخطر له أن يسألهم عن رأيهم في مصلحتهم.

21. ونظر الطلبة بعضهم إلى بعض وتولاهم شيء غير قليل من الاستهتار، ماذا يحدث لقد سألهم رأيهم فلماذا لا يقولون الحقيقة؟

وأنزل الطلبة كلهم أيديهم، كلهم ما عدا واحدا أو اثنين من هؤلاء الطلبة الذين يقضون العمر خائفين من العقاب ومن احتمالاته. ولكنهم حين وجدوا الكل لا يريدون أنزلوا أيديهم هم الآخرون خوفا من عقاب الطلبة لهم هذه المرة.

وعادت الابتسامة إلى وجه المدرس وقال:

- برافو؟ أهو كدة. أنا أحب الصراحة.


*180*

برافو! لا بد ذلك المدرس مجنون أو به هفة (هفة: حمق)، قال الطلبة هذا لأنفسهم وهم يحسون بفرحة غامرة وعيونهم تكاد تدمع. والحقيقة أن لفرحتهم كان سبب آخر، كانوا وهم يتبادلون النظرات وينزلون أيديهم يرتعشون من الخوف، فقد كان كل منهم يعبر عن رغبته وكان يحس أنه ارتكب إثما عظيما، فإذا المسألة لا جريمة فيها وإذا بالارتباك يزول وإذا بالفرح يعصف بهم، فقد استطاعوا آخر الأمر أن يقولوا شيئا، يقولون لا ولا يشنقون، فلا بد أن المدرس مجنون ولا بد أن به لوثة (اللوثة: مس من الجنون).

22. وسكت المدرس قليلا ثم عاد يقول:

- غريبة! إجماع رهيب على كره الرياضة. ليه؟ أمال بقية العلوم بتكرهوها ازاي؟ وتطوع أكثر من طالب بالإجابة والتفسير. وكانوا يتحدثون بنبرات لا اضطراب فيها ولا وجل.

كانت ثمة ثقة قد ملأت صدورهم وأحسوا ربما لأول مرة أنهم آدميون لهم الحق في الكلام. واندفع ثلاثة طلبة أو أربعة يطلبون اللعب، كان ما يدفعهم في الحقيقة هو حماسهم للمدرس الشاب ذي الابتسامة، وليس رغبة حقيقية في مزاولة اللعب.

وقال المدرس لبقية الطلبة وهو يضحك:

- افرنقعوا (افرنقعوا: تفرقوا).

23. وهلل الطلبة وكأنهم أفرج عنهم بعد طول سجن. ودون وعي راحوا يضحكون ويتعانقون ويتضاربون، وانسحبت أقلية ضئيلة ‘لى المظلة ورقدت على الدكك (الدكك: جمع دكة، مقعد مستطيل) قائلة: وآدي نومة! وجرى طالب وراء آخر وشنكله (شنكله: عرقله).


*181*

ووقفت الأغلبية وقد ارتدت ستراتها تتبادل اللكمات الخفيفة، وتتفرج على المدرس وهو يؤدي التمرين الأول مع المجموعة الصغيرة التي أرادت اللعب.

وقفوا يتفرجون بكل استهتار، يضحكون على المدرس وعلى الأخطاء التي يقع فيها زملاؤهم ويدردشون.

كانوا يحسون بانتعاش وكأنهم يشمون أيدروكسيد أمونيوم حديث التحضير. أن يحس الإنسان أنه ليس مرغما. أن يكون في وسعه ألا يفعل، أن يصبح في استطاعته أن يختار. أشياء ما كانت تخطر لهم على بال.

24. وحين كانوا يصعدون السلالم بعد انتهاء الحصة كانوا لا يزالون غير مصدقين أن ما حدث كان حقيقة، وأنهم استطاعوا ولو لمرة واحدة في العمر أن ينفدوا من حصة الألعاب. ومضى اليوم ولا حديث لهم إلا عن المدرس الظريف الشاب الذي أصابه لوثة أنقذتهم من الرياضة والأشغال الشاقة.

وطوال الأسبوع ظل كل منهم ينتظر في شغف (شغف: حب شديد) حلول حصة الألعاب التالية ليعفى من الألعاب.

وجاءت الحصة. وجاء المدرس حليقا مبتسما وياقته مفتوحة أيضا. وقبل بدء التمرين الأول أكثر من ابتسامته وقال:

- هيه يا جماعة. اللي عاوز يلعب يرفع صباعه.

25. ورفعت أقلية ضئيلة أصابعها. بينما وقفت الأغلبية في مكانها لا ترفع أيديها ولا تتحرك، وكل منهم يريد أن يعرف ما سوف يفعله الآخرون.

ولما طال الوقوف قال طالب لآخر وهو يدفع عنه يده التي كانت قد امتدت تهوشه (يهوش: حاول المنع بحركات من الجسم دون المس):


*182*

- أنا حَ العب يا عم.

وسرت همهمة (همهمة: صوت غير مفهوم ومنخفض). تعالت ثم تبلورت (تبلور: تكون) في رأي:

- وإنه يعني؟ نلعب وإذا ما عجبناش نبطل لعب. هو مش قال كدة؟ وهكذا ارتفعت أصابع الأغلبية.

وما كادت تمضي دقيقة حتى تثاءب واحد وقال:

- أنا تعبت. كفاية بأه.

26. وانسحب، ولكنه لم يذهب بعيدا بل وقف يتفرج، وحين وجد أن أحدا لم يتبعه تردد برهة، وتثاءب مرة أخرى ثم عاد إلى مكانه.

ولم ينسحب بعده أحد. بل كلما أحس أحدهم أن في استطاعته أن يتوقف إذا أراد، كلما أحس بهذا ازداد حماسة وشعر بطاقات هائلة تنفجر من جسده. وبلغ التنافس أشده.

وتعالت أصوات تهيب بالمدرس أن ينتقل إلى تمرين أعنف.

وانتهت الحصة ودق الجرس والحماس لا يفتر.

وتأخرت ثالثة رابع عشر دقائق في الحوش بعد الحصة.

ووقف الناظر في ذلك اليوم يلعن ويزمجر (يزمجر: يتوعد) ويوبخ (يوبخ: يشتم ويؤنب)، ويتساءل مغيظا (مغيظ: مملوء بالغضب الشديد) عن ذلك الحماس المفاجئ للرياضة البدنية.


*183*

أجواء النص:

الأجواء الطلابية، المخاشنة في التعامل وأضرارها، صورة المجتمع أصلها المدرسة وأساليب التربية والتعليم، المسئولية لا تعني الحكم القاسي، "قال تعالى: ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها. التصوير بالكلمات. من هو المعلم الناجح.

أسئلة المضمون:

1. ما هو الأمر العجيب الذي افتتح به المؤلف القصة؟ ولماذا كان عجيبا؟ فقرة (1)

2. ما هي المعاملات القاسية التي كان الطلاب يتعرضون لها؟ وما هو تأثيرها على استعداد الطالب لتلقي العلم؟ فقرة (2)

3. صف صورة الطلاب التي تعقب دق الجرس صباحا. فقرتان (3-4)

4. كيف حاول الكاتب إسقاط الجو الكئيب على الجرس وعلى الفراش؟ الفقرتان (5-6)

5. ما هي الصورة التي رسمها المؤلف للمعلمين؟ وكيف يمكن أن يكون ذلك مؤشرا نقديا لجهاز التربية والتعليم؟ انظر فقرة (7)

6. ما هو أثر ظهور الناظر على الطلاب والمدرسين صباحا؟ فقرة (8)

7. ما هي دلالة عرض القوانين المحددة للتصرفات، لدخول الجنة، وحل مسألة الجبر و.؟ فقرة (8)

8. بماذا يستعين المدرس من أجل بسط سلطته على الطلاب؟ فقرة (10)

9. ما هي طبيعة ومواصفات الأسئلة التي يوجهها المعلمون للطلاب؟ وماذا أراد الكاتب من ذلك؟ فقرة (11)

10. قارن بين الثورة الدعائية للمدرسة بواسطة الأهل والإدارة والصورة الحقيقية التي تترجمها الامتحانات النهائية، وماذا تستنتج من ذلك؟ فقرة (15)

11. كيف كان كل من الأهل والناظر والطلاب يفسرون رسوب الطلاب؟ فقرة (15)

12. ما هو الأمر المفاجئ بالنسبة للطلاب في بداية تعامل معلم الرياضة الجديد معهم، ولماذا تفاجأ الطلاب؟ فقرة (20)


*184*

13. عدد الأشياء التي لم تكن تخطر على بال الطلاب. فقرة (23)

14. ما هو سبب الحماس الذي سيطر على الطلاب مع معلم الرياضة الجديد؟ فقرة (24)

أسئلة الأسلوب:

1. يلاحظ أن الكاتب لجأ إلى أسلوب رومانسي جعل محورة عناصر الطبيعة، المطلوب:

- ذكر عناصر من الطبيعة وما هي الأدوار التي أعطاها لها الكاتب.

2. من الملاحظ أن أسلوب الحوار يكاد يكون معدوما في القصة، ماذا اعتمد الكاتب على أسلوب السرد القصصي أساسا؟

3. هات أمثلة من النص جاءت تحمل السخرية. ووضح الغرض من استعمالها.

4. أين تقع على أسلوب الاختزال القصصي، الذي يعني الانتقال من زمن إلى زمن بدون تمهيد؟ وما قيمة هذا الأسلوب في حبكة القصة؟ انظر بداية الفقرات.

5. من المعروف أن يوسف إدريس حاذق في التقاط بعض التعابير من المحكية المصرية، هات نموذجين من القصة، ووضح غرض هذا الاستعمال.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. لماذا - حسب رأيك - جمل المؤلف صورة المدرسة صباحا وجعلها تعكس الحب والحنان للطلاب مع أن الطلاب يكرهونها؟

2. ما المقصود - حسب رأيك - بقوله: كل يبتلع ريقه، ويتحسس رقبته، ويتنفس الصعداء؟

3. كيف ترى علاقة المدرس مع التلاميذ، وكيله الشتائم لهم هل في ذلك نقد للأساليب المغلوطة في التربية؟ وضح إجابتك.

4. ماذا يمثل - حسب رأيك - سؤال معلم الرياضة الجديد الطلاب عن رأيهم بالنسبة للرغبة في اللعب؟

5. ما الذي جعل الطلاب يتحمسون لدرس الرياضة، ويوافقون على اللعب بعد ذلك؟


*185*

6. هل يمكن - حسب رأيك - سحب أسلوب المعلم الجديد على نواح أخرى في حياة الناس؟ اشرح الإجابة.

7. هل يعتبر تصرف معلم الرياضة الجديد نوعا من الاحتيال، أم أنه قاعدة تربوية أساسية؟ علل إجابتك؟


*186*

الطيب صالح


*186*

( 1929م- 2009م)

الطيب صالح - أو "عبقري الرواية العربية" كما جرى بعض النقاد على تسميته - أديب عربي من السودان، اسمه الكامل الطيب محمد صالح أحمد. ولد عام ( 1348ه- 1929م) وفي شبابه انتقل إلى الخرطوم لإكمال دراسته فحصل من جامعة الخرطوم على درجة البكالوريوس في العلوم. سافر إلى إنجلترا حيث واصل دراسته في جامعة لندن، وغير تخصصه إلى دراسة الشؤون الدولية السياسية.

تنقل الطيب صالح بين عدة مواقع مهنية، فعدا عن خبرة قصيرة في إدارة مدرسة، عمل الطيب صالح لسنوات طويلة من حياته في القسم العربي لهيئة الإذاعة البريطانية، وترقى فيها حتى وصل إلى منصب مدير قسم الدراما، وبعد استقالته من "البي بي سي" عاد إلى السودان وعمل لفترة في الإذاعة السودانية، ثم هاجر إلى دولة قطر وعمل في وزارة إعلامها وكيلا ومشرفا على أجهزتها. عمل بعد ذلك مديرا إقليميا بمنظمة "اليونيسكو" في باريس، وعمل ممثلا لهذه المنظمة في الخليج العربي. ويمكن القول إن حالة الترحال والتنقل بين الشرق والغرب والشمال والجنوب أكسبته خبرة واسعة بأحوال الحياة والعالم وأهم من ذلك أحوال أمته وقضاياها وهو ما وظفه في كتاباته وأعماله الروائية وخاصة روايته العالمية "موسم الهجرة إلى الشمال".

تتطرق كتابته بصورة عامة إلى السياسة، وإلى مواضيع أخرى متعلقة بالاستعمار، والمجتمع العربي والعلاقة بينه وبين الغرب. في أعقاب سكنه لسنوات طويلة في بريطانيا تطرقت كتابته إلى الاختلافات بين الحضارتين الغربية والشرقية.

توفي يوم الأربعاء 18 فبراير عام 2009 في لندن.


*187*

نخلة على الجدول


*187*

الطّيب صالح

فقرة 1

يفتح الله...

عشرون جُنيهًا يا رجل تَّحل منها ما عليك من دين وتُصلح بها حالك. وغدا العيد وأنت لم تشتر بعد كبشّ الضَحية! وأقسم لولا أنني أريد مساعدتك فإن هذه النخلة لا تساوي عشر جنيهات.

الفقرة 2

وتملمّلَ حمار حُسين التاجر في وقفتِه ولم يكن صاحبُه قد ترجَّل عنه فإنه لم يرد أن يظهرّ الشيخ محجوب تلهفه على سراج النخلة ذات البنات الخمس التي يسميها السّودانيون في الشمال الأساسق وقد قامت وسطها النخلة الأم ممشوقة (طويلة مع تناسب في الأعضاء جميلة متغطرسة (متكبرة) تتلاعب بغدائرها النسمات الباردة التي هبت من الشمال تحملُ قطرات من مياه العين. ورأى الحمار الأبيض البدين حمارةً أنثى ترعى عن بعد بين سيقان الذرة فنهق نهيقا أجش ممتدا ثم رفع رجله الخلفية اليسرى ووضعها ورفع رجله الأمامية اليمنى ووقف على حافة حافره وتشاغل بغصن من نبات السعدة الريانة التي نمت على حافة الجدول وكأنه قد تبرم (ضجرَ ملَ) بهذه المساومة (نقاشُ حول شيءٍ يباع ويشترى مُفاصلة) التي لم يكن من ورائها طائل. والحق أن حسين التاجر بثيابه البيضاء الفضفاضة وعباءته السوداء التي اشتراها في زيارة له للخرطوم وعمامته من الكرب نمرة واحدة وحذاءه الأحمر الذي لم تخرج أيْدي صناع.


*188*

الفقرة 3

المَراكيب (أحذية سُودانية) في الفاشر (اسم مدينة في السودان) أجود منه وحماره الأبيض البدين اللامع والسرج الأحمر المدهن والفروة البنية التي تدلت وكانت تمسُ الأرض فأن صورة مجسمةً للكبارياءِ والغطرسة.

الفقرة 4

ولكن شيخ محجوب لم يُحِرْ جواباً (لم يستطع الإجابة لا جواب لديه) وكان يبدو في وقفته تلك كالمشدوه يرنو الى أفقٍ بعيد متناءٍ رويدًا رويًدا خفتت في أذنيه ضوضاء أهل الخَير الذين تجمعوا ليتوسّطوا بين التجارِ وشيخُ محجوب وخَفَتَ صوتُ السّاقيةِ (قناةٌ يجري الماء فيها إلى البساتينِ والحقول) الحزين المتصل.

الفصل 5

ولف ضباب الذكريات معالم الأشياء الممتدة أمام ناظري شيخ محجوب:

الناس والبهائم وغابة النخيل الكثة المُتلاصقة وأحواض الذرة الناضجة التي لم تُحصد بعد والأحواض الجرداء العارية قطعت منها الذرة وسرحت على بقاياها قطعان الضأن.

والماعز. كلُّ ذلك تحوّل إلى أشباح يتراص فى وسطها جريد نخلة محجوب وفي أقل من لمحة الطرف استعرض الرجلُ حاضرة أجل غداً عيد الأضحى حين يخرجُ الناس مع شروق الشمس في ثيابهم النظيفة الجديدة ويصلون مجتمعين على مقربة من ضريح الشيخ صالح... وإذ يعودون إلى بيوتهم تنضح وجوههم بالبشر والسعادة وتسيل دماء الأضاحي ويقبلُ الأضيافُ ويخرجون ويتردد في الحي صدى ضحكاتهم أما هو... أما بيته....

الفقرة 6

إنه لا يملكُ ثوباً نظيفاً يخرج به إلى الصلاة وليسَ عند زوجتهِ غير الثوب زراق (ثوب أزرق) اشتراهُ لها قبل شهرين نال منهُ البِلى وتراكَمت عليه الأوساخُ أمّا ابنتُهُ خديجةُ فقد كانتْ تُفتتُ قلبَه ببكائِها من أجل ثوبٍ جديدٍ تعرضهُ على


*189*

الفقرة 6

لِداتها (بناتُ الجيل) ودعتْ به مع صاحباتها. ومن أين له جنيهان ثلاثة يشتري بها خروفًا يُضحي به.

الفقرة 7

وتمتم شيخ محجوب في خطوات لا يكاد يسمع شيء يشبه التوسل والابتهال بفتح الله وزَّم شفتيه في عصبية وعاد بعقله خمسة وعشرين عامًا إلى الوراء.

ألا ما أعجب تقلبات هذا الزَّمن! لقد كان يومئذٍ شابًّا قويًا أعزب لم يبلُّغ الثلاثين بعد يعملُ في ساقية أبيه مقابلَ كِسوته وشرابِه فلم يكن يَحتاج إلى المالِ ولم يكن يعرف له قيمة. وفي ذات صباح تُشرق من أصباح الصيف مر بابن عمه إسماعيل وكان الأخير منهمكا يقلع الشتل ليغرَسِه في أماكن أخرى من أرض السّاقية ووقع نظر محجوب على شتله صغيرة رماها إسماعيل بعيدا على أنها خالية من الأضراس لا تصلُح فالتقيا محجوب ونَفَضَ عنها التُراب وقال لابن عمه ضاحكا: باكِر تشوف دي تبقى تَمرة زي العَجب وتبسم إسماعيل في سخرية واستغرق في عملِه. وعلى حافة الجدول قريبا من التاقية شد محجوب حفرةً صغيرةً وضع فيها النَّخيلة وواراها التُراب وفتح لها الماء بعد أن تلا آياتٍ من القرآن وردد في شيء من الخشوع: بسم الله ما شاء الله لا حولَ ولا قؤةَ إلا بالله مثلما يفعلُ أبوه كلّما غرس شتلة أو حصد شيئا. ولم ينسَ أن يحفُر في الحفرةِ قليلا من ماء الإبريقِ الذي يتوضأ به أبوه تيمنًا وتبرُكاً.

الفقرة 8

وأنزل محجوب غُصَّة (بالمحكية شردقة وقوف الطعامِ في الحَلق) صعدت في حلقِه ثم مررَّ أصابعَ يده النحيلة المعروفَةِ بين شعيراتِ لحيتِه المتَفرقَةِ. ألا ما كان أبرَك ذلك العالم! بعد ستَّة أشهر فقط من غرسه النخيلة تزوجَّ من ابنة عمه ولم يكن يملك من مالِ الدنيا سوى شّرُوى النقير (النقير نقرة صغيرةَ في نواةِ التمرِ أي لا يملك شيئاً ولو قليلاً) ولا هو يدري إلى الآن كيفَ تمّت المعجزة إنه لم يكن يظنُّ أبدًا أنَّه


*190*

الفقرة 8

سيتزوج في يوم من الأيام هو الذي عاش أيام صباه منبوذا محتقرًا من أهلِه مُجفوا من الحِسان يتهمه كل أحد بالغباء والخيبة. وطالما ترنم وهو يخوض الماء في لدغة البرد عاري الرأس عاري الصدر:

الدنيا بتهينك والزمان يوريك وقل المال يفرقك من بنات واديك

الفقرة 9

غير أنه تزوج ولبسَ حريرة العرس وتمسحَّ بالدلكة (خلطة من العطور والصابون يستخدمها العريس عند الاستحمام يوم العُرس) ووضع على رأسه الضريرة (دِهن عِطري يدهن به رأسه يوم العُرس) وأحاطت به الصبايا يهزجن بالأغاني. ولكم شعر بالعظمة والكبرياء وقتها.

كل ذلك بعد غرسه النخلة بستة أشهر. وفي العام التالي ولدت زوجته بنتا أسماها آمنة تيمنًا بمقدمها ووفاة لذكرى جدته التي كانت تعطف عليه من بين أهله جميعا. وحينما وصل به تيار الذكريات إلى مولِد آمنة ترقرق في عينيه الدمع. أين الآن آمنة؟ إنها زوجة لابن أخته الذي حملها إلى أقاصي الصعيد في الجزيرة وقد كانت تبره وتعطف عليه.

الفقرة 10

ليتَ حسنا كان مثلها عطوفا بارا. حسن! وعض الرجلُ على شفتِه السفلى بعنفٍ حتى كاد يغرس أسنانه في لحمها المتهدل حسن ابنه الوحيد سافر قبل خمسة أعوام إلى مصر ومن وقتها لم يرسل لهم حتى خطابا واحدا يطمئنهم فيه عن صحته. لقد حاول الرجل جاهدا أن ينساهُ ويمحوه من ذاكرته ويعده من الأموات. وكانت زوجته تبكي كلما ردد محجوب في صوت حزين متهدج (صوت متقطع في ارتعاش) بيتَ الدوبيت (مقطع شعري يتألف من بَيتين) الذي كان له خير سلوى كلما جاشت بنفسه الذكرى وكما تمثل ابنه طفلا صغيرا حُلوا يبولُّ في حجره ثم صبيا يساعده في أعمال الساقية ثم شاباً يافعاً يشبُّ عن الطوقِ ويهجرُ الأهلُ والدَّار وينسى حقوق


*191*

الفقرة 10

الأبوة ولا سأل عن الأحياء منهم ولا الأموات أجل والله الزول (الرجل بالمحكية السودانية) إن أباك خليه واقنع منه وكم لله من دفن الجنى وفات منه.

الفقرة 11

وكأن القدر أراد أن ينسيهم كل شيء يربطهم بحسن فرمى آخر ما في جعبته من سهام قاسية مسمومة ظل يسددها منذ عامين تباعا ودون توقف وأصاب السهم الأخير النعجة البرقاء التي رباها حسن وجمع لها الحشيش وأشركها طعامه وأنامها في فراشه. ماتت وكذلك اجتاح المحلُ والقحط كل القطيع الذي رباه شيخ محجوب.

الفقرة 12

ثم رفرف طائف من السعادة على الوجه الخشن المُجعد وجه محجوب. وغابت المرارة التي أحددها ذكر حسن عندما تذكر الرجل قطيع الثأر الذي رباه في ذات العام الذي شهد مولد آمنة. قطيع كامن من نعجة واحدة إشتراها بما تجمع عنده من ثمن جيضان (الأحواض) البصل.

كان يعاملها كما يعامل أبناءه يحلبُ لبنها بنفسه ويكوم القشَّ في مراحها (مكان تجمعها ومبيتها) ويعد لها صغارها ويلبثُ الساعة والساعتين يداعبها وينظف وبرها وتغمره السعادة وهو يشاهدها تناغي صغارها وتشرب الماء المخلوط بالدريش (الدريش الحبوب المدقوقة) وتتناطح فيما بينها كان يطلق عليها الأسماء كما يُسمي الناس أطفالهم يعرف كل واحد منها بسيماها (العلامات المميزة لها) ذات الذيل الأبيض ذات البقعة السوداء على أم الظهر كسرج الدابة والخروف ذي القرن المكسور والخروف ذي القرنين الملونين وبعد عامين من زواجه إشترى عِجلة صغيرة عجفاء (ضعيفة هَزيلة) والاها (لحقها تابَعها) بالعلف والحبوب


*192*

الفقرة 13

حتى استوت بقرة جميلة كحيلة العينان لها غرة في جبينها تجر الساقية وتُدر اللبن.

وفي أثناء ذلك أثمرت نخلة الجدول أول شيء يمتلك في حياته. وسارت الحياة رغدا كأنما استجاب! الله دعاءه يوم شق في الأرض على حافة الجدول وغرس النخلة. لقد إستغنى عن أبيه وبنى لنفسه بيتا يؤويه مع عائلته وصار ثريًا يَعدُ المال مثل أي تاجر يجلس في السوق منتصبا تملأه الثقة أمام كوم الذرة يكيل منه للمشترين وينتهر زملاءه غير هيّاب ولا مُكترث. وصار يلبس النظيف ويأكل الطيب وينام على الفِراش اللين ويتدثر في برد الشتاء ببطانية ثقيلة من الصوف أنفق فيها جنيهين. وحينما كان الناسُ يتبرعون في الأعراس بخمسة قروش كان يتبرع هو بعشرة وبزجاجة مليئة من سمن الضأنِ النقي وكيلة من أجود أنواع التمر القنديل حتى لُقب بالظريف بعد أن كان يُلقب! بالغبي. ولولا تعلقه بزوجته لتزوج بنتًا بكرا يتهافت عليها خيرة شُبان البلد.

الفقرة 14

كل هذا عفا على آثاره الزمن (مَحاها أنهاها أتى عليها) لقد مات الزرعُ ويبسَ الضرعُ وعَّم القحط فأغرق الرخاء وحبا الشيبُ فطغا على الشباب وكان النيل يفيض بين ضفتيه زاخرا موّارا (مضطرب) يسقي الأرض ويخرج ما في باطنها من الخير فما عاد يفيض إلا بحساب ومقدار أتراها الخزانات التى أقاموها عليه فحجزت الماء؟ أم تراها نبوءة الشيخ ود دوليب تحققت؟ لقد أنذر الناس في يوم من الأيام أنه سيأتي عليهم يوم يصير فيه اللبنُ كثيرا تافهًا مثل الماء وتصير كيلة الذرة بقرشين ويصبحُ ثمنُ النعجة ريالين ولكن الناس كدأبهم أبدا سيضيقونَ بهذا الخير وسينهمكون في الغيّ وينسون الله فيأخذهم الله بذنوبهم وفكرّ شيخ محجوب بُرهة وحدثَّ نفسه بأنه لم يرتكبْ كثيرا من المعاصي. صحيح أنه كان


*193*

الفقرة 14

يشرب الخمر أحيانا ويرقصُ في الأعراس ويخالسُ الحسان النظرَ على غفلة من أم حسن. ولكنه لم يؤخر فرضًا ولم يهتك عرضًا ولم يفعل شيئًا من هذه المعاصي التي يقولُ فقهاء القرية إنها كبائر تغضب الله لا بد أنه الكبر الذي فتّ من عضده وأرخى من مفاصله فما عاد يحتمل لذغة البرد ولا قائظ الحز. ولم يكن حريصًا على ما عنده من خير فبدده (فرّقه بذّره) أولا بأؤل. وفي غمرة أتعابه ومرير شيخوخته هجره ابنه فاستدان ورهن وباع. وليس عنده اليوم من مال الدنيا إلا بقرة واحدة وعنزتان وهذه النخلة التي ظل جاهدًا يحاول استبقاءها.

الفقرة 15

وقطع عليه ذكرياته نهيق حمار التاجر وصوت صاحب الحمار وهو يقولُ له: يا راجل إنت ساكت زي الأبله! مالك؟ ما تدينا بكلمة واحدة خلينا نمشي؟

وكان رمضان قد جاء من طرف الساقية وقال لمحجوب إن عشرين جنيهاً ثمنٌ معقول خاصة وهو أحوج ما يكون إلى المالِ. وفكَّر الرجلُ برهة مُترددا بين الرفضِ والقبول. عشرون جنيهاً يستطيع أن يحل منها دينه ويشتري أضحية العيد ويكسو نفسه وأهلُ بيته. ولكن ريحًا قوية هبت تتلاعبُ بجريدة النخلة فأخذ يوشوشُ ويتعارك ويتلاطم كغريق يطلق النجاة. وبدَب النخلة لمحجوب في وقتها تلك رائعةٌ أجمل من أي شيءٍ في الوجود. وعفا قلبة لابنه في مصر.

تُرى هل يحن لنداء الرحم؟ هل تؤثر في قلبه الدعوات التي أرسلها محجوب في هدأة الليل؟ وأحس الرجل بفيض من الأفق يملأ كيانه ويطغى على إحساسه وترقرق في عينه دمع حبسهُ جاهداً وتمتم: يفتح الله.

أنا تمرتي ما ببيعها.

ورددَّ الرجل في نفسه: يفتح الله وقاده ذلك إلى التفكير في سورة الفتح من القرآن الكريم (إنا فتحنا لك فتحنا مُبينا) - الفاتحة - الفرج. وأحسَّ لاؤل مرة في عبارة فتح الله شيئا أكثر من كلمة تنهي بها المبايعة وتقفل الباب في وجه من يريد الشِراء. إنها مفتاح لمن أعسره الضيق وأمضه البؤس وأثقلت كاهله أعباء الحياة وما كان أحوج محجوب إلى الفتح والفرج حينئذ!


*194*

الفقرة 16

وجذب التاجر عنان (رسَن) حماره في صلف (خشونة وتكبر) ثم همز بطن الحمار بكعب رجله وقال في صوتٍ بارد كوقع الصوت: يفتح الله يِفتح الله باكر بتيجي تدور الدينْ.

وقبلَ أن ينطلق الحمار بعيدا أبصَر محجوب ابنته الصغيرة تهرولُ نحوة مضطربة فرحة. فتحرك في قلبه أمل بدأ عسيرا مستحيلا أبعده عنه. ولم ينتظر الطفلة ريثما تصل بل أسرع نحوها يسألها عن الخبر: شنو؟ مالِك؟ وحاولتُ الصبية أن تفض إليه النبأ بصوتٍ متكسر ألثغ: الناس... دالو ودست البَنات دا من مَسر... وداب لِنا معاه دَواب من حسن أخوي.

الفقرة 17

جواب من حسن؟ وانطلق الرجلُ كالمجنون لا يفكر ولا يعي بنبض قلبه مُعربداً بين جنبيه. يطغى الأمل بين حناياه مرة على اليأس ويفيض اليأس تارة فيغزو الأمل. وابنته الصغيرة تمسك بطرفِ ثوبه المُتسخ لتُسرع جاهدة لكي تمشي معه وهي أثناءَ ذلك تتباكى مُحتجة على جواب أبيها المسرعة.

الفقرة 18

وفي بيت ناس ست البنات انتظر محجوب بين صفوف المستقبلين. وفي غمرة اضطرابه لم يفت عينه المستطلعة رجالٌ يعرفهم جاؤوا يسألون عن أبنائهم ونسوة يعرفهن حين يسألن عن أزواجهن وأبنائهن - كلهم آمالٌ مثلَ آماله تجاذب اليأس ويغالبها اليأس. ولم تُخطئ عينه الشَّاب الذي عاد من مصر ودْ ست البنات يرتدي ملابس نظيفة ككل عائد من السفر ويتكلم لهجة غريبة على شيخ محجوب بادي الثقة بادي الكبرياء وأخيرا لمحَ الشابُ شيخ محجوب بين المستقبلين فدَلَفَ (سار) نحوه مبتسمًا. وشعرَ الرجلُ بالضِّيق والحرج إذ تحوَّلت كل الأبصار نحوه. ولم يع شيخ محجوب من كلام محدثِه إلا: حسن مبسوط قال لك تِعفي عنه. أرسلَ لك ثلاثين جنيه وطرد ملابس.

الفقرة 19

وفي الطَريق إلى بيته تحسس الرجلُّ رزمة المال التي صرها جيدا في طرفِ


*195*

الفقرة 19

ثوبهِ ثم غرسَ أصابعه في الطَرد (رزمة) السمين تحتَ إبطه وانحدرَ طرفهُ (نظرهُ عينه) من علٍ إلى غابة النخلِ الكثيفةِ الممتدة عند أسفلِ البيوتِ وتميزَّ في وسطها نخلتهُ ممشوقةَ متغطرسة جميلةً تتلاعبُ بجريدتها نسماتُ الشّمالِ وخيلَّ إليه أن سعفَ النخلةِ يرتجفُ مُسبحاً يِفتح الله يِفتَح الله.


*196*

أجواءُ النص:

السودان، النيلُ، النخيلُ رمز الأرض، الزيتونة والتينةُ رمز بلاد الشام، التمسُك بالأرض كقيمة تاريخية تمثل العزة الوطنية. الفرَج بعد الشدة. العادات والتقاليد.

أسئلة المضمون:

1. يبدو من مطلع القصة أن عرضًا تجاري قُدم لشخصٍ فرفضهُ. من العارض ومن الرافّض؟ وضح ذلك. فقرة (1)؟ --

2. يذكر المؤلف في الفقرة (2) حمارا. ما هو دوره في القصة؟ --

3. ما هي عناصر الكبرياء والغطرسة كما عرضها الكاتب؟ فقرة (3) --

4. ما هي الأفكار التي خطرت على مُخيلة شيخ محجوب وكانت تضغط عليه لتنفيذ صفقة بيع النخلة؟ فقرة (5؟ --

5. اكتب تفاصيل الصُّور الحياتية التي تربطه ربطًا سعيدا بالنخلةِ بعد غرسها بستة شهور والتي إستعرضها شيخ محجوب بأسلوب الارتجاع الفني أو الخطف خلفاً flash back. الفقرتان (7-8) --

6. ما هي الأمور التي تذكرها الشيخ محجوب منْ موضوع حياته الزوجية؟ فقرة (9) --

7. في أثناء ذكرياته ترقرق في عيني الشيخ محجوب الدمع. متى ولماذا؟ فقرة (9)؟--

8. أين تلمح مظاهر الحوار الذاتي تيّار الوعي في سياقِ الارتجاع الذي اكتنفه للحظات أمام المشتري؟ تلمس ذلك في الفقرات (7-8-9-14)؟ --

9. أكتب تفاصيل الصورة التى استرجعها فى حياته شيخ محجوب لابنه حسن.

فقرة (10) --

10. ذكر المؤلف فقرة (11) ورمى آخر ما في جعبته من سهام قاسية بين علاقة ذلك السهم الأخير بالنعجة البرقاء التي رباها حسن ابنُه. --

11. ما الذي أتى على أموال شيخ محجوب وأملاكه؟ فقرة (11) --

12. صف حاله الصراع النفسي التي سيطرت على شيخ محجوب؟ وما الذي خلصه


*197*

من هذا الصراع وكيف؟ فقرة (15) --

13 - متى أحس شيخ محجوب بالأمل؟ وما نتيجة ذلك على قراره الأخير؟ فقرة (16) --

14 - ما هي المفاجأة التي أنهتْ حالة الضيق والحرج؟ ومن هم أبطالُ هذه المفاجأة؟ الفقرتان (17-16) --

أسئلة الأسلوب:

1. كيف تثبت أن مبنى القصة كان متسلسل الأحداث حدثاً بعد حدث؟ --

2. يلاحظ أن أسلوب الحوار كان قليلاً؟ كيف تفسر ذلك؟ --

3. أسلوب الكاتب يتوخى الواقعية. هات أمثلة على ذلك. --

4. متى لجأ الكاتب إلى الارتجاع الفني أو الخطب خلفًا؟ ماذا حقق بذلك؟ انظر فقرة (7-6-5) --

5. يلاحظ في عدة أماكن من القصة أن الكاتب كان ينجو إلى الوصف والتعرف.

هات أمثلة على ذلك. انظر مثلا فقرة (5) --

6. ما قيماً تكرار القول: يِفتح الله في القصة؟ --

7. ما حاجة التناص من القرآن الكريم: إنا فتحنا لكَ فتحًا مبينًا؟ فقرة (15) --

أسئلة الرأي والموقف والقِيم:

1. ماذا كنت تفعل لو كنت مكان شيخ محجوب؟ وهو تحت ضغط الحاجة الى المال؟ --

2. ما رأيك في دور الحمار في القصة؟ هل كان ضروريا؟ وضح. --

3. ما رأيك في إسقاط الكاتب مشاعر شيخ محجوب على النخلة وبخاصةٍ في آخرها؟ --

4. ماذا أراد الكاتب أن يوحي للناس في هذه القصة؟ --

مصادر للتوسع:

1. أحمد سعيد محمدية: الطيب صالح عبقري الرواية العربية بيروت دار العودة 1984


*198*

2. حَسن الطّيب الطيب صالح دراسات نقديّة بيروت رياض الريَّس للكتب والنشر 2001.

3. علي الراعي: الرواية في الوطن العربي الصقر العربي للإبداع دار المستقبل العربي مصر الجديدة القاهرة 1991.

4. أحمد بدوي: الطيب صالح سيرة كاتب ونص القاهرة الدار الثقافية للنشر 2000.

5. رجاء نعمة: صراع المقهور مع السلطة بيروت 1986.


*199*

مجيد طوبيا (1938)


*199*

مجيد طوبيا: هو مجيد إسحاق طوبيا ولد سنة 1938 م في محافظة المنيا في مصر حصلَ على بكالوريوس الرياضة والتربية من كلية المعلمين بالقاهرة في عام 1960 م وعلى دبلوم معهد السيناريو عام 1970 م وعلى دبلوم الدراسات العليا إخراج سينمائي من معهد السينما بالقاهرة في عام 1972 م. عمل مدرسا للرياضيات وعمل بإدارة المعلومات! بوزارة الثقافة كما عمل كاتبا بجريدة (الأهرام). كان عضوا في لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة.

اختيرت تغريبة بني حتحوت ضمن أفضل مائة رواية عربية وفقًا بقائمة اتحاد الكُتاب العرب.

كتب قصص ثلاثة أفلام روائية: (أبناء الصمت) وحكاية من بلدنا) وقفص الحريم نوقشت رسائل علمية عن أعماله بأكثر من لغةٍ في جامعة المنيا والجامعة الأمريكية بالقاهرة وكلية السوريون وجامعة روما وجامعة نابولي وغيرها.

النتاجُ الروائيّ:

دوائر عدم الإمكان 1972 أبناء الصمت 1974 م الهؤلاء 1976 م غرفة المصادفة الأرضية 1978 حنان 1984 عذراء الغروب 1986 تغريبة بني حتحوت - إلى بلاد الشمال 1987 تغريبة بني حتحوت - إلى بلاد الجنوب 1992 تغريبة بني حتحوت - إلى بلاد البحيرات 2005 تغريبة بني حتحوت - إلى بلاد سعد 2005 فوستوك يصل إلى القمر مجموعة قصصية 1967 خمس جرائد لم تقرأ مجموعة قصصية 1970 الأيام التالية مجموعة قصصية 1972 الوليف مجموعة قصصية 1978 وغيرها.


*200*

الرايةُ والبراءة

مجيد طوبيا

الفقرة 1

انطلقتْ صفارة الحكِم انتهى الشوط الأوَّل من المُباراة وفريق مدرستنا منهزم بهدفٍ إلى لا شيء.. جمعنا المدربُ في حَنانٍ أبوي أشارَ إلى مئاتِ الطلبة المجتمعين لتشجيعنا حاملين راية المدرسة قالَ:

الفقرة 2

يجب أن تفوزوا لا تخيبّوا رجاءَ زملائكم أنتم تلعبون على أرضكم.. أوْمأنا (أشرْنا) حماسا.. وهبطتْ عيناني من راية المدرسة إلى جُموع التلاميذ أبحثْ عنْ عينيّ نادية حَبيبتي حتى وجدتها تلّوح فابْتَسَمَت وامْتَلأت حمية (الأنفة الإباء المروءة).

الفقرة 3

بدأ الشوطُ الثاني انْقلتْ فيه الكرة بين أقدامنا معظم الوقتْ من ركلة لأخرى بسرعةٍ وقوة في لعبٍ حماسَّي انتهى بإحرازنا ثلاثة أهدافٍ وانتصرنا ولَم يَعدْ أمامنا سوى مُباراتينْ نُكسبهما ونفوز بالكأسْ.

الفقرة 4

بعدَ تحيَة الزملاء اتْجهْنا لأخذْ الحمّام نَغْسِلُ العَرَق والغُبارَ. خلعنا ملابسنا وانهمرتْ المياهُ فوَقْ أجسادِنا مُنعشة وتزاحمنا كل لاعب يريد أن يأخذ نصيبه منَ الرذاذ البارد صائِحين صاخبين نشوانين بفرحة الفوز نتبادل تعليقاتْ المرَح والنكات. نتحادثْ عنْ تِلْميذاتِ مدرسْة البناتْ.. نتَخاطفُ الصابوبة نتاولها من فوقِ الحواجِزْ الفاصلة بين دُش وآخرْ.. كُنا عُراةً مثل آدمَ مَع ذلكَ لم يُغلق أحدُنا بابَه خجلاً من الآخرينَ..

الفقرة 5

ونحنُ نجحف المياة ونرتدي ثيابنا همسَ فاروق غرباوي بنذيِر الخَبَر لأوّلِ مرةٍ وقالَ:

عرَفتُ مِن خالي المُفتش أنّ ناظرَ مدْرَستنا قدْ تمّ نقلُهُ


*200*

الفقرة 5

- كيف ينقلونه وقد انتَصف العام الدراسي؟

قالَ حسين حارس المرمى ممشطًا شعره في أسىً:

خَسارة رجلٌ طيب.

قال فاروق غرباوي:

- على نقيض خلفِه القادم تمامًا.. حدثني خالي أن الناظرَ المنتظرَ صارم وعنيف شديد القوةَ.. وأن شهرته بالوزارةِ تأديب المدارس المُشاعبة.

الفقرة 6

زَرَر قميصَهُ:

- لَسنا مُشاغِبينْ.

أكْملَ فاروق غرباوي:

- عالم واحد في أيةَ مدرَسة مُشاغبة يؤدّبها ثم تنعته الوزارة إلى مدرسة أخرى ليؤدبْها وقدْ حان دورنا.

قلتُ في ثقةٍ:

الفقرة 7

- يؤذينا من أجلب ماذا؟.. ليأْتِ وسوَف نَرى؟

في الخارج كانَ في انتظارنا عشراتُ الطَلبِة السعداءِ وحاملَ رايتنا (علَمنا) يُعيدُها إلى ساريتها ويرفعها خفاقة عالية.. وعنْ قرب لمحتُ حبيبتي نادية تَتَلكأ فى المَسير فانسَلَلتُ خلَفها سبَقتني.. خارجة إلى شارع النيلْ وسِرتُ في أثرها.. قَبل ابْتِعادي التَفتْ أتأملُ مدْرستي: كَبيرة بمبناها وفسيحةٌ بملاعبها.. تقفُ شامخةً مطلة على نيل الصعيد (ما ارتفع من الأرض) في اتّساعه ترفرف رايتها طُوالَ الوقتِ تستقبلُ الشمسَ في شروقِها وتودّعها في غروبها هَفاهفٌة مع نسيم الشمال - وسوَف نحتفظ لها بالكأس للعام الخامسِ على التَوالي.

الفقرة 8

لحِقَتْ بناديَة مَلهوفًا لمحادَثَتِها لكنَّها ابْتعدتْ خَجِلة.. انحرَفَتْ إلى شارع جانبيِّ


*202*

الفقر 8

خالٍ من المارَّةِ ثم تَلَكأتْ (تباطأتْ) حاذَيتُها (كُنت بجوارِها جاورتُها) مُعاتبًا.. اعتذرت كعادتها بخوفِها من الناس.. قد يرانا من يعرفُ والدها ويخبرهُ فتكون الطامةُ (الكارثةِ المصيبة) ويكون العقابُ الوخيم.

قالتْ:

- تعرف تقاليدَ الصَعيدِ.

الفقرة 9

قلتُ:

- لا نرتكِبُ فِعلاً مَشينًا (عملاً مَعيباً ناقصاً).. أحبكَ وأريدُ أن تَعرف الدنيا كلها أنني أحبكَ ومُستعدٌ أن أواجهَ العالِمَ كلهُ بِحُبكِ...

احمَّر وجهها سعادةً وهنأتني بالفوز.

وسرْنا وقتًا ثم افترقنا بعدَ أن تعاقدْنا على الوفاء وعلى دوام المحبِة مَدى العُمر...

بعدَ أسبوع تحققنا مِن صدقِ النبأ عندما وَقف ناظرِنا (مُديرُها) أمامَ مُكبرِ الصوتِ يودعنا بكلماتٍ حارةٍ مُعرباً عن (موضِحاً عَنْ مُعبراً عَنْ) حبِّه لنا ولبلدَتنا راجيا للجميع دَوام التَوفيق طالبًا منّا المحافظةِ على نتائجِ النجاح الممتازةِ التي حَصلنا عليها طوالَ سنواتٍ إدارته للمدرسةِ..

الفقرة 10

علَى الفَور سمِعنا حكاياتٍ عجيبة من الناظِر القادم وصرامَته (الشدة والصلابة).. سمعنا أنه لا يتعلم أبدًا لا يعرف الرحمة أو الشفقة كحاكمٍ عسكري قاسِي القلبِ.. سمِعنا


*203*

الفقرة 10

أيضًا أنه غليظ الكفَّ ضخم الكرش... قلتُ:

- سوف نفرغ كرشه من انتفاخِه.

قال فاروق غَرباوي نقلاً عن خالِه المفتشِّ:

- الناظر القادم الوحيد الذي يؤمنْ به هو فصل من لا يعجبه فصلا نهائيًا من كافة المدارس يعني ضياعَ المُستقبلِ ضياعا كامِلاً والعياذُ بالله!

الفقرة 11

ضحكنا سخريةً.. رغم ارتفاع القهقهاتِ (الضحكاتُ بأصواتٍ مرتفعةٍ) شعرتُ بها جافةً مَرعوشة (مهزوزة راجفة) غيرَ واثقة.

وعلى الفور تمّلكني انقباض مؤلم (عدمُ ارتياح لا يُعرف سبَبَه) عصَرَ قلبي حُزنًا ظلَّ مُسيطرًا عليَّ ولم يزايلَّني (فارق زال) إلا عندما لاقتْ نادية حيثُ عاودتني البهجةُ من دفء صوتِها الحاني (الصوت اللطيف المشققِ) ومن اندفاعِه الدماء إلى وجهي مع تلامَس كفَّها بكفّي.. وسرْنا حتّى بدت لنا أطلالُ الفراشةِ القريبةَ حيثُ هناكَ كِباش الغَجرِ وما عزَّهم ما إن تشبع من الكِلإ (العُشب) حتى تأخذ تتناطحُ وتتقافزُ حولَ تمثال الفِرْعون العتيدِ (الحاضرِ المُهيأ)...

الفقرة 12

مضى أسبوع آخرَ وسمعنا أن الناظِرَ المَوعود قد وصلَ بالفعلِ.. انتظَرنا أن نراه ومَّر اليوم كله ومرَّ يومان آخران من غير أن يلمحهُ أحدُنا.. ظلَّ حَبيسَ مكتبة يأتي قبلَنا وينصرف بعدنا.. حتى شَكَكْنا في صحةِ نبأِ وصولِه لولا أن المُدرسين أكّدوا لنا وُجودَه.

وطوالَ هذه الأيّامِ أطلَق الطَلَبةِ شائعاتٍ غريبةٍ عن أوصافِهِ. رغم أمين أغبى


*204*

الفقرة 12

تلاميذَ فَصلنا أنّه رآه ووصفه قائلاً:

- جسدٌ طَويلٌ بكرشٍ ضخم وقفًا عريضٍ.

لكن مُنير نقضه في ثقةٍ:

- بل قزَمٌ سَمين لا عنق له بعينين جاحظتين.

الفقرة 13

وفي يوم التمرين وبعدَ أن تَدَربنا توجَّهنا إلى الحَمَّام ودخلنا تحت المياهِ أعلَنَ حُسين حارسُ المَرمَى بأنه رأى الناظِرَ رؤيةَ العَينِ صاحَ: هو باخْتصارٍ شديدٍ يُشبهُ الغُولَ!

وعلى الفَور راح كل واحد منا يتخيّلة حسبما كان يتخيلُ العودَّ في حكاياتِ طفولَته.

مع بداية أسبوعه الثاني فوجئتْ مع عدَدٍ كبير من التلاميذ ببوَابة المَدرسة مُؤصدة أغلَقَتْ قبلَ بدء الدراسة بنصفِ ساعة ودون تنبيه سابقٍ... تَسَكعنا في الشوارع عدة ساعاتٍ قبلَ أن نتَوجه إلى بيوتِنا... وحرصنا في اليوم التالي على التَوجه مبكراً بِدافع الرغبة لرؤتهِ... وربمّا بدافِع الخوفِ من صيتِه... أنا شخصيًا كنت شغوفًا لمعرفَة (منْ أجلِ أيةِ أفعالٍ يريد تأديبنا... وكيف سيفعل بنا ذلك.

الفقرة 14

دقَّ ناموس فأغلقتْ البوابَةُ الحديدةُ عَلى الفور وبدأنا نتوجه كعَادتنا إلى الفُضولِ لكَّننا فوجئِنا بمّدرسي الحصصِ الأولى يمنعوننا وبأيديهم على غيرِ العادَةِ عصيٌ قصيرةٌ ويطلبون منا الوقوفَ في صفوفٍ ولاحظنا وجودَ خُطوطٍ جيريةٍ على الأرضِ لمْ تَكنْ موجودةِ من قَبلِ خطانِ لكل فصلٍ يقفُ تلاميذهُ بينهما.

الفقرة 15

قاومنا في البدايةِ بِسببِ عدَم التَعودَ وبرغبةِ دفينةٍ في التَمردِ لكنَّ العِصي في أيدي المُدرسينَّ أجبرتنا على الإنصياعِ فوقفنا كفرقِ الجيشِ في صفوفِ مُنظمةٍ ووجوهنا جميعاً صوبَ الدرجِ المُؤدي إلى غرفةِ الإدارةِ ومنْ هناكَ من عندِ أعلىَ الدَرجِ ظهرَ الناظرُ المُخيفُ فسادُ صمتٌ كاملُ وشاملُ ورهبة


*205*

الفقرة 15

وفضولًا... وكانَ مظهره شتاتاً مما سمعنا عنه متوسط الطول ضخم البَدنِ منتفخَ البطنِ وبلا عنق وبلا عنقٍ وبلا عصا في يدهِ ووجهٌ مستدير متجهمٌ.

الفقرة 16

لاحظنا أن وجوه المُدرسين وعيونهم لا تفارقهُ في انتظار أوامرهِ... في لحظاتٍ كان توترهم قد انتقلَ إلينا فقمنا مأخوذين (مندهشين) وعيوننا أيضًا لا تفارق الوجه المتجهم (الوجه العابس) الصامت ولاحظت أن راية المدرسة منكسةٌ (العلمُ المخفوضُ مُنزلٌ) عن أسفلِ السارية.

فجأة وقعَ حادثٌ خارقٌ (حادث غير عاديةّ) على حينِ بغتةِ (مفاجأة) انطلقَ من الصُفوفِ الخلفيةِ نواحٌ (بكاءٌ متؤلمٌ موجوع بصوتٍ عالٍ) هزليُّ ضاعفَ من سُخريةِ الصمتِ الهائلِ الذي كنا فيهِ وعلى الفورِ ضجتّْ المدرسةُ بضحكاتٍ صاخبةٍ عصبيةٍ مبالغٍ فيها وتعرجتَّ الصفوفُ (اعْوجت) وكانتْ تنفَلِتْ.

بوغِت الأستاذ لبرهةٍ ثم سرعان ما تولَّت عصيِّهم إسكاتنا وإعادتنا إلى الانضباط مرة ثانية في الصفوف وإلى حالة الصَمت المُطبق.. فمكثنا شامِتين نترقبُ رد فعلِ الوجه المتجهَّم.

الفقرة 17

لم يخرْج عن جمودهِ ظل في هدوئِه المَقيتْ ثم همسَ في أذن وكيلَ المدرسة واسْتدارَ داخلاً غرفته ثوانٍ وعرفنا مضمونَ همستهِ إذ ظللنا في أماكننا مُذنبين طوالَ اليومِ الدراسيّ. والمُدرسونَ يتبادلونَ مراقبتنا في حزمٍ وهمةٍ إلى أن انصرفنا إلى بيوتنا مُهدودي الحَيْل.


*206*

الفقرة 17

اليوم الثالث وقفنا طوابير بطريقة أسرع وخرَجَ البَدينُ الصغير بوجهِه الضَخم المُتجهم والراية منكسةٌ مثل اليوم السابق مما أدهشتني: لماذا ينكُسها وهي التي لم تُنكُس في يوم من الأيام؟

الفقرة 18

تنبهنا على وكيلِ المدرسة ينادي عددا من الاسماء خرَجَ أصحابها مَذعورين ليصفقوا واحدا بعدَ الآخر تحث الراية المنُكسَّة حتى وصلَ عددهُم إلى عشرة وعندما سمعنا النبأ الصاعق نبأ فصلهم من الدراسة فصلا نهائيُا ولا رجعٍة.. ألجَمتنا المفاجأة وانكمشَ معظمنا واجمينَ. ونحن نراهُم يخرجون مُتباطئينَ في انكسار وعدم تصديق.. العجبُ أن هؤلاءِ العسرة بالذات كانوا مسئولينَ بدرجة كبيرةِ عن صياح اليوم السابق فكيفَ عرف الناظر الجديد؟ لا بد أن بيننا وشاة أبلغوه.. فمن يكونون..؟

بعدَ إغلاقي البوابة الحديدية من ورائهم أومأ الناظر إلى مدرس الألعاب بإيماءةٍ خفيفة فإذا به ينتفض مُصدراً صوتًا كصوتِ مدربي الجيش طالبا منا تحيَةَ الراية التي أخذَ يرفعُها أماَم أعيننا.

الفقرة 19

تابعتها بنظري وهي تُرقع تدريجيا وفي بطءٍ رأيتُها متهدلة والهواءُ ساكِنٌ لا يرفرف مثلنا عودتنا... شعرتُ بغصةٍ تخنقني وبدموعٍ ساخنةٍ تملأ عيني فشاهدتُ هذهِ الرايةُ متموجةُ متأكلةٌ الحوافِّ وللتّو أحسستُ بها غريبةً عني..

أثناءَ الحصص تشاورنا فيما يمكن أن نفعلهُ لإعادةِ زملائنا المفصولينَ لكن المُدرسين أرهبونا ونصحونا بالصمتِ ولاحظتُ معظمهم سعداء بهذا الرُعبِ المباغتْ خاصةُ غير الأكفاءِ منهم إذ كنا لا نحترمهم لعدمِ استفادتنا من حصصهم ورغم ذلك حاولت حَفنةٌ من التلاميذِ ُ التدخل لكان نصيبهُم الفصلِ النهائي أيضاً ودونَ نقاشٍ ودون قبولِ أية وساطةِ أو ترحم.

الفقرة 20

أخيراً استتبَ نظامُ الناظرِ وتعودنا على الرايةِ منكسةِ كلَّ صباحِ وتعودنا على رفعِها مع ظُهورِ الوجهِ المُتجهمِ أصبحَ ارتفاعها قريناً بظهورهِ ويوماً بعدَ يوم بدأتْ أمقتُ هذهِ الرايةِ وهي التي لعبنا مبارياتنا دائماً تحت لِوائها.


*207*

الفقرة 20

وانتصرنا بها. لكنها كانت رمزنا والآن صارت رمزة... ولهذا تجاهلنا أخذها مقتًا في المباراةِ التالية قبل النهائية...

في هذهِ المباراة ما إن نزلتُ إلى الملعبِ مع باقي الفريق حتى أصابتنا الدهشةُ كان عددُ المشجعينَ من زملائنا أقل منه في أي وقتٍ مضى ومع ذلك بذلنا كل جهدنا كي ننتصرَ ثم بذلنا كل جهدنا كي نتعادلَ ومع قرب نهايةِ المُباراة صارَ كل طموحنا ألا ننهزمَ وخرجنا متعادلينَ أمامَ فريقٍ أقل من مستوانا بكثيرٍ.

الفقرة 21

وفي المباراةِ الأخيرة مباراة الكأسِ كنّا جميعاً متوترينَ قبلها جمعنا الناظرُ وأمرنا بالفوزِ وأمرنا بأخذِ الرايةِ معنا وخرجنا من عندهِ صامتينَ منكسرينَ ولهذا نزلنا الملعب خائِفين بأقلِ عددٍ من المُشجعينَ والرايةُ مرفوعةٌ بلا حماس..

ولعبنا بلا حميةٍ أكاد أقول إن زملاءَ لي تعمَّدوا الإهمالَ أنا شخصياً أضعتُ هدفاً أكيداً لا أدري كيفَ حدثَ هذا لا أذكر إن كانت مصادفة أم متعمداً.

الفقرة 22

الذي أذكرهُ جيداً أننا عندما توجهنا إلى أخذِ الحمام بعدَ هزيمتنا وبعدَ ضياع الكأسِ منا لأول مرةٍ منذ سنواتٍ كانت حركتنا بطيئةٌ صامتةُ وكان الحزنُ يصبغُ نظراتنا ويلجمُ ألسنتنا فانزوى كل لاعبٍ مُغلقاً بابهُ على نفسهِ خالعاً ملابسهِ بعيداً عن أعينِ الزُملاءِ مقهوراً خجلانٌ مُزيلاً تحتَ رذاذِ الدُش آثارِ المُبارةِ عن جسدة.

ارتدينا ملابسنا دونَ اهتمامٍ وانصرفنا فُرادى وعندما خرجتُ أنا وجدتُ عن قربٍ نادية تتلكأ في المسيرِ سبقتني إلى الشارعِ على أملٍ أن ألحقَ بها كعادتي..


*208*

أجواءُ النص:

العنفُ واضرارهُ الاتحادُ حولَ هدفٍ التأثرُ بالرمزِ الرايةِ مُلتقى المشاعرِ البعدُ الجسمي وإيحاتهِ السلوكيةِ التربيةُ القديمةٌ وأساليبها عنصرُ التشجيعِ في التربيةِ وفاعليتهِ في إحرازِ النجاح.

أسئلة ضمون:

1. كيف عالجَ المدرب موضوع خسارة فريقه في الشوط الأول الفقرتان (1-2) --

2. بعد الفَوز في الشوط الثاني صفِ الجوّ الذي عاشهُ اللاعبون. فقرة (4) --

3. ما هي المفاجأة التي أعلن عنها فاروق غزباوي؟ وما هو مصدرها؟ الفقرة (5) --

4. ما هي المعلومات التي تبادلها اللاعبون عن المُدير الجديد؟ الفقرة (6) --

5. ما هي تحفظات الفتاة مع الراوي؟ وما هو موقفه؟ وكيف انتهى لقاؤهما؟ فقرة (8) --

6. سوف نُفرغ كرشة من انتفاخِه هذا ما قالُه فاروق عزباوي ماذا يقصدُ بذلك؟ الفقرة (10) --

7. ما هو دليلُ اهتمام الطلاب بالناظِر الجديد؟ الفقرتان (11-10) --

8. ما هي التغييرات التي فوجئ بها الطلاب مع بداية الأسبوع الثاني؟ وماذا تَعني؟

الفقرة (13) --

9. صف مظاهر الترتيب والانتظار التي عاشِها الطلاب والمُعلِّمون وهم ينتظرون الناظِر مصّطفين صَباحًا؟ الفقرة (14) --

10. ماذا أثار موضوع فصلِ الطلاب في نفُوسهم؟ وما هي تحسُّباتهم؟ الفقرة (17) --

11. يقول الرّاوي: وبدموع ساخنة تملأ عيني فشاهدتُ هذه الراية متموجة متآكلة الحوافِ وللتو احسستُ بها غريبة عني ما هي الأحداث التي يوحي بها هذا القولُ؟ الفقرة (18) --

12. قارن صورة الدش بعد الانتصار وبعدَ الهزيمةِ؟ الفقرتان (22-4)


*209*

أسئلة الأسلوب:

1. تخلّل العرض السردي في القصة لقطاتٌ حواريةٌ ما هي صفات الحوار في القصة؟ وما غرضهُ؟ --

2. صيغت القصة بلغة ذات مستوى رفيع. هات أمثلة لبعضِ الجملِ لإثبات ذلك. --

3. هات بعض خصائص الأسلوب الواقعي التي تجدها في القصة. --

4. وردت في النص بعض الصُور أو التعابير الأدبية. استخرج ثلاثة منها واشرحها. --

أسئلة الرأي والموقف والقِيم:

1. هل توافق على معالجة الأمور بأسلوب حاد وعنيفٍ؟ وضح إجابتك وأعطِ نماذج من الحياة العملية. --

2. ما رأيك في حكم التقاليد؟ مثل لتقاليد مقبولةٍ وأخرى تراها تقف في وجه حرية الانسانِ وربما تطّوره الحضاري. --

3. لماذا حسب رأيك تَّخيل الطلابُ أوصافًا جسدية غير جميلة للناظِر الذي لم يروه؟ --

4. لماذا حسب رأيك لم يتكلَّم الناظر بينما كان الطلابُ منتظرين في صفوفهم وأبقاهم طوالَ اليوم واقفين؟

5. ما هي العلاقة يين تنكيس الراية وأسلوب القوة الذي يتخذه الناظر سلاحًا للسيطرة؟ --

6. هل ترى أن تصرف الطلاب كان صوابًا عندما تحول شعورهم نحو الرايةِ من الحب إلى المَقت مما انعكس سلبا على الحماسِ في المباريات؟ --

7. ماذا يحتاج النجاح عدا المقدرة المهنية حسب رأيكَ؟ --

8. هل للجمهور في الملاعب دور مهم في نتيجة المباراة؟ وضح إجابتك. –


*210*

مصادر للتوسّع:

1. أحمد السعدني: منظور مجيد طوبيا بين الحلم والواقع القاهرة شركة دار الإشعاع للطباعة 1986.

2. محمد معتصم: بنية السرد العربي من مساءلة الواقع إلى سؤال المصير بيروت الدار العربية للعلوم ناشرون 2010.

3. حسن المودن: الرواية والتحليل النصّي قراءات من منظور التحليل النفسي بيروت الدار العربية للعلوم ناشرون 2009.


*211*

ذكريا تامر (1931) م


*211*

أديبٌ سوري وصحفي وكاتبٌ قصص قصيرة ولِد بدمشق عام 1931 واضطَر إلى ترك الدراسة عام 1944 م بدأ حياته حِدادا في معمل. انطلق من حيّ البحصة في دمشق يكتب القصة القصيرة والخاطرة الهجائية السّاخرة منذ عام 1958 والقصة الموجهة للأطفال منذ عام 1968 يقيم في بريطانيا مند عام 1981 تُرجمت كتبه القصصية إلى الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والإيطالية والبلغارية والروسية والألمانية.

عمل في وزارة الثقافة ووزارة الإعلام في سوريا ورئيسًا لتحرير مجلة الموقف الأدبي ومجلة أسامة ومجلة المعرفة كما ساهم في تأسيس اتْحاد الكُتَّاب في سوريا أواخر عام 1969 وكان رئيسًا للجنة سيناريوهات أفلام القطاع الخاص في مؤسسة السينما في سوريا.

من أعماله القصصية:

صهيلُ الجواد الأبيض ربيع في الرماد النّمور في اليوم العاشر دمشق الحرائق الحُصرم القُنفذ تكسير ركب. ومن قصص الأطفال: نصائح مهمة الجراد في المدينة لماذا سكتَّ النهر قالت الوردة للسنونو.


*212*

موت الشعِّر الأسود

زكريا تامر

الفقرة 1

كانت شمس الظهيرةِ تسطع بيضاء على حارة السعديّ بينما شيخُ المسجد يقولُ للمصلّين إن الله هو الذي خلق الرجال والنساء والأطفال والطيور والقطط والأسماك والغيوم وهو الذي خلق أيضًا عبادة الفقراء من تراب فيهر الرجال رؤوسهم موافقين فوجوههم تشبه ترابا لم تهطل فوقه قطرة مطر وبيوتهم من تراب ويوم يموتون يدفنون في التُراب.

الفقرة 2

ولما انتهت صلاة الظهر غادرَ الرجال المسجد يرين (يُغطي يغلبُ عليه) عليهم خشوع هادئ وكآبة عذبةُ واتجه معظمهم إلى مقهى حارة السعدي وهناك تكلّموا عما حدث قبلَ أيام فلقد قصد منذر السالم مخفر الشرطة وأعلن مرفوع الرأس أنه ذبح أخته لأن العار في حارة السعدي لا يمحوه سوى الدم.

الفقرة 3

وهكذا فقد ماتت فطمة الفاكهة التي تحلم بها كل الأشجار ففطمة امراة جميلةٌ ولكنّ أجملَ ما فيها شعرها الأسود الماءُ المُظلمُ الذي لا تتألقُ فيه نجمةٌ والخيمةٌ التي تمنحُ الامان للمُطاردِ الخائفِ.

فقرة 4

وعندما كانت فطمة صغيرةَ السنِّ كان جدها يهوى تمشيطَ شعرها وينثرُ خُصلاتهِ الفاحمةِ (شديدَ السوادِ) بزهوٍ (كبرياء وخيلاء) ونشوةٍ (شدة السكرِ والفرحِ الشديد) ويُغمغمُ (يقولُ كلاماً غيرَ مفهوم) بإعجابٍ كنزٌ كنزٌ.

ويوم دخلتْ فطمةَ بخُطى مرتبكةٍ إلى غرفةِ الضيوفِ وهيَ تَحملُ فناجينَ القهوةِ لفتَ شعرُها أنظارَ النسوةِ الخاطِباتِ ونالتْ إعجابهنَّ توَّ (رأساً مباشرةً) فتعالتْ الزَغاريد


*213*

فقرة 4

بعدَ أسابيع وصارت فطمة زوجة لمصطفى الرجل الذي يملكُ وجهاً لا يبتسمُ.

فقرة 5

ولقد أحب مصطفى فطمة وشعرها ولكنهُ كان يرى في أثناءِ نومهِ حُلماً واحداً يركضُ فيه تحت مطرٍ غزيرٍ من دون أن تبللهُ قطر ماء.

وكان مصطفى يقول لفطمة أنا رجل وأنت إمرأة والمرأةُ يجبُ أن تُطيعَ الرجلُ المرأة خُلقت لتكونَ خادمةٍ للرجلِ.

فتقولُ له فاطمة إني أطيعكَ وأفعلُ كلَ ما تُريد فيصفعها قائلاً بنزقِ (بغضبٍ شديد الطيش عند الغضب) عندَما أتكلمُ يجبْ أن تخرسي.

فقرة 6

فتبكي فطمة ولكنها كانت كعصفورٍ صغيرٍ مرحٍ طائشٍ فتكفُ (تنقطع) عنِ البكاءِ بعدَ هُنيهاتٍ (لحظاتٍ دقائقَ) ثم تضحك وهي تمسحُ دموعها فيغمضُ مصطفى عينيه ويتخيلُ فطمة تقولُ له بذلٍ أحبكَ وأموتُ لو هجرتني.

ولكنْ فاطمة لمْ تقُلْ له يوماً ما يتوقُ إليه.

فقرة 7

وفي يومٍ من الأيامِ دخلَ مصطفى مُتجهمٍ الوجهِ إلى مقهى حارة السعدي وقالَ لأخيها مُنذر السالم قبلَ أن تقعدَ كعنترٍ بينَ الرجالِ اذهب وخذْ أختكَ من بَيتي.

فأحنى منذر السالم رأسهُ خجلاً منَ الرِجالِ المُحيطينَ بهِ وعضَ بقسوةٍ على شفتهِ ثمَ نهضّ فجأةً وانطلقَ يركضُ في حارةِ السعدي.

فقرة 8

ولمّا أبصرتُ فطمة أخاها مُنقضاً عليها شاهراً سكينة (رافعاً سكينة) ولوَلتْ وسارعتْ إلى الهَربِ منَ البيتِ وركضتْ في أزقةِ حارةِ السَعدي حاسرةَ الرأسِ مُبعثرةً الشعرَ وصرخضتْ مُستغيثةً غيرَ أنَ السكينَ لحقتْ بِها وبَلَغَتْ عُنُقها بينما كانَ الرجالُ والنساءُ والأطفالُ يقفونَ مُتجّمدينَ شاحبي الوُجوهِ.

وهكذا ماتَ الشعرُ الأسود ولكنَّ فاطمة لا تَزالُ تركضُ في حارةِ السعدي وتطرق أبوابَ بيوتها مستنجدةً فلا يفتحُ بابٌ من الأبوابِ وتتلطخُ السكينُ بالدم.


*214*

أجواءِ النصِّ:

الوعظ والأرْشاد في المساجد يغلبُ عليهِ التذكير بقدرةِ الله ومصير الإنسانِ الحتمي الانصياعُ التقليدي لما يقولُ الامام المرأة في مفهومِ الناس حسب معلوماتهم خادمةُ للرجلِ وللمتعةِ الشخصيةِ له الشخصيةُ المسْحوقةِ المجتمعِ حياديّ لا يتدخلّ حوادثٌ تضمنتها رواياتٌ أخرى كدعاءِ الكروانِ لطه حسين الخالُ أو الأخ هُما المسئولانِ عن موضوعِ العرضِ وَأدْ البناتِ في الجاهلَة.

أسئلة المضمون:

1. افتتح الكاتب قصته بمنظر طبيعي في الحارة حارة السعدي وآخر حقيقي في المسجد ماذا حدث في المكانين؟ ومن صاحب الفِعل في كل مكان؟ فقرة (1) --

2. لماذا وصف الكاتب منذز السالم بأنه مرفوع الرأس؟ فقرة (2) --

3. كيف وصفَ الكاتب فطمة؟ وماذا يعني وصفة؟ فقرة (3) --

4. ما هو دور الجد جد فاطمة؟ ولماذا كان له دور في القصة؟ فقرة (4) --

5. كيف أصبح مصطفى روحا لفطمة؟ وكيف رسم لها أسلوب الحياة الذي يجب أن تمارسِها معه كزوجة؟ الفقرتان (4-5) --

6. ما هو الحُلم الذي كان يطيف بمصطفى في نومِه دائمًا؟ وهل له إيحاءٌ مُعين في موضوع القصة فقرة (4) --

7. لماذا صَفع مصطفى زوجته؟ ما هو الذنب الذي اقترفته واستلزم صفعها؟ فقرة (5) --

8. ما هي الإهانة التي تخيلها أخو فطمة أنها لحقتْ به من قول زوج أخته؟ فقرة (7) --

9. ماذا يقصد المؤلف بقوله: وهكذا مات الشَعر الأسود.. ولكن فطمة لا تزالُ تركضُ في حارة السعدي وتطرق أبواب بيوتها مستنجدة... فلا يفتح باب من الابواب... وتتلطخ السكين بالدم؟ فقرة (8) --


*215*

أسئلة الأسلوب:

1. لماذا كشف وشدد الكاتبُ موضوع الخشوع؟ وهل الكلمة هنا مناسبة؟ --

2. أينَ يظهر الارتجاع الفني في الأسلوب؟ وما هي الحقائق التي أتى بها؟ --

3. أين تقع على أسلوب الإيحاء بالصور المتكررةِ بعد الحدث الاولي وهو قتلُ فطمة؟ --

4. ما هو أسلوب القصِّ للأحداث وهل تطلبت الأحداثُ في القصة هذا الأسلوب؟ --

5. تفصلُ بين جُمل السطرين الأخيرين 3 نقاط وورد هذا الفصلُ ثلاثَ مراتٍ ما دلالة ومساهمة هذا الأسلوب في المضمون؟ --.

أسئلة الرأي والموقف والقِيم:

1. ما العلاقة حسب رأيكَ بين الشمس الساطعة البيضاء وحارة السعدي؟ ولماذا استثمر الكاتب الشمس في قصته؟ --

2. ماذا يعني كلام الإمام وما علاقته بأحداثِ القصة - حسب رأيك؟ --

3. ما رأيك في اعتقاد حارة السعدي بأن العارَ لا يغسله إلا الدم؟ --

4. لماذا حسب رأيكَ - لم يتدخل الناس لإنقاذ فطمه؟ --

5. هل حسب رأيك - يمكن أن يقال أن في قصة القصة تصويرا للإيمان الشكلي الذي يبتعد عن فهم حقائق الدين فهمُا حضاريًا حقيقيًا. وضح على ضوء الحدث المركزي. --

6. المعروف حَسب أحداثِ القصَة أن فطمه ذات الشَعر الأسود قُتلت لماذا جاء عنوان القصة بذات الشعر الأسود وليس قتلُ الشعر الأسود؟ --.

مصادر للتوسع:

1. الأمين بن مَبروك: القِصة القصيرة عند زكريا تامِر صفاقس مكتبة علاء الدين 2008.

2. رضوان القضماني: زكريا تامر مُعجم القسوة والرعب دمشق الأمانة العامة الاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008.


*2016*

3. مُفيد نجم: الربيع الاسود دراسات في عالم زكريا تامر القصص دمشق منشورات وزارة الثقافة 2007.

4. امتنان عثمان الصمادي: زكريا تامر والقصة القصيرة بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر 1995.


*217*

إميلي نصر الله (1931-2018)


*217*

إميلي نصر الله: ولد عام 1931 في الكفير (لبنان الجنوبي قضاء حاصبياً) تلقت دروسها الابتدائية في مدرسه القريةَ ثم انتقلت إلى الكلية الوطنية في الشويفات! حين تابعت دروسها الثانوية عام 1954 انتقلت إلى بيروت حين عملت مدرسه في الكلية الأهلية للبنات وأقامت في المدرسه نفسها. نالت شهادة البكالوريوس في الآداب والتربية. وفي عام 1955 انضمت إلى أسرة تحرير مجلة الصّياد وهي لا تزال تعملُ فيها إلى الآن. وقد تزوجتْ عام 1957 م المهندس فيليب نصر الله وزرن منه أربعه أولاد.

من مؤلفاتها:

طيور أيلول (رواية) شجرة الدُّفلى (رواية) الرهينة (رواية) تلك الذكريات (رواية) الجمر الغافي (رواية) لحظات الرحيل (قصة قصيرة) الليالي الغجرية (قصة قصيرة) الطّاحونة الضائعة (قصة قصيرة) أوراق منسية (قصة قصيرة). حصلت على جوائز عديدة منها جائزة الشّاعر سعيد عقل في لبنان وجائزة مجلة فيروز وجائزة جبران خليل جبران من رابطة التراث العربّي في أستراليا. ضم العديد من رواياتها إلى الإنجليزية والفرنسية.


*218*

ليلى والذئب إميلي نصر الله

فقرة 1

أوصَتها أمُها منذ أن خطَتْ خطواتها الأولى على طريق الرحلة...

أوصتها تأخذ حذرها من الذئب... بل إن التوصيات سبقت تلك اللحظة بزمانٍ أي حين كانت ليلى طفلة في المهد وأمها تُرنم بها أشجى الأنغام لتغفو وتطبق جفنيها على أحلام ناعمة.

فقرة 2

وكانت الأم تَدخُل بين كلّ ترنيمة (ترانيم غنى طرباً) وتالية لها كلمات جديدة وعبارات معترضة ضمن قوسين مثل: (والذئابُ تختبئ عادةً في الغابات) تفاجئك عند كل منعطف احيانا يرتدي الذئب وجه ثعلب أحيانا وجه أمين.

(يا ليلى لا يغرنك ذلك. عليك أن تعرفيه فورًا وتحيدي من طريقه).

(نامي / يا بنْتي نامي / حتى أفرش لك / ريش النعام).

(ويا ليلى: حين تبصرينه قادمًا من المجهول سائرا على قائمتين بدلَ أربع قوائم تأكدي بأنه هو داخلٌ بقناع جديد...).

(يا الله تنام يا الله تنام لأذبح لها طير الحمام يا حمامات لا تخافوا عم بَضحك عا ليلى تتنام)...

(أحيانًا يجيء متلبسًا بكلِّ الوجوه المألوفَة. ويقتربُ منك بلُطف يقتربُ ويلقي السلام. يُسمعك كلامًا له مذاق العَسل. احذريه. إذا قال: أنِت جَميلة.. يكون هذا الطُعم الأول إذا دعاكِ إلى مرافقتهِ يبدأ الخَطر يهدد حياتَك.. قد يسير معك خطوات في الفَلاة لا بد وأن يجرك إلى مغارتة وهناك يا ابنتي لن يدري ماذا يحدث...)

تكْ تكْ يا امّ سْليمان / تِكْ تِكْ تِكْ زَوْجِكْ وين كانْ / تِكْ تِكْ تِكْ كانْ بالحقلِ / عَمْ يُقطفْ خَوْخَ وُرمْانْ.


*219*

فقرة 2

ويا بُنيةُ! أحيانًا يتجاوز الغابَة يسيرُ معكَ على هوالكَ يعرض خدماته. يقول: أحملُ السلةَ عنكِ أرشدُكِ إلى السَبيلِ أخشى عليكِ منَ الضياعِ.

يقولُ لَكِ:

فقرة 3

أنت صغيرة عديمةُ الخبرةِ والعالم شاسعٌ والدُروبُ محفوفةُ بالخَطر. أرافقكَ يقولُ

أكون عكازَكِ... لا تصَدقيه. واركُضي كلَّ ما يُقدمهُ لَكِ منْ وعودٍ وخدماتٍ وإذا أمكَن بدّلي الطَريق واسْلُكي طَريقًا غير دربه...

يا الله تنام ليلى / يا الله تُحبُ النوم / يا الله تُجيها العوافي / وتظل دوم الدوم (ويكونُ في بعض الأحْيانِ مُختبئًا في غابةٍ في حفرةٍ أو في كهفٍ ربما تبصرينهُ واقفاً فوقَ قمةِ التَلِ عندَ انحدارِ الشيرِ (السفحِ) تحسَبينهُ ناطورَ الكُرومِ يا غالية! لا يُخدعنكَ المظهرُ الخارجيُ إنه الذئبُ يأتي من كُل الطُّرقِ من كلِ الأماكنِ يجيء.

خصوصاً حينَ يُبصُر فتاةً مثلكِ لها هذا الجَمالُ واللطفُ والطيبةُ.

فقرة 4

حالما تبصرينهُ سارعي خُطاكِ ولا تلتفتِ عيناكِ إلى حيثُ يَكون ولا تنظري مرةً إلى الوَراءِ أبقي بصَركِ مشدوداَ إلى الأمامِ باتْجاهِ غايةَ الرِحلةِ جدتكَ الطيبةُ ولا تتوقفي لتقطفي الزهورَ لها.

أعرفُ ولعكِ بزهورِ البَراري يا ليى أعرفُ مدى إغرائِها خصوصاً في هذا الوقتْ منَ السنةِ تجاوزي إغراءَ الزهورِ ذاكرةً بان عينَ الذئبِ لا تنامُ وهيْ ترصُدُ (تراقب) حركاتكِ من كل الجِهاتِ ومنذُ ما قبلَ التاريخِ لذا كان عليكِ أن تُضاعفي يقَظَتكِ وحَذركِ ولا تَدعي الحيَل تنطَلي (يُخدعُ بها) عَليكِ آه كم هوَ محتالٌ يا ليلى كم انه ذكيٌ محتالٌ.

يا حادي / يا مادي / يا كسّار الزبادي / يا الله كسر جوزْ ولوزْ / واطْعمها لأولادي.


*220*

فقرة 5

ليلى في أتَّم أناقتها قبعتها الحمراءُ تتوّج رأسها مثلَ زهرةِ (برقوق) عملاقة وتحتها المعطف من اللّونِ نفسه والحذاء المَربوط بتأن والسلةُ معلقةً في كوعها وعيناها مُنتفخَتان وشفتاها مُنفرجتان. كذلك أبقتْ قنواتُ السَمع مفتوحة لتستوعب كل الكلام وما بينَ الكَلام والأنغام. لم ترد مرة على أمها. لم تطرح سؤالا. ربما شاءت أن تطرح سؤالا وأحجمت (توقفتْ تراجعت) في لحظة الانطلاق إنها تشتاقها كثيرا لرؤية وجه جدتها. لكن شوقها إلى المُغامرة مضاعف الآن. أمها فتحت لها كلّ الأبواب المؤصدَةِ (المُغلقةِ) في الداخل والخارجِ ودعتها الى المسير. وهي الآن في الطريق تقفز مُرحة تنشدُ بصوتٍ خافتٍ تتصادمُ أصداء نغَمها مع زقزقةِ العصافير فوق أشجار البُستانِ سوف تتسارع خطاها وتنطبق كالسِهم إلى الهدفِ تماماً مثلما أوصتها أمُها مثلَما حلمتْ طوالَ الليلة الفائتة. سلتها مملوءةً بالكعكِ والحَلوى اللذيذَةِ من إعداد يدي أمها.

وقدْ ملأت بطنها جيًدا فزادتْ فرحتها. وتابعتْ سيرها قفزًا مرحًا.

وطريقها لولبي يعمُّر وسطَ الغابة. ليس في الإمكانِ تجنبُّ ذلك. وصايا أمها تتمشى تحتَ جلدها ويسبقها الصوت ممتزجاً بذرات الأثير:

(احذري الذئبُ يا ليلى. كوني يقظة أبدًا... و... الذئبُ يأتي من كلِّ الجِهاتِ. ويرتدي شتى الوجوهِ).

ماذا تقولُ أمَها؟

فقرة 6

لا ذئاب في هذه الغابة حيثُ تتعانق أغصان شجر الشربين (نوع من الأشجارِ دائمة الخضرةِ) والسنديانِ هُنا تُقيمُ العصافيرُ اللطيفةُ.


*221*

فقرة 6

ترسلُ زقزقاتِها فتمجدُ الخالقَ ومن قلبِ الغابِ تسمعُ أصداءَ موسيقية من نوع آخر حين ترتطم الرياحُ بسيقانِ القصب والغزارِ (القصب نسميه البوص) فتؤلفُ موسيقى سماوية لا.. هذا المكان آمن مأهولٌ بالوداعةِ والجمالَ والنغمِ العذبْ ولا مكان فيه للذئابِ.

وهيَ الآن في منتصفِ الطريق انعطف بها دربها وتقدمت صوبَ السهولِ المنبسطَةِ خضراءَ ترصعُ صدرها بالأزهارِ من كُلِ لونٍ هذهِ أزهارها البريةُ المألوفةِ السكوكعْ (نوعُ من الازهارِ له رائحةُ طيبة) والنرجسُ وشقائق النُعمانِ والياسمينِ البري وتغمزها أعين الزهرِ بإغراءٍ وترفع إحداها الرأسْ ليصبحَ بمستوى سمعِ الفتاةِ وتهمسُ في أذنها:

خُذيني مَعكِ.

تتوقفُ ليلى والدهشةُ تعقلُ لسانها زهرةٌ وتتكلمُ!

ماذا تَقولينَ؟

تسألها غيرَ مُصدقةٍ فتكررُ الزهرةُ المنفتحةُ كعينِ الرحمةِ تكررُ طلبَها بما يُشبهُ الابتهال:

خُذيني معكِ اجعليني رفيقةَ دربكِ سئمتُ الإقامةَ وسطَ هذا المكانِ الجامدِ.

وترددُ ليلى:

فقرة 7

عجيبٌ كلامُكِ لَستِ وَحدكِ هُنا.. وحولَكِ رفيقاتك الأزهارِ والنباتِ من كل صنفٍ. ثم هناكَ الغابةُ وسكانها الطيّبونَ وتزودك النسائم من كل الجّهاتِ. لماذا لا يكون هذا العالمُ ممتعاً؟.. وافترت بتلاتُ (فَسيلات) الزهرةِ عن شبهِ ابتسامةٍ وقالتْ بأسى:

- أنتِ لا تفهمينَ حياةَ الزهورِ لا يُمكنني أن اتّخذَ أي قرارٍ تُملى عليَّ الإرادات من كل صوبٍ وأتلقى.


*222*

فقرة 7

- وأنا عاجزةُ عن الانتقال عن التحولِ من مكاني إلى موقِع آخرَ. انظري كيف تُثبتُني جذوري في أعماقِ التُراب.

انحدرت ليلى بنظرها حتى أسفلِ الجذع واكتشفتْ أن ما قالته الزهرة صحيح.

لذا رفعت إليها عينين مُنكسرتين وقالت:

- كلامك صحيح. لا يمكنكِ الخُروج من ارتباطك بالتراب.

- إذن خُذيني إليكِ...

كررت الزهرة طلبها فأثارت في صدر الفتاة شعورا غريباً جعلها تنحني وتقلع الساق الدقيقة... وما إن فعلت ذلك حتى هدرَ في أذنيها صوتُ الرعد.

ارتجفت خوفا وتراجعت خطوتين إلى الوَراء قبل أن تقرر ماذا عليها أن تفعل. لكن الزهرة المنتفضة بين أصابعها دفعتها إلى اتخاذِ القَرار:

- أسرعي لنهرب قبل أن ينهمرَ المطر. إنها عاصفة رعدية مقبلةٌ من الجهة الغربية... أسرعي.

- وماذا عن رفيقاتك؟

سألت ليلى وقد خالَجها شعور بالشفقة على الزهرات الصامتات ولم تسمعْ من زهرتِها أي جواب فقررت أن تطوف بنفسها لتبحثَ عمن تريد مرافقتها.

وهكذا تابعت قفزها الرشيق وجمعت بضعَ زهراتٍ جعلتها باقة بحجم راحة يدها. وفكرت بأن هذه ستكون هديتها للجدة. ونسيت السلة المعلقةِ بكوعها.

الفقرة 8

تفجَّر الرعد من جديد. رفعت ليلى نظرَها إلى السَماء فأبصرت الغيوم الرمادية تتسابق في الجو وكأنها تلاحق فلول (قطيع من جسم مهشم بقايا) جيش فار. وشعرت بأن عليها أن تصل دار الجدة قبل أن تفرغ السَماء غضبها ثم التفتت إلى الزهراتِ تطمئنهنْ:

- بعدَ قليل نبلغُ بيتَ الجدة وهناك أضمكن في زهريةٍ من بلور وأروي سيقانكن بالماء النظيف... عما قليل ونبلغ نهاية الرحلة.


*223*

الفقرة 8

لكن العاصفة لم تمهل وظلت تشقق صدرَ الفضاءِ وراحت المياه تتدفقُ بغزارةٍ فتغمرُ السهولً والحشائش وتغرق ما بقيَ من الأزهارِ وانهمرتْ المياهُ الغزيرة فرقَ رأس ليلى وكانت العاصفة قد عرتهُ حينَ انتزعت القبعةُ الحمراءُ وقذفتها بعيداً عن مدى الرؤيةِ وانهمرَ المطرُ فوقَ السلة المملوءةِ بالكعك والحلوى فاختلطتْ فيها الأشكالُ والألوانُ وهذا ما اخافَ الفتاةَ ودفعهاَ إلى الجريِ بسرعةٍ لتقذَ ما تَبقى.

قبلَ أن تبلغَ دار جدتها سمعت ليلى وقع قدمين فعلمت بأن هناك من يتتبعها. وتساءلت إذا كانت أمها قد أرسلت ابنَ الجيران ليساعدها. التفتت إلى الوراء لتناديه فأبصَرت مخلوقا لم تقع عينها على شبيه له من قبل كان يرتدي معطفًا تكنس أطرافه الأرض ويعتمُر (يلبسُ على رأسهِ) قبعة سوداء تغمر رأسه وتهبط لتغطي أذنيه وجزءا من عنقه. وقد حجب عينيه بنظارتين سوداوين تُخفيان ثلاثة أرباع وجهه. ارتعدت فرقًا (خوفاً) وشَاءت أن تسألَ هذا المخلوق العجيب من يكون؟ وهل هو الذئب أم رسولهُ أم عدوه أم...؟

فقرة 9

لم يترك لها الفرصة اقترب بقامته الشامخة بصوته اللطيف الناصح (الفائض) إغراء وشهوة وبلمساته الناعمة الناعمة مررَّ أصابعه فوق وجهها وهمس سؤاله:

- ما اسمك أيتها اللطيفة الجميلة؟!..

- ليلى.

قالت وهي غير واثقة إذا كانت قد ارتكبت خطاً بإفشاء هذا السر. لكنه لم يُعطها الفرصة كي تُحاسب ضميرها راح يطرحُ أسئلته.. يرشقها بها كزخات البرد: من أين جئتِ؟ وإلى أين تذهبين؟ من اشترى لك هذا المعطفَ الجميلِ؟ من غرسَ في وجهك هاتين العينين النرجسيين ومن حفر في وجهك هذا الفَّم العسلي ثم غرسَ فوقه الأنف الأشم؟.. وشعرك يا جميلة!... هذا المنهدلُ (المُسبل) على كتفيكِ كسنابل القمح.. من أين جئت بهذا الجمالُ كله؟...


*224*

فقرة 9

أدركت ليلى بأنها أمام مخلوق لا يشبه أحدا من الأشخاص الذين عرفتهم في محيطها وتساءلت أن يكون هذا الذئب؟

وتذكرت كلام أمها وتحذيرها وتوصياتها لكن صدى الكلام ظلَّ بعيدًا عن حاضرها... إنها أمام وضع يتعدى كل التوقعات وعليها أن تتخذَ القرار وتُواجه الواقعَ بشجاعة لذا رفعت رأسها وأطلقت السؤال:

- وأنتَ... من تكون؟ ما هو اسمك؟

- أبو كاسب.

صدّقت ليلى وقد أربكها الجواب ثم عادت تقول:

- لمْ أسأل عن اسمِ ابنك أريدُ أن أعرف اسمكَ أنت؟ الاسَم الحقيقي.

- نعم هذا هو اسمي الحقيقي. والبعضُ يدعوني أبو جعدة. يمكنك أن تختاري منهما الاسّم الذي يعجبك.

فقرة 10

عادت إلى صمتها وارتباكِها. أمها لم تخبرها كيف تتصرف في الخطوة التالية. ربما لم تحسبه ذكيًا إلى هذا الحد يخترع الأسماء ويرتديها مثلما يرتدي قناع وجهه. وفكرت بأن أفضل وسيلةٍ تعتمدها هي المُواجهة الشجاعة لذا سمعت شفتيها تتمتمان:

- لا أصدق. أعرف من تكون.. أنت الذئب. أمي أخبرتني. حدثتني عنكَ قبل أن أبدأ الرحلة.

قال مُحتالا:

- لن أعارضك اختاري من الأسماء ما يروقك. ذلك لا يهم ما دمت لطيفة طيبة وجميلة. لكنك لم تردي على سؤالي: إلى أين أنت ذاهبة؟ إلى دار جدتي.

- وجدتك هل تقيُم بعيدًا من هنا؟

- كلا... هناك منزلها داخلَ تلكَ الحديقَةِ.


*225*

فقرة 10

ومدت إصبعها بسذاجة تشيرُ إلى المكان. وعاد يسألها:

- وجدتك تقيم وحدها؟

نعم وأنا ذاهبة كي أسليها. أحمل إليها سلة كعك وحلوى. وباقة أزهار برية. اقترب منها أكثر ومد يده إلى السلة فغاصت فى مزيج رخو:

- لم يعد هناك كعك ولا حلوى انظُري...

وفتحَ أمام عينيها يده المنغمسة بالسائلِ الدبقِ حيث اختلطت الحلوى بالكعك.

انهمرتْ؟ الدموع من عينيها وقالت:

- الحق على العاصفة الراعدة...

ربت على كتفا مُحاولاً إعادة الهدوءِ إلى نفسها:

- أمك لم تحسب حساب العاصفة.. ثم قولي: كيفَ تركتكِ تخرجين وحدك؟...

والغابة مسكونة بالذئاب والوحوش المفترسة؟

أجفلتها كلماته. ونقزت بقرب عينيها فلم تلمح أية علامة من علاماتِ السخرية. بدا مُخلصا في كلامه ولكي يؤكدَ إخلاصه مد أنامله وراح يمسح دموعها ويتمتم بحنانٍ:

- اطمئني سأبقى معكِ ولن أتركَكِ.

فقرة 11

شعرت بارتياح يمشي في عروقها. ومدت يدها كي تصافح يد محدثها وتشكره ثم تتابع مسيرتها. لكنه تطوع بإتمام معروفه ويرافقها حتى نهاية الطريق ثم عبر عن اندفاعه عمليًا حين لف ذراعه حول كتفها. ودعاها لتظل بقربه وتعتمدَ عليه.

سارت إلى جانبه. ترتشفُ أذناها كلامه العذب وحكاياته النادرةِ ونسيت كلام أمها بل راحتْ الشكوك تساورها وهي تتذكر بأن أمها خدعتها وغرست في صدرها خوفاً لا مبررَ له كيف أخافتها وفي الغابةِ مثلَ هذا المخلوقِ اللطيفِ حتى الانكسارِ الدافئ الهمس الرقيق اللمساتِ والحاضرَ لحمايتها ورد الخَطر عنها؟

كيفَ تجهلُ أمها هذه الأمورَ عنهُ؟


*226*

فقرة 11

وقبلَ أن تبلغ ليلى دار جدتها كانت قد تعرفت إلى رفيقِ الرحلةِ وارتاحتْ إليهِ وأعلنت الثورة على أمها وعلى تعاليمها العتيقةِ وارتمتْ في دائرةٍ رسمها الذئب حولَها ثم أحاطها بالسياجِ الكَثيفِ. ولم تعُد تبصرُ من الوجوهِ سواهُ ولمْ يعُد ينفذُ إليها من وجوهِ الناسِ سوى وجههِ وقد راح ينطبعُ تدريجياً في سوادِ عينيها ويتحولُ في ذاتها إلى رسول للخيرِ والحبِ والجَمال.

وضعتْ السلة بقربها وقذفتْ باقة الزهورِ إلى الأرضِ المُستجمةِ برشقِ المطر.

وتمددتْ فوقَ مقعدٍ حجريٍ تُريح جسدها من تعبِ المسيرِ وانتشرَ الضبابُ حولَها ثم لم تلبثُ ظلمة المساءِ أن حلتْ على الكَونِ وأوْصدتْ الأبوابْ وكان يفترضُ في الصغيرةِ أن ترتعدَ خوفاً أو تتألم من وخزِ الضميرِ لانحرافها عن هدفِ الرحلةِ لكن الذئبَ بقي بقُربها يملأ بحضورهِ كلَّ فراغٍ.

وبينما كانتْ العاصفةُ تتابعُ ثورتَها فتجتاحُ الغابة والسهولُ وتحطم أغصانَ الشجر كان الهدوء والطمأنينةِ والفرحِ وعناصرَ الأمنِ كلها تغمر ليلى وتَمحو شيئاً فشيئاً ما بقيَ عالقاً في الذاكرةِ من وصايا أمها مع بدايةِ ذلك اليوم الجَديد.


*227*

أجواءُ النَّص:

الأم ومشاعر الأمومة الأساطير والأوهام الإشاعات وخصائصها وأضرارها.

أساليب تقليدية في التعامل مع الأطفال. الطفلُ عالم جديد قادرٌ على التفكير والتمييز والحقائق أولاُ التجاربُ أفضلُ معلّم. رُب ذئب كإنسان وربُ إنسانٍ كذئب.

أسئلة المضمون:

1. تبدأ الكاتبة القصة بذكر وصية (توصية) من الأم لابنها. ما هي هذه الوصية؟

وما هو تاريخها؟ فقرة (1) --

2. نعلّم أن التوصية كانت تواكبُ بداية نوم الفتاة ماذا كان يتخلل ترنيمة النوم؟

فقرة (2) --

3. عدد مراحل استدراج الذئب للفتاة والتي حذرتها منها امها. الفقرة (2) --

4. ما هي أسبابُ الحث على عدم التصديق التي عرضتها الأم على ليلى؟ فقرة (2) --

5. عدد الصُور والحالات التي يمكن أن يظهر فيها الذئب ولماذا عددت الأم هذه الصور؟ الفقرة (3) --

6. كيف يجب على ليلى أن تتصرف إذا أبصرت الذئب؟ فقرة (3) --

7. صف انطلاق ليلى في الغابة وما هو وضعها النفسي؟ وصف الجو الطبيعي الذي صادفته؟ الفقرتان (6-5) --

8. لخّص الموقف الحِواري بين ليلى والزهرة. الفقرتان (6-7) --

9. ما هي المفاجأة التي حدثت عندما قصفت ليلى الوردة؟ وكيف تصرفت؟

فقرة (7) --

10. كيفَ تصرفت ليلى حين انهمَر المطر بغزارة؟ فقرة (7) –

11. ما هي طبيعة الأسئلة التي طرحها الرجلُ الضخم الذي لحق بليلى عليها؟ وما هي الشكوكُ التي ساورتها؟ الفقرة (9) --

12. كيف واجهت ليلى أسئلة الرجل؟ وضح أسلوبها وصف نفسيّتِها. الفقرتان (9-10) --.


*228*

13. كيف استقرت صور الرجل بشكل جميل ومطمئن في نفس ليلى؟ فقرة (10) --

14. ما هُما الصورتان: الخارجية والداخلية اللتان عاشت فيهما ليلى وظهرتا متناقضتين ولمن كانت الغَلبة؟ ولماذا؟ الفقرة (11) --.

أسئلة الأسلوب:

1. تردُ في الفقرة الثانية كلمة أحيانًا عده مرات ماذا يعيد تكرارها في النص. --

2. ما قيمة اعتماد الترانيم في القصة --

3. صف طبيعة الحوار في القصة وبين أغراضه. --

4. ما هو دور الطبيعة في القصة؟ --

5. وردتْ في القصة بعض الصور والأساليب الأدبية. هات صورتين ووضحٍ العناصر البلاغية فيهما: انظر الفقرتين (5 و 9) --

6. لماذا جاءِ أسلوب النص الإشراف هنا بأسلوب العارف الكُلي؟ --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما هو التحول الذي تذكره الأم حسب رأيكَ - الفقرة (2)؟ --

2. ما هو المعنى الأخلاقي الحضاري الإنساني في ترنيمة الأم: يا الله تنام يا الله تنام / لأذبح لها طير الحمام يا حَمامات لا تخافوا عم بضحك عا ليلى تتنام؟ --

3. في آخر الفقرة (4) تقول الأم عن الذئب: آه كم هو محتالٌ يا ليلى. كم هو ذكيٌّ ومحتال ما هي قيمة إضافة كلمة ذكي للجملة الثانية حسب رأيك. --

4. أمها فتحت لها كل الأبواب الموصدة في الداخل والخارج ودعتها إلى السير ما هي الأبواب حسب رأيكَ؟ --

5. كيف تفسر عدم فزع ليلى من الجو العاصف بعد لقاء الرجل (الذئب)؟ --

6. هل حسب رأيك - تحملُ القصة إيحاء يشير إلى الإشاعاتِ والدعاياتِ المبنية على الظنون؟ علل إجابتك.


*229*

مصادر للتوسّع:

1. جان نعّوم طنّوس. قراءة نفسية في أدب إميلي نصر الله. (القاهرة: مكتبة الدار العربية للكتاب 2002).

2. منصور عيد. قضايا إنسانية في روايات إميلي نصر الله. (بيروت: دار الفكر اللبناني 1995).

3. زينب جمعة. صورة المرأة في الرواية: قراءة جديدة في روايات إميلي نصر الله.

(بيروت: الدار العربية للعلوم 2005).


*230*

أحمد حسين (1939-2017)


*230*

ولد الشاعر والقاضِ أحمد حسين في حيفا سنة 1939 م بدأ دراسته الإبتدائية في حيفا وأكملها في أم الفحم أنهى دراسته الثانوية في الناصرة عمل مدرساً بين 1990-1960م وواصل دراسته الجامعية في التربية وعلم النفس وكان يسكُن في قرية مصمص وهو شقيق الشاعر راشد حسين.

يعرف بعشقه لمدينه حيفا التي قضى فيها أجملَ أيام طفولته وله العديد من الكتابات الشعرية والقصصية عن حيفا.

مؤلفاته:

زمن الخوف ترنيمه الرب المنتظر الوجه والعجيزة الصوت الخروج من الزمن الهجري الزناطم وقصائد أخرى قراءات في ساحة الإعلام بالحزن أفرح من جديد.


*231*

فقرة 1

انهِيار أحمد حسين

- سامي درويش طلب!

- حاضر.

- ربحي خالد عبد الله!

- حاضر.

- وائل ذياب القمرة!.. رّد! عمّى في منظرك!

كانت وحشه اليوم الأول قد ذابت نهائيًا وتأكدتْ أن مدرستنا الجديدة ليست مريعة (مخيف) إلى الحد الذي صوّره لي الوهم حتى صباح أمس. بل لقد استطعنا - أكرم وأنا - أن نجد فيها أشياء مهمة أو مسلية مثل بعض الشتائم المبتكرة (اختلقَ أوجد) الذي لم نكن قد سمعنا بها في شارع الاستقلال أو في مدرسة الوحدة لذلك انتهرت فرصة انشغال المعلم وملت على أذنِ أكرم هامًسا:

- هل تسأله؟

فأجابَ بصوتٍ خفيض:

- لا يمكن عصبي!؟

فقرة 2

كنت أشعر بنفس الشعور فمن الحِكمة التحرك بحذر في هذا المكان الذي لا يزالُ كالمجهولِ بالنسبة لنا. وربما ليس مأمونًا توجيه الأسئلة إلى معلم لم تره من قبل. ولكنني كنت أعيش معاناة حقيقية بلغت أحيانًا حد التعاسة معاناة مركبة كادت طفولتي الهشة تنهار تحت وطأة انفعالاتها العنيفة فأولا تلك المحاولات المرهفة والفاشلة لتصّور العالم وثانيًا ذلك الشعور بالمهانة أمام ادعاءٍ قذر كنت على يقين تام من بطلانه دون أن أستطيع شخصيًا دحضه (ألغى رفض)


*232*

فقرة 2

وأخيرا ذاك الإحساس بالابتعاد والشناءة (الكراهيةِ البُغض) تجاهَ أكرم الذي أخذ يتسرب إلى نفسي منذ مساءِ البارحة.

فقرة 3

كان عالمنا مُشتركا يكاد يكون واحدًا ذاك البيت وذاك السن ولم تكن لعبه أو مشاجرة إلا ونحن معًا طرفها أو طرفاها وشهرتنا في العض وابتكار الألعاب وصلت آخر الشارع ولم يكن هناك وضع للمكان أو الزمان أو الرفقة عجزنا عن اختراع لعبة تلائمه. في الليل وحينما نكونُ وحيدين معًا على سطح المنزل أو أسفل السِلم كنا نتحدث عن المستقبل الذي كان دائمًا على بعد ساعة يوم عنا على أكثر تقدير. وفجأة وبدون سابقِ إنذار يقود أحدنا:

- أنا فنجانٌ!

فيجيب الآخر على الفور:

-أنا إبريقٌ

- أنا طنجرةٌ!

- أنا برميلٌ!

... وهكذا إلى أن يعجز أحدنا مع الاستمرار فى مباراة التفوق هذه.

فقرة 4

ومعَ الوقت أصبح لنا سلاسل مؤلفة من كل الأنواع تشمل مملكة النبات والحيوان والجماد حولنا وكان لكَن لكل سلسلة بداية دونَ أن يكون لها نهاية. فالبحثُ مستعر من الجانبين والمُفاجآتِ تترى (تتابع تتلاحق) كل يوم والسلسلة التي تقف اليوم عند التوتة تقف غداً عند الجُميزة والتي يحدثها اليوم الجمل يختمها غدًا الفيل. وكانت السلاسلُ تمتد وتنمو كالزواحف مع كل اكتشاف جديد لأحدنا.

ما عدا سلسلة واحدة.

كانت تلك سلسة مغلقة باعتراف الاثنين. ذلك أنها تنتهي بحيفا. ولما كان من المستحيل أن يكون هناك بلدٌ أكبر من حيفا فقد أهملَ البحثُ في مجالِها.


*233*

فقرة 5

ولكن ذلك لم يكن يعني أبدا توقفها عن النمو فقد كانت هذه السلسلة مركبة ض خصوصياتنا تبدأ بالبيت الذي نسكنه وتجوب حيفا مرورا بجامع (الحرية) فجامع (الاستقلال) فمركز البوليس فالحسبة فالشوارع المختلفة وتنتهي بذلك الاسم العظيم حيفا! وهذه الاشياء كانت كلها تحت مراقبتنا المستمرة وكنا نراها تنمو على فقرات متفاوتة ولكن باستمرار. حتى بيتنا الذي كنا نسكنه أكملوا فيه بناء الطابق الثاني بعد أن كان أكثر من نصفه مجرد ساحة واسعة على سطح الطابق الأول كان في هذه السلسلة حيوية داخليه تشبه الحيوية التي في داخلنا نحن نحس بها دون أن نستبقها. ولكن ليس هذا كل ما في الأمر. فالمكانة الخطأ لها في نفوسنا كانت أيضًا في نمو دائم. وعلى ما يبدو فإنه لم يكن يمر يوم واحد دون أن نحب حيفا أكثر ودون أن نحس بذلك أيضًا. ولهذا لم يكن واردا قط أن نلعب لعبة التفوق هذه دون أن نبدأها أو ننهيها بالسلسلة الحيفاوية. وحينما كنا ننفعل يبدو الانفعال البهيج واضحًا في صوت الواحد منا وعينيه حينما يقول وهو يشد رأسه إلى الاعلى رغمًا عنهُ:

- حيفا!

وتنغلق السلسلة وينتظر الثاني دوره ليقول حيفا في المرة القادمة.

فقرة 6

ومساءَ البارحة كنت أنا الذي أغلقت السلسلة. أحسست بحلاوة الموقف قبل أن أصل إليه وشعرت بالبهجة تنمو في نفسي مع كل اسم على الطريق إلى الغاية. وأخيرا شددتُ قامتي رغمًا عني وقلت بذاته الانفعال اللذيذ:

- حيفا!

- العالم!

لم يشد رأسه إلى الاعلى. ولم يقلها بلهفةٍ وتفاخر كما يفعل الواحد منا عادة حينما يكتشف حلقة جديدة. وقلت باستهجان خالي من الغصب:

ما هذا؟

فقد كنت واثقا أن ما قاله ليس إلا نوعا من العبث على حساب دوري ولم يخطر


*234*

فقرة 6

ببالي أنه يعني أن العالم أكبر من حيفا حقًا. ولكنه قال بخيبة أمل واضحة:

العالم أكبر من حيفا!

- مجنون!!

- أخي سليمان قال ذلك البارحة.

- هل تصدقه!

- إنه في الصف الخامس!

قلت باحتقار لأخيه وللعالم معًا:

- ما هو العالم؟

- بلدٌ!

- أين هو؟

- بعيد جدا.

- هل ذهب إليه؟

- كلا. ولكنه يعرف.

لم أشك للحظة في أنه قد يكون الأمر ممكنا أو صحيحاً ومع ذلك تملكني ذلك الشعور بالمهانة لمجرد أن يفكر أحد في أن هناك بلدا أكبر من حيفا:

أخوك وسخ.

- لا تشتمه! سأشتم أخاك أنا أيضًا.

- لا تلعب معي!

- وأنت أيضًا!

ولكننا ظللنا واقفين مطأطئي الرؤوس لفترة طويلة وأخيرا تغلبت على كبريائي وقلت:

- تعال نسأل!

- من؟

- أخي.


*235*

فقرة 6

- إنه في الصف الخامس أيضًا.

كان خائفا مثلي هو الآخر. وقلت باستسلام مريح:

- صحيح!

وقال بتردد:

- نسأل المعلم غدا.

- أي معلمٍ!

- واحدا منهم. أي واحدٍ.

- من يسأله؟

لم نحب عن السؤال. كان الأمر مُخيفًا من أكثر من جانب واحد... السؤال المعلّم نفسه الحقيقة...

كان المعلم واقفًا عند اللوّح تمامًا وقد أمسك الطبشور في يده وهو ينظر إلينا وكأنه يقول (انتبهوا)...

أدار ظهره ليكتب. وقلت مرة أخرى:

- اسأله!

- لا.

فقرة 7

وكتب المعلم في صدر اللوح بخطٍ كبير: (دين) ثم وضع الطبشورة من يده ونفخ على أطراف أصابعه وقال وهو يبتعد عن اللوح إلى ناحيتنا.

- من خلق العالم؟

نظرت إلى أكرم وقد اتسعت عيناي من الرعب واللهفة وبدأ قلبي يدقُّ بعنفٍ مبالغ فيه.

حاول أكرم أن يقول شيئًا. فلم يستطع. وبلع ريقه بصعوبة واضحة.

- نعم. الله! كلكم تعرفون ذلك بالطبع ولكن ليس هذا هو المهم الآن.

- انتبهوا للسؤال التالي: في كم يوم خلق الله العالم؟

فقرة 8

خيَّم الصمت. وجالت نظرات المعلم تستعرض الوجوه ولكن أحدا لم يكن يعرف.


*236*

فقرة 8

الله خلق العالم لأنه هو فقط الذي يخلق. هو الذي خلق الناس أيضًا. خلق الأرض والبحر والشوارع والأولاد والقطط وخلق العالم بالإضافة إلى ذلك. ولكن متى وكيف وكم استفزه ذلك فهذا شيء لم تكن تعرفه أبدا. وقال المعلم بتأن واستعلاء:

- خلق الله العالم في ستة أيام!

فقرة 9

ستة أيام!. شعرت بخفة مفاجأة لا تحتمل واستولى على شعور طاغ بالبهجة (شعور قوي) يدفعني دفعا إلى عمل طائش. أردت أن أقفز. أن أصعق وأصرخ صرخة الانتصار المعهودة (هو و و.. ولم ينقذني من ذلك سوى إحساس بالرثاء (الشفقة) الشديد للعالم وتلك البلاهة (الخمول في التفكير) الجامدة التي ظلت مستولية على وجه أكرم. ولكزته بكوعي لكزة (دفع بكوعه) لا بد انها آلمته.

- رأيت!!

ونظر إليَّ عابسًا وليس في وجهه علامة واحدة على الفِهم. وشعرتُ بشيء من الغضب عليه ومن أجلِه:

- خلق الله العالم في ستة أيام. ألم تسمع! وقال باستغراب أبله وهو يخفي فمه بكمِّه:

- سمعتُ سيرانا التعلم!

ولم يكن يهمني أن يرانا المُعلم وقد زاد غباءُ أكرم من حدة انفعالي. فقلت وأنا أحاول عبثًا خفضَ صويتي.

- يا حمار. إذا كان الله قد خلق العالم في ستة أيام. فإن وادي النسناس (حارة في مدينة حيفا) وحده أكبر من العالم.


*237*

فقرة 9

وقال باهتمام:

- لماذا؟

قلت بنفس الحماس الأرعن (من معانيها الأحمق) وبنفس الشعور المُتزايد من الرثاء للعالًم وله

فقرة 10

- كم بيتا يستطيع الله أن يخلق في اليوم؟

- وقال بلهجة لا أدري لماذا:

- عشرة!

ولم تهمني مبالغة وقلت بلهجة المنتصر:

- كم عشرة بيوت في وادي النسناس؟

- سنة فقط!

وبدأ يحسب على ما يبدو ولكن الأمر لم يطل به. فقالَ باستسلام:

- أكثر!

فصمت:

- إذن من أكبر! العالم أم وادي النسناس؟

- وادي ال...

وصرخ المعلم:

- تعالا إلي!!

كان غاضبا حقًا. وحينما اقتربنا منه ونحن نرتجف صرخ بي:

- في كم يوماً خلق الله العالم؟

- فقلت بعجلة:

- في ستة أيام.

واستدار إلى أكرم بسرعة وكأنه يريد أن يفاجئه:

- ماذا فعل في اليوم السابع؟


*238*

فقرة 10

وحينما لم يسمع جوابا. تقدم نحوه ببطء مرعب وقد زاد عبوسه إلى الضعف

وضع أكرم ذراعيه أمام وجهه وقال بلهجة باكية:

كان يقول لي أن العالم أصغر من وادي النسناس.

وتوقف المعلم فجأة. ونظر إلي باهتمام ثم قال بهدوء ينذر بوضوح بالعاصفة المُقبلة:

تُنِّكت! وفي درس الدين!

فقرة 11

ولم أفهم بالطبع أين مجال التنكيت في ما قلت وشعرت بخوفٍ شديد لهذا الادعاء الغامض من جانب الدعاء ولشدة عبوسه وانفعاله. واتخذت وضع أكرم أمامه منذ لحظات وقلت بأمل غامض:

- والله العظيم إنه يكذب قلت إن حيفا أكبر من العالم.

وبدا على المعلم شيء من التفكير والاستغراب:

- إذن فأنت أبله أيضًا وليس مشاغبا فقط. اقتربْ!

وازددت ابتعادًا فاقتربت منه. وتراجعت حتى التصقت بالحائط:

- من أكبر؟ أنت أم إصبعك؟

- قلت وأنا أرتجف:

- أنا!

- تمن أكبر الباب أم الغرفة؟

- الغرفة.

- كيف تكون حيفا إذن أكبر من العالم وهي قرية صغيرة فيه من هذه الغرفة التي أنت فيها الآن أيها الفأر الصغير.

ونحن الأولاد. وشعرت بفهم مؤلم يجوس (يتجول) داخلي كما تجوس السكين وبتغير مُفاجئ في إحساسي بنفسي وبالأشياء كل شيء صار أكبر حقا هو بالنسبة لي. وبدأت أبكي:


*239*

فقرة 11

- تبكي أيضًا! إذا لم تكن فأرا فأنت صرصور حقًا لأنك أبلة ومزعج كالصراصير.

وظللت أبكي إلى أن فقدت المقدرة على التوقف وعبثًا حاول المعلم إسكادي. وبعد انتهاءِ الحصة حاول بعض الطلاب تعزيتي فشتموا المعلم شتمًا عنيفًا دون أن يعرفوا لماذا كنت أبكي!

أجواءُ النصِّ:

الولدُ الصغيرُ وفهمّهُ للمحيط الذي يعيشُ فيه مهنة التدريس دورُ المعلمِّ حياة الطلاّب والتلاميذِ وضرورةِ الصحبةِ واللقاءات.

أساليب التدريس القديمةِ وشخصية المعلمِ القاسية ما هو الوَطن البلدة أو المدينة ومعرفة شوارعها وأماكن خاصّة فيها حيفا عروس البحر.

أسئلة المضمون:

1. كيف بدأ الدرس؟ وأين تلاحظ مظهرا للعنف الكلامي في بداية الدرس؟ الفقرة (1) --

2. كيف تخيل الأولاد - على لسان الراوي - المدرسة؟ وما هي الصورة التي انكشفت لهم في اليوم الأول؟ الفقرة (1) --

3. ما هو أثر معرفة المعلم بأنه عصبي على أسلوب وعملية التعليم؟ الفقرة (2) --

4. ما هو محور الدلالة للسلاسل التي كان الأولاد يخترعونها لمباريات التفوق؟ الفقرة (4) --

5. ما هي عناصر ومركبات سلسلة حيفا؟ وما هي قيمتها في نفسية الأولاد؟ الفقرة (5) --

6. لماذا تجاوز زميل الراوي حيفا ليقول أن هنالك ما هو أكبر منها وهو العالم؟ الفقرة (6) --

7. ما هي نتائج هذا التجاور نفسيًا ولفظيًا؟ الفقرة (6) --

8. كيف أوجد المؤلف لمعلم الدين علاقة بموضوع حيفا المختلف عليه بين الزميلتين؟ الفقرتان (7-8) --

9. لماذا فرح الولد الراوي عندما سمع من معلم الدين أن الله خلق العالم في ستة


*240*

أيام؟ الفقرة (9) --

10. ما هو دور وادي النسناس في القصة؟ إلى أي نتيجة وصل الحوار بين الراوي وأكرم في موضوع وادي النسناس؟ الفقرة (10) --

11. كيف تصف تفكير الراوي وتفكير المعلم بما يخص من اكبر وادي النسناس أم العالم؟ فقرة (10) --

12. ماذا وراء الجملة التي اختتم بها القصة: وظلت أبكي... دون أن يعرفوا لماذا كنت أبكي؟ فقرة (11) --

أسئلة الأسلوب:

1. صف أسلوب الكاتب في بداية القصة. --

2. ماذا يعني ذكر أسماء عينية حقيقية لأمكنة معروفة من حيفا؟ --

3 - يتخلل القصة تقاطع حوارية بارزة وطويلة أحيانًا ما هي الأساليب التي وردت فيها؟ --

4. استعن الكاتب أحيانا بعض صور التبادل الحسي. هات نموذجين على ذلك ووضح قيمتهما وجمالهما. انظر مثلا بداية الفقرة (8) --

5. استخرج بعض الكلمات أو التعابير الخشنة وغير التربوية وما هو غرض الكاتب من استعمالها.

6. كثر الاستفهام وبخاصة في أثناء الحوار بين كثلاثة أعراض وهات نماذج منه.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. أي صورة يعرضها قول الراوي وهو يقارن بين الشتائم في مدرسة الوحدة أو في شارع الاستقلال وبين ما سمعه في مدرسته الحالية؟ --

2. هل تجد علاقة بين أقول الراوي وصديقه: أنا فنجان أنا إبريق أنا طنجرة أنا برميل وموضوع حيفا الكبيرة - التي هي أكبر من العالم؟ الفقرتان (6-3) --

3. ما هي سلسلة مُباراة التفوق التي لم يستطع الطلاب اقتحامها؟ ولماذا حسب رأيك. --

4. كيف ترى قول الراوي: هذه الأشياء كانت كلها تحت مراقبتنا المستمرة وكنا


*241*

نراها تنمو على فترات متفاوته ولكن باستمرار؟ هل تشعر أن للمؤلف هنا تدخلا أو موقفًا؟ وضحِّ رأيك. --

5. لماذا - حسب رأيك - اختار المؤلف معلم الدين لعرض الفكرة؟ الأحداث في موضوع حيفا ولم يختر معلمًا آخر؟ --

6. هل حسب رأيك يوجد دور لعلم النفس وضرورة أن يتعلم المعلم هذا العلم لأداء رسالته بشكل جيد؟ --

7. هل ترى أن نهاية القصة وظللت أبكي... دون أن يعرفوا لماذا كنت أبكي يحقق عنوانها: انهيار؟ وضح واشرح الإجابة. --.

مصادر للتوسع:

1. مجمع القاسمى: موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطينى الحديث الأدب المحلي باقة الغربية 2012.

2. نبيه القاسم: من الهم الثقافى أراء ومواقف 1996.


*242*

إميل حبيبي (1921-1996)


*242*

ولد الكاتب والروائي والقصصي والسياسي والصحفي إميل حبيبي في حيفا عام 1921 م أكم دراسته الثانوية مُتنقلاً بينَ المدرسة الثانوية الحكومية في حيفا والثانوية الحكومية في عكا فكلية مار لوقا في حيفا.

اشتغل عاملا في بناء كاسر الأمواح في ميناء حيفا ثم في معامل التكرير ثم عمل مذيعًا في دار الإذاعة الفلسطينية ولكمنه قدّم استقالته بسبب التمييز السّياسي ضدهُ عمل بعدَ ذلك موظفًا في معسكراتِ الجيش البريطاني.

تتميز حياة إميل حبيبي بأنها مرتبطة بالحركة الشيوعية في الكنيست الإسرائيلي حيثُ كان عضوا في الكنيست من عام 1972-1952 م ثم قدم استقالته رغماً منه في التفرغ للأدب.

وكان رئيس تحرير جريدة الاتحاد وشغل منصب عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي الإسرائيلي.

ترجمت مؤلفاته إلى معظم اللغات العالمية وخاصةً: الإنجليزية والفرنسية والتشيكية والروسية والعبرية وغيرها. وتمتاز مؤلفاته السّردية بالواقعية والتعاطف مع أفراد الشعب البسطاء.

من مؤلفاته:

الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النّحس المتسائل (1974) سداسية الأيام الستة (1970) قصص. لكعٌ بن لكعٍ (1980) اخطيّة (1980) خرافياً سرايا بنت الغول (1991) وغيرها.

حصلّ على وسام القدس من منظمة التحرير الفلسطينية (1990 م) وحصل على جائزة إسرائيل في الأدب سنة (1992). وفي آخر حياته انشغلَ بإصدار مجلة (مشارف) الأدبية.


*243*

بوابة مندلباوم إميل حبيبي

فقرة 1

بل قُل يا سيدي إنها تنوي الخروج من هنا... صاح الشرطي الإسرائيلى الواقف مكتوف اليدين على بوابّة مندلباوم عندما أخبرته بأننا أتينا مع الوالدة التي تنوي الدخولّ إلى هناك بعد أن أذن لها بذلك وأشرت على الجهة الأردنية من البوابة.

فقرة 2

كنّا في آخر الشتاء والشمس تطلُّ على الربيع... وحين أبقى الحطام تُرابًا تغطى الترب بالخضرة وعلى اليمين حطام وعلى اليسار حطام. وأطفالُ استرسلت (استمرَّ تابعَ) شعورهم على سوالفهم (الشعر المجدل المتدلي من منطقة الأذنين) كانوا يمرحون بين الحطام (بقايا الشيء المكسّر) وبين الخضرة يثيرون الدهشة في نفس الأطفال الذين جاؤوا معنا يودعون جدتهم: صبيانٌ وذوو ضفائر كيف يكون هذا وفي الوسط ساحة رحبة من الإسفلت المعفَّر في قلب الناحية التي عرفناها باسم المُصرارة. ولهذه الساحة بابان باب هنا وباب هناك من الصفيح (صفائح رقائق من الحديد أو من الحجارة) المحشو بالحجارة والمَطلي بالكلس الأبيض كل باب يتَّسع لمرور سيارة خارجية أو داخلية.

فقرة 3

وأطلق الشرطى كلمة الخروج من بين أسنانه في غُنة أراد بها أن يلقنني درسا. فالخروج ويريد أن يقول: من الجنة هو الأمر الجلل (العظيم المُهم جداً) لا الدخول (إلى هناك) وعسكري الجمارك لم يشأ أن تفوتنا العبرة فقال لنا ونحن نتبادل قبلات الوداع مع الوالدة: (من يخرج من هنا لا يعود أبدا)!.

وأحسب أن مثلَ هذه الأفكار كان يلاحق الوالدة في أيامنا الأخيرة بيننا. فحين اجتمع الأهل والأصحاب في بيدها عشية السفر إلى القدس قالت: (لقد عشت حتى رأيت المعزين بي أم عيني وفي الصباح عندما نزلنا منحدر الزقاق

شرخ الكلمات:


*244*

فقرة 3

إلى السيارة التفت وراءها ولوحت بيدها لأشجار الزيتون ولشجرة المشمش الجافة ولعتبة الدار وتساءلت (عشرين سنة عشت هنا فكم من مرة طلعت هذا الزقاق ونزلته!

فقرة 4

ولما مرت بنا السيارة على المقابر وفي ضاحية المدينة هتفت تنادي الموتى من أقربائها ومن أقرانها وتودعَّ قبورهم كيف كن من حظي أن أدفن هنا؟ ومن سيضعُ الزهورَ على قبرِ ابنة ابني؟ عندما حجَّت إلى القدس في سنة 1940 قال لها عراف إنها ستموت في المدينة المقدسةِ فهل ستتحقق نبوءته في آخر الأمر.

فقرة 5

ولقد بلغت الخامسة والسبعين من عمرها ولمَّا تجرب ذلك الشعور الذي يقبض على حبة الكبد فيفتتها ذلك الشعور الذي يخلف فراغا روحيا وانقباضا (عكس الاستبشار والفرح والشعور بالحزن والاكتئاب وعدم الراحة) في الصدر كتأنيب الضمير (محاسبة النفس) الشعور شعور الحنين إلى الوطن. ولو سئلت عن معنى هذه الكلمة الوطن لاختلط الأمر عليها كما اختلط أحرف هذه الكلمة عليها حينما التقتها في كتاب الصلاة: أهو البيت إناء الغسيل وجرن الكبة الذي ورثته عن أبيها؟ (لقد ضحكوا عليها حينما أرادت أن تحملَ معها في سفرها إناء الغسيل العتيق هذا وأما جرن الكبة فلم تتجرأ على التفكير بحمله حقًا!) أو هو نداءٌ بائعة اللبن في الصباح على لبنها أو رنين جرس بائع الكاز أو سعال الزوج المصدور وليالي زفاف أولادها الذين خرجوا من هذه العتبة إلى بيت الزوجية واحدًا وراء الآخر وتركوها لوحدها!

فقرة 6

هذه العتبة عتبة الدار التي تُلقي عليها الآن آخرَ نظرةٍ لتنطق وتشهد كم من مرةٍ وقفتْ عليها تودعْ عُرسانها وتغني لهم وهي تشرق بدموعها جبتك من الهيش جلبوط (ولدتكَ صغيراً قبل الحيلة الهيش الشجر الكثيف جلبوط فرخ صغير) ما عليك الريش وعلّمتك الزقزقة والطير والتعشيش ومن بعد ما كبرت وصار عجناحك ريش طرت وراح تعبي عليك بخشيش


*245*

فقرة 7

ولو قيل لها إن هذا كله هو (الوطن) لما زيدت فهمًا. ولكنها الآن وهي تشرف على الأرض الحرام وتنتظر الإشارة لها بالتقدم خطوةً إلى الأمام تلتفت إلى ابنتها وتقولُ نفسي في جلسةٍ أخرى على تلك العتبة.

واخوها الكهل الذي جاءَ من القرية ليوّدعها كان يهز رأسه باستمرار وعلى وجههِ الألم والتعجُب هذا (الشيء) الغامض الذي تنتحب أخته لأنها تخلفه وراءها ولا تستطيع أن تحمله معها هو عزيز عليه وحبيبٌ.

وقال له جارُنا:

فقرة 8

- ولكن في نهاية الأمر ستوقع لهم على ورقة البيع فالقانون حقهم والتفت الشيخ القرويُّ نحوي وقال:

- اسمع يا خالي كنا مرة نحرس المقثاة (الأرض المزروعة بالبطيخ) أنا وأبي وأخي الأصغر وإذا برفٍّ من الحجل يهبط على الحقلِ فاستعجلَ أخي يحمل بندقية الصيد كأنه الرجل فغشي أبي من الضحك.

هل تذكر كيف كان يضحك جدك يا خالي؟ يا ولد صيد الحجل للرجال! ولكن صغيرنا كان عنيدا. فعاد إلينا بعد ساعة وفي يده يا للعجب طيرٌ من الحجل لا يزالُ على قيد الحياة. فذهلنا. وأما العفريت الصغير فكان يرقص وهو يتباهى بصيده. وصاح أبي: ولكننا لم نسمع صوت الطلقة! فأجاب الصيّاد الصغير لقد سحرتُ البندقية بابا... وحلفني بجدودي وبجدود جدودي لا أفشي السر أمام والدنا حتى أخبرني أنه رأى هذا الطير المسكين بين فكَّي قط كبير فظلَّ يركض وراء القط من علّيقة إلى علّيقة وبين أعواد الذرة حتى خلصته منه... هيه يا خالي هل ينتظرون مني أن أوقع على قسيمة بيع هذه الذكريات! وما أقصر باع قوانينهم.

إني أنصحك ألا تأتي بوابّة مندلبْماوم وفى صحبتك أطفال لا لأن البيوت المتهدمة والمُقفرة هنا تستدرجهم للبحثِ في داخلها عن (المصباح المَسحور)


*246*

فقرة 8

وعن (مَغارة علاء الدين). ولا لأن الشعور المسترسلة على السوالف تضع في أفواهِهم أسئلة استفزازية قد توقكَ في ورطة. بل لأن الشارعَ الذي يفضي إلى بوابه مندلباوم لا يخلو ولا للحظة واحدة من السيارات التي تقطعه بسرعة أوروبية إما قادمة (من هناك) وإما خارجة من هنا) وهي سيارات أمريكية أنيقة وراكبوها من الناس الأنيقين ذوي الياقات المنشاة (قبة القميص المرشوش عليها النّشا لتبدو صلبة مملوسة) أو القمصان الملونة أو البزات العسكرية التي خيطت لتصطبغ بقطرات الويسكي لا بقطرات الدم.

فقرة 9

هذه هي سيارات (رجال الهدنة) ولجان المراقبة وهيئة الأمم وسفراء الدُول العربية وقناصلها وحريمهم وطباخّي حريمهم وباراتهم وحسانهم وحسان حسانهم تقف برهة على بابِنا ليتبادل سائقها التحية مع شرطيّنا.

- من باب الذوق والتمدن - ثم تقطع (الأرض الحرام) حتى تقف برهة على (بابهم) ليتبادل سائقها التحية مع (شرطيهم).

وفي باب الذوق والتمدن وتبادل علب السجاير والنُكات وغيرها تقوم هنا منافسة إسرائيلية أردنية والعكس صحيح أيضًا.

فقرة 10

وهؤلاء لا يسري عليهم قانون الموت: من خرج منها لا يعود إليها ولا قانون الجنة: من دخلها لا يخرج منها فحضرة المُراقب يستطيع أن يتناول الطعام ظهرا في فندقِ (فلدلفيا) ومساءً في فندق (عدن) والابتسامة المهددة لا تفارقه في الغدو وفي الأرواح.

ولما أخذت أختي تتوسل إلى الجندي الواقف على (بابِنا) أن يأذن لها بتشييع والديها حتى الباب الأردني قال لها الجندي: (ممنوع يا سيدتي).

- ولكنني أرى هؤلاء الأجانب يدخلون ويخرجون كما لو كادوا في بيتهم وأعز!

- كلُّ من عليها يا سيدتي يستطيع الدخول والخروج غير هذين البابين إلا أهلَ البلاد يا سيدتي المحترمة...


*247*

فقرة 11

وقال الشرطي: (أرجوكم أن تبتعدوا عن الكرسي هذا طريق عالم شديد الازدحام) وقطع كلامه معنا ليتبادل مع راكبي سيارة قادمة هل هي خارجة أم داخلة حديثًا ضحكوا له وضحك لهم. وأما نحن فلم نفهم النكتة.

وقال عسكري الجمارك: لكل شيء نهاية حتى لساعة الوداع.

وخرجت من (بابِنا) نحو (بابِهم) امرأة عجوز تَدُب على عصاها وأخذت تقطع (الأرض الحرام) وهي تلتفت وراءها بيع اللحظة والأخرى وتلوّح بيدها وتسير إلى أمام. لماذا الآن والآن بالضبط نتذكر ابنها الذي مات قبل ثلاثين عاما حين سقط بين يديها من فوق المِتْخَتةِ (مقعَد صُفة يجلس عليها) ولماذا تشعر الآن الآن بالضبط بتأنيب الضمير؟

فقرة 12

وبرزَ من بين الحطام من الناحية المُقابلة عسكري فارغ الطول على رأسه كوفية وعقال استقبلَ المرأة العجوز (الداخلة) ووقف يتحدث معها وكانا ينظران إلى ناحيتنا.

وكنا هنا مع أطفالنا نلولح بأيدينا. وقد وقف أمامنا جندي فارغ الطول (طويل القامة ممشوقها) حاسرُ الرأس (مكشوف الرأس بلا غطاء عليه) وهو يتحدث معنا وكنا ننظرُ إلى ناحيتهم. وكان يقول لنا إنه من المستحيل التقدّم خطوة أخرى إلى أمام.

ولماذا؟ قال لنا: كأنما هي قد قطعت الآن وادي الموت الذي لا رجعة منه هذا هو واقع الحرب والحدود وبوابة مندلباوم. أرجوكم افسحوا مكانًا لمرورِ سيارة الأمم المتحدة! وفجأة انفلت من بيننا جسم صغير ينبض بالحياة ككرة قذفتها قدم لاعب ماهر صوب هدف الفريق الآخر وراح هذا الشيء الصغير يركض إلى أمام مخترقا ساحة (الأرض الحرام) ورأينا والدهشة تعقد ألسنتنا (لا نستطيع الكلام) طفلتي الصغيرة تركض نحو جدتها وهي تنادي: تيتا تيتا ها هي تخترق (الأرض الحرام) ها هي تصل إلى جدتها وتأخذها بينَ أحضانها!


*248*

فقرة 13

ومن بعيد رأينا صاحبه الكوفية والعقال يخفض رأسه نحو الأرض. وأنا نظري حاد فرأيته يفحص الأرض بقدمه والجندي الحاسر الرأس الذي كان معنا مكتوف اليدين على باب مكتبه فقد دخل إلى مكتبه. وأمّا عسكري الجمارك فقد كان مشغولا بتفتيش جنوده عن شيء يظهر أنه افتقده فجأةً.

أي أمر عجب حدث من الآن؟ طفله تقطع (وادي الموت الذي لا رجعة منه) وترجع منه وقد نقضت (واقع الحرب والحدود وبوابهة مندلباوم).

فقرة 14

فهي طفلة جاهلة لا تدرك الفرق بين العسكري الذي يلبس الكوفية والعسكري الحاسر الرأس. يا لها من طفلة ساذجة رأت أنها لم تنتقل عبر البحور إلى بلاد أخرى فتوهمت أنها لا تزال في بلادها. فلماذا لا تسرح ولا تمرح في بلادها؟

ورأت أنه على جانب يقف والدها وعلى الجانب الآخر تقف جدتها فلماذا لا تسرُح ولا تمرح بينهُما كما كانت تفعل كل يوم؟

خصوصا وأنها ترى سياراتٍ تروح وتجيء على (الأرض الحرام) تماما كما تفعل السيارات على الشارع قرب بيتِها. هنا يتكلمون العبرية وهناك يتكلمون العربية وهي أيضًا تظلم اللغتين: مع نينا ومع سوسو!

فقرة 15

ويظهر أن عسكري الجمارك يئس من التفتيش عن (الشيء المفقود) لكل شيء نهاية حتى للورطة... فقد توقف عن هذه العملية المضنية (المنهكة المُتعبة) فجأة كما ابتدأها.

ثم تنحنح ثم قالَ للجندي كأنما يبادله العزاء: (طفلة جاهلة).

- أرجوكم أيها السادة أن تبتعدوا عن الطريق لئلا يسقط طفل من أطفالكم بين عجلات السيارات التي تمر من هنا بسرعة كما ترون

أفهمت لماذا نصحتك ألا تأتي بوابة مندلباوم وفي صحبتك أطفال؟ إن منطقهم بسيط غير مركب.

ما أسلمه!


*249*

أجواءُ النصَّ:

الإنسان يقيدُ نفسه الوطن يشملُ ما يوجد فيه كل جهدٍ يبذلهُ الإنسان ويخلف أثراً يصبح بعض وجوده الوضع الفلسطينيِّ قبل حرب 67 الأطفال لا يعرفونَ الخوف ولا القوانين الظلمُ والتحكمُ بوابة مندلباوم ما هي؟

أسئلة المضمون:

1. ما هي الأوصاف التي ذكرها الكاتب للسّاحة التي يتواجد فيها؟ وما هو الشيء المستغرب فيها؟ الفقرة (2) --

2. كيف أبرز الكاتب حُب المكان الذي يعيش فيه الإنسان على لسان والدته؟ الفقرة (3) --

3. ذكر الكاتب القبور والموت فقرة (4) ما الذي حرَّك ذلك في خياله؟ --

4. صَّور الكاتب الوالدة بأنها أصبحت وحيدة بالتدريج اشرح كيف وصلت إلى جو الوحدة؟ الفقرة (5) --

5. كيف ربط المؤلف الوطن بالذكريات التي تمثل بعض تاريخ الشخص المواطن؟ الفقرة (8) --

6. ما هو السر الذي كشفه الأخ في صيدة الحجلة؟ الفقرة (8) --

7. ما الذي كان يتهدد الأرض حسب سياق النص وكيفَ تحدَّاه أخو الراوي؟ الفقرة (8) --

8. صف المُعاملة التي كان يعامل بها من قبل الشرطة الإسرائيلية كل من: رجالُ الهدنة ولجان المراقبة وهيئه الأمم وسفراء الدول الغربية وتوابعهم هات نماذج عينية لهذه المعاملة. الفقرتان (8) و (9) --

9. هات نموذجًا معاكسًا لهذه المعاملة (معاملة المواطنين في البوابة) واشرحْ مقصد المؤلف من ذلك. الفقرة (10) --

10. ما هو دور الطفلة وبين المنطق في عدم إزعاجها أو إعاقة تنقلها بين العَرب واليهود؟ الفقرة (14) --.

أسئلة الأسلوب:

1. يلاحظ أن بداية القصة كانت بعرض الحدث رأسا وبدون تمهيد. ماذا يميز هذا


*250*

الأسلوب؟ وما هي قيمته?

2. الكاتب يستعمل أحيانا أسلوب الفرح والتوضيح مثل ذلك. انظر مثلا الفقرة (1) --

3. كيف استعمل الكاتب الكنايات وما هو دورها في التأثير على القارئ؟ هات نموذجين على ذلك. انظر الفقرة (1) --

4. يعرض الكاتب الثورة وما يقابلها. هاتِ مثالين وبين حاجة النص لمثل هذا الأسلوب. --

5. من المعروف أن القصة كتبت بإيحاء سياسي أين تقع على تَعابير من قاموس الأجواء السياسية؟ هات بعض الأمثلة واشرحها. انظر مثلا فقرة (8) --.

اسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. لماذا أعطى الكاتب دورًا بارزا في بداية القصة للشرطي؟ --

2. يعتبر المؤلف أن موجودات الوطن جزء منه ما رأيك في ذلك؟ انظر الفقرة (5) --

3. لماذا توجد روابط شعورية للإنسان في بقعةٍ عاش فيها ويعز عليه أن يفارقها؟

ألا يستطيع الاستغناء عنها بغيرها؟ --

4. لماذا ذكر المؤلف طيرَ الحجز بالذات؟ هل يحمل ذلك رمزا حسب رأيك. اشرح الإجابة. --

5. لماذا حسب رأيك ذكر المؤلف الأولاد ذوي الشعور المسترسلة على السوالف.

انظر الفقرتين (2.8) --

6. هل ترى في استعمال المؤلف مصطلحي: قانون الموت وقانون الجنة نقدًا لمافيهم سياسية؟ وضح ذلك من ذلك؟ --

7. ماذا تعني كلمة (الداخلة) التي نسبت إلى العجوز التي قابلت العسكري فارغ الطول وعلى رأسه كوفية وعقال؟ --

8. لماذا حسب رأيك لم يعرف المؤلف العسكري الذي يقف بين الحُطام؟ بانتمائه لدولته وعرفه بالكوفية والعقال فقط؟ --

9. أي جندي تعني الكناية: الجندي فارغ الطول حاسر الرأس؟ ولماذا استعملها الكاتب؟ --.


*251*

مصادر للتوسِّع:

1. موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطيني الحديث 1 الادب المحلّي مجمع القاسمي للغة العربية وآدابها 2011.

2. شمعون بلاص: الأدب العربي في ظلّ الحرب ترجمة زكي درويش شفاعمرو:

دار المشرق 1984.

3. محمود غنايم: المدار الصّعب رحلة القصّة الفلسطينية في إسرائيل جامعة حيفا منشورات الكرمل وكفر قرع دار الهُدى 1995.

4. ياسين فاعور: السخرية في أدب إميل حبيبي سوسة تونس دار المعارف للطباعة والنشر 1993.


*252*

زكي درويش (1944)


*252*

زكي درويش: ولدَ سنة 1944 م في قرية البروة تعلّم في مدرسة دير الأسد الابتدائية وأنهى دراسته الثانوية فى كفر ياسيف حصلَ على الشهادة الجامعية الأولى من جامعة حيفا.

وكان يعمل في حقلِ التعليم وأصبح مُديرا لمدرسة (شعب) ويقيم في قريته الجديدة قرب عكا وهو شقيق الشاعر محمود درويش وعمل رئيسًا لتحرير مجلة الشرق (1970-1977).

امتازت كتاباته بالواقعية وكتب في مواضيع متعددة وكتب عن هموم الإنسان الفلسطيني والعربي وقضاياه الاجتماعية والسياسية والوطنية كما وتناول القضايا اليومية في المجتمع العربي في بلادنا.

منْ مؤلفاته:

شتاء الغُربة 1970 م الجسر والطوفان 1972 م الرجل الذي قتل العالم الكلابُ 1981 م الخروج من مرج بن عامر 1983 م الأدب العربي في ظل الحرب وغيرها.


*253*

زهورٌ بيضاءٌ بلون الثلج زكي درويش

فقرة 1

في أيامه الأخيرة - وقد بدت له طويلة - كان يعاني من ضعف في الذاكرة.

وحيدًا كان يحاول أن يتذكر الأصح أنه كان يحاول أن لا ينسى الأمور التي يجب عليه إنجازها قبل النوم (هل أطفأت الأنوار في جميع الحُجرات) كان المنزلُ يحتوي على حجرات تفوق احتياج الرجل الوحيد إلى جانبِ مُشكلة التنظيف والترتيب فهو لا يحتملُ فكرة إدخال امرأةٍ لتقوم بهذه الأعمال.

وصنبور (الحنفية) الغاز ومفاتيح الفرن هل أقفلتْ تماماً؟

حدث مرة أن نسي أخذ مفاتيح الفرن مفتوحًا ولحسن الحظ كان أصغرها فتسرب الغازُ وبفضل حاسة الشم الذي لم تتأثر كثيرًا بالشيخوخة نجا من الموت اختناقاً أو احتراقاً! (تُرى أيهما أصعب).

فقرة 2

يبدو أن فكرة الموتِ اختناقاً أقلُ رُعباً حيث يدخل المرءُ مرحلة الإغماء وفقدان الإحساس بالألم قبل أن يسلَّم روحه أما الاحتراق فمجرد التفكير به يرسمُ صورة يوم القيامةِ عذابُ جهنمَّ الذي ليسَ له نهايةٌ فهو احتراقٌ يتلوه احتراق هل أقفلت جميعَ النوافذ تبدو في الأفق غيومٌ تزحف من الشمالِ الغربي حيث كان يسكنُ المطرُ عادةً بطيئةً ولكنها ستصلُ تعدُ بمطر مِدرارٍ (المطر الغزير).

وهناك رائحة الأرضِ التي تزداد حدةً كلّما ازدادت الرطوبةُ والغسيل المنشورُ على الحبلِ لا بدّ من إدخالهِ قبلَ وُصولِ المطر.

فقرة 3

آخرَ مرة كان المطر أقوى منه تدفعهُ ريحٌ باردةٌ فابتلت الملابسُ المنشورة على الحبلِ وأصيبَ هو بنزلةِ بردٍ ألزمته الفراش أيّاماً وكانت فكرة البللَ تؤرقه دائِماً يخاف اليوم الذي سيضطرُ فيه إلى استعمالِ الحفّاظات كي لا يبللَّ الفراشُ سيعودُ في سنواته الأخيرةِ كما كان في سنواتهِ الأولى طِفلاً وحدثَ مرّةً أن


*254*

فقرة 3

أفاق من نومه فزعا على بوادر البلل ولكن قبل أن يتسرب إلى الفِراش فعانى من ذلك خجلا شديداً مع عليه أن هذا السر لن يصلَ إلى أحدٍ غيره فواظَب على إفراغ مثانته قبلَ أن يدخلَ الفِراش وتجنب تناول السوائلَ ساعاتٍ قبل النوم.

فقرة 4

على أن هذه الذاكرة تشتعلُ إذا كان الأمر يتعلق بأحد ابنيه فهو يستطيع أن يذكر أدق التفاصيل عنهما. هل صحيح أننا عندما ننجبُ أطفالا نكفُ عن كوننا نحن فنصير هم ولد الأول في ليلة ماطرة قال الناس بعد ذلك عن شتاء ذلك العام إنهم لم يشهدوا له مثيلاً لكنهم كانوا قد قالوا ذلك عدة مرات عن سنواتٍ سابقة ثم بعد ذلك عن سنواتٍ لاحقة.

وَوُلد الثاني في يوم قائظ (شديد الحَرّ) ورغم ذلك فقد كانا مُتشابهين في كل شيء وكان هذا التشابه يزداد كلّما تقدما في السن حتى يخُيل للناظر إليهما أنهما توأمان ولدا من بذرة واحدة. في تلك الليلة كان قد أعد كل شيء على أكملِ وجه بل خُيلَّ إليه أنه قد بالغ قليلاً لقد تذكر كل ما يحبُ ولداه وزوجاتهما أعد الطعام بيديه (وهي مقدرة يحق له أن يفاخر بها) ووضع مفارش جديدة على المائدة بيضاءَ ناصعة وملاعق وسكاكين وشوكًا وكؤوسًا (كؤوسا بلّورية ذات نقوش محفورة) تستعمل لأول مرة. كان الضوء يسقط من فوق المائدة على البلّور فيرسم نجومًا صغيرة تطير في فضاء الغُرفة مثل ملائكة صغيرة أنيقة تقلُّ وتزيد حسَب زاوية النظر مُتجهة دائمًا نحو السماء فتساءل (في نفسه طبعا) عن سر هذه المبالغة الليلة يبلغ التاسعة والسبعين فما هو الغريب في هذا الرقم؟ تسع سنواتٍ يغالب الوحدة فتغيبه ويغيبها. منذ أن رحلت زوجته (قبل تسع سنوات) يبتكر عاداته تجعلُ من الوحدة أمرا مألوفًا أو على الأقل مُحتملاً فلا يستطيع أن يسير فوقَ برنامج محدد (ذلك أن التكرار يستدعي الملل).

فقرة 5

لا مجال للشكوى! فقد عرض عليه كلٌ من ولديه أن يعيش مع أسرته ورحَّبتِ


*255*

فقرة 5

الزوجتان لكنه كان يدرك أن الأجر ليس بالسهولة التي يتصورونها ويعرف معنى أن يدخلَ الحمام ذاته في النهار والليل فيحتجزه لفترة طويلة ويعرف معنى أن ينام في أي وقت يشاء والشيخوخة تقرض نظام يقظة مختلفًا. والشخير والسعال الذي لا يلزم وقتًا محددا والذي يتفاقم في سكون الليل والوضوء وصلاة الفجر بصوتٍ مرتفع وما يتلوه من دعاء والناس نيام ويعرف متعة أن يفرغ غازات بطنه بحريه دون أن يلتفت حوله إن انتقاله سيفرض تحولات في سلوك الآخرين هم في غنى عنها. فبقدر ما لا يحب أن يحرجه الآخرون يمتنع عن فعل ذلك لغيره. فاكتفى بالزيارات المتبادلة المتكررة التي أخذت بالتباعد حتى اقتصرت على الأعياد والمُناسبات لديهم من الهموم ما يكفيهم ومشاكل الأبناء أعرفها جيدا كان الله في عونهم أما ليلة ميلاده فهي شيء مختلف لا يجور التخلف عنها. كانت في البداية تمرُّ بطريقه متواضعة ولكن بعد أن انتقد الابنان صارت شيئا آخر.

فقرة 6

الواقع لم يكن ممن يكترثون بهذه العادة في السابق أيام كانت زوجته تجعل منها طقساً لا تتنازل عنه. فتظهر فيه كل مزاياها وتجتمع كل خبرة السنين في ليلة واحدة.

كان يتأفف في البداية لكن أخيرا أقنع نفسه بأن ولديه كانا المقصودين أكثر بهذه الحفاوة ولكنه قدم على هذا الاقتناع بعد أن رَحلَت.

دقت الساعة تمام السابعة. لأمر ما بدت له الدقات اليوم مختلفة كأنها تفرغ من أعماق بئر سحيقة مبحوحة أطول من المُعتاد تترك كل دقةٍ صدى يتداخل في الدقة التاليه فيتكون من ذلك لحن حزين متواصل مخنوق أجراس وناياتٌ. المفروض أن يحضروا في الثامنة في تمامِ الثامنة وهي عادة استطاع أن يغرسها في من حوله منذ الصِغَر حتى إذا ما كبروا وجدوا فيها مزية يفتقر إليها أبناؤهم فانضموا إلى الجيل الذي يشكو الجيل الذي يتلوه كما هي العادة دائمًا.


*256*

فقرة 7

لم يشعر يوماً بالملل لقد استطاعَ أن يُعبئَ ساعاتِ النهار والليلِ تماماً فليسَ هنالك مكان للشكوى لم يتعلم عادةَ الجُلوسِ في المقاهي وهي كثيرةٌ وتغصُ بالعاطلينَ منذ ساعاتِ الصباحِ وهو لا يُجيد لعب الورقِ ولا طاولة الزهرِ ولا يحتملُ سُحبَ الدُخان الأزرق المنبعث من السجائرِ والنراجيل ولا يتخيل نفسه يشرب الشاي الثقيل والقهوة وسطَ الضجيج فليتناول القهوة طقسٌ خاصٌ وتناولُ الشاي له ساعاتٌ محددةٌ يقرأ صحف الصباح ويحب الروايات ذات النزعة الفلسفية التي تبعثُ على التفكيرِ يتجنبُ الروايات التي تحكي عن الموتِ يستمع إلى الأغنياتِ القديمةِ ولا يتجولَّ في أنحاءِ البيتِ إلاّ بكامل ثيابه يتحدث بالتليفون مع ولديه.

كانتِ المحادثاتِ في البداية تجري كل يوم تطول وتنظر إلى مواضيع مختلفة لكنها أخذت بالتناقص والقصر وانحصرت في السؤال عن أمور مُلحة برقيات مختزلة تفتقرُ إلى الحرارة والدفء.

فقرة 8

دقت السابعة والنصف. دقة واحدة... لم تكن طويلة لأنها لم تقترح بدقة أخرى قلبها بدت له مثل علامة سؤانل ذات ذيلٍ قصير ثم تلاشت تماما ورغم قصرها بدا الصمت بعدها أكثر وضوحا. في ساعات الوحدة - وهي طويلة طويلة - لم يستطع أن يمنع نفسه من التفكير وإن كان يحاول جيدا ما استطاع ألا يفعل ذلك - أصعب شيء - كان يقول - أو أصعب الأمراض هو مرض الشيخوخة.

كل شيء يهون إلا أن تصير حيائك عبئا عليك وعلى الآخرين ذلك أن الآخرين هم جحيم.

فقرة 9

إن متاعبَ تربية الصغار لا شيء أمامَ عذابِ العنايةِ بالكبارِ فمشاهدةِ الاجهزةِ الطبيةِ من كراسي عجلاتِ وعكازاتِ بأربعِ أرجلٍ كانت تبعثُ به إلى هاويةِ اليأسِ لذلكَ كان يتجنبُ قدرَ المُستطاع الزياراتِ التي تضعهُ أمامَ الضعفِ البشري في أشدِ صورهِ إيلاماً اللهمَ أمتني واقفاً كان يقول.

فقرة 10

ولأن اللونَ الأبيَض كان يُخفي معالمه فقد استبدلَ الأغطيةَ والمَفارشَ في


*257*

فقرة 10

السرير باللون السماوي الأزرق فقد قالت له حفيدته يومًا وقد دخلت إليه وهومضطجع في السرير إنها لم تشاهده في الفراش لأن لون بشرته وشعره الأبيض يشكلان امتدادا لونيًا مع الفِراش والمخدات. وتساءلَ في نفسه: هل كان لونه أبيض إلى هذا الحد أم ان الضوء الخافت قد بلبل حفيده؟ على أي حال لقد أصبح اللون الأبيض يثير فيه قلقًا لم يستطع أن يحدد دوافعه بدقة.

فقرة 11

أخذت دقات الثامنة بالتوالي وقبل أن تنتهي سمعَ صوت جرس الباب مما خفف حدة الحزن في دقات الساعة أو أن الجرس شغله عن متابعة تداخل دقات الساعة. اتجه نحو الباب بخطواته البطيئة. كان حريصًا على ألا يقوم بحركة متسرعة تكلفة عثرةً أو كسراً محتملاً في مثل سنه. فتح الباب كان بينه وبين القادم حاجز أبيض باقة من الزهور البيضاء الناصعة. ناوله القادم الزهور واختفى. كانت هناك بطاقةٌ صغيرةُ وهى أيضًا بيضاء اللون وعليها سطر واحد مكتوب باللون الأزرقِ:

آسف لم نستطع القُدوم كلُّ عامٍ وأنت بخيرٍ.

فقرة 12

لم يكن الخط أنيقاً كاتب السطر كتبه والبطاقة مثبتةٌ بطرفِ الورقةِ التي تضمُّ الزهور ليس هذا هو المهم لعلَّ المانعَ خيرٌ فكرَّ أن يتصلَ عن طريقِ التليفون لكن الدقة الثانيةِ على البابِ كانت أسرع منه فتحَ البابَ تكررَ هذا ثانيةً كلمحِ البَصَرِ بدقةٍ غريبةٍ حتى قبلَ أن يضعَ باقةَ الزهورِ من يدهِ هنالك ما يدعو إلى القلق! قالَ: ولأن جهازَ التليفونِ كان في حُجرةِ النومِ فقد وضَعَ باقَتَيِ الزُهورِ على السريرِ أدارَ قٌرص التليفونِ عدّةَ مرّاتٍ لا جوابَ لم يأتِ من الطَرفِ الآخرِ إلاّ تعبيرٌ واحدٌ وصلتم إلى... فكَّرَ: لو كان الأمرُ بهذا السوءِ لما كان لديهم الوقتُ لإرسالِ الزهورِ ثم انتبهَ إلى أن الزهورَ قد أرسلتْ من نفسِ المحلِّ! باتَ من الواضحِ أنهم لن يَحضروا.

فقرة 13

عليهِ الآنِ أن يفكرَ بطريقةٍ يقطع بها الليلَ الذي يبدو منذُ البدايةِ طويلاً طويلاً أحسَّ بشيءٍ هو خليطٌ من الأسى لكن ليسَ فيه شيءٌ من الغَضَبِ.


*258*

فقرة 13

كانَ هنالك فراغٌ يجولُ في رأسهِ وقف أمامَ الطاولةِ المائدةِ اكتشفَّ لأول مرّةٍ أنه يقف أمَام جُثثٍ كانت قبلض قليلٍ في منتهى الجمالِ هنالك فراخٌ محمرةٌ ميتةٌ طبعًا.. وهنالك أسماكٌ مقليةٌ مرتبةٌ ترتيباً جيّداً ذكرهُ ذلك كلهُ بصفوفِ الموتى في أكياسهم البلاستيكية البيضاءِ أو السوداءِ أثناءَ الكوارثِ ساعتان وأنا في بيتٍ لا يحوي إلا الجثثَّ كان لديهِ إحساسٌ أكيدٌ بأن ما حدثَ هذهِ الليلةِ سيحدثُ في السنواتِ التّاليةِ.

تذكرَّ زوجتَهُ كان في أشدِ الحاجةِ إليها امتلأ رأسهُ بزحامِ الذكرياتِ بترتيبِ منطقي منظمَّ أحّسن التنظيم شعرَ بالضعفِ – أعني الضعفِ الجسدٍّي – كان الضعفُ يصعدُ من القدمينِ بطيئاً بطيئاً لكنه يصعدُ باستمرارٍ كان يشعرُ بحاجةٍ إلى الجُلوسِ.

فقرة 14

اتجهَّ إلى غرفةِ النومِ جلسَ القُرفصاءِ على الفِراشِ الأزرقِ السّماويّ والّذي بدا له آنذاكَ أكثر زرقةٍ من كلِ يومٍ بتجاعيدهِ التي تذكرُّ بأمواجِ البحرِ تحتَ المصباحِ باهرِ الهدوءِ.

الضعفُ كان يصعدُ ببطءٍ ولكنه حتماً يصعدُ نظرَ إلى الهدوءِ البيضاءِ بلونِ الثلج. كانت تتجهُ كلها نحوَ الضُوءِ مرتبةٍ أنيقةٍ حزينةً باردةً جداً سحبَ واحدةً. شمها ليست بذاتِ رائحةٍ بدت له ميتةً أو في طريقها نحو الموت تناولَ واحدةً أخرى إلى جانبِ السريرِ كالن هناك درجٌ فتحَهَ تناولَ لفة خُيوطٍ كانت هي أيضاً بيضاء تناولَ زهورٍ ثالثةُ وزهرةٍ رابعةُ.

أخذَ يصلُ الزهورَ الواحدةِ بالاخرى انهمكَ في العَملِ الضعفُ لم يصلْ إلى اليدينِ بعدْ كان يستقرُ في الحوضِ ولكنه يصعدْ.

فقرة 15

أنهى الباقةَ الأولى بقيَ عليهِ نصفُ العملِ تناولَ زهرةً من الباقةِ الثانيةِ وصلَ الضعفُ إلى أسفلِ الصدرِ ألقى نظرةً على الزُهورِ فزِعَ على السّريرِ السماوي الأزرقِ كان يتشكلُ إكليلٌ مستديرٌ من الزهورِ البيضاءِ بلونِ الثلجِ أصواتٌ متداخلةٌ تأتي من بعيدٍ أجراسٌ عميقةٌ خيلَّ إليه أنها تاتي من


*259*

فقرة 15

وراء جبالٍ شامخة أو تهبطُ من سماء عالية على أجنحة حَمام أبيض. وضعَ آخر زهرةٍ في الإكليل.

نظرَ إلى الإكليل المُكتملِ عملٌ متقن وضغ يديه على السرير خلفَ ظهره مستندًا عليهما.

كان متعبًا لا بل هوالضعفُ قد وصَل إلى أعلى الصَدر ثم أخَذ بالانحدار نحو الذراعين. توقف شيءٌ عن الحَركةِ.

أغمَض عينيه شعرَ أنه يطير ويخترق شيئا أبيض لم يستطع تحديده تمامًا: هل كان ذلك ثلجًا؟ أم ريشًا؟ أم سَحابًا رقيقًا محمولاً على أجنحة ريح خفيفة خفيفة؟..

أجواء النصِّ:

الشيخوخة الجو العائلي الموتُ يخطر على بال المُسنِّ ارتباطُ الأحداثِ في مكانٍ واحد. خيبة الأمل مؤسساتُ المسنّين الملاجئ وبيوتُ العجزة رعاية المجتمع المتحضّر للمسنين.

أسئلة المضمون:

1. زودنا الكاتبِ في مطلع قصتهِ بمعلوماتٍ عن رَجُلٍ اذكر ما هو جسميُّ يتعلّق به وما هو مكاني يتعلق ببيتهِ؟ وما هو شخصيِّ يتعلقُ بفكرهِ وآرائه؟ الفقرة (1) --

2. لماذا عددَّ الكاتبُ نوعين من الموت: (اختناقا أو اختراقًا)؟ الفقرة (1) --

3. ما هي الأمور التي وردت على ذهن المُسن مع ظهور بوادر الأمطار؟ الفقرة (2) --

4. ما هي الأمور التي تسترجعها ذكرياته وحساباته الشخصية حين تخطُر على بالِه فكر البللِ؟ الفقرة (3) --

5. ما معنى السؤال الذي يطرحُه الكاتب بين قوسين: هل صحيح أننا عندما ننجبُ أطفالاً نكفُ عن كونِنا (نحن) فنصير (هم)؟ الفقرة (3) --

6. ما هو تأثير الوحدة على الشيخ؟ الفقرة (4) --

7. ما هي الأسبات التي صعبَّت استجابة المسِّن لطلِب ولدديه بالانتقال للعيِش في أسرة أحدهما؟ وهل هذهِ الأسبابُ مرتبطة بالشيخوخةِ حتمًا؟ الفقرة (5) --

8. كيفَ مهدَّ الكاتبُ لمفاجأةِ عدم حضور ولديه حفلَة عيد ميلادهِ؟ الفقرة (6) --

9. ما هي التصرفات والأعمال التي لم يكن متماثلاً مع غيره فيها؟ الفقرة (7) --

10. استمَّر الكاتبُ الألوانَ ما هي الألوان التي استثمرها؟ وما هي دلالائها في النصّ الفقرة (10) --

11. ما هي المفاجأة التي حدثت مع بطل القصة وهو في انتظار ولديه للاحتفالِ بعيد ميلاده؟ وكيف حاولَ معالجتها؟ الفقرة (11) --

12. ما هو دور (الضعف) في إنهاء القصة. الفقرتان (13) و (14).


*261*

أسئلة الأسلوب:

1. استخرج بعض الجملِ الاعتراضية وبين فائدتها في النصِّ. --

2. كيف استعمل الكاتبُ أسلوب التلميح وفي أي مكان في القصة؟ انظر الفقرة (3) --

3. استعمل الكاتب أسلوبي الاختزالي القصصى، وأسلوب التفصيل. أين تجد ذلك وما فائدة كلّ أسلوب؟ --

4. استعمل الكاتب أسلوي التمهيد للحدثِ الكبير في أكثر من موضع. اذكر واحدًا واشرحْ إلى أي الأحداث يمهد. انظر الفقرات 6، 8، 13. --

5. استعانَ الكاتب بالأصواتِ في التمهيد للأحداث. اشرح ذلك في موضعين. انظر الفقرات 10 11 12 --.

أسئلة الرأيْ والموقفِ والقِيم:

1. هلْ - حسْب رأيك - ينسحبُ هذا الوضع العائلي على كلّ شيخٍ في هذا الجيل؟

وضح الإجابة. --

2. ما الذي يحدد أسلوب الانتماء العائلي ويزرع المحبة بين أفراد العائلة حسبَ رأيك؟ --

3. هل ترى أن استمرار الحياة لشيخٍ متقادمٍ؟ في السّن لوحده معقولٌ وممكنٌ؟ اشرح الإجابة. --

4. أيّ تحولٍ نفسي - حسبَ رأيك - يمكن أن تلاحظ في قولِ الكاتب معلّقا على حفاوة زوجتِه بعيد ميلاده واعتبارها حفاوةً من أجلِ ولديه: (ولكنه ندم على هذا الاقتناع بعد أن رحَلَتْ)؟ --

5. هنالك من يقارنْ بين المسنّين والأطفالِ وكأن المسن رجعَ إلى عهد الطفولة. ما هي الأسبابُ التي أثارت هذه المقارنة؟ --

6. هلْ - حسبَ رأيكَ - كانَ مفعولُ خيبة الأملِ مقررّا في نهاية المُسن وضح ذلك؟ --.

مصادر للتوسِّع:

1. نبيه القاسم: الرجلُ الذي قتل العالَم لزكي درويش دراساتٌ في القصِة المحليّة


*262*

عكا مؤسسة الأسوار 1979.

2. محمّد صفّوري: جماليات القصّ عند زكي درويش قراءة في مجموعة ثلاثة أيّام العدوان 3 4 (2010-2011)

3. نبيه القاسم: قصص الجياد والجديد في إبداع زكي درويش القصّة الفلسطينية في مواجهة حزيران شفاعمرو دار المشرق 1989.


*263*

محمد علي طه (1941) م


*263*

قاصٍّ وروائي ومسرحي وكاتبُ مقالةٍ ساخرةٍ وكاتب بارز من كُتاب القصة القصيرة الفلسطينية المحلّية. وهو ابن (ميعار) في الجليل وتهدمت قريتُه في الحرب فلجأ مع أسرته إلى قرية كابول.

أنهى دراستُه الابتدائية في القرية والثانويةِ في فكر ياسيف عام 1960 م ودرس الأدب العربي والتاريح في جامعة حيفا وحصلَ على اللقب الجامعي الأول سنة 1976 م. عمل مدرسا للأدب العربي في الكليّة الأرثوذكسية العربية في حيفا لمدة 25 عامًا. انضَّم للعملِ السياسيِّ في صفوف الحزب الشيوعي في أواخر السبعينيات منَ القرنِ العشرين. وهو من مؤسسي اتْحاد الكُتاب العرب في اسرائيل.

في سنة 1987 م انتُخبَ رئيساً للإتحاد وفي العام 1991 م عمل محررًا ثقافيًا في صحيفة (الاتحاد) (1990-1982) وترأس تحرير مجلّة (الجديد) (1992-1990) وشغلَ منصب المحرر المسؤول لمجلة 48 التي صُدرت عن اتّحاد الكتاب العرب.

من أعماله:

لكي تشرق الشمس 1994 م سلامًا وتحية 1969 م جسر على القهر الحزين 1974 م عائد الميعاري يبيع المناقيش في تلِّ الزعتر 1978 م وردة لعينّي حفيظة 1983 م مناقيش.


*264*

النخلةِ المائلةِ محمّد علي طه

اِعلْم أن الله تعالى لما خلق آدم عليه السلام الذي هوأولّ جسم إنساني تكّوَن وجعله أصلا لوجود الأٌجسام الإنسانية وفضلت من خميرة طينته فضله خلَق منها النخلة فهي أخت لآدَم عليه السلام وهي لنا عمة وسمّاها الشرع عمّة وشبهَها بالمؤمنين ولها أسرار عجيبة دون أسرار النبات.

أرض الحقيقة - الفتوحات الملكية محيي الدين بن عربيّ.

فقرة 1

وأخيرًا أعود إليكَ يا مبروكة بعد غياب طويل. غياب قسريٌّ (إجباري غصْب). ملعون أبو الغياب وأبو الفُراق. ما أمرها! الشوقُ يقتلني.. وعلى كتفي محة أيوب (الإشارة إلى ما ابتلى به النبيّ أيّوب من أمراضٍ جسدية وفقدانِ أبناءِ أسرته). صبرت حتى عجزّ الصبر. اغتالوني وأنا أصب قهوة الصبح في الفنجان. قتلّوني مراتٍ عديدة. نهضتْ من بين جثثِ الموتى كما قاَم المسيح.

هي خطواتُ وسألقي جسدي المتعب على صدرك من مُحارب عائد من الوغى (في الأصل الأصوات في الحرب ثم صارتْ الحربُ نفسها) ليرتمي بين ذراعَّي أمه ذراعَّي زوجته!

قُبلاً سأقبذلكَ لم يعرفِ الحبُّ مثيلاً لها!

سوف تلسّع جسدك حرارة أنفاسي المتقدة. نارٌ مشتعلةٌ مند عقود. حرقتْ جسْدي وأضوته (أضعفْ وأنهكْ).

هل تحتاجين إلى لحظات أو دقائق لتتعرفي عليه؟ علّي على ما تبقى مني؟!

كانت الحربُ سِجالاً (الهجوم والتراجع). كرُّ وفرُّ.


*265*

فقرة 2

ذُقت حلاوةَ النضصر أكثرْ من مرّة وطعَمتْ (ذاقَ أكلَ) حنْظَل (نبات بذورهِ شديدةِ المرارة) الهزائم مرّات. وعلى الجسد يا مبروكةٌ نُدوب (آثار الجُروحِ في الجلدِ مفرده ندب) لا تحصى قد التأمتْ (الشفي). وفي الروح ندوبٍ عميقة ما زالَ ينكأها (أزالَ القشرةَ في الجلدِ فانفتحَ الجرحُ مجدداً) الزمان صباح مساءَ!

هل ستتعرفين على شعري الأسود الطويل الذي كانت الذي أمي تتمتع في تسريحه في أثناء زرقةِ الشمس؟

تركتْ أصابعْ الزمان على خصلاتِه بصماتٍ!

هنا مرَّ الإبهام. وهنا رجَّلَتهُ (رَجَّل الشعرِّ سرحَه) السبابة والإصبع الوسطى! وهنا حكَّ الخنصر والبنصرْ جلدة الرأس!

كاد الزمان يسير..

وكنتُ أعدو..

ما قعدتُ يومًا وما عرفتُ القعود!

مستنشقًا هواء الفجر المصمخِّ بعبير البرتقال ساعةً... ومنتشيًا ببرودةِ نسيم البحر المنعشِّ الذي مسحت وجهه الأسمرَّ وعنقه المتجعد مَشى!!

يقولون إن أيوبَ وصلَ إلى شاطئ البحر متحاملا على جسده الواهي الناحلِ (الجسم الضعيف الهزيلُ النَّحيل) المقروح (الذي به قروح وهي جروحٌ في الجلد) وألقى جسدة فيه وغاص لحظاتٍ فخرجَ سليمًا مُعافى..

جسدًا شابًا قوياً يتنشف بالنور!

كان يحاول أن يستنشق الهواء بشراهه لذيذة كأنه غير مصدق أن هذا الهواء له. هذا الهواء كله له.


*266*

فقرة 2

يعرف.. رائحة النسيم الذي تردى عليه.. يَعي شذا الأرض!

الهواء فوق تراب (البيَّاضة) بارد ومنعش في الصيف. ونسيم الصباح في (رباع الستَّ) يذكر الفتى بعطر امرأة شابة تمر بجواره.. يتضوع في الجو ويملأ الخياشيم ويحرك الشهواتِ النائمة. وأما هواء (المراح) فيحمل رائحة الأنعام.. الأبقار والماعز والأغنام.

ويغذُ الخطى.

فقرة 3

محمولاً على بساطِ من الشوقِ أعود إليك يا مبروكة. مرفوغ الصَّدر ذراعاي مثل جناحَيّ نسر

أسمعك. يا هلا. يا هَلا!

ويسيرُ.

نابشُا بليونة الفجر ذاكرته الفنية ليفتح خوخة للذكريات (الخوخة عبارة عن بابٍ صغيرٍ فتحة في بابٍ كبيرٍ) النائمة في أعماقها. يتذكر أسماء مواقع الأرض أسماء التلالِ والدروب والشِعاب (الطرق الملتويةِ بينَ الجبال) والسبل سائًلا عن رائحة الهواء فى هذه الهضبة فى سُويعات الصباح وعن نعومة النسيم فوق ذاك المنحنى.

قلب العاشق دليلُه.

مِنْ هُنا!

يلفظُها في سرهِ مكويةَ بالزفير.

فقرة 4

على هذا المنحنى كنا نعدُو مثل الحِملانِ ونطيرُ مثَل الفراشاتِ الملونةِ نتسابقُ وراءَ عُصفورٍ بُنيّ الذنبِ نتخاصمُ على وردةٍ برّيةِ شّذتْ بلونِها الليلّكي عن أترابها الحمراواتِ نعدو من زهرةٍ وراءَ طزيزٍ (نوع من الصراصيرالجُعل) من شُجيرة.


*267*

فقرة 4

القندول (شجرٌ شوكيّ) تفتحت أزهارها الذهبية وتمايشت مع شُعاع الشمسِ تراقصَ النسيم وقد لفَّ ذراعُه حولَ خاصرتها إلى شُجيرةِ بطم ضحكت ورائها للنهار وفاَح عطرها فى الفضاء. نتعثُر بعود يابس استراحَ على الأرض مُلتاعًا (مشتاق بحرارةِ) على الحياةِ.. بحجر خضبه التراب ولفعه العشبُ الطريُّ. ننهضُ ضاحكين. تسخر منا الفراشات يصفِّق الطزيز. يرتكز خطواتٍ. تتقافزُ الحشراتُ والهَوام (الحشراتُ التي تنتقلُ في الأرضِ دائماً) والطيورُ مذعورة. تصفق له أوراق العِشب. يلهثْ يتعبْ. يقف.

لقد كبرتَ يا يوسُف العلي وكبر الزمان معكَ ورسم على وجهَك خطًا بل خطيِّن. وبنى سخام التِبغ في صدرِكَ مَداميكَ سوداءَ مثلَ الغربة.

فقرة 5

ستون عامًا يربضون (يجثمُ يجلسُ بكليته) على كتفيكَ بما يحملون من الغربة والذُلِّ.. من الجوع والحرمان.. من المُطاردة والرحيل.. من التحدي والإحباط.. من الكُفر والإيمان من الفشل والنجاح.. من الخَطأ والصَواب!!

ما ضلَّ صاحبُك وما هَوَى!

يحفظ سفْرَ الخروح عن ظهر قلبٍ رواهُ يوسف العلي للرفاقِ على سفوح جبل الشيخ في الكهوفِ.

في ليالي الشتاءِ القارسِ يحكي عن آدمَ وحوّاء عن قابيل وهابيل القاتل والقتيل. الفردوس المفقود.

كان يروي السفَرَ واقِفاً.

وكان يحكي مستلقياً على ظهرهِ والبندقيةِ بجواره.

وكان يناُم وهو يقولُ ويقولُ...

يقولون له: كَفى يا يوسف العلِّي! ألا تملُ! ألا تضجر! إن كثرة الاستعمالات للكلمَة تُقلل قيمتها وتفقدها جمالها!


*268*

فقرة 5

ويرد قائلا: يقرأ المسلم سورة الفاتحة ثماني وعشرين مرة في اليوم فهل فقدت السورة بلاغتها وجعمالِها؟!

يرتشِف شايه الساخن مع رفاقِه في الفَجر وهو يحدثهم عن حلم قصير رآه في المَنام. حينما أسندتُ ظهري إلى مبروكة وأغمضتُ عيني في غفوة لذيذةٍ سمعتُ وحيا يقول: (وهزي إليك بجذع النخلة تساقطَ عليك رُطًبا جنيَّا)

لماذا تضحكون؟

ليست معجزة!

مبروكة تعرفني. تحبني. تنتظرني.

أنا يوسف العلي ذوالشَّعر الأسود والقميص المُزركش كنت أرقصُ حولكَ مع إخواتي السبعة.

نقفر ونغني.. ونرتمي عليك.

(مبروكة يا مبروكة يا عين أمّك وأبوك!!)

تضحكون؟

لا يهمني. قولوا ما شئتم! أنا.. أجل يوسف مبروكة! وهل في هذا عار؟ لا عارَ إلا العار.

والعار هو أن أنساها. ألا أحلم بها! ألا أتغنى بها..

قادمًا من ليلِ الغُربة الدامس ممتطيًا جوادا أصيلا من الشوق. في الصدرِ عشق وفي الذاكرةِ حكايا.

فقرة 6

كان أبي يسبحُ في لحظاتِ الوجدِ ويقول إن الله خلَق النخيل في الجنّة وفي دار الإسلام. ولم يختَر فاكهة سوى التمر لتتغدى بها سيدنا مريم حينما وضَعَت سيدنا عيسى عليه السلام. كانت شاهدة الميلاد ولباه وحليدبه!! والنخلُ ذات الأكمام. يا يوسف العلي. ليست كلُ ولادةٍ ولادة وليست كلُ قابلةٍ قابلة. كانت النخلةُ قابلة مريم ومن رُطبها تلبى وليدها!


*269*

فقرة 6

مبروكة يا مبروكة.

يا عين أمك وأبوك

بالدم زرعناك

وبالدمّع سقيناك

وأجا الغُربا سرقوك

لو كنتَ معي يا أبي الآن!

لو تكحلتء عيناك بنور الأرض الخضراء. بزهر القندول. بشقائق النعمان. بورق الشجر الطالِع مُبتسمًا من البراعم.

لو مشيتُ على سجادة خضراة نسجها مبدعٌ قديرٌ وزركشها بالاقحوان والنرجس والبرقوق وعصا الراعي ولفة سيدي وإبرة ستّي وعين البقرة وعزف الديك.. تهمسُ لك: يا هلا يا علّي.

ولكنك رحتَّ متْ.

فقرة 7

ضيعني أبي صغيرا وحملني الهم صغيرا!

اسمعها.. أسمعها تناديني. صوتها الرحيم يقول لي: تعالَ أنا ما زلت على العهد الحارة والزقاق. البيت والمدرسة. الحاكورة والبئر. دون الّملايات السورُ والياسمية المتعمشقة على حجارتِه العتيعة. البوابة وحذوة الفرس والخرزة الزرقاء. الخوخة القنطرة..

تعالَ.. تعالَ..

يا طيورًا طايره!

يا وحوشًا غايره!

سلمِّوا لي عَ يوسف العلي

وقولوا له:

تعالّ شوف مبروكة

كيف صايره!


*270*

فقرة 7

غير مصدق ما ترى عيناه.

لا يعي ما تسمع أذُناه.

واقفًا مشدوها.

أين؟

يُتمتمُ ويردد

تخرج الكلمات من شفتيه الناشفتين.

أين؟ أين؟

البيوت. الرقاق. الناس. القنطرة. الخوخَة. الياسمينة.

هل لجأوا معنا؟

هل انشقَّت الأرض وبلعتهُم؟

أين آثار خُطاي التي شاهدتها في أحلامي الورديةِ؟

أين الأمل الضاحِك؟

فقرة 8

ماذا بقِيَ من الوطن؟

أين عصافير الدُوري التي كانت تقفز حولي في ساحة البيت؟

أين ساحة البيت؟

أين البينتِ؟

ويحدق بعينيه المُتعبتينِّ..

ويجدُ مبروكة.

الشاهد الوحيد. لا شيء سواها!

يعرفُها يسير إليها. يمشي. يهرول. يقفزُ يعدو.

وأخيرًا أعدو إليك يا مبروكة. يا عشيرة الطفولة. يا وفية يا من حافَظت على العَهدِ!!

أتذكريني؟ أتذكرين أترابي وإخوتي ونحنُ ندور حولكَ نرقصُ ونغّني نلهُو

نرتمي على جذعك.


*271*

فقرة 8

مُحدقًا في جذعها العتبق باحثًا عن بصمات أصابعه وآثار قدميه الصغيرتين حينما كان يتسلق عليها.

مبروكة الباسقة ذات الجذع الطويل العالي.

مبروكة التي مات أبوه وهو يحكي عنها. لا تنبت مبروكة إلا في بلاد المسلمين والجنة.

يعانقها.

تخزهُ أضلاعها الجافَّة.

فقرة 9

ويتذكر فاطمة فاطمة الحلوة فاطمةَ الزهراءَ. بنتُ الجيران. كان يكتب لها الرسائل القصيرة ويدسها فى جذع مبروكة لتأخذها حينما تأتي لتملأ جرتها من بئر الماء.

فاطمة اليانعة.. الخضراء. جفت مثل عود يابس.

فاطمة التي دفنتها الطائرات في مُخيم (عين الحُلوة) تحث أنقاضَ البيوتِ! الطينية.

باحثًا في جذع مبروكة عن فاطمة.

عن ورقةٍ.

هل هي رسالته الأخيرة أم جوابها؟

وفيما هو يبحث تنبه إلى أن جذغ النخلةِ مائل مائل كثيرا. مبروكة ُمنحية مبروكة مائلة.

وتراجع خطواتٍ..

يا الله

حتى أنتِ يا مبروكة!

ما الذي حنى جذعكِ الباسق؟

الحنين؟

الغربة؟


*272*

فقرة 9

الزمانُ؟

قولي لي يا مبروكة. قولي لي!!

أود أن أسمعَّ صوتَك الذي سمعتُه في الليالي المعكورة.

أنا يوسف العلّي.

أنا الفَتى الذي كاد يقفزُ حولَ جذعك الباسقِ ويتسلقَ عليك؟

ما الذي حناكِ؟

هل انحنيتَ لتصمدي أمام الرياح؟ أم انحنيتْ لتشمي رائحة الأرض في الأرض؟

مبروكة يأ مبروكة

يا عين أمك وأبوك

لومي مش ع الزمن

لومي ع اللي راحو وهَجروك!!

أجواءُ النصَّ:

النخلةُ وموقعها في الإسلام ذكرياتُ الماضي وارتباط الإنسانِ بها والشوق لها الرّمز في الأدبِّ نخلةٌ على الجَدولِ للطيب صالح بلادُنا وأشجارها الرمزُّ الزيتون والتّين الفُكاهةِ في الادبِّ أسلوبٌ مَقبول وجميلٌ.

أسئلة المضمون:

1. تكررتْ في بداية القصة كلمات القَتل: (يَقُلُني) (اغتالوني) (اقتلوني)، (سأقتلك) (حرقتْ جسدي)، (الحربْ)، (الهزائم)، (المحارب)، (الوَغى)، لماذا احتاجها الكائن في هذا المقطع؟ المقطع (1) --

2. من الواضح أن المتحدث (الراوي) بسط وصفًا متصلاً لأوصافِ نفسية وأخرى جسمية له هاتِ نماذج منها ووضح أسبابَ عرضها. المقطعان (1. 2) --

3. ما دور الأصابع التي ذُكرتْ؟ أصابع مَنْ؟ وماذا عَمِلتْ؟ --


*273*

4. من الذي يتحدث قائلا: لقد كبرت يا يوسف العَلي وكبر الزمان معك؟ وما هدفهُ من هذا القول؟ المقطع (4) --

5. دار حوار بينه ويبن رفاقه ويبدو من الحوار أنه كان يكرر كلمات! بعينها ولم يستحسن رفاقة ذلك، كيفَ دافع عن نفسه محاولا إقناعهم بما يقول؟ المقطع (5) --

6. صف لحظات الشّوق التي سيطرت عليه بالتنسبة إلى مبروكة المقطع (5) --

7. ماذا استثمر من الشواهد المعروفة عن النخلة؟ وما هو هدفه من ذلك؟ انظر المقطعين (5) و (6) --

8. قارن بين حُب يوسف العلي وشوقِه للأرض (ولمبروكة) وذكرى والده المقطع (6) --

9. لماذا سيطرَ الأسى على يوسف العلي حين أصبحَ في الواقع وفي الوطن؟ وكيف حاول أن يخفف من ألم المناظر التي زالتْ منها معالم الطفولة والصّبا؟ المقطع (8) --

10. ماذا يعني قولهً مختمًا القصة ومخاطبا النخلة: لومي ع اللي راحوا وهجروك؟ --.

أسئلة الأسلوب:

1. ما هو أسلوب الاشرافِ في القصة؟ ولماذا فضّله الكاتب هُنا؟ --

2. كان الكاتب يوجز أحيانًا ويفصل أحيانًا أخرى وضح ذلك مُعتمدًا على النص ومبينًا قيمة ذلك في النص. --

3. ما هي الأصوات التي استثمرها الكاتب في النص؟ وما قيمتها ووظيفتها المضمونية؟ --

4 - هاب مثالين بما ورد في النص من استعارات ومثالَين من التشبيهات واشرحهما. --

5. استخرج بعض الجُمل أو التعابير المُلاصقة للغة الدارجة (اللهجة الفلسطينية). --

6. يمتاز أسلوب محمد علي طه بالطابع الفُكاهي هات بعض النماذح من النص ووضح فيما اذا كان المضمون قد اكتسب بعدا مُعينًا بذلك. --

7. ماذا يضيف أسلوب التذكير بأسماء حقيقية من البلاد؟ وإلالم يهدف الكاتب من ذلك؟ --

8. ماذا يعني تكرار كلمة مبروكة وعمَّن كنى بهذه الكلمة؟ --

9. ما قيمة أسلوب الوصف لعناصر الطبيعة ووصف تحركاته بينها؟ --


*274*

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما رأيكَ فيما ورد في عتبة النصّ من أن النخلة أختُّ الإنسان؟ وضِّح إجابتك. --

2. ما علاقة عتبة النص بمضمون القصة أو فكرتها حسب رأيك؟ --

3 - لماذا ذكر الشعر الأسود حسب رأيك؟ --

4. ماذا قصد المؤلف - حسب رأيك - من غرس أسطورة منسوبة به لأيوب في القصة؟

وهل ترى أنه يهدف إلى الاعتزاز بقيمة المكان الذي يشير إليه؟ وضح ذلك. --

5. ما رأيك بالاستعارة: سخام التبغ بنى في صدرك مداميكَ سوداء مثلَ الغربة ما هي المشاعر التي ترى أنها تنتاب المؤلف حين كتبَ هذا التعبير؟ --

6. يكثر الكاتب من استعمال مسمَّيات مكانية أو طبيعية ما هو هدفه حسب رأيك؟ --.

مصادر للتوسُّع:

1. مجمع القاسمى للغة العربية: موسوعة أبحاث ودراسات في الأدب العربي الحديث 1 الأدب المحلي 2011.

2. إبراهيم طه: قَص الأثر تأصيل التجربة القصية عند محمّد علي طه عكا مؤسسة الأسوار 2001.

3. نبيه القاسم: محمّد علي طه مُبدع راودته الكلمات وراودها كفر قرع دار الهدى 2007


*275*

محمّد نفاع (1940)


*275*

هو كاتب من أبرز كتاب القصة القصيرة الفلسطينية المحليّة ولد في قرية بيت جنّ الجليلية، تعلم المرحلة الابتدائية في القرية وأكملَ تحصيله الثانوي في مدرسة الرامة الثانوية درسَ في الجامعة العبرية في قسمي تاريخ الشرق الأوسط واللغة العربية. وعملَ في تدريس اللغة العربية في قريته وفي مدرسة عين الاسد. انضم إلى الشبيبة الشيوعية عام 1956 وتفرغ للعمل السياسي مند عام 1971 وانتخب سكرتيرا عامًا للشبيبة الشيوعية عام 1980 وانتخب أمينًا عامًا للحزب الشيوعي عام 1990 م ويشغلُ اليوم منصب الأمين العالم لحزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وهو المحرر المسؤول لصحيفة (الاتحاد).

بدأ الكتابة عام 1964 م وترجمت قصصه إلى الروسية والإنجليزية والعبرية والفرنسية والإسبانية، والآلمانية. يكتب المقالة السياسية في صحيفة (الاتحاد) وفي عدة صحفٍ عربيةٍ وعالميةٍ.

مؤلفاته:

الأصيلة (1975 م) ودية (1976)، ريح الشمال (1978)، كوشان (1980)، أنفاس الجليل (1998)، التفاحة النّهرية (2011).


*276*

مُختار السَّموعي محمد نفّاع

فقرة 1

عمّي علي ليس شقيقَ والدي بالضرورةِ ولا حتّى من أقاربنا لكنها عادة نقولها للكبار عمّي خالي سيدي، وينطبق ذلك على النساءِ.. لذلك اتكلَّ والدي على الله وعلى عمي علي وأرسلني معه.

كان علينا في البداية أن نطلبَ تصريحًا إلى السَّموعي (إحدى القُرى الفلسطينيَّة المهَّجرةِ في الجليل إلى الجنوبِ من مدينةِ صَفَد) وهذا ما فعلهُ عمي علي أما أنا فعُمْري دزينةُ سنواتٍ تحتَ العقلِ بلا بطاقة هوية كان هذا قبلَ عصر أطفالِ الحجارةِ والسجون المُخصصة للأطفال.

فقرة 2

- تصريحٌ يا خَواجا للسمّوعي قال عمي علي للموظف.

- كفار شمَّاي قال الموظف.

- للسموعي!! إي!!

- اسمُها كفْار شمّاي.

- تصريح للسمّوعي.. حَجزوا لنا هناك..

- قلنا اسمُها كفار شّما.. ي فش سموعي اليوم.

- يا عمي السمّو.. عيّ حد فراضة (إحدى القرى الفلسطينية المهجرة تقع إلى الغربِ من صفد)... ولوْ

- كيبوتس فُرود!

- فرّاضي... ولو!!

- كيبوتس كارْدوش!!

- فوق كَفر عنان يا خواجا.

- كفار حَنانْيا!! قالَ موظف الحاكِم العسكريّ.

انخبطتْ سِحنَةُ عمي علي المقلوبةِ أصلا. عمرهُ في حُدود السبعينَ ويحملُ عكّازًا عليه صورة حيةٍ تفتح شِدقها (جانب الفم مما تحت الخدّ) لَّلدغ. فسيدي أحمد ماهرٌ في هذا الكارِ ينقُشُ


*277*

فقرة 2

على عكاكيزِ الزعرور صور الحمَامِ والنسّور والأفاعي والأسود والنمور أمّا كيفَ تخيلَّ صورة الأسد فالعلم عند الله فالبقية من أهلِ البَلد.

فقرة 3

أعطى الحاكم العسكري تصريحا لكفار شمّاي وأخذَ عمي علي التصريح للسموعي.

ويجب ألا يقع خطَأ بينَ السموعيّ والسمّوع (بلدة فلسطينية تقعُ جنوبَ مدينةِ الخليل): الأولى عندَ بلادِ صَفد هُدمت فى النكبةِ والثانيةِ صوبَ الخليل احتلتْ في النكتسَة لكنها ضربت ضربة قاسيةً قبلَ النكسة. والقُربى بينَ البلدين هي القُربى بين النكبِة والنكسَة.

لا تزالُ بقايا الثلج عند عرق السناسلِ فسنواتٌ الخمسين جادَت بالمطر والثلج. وقام عمي عليّ بواجبه خير قيامٍ وهو يدلني على مواقع الأرض والجِبال وعيونُ الماء في الطريق.

البيوتُ مُكفَأةٌ (مقلوبة على وجهها) مهدمةٌ باردَةٌ. وعمّي عليّ يَئِنُّ (يتألّم بصوتٍ) ويعنُّ (تستعمل في المحكيّة الفلسطينية صوتٌ حزين يتشكّى بحُزن) وأحيانًا تخرج كلماتٌ مخنوقةٌ مُهَّدمَةٌ تارةً أحسبه يقرأ شيئًا منَ الدِين وأخرى كمَن يشتُم أحدًا مَا. عمَّوري أبو الشبا النبع زيتون دار كرّوم بُستان أمين درويش العين... مضافة دار... كان عمّي علّي قد فكَّ صُرَّة الزوادةِ (الصُّرة قطعة من القماش يلّف فيها الأكل السريع الخبز وتوابعه) وأخذَ رغيفًا مَلفوفًا وفعلتْ مثله لكنه لم يأكُلْ.

فقرة 4

- عمّي علّي أوّل مرّة بتيجي لهون بعد الهَجيج (المقصود الفِرار والرحيلُ الجماعي)؟

التفت إليَّ بحنقٍ ويا لهَولِ ما أرى: سِحنةً (صورة الوَجه ومنظره) سوداء غبراءَ (بلونِ الغُبار) مقلوبةً غاضِبَةً


*278*

فقرة 4

والدموع تفُّر من عيونٍ مُحمرةٍ. أرْجعَ رغيفَ الخبزِ إلى الزوادةِ كعا هو وقرصَتني مَوجةُ حُزنٍ عليه وسَكتنا.

- كُلْ عمّي كُلْ!!

قالَ بصوتٍ باكٍ فكأنه قال: رجع الرغيفَ لمطرحه يا ولد!! ففعلتُ. مع أن الجوعُ قد قرصَني قرصَة منكَرَةً وكنّا قد قطعنا مسافًة طويلةً.

كانَ سُكانُ السمّوعي الجُددُ قدِ احتجزوا عنزتين لنا ولعمّي علي فكهُما منَ الحَجزِ. سألنا واحدًا من السكانِ هناكَ فقالَ اسألوا المُختارَ. ويبدُو أن عمّي عليًّا قد تهيأَ جيدًا لزيارةِ المُختار فَدَلّنا على بيتِه. بيتٌ صغيرٌ بينَ أحراش الصنبور وهُنا وهُناك يكادُ يخنقُ الصنوبر من زحفِ السنْديانِ.

كشَّر عمي علي حينَ اقتربنا من بيتِ المُختار. لا مَرَابط خيلٍ ولا ناسٍ ولا مَضافة فدَّق البابَ بعكازهِ. خرجت امرأة في أواسط العُمر بذهولٍ وخيمت على وجهها موجاتٌ من الاستغراب. وهي تنظر إلى الحطَّةِ السوداء.

- وِين حضرة المُختار؟!

- سارِح مع المغزى وكأنها أنهَتْ ما عليها وهمَّت بإغلاقِ البابِ.

- وين؟! سارحْ؟!

هَتف عمّي عليّ من قحفِ رأسِهِ.

- أش ش ش.. الوَلَد نايم.

صُعقَ عمّي علّي من كل شيءٍ.

وأشارتْ لنا إلى مكانٍ قريب حيث يسرح المُختار مع المعزى وأغلقتْ البابَ الضيق بضيقٍ.

فقرة 5

(يَشْريني على هيك مُختار)!! ترنمَّ عمّي علّي بلحنٍ مَلعون فظيعٍ ظلَّ يردده بتنغيمٍ ممطوط (ممدود) عمّي عليّ مُتدَّين وتحت حطتِهِ السوداء عمامَةٌ مُجَعَلكةٌ


*279*

فقرة 5

بشكلِ مُهين ولذلك استبدلَ الخاءَ بالشين حتى لا تكون الكلمة كبيرةً ونابيةً فهذا غيرُ محللِّ أمّا (يشرينى) فهيَ دارجةٌ ومقبولة وتعطي نفس المَعنى، وهذا لعمركَ حسن تخليصٌ مهيبٍ.

يعطيكِ العافيةِ! قالَ عمّي علي للمُختار وقد رفعَ الكلفة تمامًا. والمُختار يلبس جزمة وعلى رأسه طاقيةٌ ملفوفَةٌ بشكلٍ غريب ومعهُ قضيبٌ غشيمٌ (غير مُشذَّب على طبيعتهِ) أينَ هو منَ عُكازة عمّي علي! وسحْنة عمّي علي تقول: (يشريني على هيك مُختار). وقد قضى على الكلفة تمامًا، وشرح له احتجازَ العَنزتينِ.

- نص ليرة على الواحدة. قالَ المُختار وهوَ من أصٍل يَمَنيٍ.

- نص ليرة على إيش يا حَ.. يا خَواجَا؟

- أكلوا الشجر نص ليرة.

فكيفَ لا يصعق عميّ عليّ ويطيرُ صوابُه!

وراحَ يكُّر بيانًا سياسيًا مهيبًا سمعتُ منه كلمات متنافرةً: العبد الصالح وأمين درويش. بيوتٌ مهدمةٌ مقطعين موصلين. بدَاديق أيام زمان بلاد عامِرة مَضافات مْلايات مثلَ السمّوعي. فّراضي كفر عنان، عين الزيتون (إحدى القُرى الفلسطينيةِ المهّجرةِ تقع إلى جنوبِ من صفد) وادي عامود، نور الله في مُلك الله أيام سُودا أيّام سودا...

فقرة 6

ودفعنا نص ليرة عن كلّ وحدة. وفي (مغارة الجُوق) تحت عكبرة وصفد استقبلَ القطيعُ العنزتين استقبال الأبطال وصارَ الشَّم والمُلامسة والحكحكُة ونظراتُ السؤالِ والعتاب والتساؤلِّ والمأمأة بين أفراد القطيع سيد المكان مع التهاني بسلامة العودة من الغُربَة والمغزى المتحررةِ تقدماً بيانًا عمّا جرى.

وعمّي علّي يكادُ يغصُ بالبكاءِ والغَضَب وعادَ إلى لازمته ضد المُختار اليَمَني دون تغيير في الحروف. ولأني أحب عمّي علي نطَقتُ مثلهُ وكذلكَ الراعي والعلمُ عند الله أن مأمأة القطيع كذلك في لمِّ الشمل هذا.


*280*

أجواءُ النصِّ:

الإنسان والوطن القرى المجرةِ تغيير الأسمِاء العربيةِ إلى عبرية الطباع المختلفةِ لدى الشعوبِ ذكرياتُ الماضي وما تُثيرهُ من أشجانٍ.

أسئلة المضمون:

1. ما هي العلاقة الاجتماعية التي تنكشف عنها بداية القصة؟ المقطع (1) --

2. ما هي أسماء القُرى الفلسطينية المهجرة التي جرى الحوار حولها وبأي أسماءٍ استبدلتْ؟ المقطع (2) --

3. ما هي الصفات التي ذكرها الكاتب للعِلم؟ وما مدى مساهمتها في إثراء النص؟ المقطع (2) --

4. عندما ذكر العَّم آثارا وأماكن بيدو أنه يعرفُها سابقًا انتابته مشاعر جياشةٌ منعته من أكل الرغيفِّ الذي تناوله من صُرة الزوادةِ كيفَ تُفسر ذلك؟ المقطع (2) (3) --

5. لماذا بكى العَّم؟ وما أسبابُ الحزن الذي ضربه؟ المقطع (4) --

6. اذكر الأمور التي يبدو أن العَّم لم يعتد عليها سابقًا في بيت المُختار؟ ولماذا تغيرت هذه الأمور؟ المقطع (4) --

7. ما هي عناصر الحياة النابضة في القرية والتي فصّلها العّم؟ ولماذا خطرت بباله الآن؟ المقطع (5) --

8. كيف أشركَ الكاتبُ قطيع الأغنام في صُنع أحداثِ القصّة وهدفها؟ المقطع (6) --.

أسئلة الأسلوب:

1. بدأت القصة بأسلوب الشرح والتوضيح وضح ذلك. واذكر هدف الكاتب من هذا الأسلوب؟ --

2. يستعمل الكاتب أسلوب السخرية والفُكاهة هان نموذجين وبين قيمتهما وأثرهما. --

3. هات نموذجين من اللغة المحكية واذكر ماذا يقابلهما بالفُصحى وما هي قيمتهما في النص؟ --


*281*

4. أين تجد أسلوب تشطية الكلماتِ (لفظ الكلمة بمقطعين يفصلُ بينهما أكثر من نقطة ولماذا استعمل الكاتب هذا الأسلوب؟ --

5. أين تقع على الاخْتزال القصصي في القصة ووضح من أي نقطة بدأ الكاتب وإلى أي نقطة وصل؟ --

6. أسلوب ذكر أسماءِ الأماكن وبكثرة ماذا يقصدُ منه؟ --.

أسئلةُ الرأي والموقف والقيم:

1. ماذا أراد الكاتب من الحوار الذي جرى بين العّم والموظف بالنسبة لاسمي القَريتين:

السّموعي والفراضة - حسب رأيك؟ --

2. لماذا - حسب رأيك - أجرى الكاتب الشرح والمقارنة بينَ قريتيي السمَّوعي والسَّموع بما يطلق عليه (الميتاقص)؟ --

3. ماذا قصَد الكاتب بالكلمات المخنلوقة والمهدَمة؟ --

4. هل تستطيع أن نقرأ ما يجوز في خاطِر العمّ ممّا جاء في النص وصفًا له:

تارةً أحسبهُ يقرأ شيئاً من الدّين وأخرى كمن يشتُّم أحدا؟ ما رأيكَ؟ كيفَ تترجم نفسيتُّه بناء على هذا؟ --.

مصادر للتَّوسع:

1. حبيب بولس: الرحلة الأولى مقالات في الأدب العربي الفلسطيني الحديث الناصرة، المطبعة الشعبية بيت الصداقة 1986.

2. محمود غنايم: المدار الصّعب، رحلة القصة الفلسطينية في إسرائيل حَيفا سلسلة منشورات الكرمل جامعة حيفا 1995.

3. نبيه القاسم: دراسات في القصّة المحلية عكّا الأسوار 1979.

4. المواكب: الكاتب محمَّد نفاع ملف تكريم خاص 5 / 6 أيار حزيران 2002.


*282*

سعيد حورانيّة (1929-1994)


*282*

ولد في دمشق عام 1929، وتعلَّم فيها، وتخرج مجازًا في الأدب العربي ثم نال دبلوم التربية وعملَ في التدريس في سورية ولبنان، ومكثَ فترة طويلة في موسكو من مطلع الستينيات حتى عام 1974 م، ثم عد إلى وطنه وعمِلَ في وزارة الققافة حتى وافته المنية 1994 م.

كتبَ القصة القصيرة وبرز فيها ملتزمًا بنهج الواقعية الاشتراكية بحكم التزامه بالماركسيةِ والحزب الشيوعي، إن غلبت على حياته مضاعفاتُ هذا الالتزام في عمله وإقامتشه المتنقلة وسفرهِ إلى الاتحاد السوفييتي آنذاك وعملَ فيه أكثر من عقدٍ من الزَّمن.

ومن مؤلفاته:

وفي النّاس المسرة - قصص - دمشق 1954 م سلامًا يا فرصوفيا - مقالات - دمشق 1957 م.

صياحُ الديكة - مسرحية - دمشق 1957 م سنتان وتحترق الغابة - قصص - بيروت 1964 المهجع رقم 6 - مسرحية - دمشق 1963 م، القطة التي تنزّهت على هواها - ترجمة - دمشق 1983


*283*

أخي رفيق سعيد حورانية

فقرة 1

كنتُ في العاشرةِ من عمري حينما جاءَتني أمي بثوبٍ جديد رماديَّ فيه بقع سوداءُ ولم يعجبني الثوب لأن جيبه كانتْ صغيرةً لا تتسع لبذر المشمش الذي ألعبُ فيه معَ رفاقي بالحرامِ والحلال والزوج والفرد. وكنت واقفًا أمام الدرج أبكي بحرقةٍ حينما جاء أخي رفيق يواسيني وكان شابًا في الخامسة عشرة يعجبني فيه أناقته وبريق شعره وكنت أقف ساعاتٍ أمام المرآةِ أحاول أن أقلّدهُ.. قال لي بصوتٍ حنون:

هلْ تريد أن تذهب معي يا سعيد؟

فقلت بعنادٍ:

- لا.

- طبب، اذهب والبس حذاءَك فإني سأذهب أنا وابن عمكّ عدنان وصيّاح إلى البرية.

ثم التفت حوله بحذر.

- لا تقل لأخيك خيري فإننا نريد أن نسبح.. وأحسست أصابعه تغرق في شعري، وتشدة برفقٍ.

- سأحملك على يدي اليُمنى وأسبح بك.. هلْ أنت شجاعٌ؟

- ارفع رأسكَ دائمًا وأنا أحملك وسترى كم السباحة هنيةٌ.

وأسرعت ألبس الصندل (نوعٌ من أحذية القدم لا يغطي كلَّ القدم والأصابع) العتيق الذي تقطعت أوصاله (أجزاءه) فإن رجلي - كما تقول أمي - تهري الحديد، وفجأة سمعت صوت أمي:

- أين أنت ذاهب؟


*284*

فقرة 1

- معَ أخي رفيق.

- لا.. لن تذهب إن أم تحسين الشيخة ستجيء اليوم وهي تريدُ أن تراك.

- لا أريد أن أراها إني أكرهُها.

فقطبتْ أمي جبينَها وقالت بغضبٍ:

- اخرس... إنها عملت لك حجابا لتقيكَ منن نزيف الدم الذي يلحُّ عليك... إنها مبروكة.

فبصقتُ بشدة فصفعتني أمي وهي تتعوذ بالله من هذا الجيل الذي هو أفجع على حد تعبيرها، وعند ذلك قعدتُ على الأرض الوسخة بثوبي الجديد، وأنا أبكي وأفحصُ البلاط بقدمي.

ونظر إليَّ أخي نظرة عطفٍ وهو يحمل بيده المؤونة ثم قال بهمس:

- اسكتْ.. سأحمل لك معي كثيرا من القرعون (المشمش الذي لمْ ينضج بعد).

ثم خرج وأمي تراقبني حتى لا ألحقه.

فقرة 2

وجاءت أم تحسين الشيخة وكانت كامدة (تغير لونها نتيجة الحزن) صراءَ تبدو كالشيطان فربتتَ (ضربت ضرباتٍ خفيفةٍ بباطن الكف) على كتفي برفق وشعرت بالاشمئزاز عندما مَّررت على خذي بيدها الخشنة التي تشبة ليف الحمام ثم رفعتني إلى حجرها وهي تتمتم ببضع كلماتٍ غامضة، فاستولتْ علي الرهبة، وأخذتُ أتابع حركة يدها، وهي تمر بها على أعضاء .جسدي وأنا ارتجف، وانتهتْ التكبيسة (تستعمل أيضاً التخريجة وهي ممارسة علاج نفسي بحيث تمرر المرأة يدها برفقٍ على جسدِ المريضِ مع قِراءة أمورٍ دينية أو تلاوة بعض الآيات القرآنية) بسلامٍ فهبطت وأنا أتنهد، ثم أخرجت من صدرها خرقة صغيرة مكومة، وقد ربط على جانبيها خيط أبيض ثخين فعلقته برفق على صدري وهي تدمدم وتقول لأمي:

- مبروك الحجاب يا أم توفيق.


*285*

فقرة 2

- الله يبارك فيك يا أم تحسين القهوة يا بنتْ..

فنظرت أم تحسين إلى الحجاب بطرف عينها ثم قالت بصوتٍ مبحوح:

- والله كلفني كثيرا هذا الحجاب لقد عذبني كثيرا الملك الأحمر حتى استطعت تخليصه منه.

- كل ما تريدينه حاضر يا أم تحسين... ولو... كم أم تحسين عندنا.

وفي اللحظة التالية عدوت نحو الباب ثم غبت في زحام السوق.

فقرة 3

واجتمعت برفاق لي في الطريق وأخذنا طريقنا إلى البرية.. إلى بستان يدعى (البحصة) وتسلقنا الدك (جسر خشبي) ثم قفزنا واحدا واحدا مجتازين النهر الصغير الذي ينساب وراء الذك وانزلقتُ رجلي وأنا أقفز فسقطت فيه، وتلطخ ثوبي الجديد بالوحل وتصورت الضرب المُبرح الذي سيستقبلني به أبي ولكن نظراتُ رفاقي الخبيثة جعلتني أرفع رأسي بكبرياء.

وامتلأت جيوبنا بالقرعون عندما سمعة صوتًا هائلا يصيح بنا فركضنا مذعورين وتركت الصندلَ على الأرض ثم تسلقتُ الدكَ بسرعة، فعلق طرف ثوبي بحجر ناتئ (بارز) فتمزق ولكني لم أبالي به، بل ركضتُ نحو البيت وأنا أتلفت وعندما لم أجد أحدا تنفستُ بارتياح، ونظرت إلى ثوبي ورجلي الحافيتين فدقَ قلبي بعنفٍ وفجأة سمعت صوتا لصديقٍ لي.

سعيد.. سعيد.

نعم

- لقد مات أخوك.. رفيق. فاندفعت أقول بغضب:

- اخرس بدون علْك (كناية عن كثرة الكلام).. أما مزحة باردة.. منذ ساعة كان معي.

- والله مات.. اختنق في بركة العرقسوس.. ألا تصدق؟


*286*

فقرة 3

- كل الدنيت عرفت امتلأت البركة بأمة الله وقد أخرجتهُ الإطفائية.

تركتهُ وسرتُ بسرعةٍ وكانت نظراتُ الناس لي قد أيدت الخبرَ وشعرت بشيءٍ غامضٍ مجهولٍ يقبضُ على قلبي مات أخي ما معنى مات وكان الناس جميعهم ينظرونَ إليَ بعطفٍ ورثاءٍ مما أثار فيَّ الإرتباكَ المشوب (المخلوط) بالزهو (الشعور بالكبرياء والتفاخر) وكنت أهمُّ إذا ما رأيتُ رجلاً لا يحفلُ بي أمسكه من تلابيبهِ وأقول له:

- أخي ماتَ اختنقَ في بركة العرقسوس.. والله مات أخرجته الإطفائية.

فقرة 4

وعندما اقتربت من البيب سمعتُ العويل فدنى قلبي واصفر وجهي ورجفت ركبتاي ورأيت جمعاً كبيرا من الأطفال حولَ البيب، فدفعتهم عني بعنفٍ متكبرٍ ثم دخلتُ المَناحة.

كانتِ الدار غاصةً بالنساءِ ورأيت أمي منفوشة الشعر وأنفها يلمع في وجهها المليء بالشمندري (بلون الشمندر نبات معروف يستخرج منه السكر) وتمسح به دموعها، وصرخات غريبة لم أفهم منها سوى أنها صرخة لوعة صادقة:

- يا ضيعة شبابك يا حبيبي.

- يا ليتني مت قبلك يا حبيبي.

- لتنظفئ عيوني ولا أراك هكذا.

وحينما تلفتُّ لا أرى حولي سوى وجوهٍ حمر وعيون دامعة وأكفُ تلطم الخدود فوقفت كأنني غريب وحرتُ في ما أفعل وفي اللحظة التالية لمحتني أمي ممزقَّ الملابسِ غارقاً في الوحل حا في الأقدام فأحسستُ بالذعرِ ولكنها لما قربت مني اشتدَ بكاؤها وهزتني بعنفٍ ثم ضمتني وهي تقول والدموع تقطع آهاتها:

فقرة 5

- لقدْ ماتَ أخوكَ يا حبيبي مات وذهبَ إلى الأبد.

- من قالَ لك؟


*287*

فقرة 5

وازدادت ضمتها عنقًا وشراسة، فرأيت الدموع تنسابُ من عيني بهدوءٍ وشعرتُ بدوار شديد وتمنيتُ أن أبقى على صدرها إلى الأبد

وشعرتُ أمي ببكائي فقالت بحنانٍ:

- لا تبك يا ولدي.. لا تبك يا حبيبي.. ثم تركتني ودحخلت إلى الصالونِ الكبير.

وغرقت في الجو حولي فبكيتُ طويلا دون أن أحسَّ بشيءٍ من الحزن. بكيتُ لأن أمي تبكي ولأن الجو حولي كله صراخٌ وبكاءٌ وعويلٌ وكنت أذهب إلى باب البيتِ الكبير فأرى الأولاد مجتمعينَ فيرمقونني بنظرة عطفٍ وإكبارس وتهيبٍ وهم يرونَ عيوني المحمرة ودموعي المُنسابة، ولكني لا أعبأ بهم بل أقطب جبيني ثم أصفقُ البابَ (أغلقه بشكل عنيف) في وجوهم.

وانتابني عطشٌ فذهبت إلى الفيحة (الحنفية باللهجة السورية) فرأيت منظرا عجيبا رأيتُ إحدى قريباتي بفنجانٍ فيه ماءٌ وأخذت تصب قطراتٍ في عينيها حتى تظهر وكأنهما تبكي حقاً فلّما رأتني نظرتْ إليَّ بذعرٍ ثم هربت فنظرتْ حولي بحذرٍ ثم فعلتُ مثلها ولم أكتفِ بذلك بل بللتُ يدي بريقي وصرتُ أفركُ عيني حتى احْمرتا تماماً فرجعت مزهواً إلى المناحةِ.

وسألتُ عن أمي فقالوا إنها في الصالون.

وفي الصالون كانت تستبقنيي رائحة نفاذة ورأيت في الصدر كومة بيضاء على السرير وقد انتفخَ وسطها، ونظرت إلى أبي الصامت وأمي الباكية وإخوتي المطرقين ثم اقتربت بهدوء فرفعت اللحاف الناصع عن رأس الكومة فبدا لي وجة أخي المرعب.. كانت عيناة مغلقتين ووجهه أصفر وقد تلبدّ شعره الجميل ولكنه كان لا يزالُ يبرق، وبرزت العرق من وراء بشرته الرقيقة، وفوق حاجبه الأيسر ضربة قد تجمد الدم فوقها، فأرجعت الغطاء وجلستْ وأنا مُطرقٌ.


*288*

فقرة 5

قال أخي عادل:

- لو أنه نزل البركة من الناحية الثانية.. لم ينتق إلا أعمق الأمكنة.

فقال أبي بصوت متهدج وهو يرفع يديه كمن يستسللم للقدر:

- منيتهُ يا ابني.. منيتهُ.. لا تقلْ من هذه الناحية أو تلكَ الناحية، عزرائيل قاده ولعب بعقله حتى أوقعه.. لقد كان ينتظره.

وتابعَ أخي عادل:

لقد أصيب بالصخرة فارتبك وكان قاع البركة مليئًا بالوحل فعلقت رجله فيه ولم يستطع التخلص لقد شدة أحد الفلاحين من شعره بدون جدوى.

فقال أخي خيري وهو يلثغ ويفركُ يديه:

- عندما أخرجه الإطفائي قلبَ رأسه للأرض.. وأقسم بالله خرجَ من بطنه ماء قد القِربة.

قال أبى ثانية بصوتٍ متهدج (صوتٌ مرتعشٌ بسبب التأثر من شيء):

- حكم الله ولا راد لقضائه (قلْ لن يصيبنا إلا ما كتبَ الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون)

- فقالت أمي مندفعة:

فقرة 6

- الله لا يأخذ إلا الطيبين الممتازين.

فقالَ أبي غاضبًا:

- لا يا أم توفيق استغفري ربك! اللهلم لا اعتراض على حكمك.

فتابعت أمي كأنها لم تسمع:

- نهلك بالولد ونعتني به ونضع له دم قلوبِنا ونفرش له ريف عيوبنا فإذا كبر وصار.. قصف الله عمره هذا ظلم.. هذا..

فقال أبي كمن يتضعضع:


*289*

فقرة 6

- صلّي عالنبي يا أم توفيق هذه حال الدنيا.. إن الله مع الصابرين.

قالت أمي وهي تعول وتنظر ناحية الفراش:

- يا ليتني أموت الآن وألحقك وأتخلص من الدنيا الملعونة هذه.

قال أخي الكبير:

- الآن هو في الجنة روحة ترفرف علينا أليس كذلك يا أبي؟

- نعم نعم.. هنيئا لة على هذه الميتة اليوم الجمعة ومات والتذكير يملأ الفضاء وبمثل هذه السن.. هو الآن عصفور بالجنة. اللهم احشرنا في زمرة المؤمنين.

ووقع نظري على برميل (البريكليم) وفكرت حالا انه بقي لي الآن لا ينازعني فيه منازع وكذلك كل أدوات الزينة التي كانت لأخي أصبحت لي الآن وبذلاته الفخمة سأصغرها وأفصلها جميعاً لي وشعرت بشيءٍ من الارتياح، لقد أدانني البارحة ليرة كاملة استأجرت بها دراجة، وذهبت بها حتى بكداش (اسم مكان معروف في مدشق لبيع البوظة) فأكلت كأسا من البوظة، وقد ذهبت هذه الليرة ولن يأخذها مني بعدَ الآن، وفكرتُ في المدرسة لا شك أنني لن أذهب إليها إلا بعد أسبوع، وسأتخلص مؤقتًا من الشيخ طالب وفلقته وعبدو أفندي ومسطرته وسأقضي هذه العطلة في البركة، فأذهب كل يوم لأنهب القرعون، ولن تنتبه إلي أمي وهي مشغولة الآن بموت أخي.

فقرة 7

وقطع علي تصوراتي صوتَ أمي وهي تسأل:

- هل نرعتَ منة الخاتم والساعة يا عادل.

- نعم يا أمي.

- وبذلته التي كان يلبسُها أينَ وضعتها؟

- في غرفته.

- سأضع كل أمتعته في خزانة خاصة لأشُّم فيها ريحته كل يوم.


*290*

فقرة 7

قالت ذلك وهي تضرب كفاً بكف وتتنهد.

فقال أبي كمن يهرب من حلم:

- توفيق

- نعم يا أبي.

- هل أعددتَ معدات الجنازة؟

- كل شيء جاهز.

- إذاً فلنقم.

فتعالى صوت أمي بالبكاء، وشاركها إخوتي، ولكن أبي زجرهم برفقٍ ودموعه تخذل جلده (صبره تحمله) المتكلف فخرج من الغرفة هاربًا وصوت البكاء يملأ البيت كعويل الشياطين في أرض شاسعة خالية.

فقرة 8

كان المساء قاتمًا مزعجا والتعب قد هد كياني فانسللت من (الصُبحية) لأنام، وكانت غرفتي ثاني غرفتين الأولى لأخي رفيق، والثانيه لي ولأخي الكبير وشعرت بالخوف وأنا أمر أمام غرفته وكان كل شيء بالغرفة مجللاً بالسواد وكل نتوء يزعجني فيخيل لي أنه رأس انسان.

ماذا لو قام الآن من وراء السرير فبحلق في وجهي لا شك أنني سأصرخ وسألقي نفسي من النافذة وتذكرت قصصا كثيرة لأموات يقومون، وتذكرت سحنته (هيأته) والجرح فوق حاجبيه فكان يصبيني الدوران فهربت من غرفتي، واسترعى نظري فورًا البذلة البنية التي كان يلبسها أخي رفيق اليوم، لقد وضعها أخي عادل هنا حثى تضعها أمي إلى الخزانة.

لاحظت الانتقاح في جيببها اليمنى، فمددت يدي في تهيب، فغرقت في القرعون)..

إذن لقد تذكرني أخي قبل أن يموت وها هو القرعون الذي وعدني به، وشعرت لأول مرة بحزن مبهم ورفعت رأسي وأنا أتصوره قد كبر حتى ملأ الغرفة.


*291*

فقرة 8

هل ماتَ حقا.. هل ذهب إلى الأبد.. ما هو الموت.. هل هو عصفور في الجنة الآن كما قالت أمي؟

فقرة 9

في مثلِ هذا الوقتِ من كل مساء كان يأتي إلى غرفتي فيدخَّن سيجارة وهو يتحدث مع أخي عادل فى السياسة والآدب والسينما والممثلات وأنا أجلس مبهورا أنظر إليه وإلى شعرهِ اللامع وقسماته النبيلة وأعبده بصمت.. وكان ينظر إلي فأحس بعينيه الجميلتين تغرقان وجهي في دغدغة ناعمة كشعر حسناةء وكان يسألني عن دروسي ويساعدني في حل مسائلِ الحساب وإعراب بيت القواعد الذي يعيدة علينا أستاذنا في كلِّ مناسبة:

أنا لتذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعتْ كلماتي من به صممٌ

ونظرت إلى الباب علي أرى وجهه الجميل وقامتة المهيبة وبشرتة الرقيقة التي تظهر عروقة من ورائها، وشعرت بهوة تحفر بين رجلي وبدوار غامض يهوي على رأسي بمطارق قوية ولكنها ناعمه.. لقد مات حقًا.. أخي العزير الحبيب ولن أراة إلى الأبد.. ولن يساعدني في حل مسائلِ الحساب وسأنظر دائمًا إلى أخي عادل وسينظر إليّ وسنطرق معًا وننظر إلى مكانه ويدُ أخي عادل ترتجف بسيجاربه ونصمت ثم ينتهي كلُ شيء. لأول مرة شعرت فجأة بحزنٍ شديد ففهمت بكاء أمي وإخوتي ولأول مرة أيضًا طمرت رأسي باللحاف وأخذت أبكي بصدقٍ وعنفٍ حتى انطفأت النجوم.

أجواء النص:

رعاية الأماكن العامة والأمن فيها. سلطة الأب أو الأم في العائلة، الاعتقادات الغيبية موضوع الحُجب في الإيمان الساذج. الاحتيال باسم الدين أو الغيبيات الموت، علاقات الأخوة.


*292*

أسئلة المضمون:

1. كيف جسد الكاتب روح الطفولة وأفكار الأطفالي في مطلع القصة؟ المقطع (1) --

2. لماذا رفضت الأم أن يذهب الراوي مع أخيه رفيق؟ المقطع (1) --

3. قارن بين تصرف الأم وتصرف رفيق مع الراوي وكيف تفسّر تصرف كل منهما على الشكلّ الذي تمَّ به؟ المقطع (1) --

4. صف إحساس وشعور الراوي وأم تحسين تضعه في حجرها وتتمتم. المقطع (2) --

5. هات بعض أحداث التمهيد للحدث المؤلم وهو غرق رفيق والتي حدثت مع سعيد المقطع (2) --

6. كيف فسر الراوي اهتمام الناس به على أثر موت أخيه في داخلِه؟ المقطع (3) --

7. ماذا فعلَّ الراوي حتى يظهر وكأنه مشاركٌ في الاجواءِ الحزينة؟ المقطع (5) --

8. قارن بين تقبُّل الأب للفاجعة وتقبل الأم بها. ووضح الإجابة وبين الفوارق وأسبابها. المقطع (6) --

9. ما هي دلالةُ (يوم الجمعة) الذي ذكر في النص على لسانِ الأم؟ المقطع (6) --

10. ما الفرق بين نظرة كل من الأم والأب والراوي لموت رفيق؟ المقطعان (6، 7) --

11. حلّل قول الراوي: (لأول مرة شعرت بحزن شديد... وأخذت أبكي بصدقٍ وعنف حتى انطفأت النجوم ووضح الحالة الإنسانية الشعورية واستيقاظها. المقطع (9) --.

أسئلة الأسلوب:

1. سيطر أسلون تتابع الأحداث بحسب حدوثها بحيث تستطيع أن ترتبها: الأول فالثاني فالثالث الخ ما هي قيمته في حبكة القصة؟ --

2. هاتِ مثالا عن الأساطير التي استثمرتها الشيخة أم تحسين وما هي مساهمته في أحداث القصة؟ --

3. لماذا طغى الأسلوب الخبري على جمل النص وتعابيره؟ --

4. ما هي الدلالات اللفظية على الإيمان بالقضاء والقدر التي وردت في النص؟ --

5. استعمل الكاتب أقوالاً وتعابير (دارجة على ألسنة الناس) هاتِ اثنين وبين سببَ


*293*

شيوعها على ألسنه الناس.

6. أين تجد أسلوب الحوار الذاتي؟ ولماذا كانت له ضرورة حين تجدة؟ --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. يقولون إن للطب الشعبي فوائد. ما رأيك في اللجوء إليه في بعض الحالات؟ وهل يوجد تفسير علمي لبعض نتائجه؟ --

2. وصف الراوي أم تحسين بالشيطان. ما رأيك في هذا الوصَف؟ --

3. لماذا وصف الكاتب أم تحسب الشيخة وهي تقراً شيئا بالتمتعة؟ ولماذا لم تفصح عن أقوال مسموعة - حسب رأيك؟ --

4. ما هو غرض الكاتب - حسب رأيك - من عرض واقعة الحجاب في القصة؟ المقطع (4) --

6. قال الراوي: المقطع (5) (وتمنيت أن أبقى على صدرها إلى الأبد) كيف تفسر شعور الأَّم المفاجئ له؟ وشعورة الجديد تجاهها؟ --

7. جاء على لسان الراوي المقطع (5) (بكيتُ لأن أمي تبكي). كيف تحللَّ هذا القول. --.

مصادر للتوسّع:

1. أديب عزّت وآخرون: تراجم أعضاء اتحاد الكتاب العرب في سوريا والوطن العربي دمشق 1995.

2. روبرت كامل اليسوعيّ: أعلام الأدب العربي المعاصر. سيرٌ وسير ذاتية مركز الدراسات للعالم العربي المعاصر جامعة القديس يوسف الشركة المتحدة للتوزيع، بيروت 1996.

3. مجلة الكفاح العربي - مقابلة أجريت مع المترجم له 10 فبراير 1986.


*294*

البابُ السابع الرّواية مقدمّة:

ذاكرة الجسد أحلام مستغامني

الطريق نجيب محفوظ

نهاية رجل شجاع حنا مينة

ظل الغيمة حنّا أبو حنا


*295*

الروايّة


*295*

الرواية شكل من أشكال القصة ذلك لأن القصة بمعناها العاّم تعني حكاية حدث أو أحداث تقوم بها شخصيات من البشر أو غير البشر سواء تعيَّن فيها الزمان والمكان أو كانا غير معلومين وللقصة عناصر عديدة تتكون منها وهي:

الشخصيات الأحداث الحبكة والوقائع، الحوار والوصف ولغة النص والزمان والمكان والمغزى والفِكرة. وبما أن القصة أصبحث تُحاكي الواقع المَعيش خصَّها نقّاد الأدب ومؤرخوه في انجلترا باسم الرواية Novel، وشاعَ هذا الاسم منذ النصف الأخير من القرن الثامن عشر والمقصود بمُحاكاة الواقع أن الأحداث أصبحت من ببن ما يجري على أرض الواقع وأن الأشخاص فى هذه الروايات من البشر الذين يعيشون بيننا وليسوا كائنات خرافية أو خيالية لا علاقة لها بدُنيا الواقع.

لم تظهر الرواية في أدبنا العربي إلا في أواخر القرن العشرين ومن الرواياب الرائدة رواية (زينَب) لمحمد حسين هِيكل (1888-1956) التي صدرت سنة 1913. ورواية (سارة) لعباس محمود العقاد (1889-1964) وإبراهيم الكاتِب لإبراهيم المازني (1889-1949).

حظي هذا الفن الأدبي بإقبال عدد كبير من الكتَّاب عليه، وبلغ الروائي المصري نجيب محفوظ (2006-1911) ذروة الإبداع فيه حتى حصل على جائزة (نوبل) فى الآداب عام 1988 ومن أشهر أعماله الثُلاثية بأجزائها الثلائة: بين القصرين وقصر الشّوق والسّكرية. عبرت مَسيرة الرواية العربية فتراتٍ من التطور والاكتمالِ الإبداعي فهي حتى فترة 1930-1640 كانت في مرحلة فترة بداية الحرب العالمية الثانية وبتأثير الحزب كانت الرواية في مرحلة الإبداع الفردي وبعد قيام الثورة المصرية عام 1952 جاءت مرحلة التحول والمحاولات الكبيرة إبداعا وتقليدا للروايات العالمية. وبعد عام 1967 وعلى يد الروائيين المصريين: نجيب محفوظ ويوسف إدريس بدأت مرحلة الإتقان والابداع بشكل كبير. ونشهدُ اليوم مرحلة التجديد ورواية الحداثة على يد أحلام مستغانمي وعلاءِ الأسواني واميلي نَصر الله وجمال الغيطاني وغيرهم.


*296*

أحلام مستغانمي (1953)


*296*

أحلام مستغانمي، كاتبة جزائرية من مواليد تونس. ترجع أصولها إلى مدينة قسطنطينة عاصمة الشرق الجزائري حيث ولد أبوها محمد الشريف أحد المشاركين البارزين في الثورة الجزائرية. عرف السجون الفرنسية بسبب مشاركته في مظاهرات 1945 عملت في الإذاعة الوطنية مما أتاح لها شهرة كشاعرة.

انتقلتْ إلى فرنسا في سبعينيات القرن الماضي، وتزوجت من صحفي لبناني. وفي الثمانينيات من القرن الماضي نالت شهادة الدكتوراه من جامعة السوربّون. تقطن حاليًا في بيروت. وهي حائزة على جائزة نجيب محفوظ للعام 1998 عن روايتها ذاكرة الجسد (1993) التي كتب حول تأليفها الكثير واتهموها بأن الرواية ليست من تأليفها بل من تأليف نزار قباني أو مالك حداد أو سعدي يوسف أو واسيني الأعرج ولكن التظهير الذي كتبه الشاعر نزار قباني للرواية أوحى بذلك. من مؤلفاتها: فوضى الحواس (1997)، عابر سرير (2003)، نسيان دوت كوم (2008). كتب أحد النقاد عن ذاكرة الجسد واصفًا إياها (بزلزال ثقافي).


*297*

ذاكرة الجسد أحلام مستغانمي

أجواءُ النَّص:

ثورة الجزائر البطولات والتضحيات من أجلِ الاستقلال الثقافة العامَّة أحداث فلسطين الشعر والكفاح فلسفة الحب. الفنُّ حضارة وثقافة الرسمُ أشهرُ الرسّامين المرأة بعضُ الوطن الفسادُ الإداري والتعدي على مصالحِ الوطنِ بعد تحقيقِ الاسْتقلال اللغة الشِّعرية في القصة دلالةُ اللهجاتِ المحكيةِ وأغراضها في الحِوار.

أسئلة المضمون:

1. من خلال استعراض الراوي خالد ذكريات معينةٍ مع المحبوبة تذكر التفاح وأعطاه اهتمامًا خاصاً ماذا أراد من هذا الشيء؟ الصفحتان (11-12). --

2. ما هي قيمة الوطن عند خالد وعنْ أي فترة يتحدث؟ الصفحات (22-24). --

3. عدد أنواع الشهداء كما ذكرها خالد وبينِّ ماذا كان يهدف من ذلك؟ ص (26). --

4. كيف تطورت العلاقة بين خالد وبينَ سي الطّاهر؟ ص (30) وما بعدها. --

5. قال خالد الراوي ص (53) (كنتِ تتأملينَ ذارعيّ الناقصة وأتأمل سواراً بيدك كان كلانا يحملُ ذاكرتهُ فوقة). وضح الذاكرتين بناء على ما ورد سابقًا. --

6. تتردد وتتكرر كلمتا (ها أنا) في ص (63) ما هي التضامين التي زودت هاتان الكلمتان بها النص؟ --

7. ما هي الأفكار التي ساورت خالدا عندما أخذ يراجع موضوع يده المقطوعة؟ ص (72) وما بعدها. --

8. ترددت في ص (99) وما بعدها مفردات الطبيعة القاسية كالزلازل والبراكين وغيرها، ما هي المساهمة المضمونية لها؟ --


*298*

9. ما هو تأثير تذكر خالد بصديقه الشهيد (سي الطاهر)؟ صف حساب النفس التي سيطر عليه للحظات. ص (101).

10. ما هو مفهوم ومعنى الكتابه في نظرها كما صورها خالد في ذكرياته؟ انظر ص (125) --.

11. كان خالد يربط ويمزج رموزًا وطنية بفتاته مثل الجِسْر قُسَنْطينة الثورة كيف تفسر ذلك انظر مثلا ص 116 وما بعدها. وانظر ص (141). --

12. لقد شبه خالد فتاته بدمية روسية، ما هي المعاني التي بعثها هذا التشبيه في حيايه؟ ص (141). --

13. هات بعض الصور التي عرضها خالد عن الرسامين ولماذا اعتبرتهم أهم المُبدعين؟ ص (143) --

14. حين تذكر صديقه زيادًا وضع تعريفًا للصداقة وشروطا. كيفَ فهم خالد الصداقة الحقيقية من وحي علاقة الصداقة مع زياد؟ ص (151)

15. في أي مناسبه وضمن أي أحداث عرض اسم الشاعر العراقي بدر شاكر السَّياب (161) --

16. ما هي الوظيفة المضمونية التي حققها ذكر الفيلسوف (نيتشة) الألماني؟ الصفحتان (186-185).

17. ما هي الأمور التي دار حولها لقاء خالد مع زياد الشاعر الفلسطيني الصفحات (195-198) وما هو موقُع زياد عند خالد؟ الصفحتان (204-203) --

18. ما هي مشاركة التدين عن طريق الصوم فى موضوع الحب لدى خالد كما يتخدها؟ ص (241). --

19. مات زياد وبقيت له حقيبة في بيت خالد ما هي الخواطر والمخاوف التي تملكتْ خالدا من الحقيبة؟ الصفحات (255-251). --

20. تقلّبت صفحات عديدة في ذاكرة خالد عندما جاء إلى قسنطينة للمُشاركة في احتفانل زواج (حياة). اذكر أهم الذكريات التي استرجعها عن جسر المدينة. راجع الصفحات (291) وما بعدها. --

21. (لو خلَّف هتلر ابنة في هذا العالم لكنتِ ابنته الشرعية) هذا ما قاله خالد ل (حياة) --


*299*

ما هي الأضواء اتتي يلقيها هذا القول عليها وما هو تعليقها عليه؟ ص (342). --

22. وجه خالد في حفلة عرس (حياة) نقدًا لاذعا لأشخاص حضروا الحفل وهو يعرفهم وهم يمثلون الآن صورا متعددة للفساد في المجتمع واستغلال مصالِحه لمصالحهم. هات نموذجين من هذه الشخصيات وبين الخيانة الوطنية التي قاما بها. ص (356) وما بعدها. --.

أسئلة الأسلوب:

1. تستعمل الكاتبة القصة العامية، ماذا يضيف هذا الشيء للرواية؟ --

2. ما هي عناصر الحوار الذاتي الذي يسيطر على مبنى الرواية؟ --

3. لماذا كان أسلوب الحوار المباشر قليلا في النص؟ --

4. يطغى على أسلوب الكاتبة المتانة اللغوية والفصاحة اللغوية وكذلك مواصفات اللغة الشعرية. هات نماذج من التشابيه والاستعارات، والكنايات ووضحها واقفًا على مساهمتها في تحسين التعبير عن الموضوع. انظر مثلا ص 36 وص 37. وص 102. --

5. يظهر في أسلوب الكاتبة الاقتباس من الفرنسية هات نموذجين وبين الغرض من ذلك. ص 22. --

6. استخرج من النص بعض التّناص Intertextuality وبين قيمته في تحقيق المضمون انظر ص 52 وص 62.

7. هات نماذج لتوظيح الأقول التراثية فى إبداع المضمون. انظر مثلاً ص 62 وص

63. --

8. تتعددُ الأسماء أحيانًا والمواضيع في نفس الصفحة. هات نموذجًا لذلك، وبين لماذا نتقبلُ به الذكريات من موضوع إلى غيره انظر مثلاً الصفحتين 192-193. --

9. بين الصور البلاغية الشاعرية التي وردت في ص 393 واشرحها. --.

أسئلة الراوي والموقف والقيم:

1. كيف ترى قول الكاتبة: (أجمع الأوراق المبعثرة أمامي... بعضها مسوداتٌ قديمة


*300*

وأخرج أوراق بيضاء تنتظر مند أيام بعض الكلمات فقط... كي تدب فيها الحياة وتتحولّ من ورق إلى أيام ما هو ايحاء كلماتها - حسبْ رأيك؟ ص 8. --

2. يذكرْ الراوي في ص 60 بعض الأضداد: ابنٌ للوطن وغريب حر ومقيدٌ سعيد وتعيس، رفضه الموت ورفضته الحياة، ما رأيكَ؟ كيف تُحلل ذلك؟ --

3. هل لنبوغ الراوي في فن الرسم تفسير علمي أم ذلك مجرد صدفة؟ اشرح معلوماتك ورأيكَ في هذا المجال. --

4. يقول خالد الراوي: (إن امرأة تعيش على (السندويتشات) هي امرأة تعاني من عجزٍ عاطفي ومن فائض في الأنانية ما رأيكَ في هذا القول؟ --

5. يكثر ذكر الجسور سواءً في تونس أو في فرنسا أو جسور مجازية: ما رأيكَ في ذلك؟ انظر مثلا ص 207 وص 208. --

6. يقول خالد في حوار مع (حياة) ص 277: (أنتْ لستِ امرأة، أنت، وطن) اشرح هذا القولُ وبين رأيكَ فيه. --

7. ما رأيكَ في قول خالد ص 302 (لقد تحولنا إلى أمة من النمل تبحث عن قوتِها وجحرٌ تختبئ فيه مع أولادها لا أكثر) وهلْ حسبْ رأيك ينطبق هذا على الأمة العربية عامةً؟ --.

مصادر للتوسعَّ:

1. رئيسة موسى كريزم: عالَم أحلام مستغانمي الروائي عمّان دار زهران للنشر والتوزيع 2011.

2. رائدة ياسين: تقنيات السرد لدى أحلام مستغانمي مواقف 50-51 2006..

3. عبد الله الغُذامي: المرأة واللغة، الدار البيضاء المركز الثقافي العربي 1996.


*301*

نجيب محفوظ (1911-2006)


*301*

روائي مصري حائز على جائزة نوبل في الأدب. ولد عام 1911، وتوفي في 30 آب من عام 2006.

بدأرحلته الأدبية مترجمًا وكاتبًا سنة 1932. قبل أن يتخرج سنة 1934 من جامعة القاهرة في الفلسفة، عمل موظفًا في إدارة الجامعة ثم عمل في وزارة الثقافة والتربية حتى تقاعده سنة 1971. تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها ثيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم. من أشهر أعماله: الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. يصف أدب محفوظ باعتباره أدبا واقعيًا، ومحفوظ أكثر أديب عربي حوّلت أعماله إلى السينما والتلفزيون. بدأ نجيب محفوظ الكتابة في منتصف الثلاثينيات وكان ينشر قصصه القصيرة فى مجلة الرسالة. في سنة 1939، نشر روايته الأولى (عبث الأقدار) التي تقدّم مفهومه عن الواقعية التاريخية. ثم نشر (كفاح طيبة) و (رادوبيس) وبدءاً من 1945 بدأ نجيب محفوظ خطّه الروائي الواقعي الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية (القاهرة الجديدة) ثم (خان الخليلي) و(زقاق المَدَق). وهو أول أديب عربي يحصل على جائزة نوبل للآداب سنة 1988. يقول المفكّر الناقد محمود أمين العالم عنه: (إن نجيب محفوظ أعظم من قدم تاريخ مصر واستطاع أن يكسر المعايير الخاصّة بالأدب العربي الذي يقاس عليه الأدب عامة وبذلك يصبح محفوظ قيمة إنسانية في معركة الحضارة الراهنة).


*302*

نجيب محفوظ الطريق

أجواء النص:

المثلُ الأعلى الأبوة أسلوب التربيةِ ونتائجهِ الكفاح في الحياة مزالق الحصولِ على المالِ بطرقٍ ملتوية الجَريمة من أجلِ المالِ الجريمةِ والعقاب حياة الخوف في ظلِّ ملاحقة القانون إذا لم يكنْ الله موجوداً فكل شيءٍ جائزٌ الندم ولاتَ حين منْدم.

اضاءات على المضمون:

1. على المقبرة والموقف مع بسيمة عمران قبل وفاتها.

2. بداية البحث - الفندق.

3. الطّبيب ثم الإعلان في الصّحافة.

4. صابر وإلهام.

5. كريمة - حكاية الرجل الذي أراد المُعاكسة.

6. والدُ إلهام.

7. أفكار وهواجس.

8. الجريمة.

9. القلق والاضطراب والاعتراف لإلهام ببعض الأمور.

10. التحقيق مع صابر.

11. في الفندق والحديث عن القاتل ولقاء إلهام.

12. صابر يحاور إلهام ومحمد السّاويَ.

13. زيارة كريمة في بيت أنها مفاجأة.

14. النهاية.

أسئلةُ المضمون:

1. ضمنْ الارتجاع الفني ما هي أهم الأمور التي استعرضت بين صابر ووالدته؟ ص (7) وما بعدها. --

2. ما هي الكلمة التي ترددتْ كثيراً في الصفحات 12، 13، 14، 16، وهل تعتبر بداية الطريق؟ --.


*303*

3. ما هي الخُطوة الأولى في البحثْ التي بدأها صابر الرّحيمي؟ ص 17 --

4. عدّد الشخصيات التي صادّفها صابر في الفندق وما هو دور كل منها مع صابر؟

ص (23) وما بعدها. --

5. ما هي الأفكار والأحداث - ضمن تيّار الوعي - التي راودته عندما خلا لوحده في غرفته في الفندق؟ الصفحتان (27، 28). --

6. وضحّ أبعاد زوجة خليل أبو النَّجا. الاجتماعية والنفسية، والجسمية كما تلمحها في النص (ص 31). --

7. ما هي الخطوة الجديدة في البحث التي قرر صابر اتْخاذها بعد فشله مع الطَّبيب باسم سيّد الرحيمي؟ ص (34). --

8. صف تدخل إلهام في موضوع صابر وهو يعطي معلومات لإحسان الطّنطاوي مسئول الإعلانات في الصحيفة. الصفحتان (36، 37). --

9. كيف حاولَ صابر التقرب من إلهام؟ وكيف وضع لمحاولاته حدودا؟ ص (38 - 41) --

10. (حقيقة أنك حمار). من قال هذه الجملة وما هي الأحداث المرتبطة بها؟ ص (52). --

11. ضمن تيار الوعي (الحوار الذاتي) ص (53). ما هي الأمور التي استعرضها صابر في مُخيلته؟ --

12. قارن بين موضوع والد صابر ووالد إلهام ما هو المُشابة وما هو المختلف؟ الفصل السادس. --

13. ما هي الأفكار التي خطرتْ لصابر وهو في حالة اليأس (من البحث)؟ الصفحتان (85، 86). --

14. (اليأس لا يدع لنا سبيلا ولا وقتًا للاختيار). من قالل هذا وفي أي مناسبة؟ اذكر تسلسل الأحداث) باختصار حتى هذا القول. انظر ص (90). --

15. ما هي خطوات الجريمة التي رسمتها كريمة لينفذها صابر؟ الصفحتان (91-92). --

16. ما هو السيناريو الذي رسمته كريمة لما بعد الجريمة؟ ص (96) --

17. (سيد الرّحيمي! وجرى وراء السيارة بأقصى سرعته ولكن المسافة الفاصلة بينهما اتسعتْ... وسرعان ما اختفتْ السيارة كيف تفسّر ظهور سيد الرحيمي لصابر في هذه اللحظة الحرجة؟ ص (102). --


*304*

18. صف الحِواز الذي جرى بينه وبين الهام بعد الجريمة، ولماذا اعترف لها ببعض الحقائق ومنها أنه يبحث عن والده وليس عن أخيه؟ الصفحات (110، 112) --

19. استخرْج من الفصل 12 الصفحات (115، 124) بعض الإشارات في أسئلة المحقق والتي وجهها إلى صابر بالذات! قد تسوق إلى اكتشاف الجريمة. وعلّق عليها.

الصفحات (133 138). --

20. ماذا يفهم من الحِوار الذي دار بي إلهام وبين صابر في الفصل الخامس عشر. --

21. ما هو سبب زيارة صابر لكريمة في بيت والدتها؟ وما هي نتيجتها؟ ص (148) وما بعدها. --

22. ما هي التفسيرات التي كتبتها الصحافة للجريمة التي ارتكبها صابر؟ اذكر تفسيرًا اجتماعيًا وآخر دينيًا وإلى أيهما تميل؟ ولماذا؟ الصفحتان (154، 155). --.

أسئلة الأسلوب:

1. الأسلوب الضبابي (يكتنفه الغموض). اشرح ذلك كما وردَ في الصفحتين 20-21

على لسان قارئ الكفّ وبين لماذا احتاجَ إلى هذا الاسلوب؟ --

2. هات مثالين لأسلوب (الاختزال القصصي) إهمال فترة أو فترات زمنية والانتقال إلى الحدث المُهم. (انظر التعريف). --

3. هات نموذجاً للحوار الذاتي أو ما يطلق عليه (تيار الوعي) وبينّ الحاجة التي استدعته. --

4. أسلوب توظيف الأحلام في القصص. اختْر أحد الأحلام في القصة وببن علاقته بالأحداث. --

5. الأسلوب الأدبي في التشبيهات والاختصارات والمجازات وغيرها. مثل لذلك من إحدى الصفحات. --

6. أسلوب توظيف العرّاف أو غناء الشحاذ. هاتِ مثالين من الرواية وبينِّ حاجة الأحداث لذلك. --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. جاء على لسان صابر ص (58) - ضمْن تيار الوعي: وقالَ إنه يشعر لأول بأنه يتحملّ أنْ يستغني عن أبيه. ما رأيك؟ وما موقفك من هذا الاحتمالِ)؟ --.


*305*

2. هل ترى ضرورة للحُلم الذي غرسه المؤلف في جسم الرواية؟ الصفحات: (58-60) --

3. لماذا - حسب رأيك – إستغنتْ إلهام عن أبيها ولا تريد البحث عنه؟ --

4. هل ترى أن ما ورد في خاطر صابر في حضرة إلهام مع إحسان الطّنطاوي (محرر الإعلانات) أنها لا تدري أنه هو المحتاج إلى الغائب، وليس العكس وأنه لا يحتاج إليه حبًا في الحرية، والكرامة، والسلام فحسب، وإنما خوفا من التّردي في الجريمة؟ هل ترى في هذا الخاطر الفكرة المركزية للرواية؟ علّل رأيك. --

5. هل يمكن أن نعتبر من ناحية فنية أن الرواية انتهت بعد الجريمة مباشرة، وأن عمل الاستخبارات والشرطة لا ضرورة له؟ وضح إجابتك. --

6. هل تتحقق قيمته: (العملُ الشريف تطهير للجسد والروح) من أحداث الرواية؟ علل إجابتك. --

7. في رواية: (الإخوة كرامازوف) للأديب الروسي (دستويفسكي) جاء على لسان أحد أبطاله في الرواية (إيفان كرامازوف) (إذا لم يكن الله موجودا فكل شيء إذن جائزٌ). هل تجد مشابهة لرؤية نجيب محفوظ في رواية الطريق مع هذا القَّول؟ وضح الإجابة. --.

مصادر للتوسّع:

1. فاضل الأسود: الرجل والقمة بحوث ودراسات الهيئة المصرية العامّة للكتاب، 1989.

2. رجاء النقاش: أدباء معاصرون، مكتبة الآنجلو المصردة، 1968.

3. علي الراعي، الرواية في الوطن العربي الصّقر العربي للإبداع، دار المستقبل العربي د ت.

4. سيّد حامد النسّاج: بانوراما الرواية العربية مكتبة غريب، رقم الإيداع 85 / 7147.

5. السيد أحمد فرح: أدب نجيب محفوظ واشكالية الشراع بين الإسلام والتغريب دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع1410 ه-1990 م.


*306*

حنا مينة (1924)


*306*

روائي سوري ولد في مدينة اللاذقية عام 1924. ساهم في تأسيس رابطة الكتّاب السوريين واتحاد الكتاب العرب. يُعدّ حنا مينة أحد كبار كتَّاب الرواية العربية. وتتميز رواياته بالواقعية. من أهم مؤلفاته البحر. عاش حنّا طفولته في إحدى قرى لواء الإسكندرون على الساحل السّوري وفي عام 1939 عاد مع عائلته إلى مدينة اللاذقية وهي عشقه وملهمته بجبالها وبحرها. كافح كثيرا في بداية حياته وعمل حلاقًا وحمالاً في ميناء اللآذقية ثم بحًارا على السفن والمراكب. اشتغل في مهن كثيرة أخرى منها ممسح دراجات، ومربي أطفال في بيت سيد غني إلى عامل في صيدلية إلى صحفي أحيانًا ثم كاتب مسلسلات إذاعية للإذاعة السورية باللغة العامية إلى مؤلف في الحكومة، إلى روائي. لقب بسندباد المحبرة. من مؤلفاته: المصابيح الزرق، الشراع والعاصفة، الياطر الأبنوسة البيضاء حكاية بحّار نهاية رجل شجاع، الشمس في يوم غائم بقايا صور المستنقع القطاف. أما رواية (نهاية رجل شجاع) فهي في جزأين (أسماك القرش والظهر إلى الجدار حظيت بأهمية تمثيلية رائدة في التلفزيون.

توفي حنا مينة عام 2018.


*307*

نهاية رجل شجاع حنا مينة

أجواءُ النصِّ:

العائلة العربية سلطة الجيل القديم ديكتاتورية الأب وخشونة التعامل مع أفراد الأسرة شيطنة الأولاد المدرسة سجنٌ والمعلم حاكم فيها هل ذلك وضعٌ تربوي حضاري وعورة الحياة في الأماكن العامة السجن الاستعمار الفرنسي الأجواءُ الصعبة والعنفُ في الميناء التزاحمُ على مصادرِ الرزق محاولاتٌ لتنظيمِ العاملين النقابات الشذوذُ الجنسي والدعارة.

اضاءات على المضمون:

1. ذيل الحمار.

2. المدرسة والبيت.

3. بعد المدرسة.

4. المخبز.

5. المعركة الأولى - مع الفرنسيين.

6. التعرف على لبيبا.

7. السرقة من السفينة.

8. دور الزلقوط.

9. موضوع النقابة.

10. الميناء.

11. العمل في الميناء.

12. إلى المعلم العجوز.

13. العمل على الباخرة الإيطالية. عودة لبيبة.

14. حضور برهوم.

15. مع حسن الوحش.

16. المعركة مع البطحيش ورجاله.

17. النهاية على يد العدو: مرض السكر.

18. عودة إبراهيم الشنكل.

19. البحارة والصيادون ومفيد بيع المهربات


*308*

أسئلة المضمون:

1. ما هي نتائج موضوع (ذنب الحمار)؟ وهل انتهت هذه الحكاية بعد انزال العقوبة بالولد؟ ص 10 --

2. صف حديث مفيد عن حياته العائلية، وماذا يترتب عليها. ص 16 --

3. كيف كانت علاقة مفيد بالمعلم؟ ص 20 --

4. لخص مظاهر العنف التي مورست في البيت وفي المجتمع وفي المدرسة. ص 22 --

5. ما هو رأي الأم في أسلوب الأب في الترببة؟ وضح. ص 29 –

6. ضمن تيار الوعي (الحوار الذاتي) كيف وجه مفيد سهام نقده إلى الناس؟ وكيف أقنع نفسه أن يكون قويا؟ الصفحتان (38-39). --

7. هل مفيد مقتنع بما يفكر به بناء على الظروف التي يمر بها؟ وكيف يفهم حقيقة نفسه. الصفحتان (48-49). --

8. ما هي المشاكل التي خطرت على باله بعد أن أفرغ حمولة السيارة من الطحين والاستحمام في البحر؟ ولماذا فكر فيها في هذا الوقت؟ ص 55 --

9. ما هو العمل الذي اقترحه عبدوش الداشّر وماذا كان موقف مفيد منه؟ ص 10 --

10. كيف استقرت حال مفيد بعد الشغل في المخبز؟ ص 67 --

11. كيف نما شعور الوطيدة في عروق مفيد؟ ص 70 --

12. كيف تم التعرف على لبيبة؟ وما قيمتها عنده؟ الصفحتان(70-71). --

13. كيف قبل تنفيذ السرقة من السفينة وكيف تمت العملية؟ الصفحتان (114-116). --

14. ما هي حساباته بتصور الحياة في الميناء؟ وما هي الاساليب التي فكرّ باتباعها؟ ص 127 --

15. (أنا لست ذهبا والزلقوظ ليس نخالة إنه زبالة، مع ذلك لا بد من مسايرته) أي اضواء يلقي قول مفيد هذا على منهج حياته الذي يخطط له؟ ص 150 --

16. من هو صاحب فكرة النقابة ولماذا يعارضها (المعلّمون) والعجوز؟ ص 188 --

17. لماذا يحتل الميناء مركزًا خاصا في الفوضى والعنف؟ ص 203 --

18. ما هو سبب التوتر بين (مفيد) وبين (حليش)؟ وكيف انتهى موقف الصدام


*309*

بينهما؟ ص 208 --

19. ما هو أثر العمل والجهد الجسمي على نفسية مفيد؟ ص 219 --

20. قال مفيد: المعركة على أشدها وقد تحتم عليه أن يشارك هذا الذي كنت في داخلي أشتهيهه ماذا قصدت بذلك؟ ص 235 --

21. ما هي الثورة التي رسمها للبحر في خياله؟ ولماذا؟ وبماذا يمتاز البحر على الميناء؟ ص 255 --

22. ما هي الأخطاء اتتي اعترف مفيد - بحواره الذاتي - أنه ارتكبها في لقائه العجوز؟ ص 273 --

23. هل لعودة لبيبه والزواج منها أثر في حياة مفيد؟ وضح. ص 302 وما بعدها --

24. ماذا نستنتج من الحوار الذي دار مع برهوم؟ ص 321 وما بعدها --

25. كيف فسر برهوم مواقف كل من المعلم رضا، والعجوز والمعتلم (بطحيش)؟ ص 328 وما بعدها --

26. كيف انتهى اللقاء مع حسن الوحش؟ الصفحات (348-350) --

27. ما هو أثر سجنه لمدة خمسِ سنوات عليه نفسيًا وجسميًا؟ ص 356 وما بعدها --

28. ما هو تأثير اكتشاف مرض السكر عنند مفيد على نفسيته؟ ص (369) وما بعدها. --

29. اختر موقفًا حواريا ذاتيًا قبل مرضه وقارنه من حيث المشاعر والأفكار مع هذا الموقف بعد المرض. ص 372. --

30. ما هو دور إبراهيم الشنكل؟ والى أي هدفٍ أفضى حوارة مع مفيد؟ ص 381 وما بعدها --

31. ما تأثير تعامل مفيد بالمهربات وبيّعها إلى نهايته؟ ص 393 وما بعدها --.

أسئلة الأسلوب:

1. هات خمسة أمثلة ضمن أسلوب التطعيم بالعاميه وفسِّر دلالاتها. --

2. ساد أسلوب الارتجاع الفني هات بعض النماذج ووضح أهمية الأمور التي


*310*

استرجعها مفيد وما هي قيمتها في تغذية الأحداث.

3. في مقاطع كثيرة جاءت الأحداث أو التخطيط لها بواسطة الاشراف الذاتي. مثل ذلك بمثالٍ أو مثالين ووضح متى كان يلزم هذا الاشراف وما هي قيمته في تقرير الأحداث؟ --

4. منْ أجلِ واقعية القصة استعمنل الكاتب بعض الألقاب المحكية الخشنة والنابية.

هات مثالينْ على ذلك وبينْ هلْ أدت دورها أم أنها كانت زائدة. --

5. امتاز أسلوب الكاتب بذكر أسماء أمكنة بشكلٍ ملحوظ. اذكرْ بعض هذه الأماكن وبين أوصافها وما هي الأحداث التي وقعت؟ --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. لماذا - حسب رأيك - لم يضرب المعلم مُفيدًا؟ --

2. ما رأيكَ في قوله للأستاذ ماهر: (ظروف الحياة هي التي أوصلتني إلى هنا) هل الظروف تصنع الانسان أم أن الإنسان يصنع الظروف؟ ص 87 --

3. هل ترى أن صورة الميناء المعضلة من بين الفاروسي تعكس صورة الحياة في المجتمع بشكلٍ عام؟ الصفحات (168 169).

4. ماذا يضيف إدخال الخيال الشعري بوصف الطبيعة إلى أحداث الرواية – حسب رأيكْ - هاتِ بعض النماذج لتؤكد إجابتك. --

5. يبدو من حديث مفيد مع نفسه أنه أصبح عنيفًا كرد فعل على أسلوب معاملته السيئ من قبل المجتمع عدا أمه ما رأيكَ في ذلك؟ ص (247). --

6. هلْ توافق مفيدًا في قوله: (الاستقامة جعلتني أدفع الثمنْ)؟ وصح أقوالك وأثبتها.

ص 382 --

7. هلْ في نهاية مُفيد بالمَرضِ ثم الانتحار ما يرمز إلى حقيقة في حياة الإنسان؟ اشرح الإجابة. --


*311*

مصادر للتوسع:

1. بلال عبد الفتاح وآخرون: تلازم المرأة والبحر في أدب حنّا مينة الروائي. الرّياض مؤسسة اليمامة 2006.

2. عاطف البطرس: حنا مينة المعيش والمتخيل دمشق دار الينابيع 2004.

3. سحر الحمارنة: هكذا قرأت حنا مينة دمشق مطبعة دمشق 2001.

4. جورج طرابيشي: الروائي وبطله، مقارنة اللاشعور في الرواية العربية بيروت دار الآداب 1995.


*312*

حنا أبو حنّا


*312*

ولد الشاعر والباحث والمترجم: حنا أبو حنا يوم 1928/10/16 في قرية الرينة قضاء الناصرة، ويقيم في حيفا منذ عام 1951. أنهى دراسته الابتدائية وقسمًا من الثانوية في الناصرة ثم تابع دراساته الثانوية والعليا في الكلية العربية في القدس وتخرج عام 1947، وفي أثناء دراسته في الكلية حصل على جائزة الشعر السنوية ثلاث مرات. نشر الشعر والمقالة في الصحافة في فترة الانتداب البريطاني قبل عام 1948 وشارك في تحرير برامج الطلبة في إذاعتي: القدس والشرق الأدنى. عمل مدرسا للغة العربية وأشغل منصب إدارة (الكلية الأرثوذكسية الثانوية في حيفا) ناشط أدبى فقد ساهم في إصدار وتحرير مجلتي: الجديد والغد (وهما تابعتان للحزب الشيوعي الإسرائيلي) ساهم في إقامة مؤسسة المواكب وعنها صدرت مجلة المواكب عام 1984، كما ساهم في إقامة (رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين في إسرائيل) عام 1986 نال عدة جوائز مهمة ومنها: جائزة فلسطين عام 1999 وجائزة محمود درويش عام 2013، وجائزة تقديرية من مؤتمر القدس عاصمة الثقافة العربية الدائمة عام 2015. وفي أثناء عمله مدرسا التحق بجامعة حيفا وحصل على اللقب الأول البكالوريوس في اللغة العربية وآدابها واللغة الإنجليزية ثم على اللقب الثاني الماجستير في اللغة العربية.

ترجمت بعض قصائده إلى اللغات الأجنبية: العبرية والإنجليزية والروسية، كما حظي شعره بالعديد من الدراسات الجامعية، فقد قال عنه الشاعر: محمود درويش ... منه تعلّمنا ترابية القصيدة هو المحرر المسؤول في مجلة (مواقف) الأدبية الشهرية منذ صدورها عام 1993 ويقضي وقته فى القراءة وإعداد بعض الأبحاث والمشاركة شهريًا في مناقشة كتاب الشهر ضمن فعاليات نادي الكتاب في حيفا ويشارك في النشاطات الأدبية فى المدينة.


*313*

المؤلفات الشعرية:

1. نداء الجراح. 1969 (صدر بطبعته الأولى في عمّان. كما وصدر في بيروت عام 1970).

2. قصائد من حديقة الصبر. 1988.

3. تجرعت سمّك حتى الثمالة. 1990.

4. عراف الكرمل 2005.

5. راعي البراعم. (شعر للأطفال).

6. من أغاني غصن الزيتون. (الأغاني لبرنامج تلفزيوني لطلاب الصفوف الدنيا).

7. الأعمال الشعرية. 2009. (وشمل جميع دواوينه التي صدرت).


*314*

ظلّ الغيمة حنّا أبو حَنّا

أجْواءُ النصَّ:

مظاهر حياة الفقرْ في أيامِ الحكمْ العثماني التعليمُ في عهدِ الانتدابِ التحرك السياسي الفلسطيني من أجلِ إقامةِ دولةِ فلسطين ثورة 1936.

أخطاءُ الثورة مشقات التعليم أساليب التدريس العاداتُ الاجتماعية الفلسطينية المعتقداتْ الاسطوريةِ السيرة الذاتية في الأدبْ العربيّ الأيّام لطه حسينْ حياتي لأحمدْ أمين إبراهيم الكاتب للمازنيّ.

أسئلة المضمون:

1. ما هي العادات التي ذكرها الكاتب التي ترافق إعداد وتجهيز العروس؟ ص (15) --

2. ما هي مشكلة الدَّرنك وكيفْ حلتْ؟ ص (16) --

3. كيف انتهى زواج وردة وما هي أسباب النهاية؟ ص (16) --

4. ما هي الزلزلة وما الأحداث والأماكن التي ذكرت معها؟ ص (17) --

5. عدد بعض الأماكن وبعض صور الطبيعة التي فصل الكاتب الحديث عنها واذكر مساهمتها في اثراء الموضوع. انظر فصل رام الله مثلا. --

6. اذكز بعض ملامح الطفولة وكيف استقاها الكاتب من المكان؟ الصفحات (25، 27) --

7. كيف بدأ يحيى حياته المدرسية (التعليمية)؟ صف كيف قضى فترة (الكتاب)؟

الصفحتان (40، 41) --

8. هاتْ بعض الصور والأوصاف لسوق آسدود وبين أثر هذا المكان على يحيى الصفحتان (42، 43) --

9. كين كان يتم انتظام الصباح قبل بدء الدروس؟ حاول أن تقارن مع ما يجري اليوم. ص (55) وما بعدها. --

(التزمنا طبعة المؤسسة العربية للدراسات والنشر ط)


*315*

10. أشر إلى بعض الصعوبات التي جابهت يحيى في المدرسة في الناصرة وكيف تغلب عليها؟ الصفحات (60) وما بعدها --

11. ما هي نظرة يحيى إلى موضوع الدين وتدريسه في المدرسة للمسلمين وللمسيحيين؟ ص (61) --

12. ما هي ملامح الحس الوطني التي بدأت ترتسم في حياة يحيى موضوع القصة؟ ص (67) وما بعدها. --

13. ما هي المعلومات التي تضمنها النص حول الثورة؟ عددها باختصار. انظر الفصلين (قفشة) ص (76) وما بعدها وعين الزرقا والرصاصة الفاغرة ص (72) وما بعدها. --

14. ما هي حكاية يحيى مع مدرسة الزيتون؟ قارن بينها وبين مدرسة اللآتين.

الصفحتان (80، 81) --

15. كيف فسر البعض: هديلَ الحمام، وحركة رأس الحرذون ورفع رأس الدجاجة حين تشرب ص 83 وما بعدها وكذلك البرق والرعد ص (84) --

16. كيف شرح المؤلف الأسجاع الواردة في بعض الأهزوجات الصبيانية؟ انظر ص (84) --

17. يعكس فصل (بطح كلاب) صورا دقيقة لتصرفات وعادات الأولاد، وكذلك موضوع الاستسقاء من عين العذرا في الناصرة. هات بعض الصور الخاصة بالأولاد وبعضها الخاصة بالنساء. --

18. صف طبيعة الحياة العائلية، كيف كان الأولاد يعاملون؟ وهل لتلم المعاملة أثر على تطور نمو الولد؟ انظر فصل (قضيب الرمان) ص (97) وما بعدها. --

19. هل يعتبر اغتيال أبي أيوب تصرفًا ثوريا أو جريمة باسم الثورة؟ اشرح ذلك مستعينًا بشواهد أخرى من أحداثٍ شاذة مرت في النص. انظر ص (143) --

20. مِنَ المعروف أن الكاتب الذي هو فتحي في النص من فرسان اللغة العربية. أين تجد آثار ذلك في عرضه للأحدات؟ راجع مثلاً فصل (الطربوش المذعور ص (155) وما بعدها. --

21. كيف انتهتْ حكاية اختفاء الفتاة من صفّورية مع أحد الشّباب؟ راجع فصل: (أّم


*316*

زكي ص (160) وما بعدها. --

22. أشر إلى بعض العادات أو السلوكيات الطلابية وقارنها بما يحدث اليوم. فصل الهُعْخُع والعظم ص (175) وما بعدها. --

23. ما هى الذكريات الأدبية التي اثارتها بحيرة طبريا في خيال يحيى عندما أشرف عليها؟ انظر فصل الطابغة ص (199) وما بعدها. --

24. كيف ظهرت نهاية خرافة المندل الكاذبة؟ (حكاية المندل) ص (213) وما بعدها. --

25. صف كيف ترعرع شعور الحب في قلْبي يحيى ولمْياء؟ وماذا كانت النتيحة؟

انظر (فصل لمياء) ص (226) وما بعدها. --

26. ختم النص بجملة (القدس حلٌم يتحقق) لماذا قالَ ذلك؟ اذكر الأمور والمشاهد التي

تم تسويتها من أجلِ تحقيق هذا الحُلْم. --.

أسئلة الأسلوب:

1. يعتمد الكاتب الأسلوب اللغوي المتين والمطعم بألوان بلاغية وتركيبات لغوية

متينة هات أمثلة على ذلك من أي صفحة أو صفحات. --

2. أعطْ أمثلة لأسلوب الاختزال القصصي بمعنى الانتقال من حدث إلى آخر واهمال تفاصيل ليست مهمة. --

3. تظهر في أسلوب الكاتب بعض خصائص المعلم الذي يشرح درسا أمام الطلاب مثل ذلك.

انظر مثلا ص (13). --

4. يظهر في أسلوب الكاتب في أماكن معينة أسلوب (الماورائي) Metafiction، (انظر الكشّاف في التعريفات) هات أمثلة على ذلك ووصح عرض استعمالها. --

5. يستثمر الكاتب أقوالا وتراكيب لغوية شعبية هات خمسة نماذج واشرحها. --

6. هات نماذج لاستثمارات أدبية تشير إلى الثقاقة الأدبية وغير الأدبية وبين علاقتها بالمضمون. --

7. يردُ في النّص كثير من ألوان البلاغة كالتشابيه والاستعارات، هات ثلاثة تشابيه وثلاث استعارات واشرحها. --

8. استخرج من النص بعض الجمل المحكية وبين وقعها وأهميتها للنص. انظر مثلاً


*317*

الصفحتان (29 30).--

9. وردت في النص بعض اللقطات الحوارية: صف طبيعة الحوار الذي كان يجري وما هي أغراضه. هات: ثلاثة نماذج بالفصحى وثلاثة بالعامية. --

10. تكثر في النص اللغة غير المباشرة أو التعبير الإيحائي هات خمسة نماذج ووضحْ معناها المُباشر. انظر مثلاً فصل لم تطِر الحمامة، الصفحة (34) وما بعدها والصفحات (73، 75) وكذلك ص (123). --

11. يكثر المؤلف من إيراد التعابير الفكاهيه، استخرج خمسًا منها واذكر مناسباتها. انظر مثلاً فصل أخ رابع ص (197). --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في إكثار الكاتب من أسماء أعلام تاريخية في الموضوع؟ وما أثر ذلك في إثراء النص؟ --

2. يتعرض الكاتب لمفهوم الناس بالنسبة لاسم الولد، هل ترى أن الاسم له تأثير فعليْ على مُسماه؟ وضح إجابتك. --

3. هل ترى وصف أسراب النمل في الحاكورة وتآلف النملات وتعافيها ما يعكس خاطرًا أو فكرة معينة. وضح إجابتك. انظر ص (21) --

4. لماذا حسب رأيك عرس الكاتب حكاية العفريت مع يحيى؟ وهلْ تهثل شيئا له علاقة بالذكريات أو غيرها؟

5. وظفْ الكاتب الحلم أكثر من مرة انظر مثلا الصفحات: (31، 32، 45). ما هو هدف الكاتب من هذا التوظيف حسب رأيك. --

6. ذكر المؤلف ص (61) طرفة عن بائع السمك ما هي هذه الغرفة؟ وما هى دلالتها حسب رأيك. --

7. هات عادة من عادات الزواج وأيد رأيك فيها. انظزر مثلا الصفحتين (105، 106).--

8. يعكس فصل (المغاوير) ص (123) قيمًا إنسانية وأخلاقية واجتماعية ما رأيك في ذلك؟ هات بعض المواقف التي تثبت رأيك. --


*318*

9. هلْ تقبل ما ورد من حكايات! حول الضبع كما سُردت ولماذا؟ راجع فصل حكاية الضبع ص (165) وما بعدها. --

10. ما رأيك في كون العقيدةِ تمنع الزواج من صاحب عقيدة ما بصاحبة عقيدة أخرى؟ راجع ص (211) عدلة وفارس.

مصادر للتوسع:

1. موسوعه أبحاث ودراسات في الأدب الفلسطيني الحديث، مجمع القاسمي للغة العربية وآدابها، أكاديمية القاسمي، باقة الغربية 2011.

2. عرفان أبو حمد: أعلامٌ من أرض السلام، حَيفا شركة الأبحاث العلمية والعملية، جامعة حيفا.

3. حبيب بولُس: حنا أبو حنا بين ديوانين: نداء الجراح، وتجرّعت سمك حتى المناعة.

في كتاب محمود غنايم: مرايا في النّقد دراسات في الأدب الفلسطيني.

4. إبراهيم طه: البعد الآخر في الآدب الفلسطيني.

5. سليمان جُبران: قعدات أدبية، قسم الدراسات العربية والإسلامية، جامعة تلّ - أبيب دار الهُدى 2006.


*319*

البابُ الثامنُ المسرحية

الطعام لكلّ فَم توفيق الحكيم.

براسكا مشكلة الحُكم توفيق الحكيم.

مغامرة رأس المملوك جابر سعد الله ونّوس

الزير سالم ألفرد فَرج


*320*

المسرحية

الجنس الأدبي الذي يشتمل على أحداث قصصية تمثل على خشبة المسرح وقد تكون شعراً كمسرحيات أحمد شوقي وقد تكون نثراً كمسرحيات توفيق الحكيم وغيرها وقد تتناول احداثًا تاريخية كمسرحية الزير سالم لألفرييد فرج ومسرحية مصرع كُليب لمحيي الدين الحاج عيسى أو مغامرة رأس المملوك جابر لسعد الله ونّوس وقد تكون اجتماعية واقعية تستقي أحداثها من الواقع ومن الحياة الجارية وقد تكون هزلية وقد تكون جدية.

المسرح الذهني:

هي مسرحية تشتمل على كل عناصر المسرحية المعروفة من أحداث وحوار وفكرة وشخصيات. إلا أن مضامينها أفكار وفلسفات يجعل تمثيلها على المسرح أمرا صعباً مثل (أهل الكهف والطعام لكل فم وبراكسا لتوفيق الحكيم.

البناء المسرحي وعناصر المسرحية:

يتألف جسم المسرحية من فصولٍ: من ثلاثة إلى خمسة فصول. وهنالك مسرحيات ذات فصل واحد يكتمل فيه عرض الأحداث والتطورات من أولها إلى ختامها. ويقوم بتمرير الأحداث ومجرياب الأمور أمام المشاهدين شخصيات متنوعة كما يقتضيه البناء المسرحي لكل مسرحية من رجال ونساء وأفراد ومجموعات ومن شتى الطبقات الاجتماعية كما تتطلب أحداث المسرحية. ويظهرون كما يرسم لهم من قبل منفذي المسرحية.

الأحداث: تستثمر في المسرحية بحسب إبداع المؤلف موضوعات ومشاكل اجتماعية أوسياسية أو أخلاقية وغير ذلك. كما تستثمر أحيانًا أحداث تاريخية وعندئذ يطلق على المسرحية اسم المسرحية التاريخية.


*321*

الحوار: وهو الأسلوب الذي يتم بواسطته نقل مضامين المسرحية إلى الجمهور وقد يكون شعرا أو نثرًا.

الفكرة: يدور الحوار بين الشخصيات حول أمور تؤدي إلى الوصول إلى هدف أراده المؤلف وقد يكون سياسيا أو اجتماعيا أو فلسفيًا أو أخلاقيًا وغير ذلك.

المسرح: يعد المكان الذي يقف عليه الممثلون والممثلات ويهيأ بموجودات مناسبة ترجع المنظر إلى صورة أصلية في الحياة. وقد توضع موجودات تبين أو تشير إلى زمن معين. أو مكان معين


*322*

توفيق الحكيم (1887-1898)


*322*

ولدْ في الإسكندرية وتوفي في القاهرة. كاتب وأديب مصري من روّاد الرواية والكتابة المسرحية العربية، ومن الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث. كاتبْ مسرحية (أهل الكهف) المشهورة التي صدرت سنة 1933 حدثًا هاما في الدراما العربية فقد كانت بداية لنشوء تيار مسرحي عرف بالمسرح الذهني. بالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عددا قليلا من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح فمعظم مسرحياته من النوع الذي كتب ليقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالمًا من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع بسهولة لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع، تتسم بقدر كبير من العمق والوعي. نال جائزة الملك فاروق سنة 1951 عن كتابه (مسرح المجتمع) وهو مجموعة مسرحيات ثم منحه جمال عبد الناصر (قلادة الجمهورية) سنة 1958، وجائزة الدولة التقديرية 1960. يذهب بعض نقاده إلى إطلاق لقب عميد المسرح العربي عليه. من مؤلفاته: عصفور من الشرق السلطان الحائر، عودة الروح، الصفعة، بجماليون، شهرزاد، الأيدي الناعمة ويوميات نائب في الأرياف.


*323*

الطعام لكل فم توفيق الحكيم

أجواء النص:

المسرحية أصلها، أنواعها. الحلم أولاً ثم العِلم ثانيًا، بساطُ الريح سبق الطائرة. الإنسان والعبودية، المسرح الذهني. الحوار المسرحي وخصائصه. أهداف الاختراعات العلمية، الاختراعات العلمية من أهدافها توفير الغذاء بما يسمى الأمن الغذائي.

أسئلة المضمون:

الفصلُ الأول:

1. ما هو الشيء الذي بدأت تتحرك الأحداث من عنده (مفتاح الحركة)؟ الفصل الأول الصفحتان (9، 10). --

2. كيف انتهى أمر تدبير بقعة الماء على الحائط بين حمدي وسميرة؟ ص (11). --

3. ما الحل الذي اقترحه حمدي لتنظيف الحائط على الجارة عطيات؟ وما هو موقفها من ذلك؟ الصفحتان (20 21).

4. من هي الشخصيات التي تمثلت أمام حمدي وزوجته موجودة في الرسم على الحائط؟ ص (22) وما بعدها. --

5. صفْ المفاجأة التي واجهت حمدي وسميرة على الحائط؟ ص (27) وما بعدها --

6. ما هو الشيء الذي لا يتنازل عنه العالم وهو سيء؟ وما هي المصلحة في بقاؤه ص (41)؟ --

7. صف طبيعة العلاقة ببي الأم والبنت ولماذا البنت متوترة؟ ص (42) وما بعدها. --

8. يقول حمدي في ختام الفصل الأول لزوجته سميرة: (اطردي المبيض حالا.. اطرديه) لماذا حدث هذا التحول وبعد أن أرادة سابقا أصبح لا يريده الآن؟ ص (50). --

الفصل الثاني:

9. كيف حاولت كل من الأم وابنتها أن تقنعا الشاب ابن السيدة وشقيق الفتاة أنه

مصيبٌ والطرف الآخر مخطئ؟ الصفحات (53، 54، 55، 56). --


*324*

10. كيف حاول كل من حمدي وسميرة التواصل مع العائلة المتخيلة على الحائط ولماذا؟ ص (67) --

11. كيف فهمت عطيات تنازل حمدي عن تبيض الحائط؟ ص (72) وما بعدها. --

12. كيف توصل حمدي إلى حل المشكلة مشكلة تبييض الحائط مع عطيات؟ ص (81) --

13. ما هي مميزات العصر الحديث الذي يعيش فيه طارق؟ وماذا يتحتم عمله حسب رأيك؟ ص (87) وما بعدها. --.

الفصل الثالث:

14. ما هو تأثير الصورة المتخيلة للعائلة وما دار بين أفرادها على حمدي وسميرة؟ --

وضح واشرح ذلك على ضوء الحديث بينهما. الصفحات (93، 95). --

15. ما هي الأشياء التي أعلن كل من حمدي وسميرة انهما خسراها بانسلاخ ما على الحائط وسقوطه؟ الصفحتان (96، 97) --

16. كين فكر حمدي وسميرة بإرجاع ما كان على الحائط؟ ص (100) --

17. صف صورة المفارقة (الإيرونيا) في الحوار حول غسل الدار والتي جمعت حمدي وسميرة من جهة، وعطيات الجارة من جهة أخرى؟ ص (103) وما بعدها --

18. قالت عطيات لحمدي ولسميرة عندما قالا لها إن غسل دارها شيء هائل وهائل جداً وعظيم جدا: لا.. اسمحوا لي... عقلي من دماغي طار، ما الذي فاجأها؟ ص (112)؟ الصفحتان (13، 14). --

19. كيف فسرت عطيات الحاح حمدي وسميرة عليها بسلكب الماء عليهما من جديد؟ ص(113) --

20. ما هي الحيلة التي دبَّرها حمدي وزوجته سميرة لسكب الماء على الحائط من دار جارتهما عطيات بعد أن رفضتْ هذه القيام بهذا القتل؟ ص (118) وما بعدها. --

21. كيف انتهت محاولة حمدي وسميرة لإعادة حياة الأسرة على الحائط؟ وهل حصلتْ لها نتائج معينة ما هي؟ ص (122) وما بعدها. --

22. ما هو الخطأ الذي أشارتْ له سميرة في عملية حمدي دلق الماء في دار جارتهما عطيات؟ ص (124، 125) --


*325*

23. قالت عطيّات: (لكن انا طول عمري عارفة إنكم أكرم جيران...) لماذا قالت ذلك؟

ص (131) --

24. لماذا طلب حمدي من عطيات أن يساعد هو وزوجته عطيات في غسيل شقتها؟

ص (131، 132) --.

أسئلة الأسلوب:

1. لماذا يلجأ المؤلف إلى اللغة المحكية؟ هاتِ بعض النماذج ووضح قيمتها المضونية. --

2. هات 3 نماذج أسلوبية ساخرة وبين الغرض منها. --

3. يلاحظ أن المؤلف يستعمل التنقيط بثلاث نقاط في حالاتٍ كثيرة بعد الجمل (أسلوب الحذف). ما الغاية من ذلك؟ وهل لذلك تأثير على المضمون؟ --

4. مثل للحالاب التالية من الحوار واشرح قيمتها: الاستفهام التأكيد التحدّي، مُجاراة الرأي، التعجب. قطعُ الحديث واتمامه من الطرف الثاني على طريقته. --

5. يظهر أحيانًا تكرار كلمات أو جملٍ قصيرة. هات 5 نماذج منها وبين أهدافها. --

6. ترد في بعض الأماكن والمواقف الحوارية بعض الأقوال المثلية المحكية، هات نموذجين وبين الحاجة لاستعمالهما؟ --

7. من بعض مواصفاته الحوار في المسرحية أن يتم شخصٌ قول المتكلم إما كما أراد المتكلم اًو بإزاحة المضمون كما يريد هات نموذجين وبين هذه الظاهرة. انظر مثلا الصفحات (134، 140). وما هي وظيفة هذا الأسلوب؟ --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. يبدو مع اختلاف وجهات النظر بين حمدي وزوجته سميرة ثم بين حمدي وجارته عطيات أن العنف يخلو من الموقف لماذا - حسب رأيك؟ --

2. جاء على لسال الشاب (ص 40) عندما نُلغي الجوع سنلغي في نفس الوقت عبودية الإنسان للإنسان). هل يمكن استمرار الحياة بدون عبودية الإنسان للإنسان - حسب رأيك؟ ناقش ذلك ووضح إجابتك. --


*326*

3. ما رأيك في قول طارق (ص 87) بأنه يجب أن ينطلق كالصاروخ مع متغيرات العصر وتطوره هل توافق ذلك بمعنى عدم الالتزام بالماضي وبالتراث؟ --

4. لماذا - حسب رأيك - يرغب كل من حمدي وسميرة (وبشدة) في عودة الصورة المتخيلة الناطقة على الحائط؟ --

5. جاء على لسان حمدي ص 147 (أن الطعام هوالحرية ما رأيكَ في هذا؟ --

6. ما رأيك في القول: (إن الحلم أولا ثم الانتقال إلى العلم بعد ذلك؟ وضح رأيك. --

7. هنالك من يفسر موضوع الصورة الخيالية التي عرض المولف تفاصيلها بصورة عائلة يدور بينها حوار بأنها عمليه إسقاط أي أن حمدي أسقط ما يحس به على الحائط ما رأيك في ذلك؟ --.


*237*

براسكا أو الحُكْم توفيق الحكيم

أجواءُ النصًّ:

الحكم القانون ظروف المعيشة والحياة القوانين الوَضعية القوانين الشرعية مصالح الناس واحتكاكها ببعض صعوبة تطبيق العدالة الظلم من شيمِ النفوس قانون الغابِ محاولاتٌ لإرساءِ العدالة.

اضاءات على المضمون:

1. تآمر النساء لتولي الحكم فى أثينا.

2. مشاكل الحكم وفشل (براكسا).

3. نظرية (هيرونيموس) فى الحكم.

4. إعلان (هيرونيموس) عن فشله والبحث عن حَلْ.

5. في السجن: الثلاثة يتباحثون في أمور الدولة ومحاولة (هيرونيموس) الانتحار.

6. المحكمة.

أسئلة المضمون:

الفصل الأول

1. يعكس الفصل الأؤل صعوبة في اقتناع النساء بتمثيل دور الرجال وذلك من حوار (براسكا جورا) مع بعض النساء. أذكر بعض هذه الصعوبات. انظر الصفحات (18-22). --

2. كين عرضت (براسكا جُورا) أسباب تولي الحكم من قبل النساء؟ الصفحتان (23-26) --

3. كيف تصرف كل من(بلبروس) زوج براكسا وجاره وكذلك الجار الثاني (كريميس) عندما افاقوا من نومهم بعد بزوغ الفجر؟ الصفحات (28-30) --

4. ما هو الموضوع الذي دار حوله حديث الثلاثة: الجار وكريميس وبلبروس؟ وما هو قرار المجلس المنعقد الذي أوصله لهم بعض الرجال؟ (30-38) --

5. ما هي النتائج المترتبة على تولي النساء الحكم حسب رأي بلبروس وكريميس؟ ص 36-37.


*328*

الفصل الثاني

1. كيف وقع طلب أصحاب الديون على (براكسا جورا)؟ الصفحتان (41-42) --

2. أي موقف في المسرحية كانَ لِلِحْيَةِ التيسِ دور فيه؟ وما هو ذلك الدور؟ الصفحتان (45-46) --

3. ما هو موقف الفيلسوف (أبقراط) ورأية بالنسبة للعقل؟ ص (47) --

4. كيف يرضى الناس حسب تحليل الفيلسوف؟ الصفحتان (50-51) --

5. صف حضور (هيرونيموس) قائد الجيش وكيف تطور؟ ص (52) وما بعدها. --

6. استخرج من الحوار الذي جرى بين (بلبروس) زوج براكسا بعض جمل المفارقة ووضح كيف لهم كل منهما جملة الحوار؟ الصفحتان (56-57) --

7. الزمي حجرتك أيتها المرأة). من صاحب هذا القول؟ وأيَّ موقف يعيش قبلة وما سبب التلفظ به؟ ص (62) --.

الفصل الثالث

1. ماذا تستخلص من الحوار الذي دار بين الفيلسوف والسجَّان؟ الصفحات (63-67) --

2. ما هي نظرية القائد العسكري بالنسبة للحكم؟ وكيف دافع عنها أمام الفيلسوف (أبقراط)؟ الصفحات (74-78) --

3. إلى أي شيء ترمز التفاحات الثلاث التي ذكرها الفيلسوف؟ تلمس الإجابة ص (80) --

4. لماذا أمرك (هيرونيموس) السَّجان بوضع الأغلال في أقدام براكسا؟ الصفحتان (82-83) --.

الفصل الرابع

1. ما سبب وقوع (هيرونيموس) في أزمةٍ؟ وما هو قرارة، ولماذا اتخذ هذا القرار؟ الصفحات (84-88) --

2. ما هو اقتراح (براكسا) للخروج من الأزمة؟ وما رأيُ الفيلسوف فيه؟ وضحِّ. الصفحات (92-95) --

3. ماذا يعني قول الفيلسوف: وجدتها وجدتها (يوركا)! يوركا!؟ ما هو الموقف الذي دفعه لهذا القول؟ الصفحتان (96-97) --

4. كيف وضح (بلبروس) سعادته التي يصبو إلى تحقيقها؟ صفحة (105) --

5. من هي الشخصيات التي حاولت إقناع (بلبروس) بأن يكون ملكاً؟ ولماذا وقع الخيار عليه في ذلك؟ الصفحات (107-118) --


*329*

الفصل الخامس

1. ما هي النتيجة التي آل إليها الثلاثة: الفيلسوف وهيرمونيوس وبراكسا، ولماذا؟ الصفحات (121-123) --

2. لماذا قال الفيلسوف: (أعترف أني أخطأت)؟ ص (124) --

3. كيف حلل الثلاثة هيرونيموس والفيلسوف وبراكسا دخولهم السجن؟ الصفحات (121-128) --

4. كيف استطاع الملك (بلبروس) وأعوانه تجنب غضب الشعب وثورته عليهم لأنهم أصبحوا أغنياء بسرقة أموالِ الدولة؟ صفحة (129) --

5. ما هي الأخبار اتتي نقلها السجَّان إلى الثلاثة المسجونين: هيرونيموس الفيلسوف براكسا الصفحات (134-137) --

6. صف منظر محاوله (هيرونيموس) الانتحار وكيف انتهى هذا المنظر؟ --.

الفصل السادس

1. كين انتهى المشهد (الأيروني) irony (مفارقة) بين (كريميس)) وهيرونيموس؟

الصفحتان 139-140 --

2. قال هيرونيموس لكريميس (يا لبراعتك ويا لنذالتك). ماذا يقصد؟ صفحة 142 --

3. ما هي الثوابت التي اعتمد عليها الفيلسوف في رفض تهمة تحمل المسؤولية في موضوع الزنا المنسوب إلى (هيرونيموس) و(براكسا)؟ الصفحات 142-146 --

4. كيف حاولت براكسا جورا أن تبطل التهمة الموجهة إليها بأسلوب كاتمة سرها التي وجهت لها (ل براكسا) تهمة الزنا؟ الصفحتان (151-152) --

5. كيف انقلب موقف الشعب من الضد إلى التأييد بالنسبة ل (هيرونيموس)؟ الصفحات (156-157) --

6. ما هي نظرية الفيلسوف بالنسبة للحكم؟ الصفحتان 163-164 --

7. كيف استطاع الفيلسوف أن يقلب الطاولة على رؤوس الحكام في أثينا؟ ص 165-166 --.

أسئلة الأسلوب:

1. يمتاز أسلوب المسرحية بإجراء الحوار بين الشخصيات معبًرا عن آرائها وعن تفكيرها ويضيف المؤلف بعض الجمل بين قوسين. هات بعض النماذج لهذه الإضافات وبينِّ فائدتها.


*330*

2. تتعدد أنواع الاستفهام في المسرحية: استفهام لغرض المعرفة واستخدام للتعجب واستفهام للتهكم واستفهام للسخرية، واستفهام لمجاراة الخصم. إستخرج من المسرحية ثلاثة أنواع وبين غرضها. --

3. هات نموذجا حواريًا فكاهياً. انظر مثال الحوار بين (بلبروس) وكريميس الصفحتان (37-38) --

4. تسأل (براكسا) (هيرونموس): أطلقت سراحنا فيجيب: الأخبار ليست سارة. هل الجواب مطابق للسؤال؟ ماذا نقول في هذا الأسلوب؟ --.

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. ما رأيك في التهم التي وجهتها (براكسا) للرجال؟ وهل ينعكس ذلك على كل الرجال؟ --

2. ما رأيك في حوار كاتمة السر مع براكسا جورا؟ هل تظن أنها ذات مكيدةٍ؟ إذا كان نعم أم لا أثبتْ ذلك من أقوالها الصفحات (42-45) --

3. ما رأيكَ في طلبات الدائنين والمدينين وهل تعكس حقيقة بشرية؟ --

4. ما رأيك في قول الفيلسوف ل براكسا ص (68): إني خير منك لأن سجني يحد بهذه الجدران؟ --

5. ما رأيك في إعتقاد الفيلسوف (ص 80) بأن الحكم الناجح يتمثل في سير الثلاثة الواحد بجانب الآخر: هُوَ وبراكسا وهيرونيموس؟ وهلْ يوجد مشابهة لذلك في الحكم الديموقراطي الحديث؟ --.

مصادر للتوسع:

1. محمد مندور: مسرح توفيق الحكيم، القاهرة، دار نهضة مصر، ط 2، 1966.

2. أحمد عثمان: المصادر الكلاسيكية لمسْرح توفيق الحكيم، الجيزة، لونجمان، 1990.

3. محمد يوسف نجم: المسرحية في الأدب العربي الحديث 1847-1914 بيروت دار الثقاقة د ن.

4. غالي شكري: توفيق الحكيم، الجيل الطبقة والرؤيا، بيروت، دار الفارابي 1993.


*331*

سعد الله ونوس (1941-1997)


*331*

مسرحي سوري. ولد في قرية حصين البحر القريبة من طرطوس. تلقى تعليمه في مدارس اللاذقية. حصل على منحة لدراسة الصحافة في القاهرة وقد كان للانفصال بين سوريا ومصرا أعمق أثر في كتاباته كما يتجلى ذلك في أولى مسرحياته الحيأة أبداً التي نشرت بعد موته. بدأ الكتابه في مجلة الآداب التي نشر فيها مقالا عن الانفصال ودراسة عن رواية (السأم) لألبرتومورافيا ثم رجع إلى دمشق وعمل في وزارة الثقافة محررا للصفحات الثقافية في صحيفتي السفير اللبنانية والثورة السورية. كما عمل مديرًا للهيئة العامة للمسرح والموسيقى في سوريا. في أواخر الستتينيات سافر إلى باريس ليدرس فن المسرح. وبعد أن عاد تسلم تنظيم مهرجان المسرح الأول في دمشق ثم عمل مديرًا للمسرح التجريبي في مسرح خليل القباني.

تحمل مسرحيات ونوس نقدًا سياسيًا اجتماعيا للواقع العربي بعد صدمة المثقفين إثر هزيمة 1976. في أواخر السبعينيات ساهم ونوس في إنشاء المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق وعمل مدرسا فيه، وأصدر مجلته ((حياة المسرح) وعمل رئيسًا لتحريرها. من مؤلفاته: الفيل يا ملك الزمان الملك هو الملك، منمنمات تاريخية سهرة مع أبي خليل القباني. كتب في آخر أيامه قائلا: (إننا محكومون بالأمل وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ. منذ أربعة أعوامٍ وانا أقاوم السرطان. وكانت الكتابة والمسرح بالذاتّ أهم وسائل مقاومتي).


*332*

مغامرة رأس المملوك جابر

سعد الله ونوس

أجواءُ النص:

المقاهي في المدن والقرى العربية عبارة عن نوادِ لقضاءِ الوقتْ والتسليةِ بسماعِ الأغاني وغيرها نقاشاتٌ ومحاوراتٌ في المقاهي الاوضاعُ السائدةِ سياسياً واقتصادياً المسرحُ الذهني حكياياتٌ واساطير وإشاعاتٌ المسرحية التاريخية موضوع سقوط بغدادْ بأيدي المَغول وخيانة محمد بن العلقمي.

أسئلة المضون:

1. بما يسمى عتبة النص (مقدمة المسرحية) يتحدث المؤلف عن (مسرح التسييسْ) كيف عرفه؟ وما هي صعوبات تطبيقه عمليًا؟ الصفحتان (43، 44). --

2. ماذا يقصد المؤلف بمساحتي المسرح؟ وما هي الشروط التي يجب أن تتوفر في المساحة الاولى لإثارة الحوار مع الممثلين ص (44)؟ --

3. لماذا يرغب الزبائن في سماع اخبار البطولات؟ أي قيم تعكس هذه القصص ص (53)؟ --

4. ترتسم من خلال المتحاورين والمتحاورات في بغداد صورة للحكم الديكتاتوري الظالم اذكر بعض صور الحكم الظالم وبعض مظاهر القمع التي تعرض لها الناس. الصفحات (56 58). --

5. ما هو طريق الأمان كما رآه الناس في ظل الحكم الظالم ص (57)؟ --

6. ما هي لعبة القرش التي أدارها المملوك جابر وماذا تعني؟ الصفحات 65 - 68. --

7. ما هي وظيفة موضوع الخبز الذي تحاور حوله الرجال والمرأتان؟ ص 70 وما بعدها. --

8. ما هو وقع خروج الحراس على الناس إلى الشوارع؟ ص 72 وما بعدها. --

9. جاء في النص: (من يتزوج أمنا تناديه عمنا) وقد تكرر هذا القول وهو تفصيحٌ لقول العامة: (اللي بتجوز أمي هو عمي). ما هو الموقف الذي يراة بعض الناس


*333*

منعكسًا من هذا القول ويحسن اتباعه للنجاة؟ ص (84). --

10. عدد البوادر التي توحي بحدوث أمر جلل في المدينة. ص (88) وما بعدها. --

11. يبدو من الحوار الذي دار بين منصور وجابر أن الوزير محمد بن العلقمي يخطط لأمر خطير اشرح ذلك كما ورد في الصفحتين (92، 93). --

12. ما هي الاحتياطات التي اتخذها الخليفة لمنع أمر خطير؟ ص (90) وما بعدها؟ --

13. ما هي صفات وتصرفات الوزير كما عرضها الحكواتي في عتبة نصية ص (96)؟ --

14. ما هي الخطة التي فكر الوزير بتطبيثقها للتخلص من محنته؟ ص (100) وما بعدها. --

15. ما هو اقتراح المملوك جابر الذي اقترحه على الوزير ليضمن سرية الخروج من بغداد والإفلات من الجرس؟ ص (108). --

16. كيف أثرتْ حيلة المملوك جابر على الجمهور؟ هات نماذج من انفعالاتهم الصفحات (108، 109) --

17. كيف رأى الزبائن حيلة المملوك جابر؟ وضح اختلاف الآراء حولها. ص (199). --

18. ما هي الخطة العسكرية التي رسمها أخو الخليفة المقتدر بالله عبد الله للقضاء على الوزير ابي العلقمي؟ وما هي العقبات التي تعترضها كما عرضها الخليفة؟ الصفحات (123، 126) --

19. جاءَ على لسان الوزير ص (140) وص (141) قوله مخاطبا المملوك جابرًا... لنْ ينساها ولنْ ينساه وزير ولا أمير ولا مؤرخ في بغداد اشرح ذلك مسترشدا بمتابعة الأحداث. --

20. ماذا ينعكس منَ الحِوار الذي دار بين ياسر ومنصور؟ الصفحات (145، 146). --

21. كيف أوصل جابر الرسالة إلى الملك متكتم بن داود وماذا تبع ذلك من تحركاتٍ وأعمالٍ الصفحة (156) وما بعدها؟ --

22. ما هي النهاية التي آل إليها المملوك جابرٌ؟ وهل تعرف مماثلاً لهذه النهاية ارجع الى سيرةِ الشاعر الجاهليِّ طرفة بن العبد. ص (162). --.


*334*

1. بدأت المسرحية بعتبة تعليمية كأن الأمر درس في مدرسة أو في كلية، ما هي قيمة هذا الأسلوب ووظيفته؟ --

2. إذا كان المكان هؤ المقهى ما هي الألفاظ أو الكلمات المستعملة للمناسبة لهذا المكان؟--.

3. يقوم الكاتب أحيانًا بتفصيح العامية هات نماذج لذلك وبين كيف رفع المؤلف مستوى هذه الألفاظ إلى ما يقارن الفصحى؟ انظر مثلاً ص (49، 50، 77، 84 ، 152). --

4. أين يظهر أسلوب الشريف بأبعاد الشخصية الجسمية والاجتماعية والتشبية؟ اذكر ما ورد من هذه الأبعاد. --

5. تداخلت أفعال الزبائن وطلباتهم بين الأحداث الأساسية في النص مثل: هاتِ نارة وشاي وغيرها، ما هي القيمة لهذه المداخلات اللفظية؟ --

6. جاء على لسان الرجل الثاني ص (70): (الله يا أبو عمر) لماذا خالفَ الإعرابَ ولم يقل يا أبا عمر؟ --

7. كرر الكاتب بعض الكلمات والجمل هات بعض الأمثلة وبين سبب التكرار. انظر مثلا ص (114 113). --

8. (فخار يكسر بعضه) قول مألوف لدى العامة مظهر من مظاهر أسلوب الكاتب. ما هي الحاتة التي استدعت هذا القول؟ ص (137). --

9. ماذا يعني قول ياسر ص (143): (مثله يجب أن يعلق خرزة زرقاء؟ وماذا تضيف مثل هذه الاستثمارات اللغوية ذات السيرورة على ألسنة الناس؟

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. لماذا - حسب رأيك - يجعل المؤلف الأغاني فاصلا بين أجواء الحوار بينَ الجماعة؟ --

2. هل تعكس - حسب رأيك - رغبة الزبائن في المقهى من الحكواتي بأن يحكي لهم حكايات البطولات وعلى رأسها سيرة الظاهر بيبرس أموراً في نفوسهم أو أحوالا عامة يعيشونها؟ وضح الإجابة. --

3. جاء على لسان الحكواتي أن الحكايات الكئيبة التي يسود لها قلبُ السامع ص (54) تقود


*335*

إلى زمن الحكايات المفرحة هل يصدق هذا القول دائمًا - حسب رأيك - إشرح إجابتك. --

4. جاء على لسان زبون (2) ص (58): (إي والله كأن الأحوال لا راحت ولا جاءتْ ماذا يعني قولة هذا حسبْ رأيك؟ وهل توجد مماثلة مع أحوال الناس في أماكن معينة اليوم؟ --

5. هل ترى أن الكاتب عرض صورة التزاحم من أجز الخبز في الفرن ليوجة نقدا إلى الطبائع العربية السائدة؟ وضح. --

6. هل ترى أن هنالك مشابهة بين ما ساد بغداد في فترة ابن العلقمي وما يسود البلاد العربية في هذه الأيام؟ --

7. هل تضيف - حسب رأيك مداخلات - استنشاق النشوق من قبل الوزير تلوينًا مضمونيًا للنص؟ وضح ذلك. --

8. كيف تفسر عدم رغبة الزبائن متابعة نشرة الأخبار من الراديو؟ --

9. ما رأيك في نهاية المملوك جابر؟ وأين يكمن الخطأ في الخطة التي رسمها المملوك جابر؟ --

10. هل ترى أن الكاتب اعتبر هذه المسرحية التاريخية وخيانة الوزير ابن العلقمي ضوءًا يفضخح الأوضاع العربية اليوم؟ --.

مصادر للتوسع:

1. عبد الرحمن ياغي، سعد الله ونوس والمسرح، دمشق: الأهالي، 1998.

2. مصطفى عبّود، سعد الله ونوس في مرآة النقد دمشق: وزارة الثقافة، 2008.

3. أحمد الحُسين سعد الله ونوس في المسرح العربي الحديث، بيروت: دار الكنوز الأدبية. 1999.

4. محمّد عزّام: مسرح سعد الله ونّوس بين التوظيف التراثي والتجريب الحداثي دار علاء الدّين. سوريا دمشق د ت.

5. علقم صيحة: المسرح السياسي عند سعد الله ونوس. بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر 2001.

6. المخلف حسن علّي: توظيف التراث في المسّرح. دراسة تطبيقية في مسرح سعد الله ونوس. دمشق الأوائل 2000.


*336*

الفريد فرج (1929-2005)


*336*

ولدد في الزقازيق تلقى علومه في مدرسة محرم بك الابتدائية. تخرج معلما للإنجليزية من جامعة الإسكندرية 1945 - 1949. صحفي ومحرر أدبي مستشار المسرح بالإدارة العامة للثقافة الجماهيرية، المشرف العالم للمسرح الكوميدي بالقاهرة. أقام في لندن وألمانيا. منح وسام العلوم من الطبقة الأولى عام 1966 ومنح جائزة الدولة لكتابة المسرح 1965.

كان ارتباطه بإحدى الحركات! اليسارية سببًا في اعتقاله لأكثرْ من 5 سنوات (1959 1964) وبعد خروحه حصلَ على منحة تفرغ من وزارة الثقافة إضافة إلى قيايمه بتقديم بعض من أعماله مثل: ((حلاق بغداد)) (1963) وسليمان الحلبي (1965) التى كانت بمثابة صيحة غضب ضد المحتل وتناولا فلسفيًا مباشرًا لفكرة الحرية والعذاب والاستقلال وعسكر وحرامية وعلي جناح التبريزي وتابعة قفة (1969) الزير سالم (1967) (النار والزيتون) (1970) التي سجلت محنة الشعب الفلسطيني وما آل إليه منذ وعد بلفور وحتى اليوم.


*337*

الزير سالم

ألفريد فرج

أجواءُ النص:

أيام العرب في الجاهلية حرب البسوس كليبُ التغلبيِّ البسوس وناقتها سراب قتالُ الأقارب العرب يقاتل بعضهم بعضاً معاركُ في مطلعِ التاريخِ العَربي عصرُ الأمويينْ ومعاركْ صِفين والجمل وغيرهما الوضع العربي اليومَ.

أسئلة المضمون:

الفصل الأول

1. يعرض (مرة) سيد قبيلة بكر على حفيدهِ ((هجرس)) موضوع مبايعة قبيلتي بكر وتغلب له لأن يكون صاحب العرش والسيادة على القبيلتين ووضح له أن الحروف تهيأت لهذه المبايعة. ما هي هذه الظروف؟ ص (16) --

2. حين أخبر ((مرة)) ((هجرس) بأن ربيعة شقيق مره قتلهُ (حسّان تبع) بين سبب ذلك.

ما هوالسبب؟ ص (18) --

3. من الذي شارك في قتل حسان وكيف تم ذلك؟ ص (19) --

4. قال ((هجرس)) كيف عشت النقيضينِ في الحرب يا أمّي ص (21).ما هما النقيضان؟

وضِّح الإجابة. --

5. لماذا اعترض ((مرة)) على مباهاة (كُليب) بما يملك من أملاك ورجاقل؟ ص (22)

وكيف فسر كليب ذلك الاعتراض؟ ص (23) --

6. يقول كليب وهو يحاور أخاه ((سالم)): (أبغضكَ لأني أتمنى لك الكَمال أسأل نفسي لم لا يكون أخي مثلي). ماذا يقصد (كليب) بهذا القول؟ ص (30) --

7. ما هو القرار الذي اتخذه كليب بحق اخيه سالم؟ وما هو سببه؟ ص (35) --

8. كيف قتل (التبع حسان) وها هو سبب قتل؟ الصفحات (36، 37 ،38) --

9. ماذا تفهم من الحوار الذي دار بين الأخوين (جسّاس) وهمام عن كليب؟ ص (40) --

10. ما هو الدور الذي مثلته (سعاد) أخت (التبّع حسّان) معه جساس بن مرة؟ ص


*338*

(43) وما بعدها --

11. ما هي نبوءة سعاد؟ وكيف تحققت؟ ص 43 وما بعدها. --

الفصل الثاني

12. لقد فضلتْ سعاد (أخت التبغ حسان) الحديث حول مقتل كليب، من المهلم حسب أقوالها؟ وما هي دوافع قتله؟ الصفحتان (51، 52) --

13. كيف أراد مرة (والد جليلة وصهر كليب) أن يمنع اشتعال الحرب بين قبيلتي بكر وتغلب وهل قبلَ عرضه؟ فصل الإجابة. الصفحتان (54، 55) --

14. ما هو موضوع الحوار الذي دار بين (سعاد) أخت كليب وسالم أخيها؟ وما هي نتيجته؟ الصفحتان (59 ،60) --

15. ماذا طلب شبح كليب من شقيقه (سالم) الذي يحاوره؟ الصفحتان (61، 62) --

16. كيف نجحت (جليلة) زوجة (كليب) في إعداد ابيها (هجرس) للمستقبل؟ راجع الصفحتان (64، 65) --

17. ما هي الحقائق عن الحرب بين بكر وتغلب التي يعيشها حوار سالم مع (يمامة) (ابنة كليب) على ضريح والدها (كليب)؟ الصفحتان (66، 67) --

18. ما الفرق في الموقف بين (سالم) (جليلة) كما يعكسه الحوار في الصفحات؟ (72) الى (76) --

19. كيف خطط جساس من سالم؟ الصفحتان (80 79) --

20. نفهم من الحوار بين (الحكيم) وعجيب (مضحك سالم) أن الحكيم كان مرة علميا في تشخيص حالة الجريح سالم ومرة أسطورا خرافيا. وضح ذلك. الصفحتان (84، 85) --.

الفصل الثالث

21. تقدم من (هجرس) ثلاثة جنود ص (87) وشرحوا له عدم مصداقية الحزب التي يخوضونها ما هي أسباب رفض الحرب التي أسمعوها لهجرس؟ --

22. لماذا رفض الجنود اقتراح (هجرس) بالفرار؟ ص (89) --

23. عدد تفاصيل برنامج جساس لتوليّ السلطة في بكر وتغلب القبيلتين المتحاربتين منذ سبع سنين؟ ص (93) --


*339*

24. جعل المؤلف للتنجيم والنجوم نورا وجعلها تنبئ عن أحداث ستقع، ما هي الأحداث التي تنبأتها النجوم كعا ورد في النص؟ انظرالصفحتان (95، 96) --

24 - بعد حوار عنيف تخلل التهديد بالسجن والقتل ل (جليلة) من قبل أخيها (جساس) قاتل زوجها كليب حدث تغير فى موقفها بالنسبة للحرب الدائرة بين بكر وتغلبْ ما هو هذا التغير؟ وما هي أسبابه؟ ص (97) --

25. صفْ لحظة إفاقة سالم من الإغماء بعد سبع سنين وصف طبيعة الأسئلة التي وجهها ل (عجيب) ص (98) وما بعدها. --

26. كيف انتهى الموقف الذي جمع (هجرس) وتابعه وفرسان حسَّان الثلاثة؟ الصفحتان (104) (105) --

27. كيف تحققت يمامة أن الشاب الذي يحاورها هو أخوها (هجرس) من كليب؟ ص (115) وما بعدها. --

28. كيف عرض (هجرس) فهمه للحرب وما هو تعليقه على ما جرى بين الأقارب والأم؟ الصفحات (123 125) --.

أسئلة الأسلوب:

1. ورد في النص تشبيهاتٌ. استخرج ثلاثة وبين أغراضها. انظر مثلاً الصفحتين:

(21، 22) وغيرهما. --

2. بأي أسلوب جرى عرض الأحداث التي فصلت موضوع كليب ومصرعة؟ وما قيمة هذا الأسلوب؟ --

3. يتخذ الكاتب أسلوب توثيق النص بروح الفترة الجاهلية. هات شواهد على ذلك.

انظر مثلا ص (24) --

4. قال (عجيب) لسالم: أنا الشَّباك، وانت تطل مني على العالم. أيّ أسلوب بلاغي يشتمل عليه هذا القول؟ اشرحه. --

5. استعمل الكاتب أسلوب (تيّار الوعي) بواسطلة جساسٍ (ابن مرة) ماذا يفيد هذا الأسلوب؟ انظر ص (56) --


*340*

6. فرضتْ أحداث المسرحية عدة أساليب تعبيرية منها الاستفهام البلاغي. مثل بثلاثة أمثلة لاستقهام بلاغي وحدد أهدافها. انظر مثلا ص (98) --

أسئلة الرأي والموقف والقيم:

1. وضح قول الرجل الأول: (نحن على دين الفراشة) وما هو رأيك فيه؟ --

2. هل - بناءً على أحداث المسرحية - تؤيد وتوافق أن المرأة صاحبة كيد ومكيدة؟ --

3. هل ترى أن إدخال شبح كليب للمسرحية ومحاورة اخيه معه ضروري ومؤثر في تتابع الأحداث؟ اشرح رأيك. الصفحتان: 61-62 --

4. كيف تفسر التناقض لدى أسم (أخت كليب) في الاعراب عن مشاعرها أمام الجريح سالم؟ ص 83 --

5. هل تأثر الكاتب بما ورد في سورة (الكهف)؟ عندما أفاق سالم من غيبوبة استمرت سبع سنين وأخذ يسأل مضحكه (عجيب). --

6. ما الحكمة من تبادل السيفين بين (هجرس) وسالم؟ ومن يستخدم هذا الأم انسياب الأحداث بسلاسه ودون تعقيد؟ --

7. هل ترى أن الكاتب يوجة الأنظار إلى أوضاع العرب اليوم؟ اشرح ذلك.

مصادر للتوسع:

1. عمر الدسوقي: المسرحية نشأتها، وتاريخها، وأصولها، دار الفكر العربي د ت.

2. رانيا فتح الله: الاتجاه الملحمي في مسرح ألفريد فرج القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1998.

3. دياب قايد: فن المسرح عند ألفريد فرج الكويت دار سعاد الصباح للنشر والتوزيع 1996.


*341*

البابُ التاسع المطالعة الحرة

السجادة العَجمية حنان الشيخ.

النملُ والقاتْ حيدر حيدر

وجهٌ جديد حنين بركات.


*342*

السجادة العجيبة حنان الشيخ


*342*

لما انتهت مريم من تضفير شعري إلى ضفيرتين، مدت إصبعها إلى فمها تلحسها ثم مرت بها على حاحبي وهي تزفر وآه من حواجبك شي طالع، شي نازل التفت بعجلة إلى أختي وهي تقول: (شوفي إذا أبوك بعده عم يصلي). لم أنتبه إلا وأختي تعود وتهمس: ((بعده)) ومدتْ يديها ترفعهما إلى السماء تقلدة. ولم أضحك كالعادة ولم تضحك مريم بل تناولت الإيشارب من على الكرسي تغطي شعرها وتعقدة بسرعة عند رقبتها. فتحت الخزانة على مهل وتناولت شنطة يدها، أدخلتها حتى وصلت إبطها ومد لنا يديها فأمسكت أنا بواحدة وأختي بالأخرى. وفهمنا أن علينا السير على رؤوس أصابعنا مثلها وانحبس أنفاسنا ونحن نخرج من باب الدار المفتوح. ننزل الدرج ورؤوسنا تلتفت صوب الباب. ثم صوب الشباك. لما وصلنا آخر درجة ابتدأنا بالركض ولم نتوقف إلا عندما اختفى الزاروب وقطعنا الشارع وأوقف مريم سيارة أجرة.

كان تصرفنا واحدا يدفعه خوفنا فاليوم سنرى أمي لأول مرة منذ انفصالها بالطلاق عن والدي الذي أقسم بأنه لن يدعها ترانا. فالخبر بأنها سوف تتزوج من رجل كانت تحبه قبل أن يتزوجها أهلها بالقوة من والدي انتشر بعد ساعات من طلاقهما.

قلبي يدق فهمت أن ضرباته ليست آثار الخوف والركض بل من رهبه هذا اللقاء. من ارتباكي المنتظر. فأنا قد حفظت نفسي وخجلي. مهما حاولت فأنا لا أستطيع إظهار عاطفتي حتى لأمي. لن أقدر على الارتماء بين ذراعيها وطمرها بالقبلاب وإمساك وجهها كما تفعل أختي أو كما هي طبيعتها. فكرت بهذا طويلا منذ أن أسرت مريم في أذني وأذن شقيقتي بأن أمي أتت من الجنوب وأننا سنزورها خلسةً في الغد. أخذت أفكر بأني سوف أخبر نفسي على أن أتصرف كما تتصرف أختي تمامًا سأقف خلفها وأقلّدها عن لا وعي التقليد الأعمى، كما يقول المثل ولكن أنا أعرف نفسي. لقد حفظتها غيبًا. مهمًا أحاول إخبارها ومهما أفكر مسبقًا بأنه يجب ولا يجب أجدني أنسى ما صممت عليه وأنا في الحدث نفسه ووقفت ونظري إلى الأرض. وجبيني قد زاد تقطيبه


*343*

حتى وأنا في هذا الوضع لا أيأس، بل أتوسل لفمي حثت نتفرج شفتاه من ابتسامة لكن بلا فائدة.

لما توقفت سيارة الأجرة عند مدخل بيت يقف على كل من عموده أسدان من حجر رملي أحمر فرحت نسيت للحظة قلقي وتوجسي. وعمتني السعادة لأن أمي تسكن في بيت يقف عند مدخله أسدان وسمعت أختي تقلد زئير الأسد التفت إليها أحسدها. ورأيتها تمد يديها عاليًا تحاول هبش أحد الأسدين. فكرت: هي دائمًا بسيطة مرحة مرحها لا يفارقها حتى في أحرج اللحظات وها هي ليست متوهمة من هذا اللقاء لكن لما فتحت أمي الباب ورأيتها وجدتني لا أنتظر أحدا، من أسرع وأرتمي بين ذراعيها قبل أختي. وأغمض عيني. وكأن كل مفاصلي جسمي قد تأخذ بعين أن تعذز عليها النوم مدة طويلة. وشمت رائحة شعرها التي لم تتغير. واكتشفت لأول مرة كم أفتقدها، وتمنيت لو تعود تعيش معنا رغم حنان واهتمام والدي ومريم بنا وتهت أتنتمر ابتسامتها عندما رضي والدي بطلاقها بعد أن تدخل شيخ الدين عقب تهديدها له برمي وحرق نفسها بالكازْ إذا لم يتم طلاقها. أتخدر من رائحتها التي حفظتها كل حواسي. أفكر كم أفتقدها رغم أننا عندما أسرعت وراء خيالي تصعد السيارة بعد أن قبلتنا وأخذت تبكي استأنفنا لعبنا في زاروب بيتنا. ولما أتى الليل ولم نسمع لأولي مرة، منذ زمن خلافها ومشاحنتها مع والدي، خيم الهدوء على البيت إلا من بكاء مريم التي تربط والدي بصلة القرابة والتي وعيت عليها وهي في البيت تقيم معنا.

تبعدني امي عنها مبتسمة لتضَّم شقيقتي وتقبلّها وتعود تضم مريم التي أخذت تبكي وسمعت أمي تقول لها باكية: (كثر خيرك) مسحتْ دموعها بكمّها، وعادت تتأثثني وتتأملني شقيقتي وتقول: (يخزي العين، عم تطولو) ثم أحاطتني بذراعيها بينما غمرت أختي خصر امي وأخذنا نضحك عندما تعذر علينا الخطو بسهولة. لما وصلنا الغرفة الداخلية أيقنتْ أن زوجها الجديد في الداخلي لأن أمي قالتْ وهي تبتسم: (محمود بحبكم كثير ويتمنى لو أبوك يعطيني إياكم حثى تعيشوا معنا وتصيروا كمان أولاده). وردتْ أختي ضاحكة (يعني بصير عندنا أبوان؟) وأنا لا زلتْ مخدرة أضع يدي فوق ذراع أمي فخورة من تصرفي. منْ إفلاتي من نفسي ومن يدي المكبلتين ومن سجن خجلي بلا


*344*

جهد. وأنا أستعيد صورة لقائي مع امي والارتعاد تلقائيا عليها والذي كنت أحسده أمرا مستحيلاً، وتقبيلها لدرجة أمي أغمضنتْ عيني. زوجها لم يكن هناك. أفتح عيني وأبحلق في الأرض ثم أجمد. أضطرت، أنظر إلى السجادة العجمية المطروحة على الأرض أنظر على أمي نظرة طويلة. لم تفهم معنى نظرتي. بل اتجهت إلى خزانة تفتحها وترمي لي ببلوزة مطرزة. وتتجة إلى درج تواليت زينتها وتتناول منة مشطًا عاجيا رُسم عليه قلوب حمراء تعطيه لأختي. أحدق في السجادة العجمية وأنتفض حنقًا، وغلا. عدت أنظر إلى أمي وفترت نظرتي اشتياقا وحنانا لأنها أحاطتني بذراعيها وهي تقول: (لازم تجولكن يومين ولازم يوم الجمعة تقضوه عندي). لبثتْ جامدة. وددتُ لو أبعد ذراعها. لو أعض زندها الأبيض. وددت لو تتجدد لحظة اللقاء وتفتح الباب وأقف كما كان يجذب نظري إلى الأرض، مقطبة الجبين. عيناي الآن تنظران في السجادة العجمية ذات الخطوت والألوان المطبوعة فى ذاكرتي. كنت أستلقي عليها وأنا أدرس أجد نفسي قريبة منها لدرجة، فأتأمل نقشها وأشببه بحر بطيخ أحمر الواحد تلو الآخر. وعندما أجلس على الكنبة، أرى الحزَّ قد تحول إلى مشط له أسنان رفيعة.

كان لون باقات الورود المحيطة جوانبها الأربعة، أرجوانية اللون شبيهة بلون نبتة عرف الديك. ككل مطلع فصل صيف كانت أمي تطرح حبون النفتل من عليها وعلى باقي السجادات، تلفها وتضعها فوق الخزانة. كانت الغرفة تبدو شاحبة، حزينة إلى أن يطل الخريف، وتصعد بها أمي حتى السطح تفرشها، تلتقط حبيبات النفتالين التي تكون قد ذاب معظمها من حر ورطوبة الصيف تكنسها بمكنسة صغيرة وتتركها فوق السطح. في المساء تنزلها أمي وتغرسها مكانها وتعمني السعادة، الحياة تعود إلى الغرفة وألوانها أكثر ابتهاجا. لكن هذه السجادة اختفت قبل طلاق أمي بأشهر وهي تتشمس متمددة على أرض السطح، عندما صعدت أمي عند العصر لتأتي بها، ولم تجدها. بل نادت والدي الذي رأيت الحمرة تعتلي وجهه للمرة الأولى، نزلا من السطح والغصة والحيرة تطير منها وتصل الجيران الذين أقسم كل منهم أنهم لم يروها. صاحت امي فجأة (إيليا) وانعقد لسان الجميع. لسان أبي ولساني ولسان أختي ولسان جارنا وجارنا. ووجدتني أصيح: إيليا؟ حرام مش معقول.


*345*

إيلي، كان رجلاً شبة ضرير يتردد على بيوت كل الحي، يعيد تفتيش كراسيهم الخيزرانية. ولما كان يأتي دورنا وأراة بعد أن آتي من المدرسة يجلس على المصطبة، وأمامة أكوام القش وشعرة الأحمر يبرق تحت الشمس. يمد أصابعه يتناول خيط القش بسهولة وكأنه سمكة تمر من بين الشباك المنصوبة دون أن تمسه بأي أذى - وأراه بخفة ومهارة يدخلها من ثقب ويلفها ويعود يخرجها حتى تتكون شكل دائرة من القش في قعدة الكرسي كالدائرة التي قبلها والتي تليها. كلها متساوية، متشابهة وكأن يديه آلة. كنت أتعجل لسرعته ومرونة أصابعه ولأنه كان يجلس منحني الرأس كأن عينيه تبصر. شككت مرة بأنه لا يرى الا العتمة ووجدتني أقرفص وأنظر إلى وجهه المتورد الأحمر، فأرى عينيه مغمتضين تحت النظارات وكأن فيهما خط أبيض حزَّ في قلبي وجعلني أسرع إلى المطبخ فأرى كيس تمر على الطاولة أمد يدي أضع كومة في صحني أقدمه لإيليا.

وأنا لا أزال أحذق في السجادة طافت صورة إيليا الأحمر الشعر والوجه، فنظرت إليه وهو يصعد الدرج وحدة، وهو يجلس على كرسيه، وهو يساوم، وهو يأكل ويعرف أنه أكل كل ما في الصحن. وهو يشرب من الإبريق والماء يمر في حلقه بسهولة. لما جاء ذات ظهر وقد تعلم من والدي أن يقول: (الله) قبل أن يخرج ويدخل لربما أمي كانت بلا حجاب، ذهبت أمي عليه تسألة عن السجادة، ولم يقل شيئًا بل أصدر صوتا يشبة البكاء. ولما مشى تعثر لأول مرة، وقاربَ على الاصطدام بالطاولة، اقتربت أمسك بيده فأمسكها وقذد عرفني من لمسة يدي. لأنة قال لي بصوت يشبة الهمس: (معليش عم) واستدار يخرج. انحنى ينتعل حذاءه، وكأني رأيت دموعًا خفيفة على خذيه. ولم يتركه والدي بل سأله: (الله يسامحك يا إيليا إذا قلت الحقيقة) لكن إيليا مشى يستند على درابزين الدرج ينزل الدرجات آخذا وقتًا على غير عاديه في تحسس طريقه حتى اختفى ولم نعد نراة.


*346*

النمل والقات حيدر حيدر


*346*

عندما زحفت النملة الأولى متسلقة إصبع قدم محمود بن عبد الله الزبيري رنا إليها وهو مستلق تحت الشجرة. داهمته ضحكة بلهاء مسترخيه وهو يرى هذا المخلوق الضئيل يتسلق جسدة الضخم. باسترخاء عذب مضغ مضغه القات ثم حركها في فمه فشعر بمتعة رجل يدغدغ ثدي امرأة.

قال محمود بن عبد الله الزبيرى لنفسه: آه كم هم مساكين أولاد المحرومون من هذه الرعشة!

كانت الشمس تتخلل من ثغرات الأغصان باعثة مع لذات القات نوعا من المخدر المنعش في جسد الرجل الملقى بين الظل والشمس ومن مقهى مجاور انسابَ صوت مغنية شرقية ماتعًا هابطًا به نحو سكونية خالدة.

كان يمتص مضغة القات ويعتصرها بشبقٍ عندما جاءت نملة أخرى تتبعها رفيقتها وراحتا تتسلقان الأصابع نحو الجسد المُسجى.

كان صعود النملة الثالثة يدغدعه، وإذ قرصته بفمها المتناهي في الصغر أحس وكأن شوكة صغيرة تخزة.

قال محمود بن عبد الله: يا للنمل ما أحمقه! وبحركة بطيئة ناعسة حرك أصابعه لنفض النملة أو لسحبها، غير أن النملة كانت أذكى من حركته. زاغت من مكانها وهبطت نحو باطن قدمه.

تسربْ الجدارإلى خلايا الرحي المستلقي. كان منتشيا بالشمس والقات والصوت والعذب المريح لكوكب الشرق. وبعث فيه الخدر رؤى وأحلام يقظة ملونة كقوس قزح. ورأى في ما رأى أنه يطير فوق الحقول والجبال حتى يصل إلى مواطن النجوم ورأى هذه النجوم وقد تحولت أزهارا، وراح يقطفها ثم يزرعها في عروقه ويختالُ بها كالطاووس ثم رأى أن هذه النجوم قد تحولت إلى كراتٍ من الذهب، راح يبيعها في ساحة المدينة ويشتري بأثمانها بنادق وخيولا وصقورًا وكلابًا للصيد.


*347*

ولما سئم من النجوم والذهب والبنادق والصقور، حلم بنساء بيضاوات وجوههن في لون الثلج وشعورهن كسنابل القمح ولون عيونهن كلون البحر - ثم رأى نفسة مرة أخرى فارسا يخترق الريح بيده سيف ورمح وأنه صار ملك العالم بلا منازع وها هي الأرض تحت قدمده يأمر وينهى بما يشاء وحولة العبيد والجواري، والجنود طوع بنانه. ابتدأ يتزوج أكثر من امرأة وخصص لكل امرأة قصرًا وخصص لكل زوجة ليلة.

ولما استقرت مملكته رأى أن عليه أن يتخلص من جميع أعدائه وفى مقدمتهم جارته القديمة ذات اللسان السليخ التي اشتهاها ولكنها صدتة. جاء بها وحاكمها وطلب إليها أن تركع قرب قدمه عارية، وأن تعترف به ملكًا لا مثيل لة في الرجولة والشجاعة، ثم طلب من سيافه أن يقطع لسانها ويرسلها إلى عبيده لينامو معها واحدا تلوالآخر.

ثم أمر الملك السعيد محمود بن عبد الله الزبيري أن يؤتى لة برجلٍ وصمه يومًا بأنه عنينٌ وغبي وأحمق وطلب من جلاديه أن يضربوه حتى يسيل منة الدم ثم يقطعوا أعضاءه التناسلية ويرموها للكلاب أمام الناس جميعا.

هكذا بدأ محمود بن عبد الله الزبيري يثأر من أعدائه واحدا واحدا وهو مستلق فوق عرشه بينما النمل الصغير الحقير يصعد الجسد السابح في غيبوبيه وأحلامه. كان النمل يشق دروبة متقاطرا على مهل وهو يغزوة بطمأنينة.

ها قد بدأت أجفان الرجل تثقل وراحت الرؤى والتصوران تتراقص وتنتقل من خيالٍ إلى آخر، ومن نجم إلى نجم، ومن جبلٍ إلى جبلٍ ومن مدينة إلى مدينة محمولا فوق ريح رخاء بينما يسيل صوت المغنية الشرقية العذب سيلان هذا القات العظيم داخل الخلايا العطشى.

نام محمود بن عبد الله الزبيرى بينما الشمس بدأت تدخل غيابها، وحملة السباتُ العميق نحو جُزر نائية مليئة بجنيات البحر والكنوز المخبأة كنوع من الياقوت والماس والقات ورأى أن جميع هذه الجزر بكل كنورها وصخورها وشجرها قد تحولت إلى غابة من شجر القات فطوقها بكلتا ذراعيه وراح يمضغها بوحشية لذيذة. كان النمل قد تحول الآن إلى جيوش.

زحفت من كل فبِّ عميق فاحتلتْ جسد الرجل


*348*

الحالم، وراحت تجول خلالة بحرية مطلقة، وإن تأكدت بغريزتها النملية أو الرجل قد استوى خارج محيط اليقظة وأن المضغ قد توقف رنت إلى ضحكته العريضة البلهاء الساكنة، ثم بدأت عملها الدؤوب بهذه الغنيمة التي تحولت الآن إلى ما يشبه الجثة.


*349*

وجه جديد حليم بركات


*349*

منذ سنة كان في الحقل في يوم خريفي كهذا اليوم. إنما هو الآن في المدينة.. في بيروت. كل ما فيها يزدحم ويختلظ ويطرب كهذه الأفكار في رأسه. كأنها ليست أفكارا إنما أشياء تعبر في رأسه. المقعد الذي يجلس عليه، الطبيب الذى أقفل الباب وراءة بغضب وسرعة. كل شيء يمر في وجوده ضاربا أقداتمه على بلاط الضمير - كل شيء ما عدا أمسه وقرعات الجرس الثلاث.

كان في الحقل منذ سنه. معوله يرتفع إلى فوق ويضرب ذاتة في التراب اليابس. لماذا يعمل؟ لمن يعمل؟ لمن يقلب التراب ويودعه الحبوب؟ والكرمة يعتني بها لماذا؟ أجل لماذا؟ لقد أصبح في الخمسين من عمره زوجته أكبر منة أيضًا. عشرون سنة عاشها حقها فما استطاع أو لم تستطع هي أن تنجب له طفلا من أجله يهب ذاتة. المعول والتراب والحبوب تدفن تتحرك تشق التراب، تنمو صوب السماء وتنحني سنابل مثقلة.

ترى الشمعات التي أحرقها في الكنيسة لماذا لم يقبها الله؟ ماذا لو أعطاه طفلا ينسيه أنه سيموت غدا وأنه أكثر من صنم لا يستطيع أن يكون غير موجود ماذا لو رزقة اللة طفلا - صبيا كان أو فتاة – فيداعبة يحملة على ذراعه.. يرفعه صوب السماء.. يقرص خده المورد فيبكي وما يسكت إلا عندما يغني لة أغنية كان يسمهها وهو طفل.. يحمله على ظهره ويحبو به في أنحاء البيت.. كان باستطاعته أيضًا أن يعلمه أشياء كثيرة - حتى الشتائم.. ويشتري لة ما لم يحلم به طفل من أطفال القرية - حتى أبناء الأغنياء. ترى كل تلك الشمعات حرقت وكأنها لم تحرق ولو أن لة طفلا لما طمع أخوة بالحقل ولما اعتبرة الناس بلا رجولة. ماذا لو كان له مولود هو قطعة من ضلعه تحبو تكبر.. تكبر ترث الأرض وتعبر الموت؟

في الحقل مند سنة، تماوجت في أذنيه ضربات جرس الكنيسة حزينة كذاك الأفق الرمادي يخبئ الشمس في عبه متلوية هادئة كغيمة تاهت فوق شجرة السنديان في جبهة التلة. ترى من مات؟ استعرض أسماء العديدين عن أبناء القرية دون أن تخطر


*350*

زوجته في باله. لقد صعق عندما عرف أنها هي, شعر أن شيئًا ما رافقه عشرين سنة قد انفصل عن ضلوعه فبكى. معظم أهل القرية قالوا إنة فرح لموتها. لكن التراب! في الحقل ومخدته العتيقة يشهد انه بكى... وبكى بحرارة وألم. وكثرت وشوشات الناس عندما تزوج فتاة صغيرة بعد مضي عشرين يومًا على وفاة زوجته الأولى فقط.

ما اتهموه بالفرح فقط إنما اتهموه بالوقاحة وخرق التقاليد وبعدم احترام الموت. كان يجب ألا يفكر بالزواح قبل مضي أربعين يومًا على أقل تعديل.

أهل القرية جميعا أنكروا عليه هذا الحق وخاصة أخاة. قالوا إنه بلا دين وبلا ضمير، وبلا إحساس. وإلا كيف يمكنه أن يتناسى من وهبته كل حياتها بمثل هذه السهولة؟ كذلك قالوا إن الله لم يرزقه ولد ولن يرزقه طفلا لأنة كافر وشرير رغم أنه يتظاهر بالبساطة والمحبة والتقوى.

واعتزل الناس عاش وحدة هو والحقل والكرم وامرأته التي أحبته رغم كبر سنه. كانت تشعر أن وجودها يخفف من آلامه كانت تتألم في بعض الأحيان إذ تحس أن سرورة واعتنائه بها هما سرور واعتناء بشيء ستحمله في جوفها.

تأكدت من هذا الشعور عندما ظهرت عليها علامات الحبل فغالباً ما كاد يربث على بطنها ويقول متبسمًا بفرح: يا ملعون ما أطيبك أخرج.. اخرج يا ملعون. لقد لقد رأيتك يلعن أبوك. يلعن أختك أخرج أخرج لقد رأيتك.

وتدفعه عنها فيبتعد ضاحكا. لقد حملت طفلًا فى رحمها كل هذه الشهور التسعة أما هو فحمله في قلبه وفكره ترقبا كله لهفه وفخر تتصاعد أمانة الأشياء التي كان في الأمس يطأطئ لها رأسة ذليلا. في الأمس كان يسلك الطرقات الخالية من الناس فيتجمع نظراتهم الشامتة، أما الآن فلا يمر إلا في وسط الساحة العامة وقد رفع رأسة ورفع معه شارببه. فالطفل لم يكن الشيء الجديد فقط في حياته سرواله جديد كذلك الكوفية والعقال والحذاء كل شيء أصبح جديدًا في حياته.

وهو الآن في بيروت مند ثلاثة أيّام. جاء بزوجته إلى المستشفى رغم أنه لا يثق بالمستشفيات ثقة (بالداية) التي على يدها أبصر كل أطفال القرية فجر الحياة جاء بها إلى المستشفى لكي يكون مختلفا عن أهل القرية. طفله كذلك سيكون مختلفًا كل


*351*

ما حرم منه سيكون في متناول يده. لن تشقق الطرقات والأشواك قدميه فسيشتري له حذاء أحمر.. والبرد لن يبيت في عبِّه ولن تلفعة الرياح الثلجية سيبعثه أيضًا إلى المدرسة فلا يقضي حياته شريدا يركض وراء جدي عنيد وشهوة الأكل لن تدفعه إلى السرقة. سيقدم له كل شيء حتى ابن عابد بك سيحسدة على حياته. ولم لا يكون لة كل هذا؟ الألف ليرة في (كوارة الطحين) لمن هي؟ والحقل والكلرم والبقرة والخمس عنزات والأساور الذهبية في معصم أمه لمن كل هذه إن لم تكن من أجله؟ كلها لة. لن يحرمه من أي شيء يكفيه هو أمه لم يعرف الحياة إلا حرمانًا.

نعلم، سيبعثه إلى المدرسة فيصبح طبييا بدون أن تأكل عصا المعول الخشنة قطعا من أصابعه. يداة ستكونان نظيفتين لا تعكر بياضهما قطعاً غبار صغيرة. ستكونان من يدي الدكتور جميل. ولن يموت هو قبل أن يراة يحمل السماعة. عند ذاك لن يحتاج أن يكنس بين خليل أفندي ولا أن يجلي صحونة أو يسقي حصادة أو يحمل لة جرار الماء ليغسل رجليه. وأخوة سيطق من الحنق كذلك. سيطق هو وزوجته وابنه. ظنوا أنه سيعود وتجره الكلاب فيرثون كل شيء عدا عندما يترجل من السيارة حاملا الطفل على ذراعيه وتنطلق حنجرة أخيه بزغرودة طويلة متصنعة ماذا يقول الناس؟ المسبحة تطقطق في يده فتنسيه أنه جالس على مقعد خشبي في حديقة المستشفى منذ الصباح ولكنها ما استطاعت أن تنسيه زوجته وطفله فكان يطل كلما قصر خيالة ربع قدم على المكتب ويسأل عنهما وفي كل مرة كانت تجيبه الممرضة الجالسة وراء طاولة ضخمة (بعد) وتعاود عملها. ترى لماذا تأخرتْ هكذا؟ لا يذكر أن امرأة واحدة في القرية تأخرتْ مثلها.

أصغى إلى طقطقة المسبحة ثم ألقى نظرة على الشارع. لاحق الترام بنظراته مند أن أطل حتى غييه المنعطف. وجاء الترام الثاني فالثالث... ثم الرابع. وما راقب الأخير إنما راقب شاربيْ سائقه الضخمين وضحك. كأنه من القرية. كم يشبة أبا سلوم! وضحك ثانية ثم التفتْ إلى بائع الذرة عند زاوية المستشفى فذكرته تلك الأكواز الشهية المشكوكة في جانبي الموقد أنه جائع. وقف وأدار ظهرة إلى الشمس ثم قاس خيالة فوجده قد أصبح قدما واحدة. إنه وقت الغداء لماذا تأخرَ ابن أخته؟


*352*

وسقطت المسبحة من يده فتناولها وعاد يتطلع بأكواز الذرة (ليشتر واحداً). ووقف ثم جلس.. لا. لا يستطيع أن يصرف المال هكذا. غذاء الطفل يحتاج إلى كل قرش يملكه. سينتظر ابن أخته فيشتري له صحن فول ورغيفين وبصلة وكبيسا كما فعلَ صباحًا. وانصرف إلى المكتب فرقعت الممرضة رأسها وقالت (بعد) قبل أن يسألها. لم ينطق بكلمة إنما أدار ظهره وعاد نحو الزاوية الثانية من الحديقة. وخطر لة أن يعد الذين يعبرون في الشارع.. (1 2 3 55) وجذبت نظرة فتاة تسوق دراجة بتمهل وقد انحسر فستاتها إلى فوقٍ. تابع الدراجة بنظراته وبميلة من جسده إلى الأمام. ثم لوح رأسة بغضب عندما اختفت: بنت المنحوس. ترى كل بنات بيروت هكذا؟ لن يسمح لابن اخته أن يتزوج إلا فتاة من الضيعة.

وتنبة إلى أن جماعة من الناس مرت في الشارع فرفع يدة ورماها بحنقٍ على ركبته: بنت المنحوس. لقد أنسته أين وصل.

وعاد يعد الناس عن جديد (1 2 3 112 113) وسمع صوتا نسائيا وراءه يا عم. فالتفت ليجد أنها الممرضة. وقبل أن يتفوة بكلمة قالت: الدكتور يريد أن يراك. وقف بحركة غير متزنة: خير إن شاء الله؟ أين هو؟

في المكتب.

وظل يسير وراءها رغم أنه ود لو يسبقها، حتى إذا ما وصل إلى المكتب وجد الدكتور الشاب أمامة فقال: يا عم.

- نعم.

أحنى الطبيب رأسة إلى الأرص ثم رفعه وقال مترددا: إنها بحاجة إلى عملية.

ورفع يده المحفرة إلى أنفه يمسح ذلك السائل الذي لازمه منذ أصابة الزكام في الأسبوع الأخير وعادت يدة إلى تحت تمسح حالها في سروالة فيما كان يتنحنح بخجلٍ ويسأل الطبيب: عملية؟

هزَّ الدكتور رأسة بحنقٍ بينما كان فاضل يحيك في فيه كلمات حائرة: نعم عملية عملية أما سمعتْ بهذه الكلمة قبلاً؟

أحنى رأسة بهدوء وقال: سمعتْ... ولكن... ولكن آ.. آ ليسَ ه... هناك من خطر يا دكتور؟


*353*

وأراد أن يقول له (في كل شيء خطر يا عمَّ) غير أنه ابتسمَ وقال: الخطر قليل جدا. نقوم بمئاتِ العمليات كل سنةِ.

- كلها تنتهي بالسلامةِ؟

- يعني.

أحنى رأسه إلى الأرض وتطلع بحذائه وقال: طيب يا دكتور.

خرج إلى حديقة المستشفى ثانية. خمس شمعاتٍ لمار الياس. كان على وشك أن يخصص خمسًا وعشرين ليرة لأرملة عادل نصّار لكنه ضبط نفسه في الوقت المناسب. لا يمكنه أن يبذر أمواله هكذا. هذه الأموال أصبحت للطفل. جلس على المقعد وترامت يداة في حضنه. المسبحة خشخشت في جييه ولكن يدة مستسلماً لشيء كالخدر فليس فيها ما يدفعها لأن تتناولها. كذلك يشعر أئه لا يستطيع أن يعد الناس المارين في الشارع ولا أن يراقب الترام. لم يعد جائعا. لا يريد أن يفكر أو يشعر أو يجوع.. لا يريد إلا أن يستسلم للاشيء. أغمض عينيه. لا شيء. العالم ليس سوى امتداد كالسماء الزرقاء كالغيوم البيضاء، كالظلمة الخائفة خارج جفويه. بوق سيارة يتفجر في عالمه. الغيوم البيضاء تدور على نفسها.. تدور في الظلمة.. تبتعد السماء الزرقاء تقترب تكاد أن تلتصق بجفونه فيفتح عينيه. لقد عاد العالم من جديد. الأبنية القاتمة عربة الترام معلقة في الهواء الناس الأشجار كل شيء عاد إليه - المسبحة ما زالت هادئة في جيبه. ما به تراة خائفًا؟ لا شيء يدعو للخوف. الخوف للصغار. امرأته صبية تحمل ألف عملية. لا شيء يدعوللخوف. الخوف للصغار.

في ذلك الوقت كاد الطبيب قد بدأ العملية ويدة تتناول آلة بعد أخرى برشاقة وبراعة الممرضة تحدق بعينيه.. بالقطعة البيضاء على فمه بالقفازات في يديه بالعرق على جبهته، تنتظر شارة منه فتقدم له ما يريد. تمد أصابعها تمسح العرق عن جبهته ويكمل عمله دون أن ينتبه: وضعه غريبٌ.

- كيفَ؟

استمر في عمله دون أن يجيب إنما هز رأسه بشيء من الغضب. وأدركتْ هي جراحة الموقفِ فحدقتْ به مستعدة أن تقدم لهُ ما يطلب بسرعة.


*354*

- لا يتحرَّك.

ظلتْ تراقبه دون أن تقول أي كلمة.. تراقب جبهته القطعة البيضاء على فمه. يداه تزداد حركة تهدأ.. تنتزعه إلى العالم. لم يصرخْ. وتأؤة الطبيب بحزن: ميت.

تأملته الممرضة معجبة بوزنه وجماله. ورفعت نظرها إلى الطبيب: حرام، ما أجمله. وأفهم صمت خدشه صوت الطبيب: اذهبي واخبريه.

- أنا؟ أرجوك.

- كفى اذهبي اذهبي.

خرجتْ بهدوء وحيرة.. وسمعت ضحكة عالية فالتفتت صوبها فإذا هو يراقب طفلين يلعبان. ترددت.. كاد يبدو عليه كأنه يود أن يشاركهما اللعب. وتطلَّع إلى أكواز الذرة ولكنه غض بصرة. الطفل يحتاج كلِّ غرشٍ.

من مجموعة الصمت والمطر دار مجلة شعر بيروت 1958.


*355*

كشَّاف التعريفات

ملحق بالتعريفات للمصطلحات الواردة في الكتاب:

تلحق في هذا الكتاب المصطلحات الأدبية التي وردت فيه، والتي أشرنا إليها عند تعرضنا للنصوص بالتحليل وهذه المصطلحات من علوم البلاغة، وكذلك من دائرة النقد الأدبي الحديث والتسميات الحديثة في الأدب وبخاصة في الشّعر.

1. الارداف الخلفي (Oxymoron):

تناقض ظاهري بين عبارتين لإثارة الإعجاب، وفى البلاغة الغربية اشتقَّ المصطلح من أصل يوناني بمعنى (ما لا معنى له قصدا) ليعبر بذلك عن أن التناقص الظاهري قد ينطوي على حقيقة عميقة بقصد إبرازها بهذا الأسلوب المتناقض مثال ذلك قولك: (صديقان لدودان).

والتركيب اليونانى هو: OXUS وتعني حاد أو ذكي moros وتعني حماقة أو بلاده. ومثاله في مختاراتنا في قصيدة أبي تمّام: (فتح عمورية) حين قال: (غادرت فيها بهيم الليل وهو ضحى). والإشارة إلى بهيم الليل (وضّحى).

2. الإرصاد (Irsad):

هو أن يذكر قبل آخر الفقرة أو البيت! ما يدل على آخره متى عرف روية وذلك كقول الله تعالىِ: (وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنهم يظلمون) وقول البحتري (284 ه):

فإذا حاربوا أذلوا عزيزًا وإذا سالموا أعزوا ذليلا

ويسمي التسهيم أو التوشيح.

3. الازدواجْ:

هو توافق تمجاورين من لفظ واحد، أو عبارة وعبارة تنتهيان بفاصلتين متشابهتين كما في السجع مع ورودها مثنى مثنى لتحقيق الازْدواج مثل:

من جد وجد ومن صبر ظفر (ازدواج لفظين)

اتخذت الكتاب أنيسًا إليه أظل جليسًا (ازدواج عبارتين)

إن بعد الكدر صفوًا وبعد المطر صحوًا


*356*

4. الإطناب:

زيادة اللفظ على المعنى لفائدة ويكون بأمور عدة مثل: قال تعالى: تنزَّل الملائكة والروح فيها) كلمة الروح التي تعني جبريل هي زيادة وذلك لأن جبريل هو بمن ضمن الملائكة.

5. الإيجار:

جمع المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل مع الإبانة والإفصاح، مثل: قال تعالى: (آلا له الخلق والأمر.

6. الاستعارة:

الاستعارة من المجاز اللغوي وهي تشبيه حذف أحد طرفيه: المشبه أو المشبه به.

7. الاستعارة التصريحية:

وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به. مثل قال تعالى: (كتاب أنزلناه لتخرج الناس من الظلمات إلى النور).

هنا المشبه محذوف وهو الضلال والمشبه به موجود وهو الظلمات فالاستعارة تصريحية كذلك الأمر بالنسبة لكلمة النور حيث شبه الهدى بالنور وهي محذوفة وبقي المشبة به فالاسعتارة تصريحية.

8. الاستعارة المكنية:

وهي ما حذف فيها المشبه ورمز إليه بشيء من لوازمه. مثل: قال الحجاج فى إحدى خطبهِ: إني لأرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها وإني لصاحبها. شبه الرؤوس بالثمار التي تقطف بعد أن تونع فحذفت الثمار وبقي من لوازمها أينعتْ.

9. الإنشاء:

ما لا يصح أن يقال لقائله: إنه صادقٌ فيه أو كاذب مثل: استعدوا أيها التلاميذ للامتحان. أو: هلْ أحضرتْ الكتاب معك؟

10. الاستفهام الإنكاري:

هو الاستفهام الذي يتضمن النفي نحو الآية: (فمن يهدي من أضلَّ الله) الروم 29 أي لا أحد يهدي من أضل الله.

ومثاله في مختاراتنا ما جاء في قصيدة المتنبي: بم التعللِّ أي لا تعلّل. وكذلك قول أبي تمام في قصيدة فتح عمورية: السيف أصدق في البيتِ الرابع من مختاراتنا:


*357*

أين الرواية؟ بلْ أين النجوم وما ورد في عجز البيت السادس من مختاراتنا من قصيدة أراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني حيث يقول:

وهل بفتًى مثلي على حاله نُكر؟

11. البحر:

هو قالبٌ صوتي موسيقي يتكون من تكرار وحدات صوتية: كبرى هي التفاعيل، يمكن أن تستعمل كما هي دون تغييرات، ويمكن أن تدخلها تغييرات تسمى الزحافات والعلل وفي حالات عديدة يمكن أن تستمد من الصورة الأصلية صور فرعية تستعمل وحدها أو اضافة إلى الصور الاصلية مع الزحافات والعلل أو بدونها.

عدد البحور الأساسية غير المولدة المستعملة في الشعر العربي ستة عشرَ بحرا، منها:

1. المتقارب: فَعُولُنْ فَعُولُنْ فَعُولُنْ X 2

2. المتدارك: فاعِلُن فاعِلن فاعلِن فاعلِن 2 X

3. الطويل: فعولُن مفاعيلِن فعولُن مفاعيلِن 2 X

4. البسيط: مستفعلنْ فاعلنْ مْسَتفعِلِنْ فاعِلن 2 X

12. البيت المدور:

هو الذي تقسم كلمة فيه بين الشطرين ليستقيم الوزن. وقد تكتب الكلمة كاملة في الشطر الأول ويكتب بعدها حرف (ميم) ويدل على مدور. مثاله في مختاراتنا ما ورد فى قصيدة: (قال لي صاحبي) لعمر بن أبي ربيعة وذلك في البيت السابع:

فأجابت عند الدعاء كما لبى رجالٌ يرجون حسن الثواب.

وكذا الأمر البيت الرابع عشر:

قلَّدوها من القرنفل والدُّر سخابًا واهًا له من سخاب

وظهر التدوير كذلك في مختاراتنا في قصيدة البحتري (صنت نفسي) في الأبيات:

(2، 8، 14،12،9).

13. تأكيد الذَّم بما يشبه المدح:

هو ضربان:

أ. يستثنى من صفة مدح منفية صلة ذم مثل: لا فضل للقوم إلا أنهم لا يعرفون للجار حقه.


*358*

ب. أن يثبت لشيء صفة ذم، ثم يؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة دم أخرى مثال: الخطبة طويلة إلا أنها غير مفهومة.

14. تأكيد المدح بما يشبة الذم:

هو ضرْبان:

أ. أن يستثنى من صفة ذم منفية صفة مدح مثل: قال ابن الرومي:

ليس به عيب سوى انة لا تقع العين على مثله

ب. أن يثبت لشيء صفة مدح ويؤتى بعدها بأداة استثناء تليها صفة مدح أخرى

مثال: قال رسول الله (ص): (أنا أفصح العرب بيد أنيْ من قريش).

15. تجاهل العارف:

عبارة عن سؤال المتكلم عما يعلم سؤال من لا يعلم يوهم أن شدة التشبيه الواقع بين المُتناسبين أخذت عنده التباس المشبه بالمشبه به وفائدته المبالغة.

مثل: أصاح أنت أم نائم؟ من تريد أن ينتبه أكثر.

أوجهكَ هذا أم بدر؟

16. التجريد:

هو إخلاص الخطاب لغيرك، وأنت تريد نفسك لا المخاطب نفسه أي أن الشاعر يجرد من نفسه شخصًا يوجه له الخطاب وهو يريد نفسه. وأصل التسمية من جردت السيف إذا نزعته من قميصه وجردت فلاناً إذا نزعت ثيابه، وفائدته: التوسع في الكلام، ويقول ابن الأثير: وأظن انه شيء اختصت به اللغة العربية دون غيرها من اللغات. والفائدة الثانية له: انه يتمكن به المخاطب من إجراء الأوصاف المقصودة من مدحٍ وغيره على نفسه أمثلةٌ:

1. قال الصمة القشيري:

حننتُ إلى ريا ونفسكَ باعدت مَزاركَ من ريّا وشعباكما مَعا

2. وقالت الخنساء:

قذى بعينك امْ بالعين عُوار أم ذرفتَّ إذ خلتْ من أهلها الداُر

3. وقال ابو فِراس الحمدانيّ:

أراك عصي الدمع شيمتكَ الصبر أما للهوى نهيٌ عليكَ ولا أمرُ.


*359*

17. الأسلوب التحليلى deduction:

وفيه يصرح بالمعنى العام أولا ثم يوحد بتحليله إلى جزيئات وهو عكس الأسلوب التركيبي كقولك.

كان عمر بن الخطاب الموسس والمنظم الأول للدولة الإسلامية ثم تأخذ بتعداد أعماله التي نظمت الحكم واسسته في الدولة الإسلامية.

18. الترديد:

هو أن يعلق الشاعر لفظة في بيت واحد ثم يرددها فيه بعينها يعلقها بمعنى آخر كقوله تعالى: (لا يستوي أصحابُ النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون).

قال السموأل بن عادياء:

إذا سيد منا خلا قاسم سيد قؤول لما قال الكرام فعول

وقال ابو نواس:

صفراء لا تنزل الاحزان ساحتها لو مسها حجر مسته سَّراء

19. الترصيعُ:

مقابلة كل لفظة من صدر البيبت أو فقرة من النثر بلفظةٍ على وزنها ورويها (حرفها الأخير) وأصله من ترصيع العقد.

قال تعالى: (إن الأبرارَ لفي نعيم وإن الفجارَ لفي جحيم

الأبرار يقايلها الفجار

نعيمم يقابلها جحيم قال الشاعرُ:

نعم ترصعَّ شعري واعْتلت هممي وكم ترفعَّ قدرَي وانجلتْ غممي.

نعمْ يقابلها وكم.

ترصعَّ يقابلها ترفعَّ.

واعْتلتْ يقابلها وانْجلتْ.

هِممي يقابلها غُممي.


*360*

20. الأسلوب التركيبي Induction:

أخذ الجزيئات وتركيبها لتؤدي معنى متكاملاً كأن تصف لُعبة كرة قدم مثلا تتعرض في وصفك لمهارة اللاعبين وسرعتهم واتقانهم للعب ولنقل الكرة وغير ذلك ثم تنهي بأن الفريق قد حصلَ على الفوز في النهاية.

21. التشخيص التجسيد (Personfication):

نسبة صفات! البشر إلى أفكار مجردة أو إلى أشياء لا تتصف بالحياة مثال ذلك: الفضائل والرذائل المجددة في المسرح الأخلاقي أو في المعنى الرمزي الأوروبى في العصور الوسطى، ومثاله أيضًا تخاطبة الطبيعة كأنها شخص تسمع وتستجيب في الشعر والأساطير.

22. التصريع:

هو استواء آخر جزء في صدر البيت وآخر جزء في عجزه. في الوزن والروي (الحرف الأخير) مثل:

قِفا نبك من ذكرى حبيب وَمنزلٍ بسقطِ اللوى بينَ الدخول فحومِلَ

ويغلبْ مجيئه في مطلع القصيدة فقط وقدْ يأتي في غير المقطع وفائدته معرفة مطلع القصيدة.

23. التضمين (Implication):

ما تنطوي عليه القضية دون ان يصرح به فيها.

والتضمين في العروض العربي أن تتعلق قافية البيت بصدر اليت الذي يليه كقول النابغة الذبيابي (توفي قبلَ البعثة أو 18 قبل الهجرة):

وهم وردوا الجفار على تميم وهم أصحاب يوم عكاظ إني

شهدتُ لهم مواطنْ صادقاتٍ شهدن لهم بحسن الظن مني

وهذا عيب من عيوب القافية ما لم يكن البيت التالي تفسيرا أو وصفًا أو مؤكدًا أو بدلا مما قبله لا يعد التضمين في هذه الحالة عيبا لأن معنى البيت الأول تم بدون التالي له.

24. التكرار Repetition:

لغويًا إعادة اللفظ: حرفًا أو مقطعًا أو كلمة، أو جملة ويكون للتأكيد، أو لتقوية المعنى


*361*

أو لتنويع معان بعد المعنى الأول كتكرير الخنساء لعبارة: تبكي خناس فكل مره يوجد تفسير آخر للبكاء.

25. تكرار الصدارة (Anaphora):

تكرار الكلمة أو العبارة الأولى في أبيات أو جمل متتالية لغرض بلاغي مثال ذلك الحديث الشريف: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمتْ.

26. تكرار النهاية (Epistrophe) أو (Epiphora):

وهو أن تنتهي عدة جمل أو عبارات بنفس الكلمة او العبارة وذلك بقصد التقرير فى نفس السامع مثال ذلك قولة تعالى: (فبأي آلاءِ ربكما تكذبان) في ختام الآيات من (سورة الرحمن). ومثل قصيدة: البئر المهجورة ليوسف الخال.

27. التلميح:

هو أن يشير ناظم في بيت إلى قصة معلومة أو نكتة مشهورة أو بيت شعر حفظ لتواتره أو إلى مثل سائر يجريه في كلامه على جهة التمثيل وأحسنه وأبلغه ما حصل به زيادة في المعنى وسماه قوم (التلميح) بتقديم الميم كأن الناظم أتى في بيته لنكتة زادته ملاحة. قال ابن المعتز:

اترى الجيرة الذين تداعوا عند سير الحَبيب وقت الزوال

علِموا أنني مقيم وقلبي راحل نمنهم أمام الجمالِ

مثل صاع العزيز في أرحل القوم ولا يعلمون ما في الرحال

والتلميح هنا بصَاع يوسف الصديق.

28. التفعيلة (Foot):

في الشعر العربي هي جزء من البيت وتتكرر فيه وهي وحدة لفظية تتركب من مقاطع قصيرة (المقطع القصير هو حرف متحرك مثل َم) ومقاطع طويلة (المقطع الطويل أكثر من حرف وينتهي بسكون مثل (لمْ) (ذا) وهي في الشعر العربي عشر تفاعيل:

1 - فعولن 2 – مفاعيلن 3 - فاعِ لاتن 4 - مفاعَلتُنْ 5 – فاعلن 6 - فاعلاتُن 7 - مُستفعلُنْ 8 - مُستَفْع لن 9 - مفعولات 10 مُتَفاعِلُنْ.


*362*

29. التهكم:

هو الهزل الذي يراد به الجد والتهكم في الأصل التهدم، يقال تهكمت البئر اذا تهدمت وتهكم عليه إذا اشتد غضبه، والمتهكم المحتقر واصطلاحًا: هو الإتيان بلفظ البشارة في موضع الإنذار، والوعد في مكان الوعيد. والمدح في معرض الاستهزاء.

أمثلة:

قال تعالى: (بشر المنافقين بأن لهم عذابا اليماً) (النساء: 138). وقال تعالى: (ذق إنكَ أنت العزيز الكريم) (الدخان: 49).

وقال عنترة:

ومدجج كره الكماا نزاله لا ممعْن هربًا ولا مستسلْم

جادتْ له كفى بعاجل طعنةٍ بمثقف صدق الكعوب مقوم

وقالَ أبو تمَّام:

تسعونَ ألفًا كآساد الشرى نضجتْ جلودهم قبل نضج التين والعنب.

30. التوارن:

هو أن تتوافق كل جملتين أو فاصلتين من الكلام في الوزن وإن لم تتوافقا بالمساجعة والتقفية أي في أواخر الحروف.

قال تعالى: (ونمارق مصفوفة وزرابيُ مبثوثة) (الغاشية: 15، 16)، يلاحظ التوافق في الوزن بين (مصفوفة ومبثوثة) على اختلاف الحرف الأخير والغرض منه تحسين اللفظ عند النطق به وإضفاء نوع من الموسيقى اللفظية تشبه الشعر وليست من الشعر. والتوازن يحسنْ في النثر ولا يحسن في الشعر.

31. التورية:

أن بذكر المتكلم لفظًا مفردا له معنيان: قريب ظاهرٌ غير مُراد وبعيد خفي هو المُراد، مثل: وروى النعمان عن ماء السما كيف يروي مالك بن أنس

التورية في كلمة (النُعمان) المعنى القريب الظاهر الملك النعمان وماء السما: والده. والمعنى البعيد الخفي هو شقائق النعمان وماءُ السما: المطر

32. شعر التفعيلة:

هو شكل القصيدة الذي تخلص من الشكل الكلاسيكي والنيوكلاسيكي الذي تُبنى عليه القصيدة على نظام الأبياب ذات الشطرين، الصدور والأعجاز. وشعر التفعيلة


*363*

هدم هذا الشكل وكتب بشكل أسطر متتالية قد تطول وقد تقصر، ولكن بقي الوزن المعروف بالبحر بتفعيلات غير خاضعة لعدد ملزم كما أن قافية القصيدة الواحدة ألغت واستعيض عنها بقافية تلقائية متعددة في القصيدة الواحدة وقد تكون حسب نظام أو بدون نظام. ومثاله شعر نزار قباني وغيره.

33. البناء التوقيعي:

هو بناء للقصيدة يقوم على إيجار الألفاظ مع كثافتها المعنوية، هذا الشكل يعبر في مجمله عن حركة تحقق نماء نفسيا تجعل القصيدة في مجتملها صورة واحدة من طرار خاص يتحقق فيها نوع من التكاثر بين الشاعر والحياة قال سميح القاسم: جمجمتي في باقة الجندي

ووردتي

في قبره الطّري.

34. تيار الوعي (Stream of consciousness):

هذا اصطلاح جديد في عالم الآدب أطلق على صورة من صور الفن القصصي وخاصة ما نحاه بعض كتاب القصة النفسبية. فتجد في القصص خلودًا إلى الذات وتجاوبا مع الأفكار والخلجات الممتابعة الداخلية التي تسترسل وليس للأحداث أو المحفزات الخارجية أهمية ذات شأن كأهمية هذا التيار المُنساب الذي يبنى على الخوطر وتداعيها وتعلقها ببعضها.

35. الاختزال القصصي (الثغرة) Gap

هو إهمال سير أحداث غير مهمة في السرد القصصي لا تسجل إلا الأحداث التي تحمل الفكرة والتطور، وكذلك لا يمكن لآية حكاية أو دراما أن تقول دائماً كل شيء وكثير من المعلومات يمكن أخذها على انها مسلمٌ بها، أو مفترضة كمعرفة عامة، ويترك ذلك للقارئ.

ومثال على ذلك: جاء في قصة مختار السمّوعي: (ودفعنا نص ليرة عن كل واحدة وفي (مغارة الجوق) تحت عكبرة وصفد استقبل القطيع العنزتين استقبال الأبطال وثار السم والملامسة و.. فقد اختزل الكاتب المقطع السّردي والزمني من نقطة دفع


*364*

(نص ليرة عن كل وحدة) إلى رجوعه والحاق العنزتين إلى القطيع ومثل هذا الاختزال والثغرات يوجد في كل قصة قصيرة أو طويلة.

36. الحافز (الموضوع الدال) Motif

كلمة أو جملة أو حالة أو صورة أو فكرة تتكرر في العمل الأدبي أو الفني عموماً بحين تؤدي دوراً خاصاً بها.

للحافز في ميدان الآدب ميزتان: أن يلفت انتباه القارئ، وأن يتكرر في الحكاية، وهو لدى بعض الدارسين عنصر من عناصر تكون المضمون، أي وحدة دلالياً بسيطاً تتكرر داخل نص مفرد أو مجموعة من النصوص. كما ورد في قصيدة ابراهيم طوقان: الحبشي الذبيح. حيث كان عذاب الديك وذبحه من أجل العيد حافزاً لوصف صورة عذابه وهومذبوح.

37. الجمع:

أن يجمع المتكلم شيئين فأكثر في حكم واحد مثل: قال تعالى: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) (الكهف 46) وقال تعالى: الشمس والقمر بحسبان) (النجم والبحر يسجدان). (الرحمن 5 6).

38. الجناس:

أن يتشابة اللفظان في النطق ويختلفان في المعنى وهو نوعان:

1. تاٌم: وهو ما اتفق فيه النطق في أمور أربعة هي:

1. نوع الحروف.

2. شكل الحروف.

3. عدد الحروف.

4. ترتيب الحروف مثل: يحيى ويحيا الأولى اسم والثانية فعل (يعيش).

ب. غير تام ما اختلف فيه اللفظان في واحد من الأمور الأربعة مثل:

- الاختلاف بنوع الحروف - قال تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر واما السائل فلا تنهر).

الاختلاف بشكل كل الحروف مثل: صبابة وصبابة - الأولى العشق


*365*

والثانية بقية الماء في الإناء.

- الاحدادف بعدد الحروبف مثل: الجوى والجوانح - الأولى الحرقة وشدة الوجد والحزن والثانية الأضلاع.

- الاختلاف الحروف مثل: قال تعالى حكاية عن هارون يخاطب موسى خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل فالجناس في كلمتي بين وبني تختلفان في ترتيب الحروف.

39. الحس المتزامن (Synaethesia):

تبادل الحواس: تعبير يدل على المدرك الحسي أو يصف المدرك الحسي الخاص بحاسة معينة بلغة حاسه أخرى، مثل إدراك الصوت كأنه مخملي أو دافئ أو ثقيل أو حلو أو إدراك الصوت باللون كأن تقول: أغنيةٌ خضراء.

40. الشعر الحر (Fee Verse):

هو ذلك الشعر الذي لا يتقيد بالوزن أو القافية (هذا بالنسبة للأدب العربي) وقد ابتدعه الشاعر الفرنسي لا فونتين (Lafontaine) في القرن التاسع عشر بنظمه حكاية الحيوان في أبياب ذات أطوالٍ مختلفة وقوافٍ متباينة. ولكن العصر الذهبي للشعر الحر في فرنسا هو منذ 1886 م حين ازدهرت المدرسة الرمزية في الشعر التي اعتدت على تجنيس الأصوات بدلا من القافيه، وعلى الإيقاع بدلا من الوزن ويمكن القول بأن أغلب الشعر المعاصر في أغلب الشعر قد تحول إلى القشعر الحر ومن أمثلة ذلك فى العربية: شعر صلاح عبد الصّبور وأحمد عبد المُعطي حجازي، وسميح القاسم، ومحمود درويش، وغيرهم كثير.

41. البناء الحلزوني:

تداخل مكونات الصورة الشعرية فيما يشبه السلك الحلزوني الذي يبدو وكأنه حلقات مستقلة ولكنها في الحقيقة مترابطة، يربط بينها الموقف الشعري الأول والقصيدة بذلك تتألف من مجموعة من الصور المتداخلة والقصيدة المبنية حلزونيا تتضمن موقفا شعوريًا واحدًا وفي حال كان متعدد الجوانب، يجب أن يكون متجانسًا، فينكشف بعدا بعد آخر، وفي هذا النوع من البناء تكون الرؤية


*366*

الشعورية الأولى محور الانطلاق في آفاق الرؤيا، بحيث يبداً كل مقطع من نقطة الانطلاق الأولى، فيدور الشاعر دورته ليؤلف دورة كاملة لا تنغلق على نفسها إنما تسلم ذاتها إلى ذروة ثانيهة وثالثة. وهكذا تتكون مجموعة من الحلقات المستمرة يربط بينها موقف شعوري. (انظر قصيدة فدوى طوقان - صلاة إلى العام الجديد.

42. حسن الختام:

هذا النوع يجب على الناظم والناثر أن يجعلاه خاتمةُ لكلايهما ولا بد أن يحسنا فيه غاية الاحسان فإنه آخر ما يبقى في الأسماع، وربما حفظ من دون سائر الكلام في غالب الأحوال فلا يحسن السكون على غيره. وهكذا جاءت خواتم السور في القرآن الكريم، ونمثل لذلك بسورة الزلزلة: قال تعالى: (إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجتْ الأرض اثقالها وقال الإنسان مالها يومئذٍ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم فمن يعملْ مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).

قال أبوالعلاء المعري في ختام قصيدة (غير مجدٍ في ملّتي واعتقادي)

واللبيب اللبيب من ليس يغتر بكونٍ مصيره للفساد.

43. حسن التعليل:

أن يذكرالأديب صراحةً أو ضمنًا عله الشيء المعروفة. ويأتي بعلة أدبية طريفة تناسب الغرض الذي يقصد إليه، مثل: قال شاعر يمدح ويعلل لزلزال حدث في مصر:

ما زلزت مصر من كيد يراد بها وانما رقصت من عدله طربا

فحسن التعليل يتمثل في الانصراف عن سبب الزلزال الذي هو جيولوجي وتفسيرة كأن الأرض ترقص من عدل الحاكم.

44. الحوار (Dialogue):

الحوار في الرواية: هو تمثيل للتبادل الشفهي وهذا التمثيل يفترض عرض كلام الشخصيات بحرفيته. يستوجز الحوار الاتصال فثمة رسالة (معلومة) يراد نقلها وتربط للمعلومة ومرسل إليه. وقد يتخذ الاتصال هنا شكل المفاجأة.


*367*

الحوار الروائي محكوم بحاجة النص إليه والدور الذي يؤديه تبادل الكلام في رسم الشخصيات وتفسير الأحداث ويتسم بالقصر ويعتمد على التلميح ويساعد على الاقتصاد في السرد.

45. الخاتمة (Conclusion):

1. قسم أخير في مسرحيية تنتهي بطريقة طبيعية حسب تطور المشاعر أو بغتة بظهور حدث مفاجئ وقد ذهب المنظرون الاتباعيون إلى ان الخاتمة المؤقتة يجب أن تثير الدهشة على أن تكون محتملة الحدوث وأن تكون تامة أي أن تكتشف بوضوح عن مصير كل الشخصيات في المسرحية.

46. البناء الدائري:

ينطلق الشاعر في البناء الدائري من نقطة شعورية يعود إليها في نهاية القصيدة مكررا نفس الكلمات التي بدأ بها (انظر قصيدة الباب تقرعه الرياح - لبدر شاكر السّياب).

47. الدراما (Drama):

هي التمثيلية أو المسرحبة التي ليست بمأساة صافية أو ملهاة مكتملة الشروط وفيها معالجة لمشكلة من مشاكل الحياة الواقعة، بل هي مزيج منهما أي من الحياة في افراحها وآلامها، ورصانتها ومباذلها.

مرت الدراما، خلال التاريخ فى مراحل متنوعة وتطور مفهومها، ومضمونها، وأسلوبها بحيث تصعب صياغة تحديد عالم لها، غير أن ميزتين اثنتين رافقتاها في جميع أدوارها، هما: أنها فن استعراضي، حي موجة إلى سمع المتفرج ونظرة وعاطفية وخياله وفكره معًا وأنها ليستْ بالمأساة الخالصة ولا بالملهاة الصافية.

48. الرمزية (Symbolisme):

أخذت التسمية من كلمة الرمز وهو ما يرمز إلى الشيء دون ذكر تفاصيله، فالصليب رمز للمسيحية، والهلال رمز للإسلام، وغصن الزيتون رمز للسلام، وشجرة الأزر رمز للعلم اللبناني، والصليب المعقوف رمز للنازية وغير ذلك.

أخذ الشعر العربي الحديث الرمزية عن الأدب الفرنسي وكان ذلك بعد الحرب العالمية


*368*

الأولى، فبدأوا يترجمون شيئا من أشعار بودلير (شاعر فرنسي)، ومالرميه (فرنسي) وفاليري (فرنسي) عن الفرنسية إلى العربية وبدأت المجلات: المقتطف والمكشوف والأديب وسواها تنشر شيئا من هذا الشعر وبعض الدراسات التي تتناوله.

وترتكز الرمزية على الموسيقى، أي موسيقى الكلمات والتراكيب، وأخذت الموسيقار (فاغنر) رمزًا لها. وهي تقوم على الإيحاء بدلا من الإفصاح أو الإيضاح.

فهي ابنة الغموض، فالشاعر الرمزي لا يفصح عن أحاسيسه ومواقفه وأفكاره بطريقة مباشرة وإنما يحاول خلق جو نفسي ينقلنا إليه.

49. الرومانسية (Romanticisme):

بدأت الرومانسيه في القرن التاسع عشر وتأثرت بالثورة الفرنسية، وبروسو، وبالأدب الإنجليزي والألماني وخصائصها الرئيسة:

1. أدب ينهض على العاطفة ويركز على القلب.

2. تتغنى بالطبيعة وغير عن ذلك الشاعر إلياس أبو شبكة بقوله (الطبيعة هي قيثارة الشاعر) والشاعر الرومانسي يصورها من خلال نفسه ووجدانه.

3. تمجد الألم وقالوا: (المرء طفل والألم معلمه).

4. يبدوالمؤلف المبدع كئيبا وأطلق على ذلك مرض العصر.

5. الأدب الرومانسى أدب ثورة وتحرر وتجدد.

6. يرى فريق من الرومانسيين أن الإنسان حال في الطبيعة هو منها وإليها يعود.

7. الحب عند الرومانسيين هو في رأس الفضائل يقول فكتور هوجو: (الله ليس له اسم سوى الحب).

8. زعماؤها المعروفون في الآدب العربي إلياس آبو شيكة - لبناني أبو القاسم الشابي - تونسي علي محمود طه - مصري وساهم غيرهم في هذا الباب كخليل مطران وجبران خليل جبران وإيليا أبي ماضي.

50. السجع:

هو توافق الفاصلتين في الحرف الأخير وأفضله ما تساوت بقوة، مثل: الحر إذا وعد وفى، وإذا أعان كفى، وإذا ملك عفا.


*369*

51. السوريالية أو السريالية (Surrealisme):

أو ما فوق الواقعية. يريد هذا المذهبب أن يتحلل من واقع الحياة الواعية، وهو يزعم أن فوق هذا الواقع أو خلفه واقعًا آخر أقوى فاعليه وأعظم اتّساعا، وهو واقع اللاوعي.

وقد دعت السريالية إلى مفهوم جديد للصلة بين الإنسان والكون وبين الفرد والجماعة وناضلت من أجل حقوق الإنسان وتحريره من استبداد الكنيسة والوطن والأسرة والرئيس، وتقول بأن العقل عقبه أساسيه تحول دون الوصول إلى الواقع. والموقف الشعري في جوهره غير عقلي وليس منطقيا يميز النظم التقليدية ويتجاوز القوانين الظاهرة، ويتيح للخيالي أن يجيء بالنقائض وأن يجمع بين الأشياء المتنافرة وأن يحلمها في سلك واحد.

واجمالا إن الآدب السريالي غامض مضطرب أشبه بالهذيان المحموم وأقرب إلى الأحاجي منه إلى الأدب، وانتشرت السريالية في الرسم وفي النحت.

ومن الذين يمثلون السريالية في الشعر العربي الحديث: أدونيس وأنسى الحاج وشوقي أبو شقرا وكذلك يوسف الخال.

52. الطباق:

الجمع بين الشيء وعكسه بالكلام، وهو نوعان:

أ. طباق الإيجاب: وهو ما لم يختلف فيه الضدان إيجابا وسلبًا مثل: قال تعالى:

(وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود) وكذا كل متناقضين، مثل: طويل وقصير حلو ومر: مضيء ومظلم وغير ذلك.

ب. طباق السلب: وهو ما اختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا مثل:

ينكر ولا ينكر قال قعالى: (ويستخفون من الناسِ ولا يستخفونَ من الله) وواضح أن هذا النوع يتوصل إليه باستعمال كلمة ونفيها بحرف نفي.

53. الغُلُوُّ:

هو الإفراط فى وصف الشىء بالمستحيل وقوعه عقلا وعادة وهو ينقسم إلى قسمين مقبول وغير مقبول فالمقبول لا بد أن يقر به الناظم إلى القبول بأداة التقريب، مثاله:

قال تعالى: (يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار) (النور: 35) فإن إضاءة الزيت


*370*

من غير مس النار مستحيلة عقلاً ولكن لفظه ((يكاد) قربته فصار مقبولا وقالَ أبو العلاء المعري:

تكاد قيسه من غير رام تمكن في قلوبهم النبلا

تكاد سيوفة من غير سلِّ تجدْ الى رقابهم انسلالا.

54. القافية (Ryme):

سميت القافية قافية لان الشاعر يقفوها، أي يتبعها، فتكون القافية بمعنى (مقفوة).

وهي على رأي الخليل بى أحمد (100-170) آخر ساكنين في البيت وما بينهما، والمتحرك قبل اولهما. وهي عند الأخفش الأوسط (215) آخر كلمة في البيت فقافية البيت الآتي:

أنتَ على ما لك من مروءةٍ رميتَ بالغدر أحب من وفى

رأي الخليل (من وفى) وعند الأخفش (وفى).

55. القصيدة القناعية:

هي التي يتقنع ويحتفي فيها الشاعر خلف حكاية معروفة أو أسطورة أو موقف مشهور وساطع في فكر الماضي لشخص عظيم أو حقير. وكأنه أصداء تعود حكايته وتتكرر، والغرض من تقنع الشاعر هو إظهار قؤة الفكر وقوة الحس معًا. وعرض صور متشابهة في الحياة، وإظهار طبع الإنسان في محاولة الاستحواذ على السعادة واللذائذ أكثر من بقية الناس (انظر قصيدة أنا يوسف يا أبي - لمحمود درويش).

56. الوصل والفصل:

عطف جملة على جملة بالواو، والفصل ترك هذا العطف.

مثال الوصل: ما جاء فى قول الشاعر محمود سامى البارودى:

قلبي سليم ونفسي حرة ويدي مأمونة ولساني غير ختّال

ويتم الوصف بين الجملتين إذا إتفقتا خبرًا وإنشاء وكانت بينهما مناسبة، ولم يكن هنالك سبب يقتضي الفصل، إذا إختلف خبرًا وإنشاء وأوهم الفصل خلاف المقصود.

مثال الفصل قال الشاعر:

لا تحتسب المجد تمرًا أنت آكلة لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا


*371*

57. المعادل الموضوعي (Objective Correlative):

هو التعبير بصورة غير مباشرة أي ان يعتمد الأديب إلى الترميز عن شيء بشيء آخر يعود هذا المفهوم إلى نظرية النقد الجديد ويعني أن الكاتب يجد في التاريخ الرمز الذي يعادل مشاعره ومن ثم يهرب إليه لتصوير هذه المشاعر، إذ أنها تمثل معادلا يكافئ مشاعره.

58. المقابلة:

أن يؤتى بمعنيين أو أكثر، ثم يؤتى بما يقابل ذلك بعكس المعنى السابق على الترتيب، مثل: قال خالد بن صفوان يصف رجلا: ليس له صديق في السر ولا عدو في العلانية. فالمقابلة بين صديق وعدو وبين السر والعلانية وتأتي المقابله فى الشعر كقول المتنبي:

أزورهم وسواد الليلِ يشفع لي وأنثني وبياض الصبحِ يغري بي

المقابلة بين الكلمات: أزورهم - أنثني.

سواد الليل - بياض الصبح.

يشفع لي - يغري بي.

ونلاحظ أن المقابلة جاءت بين ثلاث! كلمات! وما يقابلها على الترتيب.

59. البناء المقطعي (الشعر المقطعي) Strophic Verse:

مجموعة من المقاطع المستقلة تشكل القصيدة في إطارها العام، يجمعها نسق موضوعى (انظر قصيدة إلى أطفال بلادي - لراشد حسين)، رغم اختلاف الجزيئات المكونة لكل مقطع من المقاطع، فقد تتخذ هذه المقاطع عناوين داخلية في إطار القصيدة مرقمة بتسلس رقمي أو حرفي وقد لا تكون كذلك، بل تفضل بعلامات أخرى كالنجوم وما شابهها من فواصل وفراغات.

61. قص ما ورائي: الميتاقصّ

القص الما ورائي اًو ما وراء القص (Metafiction): هو نوع من الكتابة السّردية ذاتي الانعكاس يتمثل في وجود التخييل فوق التخييل الأصلي وتعليق النص على نفسه وطريقة سرده وهويته أي أن النص يمتلك وعيا ذاتيًا ويكسر الحاجر بين


*372*

الواقع والخيال. يتمظهر القص الما ورائي في أشكالٍ مختلفة: عندما يقطع الكاتب حبكة النص ليشرح شيئا معينًا، أو عندما يطلق أحكامًا على النص أو طريقة صياغته أو التقنيات السردية الأدبية، بصفة عامة. وفي حالات أخرى، يتمظهر القص الما ورائي بلسان الشخصيات المصطلح يستعمل أيضًا في المسرح والشعر.

62. قصيدة النثر:

التسمية ترجمة حرفية لمصطلح غربي تكتب كما يكتب النثر تمامًا ولها أصول عميقة فى الآداب كلها ولا سيما الديني منها والصّوفي وقالوا عنها: إنها قصيدة مكتملة كائن حي مستقا مادتها النثر، وغايتها الشعر. ومن السشعراء الذين نظموا قصائد الشعر الشاعر أنسي الحاج. إن ما يميز الشعر الحر من قصيدة النثر هو بنية المكان أي البناية على الصفحة البيضاء، من الناحية البصرية، فقصيدة النثر تستمر خطوطًا كما النثر أما النثر الحر فيكتب كما الشعر الموزون وكذلك فإن قصيدة النثر تتوقف عند نهاية الجملة أما الشعر الحر فيقطع قواعد التوازي الصوتي الدلالي. ويؤكد أنسي الحاج في قصيدة النثر وحدتها وكيانها الواحد المعلق وتأثيرها يقع ككل، لا كأجزاء، ولا كأبيات، وألفاظ، إنها وحدة قائمة بذاتها، ومن هنا فشاعرية قصيدة النثر في بنيتها ذاتها وفي حضورها ككل.

63. الواقعية (Realism):

إن تعريف الواقعية يستدعي مباشرة المثالية (Idealism) لأنها معارضة لها ومؤكدة على ملازمة الطبيعة ومطابقتها، وعلى التعبير عن الأشياء كما تبدو التجربة والواقعية مغايرة للمثالية التي تعني بالتأكيد الناحية التصويرية التي لا تتقيد بواقع الشيء وكما يبدو بالتجربة.

نشطت الواقعية في ظل الشيوعية، التي ترى أن الفن والأدب يجب أن يوظفا في خدمة المجتمع. ومن هنا بات لدينا اصطلاح الأدب الملتزم (Engaged Literature).

أبرز من يمثل الواقعية في الشعر العربي الحديث: صلاح عبد الصبور (مصري) وعبد الوهاب البياتي (عراقي) وأحمد عبد المعطي حجازي (مصري)، ونزار قباني (سوري) ومحمود درويش (فلسطيني) في مرحلته الشعرية الاولى وسعيد القاسم (فلسطيني) وغيرهم كثير.

انتهى الكتاب